issue16851
Issue 16851 - العدد Thursday - 2025/1/16 الخميس كتب BOOKS 17ً «قافلة الإعدام: مذكرات سجين في طهران» نموذجا سردية ما بعد الثورات لا تؤجل الـثـورات الإفصاح عن نكباتها، هي جـزء من حاضرها، وتوقها إلـى التحقق، وتلافي تـــكـــرار مـــا جـــــرى، بــيــد أنـــهـــا ســـرعـــان مـــا تصطنع مآسيها الخاصة، المأخوذة برغبة الثأر، وتصفية الـــخـــصـــوم، وعــــــدم الـــســـقـــوط فــــي بــــراثــــن الــــثــــورات المضادة، من هنا تضحى المذكرات والسير المرافقة لـوقـائـع الـتـحـول، داخـــل الأنـظـمـة والـــــدول، سـرديـة لوعي الضحايا والهاربين والمنتصرين على حد ســـواء. ولا جــرم بعد ذلــك تتجلى تفاصيل العمر الــقــديــم وكــأنــمــا مـــن عــمــق لـــحـــدي، وجــــوه متقلبة لـشـخـص يَــمْــثُــلُ بـوصـفـه «آخـــــر»، بـوقـائــع وأهــــواء وصــــ ت مـنـتـهـيـة، وصـــداقـــات تـعـيـد تـركـيـب كـ م منسي، ومواقف تنأى عن الحاضر، عن الشخص الملتفت إلى وقائع الذاكرة البعيدة. إنه الإحساس الذي ينزغنا، من الوهلة الأولـى، بعد الانتهاء من كتاب «قافلة الإعـــدام: مـذكـرات سجين في طهران» ) لبهروز قمري المؤرخ 2023 ، (دار الساقي، بيروت وعالم الاجتماع الإيراني وأستاذ دراسـات الشرق الأدنى بجامعة برنستون. حمل الكتاب في الطبعة الإنجليزية (الأصل) عـنـوان «فــي تـذكـر أكـبـر: داخـــل الــثــورة الإيـرانـيـة»، ولــــــم يـــكـــن «أكـــــبـــــر» إلا الاســــم الـــــــــــذي ســـــعـــــت الـــــســـــيـــــرة إلـــــى اســـتـــعـــادة مـــ مـــحـــه المــمــحــوة من شاشة الـذاكـرة، استنباته فـــــــي تــــــربــــــة أخـــــــــــــرى، لـــطـــالـــب الجامعة والمناضل الشيوعي، والحالم المشارك في يوميات الــثــورة الإيــرانــيــة، ثــم المعتقل السياسي، المحكوم بالإعدام، ضـمـن المـــئـــات مـــن المـحـكـومـ الآخــــريــــن، المــنــتــظــريــن تنفيذ الــــعــــقــــوبــــة فــــــي ســــجــــن إيـــفـــ الــــــرهــــــيــــــب، الــــــــــــذي خـــصـــصـــه «المـ لـي» لتصفية خصومهم الآيديولوجيين، بعد تسلمهم الحكم. لقد درج عدد كبير من الأكاديميين الإيرانيين على التأريخ للثورة، وتحولات المجتمع الإيراني في تلك السنوات المفصلية، من لحظة سقوط الملكية إلى استحواذ نظام الولي الفقيه على السلطة، على نموذج السيرة الروائية، فمن كتاب «آذر نفيسي» المعنون بـــ«أن تقرأ لوليتا في طـهـران»، إلـى كتاب «بــردة النبي» لــــ«روي متحدة»، تـواتـرت نصوص سردية عديدة عن السنوات الثلاث الأولـى للثورة الإيرانية، وما تخللها من صراع نكد بين فرقائها، من الشيوعيين إلى الليبراليين الديمقراطيين، ومن الاشتراكيين إلى القوميين والأقليات الإثنية، ومن رجال الدين إلى طلاب الجامعة الراديكاليين، ومن الملالي إلى «اليساريين الإسلاميين»، وغيرهم ممن انتهى بهم الحال إلـى الدفاع عن قناعة امتلاكهم وحــــدهــــم «المـــعـــنـــى الــحــقــيــقــي لــــلــــثــــورة»؛ ومـــــن ثـم ستسعى تلك التخاييل السردية إلى محاولة فهم مـا جــرى مـن انـقـ ب فـي الاصـطـفـافـات النضالية، ومـــــن صــــــدام دامٍ، ومـــــن تـــمـــزقـــات، وتــــحــــولات فـي المشهد، تكاد لا تستند لمنطق، وتحتاج للتعبير الروائي لتصوير مفارقاتها والتباساتها، ذلك ما سعى إليه مـجـدداً بـهـروز قمري فـي كتابه «قافلة الإعدام». فـي الأسـطـر الأولـــى مـن السيرة يقول السارد 31 ما يلي: «متّ في السابعة والنصف من صباح . لا أقول ذلك مجازاً، 1984 ) ديسمبر (كانون الثاني وإنما بالمعنى الحقيقي للوجود. في تلك اللحظة تـمـامـا، وضـعـت قـدمـا فـي الـعـالـم الآخـــر مـع توقيع متردد ذيل قرار الإفـراج... هكذا متّ، بالخروج من عــالــم لا يـمـكـن تـــصـــوره، ودخــــول عــالــم مـرتـبـك من التفاهات، تركت نفسي السابقة فـي مكان يوجد . وعبر فصول 13-9 فقط في شروط مستحيلة» ص تـتـخـايـل تـدريـجـيـا الـحـيـاة المنتهية 26 الـكـتـاب الـــــ للشخص الملتبس بالاسم الحركي: «أكـبـر»، الذي عقود معتقلاً سياسيا أصيب 4 كان قبل أزيـد من بالسرطان، عالم جحيمي يركب مفصلاً عابراً في سـنـوات، داخــل سجن سياسي 3 حياة لا تتجاوز بطهران، استضاف «أعـــداء الـثـورة» لاستراحة ما قبل الإعدام. عـلـى هـــذا الـنـحـو تــقــدم لـنـا الـسـيـرة الـروائـيـة تفاصيل عـــودة «أكـبـر» (الاســـم الحركي لبهروز)، مـن تجربة تنفيذ حكم الإعـــدام، بعد مضي عقود على خـروجـه مـن المعتقل «لأسـبـاب صحية»، كان الــســرطــان الــــذي تـفـاقـم فــي جـسـم المـعـتـقـل الـيـافـع، سـبـبـا فـــي الإفــــــراج عــنــه، فــقــد كــــان شـخـصـا مـيـتـا، بحكم وضعه الصحي، ولا يحتاج لأن يحال على المشنقة. بعد خروجه وإثر مصادفات شتى انتهت بـــه إلـــى الـــولايـــات المــتــحــدة، وإلــــى عـــ ج كيميائي قاسٍ، كلل بشفائه التام، وعودته من تجربة موت ديسمبر 31 مـحـقـق. فـتـحـول تــاريــخ خــروجــه فــي ، إلـى لحظة لاستعادة تفاصيل ما 1984 من سنة جـــرى فـــي مـعـتـقـل إيـــفـــ ، وإلــــى اســتــرجــاع مـ مـح وأسماء وحيوات رفاقه في الزنازين، وفي تجربة الانتظار؛ انتظار تنفيذ حكم الإعدام الذي يختصر في جملة يطلقها الحارس على حين غـرة، مناديا اسـمـا معينا، طالبا مـنـه: «جـمـع أغــراضــه»، وعبر مساحات الاستعادة المرمّمة للوقائع والأحاسيس، والمـــتـــخـــيـــلـــة لـــلـــكـــ م المـــنـــســـي، تـــنـــبـــت تــــأمــــ ت فـي تحولات البلد والناس، كما تستدرج للسيرة سير أشـخـاص عـاديـ ممن واكــبــوا منعرجات الـثـورة فـــي الــــشــــوارع والمـــصـــانـــع والـــجـــامـــعـــات والمــقــاهــي والــحــانــات، مــن حـكـايـة الـكـحـول والـعـمـل النقابي وصـنـاعـة الأحــذيــة، إلــى حكاية الــهــروب مـن حظر الـــتـــجـــول، إلــــى صــــور مــنــاضــلــ ركـــبـــت أحــ مــهــم الــثــوريــة عـلـى شـغـف بــأشـعــار حــافــظ والمـوسـيـقـى الأذربيجانية... على ذلك النحو انتسجت ملامح شخصيات: «علي» و«شاهين» و«غُلام» و«داوود» و«منصور» و«برهام» و«أصغر» و«صـ ح»، ممن شيعهم «أكبر» مع بقج متاعهم الصغيرة إلى باب المغادرة النهائية. «نـصـر الــلــه»، «الــخــال حـسـ »، «مــا الـعـمـل؟»، «المــــــنــــــزل الآمـــــــــــن»، «ســـيـــمـــفـــونـــيـــة مـــيـــلـــر الأولـــــــــى»، «الـــــتـــــروتـــــســـــكـــــي»، عــــلــــى هــــذا المــــــــنــــــــوال صــــيــــغــــت عــــنــــاويــــن فصول السيرة، المنطوية على حــــكــــايــــات لـــحـــظـــات وصـــفـــات وســـجـــايـــا، وطــــرائــــف، سكبت فـــــي فـــــجـــــوات زمــــــن الــتــحــقــيــق والــــــتــــــعــــــذيــــــب والمــــــحــــــاكــــــمــــــة، ومــــعــــايــــشــــة بـــــــــــرودة زنـــــازيـــــن المـــعـــتـــقـــل، وانــــتــــظــــار نـــــــداءات مـدعـي عـــام الــثــورة «أســـد الله لاجــــــــوردي»، لـتـعـيـد الـفـصـول تـــركـــيـــب صـــــور حــــيــــاة يــومــيــة مأخوذة من مفارقات الصخب الــــــــثــــــــوري، داخــــــــــل فـــــضـــــاءات مغلقة تملأ بنقاشات الأسرى واســــتــــرجــــاعــــاتــــهــــم، فـــــي تــلــك الحكايات نتعرف على حكايات صناع الأحذية مع النقابات الممنوعة، والأدبــيــات الماركسية المتنقلة عبر الأيدي في نسخصغيرة، مخبأة ككنوز مهربة، نكتشف مــواســم الـــقـــراءة تـحـت الـلـحـاف فــي الليل بمصابيح عمال المناجم، كما نصاحب النقاشات السياسية المحمومة بـ الـخـصـوم/ الـشـركـاء في الـــثـــورة، عــن فـائـض القيمة والـعـنـف الـــثـــوري، كما نلتقط شــــذرات الـشـعـر الـطـلـيـعـي جـنـبـا إلـــى جنب مـع الأشـعـار الكلاسيكية، مـع تخايلات موسيقية ومـــســـرحـــيـــة، وطــبــعــا حـــكـــايـــات الـــصـــمـــود أمـــــام آلــة التحقيق الجهنمية، ونوازع الانتقام البارد، وفناء الذوات في الحشود، والمواهب في الشعارات. لكن ما يوحد مقامات تلك الفصول في الغالب الأعم هو انتظامها على إيقاع التحقيق والمحاكمة وانتظار دعوة الحارس للخروج النهائي، فعبر تلك الـفـواصـل يكتشف الــقــارئ أمــزجــة وطـبـائـع بشرية شتى، وقدرات خارقة على الصمود، وضعف بديهي يفضي إلى التراجع والتنكر للقناعات وطلب العفو. بين تلك المدارات تتكشف قدرات تحويل المأساة إلى طاقة للهزل، والتخفف من رهـاب المـوت والتصالح مع قرار الذهاب إلى الإعدام، ذلك ما يفسر تلك القدرة على استنبات السخرية في فجوات الصمت والألم والعلة: «كانت الغرفة مليئة بدخان السجائر، نحن نصنع غـرفـة إعــــدام بـالـغـاز، قـــال الـسـيـد الصالحي بمحاولة باهتة للمزاح». كـــانـــت الـــتـــفـــاصـــيـــل المــفــعــمــة حـــمـــاســـا وعــمــقــا وتــــشــــبــــثــــا بــــالمــــعــــنــــى، واســـــتـــــحـــــضـــــاراً لــــ شــــعــــار والمـــــوســـــيـــــقـــــى، تُـــــطـــــل لـــتـــبـــديـــد ســـــطـــــوة الـــــحـــــراس والمــــحــــقــــقــــ ، وجــــعــــل الــــــخــــــروج الـــنـــهـــائـــي مـــجـــرد إجـــــراء عـــابـــر، مـــفـــرغ مـــن الــفــجــائــعــيــة، لـــهـــذا كـانـت مــحــاولات الإقــنــاع المـتـبـادلـة بــ المعتقلين ليست عن الموت وإنما عن الحياة، عن السياسة والثورة والمـاركـسـيـة والـفـكـر الإســ مــي والـعـمـال والـحـركـة الــطــ بــيــة وانــــتــــظــــارات الإيـــرانـــيـــ مــنــهــم، ومـــدى أخلاقية التراجع تحت وطأة التعذيب، ومصداقية الـتـحـولات الـفـكـريـة الأخـــيـــرة. كـــان الـنـقـاش بصدد ضمائر منذورة للحياة، لا بين أجساد ذاهبة لموت محتوم، يقول السارد في الأسطر الأخيرة من فصل يحمل عنوان «اعتراف»: «أعدمت منية هدائي بعد شـهـريـن مـــن رفـضـهـا سـحـب إنــكــارهــا لـتـراجـعـهـا. ألقى حسين روحاني اثني عشر خطابا آخر، ظهر في ثلاثة منها كماركسي ولد من جديد يدافع عن سنواته في (بيكار)، وفـي ثلاثة أخـرى كماركسي رفـــض أجــنــدة (بـيـكـار) الـسـيـاسـيـة، لكنه دافـــع عن آيديولوجيتها الثورية. وظهر خـ ل محاضراته الستة الأخـيـرة كناقد إسـ مـي للماركسية وأعلن أنه أخيراً وجد الله بصدق. أعدم بعد وقت قصير )168 من ذلك». (ص شرف الدين ماجدولين الصحافي اليهودي الأسترالي أنتوني لونشتاين في كتاب استقصائي مختبر فلسطين... قنابل يدوية بدل البرتقالات يتجاوز الصحافي الـيـهـودي الأسـتـرالـي أنتوني لــونــشــتــايــن، الــخــطــوط المـحـلـيـة لــلــصــراع الفلسطيني الإسرائيلي، في كتابه الاستقصائي «مختبر فلسطين: كـيـف تُـــصَـــدّر إســرائــيــل تـقـنـيـات الاحـــتـــ ل إلـــى الـعـالـم» والــــــــذي صـــــدر بــطــبــعــتــه الإنـــجـــلـــيـــزيـــة عــــن دار الــنــشــر م)، مستعرضا كيف 2023( » البريطانية «فيرسو بوكس يتردّد صدى التجارب الصهيونية على الفلسطينيين 75 في ظلّ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين منذ أكثر من عاما. وفي النسخة العربية من الكتاب الصادرة حديثا م) عـــن الــــــدار الــعــربــيــة لـلـعـلـوم (نـــــاشـــــرون)، في 2024( بـيـروت، ترجمة د. عامر شيخوني، يتتبع لونشتاين بـالإحـصـائـيـات والأدلــــة الاستقصائية تـجـارة السلاح الإسـرائـيـلـيـة وتـصـرّفـاتـهـا غـيـر الأخــ قــيــة بـاسـتـخـدام أدوات قَـمـعِـهـا فــي فلسطين المـحـتـلّـة مــن أجـــل الـدعـايـة والتسويق لأسلحتها العسكرية والإلكترونية، وترجع أهـمـيـة هـــذا الـكـتـاب إلـــى أنّـــه صــــادِر عــن مــؤلّــف يـهـودي امتلكَ هو وأسرته خلفية ثقافية يهودية وصهيونية، إّ أنّـه تنبّه إلى السلوك الاستيطاني الإسرائيلي منذ نشأته حتى الآن. العنصرية الصريحة يــقــول أنــتــونــي لـونـشـتـايـن الــــذي عَـــمِـــلَ مـــع صحف «نـــيـــويـــورك تـــايـــمـــز»، و«الــــغــــارديــــان»، و«بـــــي بـــي ســـي»، و«واشنطن بوست»، و«ذي نيشن»، و«هآرتس». عندما بـــدأتُ الكتابة عـن إسـرائـيـل - فلسطين فـي أوائـــل العَقد الأول مـن هــذا الــقَــرن، كــان ذلــك فـي المــراحــل الأولـــى التي مــارس فيها المشرفون رقابة الإنترنت ووسـائـل الإعـ م الرئيسية، ونادراً ما أتاحوا المجال لسماع أصوات أكثر انتقاداً ضد الاحتلال الإسرائيلي. ويبّ المؤلّف بِأَنّه وُلِدَ في بيت يهودي ليبرالي في مدينة ملبورن بأستراليا، ويـضـيـف، حـيـث لــم يـكـن تـأيـيـد إسـرائـيـل واجــبــا دينيا، إّ أنّـه كان متوقعا بكلّ تأكيد. ويؤكد لونشتاين، نَجا جَـــدّي وجَــدّتــي مـن الـنـازيـة فـي ألمـانـيـا والنمسا فـي عام م، وجـــاءوا لاجـئـ إلــى أسـتـرالـيـا، ورغـــم أنهما لم 1939 يكونا مـن الصهاينة المتحمّسين، فقد كــان مـن المعقول اعـتـبـار إسـرائـيـل مكانا آمـنـا للشعب الـيـهـودي فيما لو حدَثت أزمة أخرى لهم في المستقبل. ويلفت في مقدّمته للكتاب: سرعان ما أصبحتُ غير مرتاح مع العنصرية الصريحة التي سمعتُها ضـد الفلسطينيين، وللتأييد الفوري لجميع أعمال إسرائيل. ويرى أنتوني لونشتاين أنّ السّرد الطاغي لديهم كان يرتكز على الخوف؛ اليهود معرّضون للهجمات دائما، وإسرائيل هي الحلّ، وليس مــهــمّــا أن يــعــانــي الـفـلـسـطـيـنـيـون فـــي سـبـيـل أن يعيش الـيـهـود فــي أمــــان. ويــقــول لـونـشـتـايـن: «شـــعـــرتُ أنّ هـذا الموقف يشبه درسا منحرفا من دروس المَحرقة اليهودية (الهولوكوست). أصبحتُ الآن مواطنا أستراليا وألمانيا لأنّ عائلتي هربت من أوروبا قبل الحرب العالمية الثانية. وأنا الآن يهودي مُلحِد». سرديّة الجرح الفلسطيني وعـــن زيـــارتـــه الأولــــى إلـــى الــشــرق الأوســـــط، يصف لـونـشـتـايـن المـشـهـد الـفـلـسـطـيـنـي فـــي الـضـفـة الـغـربـيـة، وغــزة، والقدس الشرقية، بـأنّ إسرائيل تُضيّق الخناق الإسرائيلي المتزايد في فلسطين، ويذكر الكاتب: «عشتُ فــي حــي الـشـيـخ جــــرّاح فــي الــقــدس الـشـرقـيـة، وشــاهــدتُ الــشــرطــة الإســرائــيــلــيــة تُــضــايــق وتُـــهـــ الفلسطينيين دائـــــمـــــا». وعـــــن تـــأكـــيـــد عـــنـــصـــريـــة إســــرائــــيــــل يـسـتـشـهـد . وافــــق من 2007 المـــؤّلـــف بـنـتـائـج اسـتـبـيـان أجــــري عـــام خلاله ربـع الأميركان على أنّ إسرائيل هي دولــة فصل عنصري. وأقــرّ بذلك ناشِر جريدة هـآرتـس، الصحيفة الصهيونية الأكثر تقدمية، حيث كتبَ عاموس شوكِن : «دولة إسرائيل التي نتَجتْ 2007 سنة Amos Schoken عـن الصهيونية، ليست دولـــة يهودية ديمقراطية، بل أصـبـحـت دولـــة فَـصـل عـنـصـري بـكـل وضـــوح وبـسـاطـة، يستطيع المـرء أن يقول أشياء كثيرة عن ذلـك، إّ أنّـه لا يستطيع أن يقول إنّ إسـرائـيـل تُحقّق الصهيونية في دولة يهودية وديمقراطية». ويشير الكاتب إلى أنّ ادّعاء إسرائيل بأنّها دولـة ديمقراطية زاهـرة في قلب الشرق الأوسط تَتحدّاه الوقائع على الأرض، حيث ما زال تقديم أي تقرير إخباري من فلسطين يُعَدّ تحدّيا صعبا. الصهيونية...زهرة في بيتزجاجي يتحدث المـؤلّـف فـي كتابه عـن المفكر الفلسطيني م)، حـيـث يــقــول: «تـمـتّـع 2003 - 1935( إدوارد سـعـيـد ســعــيــد بــــرؤيــــة واضــــحــــة لــــ صــــول الــحــقــيــقــيــة لــلــدولــة الـيـهـوديـة»، وكـتـبَ سعيد: «كـانـت الصهيونية زهــرة، نبَتتْ في بيتٍ زجاجي في بيئة من القومية الأوروبية، ومعاداة السامية، والاستعمار، بينما نشأت الوطنية الـفـلـسـطـيـنـيـة مـــن المـــوجـــة الـــعـــارِمـــة لـلـمـشـاعـر الـعـربـيـة والإسلامية المعادية للاستعمار». ويـعـقـب لـونـشـتـايـن عـلـى تـوصـيـف سـعـيـد، بـقـولـهِ هذا النوع من القومية المتطرّفة هو الذي تمّت الدعاية له على مدى أكثر من نصف قرن، ويرى لونشتاين أنّ وضع إسرائيل كدولة إثنية قومية كان واضحا منذ نشأتها في ، غير أنّ ذلك التوجّه أخذ دفعة قوية في القَرن 1948 عام . وكـان بنيامين نتنياهو القائد الإسرائيلي الأكثر 21 الـــ نـجـاحـا فــي الـسـعـي وراء هـــذه الـسـيـاسـة، حـيـث طـــوّرت إسـرائـيـل صناعة عسكرية على مستوى عـالمـيّ، وتمّت تجربة أسلحتها بشكلٍ مناسب على الفلسطينيين تحت الاحتلال - كما يشير لونشتاين - ثم تمّ تسويقها كأسلحة «تم اختبارها في ميدان القتال». وأضاف الكاتب أنّ شير هو واحـدٌ من أكثر الخبراء تعمّقا في Shir Hever هيفر فهم النواحي الاقتصادية للاحتلال الإسرائيلي، قال لي: «إنّ تجّار السلاح الإسرائيليين يَنشرون رسالة محدّدة تَعكس الممارسة الواقعية في قمع الفلسطينيين. وكان المـخـتـبـر الفلسطيني عـ مـة إسـرائـيـلـيـة مـهـمّـة فــي بيع منتجاتها الأمنية. والإيـمـان بالاحتلال الـدائـم لأراضـي فلسطين». وبصدد ذلك يقول الدكتور غسّان أبو ستّة في ص 2020 ، كتاب «سردية الجرح الفلسطيني»، (الـريّـس )، إنّ لحروب غزة «هدفا تسويقيّا، لأنّ إسرائيل تُظهر 32 في كلّ حرب نوعا جديداً من السلاح الذي تريد تسويقه؛ وللمثال، فإنّ الدرونز القاذف للصواريخ، أصبح بضاعة أساسيّة في تجارة السلاح الإسرائيلية». ويقول أنتوني لـونـشـتـايـن: «أخـبـرنـي الـصـحـافـي الإسـرائـيـلـي جـدعـون عـن اجـتـمـاعٍ خـــاصّ حـضَـره رئيس Gideon Levy ليفي الوزراء وهيئة التحرير لصحيفته هآرتس. استناداً إلى الألـــوان فـي خريطة رئيس الــــوزراء العالمية، كــان العالم كلّه في أيدينا تقريبا». ويُبُّ الكاتب أنّ إسرائيل لديها تجاوزات ومخالفات للقانون الدولي، وإنّ الإسرائيليين لا يــهــتــمّــون لأي شـــــيء. وبــحــســب المــــؤلــــف، فـــــإنّ مــيــدان تدريبات إسرائيل هي فلسطين، حيث توجد بجوارها مباشرة أمة محتلّة، توفّر لها ملايين البشر الخاضعين في مختبرٍ لتجريبِ أكثر وسائل السيطرة دقّة ونجاحا. ونتيجة لذلك بلغت مبيعات شركات السلاح الإسرائيلية مليار دولار. 77.2 نحو عالم قاسٍ... القنابل اليدوية بدلاً من البرتقالات وعـــــــن الـــــــــــدّور المــــــركــــــزي الــــــــذي تـــلـــعـــبـــه الأســـلـــحـــة الإسرائيلية، يكتب الباحث حاييم بريشيثابنير في كتابه «جيشٌ لا مَثيل له»: «كيف صَنعَتْ قوات الدفاع الإسـرائـيـلـيـة دولَــــة، تـخـلّـى الاقــتــصــاد عــن الـبـرتـقـالات، واستخدم القنابل اليدوية بــدلاً منها». وذكــر أنتوني لونشتاين أنّ إسرائيل اشتغلت عن قرب مع واشنطن عـــلـــى مـــــدى عــــقــــود، مــــثــــ ً: دعــــمَــــتْ إســـرائـــيـــل الــشــرطــة الــســريــة فـــي غــواتــيــمــالا، والـــســـلـــفـــادور، وكـوسـتـاريـكـا أثناء الحرب الباردة، وسلّحت إسرائيل فرق الموت في م، وكتب 21 كـولـومـبـيـا حـتـى الـعَـقـد الأول مــن الــقَــرن الــــــ كـــارلـــوس كــاســتــايــنــو، تــاجــر المــــخــــدرات الــســابــق الـــذي تـــرأّس ميليشيا يمينيّة متطرّفة، مُـفَـسّـراً فـي مذكراته المجهولة الكاتب: «أنا أدينُ لإسرائيل بجزءٍ من وجودي وإنجازاتي البشرية والعسكرية. استنسَختُ مبدأ قوات الميليشيا مـن الإسـرائـيـلـيـ ». وقــد لخّص الإسرائيلي إيتان مـاك، محامي حقوق الإنسان: «لم يتغيّر الكثير في قطاع الدفاع الإسرائيلي على مَرّ العقود، وما زالت مصالحها، وعـــدم اهتمامها بـحـقـوق الإنـــســـان، وعــدم محاسَبتها مستمرة». الهيمنة العِرقية يقول المؤلف إنّ أبا الصهيونية ثيودور هرتسل م)، كـتـبَ فـي رسـالـتـه الشهيرة «الـدولـة 1904 - 1860( الـيــهــوديـة»: «فـــي فلسطين، سـنـكـون جـــزءاً مــن الـجـدار الأوروبـي ضد آسيا، وسنعمل كَثَغرٍ أمامي للحضارة ضد البربرية». ويؤكد أنتوني لونشتاين قـال لي في وطني والــداي اليهوديان الليبراليان، إنّ «اليهودَ هم شعبٌ مختار، ولديهم علاقة خاصّة مع الله والمجتمع». ويُــبــُّ الـكـاتـب: هـنـاك نـظـام يسمح بــازدهــار الهيمنة الـعـرقـيـة ضــد غـيـر الــيــهــود، ويُـــبـــرّرُ تـجـاهـل حياتهم. ويـنـتـقـد المــؤلــف مــوقــف الـرئـيـس الإســرائــيــلــي الأسـبـق م)، الــذي قــال: «يجب 1997 - 1918( حاييم هيرتسوغ أن نسترشد في علاقاتنا الدولية بالقاعدة الوحيدة الـتـي أرشَــــدتْ حـكـومـات إسـرائـيـل منذ تأسيسها: هل هو أمـرٌ جيدٌ لليهود». وعَــدّ أنتوني لونشتاين، ذلك: «بمثابة تـبـريـرٍ لجميع أسـالـيـب الـتـعـاون الشنيع مع الأنظمة الشنيعة». ويُعلّق المفكّر والأكاديمي الأميركي نعوم تشومسكي في كتابه «المثلّث المَصيري؛ الولايات المتحدة وإسرائيل والفلسطينيين»، إنّ التركيز الوحيد على مصالح الـيـهـود كــان «حـجّـة تَستندُ على نتائجَ تترتّبُ على اليهود وليس على الشعب المَغلوب الذي حُذِفَتْ حقوقه وإراداتـه - في سلوكٍ غير مُستغرب بين الصهاينة الليبراليين، أو بين المثقفين الغربيين». ويذكُر الصحافي ساشا بولاكوف - سورانسكي في كتابه عن علاقة إسرائيل Sash Polakow – Suranksy السريّة بنظام الفَصل العنصري في جنوب أفريقيا، إذ The Unspoken Alliance » «التحالف غير المنطوق «تـــدهـــوَرتْ صـــورة إســرائــيــل بـأنّـهـا دولـــة الـنـاجـ من المَحرقة المحتاجين للحماية، واتـحـدرتْ تدريجيا إلى صـــورة قـــزمٍ إمبريالي عميلٍ لـلـغـرب». ويـقـول المـؤلـف: «ابـتـعـدت دول كثيرة مـن العالم الثالث عـن إسرائيل، وفـــضـــلّـــت إســـرائـــيـــل ســيــاســة الأمـــــر الــــواقــــع الــقــاســيــة، مُــفــضّــلَــة مــشــاركــة أغــلــب الـــطّـــغـــاة قــســوة فـــي الــعــالــم». Neve ويَــطــرحُ الأكـاديـمـي الإسـرائـيـلـي نيفي غــــوردون ، الذي يُدرّس القانون الدولي وحقوق الإنسان Gordon في جامعة الملكة ماري في لندن، تفسيراً أكثر تفصيلاً بشأن جاذبية إسرائيل بأنها: «دولـــة فَصل عنصري تَستحقّ المقاطَعة». دمشق: عبد الرحمن مظهر الهلّوش لونشتاين: دولة إسرائيل التي نتَجتْ عن الصهيونية، ليست دولة يهودية ديمقراطية، بل أصبحت دولة فَصل عنصري النصالكامل على الموقع الإلكتروني
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky