issue16850

يتشكّل توافق داخلي عريض، ببعدَيه السياسي والاقــــتــــصــــادي، عــلــى اعـــتـــمـــاد بـــنـــود خـــطـــاب الــقَــسَــم الرئاسي بوصفها مرتكزات أساسية لبرنامج عمل الحكومة الـجـديـدة وبيانها الــــوزاري الـــذي ستحوز بموجبه ثقة المجلس النيابي، مما يستكمل الزخم الإيجابي الفوري والقوي الذي يشهده لبنان والمعزّز بدعم عارم على المستويين العربي والدولي. وإذ لـم تـتـردد الهيئات الاقتصادية والنقابات المهنية لقطاعات الأعمال في إبـداء ارتياحها الكبير وتـــأيـــيـــدهـــا الـــتـــام الـــتـــوجـــهـــات الاســتــراتــيــجــيــة الـتـي حــــدّدهــــا رئـــيـــس الـــجـــمـــهـــوريـــة، جـــوزيـــف عـــــون، فــور انـــتـــخـــابـــه، فــقــد ربـــطـــت، ومــــن دون لـــبـــس، اســتــمــرار الانــــدفــــاعــــة الإيـــجـــابـــيـــة بــتــشــكــيــل حـــكـــومـــة إنـــقـــاذيـــة إصــاحــيــة مـــن وزراء يـتـمـتـعـون بــالــكــفــاءة العلمية والخبرة الطويلة وبنظافة الكَفّ، وأن تكون، وبشكل أســــاســــي، عــلــى تـــعـــاون بـــنّـــاء وإيـــجـــابـــي مـــع رئـيـس الجمهورية. وبالفعل، لا تبدو المهام الإنقاذية، وفق مــســؤول مــالــي كـبـيـر، سـهـلـة المــنــال «بـفـعـل انـكـشـاف السلطات الطويل، غياباً أو تغييباً للحضور والدور، على الفراغات الدستورية رئاسياً وحكومياً، وترهل القطاع العام، والتراكم الهائل للكوارث الاقتصادية 5 المـــالـــيـــة والــنــقــديــة الـــتـــي ضـــربـــت الــبــلــد عــلــى مـــــدار سنوات متتالية، والمتوّجة بحرب تدميرية أمعنت؛ بخسائرها البشرية الجسيمة والمالية المقدّرة بنحو مـــلـــيـــارات دولار، فــــي تــضــخــيــم الـــفـــجـــوة المــالــيــة 10 مليار دولار». 72 (المعلّقة) والبالغة نحو وبذلك، تترقب الأوساط الاقتصادية والمصرفية الشروع؛ فور انطلق الحكومة الأولـى للعهد والتي كلف بتشكيلها القاضي نواف سلم، وضمن جدول المهام العاجلة، في تثمير الدعم الخارجي الواسع؛ اســـتـــهـــدافـــ لإعـــــــادة وصـــــل وإنــــعــــاش خـــطـــوط الـثـقـة والـــتـــواصـــل المـــالـــي بـــ لـبـنـان ومـحـيـطَـيـه الإقـلـيـمـي والـــــدولـــــي، بـــنـــاء عــلــى الـــتـــزامـــات صــريــحــة وشــفــافــة بـمـكـافـحـة جـمـيـع مــكــامــن الاقـــتـــصـــاد غــيــر الــشــرعــي، والـــفـــســـاد، والـــتـــهـــريـــب، وغـــســـل الأمــــــــوال، والاتـــجـــار بـــالمـــخـــدرات، وتـــزامـــنـــ مـــع تـفـعـيـل ســلــطــات الـقـضـاء «المستقل» والضبط المحكم للمنافذ البرية والبحرية والجوية. ويـــــــؤســـــــس الإجــــــــمــــــــاع الـــــوطـــــنـــــي الـــــــــــذي ظـــهـــر بانتخاب رئيس الجمهورية، وفقاً لرئيس الهيئات الاقــتــصــاديــة، مـحـمـد شـقـيـر، «لــتــعــاون إيـجـابـي بين الأفرقاء السياسيين في مواجهة التحديات واتخاذ الخطوات المناسبة لبناء الدولة، في حين أن الاهتمام الـدولـي والعربي، خصوصاً الخليجي والسعودي، بلبنان، هو أمـر مهم يــدلّ على بـدء عـودة لبنان إلى الساحة الدولية وإلى الحضن العربي، لا سيما إعادة العلقات إلى طبيعتها بين لبنان والدول الخليجية الشقيقة، وكذلك لتوفير الرعاية لعملية تثبيت أقدام الدولة ونهوضها وتوفير المساعدات لعملية إعـادة الإعمار». ويــــنــــدرج فـــي جـــــدول الــقــضــايــا الــعــاجــلــة، وفــق المـــســـؤول المــالــي المـعـنـي، «اســتــعــادة مــشــروع قـانـون الموازنة للعام الحالي الذي أحالته الحكومة (برئاسة نجيب مـيـقـاتـي) سـابـقـ إلـــى مجلس الـــنـــواب، وذلــك بغية تصحيح بياناته الأساسية في بندَي الإنفاق والواردات، مع تضمينه نتائج التغييرات الجوهرية» بــعــدمــا أكــــد رئـــيـــس لـجـنـة المـــــال الــنــيــابــيــة، إبــراهــيــم كـنـعـان، أن «هـــذه المـــوازنـــة بـعـد الــحــرب الإسرائيلية بـاتـت غـيـر واقـعـيـة؛ لا بــل وهـمـيـة، خـصـوصـ لجهة تـقـديـر الــــــواردات، لا سيما أن زيــــادة الـــــواردات فيها متأتية مـن الضريبة على الـدخـل ورؤوس الأمـــوال، والرسوم الداخلية على السلع والخدمات، والرسوم عـلـى الـتـجـارة والمـــبـــادلات الــدولــيــة، وهـــذه العناصر وتحصيلها هما الأكـبـر تـأثـراً بالحرب الإسرائيلية على لبنان». كــــذلــــك تــــبــــرز الأهــــمــــيــــة الاســـتـــثـــنـــائـــيـــة لــطــمــأنــة المــــودعــــ المــقــيــمــ وغـــيـــر المــقــيــمــ الــــذيــــن تــكــبــدوا خسائر فادحة خـال السنوات الماضية، بفعل عجز حكومتين متتاليتين عن إنجاز وإقرار خطة إنقاذية متكاملة تحاكي الـتـوزيـع الــعــادل للمسؤوليات في مـلـيـار 72 مـعـالـجـة فــجــوة الــخــســائــر المـــقـــدرة بـنـحـو دولار، رغــم الـوقـائـع الثابتة لتركيبة ديـــون الـدولـة، والـتـمـويـل المتفلت لـقـطـاع الـكـهـربـاء، وتـعـمّـد تبديد مليار دولار من احتياطات البنك المركزي 20 أكثر من بعيد انفجار الأزمتين المالية والنقدية. وفـــي بــــادرة يـمـكـن للحكومة مـاقـاتـهـا بــإعــداد الخطة المـوعـودة مـجـدداً، عبّرت «جمعية المصارف» عـــن تـقـديـرهـا حـــرص الــرئــيــس المـنـتـخـب فـــي خـطـاب الـــقـــســـم عـــلـــى مـــعـــالـــجـــة عــــادلــــة لمــــوضــــوع الـــــودائـــــع، واستعدادها لتحمّل مسؤوليّتها مع «مصرف لبنان» والــــدولــــة الـلّـبـنـانـيـة «بـــمـــا يـحـفـظ حـــقـــوق المـــودعـــ ، ويــعــكــس الـــتـــوجّـــه الـسـلـيـم الــــذي أكّـــــده قــــرار مجلس شورى الدولة، الذي يمنع تضمين أي من مشروعات الــقــوانــ الــهــادفــة إلـــى مـعـالـجـة الــفــجــوة المــالــيــة في (مـصـرف لـبـنـان)، إجــــراءات تـــؤدي إلــى الاقـتـطـاع من أموال المودعين». وضمن سياق متصل بحفظ الحقوق المتوجبة على الدولة، خرج مجلس الوزراء القائم، في جلسته الأخـيـرة، عن مسار الجفاء المتعمد والتلكؤ الطويل فــي الــتــواصــل مــع المستثمرين المـحـلـيـ والأجـــانــب، وجـــلّـــهـــم مـــن المـــؤســـســـات المـــالـــيـــة والـــبـــنـــوك الـحـامـلـة سندات الدين الدولية الصادرة من الحكومة، ليوافق بــالإجــمــاع عـلـى قــــرار تـعـلـيـق حـــق الـــدولـــة اللبنانية في الإدلاء بدفوع مــرور زمـن المهل التي تسري على مـطـالـبـات حـامـلـي الـــســـنـــدات، وفــقــ لــــ«قـــانـــون ولايـــة نـيـويـورك»، أو أي مهل أخـــرى؛ إنْ كانت تعاقدية أم .2028 ) مارس (آذار 9 غيرها، وذلك حتى وبموجب هــذا الــقــرار، أقـــرت الحكومة السابقة ضمناً؛ إنما من دون التزام صريح وثابت، بالقيود الـــدفـــتـــريـــة لـــلـــفـــوائـــد المــعــلــقــة أيـــضـــ عـــلـــى إصـــــــدارات مليارات 10 «الـيـوروبـونـدز» والتي تتعدى مستوى مليار 30 دولار، تـضـاف إلــى الأصـــول البالغة نحو دولار، وبـحـيـث يـخـضـع إجـمـالـي المـبـالـغ المستحقة لحصيلة مفاوضات مباشرة يفترض أن تقدم على تنظيمها الحكومة الجديدة بعد تأخير اقـتـرب من ختام العام الخامس لقرار «مبهم» وغير منسق مع السلطة النقدية اتخذته الحكومة السابقة، وقضى بـتـعـلـيـق دفـــع كــامــل المـسـتـحـقـات المـــوزعـــة حـتـى عـام . وتبعاً لتأكيد وزير المالية في حكومة تصريف 2037 الأعمال، يوسف الخليل، فإنه «على الرغم من الأوقات العصيبة الــتــي نعيشها، فـــإن لـبـنـان يـبـقـى ملتزماً بــالــتــوصــل إلــــى حـــل رضـــائـــي ومــنــصــف بـخـصـوص إعادة هيكلة سندات (اليوروبوندز)». لـــم يُـهـمـل الــتــاريــخ لـبـنـان مـنـذ الأزل. جعل فـيـه الاســتــقــرار حـالـة اسـتـثـنـائـيّـة، أمـــا الفوضى والــا اسـتـقـرار فهما الحالة الطبيعيّة. يقولون عـــنـــه إنـــــه مـــمـــرّ لـــلـــحـــضـــارات. كـــــان أحــــــرى الـــقـــول إنــــه مـــمـــرّ الــــغــــزوات والاجـــتـــيـــاحـــات، إن كــــان مع الإمبراطوريات القديمة والحديثة، أو حتى بعد اعتماد مبدأ الـدولـة - الأمــة الحديثة. يقوم على «موزاييك» قاتل إذا استغلّ من الخارج، ومُبدع إذا أُحسن استغلله داخلياً، وسمحت الظروف الخارجيّة بذلك. من هنا، وبسبب التكرار العُنفي في تاريخ لبنان، قد يمكن استنتاج نظريّة تساعد في فهم مسار أحداثه. كما يمكن استنتاج نمط مُتكرّر لا يمكن الهروب منه على الأقلّ حتى الآن. فماذا عن النظريّة والنمط؟ نظرية الدوائر الثلاث كل شـيء يحصل في لبنان من خـال الدائرة الأكبر (النظام الـعـالمـيّ). تؤثر ديناميكية الدائرة الــكــبــرى عــلــى الــــدائــــرة الإقــلــيــمــيّــة بـشـكـل مـبـاشـر. بعدها تتظهّر هشاشة الواقع اللبناني في الدائرة الصغرى المحليّة، لينتج نمط على الشكل التالي: لا استقرار داخلياً، مع إمكانية الذهاب إلـى حرب أهليّة. وبعد أن تستنفد الحرب الأهلية وظيفتها وفوائدها لمن أشعلها، يُفرض الحل السياسي على لبنان فرضاً، إن كان بالقوة العسكرية، أو بتوافق بـ الــدائــرة الكبرى والــدائــرة الإقليميّة. هــذه هي العلقة بـ الـدوائـر الـثـاث (النظريّة) التي تنتج نمط فرض الحلول. جنرالات 5 خـــمـــســـة قـــــــــادة لـــلـــجـــيـــش انــــتــــخــــبــــوا رؤســـــــاء للجمهورية، أربعة منهم بشكل متتالٍ؛ وهم: إميل لـحـود، ومـيـشـال سليمان، ومـيـشـال عـــون، والـيـوم جوزيف عون. أما الخامس فكان اللواء فؤاد شهاب . فما المشترك بينهم ككلّ؟ 1958 عام فــرض الـلـواء شـهـاب، بتوافق بـ جمال عبد الناصر ودوايت آيزنهاور الرئيس الأميركي آنذاك، .1958 بعد شبه حرب أهلية في لبنان عام بـعـد اتــفــاق الــطــائــف، انـتـخـب الـرئـيـس رينيه مــعــوضّ. اغتيل مـعـوّض لأنــه لـم يُـــرِد التعامل مع حالة تمرّد الجنرال ميشال عون بالقوة العسكريّة. انتخب الرئيس إلياس الهراوي الذي طلب رسمياً من سوريا، وعبر قرار من مجلس الوزراء اللبناني، التدخّل لضرب التمرّد العوني في بعبدا (مذكرات الهراوي). بعد التمديد للرئيس الهراوي ثلث سنوات، قــرر الرئيس حـافـظ الأســـد انتخاب الـجـنـرال إميل لـحـوّد. والغريب بـالأمـر هـو الاتـصـال الهاتفي من الـرئـيـس الــهــراوي وهــو عـائـد مـن الـشـام بالجنرال لحود ليقول له: «مبروك، أنت الرئيس». انـتـخـب الــعــمــاد مـيـشـال سـلـيـمـان بـعـد غـــزوة ، وبعد اتفاق 2008 بيروت من قبل «حزب الله» عام الدوحة. ، انتخب العماد ميشال عون بعد 2016 في عام فــراغ دام لسنتين، وبعد إصـــرار «حــزب الـلـه» على انتخابه. انـــــتـــــخـــــب الـــــعـــــمـــــاد جـــــــوزيـــــــف عـــــــــون رئـــيـــســـ للجمهورية بعد فــراغ دام أكثر مـن سنتين، وذلـك بسبب إصـــرار «حــزب الـلـه» وحلفائه على الإتيان بـرئـيـس يـطـمـئـنـون لـــه لـحـمـايـة مـــا يُــســمّــى مـحـور المقاومة. لكن الفارق اليوم هو التحوّلات الجذرية التي حصلت في المنطقة بعد سقوط «حـزب الله» الـعـسـكـريّ، وأيــضــ سـقـوط الـنـظـام الـــســـوري، كما سـقـوط المـشـروع الإيـــرانـــيّ. يُـضـاف إلــى ذلــك مـا قد يحمله الرئيس الأمـيـركـي المنتخب دونـالـد ترمب في جعبته، والذي لا يمكن توقّعه. قهر النظرية هـــل يـمـكـن الــــخــــروج مـــن هــــذه الــــدوامــــة وقـهـر النظرية كما النمط؟ الـــجـــواب عـــن هــــذا الـــســـؤال صــعــب لـكـنـه ليس مستحيلً، لكن كـيـف؟ إن أفـضـل طريقة وتوقيت لـــلـــخـــروج مــــن هـــــذه الــــــدوامــــــة، يــــكــــون فــــي مــرحــلــة فـــرض الـحـل عـلـى لـبـنـان. فـفـي هـــذه المـرحـلـة تكون كـــل الـــقـــوى بـــالـــدوائـــر الـــثـــاث مـتـفـقـة عــلــى الــحــل. كـمـا يـكـون اللبنانيون مستعدين للقبول بالحل المـــــفـــــروض. وعـــلـــيـــه قــــد يــمــكــن بـــنـــاء دولــــــة حـامـيـة وراعـــيـــة لمـواطـنـيـهـا، ولـيـسـت مـسـرحـ للستغلل الجيوسياسيّ، أو لتصفية الحسابات، أو اعتبار لبنان أنه ورقة قوّة تُضاف إلى وسائل القوة التي يملكها من يريد السيطرة عليه. ألا يـــتـــظـــهّـــر هــــــذا الأمـــــــر فــــي مــــشــــروع وحــــدة الساحات؟ ألا يُظهر التاريخ نوعاً من التكرار في هــذه الـتـجـارب؟ ألــم يبتلع لبنان منظّمة التحرير الفلسطينية؟ ألـم يبتلع لبنان الهيمنة السورية؟ ألـــم يبتلع لـبـنـان مــحــور الــســاحــات، الــــذي بـــدأ من لبنان، وانتهى فيه؟ مرحلة جديدة يـــدخـــل لـــبـــنـــان مــــع الـــرئـــيـــس الـــجـــديـــد مـرحـلـة جديدة. وقد يمكن اعتبار خطاب القسم الذي ألقاه على أنه خريطة طريق وفي كل الأبعاد. وهي مسار مـهـم لـلـخـروج مــن دوامــــة الـنـظـريـة والـنـمـط أعـــاه. من هنا ضرورة الاستفادة من هذا التغيير لإعادة بــنــاء لـبـنـان (ســويــســرا الـــشـــرق). وهـــنـــا، قـــد يمكن اقـتـبـاس مــا قـالـه المـفـكّـر والمـــــؤرّخ اللبناني الكبير فــــؤاد افـــــرام الـبـسـتـانـي، بـــأن وضـــع لـبـنـان يتعلّق مباشرة بالمثلث المكوّن من عكا، والشام وبيروت. فإذا كانت عكا والشام قويتين، يدفع لبنان الثمن. 1975 هكذا كـان الوضع خـال الحرب الأهلية عـام مـع الـرئـيـس الــســوري حـافـظ الأســـد، ومــع مشروع هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأميركي الراحل. في تلك المرحلة، كانت عكا والشام قويتين، ليدفع لـبـنـان الـثـمـن. حـالـيـ ، ومـــع انـتـخـاب رئـيـس جديد للبنان، فــإن الـوضـع مختلف. فالشام تعيد لملمة نـفـسـهـا، وعـــكـــا قـــويّـــة. أمــــا لــبــنــان فــهــو فـــي طـريـق العودة إلى بناء الدولة. تجربة الردع فــي الـخـتـام قــد يمكن الــقــول إن لـبـنـان يمتلك مـــكـــوّنـــات الـــنـــجـــاح، المـــنـــافـــســة، وحـــتـــى بـــنـــاء دولـــة إقليميّة قويّة، وليس بالضرورة بالبعد العسكري فقط كما كـانـت الـحـال مـع وحـــدة الـسـاحـات، التي اعتمدت بُعد القوة العسكرية والفوضى مرتكزات أساسيّة لاستراتيجيتها الكبرى. فلبنان يملك قوّة ردع عسكرية بعد التجربة مـع إسـرائـيـل، لكن من ضمن الدولة حتماً. وهو يملك الثروات الطبيعية من نفط وغاز. وأخيراً وليس آخراً، يملك الرأسمال الـبـشـري المُــمــيّــز. فـهـل سـيـتّـعـظ هـــؤلاء ويـخـرجـون مـن قوقعتهم والــعــودة إلــى الانـتـمـاء، إلــى التنوّع الــلــبــنــانــي الـــفـــريـــد مـــن نـــوعـــه بــعــد تــجــربــة مــريــرة وطويلة؟ 7 لبنان...عهدجديد NEWS يتشكّل توافق داخلي عريضببُعدَيه السياسي والاقتصادي على اعتماد بنود خطاب القَسَم الرئاسي ASHARQ AL-AWSAT Issue 16850 - العدد Wednesday - 2025/1/15 الأربعاء «الثنائي الشيعي»... ما مشكلته معرئيس الحكومة المكلف؟ يستغرب كثيرون معارضة «الثنائي الشيعي (حــــــزب الــــلــــه) و(حــــركــــة أمـــــــل)» الـــشـــديـــدة تـكـلـيـف القاضي نــواف ســام تشكيل الحكومة اللبنانية الـــجـــديـــدة، ورؤيـــــة رئـــيـــس كـتـلـتـه، الــنــائــب محمد رعـد، أن «الـحـزب» تعرض لكمين بهدف «التفكيك والتقسيم والإلغاء والإقصاء». على 2023 فـ«الثنائي» كـان قد وافـق في عـام ما عُرفت وقتها بـ«المبادرة الفرنسية» التي طرحت انتخاب مرشح «حزب الله» و«أمـل»، رئيس «تيار المردة»سليمان فرنجية، رئيساً للجمهورية، مقابل انتخاب القاضي نواف سلم رئيساً للحكومة. كما أن ســـام، الـــذي انـتُـخـب رئـيـسـ لــ«مـحـكـمـة الـعـدل ، يُعدّ صاحب 2024 ) الدولية»، في فبراير (شباط تاريخ طويل في مناهضة إسرائيل؛ مما يُفترض أن يجعله شخصية يحبذها «حزب الله». ويشير مقربون من «الثنائي الشيعي» إلى أن أبرز ما يجعل «حزب الله» متردداً في دعم سلم، أكتوبر (تشرين الأول) 17 هو أنه، ومنذ انتفاضة ، طُرح مرشحاً للمعارضة وأيضاً للغرب. 2019 9 صوتاً نيابياً، مقابل 84 وحصل سلم على أصوات لرئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي؛ «لا تسمية» (أبرزها أصوات الثنائي الشيعي) 35 و خـــال الاســـتـــشـــارات المــلــزمــة الــتــي أجـــراهـــا رئـيـس الجمهورية العماد جوزيف عـون مطلع الأسبوع الحالي. مشكلة في الإخراج ويــشــيــر الـــكـــاتـــب الــســيــاســي الـــدكـــتـــور قـاسـم قــصــيــر، المــطــلــع مـــن كــثــب عــلــى مـــوقـــف «الــثــنــائــي الشيعي»، إلى أن «أمـل» و«حـزب الله»؛ «لا يعدّان نواف سلم خصماً، فقد كانا موافقَين على ترؤسه الــحــكــومــة فـــي إطــــار (المــــبــــادرة الــفــرنــســيــة) مـقـابـل اختيار سليمان فرنجية، لكن المشكلة في إخـراج التكليف»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «كان هناك اتفاق مع جهات داخلية وخارجية على أنه مقابل دعم وصول العماد جوزيف عون، يجري اختيار الرئيس ميقاتي لرئاسة الحكومة، لكن يبدو أن انقلباً خارجياً وداخلياً غيّر مسار الأمور». وعـــمّـــا إذا كــــان يــمــكــن إصـــــاح مـــا حــــدث في مــوضــوع التسمية عـبـر الـتـشـكـيـل، يــقــول قصير: «نعم يمكن ذلك عبر التشكيل، ومن خلل المواقف الإيــجــابــيــة»، مـوضـحـ أن «لـــدى (الـثـنـائــي) خوفاً مـن وجــود مـشـروع لإقصائه عـن الـــدور السياسي الفاعل اليوم». قراءة دستورية ولوّح «حزب الله» بورقة «الميثاقية» لمواجهة الحكومة التي سيشكلها ســام فـي حــال لـم تلبّ مطالبه وطموحاته. وقال رئيس كتلة «حزب الله» النيابية، النائب محمد رعــد، مـن «قصر بعبدا» بعد رفـض تسمية أي مرشح لتشكيل الحكومة: «مــــن حـقـنـا أن نــطــالــب بــحــكــومــة مــيــثــاقــيــة، وأي حكومة تناقض العيش المشترك لا شرعية لها». وشـدد الخبير الدستوري المحامي الدكتور سعيد مـالـك عـلـى أن «(المـيـثـاقـيـة) مــن المـرتـكـزات الــجــوهــريــة لـلـنـظـام الـلـبـنـانـي، فـالـفـقـرة (ي) من مقدمة الدستور نصت صراحة على أنه لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، لكن لا يمكن أن يصار إلى التذرع بها في كل مرة أراد فريق محدد توجيه رسالة سياسية ومنع باقي المـكـونـات مــن بـنـاء الــدولــة ومـمـارسـة حقوقها». وقـــــــال مــــالــــك لـــــ«الــــشــــرق الأوســـــــــــط»: «(الـــثـــنـــائـــي الـــشـــيـــعـــي) صــحــيــح أنـــــه يــمــثــل نــيــابــيــ الــطــائــفــة الشيعية في لبنان، لكن هو لا يمثل كل الشيعة اللبنانيين، فهم لديهم قامات وشخصيات تُغني الطائفة، وبالتالي يمكن تشكيل حكومة معهم»، مضيفاً: «ما يناقض ميثاق العيش المشترك هو تشكيل حـكـومـة مــن دون مـشـاركـة أي شخصية شيعية». وعـــن وجـــوب تــوافــر أصــــوات نيابية شيعية لإعطاء الثقة للحكومة، أوضح مالك أن «الدستور لم ينص على وجـوب أن تمنح الثقة من الأطـراف والأطــــيــــاف كـــافـــة؛ إنــمــا نـــص عــلــى نــيــل الــثــقــة من الــبــرلمــان لا غــيــر، سـيـمـا أن كــل نــائــب يـمـثـل الأمــة الـلـبـنـانـيـة جــمــعــاء. بـنـهـايـة المـــطـــاف (المـيـثـاقـيـة) أســاس وحــق، ولكن استعمال هـذا الحق في غير موقعه؛ أي بغرض تعطيل المؤسسات والحؤول دون تشكيل الحكومة ونيلها الثقة، يتحول إلى تعسف فــي اسـتـعـمـال الــحــق، وحــاجــز أمـــام باقي المكونات في استعمال حقهم بالسلطة والمشاركة. لا يـمـكـن تـحـت عــنــوان (المـيـثـاقـيـة) أن يُــصــار إلـى نسف استحقاقات دستورية، ولا يمكن لأي فريق أو لأي شـريـحـة أيـــ كــانــت عـرقـلـة انـــطـــاق العهد الجديد تحت عنوان (الميثاقية)». بيروت: بولا أسطيح بعد الزخم الإيجابي لانتخاب رئيس الجمهورية واختيار رئيسها مهام مالية عاجلة لحكومة لبنانية «قيد الولادة» رئيسحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مستقبلاً الرئيسالمكلف نوافسلام أمس(أ.ف.ب) بيروت: عليزين الدين كيف نفهم لبنان؟ المحلل العسكري

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky