issue16850

ِ حتى وإن طالَ، أو نعتقدُ ذلك أحياناً، يَظلّ حبلُ الكذب قصيراً. وفي السياسة، خصوصاً، أقصر. ومَن يُشكك في ذلك فعليه أن يشاهد ما أدلتْ به مؤخراً وزيرة الخارجية الليبية نــجــاء المــنــقــوش مــن اعــتــرافــات لأحـــد الــبــرامــج التلفزيونية الــعــربــيــة، بـخـصـوص لـقـائـهـا وزيــــر الــخــارجــيــة الإسـرائـيـلـي السابق إيلي كوهين في روما. الــــوزيــــرةُ نــجــاء المــنــقــوش مــوقــوفــة عـــن مــمــارســة مـهـام منصبها مـنـذ تـلـك الــحــادثــة، لكنّها قـانـونـيـ وإداريــــــ ، وفقاً لـقـولـهـا، مــا زالــــتْ تـحـمـلُ لـقـب وصــفــة وزيــــرة الـخـارجـيـة في حكومة طرابلس. ، تـــاريـــخُ الــلــقــاء سـيـئُ 2023 ) مــنــذ شــهــر أغــســطــس (آب الصِيت، اختفت الوزيرة المنقوش، وظهرت، فجأة، الأسبوع المـــاضـــي عــلــى شـــاشـــات الــتــلــفــزيــونــات، واعـــتـــرفـــت بــ«عـظـمـة لسانها»، بأنّها التقتْ وزير خارجية إسرائيل السابق إيلي كوهين فـي رومـــا، بـنـاءً على ترتيبات تَـمّـت مُسبقاً، مـن قِبل حكومة «الــوحــدة الوطنية»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وأنّ اللقاء لم يكن عارضاً، كما زُعم. وما لم تقله الوزيرة في اعترافها، أن رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، استناداً إلى ما أكده معلقون، كانت عَرّابة ذلك اللقاء. اللقاءُ كان مقصوداً ومرتّباً ومُعدّاً له ومتفقاً عليه وعلى أجــنــدتــه، مــن قِـبـل حـكـومـة عـبـد الـحـمـيـد الـدبـيـبـة، ومـــن دون إشــراك الـوزيـرة في تلك الترتيبات، حسب قولها. كل ما في الأمــر، أنّــه طُلبَ منها الالتقاء مع الـوزيـر الإسرائيلي سِرّياً. الوزيرة المنقوش أوضحتْ أن اللقاء لم يكن بقصد التطبيع مع إسرائيل، بل للتشاور في قضايا تتعلق بحماية الموارد، وأخرى أمنية. الـوزيـر الإسرائيلي، إيلي كوهين (وزيــر الطاقة حالياً) كـــان هــو مَـــن كـشـف عــن لــقــاء رومــــا، عـبـر الإنــتــرنــت، مـرفـوقـة بصورة له مع الوزيرة الليبية والوفد المرافق. وعَـرّضَ نفسه جــــرّاء ذلـــك لتوبيخ علني مــن رئـيـس الـحـكـومـة الإسـرائـيـلـي، بنيامين نتنياهو، لأنّ كشف اللقاء تسبب في إحراج حكومة طرابلس، وفي إشعال نيران مظاهرات الغضب الشعبي في معظم المدن بالمنطقة الغربية، ولم تتوقف المظاهرات إلا بعد خروج رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، وأوضح علناً أن اللقاء كان عرضياً. عـــــدمُ إشـــــراك الــــوزيــــرة المــنــقــوش فـــي الــتــرتــيــبــات لـلـقـاء، وقــبــولــهــا بـتـنـفـيـذ الأمـــــر الــــصــــادر إلــيــهــا مـــن مــكــتــب رئـيـس الحكومة لا يعفيها من المسؤولية، بل يُعرّضها للعقاب، لأن 1957 مواد ونصوص القانون الليبي ساري المفعول منذ عام تُجرّم لقاء ليبيين مع مسؤولين إسرائيليين، وكان بإمكانها رفض القيام بالمهمة. ونتيجة ردّ فعل الشارع الليبي الغاضب، قامت حكومة طرابلس بتسريع تسفير الوزيرة إلى تركيا في طائرة خاصة لقضاء عـدة أيــام، حتى تمر العاصفة بسلم. لكن العاصفة هــدأت، ولـم تصل للوزيرة من طرابلس تعليمات بالرجوع، فـقـررت الــوزيــرة السفر إلــى بريطانيا، وبقيت هـنـاك. إلا أن التعليمات من مكتب رئيس الحكومة لم تصل حتى هناك، رغم كل اتصالاتها وتوسّلتها، حسب قولها، وبدا مع مرور الأسـابـيـع والـشـهـور كـــأن الـــوزيـــرة أُسـقـطـتْ عـمـداً مــن أجـنـدة رئـيـس الحكومة الدبيبة، وأُلـقـيـت فـي جُـــبّ النسيان. وحين نفد صبرها، لم تجد بُـدّاً من تذكير رئيس الحكومة الدبيبة وفريقه من المستشارين والمساعدين بأمرها، ولكن بطريقة غير متوقعة، أي بفتح الكيس وإدلاق محتوياته خارجاً. ورغـم إنكار الـوزيـرة، فـإن اللقاء مع الوزير الإسرائيلي كـــان، فــي رأيــــي، بـغـرض تمهيد الأرض للتطبيع. إذ مــا هي الأمـور التي ستكون موضوعاً للحديث بين وزيـري خارجية بلدين متعاديين، ولا تربطهما علقات دبلوماسية، ويقعان جغرافياً على بُعد آلاف الأميال من بعض؟ أثار اعتراف الوزيرة غضب الشارع الليبي، ولم يصدر عـــن مـكـتـب رئــيــس الـحـكـومـة تـكـذيـب أو نــفــي. وظــهــر رئـيـس حكومة طرابلس فـي مدينة مصراتة بعد اللقاء بيومين أو ثلثة، وتعرّض بالهجوم إلى مَن يقومون بالإثارة، ووصفهم بأنهم مدفوعون بأجندة خارجية وحزبية. الـوزيـرة ثــأرت لنفسها، أو هكذا تـظـنّ. لكن الستارة لم تُسدل بعد، ما يعني أن للمسرحية فصولاً أخرى. وبالطبع، الـعـديـدون يحرقهم الفضول بـنـاره لمعرفة الطريقة المبتكرة التي سيتفتق عنها ذهــن رئيس حكومة طـرابـلـس، وأذهــان مساعديه للخروج مـن هــذه الــورطــة. وليس بمستطاع أحد المـراهـنـة عـلـى أن الـحـادثـة ســتــؤدي إلـــى نـهـايـة عـبـد الحميد الدبيبة سياسياً. ذلك أن أغلب الساسة مثل القطط لهم تسع أرواح. ومع ذلك، وإلى أن تُسدل الستارة نهائياً، تبقى الكُرة في ملعب رئيس حكومة طرابلس عبد الحميد الدبيبة حتى إشعار آخر. قبل أن يتسنّم دونـالـد تـرمـب هــرم السلطة الأميركية، تبدو الأزمــات تـطـارده، وكأنها قـدر مقدور في زمـن منظور، مـن حـرائـق الـغـرب إلــى الــشــرق، ومــن جحافل المهاجرين في الجنوب، إلى مواقف الكنديين في الشمال، الرافضين لأفكار الانتقاص من سيادتهم. على أن أكبر أزمــة تقابل ترمب داخلياً، تلك الموصولة بسقف الـديـن الأمـيـركـي الـــذي سيبلغ منتهاه فـي الفترة ما يـنـايـر (كـــانـــون الــثــانــي) الــحــالــي، وهـــو مــا دعـا 23 و 14 بــ وزيـــرة الـخـزانـة الأميركية جانيت يلين لإرســـال خـطـاب إلى الـــكـــونـــغـــرس، يـــهـــدف إلــــى «الـــتـــحـــرك لـحـمـايـة الــثــقــة بـالـبـاد ورصيدها». هــــل ســـيـــرفـــع الـــكـــونـــغـــرس مــــن ســـقـــف الــــديــــن الأمـــيـــركـــي مـن جـديـد، بعد أن فعل مـن قبل أكـثـر مـن مـائـة مـــرة، ليتيح للحكومة الوفاء بالتزاماتها على صعيد النفقات؟ المؤكد أن المحافظين يعارضون زيادة الاقتراض الضخم للبلد، ولهذا لم يصوّت كثير من الجمهوريين قَـط لصالح الزيادة. يسمح سقف الـديـن لـــوزارة الـخـزانـة بـاقـتـراض الأمــوال لسداد كافة فواتير الدولة بالكامل وفي الموعد المحدد. فعلى إيرادات 2023 سبيل المثال، حققت الحكومة الفيدرالية في عام تريليونات، مما 6 تريليون دولار، بينما أنفقت 4.4 بلغت تريليون دولار، وفقاً لبيانات 1.7 أدى إلى عجز سنوي قدره مكتب الميزانية غير الحزبي بالكونغرس. والشاهد أنه عندما نجمع الفرق بين الدخل والإنفاق، على مـدى العقود الأخـيـرة، نصل إلـى إجمالي ديــون البلد تريليون دولار. 36 الذي يتجاوز فــي هـــذه الــحــال، سـيـكـون أمـــام المـشـرّعـ بضعة أشهر من الحرية في التحرك بفضل المـنـاورات المحاسبية، بهدف التوصل إلى اتفاق حول إشكالية الديون الأميركية. يــعــنّ لـنـا أن نــتــســاءل: هــل أزمــــة الـــديـــون الأمـيـركـيـة أزمــة محلية؟ أم إشكالية يمكن أن تؤدي إلى كارثة اقتصادية عالمية؟ المـتـفـق عـلـيـه أن واشــنــطــن هــي قــاطــرة الــعــالــم المـعـاصـر اقــتــصــاديــ ، وحــــال أصــابــهــا الــعــطــب، فــســوف تــتــداعــى بقية أعضاء الهيكل التكتوني الاقتصادي العالمي. ، فقد تسببت أزمة الرهونات 2008 حدث ذلك بالفعل عام العقارية في كارثة اقتصادية أممية، تأثرت بها اقتصادات الشرق والغرب على حد سواء. على أن علمة الاستفهام الرئيسية في هذا السياق هي: مــاذا عـن الحلول المتاحة أمــام الأميركيين للخروج مـن هذه الأزمة العميقة؟ مــن المــؤكــد أنـــه لا يــوجــد ســـوى حــلّــ ، لا ثــالــث لهما، أحـــاهـــمـــا مــــر، وكـــاهـــمـــا أعــــــرج! الأول: هـــو المـــوافـــقـــة على رفـــع سـقـف هـــذا الــديــن، غـيـر أن هـــذا يعني مــزيــداً مــن غـرق الأجيال الأميركية القائمة والقادمة في تسونامي ارتهان الــــقــــرار الأمـــيـــركـــي الـــســـيـــادي لـــلـــدائـــنـــ ، مـــا يــعــنــي تــراجــع «أميركا العظمى»، اقتصادياً، وهـذا أول مخاض خفوتها الإمبراطوري. الـثـانـي: هــو الـتـوقـف عــن ســـداد الـــديـــون، وهـنـا تتجلى كارثة اقتصادية آنية، قد تمتد من الداخل الأميركي لتصل إلى بقية أرجاء العالم، وبعواقب وخيمة. عـنـد هـــذا المـنـحـنـى ســـوف يـشـهـد الاقــتــصــاد الأمـيـركـي اضـــطـــرابـــات غــيــر مــســبــوقــة، تـــبـــدأ مـــن عــــدم تـلـقـي المـوظـفـ الــفــيــدرالــيــ رواتـــبـــهـــم، والـــتـــوقـــف عـــن ســـــداد اسـتـحـقـاقـات المقاولين المتعاقدين مع الإدارات الفيدرالية، عطفاً على ذلك، سوف توضع العصا في دواليب القروض الصغيرة المقدمة للشركات بسيطة الحجم، أو طلب الجامعات. أمــا النتيجة المـرجـحـة فستكون –حُـكـمـ - مــروعــة، تبدأ 4 بركود اقتصادي ناجم عن انخفاض الناتج المحلي بنسبة مليين أميركي 6 في المائة تقريباً، وساعتها سوف يفقد نحو وظائفهم، مما يتسبب في رفع معدل البطالة ووصولها إلى في المائة. 9 نحو مـــاذا سـيـكـون مــن شـــأن الاقـتـصـاد الـعـالمـي عـنـد تغليب خيار عدم رفع سقف الدين، وبالتالي توقف أميركا عن سداد ديونها للعالم؟ على صعيد الاقـتـصـاد الـعـالمـي، ســوف تـكـون العواقب وخيمة؛ إذ سيؤدي الأمر إلى ارتفاع أسعار الفائدة، وتقليل قيمة الدولار مقابل العملت العالمية الأخرى؛ لا سيما اليورو الأوروبــــــــي، والــــيــــوان الــصــيــنــي، وتــالــيــ ســتــصــاب الأســـــواق العالمية بحالة من الذعر والركود. هـــل أزمـــــة ســقــف الـــديـــون الأمــيــركــيــة لــهــا عـــاقـــة بـطـرح تكاليف الامتداد الإمبراطوري؟ فــــي عـــــدد ســـابـــق لـــهـــا، أشـــــــارت مــجــلــة «كـــونـــتـــر بــنــش» الأميركية ذات الاتجاهات اليسارية إلى أن «الولايات المتحدة آخــــذة فـــي الـــغـــرق أكــثــر فـأكـثـر فـــي مستنقع الـــديـــون، بسبب المــجــمــع الــصــنــاعــي الــعــســكــري الأمـــيـــركـــي، والإنــــفــــاق الـهـائـل المستجد، وبما تجاوز أزمنة الحرب الباردة، ناهيك من فساد الحكومة، وتدني كفاءة المسؤولين». حديث سقف الدين وثيق ولصيق الثقة بأمرين: الأول هـــو الـــــدور المـــنـــوط بــإيــلــون مـــاســـك، ومـهـمـتـه الأســـاســـيـــة في تخفيض الإنفاق الحكومي الأميركي بقيمة تريليوني دولار. أمـا الثاني فيدور حـول ضم كندا إلـى أميركا بوصفها مجالاً جيوسياسياً مستقبلياً يعزز من أحلم الإمبراطورية الأميركية الترمبية. أي مستقبل مالي ينتظر أميركا والعالم؟ لاحــــــظ مـــتـــبـــحّـــرون فــــي «فـــيـــســـبـــوك» ظـاهـرة جــديــدة: كـتّـاب ومـــؤرّخـــون ونـقّـاد حـــــذفـــــوا عـــــبـــــارات (بـــــوســـــتـــــات) ســـبـــق أن كـتـبـوهـا فـــي تـمـجـيـد «طـــوفـــان الأقــصــى» وامـــتـــداح قــادتــه وقــــادة «حـــرب الإســنــاد»، فـــضـــاً عــــن عـــــرض تـــقـــديـــراتـــهـــم الـــجـــازمـــة بنصر مؤزّر. ردّ الـفـعـل هـــذا مــحــزن ومـحـبـط لأنّـــه يـــقـــول كــيــف يـسـتـجـيـب جــــزء مـــن نُـخـبـنـا لـهـزيـمـة ربّـــمـــا كــانــت أكــبــر هـــزائـــم الــعــرب وأوسعها نطاقاً في الزمن الحديث. هكذا إذاً يُــــرَدّ عـلـى الــهــزائــم بـالاسـتـنـاد إلـــى زرّ على الكومبيوتر. delete مَـــن يــذكــر كـيـف هــــزّت هـزيـمـة ثــورة الروسيّة نخبة بلدها، أو معاناة 1905 النخبة الألمـانـيّـة مـع صـعـود هتلر، وما حـــــلّ بــالــنــخــبــة الـــيـــابـــانـــيّـــة بـــعـــد هـزيـمـة الـــيـــابـــان فـــي الـــحـــرب الـــثـــانـــيـــة، عـلـيـه أن بالمهمّة. delete ّ ينسى. عندنا، يتكفّل زر ذاك أنّ الـــشـــطـــر المـــــذكـــــور مـــــن الــنــخــبــة آثـــــر أن يـــتـــجـــاهـــل عـــــدم فـــهـــمـــه تـــراكـــيـــبَ مـجـتـمـعـاتـنـا، واســــتــــعــــدادات شـعـوبـنـا، وعدم فهم «الغرب» و«الشرق» وإسرائيل والمــــــــقــــــــاومــــــــة... أمّـــــــــا «خـــــــــطّ الـــــتـــــاريـــــخ» الـــــذي لــطــالمــا حــســبــه هـــــؤلاء مـقـيـمـ في جيوبهم فـفـرّ إلـــى جـهـة مـجـهـولـة. ولأنّ زرّ الكومبيوتر الـاغـي يعفينا ويعفي ثـقـافـتـنـا مـــن إلـــغـــاءات أكــبــر وأهـــــمّ، تُـــرك لــــه، بــالــتــضــامــن مـــع تــقــالــيــدنــا فـــي عــدم المحاسبة، توفير النجاة الفرديّة وصون ماء الوجه. هكذا يبقى «المــؤرّخ الكبير» كبيراً، و«المثقّف اللمع» لامعاً، وتمضي بنا الحياة على رَسلها. والــــــحــــــال أنّ انــــعــــطــــافــــات الــــتــــاريــــخ غــالــبــ مـــا تـنـشـأ عـــن عـــوامـــل مـنـهـا تــطــوّر التقنيّة والآلة، وتغيّر الأفكار والتطلّعات الــــشــــائــــعــــة، ومـــــــا تـــعـــلّـــمـــه الـــــتـــــجـــــارب لمــن يــجــرّبــونــهــا. أمّـــــا لــــدى هــــذه الــنــخــبــة، فل تــفــعــل تـــلـــك الــــعــــوامــــل ســـــوى اســـتـــعـــراض عجزها المـحـض. فالصنف المــذكــور تقيم الـحـرب والمـقـاومـة «فــي دمـــه» بمعزل عمّا يــجــدّ فـــي عــالــم الـتـقـنـيّـة، وعـــمّـــا يــطــرأ من قناعات ورغبات تخالف ما سـاد، أو قيل إنّــه ســاد، في مراحل سابقة، ولكنْ أيضاً بغضّ النظر عن خزين هائل من التجارب. فــــ«الـــشـــعـــب يـــهـــزم الآلــــــــة»، كـــمـــا رُدّد إبّان الحرب الفيتناميّة، ليس بالضرورة قــولاً صائباً على الــــدوام، خصوصاً حين لا تــــكــــون «الــــشــــعــــوب» شـــعـــوبـــ بــالمــعــنــى الـــذي يفترضه الشعار فيها، أي مـوحّـدة فـي قلبها وإصـــرارهـــا على مـحـاربـة عـدوّ بعينه. فــوق هـــذا، بــات افــتــراض أنّ تشي غيفارا أو السنوار ونصر الله يستولون على مخيّلت الشبيبة مأخذاً مُقلقاً على صــاحــب الافـــتـــراض، تـمـامـ كــافــتــراض أنّ قلوب المليين تخفق للشهادة في المعركة. بـيـد أنّ أســـوأ تعابير الـفـكـر البائس سـلـوكـه حـيـال الــتــجــارب. فـفـي منطقتنا، تتكدّس عشرات الحروب والمقاومات التي انـتـهـت إلـــى كـــــوارث، لـكـنّـهـا لــم تُـفـض إلـى مـراجـعـة تـلـك المـفـاهـيـم. يـصـحّ هـــذا أيضاً في مفهوم «الوحدة العربيّة» مثلً، الذي ، كما يصحّ في 1961 باشر سقوطه منذ مـفـهـوم «الاشـــتــراكــيّــة» الـسـوفـيـاتـيّ الــذي انهار وانـهـارت معه دزينة دول قبل ثلث قــــرن، أو فـــي مــفــهــوم «الـــتـــحـــرّر الــوطــنــيّ» بـــنـــتـــائـــجـــه الــــفــــقــــيــــرة... لــــكــــنْ فـــــي أحـــســـن الأحوال، كان انهيار هذا الشعار الأيقونيّ أو ذاك لا يــرتّــب أكـثـر مــن ذكـــره الـعَـرَضـيّ والاضطراريّ كما لو أنّه فعل بل فاعل، أو أثر بل تأثير. والــراهــن أنّـــه حـ يمتنع التعلّم من التقنيّة والأفكار والتجارب، فل تُراجَع ولا يُبنى عليها، تستولي على الفكر البائس ديناميّات تقاوم الواقع وحقائقه. فــهــنــاك، أوّلاً، الـتـعـويـل عـلـى إراديّـــــة قصوى مفادها أنّ «الـعـوائـق والعقبات» لن تقف حائلً في طريق انتصار موعود سوف يأتي ذات يوم غامض، وثانياً، هناك ربط القضيّة الخاسرة بـالـشـرف والــكــرامــة والأصـــالـــة، وتنسيب الـيـائـسـ منها ومـــن انـتـصـارهـا المـزعـوم إلى العار المدمّج بالخيانة، أمّا ثالثاً فتشتغل ديناميّة التخفيف أو الإنـــكـــار، عـلـى مــا فـعـل مـحـمّـد حسنين «نـكـسـة»، 1967 هـيـكـل بتسميته هـزيـمـة أو مــــا فـــعـــلـــه الـــنـــظـــام الـــــســـــوريّ الـــســـابـــق باعتبارها انـتـصـاراً، أو مـا يفعله «حـزب الــلــه» فــي تـشـبّـثـه بـــأنّ «صـــمـــوده» مصدر مجد وافتخار. ورابـــــعـــــ ، تُـــــــــرَدّ حـــقـــائـــق الـــــواقـــــع إلـــى مــــؤامــــرة أو أفـــعـــال عـــدوانـــيّـــة مـــن طبيعة خرافيّة تستهدفنا وحدنا، نحن الضحايا الأبديّين، ونصرخ «يا وحدنا». وأخــــــيــــــراً، وفــــــي أوســــــــاط صـــنـــف مـن المـــــاركـــــســـــيّـــــ يــــنــــســــبــــون إلــــــــى أنـــفـــســـهـــم «طليعيّة» و«علميّة» تتيحان الإفتاء في «الفكر والـتـاريـخ والطبيعة»، فـا تتبدّى المـشـكـلـة فــي الـقـضـايـا، بــل فــي حامليها، إذ لـــو أتــيــح لــهــم هـــم أن يـــعـــبّـــروا عـــن تلك القضايا إيّاها لما حلّت الهزيمة. وبالطبع فتبعاً لتلك الديناميّات، لا يعود هناك مسؤول يُـام عمّا قال وفعل، بل يتحوّل المـسـؤول هـذا إلـى لائــم، إذ هو في الآن نفسه واحـد من ضحايا المؤامرة والعدوان. فـــي هــــذه الـــشـــوربـــاء الـــفـــكـــريّـــة، حيث يُــــدفــــن الـــفـــشـــل بـــصـــمـــت، بــــا مـــراجـــعـــة أو اعتراف أو نقد أو إعلن مسؤوليّة، يبقى الــبــاب مفتوحاً لـتـكـرار الـــكـــوارث بأسماء وعـــنـــاويـــن أخـــــرى. وبــعــدمــا كــانــت الـكـتـب والــصــحــف الـــورقـــيّـــة تـحـفـظ «هــفــواتــنــا»، بـاتـت الـتـقـنـيّـات تــوفّــر لـنـا فـرصـة الـرهـان عـلـى الـــحـــذف، إلاّ أنّــــه لــأســف رهــــان غير يبقى مهدّداً delete مضمون النتائج. فـالــ الـتـي قــد يلتقطها screenshot بــصــورة الـــــــــ عدوّ متلصّص ويحتفظ بها. وهكذا ربّما التحدّي screenshot والـ delete باتصراع الـ الأكـبـر الــذي تواجهه الثقافة الراديكاليّة العربيّة في خوضها «حروب المصير». OPINION الرأي 12 Issue 16850 - العدد Wednesday - 2025/1/15 الأربعاء الديون الأميركية والأزمات المالية العالمية ليبيا: اعترافات الوزيرة وصمت الحكومة ربّما باتت آخر «المعارك المصيريّة»: الحذفضدّ الـ«سكرينشوت» وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com حازم صاغيّة إميل أمين جمعة بوكليب

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky