issue16848
Issue 16848 - العدد Monday - 2025/1/13 الاثنين الإعلام 17 MEDIA د. ياسر عبد العزيز المحافظون واليمينيون الأميركيون يعتقدون أن المشرفين ومدققي الحقائق في المواقع والإعلام «ليبراليون» بصفة عامة ترند «السوشيال ميديا»... ونهاية عهد الطفولة في الأسبوع الماضي، شاهدتُ على منصة «إكس» فيديو لطفلة في الرابعة من عمرها تقريباً، تتحدث فيه بلغة واضحة ومفهومة ومَصوغة بعناية؛ وتقول: «اللي بيقول إنه شافني بارقصفي كافيه يوم عيد الكريسماس... أنا مش بتاعة الكلام ده والعك ده... أنا واحـدة مُحترمة وعملت عُمرة... أنت عايز فانزاتي يشكوا فيّ ويفهموني غلط... أنا واحدة مُحترمة»! لقد حظي هذا الفيديو، عبر هذه المنصة وحدها، بنحو ألـــف مــشــاهــدة، مــع آلاف الـتـعـلـيـقـات الــتــي بـــدا معظمها 624 مُشيداً ومُثنياً على «ذكاء الطفلة، ونُضجها، وقدرتها اللافتة على جذب الإعجاب، وتحقيق الرواج». لكن هـذا الفيديو المثير للدهشة، ومثله كثير، استدعى لديّ على الفور التفكير فيما فعلته أستراليا أخيراً؛ حيث اتخذ برلمانها قراراً -هو الأول من نوعه- بحظر وصول الأطفال الذين عاماً إلى منصات «التواصل الاجتماعي»، 16 تقل سنهم عن مــلــيــون دولار أمــيــركــي على 32 وفــــرض غـــرامـــة تُـــقـــدر بـنـحـو المنصات التي لا تمتثل لهذا القرار. لم تستقبل بعض المنصات هذا القرار بارتياح؛ بل أعلنت معارضتها له واستياءها منه؛ وهذا أمر مفهوم، بكل تأكيد؛ لأن أنموذج الأعمال الذي تتبعه معظم تلك المنصات يستهدف الـــرواج والـربـح فـي المـقـام الأول، وهـو الأمــر الــذي يعزز ميلها لتخطّي أي قواعد قائمة أو مُستحدثة يمكن أن تَحَدّ من نزعات الاســتــخــدام، أو تـفـرض قــيــوداً عـلـى فـئـات المـسـتـخـدمـن، ومـا يقدمونه من محتوى. يقول المُفكر الفرنسي فرنسوا روبيه، إن «المجتمع الذي يُهمِل تربية أطفاله هو مجتمع في طريقه إلى الزوال»؛ فليس هناك كثير مما يمكن إضافته إلى الأفكار المستقرة عن أهمية الأطفال للمستقبل، لكونهم ببساطة هم المستقبل؛ فـإذا تُرك هذا المستقبل لعدد محدود من الوسائط الاتصالية لصناعته والتأثير فيه، فإن هذا المستقبل في خطر بكل تأكيد. لـطـالمـا كـــان هــنــاك سـعـي عـلـمـي ومـجـتـمـعـي لتشخيص الأمراض والمشكلات التي تعترض الطفولة وتؤثر فيها؛ ومن ذلك أن المجتمع العلمي العالمي شخّص أمراضاً واضطرابات نـفـسـيـة لــأطــفــال مُــبــكــراً؛ مـثـلـمـا حـــدث مـــع اضـــطـــراب «نـقـص الانتباه وفرط النشاط»، في مطلع القرن الفائت، و«التوحد» في ثلاثينات القرن نفسه؛ لكن الطفولة بحالتها الراهنة في عـالـم «الـسـوشـيـال مـيـديـا» الــصــاخــب، تـطـرح مـشـكـ ت أكـبـر، وتُصدّر أمراضاً أكثر. ولعل الجهود التي بُذلت تحت عنوان «أطفال سيفورا»، مـــن أجــــل تــوضــيــح انــعــكــاســات انــــخــــراط الأطــــفــــال فـــي أنــمــاط استهلاكية تخص البالغي، أكبر مثال يجسد هـذا الإشكال؛ فقد لاحظ العاملون في هذا المتجر الضخم، أن الأطفال باتوا يــشــتــرون سـلـعـ تـخـص الــكــبــار؛ ومـنـهـا -عــلــى سـبـيـل المــثــال- منتجات لمكافحة الشيخوخة، أو أدوات تجميل، فـضـً عن العطور الباذخة التي يتخطى ثمن الواحد منها مائة دولار. فقد بادر كثير من موظفي «متاجر سيفورا»، في أنحاء مختلفة من الولايات المتحدة الأميركية، بالكتابة عن أنماط شراء مثيرة للجدل يقوم بها الأطفال في هذه المتاجر، وبعض ، عن فواتير شراء 2024 هـؤلاء العاملي، كتب، في مطلع عام دولار، لمنتجات لـم يَعتَدْ على شرائها 500 لأطـفـال تـجـاوزت سوى الكبار تقليدياً. ويعتقد باحثون على نطاق واسع أن «العزلة» العائلية التي يسببها الانخراط في أنشطة «السوشيال ميديا» للطفال واليافعي، والتي تبقيهم بعيدين عن أعي أوصيائهم، أحد أهـم أسـبـاب تفاقم أثـر الضغوط والتهديدات الآتـيـة عبر تلك من 6 من أصل كل 4 المواقع؛ إذ تشير دراسات موثوقة إلى أن الأهـل في الـولايـات المتحدة، ليس لديهم أي فكرة عما يفعله في المائة من المراهقي الذين 50 أبناؤهم على «الإنترنت»، وأن يستخدمون الشبكة في أوروبـــا، لا يتمتعون بـأي إشــراف أو رقابة من الوالدين. ويـربـط هـــؤلاء الباحثون بـن انـخـراط الأطـفـال الـحـر في عالم «السوشيال ميديا»، في غيبة الأوصياء، وبي ما يُشاع عـــن أنـــمـــاط «الــتــربــيــة الإيــجــابــيــة أو الــحــديــثــة» الــتــي تعترف بمشاعر الطفل، وتتخلى عن أدوات الضبط والعقاب، وترى في «نضجه السريع» علامة تفوق. والآن... راحــــت وســائــط «الــتــواصــل الاجــتــمــاعــي» تغيّر تـجـربـة الـطـفـولـة بـشـكـل لا يـقـبـل الـــدحـــض، وبـيـنـمـا مـــا زالـــت الطفولة حالة قانونية في كثير من المجتمعات؛ فإنها تختفي رويداً رويداً كحالة اجتماعية وإنسانية، حتى أصبحنا نسمع عـــن اضـــطـــرابـــات وأمـــــراض جـــديـــدة تـخـص عــالــم الــطــفــل؛ مثل «الاكــتــئــاب»، و«التنمر الـسـيـبـرانـي»، والــنــزوع إلــى الانتحار، والتورط في الجرائم الأخلاقية. لــقــد كــــان لــكــل نـــظـــام اتـــصـــالـــي شـــهـــده الـــعـــالـــم تـحـيـزاتـه ومـمـيـزاتـه الـخـاصـة، مثلما كـــان للتلفزيون مـيـزتـه النسبية في توفيره التجربة المرئية والمسموعة في مقابل الصحيفة أو المــذيــاع؛ لكن الـنـظـام الاتـصـالـي الــراهــن يُلغي المـسـافـة بي الـطـفـولـة والــبــلــوغ، بـوصـولـه ونــفــاذه غـيـر المـتـمـايـز للجميع، ودينامياته التي لا تقبل الضبط. لذلك، بات علينا الحذر من إمكانية «اختفاء الطفولة»، كما تنبأ لنا نيل بوستمان، في كتاب أصدره تحت العنوان نفسه، قبل أكثر من ثلاثة عقود. ما تأثير تراجع استخدام «الهاشتاغ» على التفاعل في منصات «التواصل»؟ يبدو أن الفترة المقبلة ستشهد تراجعاً في استراتيجية تسويق الأخـبـار عبر «الهاشتاغ» الــتــي كــانــت فـعـالـة لــســنــوات، وذلــــك عـقـب إعـــ ن «ميتا» تراجع الاعتماد على «الهاشتاغ» لتحقيق التفاعل والوصول، وتحديداً على «إنستغرام»، التي هي المنصة الأكثر استخداماً للهاشتاغات منذ إطلاقها. وتبع هـذه الخطوة إعـ ن تطبيق «إكــس» (تويتر سابقاً) عبر مالكه إيلون ماسك «انـــعـــدام جـــدوى اســتــخــدام الـهـاشـتـاغ (الكلمات المفتاحية) في العام الجديد»، مما أثار تساؤلات حــول تأثير تـراجـع اسـتـخـدام «الـهـاشـتـاغ» على التفاعل بمنصات التواصل الاجتماعي. للتذكير، «الـهـاشـتـاغ» هــو كلمة أو عـبـارة مسبوقة برمز #، تُستخدم على وسائل التواصل الاجـــتـــمـــاعـــي لـتـصـنـيـف المـــحـــتـــوى، مـــمـــا يـسـهـل عـــلـــى المـــســـتـــخـــدمـــن الــــعــــثــــور عـــلـــى المــــنــــشــــورات المتعلقة بـمـوضـوع مـعـن. لـسـنـوات عــديــدة كـان لــــ«الـــهـــاشـــتـــاغ» دور بـــــارز فـــي تـحـقـيـق مــعــدلات الـــــوصـــــول والـــتـــفـــاعـــل مــــع المـــــنـــــشـــــورات، ومــنــهــا الأخبار. ووفق بيانات صدرت عن «شبكة موارد ) فـــي ديـسـمـبـر CLRN( » الــتــعــلــم بــكــالــيــفــورنــيــا في 95 (كـــانـــون الأول) المـــاضـــي، «لا يــــزال نــحــو المائة من مستخدمي (إنستغرام) يعتمدون على الهاشتاغات لاكتشاف محتوى جديد». الــدكــتــور حـسـن مـصـطـفـى، خـبـيـر التسويق الــرقــمــي والإعـــــ م الــجــديــد فـــي الإمــــــارات الـعـربـيـة المــــتــــحــــدة، قــــــال لـــــ«الــــشــــرق الأوســــــــــط» مــعــلــقــ إن «الــهــاشــتــاغ كـــان فــي الــســابــق أداة قــويــة لتنظيم المـحـتـوى وجـــذب الجمهور المستهدف. ولـكـن مع تــراجــع دعـمـه مــن قـبـل مـنـصـات مـثـل (إنـسـتـغـرام) و(إكــــــس) مـــن المــتــوقــع أن يـنـخـفـض دوره كعامل رئيس في زيادة الوصول». وذكر أن السبب يكمن في «تغيير خوارزميات هذه المنصات التي تركز بشكل أكبر على جودة المحتوى وتفاعله بدلاً من الاعتماد على الكلمات المفتاحية أو الهاشتاغات». مصطفى تـوقـع أيـضـ أن «يـظـل الهاشتاغ أداة ثانوية لتنظيم المحتوى بدلاً من كونه محركاً رئيساً للوصول، مع استمرار أهميته في بعض المــنــصــات مـثـل (تــيــك تــــوك) و(لـيـنـكـد إن)، حيث لا يــــزال يـشـكـل جــــزءاً أســاســيــ مـــن اسـتـراتـيـجـيـة الاستكشاف». وأضـاف أن «التسويق بالمحتوى الجيّد يعتبر من أفضل طرق الوصول والتفاعل المـــســـتـــدام، ومــــا زالــــت عـــبـــارة المــحــتــوى هـــو المـلـك تشكل حقيقة ماثلة». ومن Content is The King ثــــم، نَـــصَـــح الــنــاشــريــن «بــــضــــرورة الاعـــتـــمـــاد في الوصول للجمهور المستهدف على تحسيجودة المحتوى، من خلال تلبية احتياجات الجمهور، ليضمن بــذلــك تــفــاعــ ً، كـمـا أنـــه سيحصل على أولوية في الخوارزميات». مـصـطـفـى لــفــت أيـــضـــ إلــــى أهــمــيــة الـتـوجـه نحو الفيديوهات القصيرة والمحتوى التفاعلي، مــوضــحــ أن «(تـــيـــك تـــــوك) و(ريــــلــــز إنــســتــغــرام) أثبتا فعالية الفيديوهات القصيرة في الوصول لجمهور أوســـع». ولضمان استمرارية معدلات الوصول للخبار، رأى أن على الناشرين الاهتمام بـــ«تــحــســن اســتــراتــيــجــيــات تــحــســن مــحــركــات )، وكـــذلـــك الــتــعــاون مـــع المــؤثــريــن، SEO( الـبـحـث فضلاً عن تفعيل أداة الإعلانات المدفوعة... التي هي من العوامل المهمة في الوصول بشكل أسرع وأكثر استهدافاً». جــــديــــر بــــالــــذكــــر أن مــــنــــصــــات مــــثــــل «تـــيـــك تـــــــوك» لا تـــــــزال تــــولــــي أهـــمـــيـــة لـــــ«الــــهــــاشــــتــــاغ». ووفــقــ لـبـيـانـات صـــدرت عــن «جمعية التسويق ،)American Marketing Association( » الأميركية في أغسطس (آب) الماضي، فـإن المنشورات التي عـ مـات تصنيف على الأقـل 5 - 3 تحتوي على إلى تحقيق انتشار أكبر. وأردفـت أن «استخدام ) جمع ما For You (صفحة fyp# هاشتاغ مثل تريليون مشاهدة... ثم إن استخدام 35 يقرب من الهاشتاغ على «فيسبوك» أقل أهمية، وقد يحمل آثـــاراً تفاعلية متفاوتة مما يستلزم اتـبـاع نهج حذر واستراتيجي». مـــن جــهــتــه، فـــي لـــقـــاء لــــ«الـــشـــرق الأوســـــط» مـــع مـعـتـز نــــــادي، الــصــحــافــي المـــصـــري والمـــــدرب المـتـخـصـص فـــي الإعـــــ م الـــرقـــمـــي، قــــال نــــادي إن «ثمة تغييرات حثيثة تطغى على سوق الإعلام الرقمي وفضاء التواصل الاجتماعي، من ثم على الناشرين سرعة مجاراة التحديثات، لأن هذا من الأمور الحيوية التي يجب أن يلم بها الناشرون لضمان فعالية وصــول المحتوى الــذي يقدمونه إلى الجمهور المستهدف». وعــــــدّ نــــــادي تــحــقــيــق الـــتـــفـــاعـــل والــــوصــــول للخبار مهمة تتطلب التكيف والتطوير، مضيفاً أنـــه «يــجــب أن يــولــي الــنــاشــرون أهـمـيـة لتطوير القوالب التي تضمن الانتشار مثل الفيديو على (تـيـك تــــوك)، واتـــجـــاه الـفـئـات الأصــغــر سـنـ إليه للبحث عن المعلومة وفقاً لتقارير معهد رويترز للصحافة قبل نحو سنتي، مما يعني أنه على وسائل الإعـ م ومديري المحتوى على المنصات إدراك أهمية تلك المنصات بالتطور الـدائـم دون التوقف عند فكرة الهاشتاغات». وأشــار نــادي إلـى إمكانية تحسي معدلات الــــــوصــــــول مـــــن خـــــــ ل «فـــــــن اخــــتــــيــــار الـــكـــلـــمـــات فـــــي الــــعــــنــــاويــــن بــــمــــا يـــتـــنـــاســـب مـــــع الــــعــــبــــارات المـــتـــداولـــة لــضــمــان الــــوصــــول لأكـــبـــر قــــدر ممكن مــــن الـــجـــمـــهـــور عـــنـــد الـــبـــحـــث عــنــهــا عـــبـــر مـــواقـــع التواصل الاجتماعي». ومن ثم شدد على أهمية «الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والتطبيقات الـــــتـــــي بـــــاتـــــت المــــنــــصــــات تـــعـــتـــمـــد عـــلـــيـــهـــا، مــثــل (فيسبوك) و(واتساب) و(إكس)، لا سيما أن هذا الاتـجـاه سيشكل لغة خـوارزمـيـات المستقبل في نشر المحتوى». القاهرة: إيمان مبروك ًتساؤلات في أميركا وخارجها عما إذا كانت قد خضعت لترمب؟ شركات التكنولوجيا ووسائل الإعلام الليبرالية تتجه يمينا اسـتـقـالـت رســـامـــة الـكـاريـكـاتـيـر الأمـيـركـيـة -الـسـويـديـة الأصــــل- آن تيلنيس، الــحــائــزة على جــــائــــزة «بــــولــــيــــتــــزر»، مــــن عــمــلــهــا فــــي صـحـيـفـة «واشـــنـــطـــن بــــوســــت» خـــــ ل الأســــبــــوع المـــاضـــي، بـــعـــد رفـــــض قـــســـم الآراء فــــي الــصــحــيــفــة رســمــ كاريكاتيرياً يصوّر مالك الصحيفة، الملياردير جيف بيزوس مع مليارديرات آخرين من عمالقة التكنولوجيا، وهم ينحنون أمام تمثال للرئيس المنتخب دونـالـد ترمب. وفــور إعــ ن الخبر رأى كــثــيــرون أن الــواقــعــة الــجــديــدة تـخـتـصـر صـــورة المرحلة المقبلة في الولايات المتحدة. إعادة تموضع خــ ل الحملة الانتخابية الأخــيــرة، بعدما بدا أن ترمب يتجه إلى العودة مجدداً إلى البيت الأبــــيــــض، بــــدأ الــكــثــيــر مـــن مـــســـؤولـــي الــشــركــات الكبرى ووسائل الإعلام الأميركية، رحلة «إعادة تــمــوضــع» تـمـاشـيــ مـــع الــعــهــد الــثــانــي لـتـرمـب. وهــــو مـــا تُـــرجـــم بـــدايـــة بــامــتــنــاع وســـائـــل إعـــ م كانت دائماً تُعد رمزاً لليبرالية، مثل: «واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز»، عن تأييد أي من المرشحي الرئاسيي، فضلاً عن تغيير غرف التحرير في محطات تلفزيونية عـدة، ومراجعة الكثير من سياسات الرقابة والإشراف والمعايير الـنـاظـمـة لعملها، إلـــى إعــــادة الـنـظـر فــي تركيبة مجالس إدارات بعضشركات التكنولوجيا. وبعيداً عن انحياز الملياردير إيلون ماسك، مـالـك تطبيق «إكــــس»، المـبـكـر لـتـرمـب، واتـجـاهـه للعب دور كبير في إدارته المقبلة، كانت الاستدارة الـــتـــي طـــــرأت عــلــى بـــاقـــي المـــنـــصـــات الاجـتـمـاعـيـة والإعلامية مفاجئة وأكثر إثارة للجدل. خضوع سياسي أم تغيير أعمق؟ البعض قال إنه «خضوع» سياسي للرئيس الـعـائـد، فـي حـن عــدّه آخـــرون تعبيراً عـن تغيير أعمق تشهده سياسات واشنطن، لا يُختصر في ترمب، بل يشمل أيضاً كل الطبقة السياسية في الحزبَيْ الجمهوري والديمقراطي، وحتى المزاج الشعبي الذي أظهرته نتائج الانتخابات. فـــي بــيــانــهــا المــــوجــــز، قـــالـــت تـيـلـنـيـس الـتـي ،2008 تـعـمـل فـــي «واشــنــطــن بـــوســـت» مـنـذ عـــام إن قــرار الصحيفة رفــض رسمها الكاريكاتيري «مغيّر لقواعد اللعبة» و«خطير على الصحافة الــــحــــرة». وكــتــبــت: «طـــــوال ذلــــك الـــوقـــت لـــم يُـمـنـع رسم كاريكاتيري قط بسبب مَن أو ما اخترت أن أوجّـــه قلمي إليه حتى الآن». وأدرجـــت تيلنيس مــســوّدة مــن رسـمـهـا الـكـاريـكـاتـيـري فــي منشور على موقع «سبستاك»، يظهر بيزوس، مؤسس «أمــــازون» ومـالـك الصحيفة، مـع مؤسس شركة «ميتا» مــارك زوكـربـيـرغ، وســام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبـن إيه آي»، وباتريك سون شيونغ مالك صحيفة «لــوس أنجليس تايمز»، و«مـــيـــكـــي مــــــاوس» الـتـمـيـمـة المــؤســســيــة لـشـركـة «والت ديزني»، ينحنون أمام تمثال ترمب. وطـــبـــعـــ كـــــان مــــن الــطــبــيــعــي أن «يــخــتــلــف» ديفيد شيبلي، مـحـرّر الآراء فـي الصحيفة، مع تقييم تيلنيس، وبالفعل قال في بيان إنه يحترم كل ما قدمته للصحيفة، «لكن يجب أن يختلف مع تفسيرها لـأحـداث»، معتبراً قــرار منع نشر رسم الكاريكاتير «تفادياً للتكرار»، بعدما نشرت الصحيفة مقالات عن الموضوع. ... وزوكربيرغ يعود إلى أصوله بيد أن تزامن منع الكاريكاتير مع الخطوة الكبيرة التي اتخذتها شركة «ميتا» يوم الثلاثاء، عــنــدمــا أعـــلـــن مـــــارك زوكـــربـــيـــرغ أن «فــيــســبــوك» و«إنستغرام» و«ثريدز» ستُنهي عملية التدقيق في الحقائق من قِبل أطـراف ثالثة، قرأها العالم الــســيــاســي بـوصـفـهـا نـــوعـــ مـــن الاســـتـــســـ م؛ إذ قــــال زوكـــربـــيـــرغ فـــي مــقــطــع فــيــديــو نـــشـــره على «فـيـسـبـوك» إن «(مــيــتــا) ستتخلّص مــن مدقّقي الـــحـــقـــائـــق، وســتــســتــعــيــض عــنــهــم بــمــ حــظــات مجتمعية مشابهة لمنصة (إكـــس)»، وهـو ما رآه الـبـعـض «تـضـحـيـة بـقـيـم الــشــركــة عـلـى (مــذبــح) دونالد ترمب وسياسة (حرية التعبير)» للحزب الــجــمــهــوري الــجــديــد. بـالـنـسـبـة إلـــى المـحـافـظـن اليمينيي، الذين يعتقدون أن المشرفي ومدققي الحقائق ليبراليون بشكل شبه موحّد، واثقون بـــأن الـنـهـج الأكــثــر تـسـاهـً فــي تـعـديـل المحتوى ســيــعــكــس الــــواقــــع بــشــكــل أكـــثـــر دقــــــة، مــــن خـــ ل السماح بمجموعة أوسع من وجهات النظر. وعدّ هــؤلاء، ومنهم بريندان كـار الــذي اخـتـاره ترمب لإدارة لجنة الاتصالات الفيدرالية، قـرار «ميتا» انتصاراً. في المقابل، أعرب الليبراليون عن «فزعهم»، وعــــــدّوه «هـــديـــة لــتــرمــب والمـــتـــطـــرّفـــن فـــي جميع أنـحـاء الـعـالـم». وقــال معلقون ليبراليون إن من شأن خفض معايير التأكد من الحقائق من قِبل أكبر منصة فـي العالم يُـنـذر بمجال رقمي أكثر غرقاً بالمعلومات الكاذبة أو المضللة عمداً مما هو عليه اليوم. ابتعاد عن الليبرالية هـــــذا، ومــــع أنــــه مـــن غــيــر المــتــوقــع أن يـــؤدي قرار زوكربيرغ بالضرورة إلى تحويل الإنترنت إلـــــى «مــســتــنــقــع لـــأكـــاذيـــب أو الـــحـــقـــائـــق»؛ لأن الــخــوارزمــيــات هــي الــتــي تتحكم بـمـا يُـنـشـر في نـهـايـة المـــطـــاف. فـــإن قـــــراره يـعـكـس، فـــي الـــواقـــع، ابــــتــــعــــاد شـــــركـــــات الـــتـــكـــنـــولـــوجـــيـــا عـــــن الــــرؤيــــة الليبرالية لمحاربة «المعلومات المضلّلة». وهذه مسيرة بدأت منذ سنوات، حي تراجعت «ميتا» عـن التحقق مـن صحة الإعــ نــات من 2019 عــام عـن تعديل الادعــــاءات 2023 السياسيي، وعـــام .2020 الكاذبة حول انتخابات وحقاً، كـان إعـ ن يـوم الثلاثاء هو الأحـدث في سلسلة من تراجعات الشركة، واتجاهها نحو اليمي منذ إعـادة انتخاب ترمب. ففي الأسبوع الماضي، عيّنت الشركة الجمهوري جويل كابلان رئـيـسـ عـالمـيـ للسياسة، وعـيّـنـت، يـــوم الاثـنـن، دانا وايت، حليفة ترمب التي لعبت دوراً رئيساً خــ ل المـؤتـمـر الـوطـنـي للحزب الـجـمـهـوري، في مجلس إدارة الشركة. وفي السياق نفسه تضمّن إعـــ ن يـــوم الــثــ ثــاء نـقـل فـريـق الـثـقـة والـسـ مـة فـي الشركة مـن ولايــة كاليفورنيا «الليبرالية»، إلــى ولايـــة تكساس «الـجـمـهـوريـة»؛ مما يعكس دعــــوات مــن قـــادة التكنولوجيا اليمينيي مثل إيلون ماسك إلى تركيز الصناعة في بيئات «أقل ليبرالية» من «وادي السيليكون». ترمب ممثلاً للأكثرية فــــي مــطــلــق الأحــــــــــوال، مــــع أن كـــثـــيـــريـــن مـن الـنـقـاد والــخــبــراء يـــرون أن هـــذا التغيير يعكس بالفعل حقيقة ابتعاد شركة «ميتا» وغيرها من شركات ومواقع التواصل الاجتماعي عن الرؤية الـلـيـبـرالـيـة للحوكمة الـرقـمـيـة، لكنهم يشيرون إلــى أنــه ابـتـعـاد مـدفـوع أيـضـ بالقيم الأساسية للصناعة التي جرى تبنيها إلى حد كبير، تحت الإكراه، استجابة للحظات سياسية مشحونة. ومــــــع تـــــحـــــوّل تــــرمــــب تـــدريـــجـــيـــ مـــــن كـــونـــه متطفلاً دخيلاً على الحياة السياسية الأميركية، إلـــى المـمـثـل الأبــــرز لـأكـثـريـة الـتـي بـاتـت تخترق كل الأعـراق -وليس فقط البيض- فقد بدا أن هذا النهج الذي يشبه نظام المناعة بات أقل ملاءمة، وربـمـا، بالنسبة إلـى شركات مثل «ميتا»، أكثر ضرراً سياسياً وأقل ربحية. إيلون ماسك(رويترز) واشنطن: إيلي يوسف ماركزوكربيرغ (أ.ب) آن تيلنيس(جائزة بوليتزر)
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky