7 كتاب BOOK Issue 16845 - العدد Friday - 2025/1/10 اجلمعة ASHARQ AL-AWSAT الــســوريــن بـأهـمـيـة االتّـــفـــاق. األســــــد رجـــــل واقـــــعـــــي، وغــيــر مأخوذ باآليديولوجية التي يستغلها بذكاء كبير. ال شك أنه سيغيِّر موقفه بعد أربعة أسـابـيـع عـلـى حــد أقـــصـــى». أصـغـيـت إلـى إجـــابـــات شـولـتـز بـاهـتـمـام، غـيـر أنــنــي لم أقتنع. نيوب الليث: بين فكّي األميركيين والسوريين كـانـت ال تـــزال الــدبّــابــات اإلسرائيلية تَـــجـــوب شــــــوارع بــعــبــدا الـــضـــيّـــقـــة، عـنـدمـا 1983 قصدت دمشق في الثاني من مايو لــتــقــديــم عــــرض كـــامـــل لــلــرئــيــس الـــســـوري حــــافــــظ األســـــــد عــــن مــــشــــروع االتّــــــفــــــاق. ال حاجة لالستفاضة فـي األهمية التي كنا نعلّقها على هــذا االجـتـمـاع، يكفي القول إن جميع املعنيي باملسألة اللبنانية كانوا على يقي بأن فرص نجاح تنفيذ االتّفاق ستتضاعف، إذا وافق عليه األسد. أما في حـــال لــم أنــجــح فــي إقـنـاعـه بـــه، كـمـا كانت تؤشّر كل املعطيات اآلتية من دمشق، فهذا كان يعني أن مشروع االتّفاق سيدخل في نفق طويل، تتساوى فيه على األقل فرص النجاح والفشل، وإن كنا نعوّل على وعود الدولة العظمى التي قال وزير خارجيتها األكاديمي الذي يُفترض أن يبني معطياته على وقائع ثابتة وواقعية، إن لديه منها مـــا يـجـعـلـه يـعـتـقـد أن بــإمــكــانــه أن يُــقـنـع األســــد، حليف االتّـــحـــاد الـسـوفـيـاتـي، لكن املستقل الــقــادر على اتّــخــاذ قـــراره بمعزل عن نيات موسكو. ركــبــت الـطـوافـة الـعـسـكـريـة الـتـي كـان يـقـودهـا ابــن عمي العقيد عبد الـلـه سالم من مقر وزارة الدفاع في اليرزة، وبرفقتي املـسـتـشـار الــرئــاســي جـــان عبيد والعميد الركن عباس حمدان. فقد كنت أستحسن أن أصـــــطـــــحـــــب جـــــــــان مـــــعـــــي لــــ جــــتــــمــــاع بالرئيس األسد لعمق الصداقة الشخصية بينهما. وكـثـيـرًا مــا كـــان جـــان يـعـلّــق على أسلوبي بالعمل أو بالتعاطي مع الناس أمـــــام األســــــد، بـكـلـمـات ظــريــفــة ذكـــيـــة على عادته، ودائمًا بهدف تحسي العالقة بي لـبـنـان وســوريــا مــن زاويــــة إدخــــال العامل الشخصي فيها (...) طــــرنــــا بــــاتّــــجــــاه عـــاصـــمـــة األمــــويــــن مستعيدًا في ذاكرتي األكاديمية معاوية بن أبي سفيان، في رحلة استغرقت نحو ثالثي دقيقة، حطّت بعدها الطوافة في مـطـار املـــزّة حيث استقبلنا الـوزيـر خــدّام وعــــــدد مــــن كـــبـــار املـــســـؤولـــن الـــســـوريـــن. وأقلّني خدّام بسيارته الخاصة، وهي من نـوع مرسيدس مصفّحة ضـد الـرصـاص، إلـــى مـقـر الــرئــاســة الـــســـوريـــة. استقبلني الرئيس األسـد، الـذي حرص منذ اللحظة األولـــــى عـلـى إشـــعـــاري بــالــود إلـــى أقـصـى حدّ، على الصعيد الشخصي، وبالتشدّد إلى أقصى حد، على الصعيد السياسي. قدّمت له عرضًا مفصّال ملختلف القضايا الــتــي نــشــأت أثـــنـــاء املـــفـــاوضـــات، مـتـطـرّقـ إلى الخلفية التي خضنا املحادثات على أساسها، واألهـــداف التي رسمناها، منذ الــبــدايــة. وأوجــــــزت املــطــالــب اإلسـرائـيـلـيـة التي رفضناها بـإصـرار، منذ ورود ورقة شــــارون الـتـي مــا فتئت تظهر بــن الحي والـــــحـــــن، إلــــــى أن أســـقـــطـــنـــاهـــا نـــهـــائـــيـــ. كـذلـك وضـعـتُــه بالتفصيل على مـــداوالت اجـتـمـاعـاتـنـا املــطــوّلــة بــالــوزيــر األمـيـركـي جــــورج شــولــتــز. وقـــلـــت لـــه إن الـنـصـوص الــــتــــي ســـأعـــرضـــهـــا عـــلـــيـــه ال تـــــــزال أولـــيـــة وقـــيـــد الـتـمـحـيـص والـــــــدرس مـــن جـانـبـنـا ومـــن الـجـانـب اإلسـرائـيـلـي، وإنــنــا نتوقّع التوصّل إلى نص موحّد خالل أسبوع أو أسبوعي. قــــــرأت وشــــرحــــت لـــه مـــقـــدّمـــة االتّـــفـــاق املقترحة التي نعتبر فيها أن حالة الحرب انتهت بي لبنان وإسرائيل، فسألني: «هل لـبـنـان مــلــزم، بنتيجة ذلــــك، بـاالنـسـحـاب مــن مـعـاهـدة الـــدفـــاع الـعـربـي املــشــتــرك؟»، فــأجــبــتُــه بــالــنــفــي. ثـــم قـــارنـــت الـتـرتـيـبـات األمـنـيـة الـــــواردة فـيـهـا، بـتـرتـيـبـات اتّــفــاق ، وكـذلـك األمـر 1949 الـهـدنـة املـعـقـود سنة بالنسبة إلى وصف مهمة لجنة االتّصال املشتركة وأعـــداد الـقـوات العسكرية التي لها الحق باالنتشار في املنطقة الحدودية وأنواع األسلحة املسموحة فيها، واملسائل املحيطة بهذه املسألة. كان األسد يصغي إلـــى عـرضـي بـانـتـبـاه الفـــت، واستوقفني مــــرات عــــدة، ال سـيـمـا لـــدى ذكـــر تفاصيل متعلّقة بـالـقـضـايـا الـعـسـكـريـة واألمـنـيـة. وبــمــا أن األســــد كــــان طـــيـــارًا مـــقـــاتـــ ً، فقد أبــــدى اهـتـمـامـ خــاصــ بــنــواحــي االتّـــفـــاق املـتـعـلّــقـة بــاملــجــال الـــجـــوي، وتـــوقّـــف عند الـتـرتـيـبـات األمـنـيـة الـقـريـبـة مــن الــحــدود الــســوريــة. وأعــــرب عــن اسـتـغـرابـه لرفض إســـرائـــيـــل الــســمــاح لـــقـــوّات «الـيـونـيـفـيـل» بأن تنتشر في املنطقة األمنية. كما سأل: «هل سيعطي االتّفاق الطيران اإلسرائيلي حق التحليق فـوق األراضــي اللبنانية؟»، فـــأكّـــدت لـــه أن االلـــتـــزام الــدقــيــق بــاالتّــفــاق يـمـنـع الــــقــــوّات اإلســرائــيــلــيــة مـــن اخـــتـــراق أراضينا، برًا وبحرًا وجوًا. ظهر عليه ارتياح سرعان ما بدا أنه عابر، عندما بدأ األسد يستعرض موقف ســـوريـــا بــشــأن مـــســـودة االتّــــفــــاق. اسـتـهـل حديثه بـالـقـول إنــه يتعاطف مـع موقفنا ويـــقـــدّر ظـروفـنـا الـصـعـبـة، غـيـر أن وجهة نظره تختلف عن وجهة نظرنا. واستعاد قــــول الــرئــيــس الــجــمــيّــل لـــه فـــي نـيـودلـهـي «إن سـوريـا تستطيع أن تعيش مـن دون مـرتـفـعـات الـــجـــوالن، ومــصــر بـــ سـيـنـاء، أمـــا لـبـنـان فـــ يستطيع الــبــقــاء مـــن دون الــعــاصــمــة واملــنــطــقــة الـــواقــعــة جـنـوبـهـا». وأضــــــاف: «هــــذا غــيــر صــحــيــح. فــلــكــل بلد مشاكله وتحدّياته وأثناء الحرب يتكتّل الـــنـــاس ويـــتّـــحـــدون». وانــتــقــل فـــي حديثه إلــــــى الـــتـــمـــهـــيـــد لـــفـــكـــرة رفــــــض الـــتـــفـــاوض واالتّـــــفـــــاق مـــع إســـرائـــيـــل واالنـــــخـــــراط في مقاومتها عسكريًا، قـائـ إنــه ال يصدّق أن إســـرائـــيـــل تـسـتـطـيـع أن تــقــسّــم لـبـنـان وتــنــشــئ دويــــــ ت طــائــفــيــة صـــغـــيـــرة، ألن مــجــرّد الـتـفـكـيـر بتقسيم لـبـنـان ســيــؤدّي إلـــى حــــرب إقـلـيـمـيـة لـهـا تــداعــيــات دولـيـة خطرة. ليخلص إلى القول: «اللبنانيون، إذا اتّـــــحـــــدوا، يــســتــطــيــعــون أن يــخــرجــوا إسرائيل. النضال فقط هو ما يحرّر األمم. نـحـن حــرّرنــا ســوريــا مــن العثمانيي، ثم مـــن الــفــرنــســيــن، ولــــم يــكــن عــنــدنــا جيش كبير. اآلن لدينا جيش قوي وبوسعنا أن نفعل أكثر. التحرير عمل الشعب؛ وإنما يستغرق وقتًا أطــول ويتطلّب تضحيات أكــثــر». ولـبـاقـة مـنـي لــم أذكّــــره بـالـتـاريـخ، فــهــو لـــم يـــحـــرّر ســـوريـــا مـــن الـعـثـمـانـيـن، بــل الـحـلـفـاء فــي الــحــرب الـعـاملـيـة األولــــى. والرجوع إلى التاريخ خطير مع الرئيس األســــد إذ إن اجــتــهــاده فـــي هـــذا املــجـــال ال يـلـتـزم تـمـامـ بــواقــع األمــــور، والـبـحـث في التاريخ معه يجُرُّك إلى مجاالت تتجاوز اتّفاقنا األمني مع إسرائيل. أسوأ من «كامب ديفيد» بـــعـــد ذلـــــك شـــــــدّد عـــلـــى أن إســـرائـــيـــل غـــيـــر قـــــــادرة عـــلـــى الـــبـــقـــاء فــــي لـــبـــنـــان إلـــى مــــا ال نـــهـــايـــة، ألن انـــتـــشـــار قـــواتـــهـــا فـيـه مُكْلف، واقتصادها على حافة اإلفــ س، واملـسـألـة مـسـألـة: «عـــض عـلـى األصــابــع»، إسرائيل تؤملكم وأنتم تؤملونها. عليكم أن تتحمّلوا األلم. العرب كلّهم معكم. عليكم أال تتعاملوا مع إسرائيل. حسني مبارك نفسه لم يقبل بزيارة إسرائيل. هو إنسان طيب، أعرفه جيدًا. وهو ليس مسؤوال عن كامب ديفيد. «ثم تساءل قائالً: ما حاجة لــبــنــان إلــــى اتّـــفـــاق مـــع إســـرائـــيـــل؟ مـوقـفـه قــــــوي، وحـــكـــومـــتـــه تــتــمــتّــع بـــدعـــم وطــنــي واســع، وهـي محترمة في العالم العربي، وضع لبنان أقـوى من سوريا وإسرائيل. إسـرائـيـل لــم تـــأت ملـحـاربـة لـبـنـان، فلماذا عليه أن يـدفـع الـثـمـن؟»، كــان طـلـب األسـد واضحًا: عليّنا أال نتفاوض مع إسرائيل بشأن احتاللها ألراض لبنانية، ألن هذا االحــــتــــ ل مــخــالــف ملـــســـار الـــتـــاريـــخ. كــان األســـد يـحـب دائــمــ الــعــودة إلـــى الـتـاريـخ. علينا بـرأيـه أن نقاتل ونـقـاوم مهما كان الثمن غاليًا على مختلف الصعد. أجبتُه من زاوية القلق على تداعيات وجــــــــود اإلســــرائــــيــــلــــيــــن عــــلــــى الـــتـــركـــيـــبـــة اللبنانية والدور التخريبي الذي يلعبونه مــــع الـــفـــئـــات الـــلـــبـــنـــانـــيـــة لـــنـــاحـــيـــة تــألــيــب بعضها على البعض اآلخـــر، فـي بيروت والجبل والجنوب والضاحية الجنوبية مــــن بــــيــــروت. وأضـــــفـــــتُ: «أنــــــا خـــائـــف مـن ســــيــــاســــتــــهــــم، إنـــــهـــــم يــــحــــتــــلّــــون األرض، ويتدخّلون بي اللبنانيي. إن هوية لبنان الــوطــنــيــة ال تـــــزال ضــعــيــفــة، لـــذلـــك ســوف يستغلّون هــذا األمـــر، وكـلـّـمـا بـقـوا عندنا أكثر، كلّما تغلغلوا في نسيجنا الطائفي أكثر. هـذا فضال عن عالقاتهم مع القوى السياسية وكبار السياسيي اللبنانيي، وبـعـضـهـم مــن أتـبـاعـكـم، يـجـتـمـعـون ســرًّا وعـلـنـ مــع شــــارون، ويـدعـونـه إلـــى تـنـاول الـعـشـاء فــي بيوتهم أو حـتـى فــي مطاعم بــــيــــروت الــــفــــاخــــرة. لـــــذا يـــجـــب أن نـــحـــاول إخـراجـهـم قـريـبـ، قـبـل أن يتعمّقوا أكـثـر. انــــظــــر مــــــــاذا يـــفـــعـــلـــون فـــــي الـــــــجـــــــوالن، ال يمكننا أن ننتظر الـتـاريـخ. لقد اكتشفنا اإلســرائــيــلــيــون كــوجــهــة ســيــاحــيــة، وهـــذا ال يُــحـتـمـل. إنّــهــم فــي بـــيـــروت، ولــيــس في الجوالن. بيروت هي القلب، والجوالن هو الذراع. لذلك يجب أن نتفاوض، إذا قاتلنا سنخسر ولن يرحمنا التاريخ». أصــــغــــى األســـــــد بــــانــــتــــبــــاه، لـــكـــنّـــه لـم يغيّر موقفه. جلست وتـحـدّثـت معه ملـدّة ساعتَي أو ثالث أو أربـع ساعات، ذهبت إلـى املرحاض خاللها ثـ ث مــرّات، ألعود في كل مرّة وأجده في مكانه الذي كان فيه. لــم يـتـحـرّك مـطـلـقـ ، مـحـافـظـ عـلـى طريقة جلوسه الشهيرة. في املرة الثالثة، سألتُه: - كيف يعقل أنّك، خالل ذهابي ثالث مرّات، لم تتحرّك؟ - يا دَكتور! ال تنس أنّني طيّار مقاتل. - ماذا؟ لديك عبوة مخفية؟ - ضــحــك وضـــحـــك مـــن كــــل قــلــبــه، ثم أردف: أنــــت تـــعـــرف، أنــــه مــنــذ زمــــن بعيد هـــنـــاك بــــ د الــــشــــام، وتــشــمــل هــــذه الــبــ د لــــبــــنــــان وفــــلــــســــطــــن وســـــــوريـــــــا واألردن وأجزاء من أراضي ما بي النهرَين، دجلة والفرات (العراق حاليًا)، واعتُبِرَت دمشق الـــعـــاصـــمـــة الـــوطـــنـــيـــة والــطــبــيــعــيــة لــهــذه الـــبـــ د. كـــان األمــــر كــذلــك، وأكــثــر فــي أيــام األمويي. ال نحب االدّعـاء كثيرًا، إنّما في هذه البالد، يجب أن تُتّخذ القرارات األكثر أهمية فـي دمـشـق، أو يجب على األقــل أن تحظى بموافقتنا دائمًا. (...) انتقل األســد بعدها إلـى انتقاد الــــــواليــــــات املــــتّــــحــــدة لـــــدورهـــــا فــــي الـــدفـــع باتّجاه التوصّل إلـى اتّــفـاق مـع إسرائيل مقابل انسحاب قـوات األخيرة من لبنان، معتبرًا أن االنسحاب يجب أن يكون فقط .425 فـــي إطـــــار قـــــرار مــجــلــس األمـــــن رقــــم وأضاف: «إذا حقّقت إسرائيل مكاسب في لبنان، فـإن الجيش الـسـوري لن ينسحب منه. والقول إن خروج القوات اإلسرائيلية يخفّف الضغط على سوريا في لبنان، ال معنى له. إن الجيش اإلسرائيلي في لبنان ال يخيفني. لـذلـك ينبغي عــدم استعمال انسحابه كوسيلة إلقناعي باملوافقة على اتّفاق ال أؤيده». استمر الرئيس السوري بالتصعيد فــي مـضـمـون كــ مــه، مـحـافـظـ فــي الـوقـت نفسه على نبرته الـهـادئـة. ولعل عبقرية حـافـظ األســـد تتمثّل بـقـدرتـه عـلـى إعــ ن أســوأ املـواقـف بألطف الوسائل، وقلت له إن أسلوبه يذكّرني في ذلك اليوم بالقول الشهير ألبي الطيِّب املتنبي: «إذا رأيــــــت نـــيـــوب الــلــيــث بــــــارزة فال تظنن أن الليث يبتسم» عــنــدمــا ســمــع هــــذا الـــبـــيـــت، «كَــــيَّــــف»، وضــحــك كــثــيــرًا، لـكـن كـلّــمـا ازداد ضحكه ازداد تصلّبه. هنا قــال الرئيس السوري بـنـبـرتـه الــهــادئــة إيّـــاهـــا مــا يقطع كـــل أمـل في أن أتمكّن من إقناعه بمهادنة االتّفاق على األقـل: «إن ما يقوم به لبنان في هذا االتّــــفــــاق أســـــوأ مـــن كـــامـــب ديـــفـــيـــد. إنــهــاء حـالـة الـحـرب يعني الـسـ م. نحن قطعنا عالقاتنا مع مصر، ألنها عقدت معاهدة ســـــ م مــــع إســــرائــــيــــل. لـــذلـــك ال يــمــكــن أن نختلف مع مصر، وأ نختلف معكم». أعـــدت مـحـاولـة شــرح نـقـاط أساسية صــــرف الــنــظــر عــنــهــا، لـكـنـهـا عــلــى درجـــة كـبـيـرة مــن األهـمـيـة بالنسبة إلـيـنـا، وقـد اقتضت منا أشهرًا من املفاوضات الشاقة مع إسرائيل. كانت مهمّة بالنسبة إلينا، لكنها لــم تـكـن كــذلــك بالنسبة إلــيــه، لكن عبثًا أحـاول، فمفهومه مختلف، ووضعه مـــخـــتـــلـــف، وأولــــــويــــــاتــــــه مـــخـــتـــلـــفـــة. وهــــو بالتأكيد لن يتساهل معنا. أما اللقاء مع خدّام، فلم يكن بالهدوء نـــفـــســـه. لـــقـــد أخـــــذ عـــلـــى عـــاتـــقـــه الـتـعـبـيـر عــن مـوقـف األســـد بـأكـثـر الــعــبــارات عُنفًا، وحذّرني وهدّدني وذكّرني بالحجّاج بن يــوســف ذي «املـــآثـــر» فـــي الـــعـــراق. بعدما تـعـرّفـت إلــى خـــدّام وإلـــى طـرقـه وخلفياته وأسلوبه، تحضّرت جيدًا للّقاء معه، كما يـنـبـغـي الجــتــمــاع عـلـى مـسـتـوى عــــال من الدقة والحساسية بي وزيرَين للخارجية لـدولـتَــن مـتـجـاورتَــن تــتــداوالن فـي أمـور مصيرية. أعـــدت عليه بعض االعـتـبـارات التي سبق أن عرضتها معه في اجتماعنا الـسـابـق فــي لــنــدن، وبــعــض األفـــكـــار التي قــدّمــتــهــا لـلـرئـيـس األســـــد، رغــــم اقـتـنـاعـي بعدم جدوى املحاولة بعد املوقف الواضح الذي تبلّغتُه من الرئيس السوري. األسد: «ما يقوم به لبنان في هذا االتّفاق أسوأ من كامب ديفيد... إنهاء حالة الحرب يعني السالم» > اللقاء مع خدّام لم يكن بالهدوء نفسه... أخذ على عاتقه التعبير عن موقف األسد بأكثر العبارات عُنفا وحذّرني وهدّدني وذكّرني بالحجّاج بن يوسف > (غيتي) 1983 وزير الخارجية األميركي جورج شولتز متوسطا رئيس الحكومة اللبنانية شفيق الوزان والوزير إيلي سالم في القصر الرئاسي ببعبدا عام (غيتي) 1983 الرئيسان أمين الجميل وحافظ األسد خالل قمة عدم االنحياز في نيودلهي عام شولتز: «السوفيات يعرقلون. هم قادرون على خربطة األمور، لكنهم غير قادرين على إنجاز اتّفاقات بين إسرائيل والدول العربية. أما أميركا فبمقدورها ذلك. لذا سيحاولون إفشال مهمتنا، لكننا لن نسمح لهم بذلك»
RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==