issue16843

OPINION الرأي 12 Issue 16843 - العدد Wednesday - 2025/1/8 األربعاء وكيل التوزيع وكيل االشتراكات الوكيل اإلعالني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] املركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 املركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى اإلمارات: شركة االمارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 املدينة املنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب األولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية املوجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها املسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة ملحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي باملعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com ال يطمئن السوريّين إ ّ... وطنيّتهم السوريّة قضت ظــروف تاريخيّة، ال يتّسع املـجـال هنا لــعــدّهــا، بـكـبـت الــوطــنــيّــة الـــســـوريّـــة ووضــعــهــا بني مزدوجني. فسوريّا، «قلب العروبة النابض»، غدت في اللغة البعثيّة الشهيرة «قُطرًا». وكان هذا الدمج لــ»األكـثـر» و»األقـــلّ» كاشفًا في ما يخص مصاعب البناء الوطنيّ. والحال أن ما فعله البعثيّون واألسديّون على نطاق موسّع، وُجـدت مقدّمات له في تاريخ سابق عليهم جسّدها عديد األحداث والتطوّرات. وفي الخلفيّة أن منطقة املشرق، على عمومها، صنعت وجهة واستقبلت وجهةً، وكانت الوجهتان املـتـاحـقـتـان مــدمّــرتــ : األوّلـــــى، االنــتــقــال، بقيادة الراديكاليّني والضبّاط، من عروبة ثقافيّة تُحبّب بالوطن ضـدًّا على الـوحـدة العثمانيّة، إلـى عروبة ســـيـــاســـيّـــة ونـــضـــالـــيّـــة تُــــكــــرّه بـــــاألوطـــــان بـوصـفـهـا صنيعة سايكس بيكو. والثانية مدّتنا بها الحرب الــــبــــاردة الـــتـــي عــمّــمــت فـــكـــرة مــفــادهــا أن الـوطـنـيّــة تقتصر على «مناهضة اإلمبرياليّة» واالصطفاف وراء االتّحاد السوفياتيّ. ورغم محاوالت قليلة لبلورة وطنيّة سوريّة، أقـدم عليها بعض األعـيـان البرملانيّني في سنوات حكمهم القليلة، ظـل نـزع السوريّة عن سـوريّــا هو السائد. بالحرج من 1961 » فحينما أحس «انفصاليّو جرّاء إنجازهم االستقلل عن «دولة الوحدة»، بات اسم جمهوريّتهم «عربيّة سوريّة»، فكأنّهم جعلوا «السوريّة» تستتر بـ»العربيّة». قــــبــــلــــذاك قُــــــــــدّم الــــنــــضــــال االســـــتـــــقـــــالـــــي ضــــد الفرنسيّني بوصفه هـدفـ قـومـيّــ للعروبة قبل أن يـكـون هـدفـ وطـنـيّــ لـسـوريّــا. أمّـــا النشيد الوطني الذي صوّر البلد بوصفه «عرين العروبة»، فاحتفل بـ»الوليد» (خالد) وبـ»الرشيد» (هارون)، ولم يذكر رمـــزًا تاريخيًّا واحـــدًا وُلـــد فـي املساحة الجغرافيّة ، مع 1946 التي باتت تُعرف بسوريّا الحديثة. وفي الـجـاء، أعلن شكري القوتلي، رئيس الجمهوريّة يــومــذاك، أنّـــه ينحني لعلم بـلـده فـي انـتـظـار اليوم الـــذي ينحني فيه لعلم الــدولــة الـعـربـيّــة املــوعــودة. هـكـذا اقـتـرنـت مناسبة الــــوالدة بــإعــان أن املـولـود مؤقّت وزائـــل، وهــذا غير مألوف في أعياد امليلد. لكن في الخمسينات، عندما استضعف السوريّون أنــفــســهــم، واسـتـضـعـفـهـم ســـواهـــم، وغــــدت بــادهــم سـاحـة لــصــراع مــصــري – عـــراقـــيّ، كـــان الــحــلّ، غير املسبوق تاريخيًّا، إقدام الضبّاط على إهداء سوريّا إلـى مصر الناصريّة وإقامة «الجمهوريّة العربيّة املتّحدة». مـــا أضـــافـــه الــبــعــثــيّــون واألســـــديّـــــون إلــــى تلك املقدّمات كثير وبالغ الضرر. فعلى أيديهم صارت ســــوريّــــا مــحــض وظــيــفــة اســـتـــراتـــيـــجـــيّـــة، ال تُــحـكـم داخليًّا إال بالقمع، وال تُدار علقتها مع جوارها إال بالعدوانيّة. وإذ جُعلت الـدولـة أداة قهر ومصفاة تـمـيـيـز، استفحلت قـــوّة االنــتــمــاءات األهــلــيّــة التي تكفّلت، هي األخرى، بامتصاص ذاك القليل املتوفّر مــن الـوطـنـيّــة الـــســـوريّـــة. ثـــم مـنـذ الـثـمـانـيـنـات، مع تحوّل اإلسلميّني الطرف املعارض األبرز لألسديّة، أضيف تغييب سوريّا في «أمّــة اإلســام» الوهميّة إلــى تغييبها األقـــدم عـهـدًا فـي «أمّـــة الـعـرب» األشــد وهميّة. واألمـــــر قـــد يــكــون سـبـبـيّــ وقــــد ال يـــكـــون، لـكـن إضعاف الوطنيّة السوريّة تــازم، أقلّه منذ وحدة ثم نظام البعث، مع عقيدة قويّة بلغت ذروة 1958 ، وهذا قبل أن يحكم البلد، 1970 - 1966 قوّتها إبّان ، زعيم قوي هو حافظ األسد. 1970 ابتداء بـ أمّا النجل بشّار، بشخصه وسلوكه ودمويّته، فكان الثمرة العجفاء األهـم ملسار تغييب الوطنيّة الـــســـوريّـــة، ولـحـجـب الــســوريّــ تـالـيـ . فــضــدًّا على ،1963 ، ثـم منذ 1961 – 1958 العهود السابقة فـي وتـــتـــويـــجـــ ملـــســـارهـــا االنـــحـــطـــاطـــي املــــديــــد، فــرغــت الـجـعـبـة تـمـامـ مــن الـعـقـائـد الــقــويّــة ومـــن الـزعـمـاء األقـــويـــاء، وبـــات ضـعـف الـوطـنـيّــة الـتـقـلـيـدي يمثُل عاريًا بل إسناد أو حجّة أو تعويض. وربّما كان فـي هـذه النهاية الصِفريّة التي جسّدها بـشّــار ما يفسّر بعض أسباب سقوط عامله املجوّف. أمّا باقي الثمار العجفاء التي اقترنت به فكان منها خضوع البلد الحتلالت عدّة، وتحوّل سجونه إلى مسالخ ومقابر جماعيّة وتغييب لعشرات آالف السكّان، في املئة من السوريّني إلى ما دون خط 90 وهبوط الفقر، والتردّي املريع في علقة سوريّا بـ «األشقّاء» الذين أريد استتباعهم وإخضاعهم، أو أريد غزوهم بالكبتاغون. أمّــا آيديولوجيا الصمود واملقاومة الـتـي مـارسـهـا، بـقـدر مــن الــتــفــاوت، حــكّــام ســوريّــا، فـانـتـهـت انــهــيــارًا فـضـائـحـيّــ للسلطة، وللسيطرة على األجـواء والسواحل، وتدميرًا للبنية التحتيّة العسكرية. وتمثّلت الهزيمة األكبر لـ»ثقافة النظام» فـــي ظــهــور قـطـيـعـة كـامـلـة بـــ الـــســـوريّـــ وشـهـيّــة الصراع اإلقليمي الذي لم يأت عليهم بغير املآسي. بـمـعـنـى آخــــر، شــكّــل اإلفـــــاس الــشــامــل الــطــور الثاني مـن كبت الوطنيّة الـسـوريّــة، بعدما ارتبط الطور األوّل بزعيم أو بعقيدة فاسدين إنّما قويّني. واليوم قد يجد البعض ما يغريهم في الرد على الصِفريّة البشّاريّة من خلل زعيم وعقيدة قويّني يكونان نقيض االفتقارين اللذين انطوى عليهما الرئيس الساقط. لكن هذا سيكون ردًّا على النتيجة ال على السبب، وعلى لحظة االهـتـراء والتداعي ال على كـامـل الـسـيـاق الـــذي انتهى بـه انحطاطه إلى تلك اللحظة. فالرد والتجاوز الفعليّان ال يكونان إال بإعادة تأسيس سوريا بوصفها وطنًا للسوريّني، يساوي بينهم ويعترف بخصوصيّاتهم، وال ينتج عقيدة أو زعيمًا قويّني كائنني من كانا. فالوطنيّة السوريّة هي وحدها النقيض املانع لهذين الخطرين، وللخواء على املـذهـب البشّاري الذي يقيم في فصليهما األخيرين. وهذا ما يطمئن السوريّني وما يستحق أن يقود سعيهم. حازم صاغيّة شكّل اإلفالس الشامل الطور الثاني من كبت الوطنيّة السوريّة سوريا... والهستيريا منذ فــرار بشار األســد هناك حـالـة هستيرية حـيـال ســوريــا، ســـواء مــع أو ضـــد. فـهـنـاك مشاعر إعجاب تتحسس من امللحظة والنقد، مثلما هناك هستيرية في النقد، والتصيد، والتصعيد، وبلغت حدًا ملفتًا من االنحدار. يـحـدث كـل ذلــك رغــم أن الـيـوم يـصـادف مـرور شـهـر عـلـى فــــرار األســــد مـــن دمــشــق إلـــى مـوسـكـو، ووصول اإلدارة السورية الجديدة للحكم. صحيح أن أسبوعًا يعد وقتًا طويل في السياسة، لكن ما نحن بصدده مختلف تمامًا. كنت، وما زلـت، على قناعة بأن ال تشابه في الـحـاالت السياسية فـي منطقتنا، ومـنـذ «الربيع العربي»، حيث سقوط األنظمة، ورحيل من رحل مـن الــرؤســاء، إال فـي بعض األخــطــاء املـتـكـررة من التوقيت، وجدية التحرك، لكن ال يوجد «كتالوج» موحد للمنطقة. سـوريـا بحد ذاتـهـا حالة مختلفة، مـن جدية ثـــورتـــهـــا إلـــــى عـــمـــق مـــعـــانـــاتـــهـــا، وحــــجــــم الــــدمــــار املؤسسي فيها بسبب فساد األســد، األب واالبــن، ثم ما لحق بها من دمار وخـراب، وتدمير ممنهج للنسيج االجتماعي طوال أربعة عشر عامًا مضت بسبب التدخل اإليراني. اليوم هناك هستيريا مطالبات، وانتقادات، وتــأجــيــج وتـضـلـيـل مـمـنـهـج، بـــل وطــعــن بـــــاإلدارة الــجــديــدة، وكــذلــك هـنـاك احـتـفـاء هــو أقـــرب للحلم حـــول ســوريــا الــجــديــدة، ونـظـامـهـا الــحـالــي، الــذي سيكون، والحقيقة أن ال هذا مطلوب، وال ذاك، بل مزيد من العقلنية والوعي، والتواضع. املـطـلـوب الــيــوم هــو دعـــم ســـوريـــا، وااللـتـفـاف حولها، والقول علنًا إن الجميع سيلتزم باألفعال وليس األقوال. ويجب أال نغر في قصة «األقليات»، فاألهم هو الوطن واملواطنة، واملؤسسات الضامنة لذلك. األهم اليوم هو أن سوريا بيد أهلها، ويجب أن يقبل الجميع بما يقبله الـسـوريـون ألنفسهم، ودون أوهام العودة اإليرانية، أو تأجيج األوضاع، فمن مصلحة املنطقة، واملجتمع الدولي، أن تكون سوريا مستقرة وناجحة. مـــــن مـــصـــلـــحـــة الـــجـــمـــيـــع أن تـــــكـــــون ســــوريــــا شـريـكـ ، ولـيـس وكــر مــؤامــرات ومـطـامـع إقليمية، وأيـــــدولـــــوجـــــيـــــة. وال يـــمـــكـــن مـــطـــالـــبـــة «الـــبـــعـــض» لــلــســوريــ بــإنــجــاز مـــا لـــم يــنــجــزوه هـــم أنـفـسـهـم فــي دولـــهـــم، واألمــثــلــة كـثـيـرة. مــثــاً، ال تـكـن نتاج مــحــاصــصــات طــائــفــيــة، ومـيـلـيـشـيـات، وتـحـاضـر السوريني. هذا غير مقبول. كـــمـــا ال يـــمـــكـــن مـــطـــالـــبـــة أحــــمــــد الـــــشـــــرع اآلن بضرورة إنجاز كل شيء بنفس اللحظة، وهو ما لـم ينفذه األســـد طـــوال حكمه، بـل وكـــان هـنـاك من يـبـرر لــه رغـــم كــل جــرائــمــه. الــيــوم علينا املـشـاركـة والـــدعـــم لـتـأكـد أن عـربـة اإلصــــاح واالســتــقــرار قد انـطـلـقـت، وذلـــك أجــــدى، وأرقـــــى، مــن الـهـجـوم غير املبرر، وغير املقبول. في القصة السورية ال يوجد أبيض وأسـود، وال يوجد هذا أصل في السياسة، لكن علينا تذكر أن أي شيء غير بشار األسد هو أمر جيد، كنظام أو فرد، ويقيني أن سوريا أفضل بكثير بعد فرار األسد، وسقوط نظامه اإلجرامي. املـطـلـوب الــيــوم هــو دعـــم ســوريــا، والـتـواصـل مــعــهــا عـــربـــيـــ بــشــكــل مـــكـــثـــف، وتــــذكــــر أن الــنــظــام الجديد، وأيًا كان، أمامه تحديات حقيقية بسبب مــــا خــلــفــه األســــــد األب واالبــــــــن، وبـــســـبـــب ظــــروف املـنـطـقـة. ولــــذا الـــواجـــب الـــيـــوم هـــو أن تــســود لغة العقل، وبل اندفاع «حالم»، وال انكفاء خاطئ. هذه هي لحظة دعم سوريا «املفيدة» ألهلها، واستقرار وازدهار املنطقة. طارق الحميد ترمب وإحياء مبدأ مونرو ثانية تستدعي تصريحات الرئيس األميركي املنتخب دونــالــد تــرمــب، حـــول جــزيــرة غـريـنـانـد، وقــنــاة بنما، عـطـفـ عـلـى املـكـسـيـك وكـــنـــدا، طـــرح تــســاؤل جـــاد حـول إعادة إحياء مبدأ مونرو خلل الوالية الثانية، وما إذا كانت مجرد تصريحات اندفاعية، أم رؤية استراتيجية لألمن القومي األميركي. ، سلم 1823 ديـسـمـبـر (كـــانـــون األول) عـــام 2 فـــي الــــرئــــيــــس األمـــــيـــــركـــــي جـــيـــمـــس مـــــونـــــرو لـــلـــكـــونـــغـــرس األمــــيــــركــــي، رســــالــــة ســـــوف تـــعـــرف الحـــقـــ بـــــ«مــــبــــدأ»، ومفادها ضمان سيطرة الـواليـات املتحدة األميركية عــلــى الــنــصــف الـــغـــربـــي مـــن الـــكـــرة األرضــــيــــة، وإغــــاق الطريق أمام القوى األوروبية االستعمارية، املتواجدة فـي أراضـــي األميركتني الشمالية والجنوبية فـي ذلك الوقت. عــقــب انــتــخــابــه رســمــيــ وبـــفـــوز كـــاســـح، لـــم ينفك تـــرمـــب يـتـكـلـم عـــن ضـــــرورة وضــــع أمــيــركــا يـــدهـــا على جــــزيــــرة غـــريـــنـــانـــد، بــــ املـــحـــيـــط املــتــجــمــد الــشــمــالــي واملـحـيـط األطـلـسـي، كـغـرض مـن األغــــراض الـضـروريـة لحماية األمـن القومي األميركي، ثم لفت االنتباه إلى ضرورة عودة قناة بنما إلى السيادة األميركية بصورة أو بـــأخـــرى، عطفًا عـلـى تـجـهـيـزات مــاورائــيــة ملحاربة كــارتــات املــخــدرات فـي املكسيك، قـد تصل إلــى تدخل عسكري محدود من خلل فرق العمليات الخاصة، أما األزمة الكبرى التي أثارها فموصولة بكندا. هـل يسعى تـرمـب المــتــداد إمــبــراطــوري أميركي، يوسع من املساحة الجغرافية ونفوذ الواليات املتحدة، أم أنــه بالفعل يـؤمـن بما ذهــب إلـيـه مــونــرو، ال سيما فـي ضــوء التمدد الـروسـي فـي أوروبــــا، والصيني في األميركتني. من الواضح أن هناك شيئًا من الغموض املقصود غـــالـــبـــ ، فــقــد أطـــلـــق تـــرمـــب مـــا هـــو أبـــعـــد مـــن بــالــونــات االختبار، األمر الذي تسبب في ارتباك حقيقي لرؤساء وحكومات تلك الدول. حني رفع ترمب شعار «أميركا أوالً» فهم الكثيرون أن الرجل يميل إلى فكرة «أميركا االنعزالية» املتمترسة وراء محيطني، ومن غير أن يقدر أحد على منازعتها أو مشارعتها. لكن الحديث عن غرينلند بهذه الصورة، يعني أن ترمب يسعى لعظمة أميركا من خلل تثبيت دعائم قوتها خارجيًا وداخليًا. على سبيل املثال وفيما يخص جزيرة غرينلند، فإن ترمب يرى أنها نقطة ارتكاز جغرافية ألميركا في مـواجـهـة أطــمــاع روســيــا والــصــ بـالـتـمـدد غـربـ على الــضــد مـــن رســـالـــة مـــونـــرو، عـطـفـ عـلـى أنــهــا أصبحت أكــثــر إثــــارة لـلـتـنـافـس مــع ذوبــــان الـجـلـيـد الــــذي يفتح طرق شحن جديدة، وهناك روايــات استخباراتية عن وجـــود قـواعـد عسكرية أميركية غير معروفة للعوام منذ زمن الحرب الباردة، تود واشنطن إعادة تشغيلها مـــرة جـــديـــدة. أمـــا بـالـنـسـبـة إلـــى قــنــاة بـنـمـا، فالقصة تتشابك فيها املعطيات التاريخية والقانونية التي تنظم عمل القناة بـ بنما وأمـيـركـا، وبـ التغيرات الــجــيــوســيــاســيــة وظـــهـــور الـــصـــ فـــي املــنــطــقــة، وبـمـا يمكن أن يهدد الوجود األميركي أو املصالح التجارية واالقتصادية األميركية. حـــــ أرســــــــل تــــرمــــب رســـــالـــــة الـــتـــهـــنـــئـــة بـــأعـــيـــاد «الـكـريـسـمـاس»، اسـتـخـدم تـعـبـيـرات ســاخــرة تـنـم عن مكنونات صــدره، منها توجيه التهنئة إلـى «الجنود الصينيني الرائعني» الذين يحرسون قناة بنما. لـم يعد ســرًا أن الـصـ تستثمر بشكل كبير في بنما، بما في ذلك في عدد من صفقات البناء، وتدير اثنني من املوانئ الخمسة الرئيسية في بنما. يـؤمـن تـرمـب بـــأن الـنـفـوذ الـصـيـنـي يـتـمـدد بقوة وثـبـات وسـرعـة فـي عـمـوم قـــارة أمـيـركـا اللتينية، ما يشكل تـهـديـدًا فـي الخلفية الجغرافية ألمـيـركـا، وقد أشار ترمب إلى أن الصني تمارس نفوذًا غير مبرر على إدارة القناة. يمتد املشهد وبقوة إلى املكسيك، حيث الشكوى مـن أكـثـر مـن أمـــر، الـهـجـرة غير النظامية الـتـي تدخل الــــبــــاد بـــاملـــايـــ مــــن جـــهـــة، واملـــــخـــــدرات الـــتـــي تــقــوم كـارتـات مـن العصابات بـإغـراق الـبـاد بـهـا، ال سيما الـنـوع الشهير «الفنتانيل» الــــوارد مـن الـصـ ، عطفًا على املجرمني وربما اإلرهابيني الذين يتدفقون على الـبـاد مـن خــال الـحـدود التي رغــب ترمب فـي واليته األولى في إقامة جدار عازل معها. واألكـــــثـــــر مـــــدعـــــاة لـــلـــحـــيـــرة وربـــــمـــــا الــــتــــســــاؤالت العميقة، هو نوايا ترمب لجهة كندا، الجارة األقـرب والــصــديــق األكــبــر لــلــواليــات املــتــحــدة، الـتـي تجمعها معها عبر قــرن مـن الـزمـان شـراكـة عميقة واتفاقيات تجارية قوية. ففي زيارة جاسنت ترودو رئيس الوزراء الليبرالي لترمب في منتجعه الفاخر في فلوريدا، أطلق األخير مزحة عبر النظر إلى تـرودو، ال بصفته رئيس وزراء 51 لكندا ذات الهوية واالستقلل، وإنما الوالية الرقم ضمن االتـحـاد الفيدرالي األميركي، ومعتبرًا أن ذلك سيوفر على الكنديني الضرائب والحماية العسكرية. هل يخشى ترمب من تحالفات كندا في العقود القادمة، ويسعى الستباق األحداث؟ في أوائل القرن العشرين، اعتبر الرئيس األميركي تيودور روزفلت أن الضعف واملمارسات الخاطئة في أي مـن الـــدول األميركية الصغيرة ربما تغري الــدول األوروبية بالتدخل. ربما ال يعيد التاريخ نفسه، لكن بالفعل أحداثه تتشابه من مونرو إلى ترمب. إميل أمين

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==