الثقافة CULTURE 17 Issue 16842 - العدد Tuesday - 2025/1/7 الثالثاء قانون اآلثار اإلسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية كــانــت األراضــــــي الـفـلـسـطـيـنـيـة طـــوال آالف الـــســـنـــن مــــقــــرًا ومــــمــــرًا لـــلـــعـــديـــد مـن الــحــضــارات الـعـريـقـة الـتـي تـركــت وراءهـــا آالف املواقع األثريّة ذات األهميّة الفائقة، لـــيـــس فـــــي تـــــاريـــــخ املـــنـــطـــقـــة فـــحـــســـب، بـل ومُجمل التجربة البشرية. وقـد أصبحت املـــواقـــع بـمـحـض الـــقـــوة بـعـد قــيــام الــدولــة خاضعة لسلطة دائـرة 1948 العبرية عـام اآلثــــار اإلسـرائـيـلـيـة، الـتـي ال تـدخـر وسعًا فــي الـسـعـي لتلفيق تــاريــخ عـبـرانـي لهذه الـبـاد، وإخـفـاء مـا مـن شأنه أن يتعارض مــــــع ســــــرديــــــات الــــحــــركــــة االســــتــــعــــمــــاريّــــة الصهيونيّة عنها. على أن أراضــي الضفة الغربيّة التي وتحتوى على ما ال يَقِل 1967 احتُلَت عام آالف موقع أثَري ظلّت قانونيًا خارج 6 عن اختصاص دائرة اآلثار اإلسرائيلية، بينما تـم بعد اتفاق أوسلو بي الـدولـة العبريّة 1995 ومنظمة التحرير الفلسطينية فـي تقاسم املنطقة لناحية اللقى والحفريات بشكل عشوائي بي السلطة الفلسطينية ووحـــــــــــــدة اآلثـــــــــــــار فـــــــي اإلدارة املــــدنــــيــــة اإلســـرائـــيـــلـــيـــة، وفــــق تـقـسـيـمـات األراضـــــي الـثـاث املعتمدة للحكم واألمـــن (أ- سلطة فلسطينية، باء: سيطرة مدنية فلسطينية وســـيـــطـــرة أمـــنـــيـــة مـــشـــتـــركـــة مــــع الــجــانــب اإلسرائيلي، ج: سيطرة إسرائيلية تامة). ويـــــبـــــدو أن غـــلـــبـــة الــــتــــيــــار الــيــمــيــنــي املتطرّف على السلطة في الـدّولـة العبريّة تــدفــع اآلن بــاتــجــاه تــعــديــل قـــانـــون اآلثــــار وقـــانـــون سلطة 1978 اإلســـرائـــيـــلـــي لـــعـــام بغرض تمديد صلحية 1989 اآلثـار لعام ســلــطــة اآلثــــــــار لــتــشــمــل مــجــمــل األراضــــــي ، بينما 1967 الـفـلـسـطـيـنـيـة املــحــتــلّــة عــــام ســـيـــكـــون، حـــــال إقــــــــــراره، انـــتـــهـــاكـــ ســـافـــرًا للقانون الدّولي الذي يحظر على سلطات االحــتــال الـقـيـام بأنشطة تتعلق بـاآلثـار مـا لـم تتعلق بشكل مباشر باحتياجات السكان املحليي (في هذه الحالة السكان الفلسطينيي). ولــــــحــــــظــــــت مـــــــــصـــــــــادر فـــــــــي األرض الفلسطينية املحتلّة بأن األوضاع األمنيّة فـــــي الـــضـــفـــة الــــغــــربــــيّــــة تــــــدهــــــورت بـشـكـل مــلــحــوظ مــنــذ بــــدء الـــحـــرب عــلــى غــــزة في ،2023 أكـتـوبـر (تـشـريـن األول) مــن الــعــام وكثّفت السلطات اإلسرائيليّة من توسعها االســـتـــيـــطـــانـــي بــشــكــل غـــيـــر مـــســـبـــوق مـنـذ ثلثة عقود، ورفعت من وتيرة هجماتها على بؤر املقاومة، وأطلقت يد املستوطني الـــيـــهـــود كــــي يـــعـــيـــثـــوا فــــســــادًا فــــي الـــقـــرى والـــبـــلـــدات الــعــربــيّــة تـسـبـب بــهــجــرة آالف الفلسطينيي من بيوتهم، مما يشير إلى تكامل الجهد العسكري واالستيطاني مع الـتـعـديـات الـقـانـونـيـة املـزمـعـة لتحضير األرضـــــــيـــــــة املــــنــــاســــبــــة لـــتـــنـــفـــيـــذ الــــنــــيــــات املـبـيـتـة بـتـهـويـد مـجـمـل أراضــــي فلسطي التاريخيّة. ويــأتــي مــشــروع الــقــانــون الــــذي قدمه عضو الكنيست عن حزب الليكود اليميني أميت هاليفي، في أعقاب حملة استمرت خـمـس ســنــوات مــن قـبـل رؤســــاء املجالس اإلقــــلــــيــــمــــيــــة لـــلـــمـــســـتـــوطـــنـــن ومـــنـــظـــمـــات مــثــل «حــــــراس الـــخـــلـــود» املـتـخـصـصـة في الحفاظ على مـا يـزعـم بـأنـه تـراث يهودي مـن انـتـهـاكـات مـزعـومـة على أيـــدي العرب الـفـلـسـطـيـنـيـن. وتــــــردد الــحــمــلــة أكـــاذيـــب مفادها أن ثمة مواقع في الضفة الغربية لها أهمية أساسية بالنسبة إلى ما أسمته «الـــــتـــــراث الــــيــــهــــودي»، وخـــلـــقـــت انــطــبــاعــ بــوجــود «حــالــة طــــوارئ أثـــريـــة» تستدعي تدخل الدّولة ملنع الفلسطينيي من «نهب وتدمير آثار املواقع اليهودية ومحاوالتهم املــتــعــمــدة إلنـــكـــار الــــجــــذور الـــيـــهـــوديـــة في األرض» – على حد تعبيرهم. وكانت اللجنة التشريعية الحكوميّة قــد وافــقــت عـلـى الـتـعـديـل املـقـتـرح لقانون اآلثــــــار، وأرســلــتــه للكنيست اإلسـرائـيـلـي (البرملان) ملراجعته من قبل لجنة التعليم والثقافة والرياضة التي عقدت اجتماعها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) املاضي، وذلـــك تحضيرًا لـعـرضـه بــالــقــراءة األولـــى و«التصويت» في الكنيست بكامل هيئته خلل وقت قريب. وبينما اكتفت السلطة الفلسطينية والــــــدول الــعــربــيّــة بـالـصـمـت فـــي مـواجـهـة هـــذه االنــدفــاعــة لـتـعـديـل الــقــانــون، حـــذرّت جـــــهـــــات إســــرائــــيــــلــــيــــة عـــــــدة مــــــن خــــطــــورة تـسـيـيـس عــلــم اآلثــــــار فـــي ســـيـــاق الـــصـــراع الـــصـــهـــيـــونـــي الـــفـــلـــســـطـــيـــنـــي، واعــــتــــبــــرت منظمة «إيـمـيـك شـافـيـه» غـيـر الحكومية عــــلــــى لــــســــان رئـــيـــســـهـــا الـــتـــنـــفـــيـــذي ألـــــون عـــراد أن «تـطـبـيـق قــانــون إسـرائـيـلـي على أراضــي الضفة الغربية املحتلة يرقى إلى مستوى الضم الرسمي»، وحذَّر في حديث صـحـافـي مــن «عـــواقـــب، ومــزيــد مــن الـعـزل ملـجـتـمـع عــلــمــاء اآلثــــــار اإلســرائــيــلــيــن في حالة فرض عقوبات دوليّة عليهم بسبب تعديل القانون»، كما أكدت جمعيّة اآلثار اإلسرائيليّة أنها تعارض مشروع القانون «ألن غايته ليست النهوض بعلم اآلثـــار، بل لتعزيز أجندة سياسية، وقـد يتسبب ذلــــك فـــي ضــــرر كـبـيـر ملــمــارســة عـلـم اآلثــــار في إسرائيل بسبب التجاوز على القانون الــــدولــــي املــتــعــلــق بـــاألنـــشـــطــة األثــــريــــة فـي الضفة الغربية»، وال سيّما قــرار محكمة العدل الدولية في التاسع عشر من يوليو (تموز) املاضي، الذي جدَّد التأكيد على أن وجود إسرائيل في األراضـي الفلسطينية املحتلة برمته غير قانوني، وطالب الدّولة العبريّة بــ«إزالـة مستوطناتها في الضفة الغربية والـقـدس الشرقية فـي أقــرب وقت ممكن»، وألـزمـت سلطة االحـتـال بتقديم تعويضات كاملة للفلسطينيي بما في ذلــــك إعــــــادة «جــمــيــع املــمــتــلــكــات الـثـقـافـيـة واألصـــــــــول املـــــأخـــــوذة مــــن الـفـلـسـطـيـنـيـن ومؤسساتهم». وتشير الخبرة التاريخيّة مع سلطة اآلثــار اإلسرائيلية إلـى أن الحكومة تقوم لـــــدى إعــــــان الــســلــطــة مــنــطــقــة مــــا مــوقــعــ تاريخيًّا بـفـرض حماية عسكريّة عليها، مـمـا قـــد يـتـطـلّــب إخــــاء الــســكــان أو فـرض قـــــيـــــود عــــلــــى تـــحـــركـــاتـــهـــم وإقــــــامــــــة بــنــيــة تـحـتـيـة أمــنــيــة لـــدعـــم الـــحـــفـــريـــات، وتـمـنـع تـالـيـ الفلسطينيي أصــحــاب األرض من تطويرها ألي اسـتـخـدام آخـــر، األمـــر الـذي يــعــنــي فـــي الــنــهــايــة مــنــع الـتـنـمـيـة عـنـهـا، وتــهــجــيــر ســكــانــهــا وتـــهـــويـــدهـــا ملصلحة الـــكـــيـــان الــــعــــبــــريّ، ال ســـيّـــمـــا وأن الــضــفــة الــــغــــربــــيّــــة تــــحــــديــــدًا تــــضــــم آالف املــــواقــــع املــســجــلــة، مــمــا يــجــعــل كـــل تــلــك األراضـــــي بمثابة موقع أثري ضخم مستهدف. وتـــــــبـــــــرر الـــــحـــــكـــــومـــــة اإلســــرائــــيــــلــــيــــة الحاليّة دعمها مشروع القانون للجهات األُمـــمـــيـــة عـــبـــر تــبــنــي ادعـــــــــاءات مـنـظـمـات ومجالس مستوطني الضفة الغربيّة بأن الفلسطينيي يضرون باملواقع ويفتقرون إلـــى الــوســائــل الـتـقـنـيـة والــــكــــوادر الــازمــة لـلـحـفـاظ عـلـيـهـا، هــــذا فـــي وقــــت قــامــت به قـــوات الجيش اإلسـرائـيـلـي بتدمير مئات املواقع األثريّة في قطاع غزة الفلسطيني املــحــتــل عــبــر اســتــهــدافــهــا مـــبـــاشـــرة، مما يعني فقدانها إلى األبد. ندى حطيط المشهد العربي عموما ال يهتم بالرواية الشعبية عبده خال كاتب رواية بوليسية... هل توقف نموه؟ كنت أتهيأ للكتابة حـن باغتتني رغـــــبـــــة فــــــي تــــصــــفــــح مــــحــــتــــوى صــفــحــة «الـــثـــقـــافـــة» فـــي جـــريـــدة أجــنــبــيــة. فـوقـع بـــــصـــــري، لـــحـــظـــة انــــبــــســــاط مـــحـــتـــواهـــا أمــامــي، على عـنـوان مُــرَكــب مـن جـزأيـن؛ الجزء األول «مُلئِمَة للقراءة في ليالي الــشــتــاء»، وعــرفــت مــن الــجــزء الـثـانـي أن املـــائِـــمَـــة لــلــقــراءة هـــي عـــدد مـــن روايــــات الــجــريــمــة يــقــتــرح مُـــعِـــدُّوهـــا االسـتـمـتـاع بقراءتها في عطلة «الكريسماس». تلك قائمة ال أتـوقـع أن تقترحها الصحافة الـــثـــقـــافـــيـــة الــــعــــربــــيــــة. «يــــــا لـــلـــمـــصـــادفـــة الغريبة» قلت في داخـلـي، فاملقالة التي كنت أنوي كتابتها تتمحور حول رواية الجريمة، أو الرواية البوليسية؛ ال أُفرق هـــنـــا بــــن الــــنــــوعــــن. وكــــــان لــلــمــصــادفــة امـتـداد آخــر، إذ فـرغـت، وقبل قـــراءة تلك القائمة، من قـراءة روايتي، هما روايتا جريمة «فــســوق» لعبده خـــال، و«الـلـص والكلب» للروائي العربي الكبير نجيب محفوظ. ثنائية الركض والزحف ركـــضـــت عــبــر «فـــســـوق» عـــبـــده خــال ألنها كانت الـقـراءة الثانية، أو الثالثة؛ ووجـدت في تعليقاتي وشخبطاتي في هوامش صفحاتها ما يغني عن قراءتها زاحـفـ . أمــا أثـنـاء قـــراءة روايـــة محفوظ، وكـــانـــت الــــقــــراءة الــثــانــيــة، كــنــت الـــقـــارئ املــــتــــأنــــي والــــبــــطــــيء ألنــــنــــي لــــم أســتــطــع مـــقـــاومـــة الـــرغـــبـــة فــــي تــفــحــص الـتـقـنـيـة الــســرديــة فـيـهـا، ورصـــد لعبة الضمائر التي ال بد أن محفوظ استمتع بها أثناء الــكــتــابــة، واســتــمــتــع بــاســتــبــاق تـاعـبـه بالقارئ املحتمل بانتقاله من ضمير إلى آخر على نحو قد يجعل القراءة بطيئةً، أومُشوِشَّة لبعض القراء. يـبـدأ الفصل األول بـصـوت الـسـارد العليم - املحدود - بضمير الغائب: «مرة أخرى يتنفس نسمة الحرية، ولكن الجو غبار خانق وحر ال يُطاق. وفي انتظاره وجــــد بــدلــتــه الــــزرقــــاء وحـــــــذاءه املـــطـــاط، وســواهــمــا لـــم يـجـد فـــي انــتــظــاره أحـــدًا» ). وابتداء من الكلمتي األخيرتي من 5( السطر الـثـامـن، يتحول ضمير الغائب إلـى ضمير املخاطب املثنى، إلـى صوت سـعـيـد مـــهـــران مُــخـاطـبـ زوجـــتـــة سابقًا وزوجـــــهـــــا الـــغـــائـــبـــن: «نـــبـــويـــة عــلــيــش، كيف انقلب االسمان اسمًا واحدًا؟ أنتما تعملن لهذا اليوم ألف حساب، وقديمًا ظــنــنــتــمــا أن بـــــاب الـــســـجـــن لــــن يـنـفـتـح، )، ثم إلى 5( » ولعلكما تترقبان في حذر ضمير املتكلم «ولن أقع في الفخ، ولكني سـأنـقـض فـــي الـــوقـــت املــنــاســب كـالـقـدر» ). وقــبــل نــهــايــة الـصـفـحـة بـسـطـريـن، 5( يتحول الـخـطـاب إلــى مـونـولـوغ داخلي بضمير املُــخـاطـب املــفــرد: «اسـتـعِــن بكل مـــا أوتـــيـــت مـــن دهــــــاء، ولــتــكــن ضـربـتـك قــويــة كـصـبـرك الــطــويــل وراء الـــجـــدران» ). وفـــي مـكـان آخـــر فيما بـعـد، يلتقي 5( ضـمـيـرا املـتـكـلـم واملــخــاطــب الـجـمـع معًا فـــي كــــام سـعـيـد مـــهـــران، وهــــو يـتـحـدث إلــى مستشارين متخيلي فـي محاكمة متخيلة: «لست كغيري ممن وقفوا قبلي في هذا القفص، إذ يجب أن يكون للثقافة عــنــدكــم اعــتــبــار خـــــاص، والــــواقــــع أنــــه ال فرق بيني وبينكم إال أني داخل القفص ). مـن املستبعد 100( »... وأنـتـم خـــارجـــه أال يـتـذكـر الـبـعـض هـمـبـرت هـمـبـرت في رواية فلديمير نابوكوف «لوليتا» وهو يخاطب املحلفي أثناء محاكمته. اللفت فــي األمـــر أن سعيد وهـمـبـرت «بـطـان» »، ومُـــــبَـــــئِـــــران، antiheroes« مـــــضـــــادان وســـــاردان إشـكـالـيـان غـيـر مـوثـوقـن في روايـــــتـــــي جـــريـــمـــة؛ ســعــيــد مــــهــــران لـص وقــاتــل، وهـمـبـرت هـمـبـرت «بـيـدوفـايـل/ / املنجذب جنسيًا لألطفال» pedophile وقاتل. مأزق أخلقي يجد القارئ نفسه مُـــسْـــتَـــدْرَجـــ إلــــى الــــتــــورط فــيــه فـــي حــال تماهيه مـع الشخصية جــراء تقلص أو تلشي املسافة الجمالية بينه وبينها. البداية المُزاحة باالستطراد هـــنـــا الــــبــــدايــــة األولـــــــــــى، األصـــلـــيـــة، لــلــمــقــالــة، وقــــد أزاحــــهــــا إلــــى هــــذا املــكــان االستطراد السابق، وال أخفي أنني مِلْت إلــى االسـتـرسـال فـيـه. الـبـدايـة األصلية: الروائي واألكاديمي موكوما وانغوغي ودعوته في «نهضة الـروايـة األفريقية» إلى فتح التقليد األدبي األفريقي للقص الـــشـــعـــبـــي ومـــنـــه الـــــروايـــــة الــبــولــيــســيــة؛ «جــــائــــزة الــقــلــم الـــذهـــبـــي» بــكــونــهــا، في األسـاس، مشروعًا يرفع القص الشعبي الـعـربـي مــن الـهـامـش ويُــنـزلـه فــي املـركـز وبؤرة االهتمام في املشهد األدبي؛ ملف صـحـيـفـة «لــيــبــراســيــون» الـفـرنـسـيـة عن الرواية البوليسية في العالم وخُلُوِّه من أي ذكـر لرواية بوليسية عربية واحـدة، ثلثة عوامل شكلت دافعًا على الكتابة عــــن الـــــروايـــــة الـــبـــولـــيـــســـيـــة، وعـــــن عــبــده خـــــال، الـــــذي أراه مـــشـــروع كـــاتـــب روايــــة بـولـيـسـيـة يـعـيـش فـــي كـــمـــون، أو ألقـــل، ARRESTED( » فــي حــالــة «تــوقــف نــمــو )، بغض النظر عمّا DEVELOPMENT إذا كــــان يــــرى نــفــســه كـــذلـــك أم ال. األمـــر مجرد رأي شخصي. وانغوغي... االنحياز إلى الرواية البوليسية بـــاإلضـــافـــة إلـــــى مـــنـــاداتـــه بــاعــتــبــار الكتابات املبكرة - ما قبل جيل ماكيريري - جـــــزءًا ال يــتــجــزأ مـــن «الـــخـــيـــال األدبــــي والـــنـــقـــدي األفــــريــــقــــي» (نـــهـــضـــة الــــروايــــة )؛ دعـا وانغوغي إلـى فتح 34 ، األفريقية التقليد األدبـي األفريقي لـ دب املكتوب بـــالـــلـــغـــات املـــحـــلـــيـــة ولــــــــ دب الــشــعــبــي، مؤكدًا على الـروايـة البوليسية بالذات، واصفًا مجيء أدباء ماكيريري بأنه مثل «تسونامي أدبي» طمر الكتابات املبكرة «تـــحـــت ســيــل مـــن الـــــروايـــــات الــواقــعــيــة» التي كتبوها باإلنجليزية. وكانت قوة وزخـم حركتهم السبب في إخفاق النقد األدبـــــــي فــــي اســـــتـــــرداد الــحــقــبــة األدبـــيـــة املبكرة. لقد أرسى أولئك األدباء تسلسل هرميًا «يعلي شأن كل ما هو أدبي على )، بينما الفجوة 253( » الفنون الشعبية بــن األدبــــي والـشـعـبـي، فــي رأيــــه، مجرد تباينات سطحية، ال تعني لـه ولجيله شيئًا ذا بــال، فهم يـقـرأون «األدب جنبًا إلى جنب األدب الشعبي» أو يقرأون «ما هو أدبــي مع ما هو شعبي في آن معًا» ). ويــرى أن النقد األدبـــي األفريقي 255( امللتزم بالخط الفكري املمتد من تشينوا أتشيبي إلى تشيماماندا أديتشي كاذب ومـــــزيـــــف، وأنــــــه ومـــجـــايـــلـــيـــه يـتـطـلـعـون إلــى نقد أدبــي يتيح لهم قـــراءة األعمال األدبية لشكسبير وأتشيبي ونغوغي وا ثيونغو، على سبيل املـثـال، إلــى جانب الروايات الشعبية والبوليسية. الرواية الشعبية من الهامش إلى المركز ال اسم في الذاكرة األدبية العربية لـنـاقـد أو روائـــــي أو أكــاديــمــي عـربـي دعــــا، مـثـل وانـــغـــوغـــي، إلـــى االلـتـفـات نـقـدًا أو بحثًا إلـــى الـــروايـــة الشعبية الـــعـــربـــيـــة، فــاملــشــهــد الـــعـــربـــي عـمـومـ يشيح باهتمامه واعترافه بها عنها، وإن يــنــظــر إلـــيـــهـــا فــبــنــظــرة دونـــيـــة، باعتبارها أدبــ مـن الـدرجـة الثانية، أو لــيــســت مـــن األدب عــلــى اإلطـــــاق. وكــان الوضع سيستمر لو لم يطرح املـسـتـشـار تــركــي آل الـشـيـخ مـشـروع «جــــائــــزة الـــقـــلـــم الــــذهــــبــــي»، لـيـنـقـلـهـا مـن الـهـامـش إلــى املــركــز، مثيرًا بذلك مـــوجـــات مـــن الـتـصـفـيـق والـتـرحـيـب، مقابل «حلطماتِ» وهمهمات رفض لــم يــجــرؤ عـلـى رفـــع صــوتــه فــي وجـه املــــشــــروع. الـــوضـــع ســيــكــون مختلفًا تمامًا لـو لـم يكن «الـرسـمـي» مصدر الـــــقـــــرار والـــتـــنـــفـــيـــذ ملـــــشـــــروع «الـــقـــلـــم الذهبي». فــي مقالته املـوسـومـة بــ«جـائـزة الــــقــــلــــم الـــــذهـــــبـــــي وصـــــنـــــاعـــــة مــشــهــد مــــخــــتــــلــــف» املــــــنــــــشــــــورة فـــــــي مـــجـــلـــة ،)2024 «القافلة» (نوفمبر/ديسمبر يكتب األستاذ الدكتور حسن النعمي أن «جـــائـــزة الـقـلـم الــذهــبــي»، «فــريــدة مــن نـوعـهـا فــي بـنـاء جـسـور التلقي ). ما أراه 31( » بي الرواية والسينما هو أن فـرادة وتميز الجائزة ينبعان أساسًا من التفاتها إلـى املهمش، أو حتى غير املعترف به؛ القص الشعبي بـطـيـف أنـــواعـــه. الــقــص الـشـعـبـي هو األسـاس والقواعد التي تبني عليها الجائزة «جسور التلقي بي الرواية والـــســـيـــنـــمـــا»، ومـــــا الـــــروايـــــة األدبـــيـــة «الواقعية» سوى مضاف إلى الجائزة على نحو استدراكي وعرضي. وأتــفــق مــع الــدكــتــور النعمي في أن الجائزة ستصنع مشهدًا مختلفًا، بيد أنه اختلف من املحتمل أن يدفع، وعــلــى نـحـو الفــــت، بـالـقـص الشعبي عمومًا، والرواية البوليسية خاصة، إلــــــى الـــــواجـــــهـــــة، مـــــا قـــــد يــــــــؤدي إلـــى دخولها في مجال رادارت الصحافة والـنـقـد. فتخرج الــروايــة البوليسية الــعــربــيــة مـــن جـــب غــيــابــهــا املـلـحـوظ الـــــذي نــاقــشــتــه الــصــحــافــة الــعــربــيــة، وكُتِب عن أسبابه مرارًا وتكرارًا، قبل أن يتأكد - غيابها - عامليًا، أيضًا، من خـــال مـلـف صـحـيـفـة «لـيـبـراسـيـون» 80 الفرنسية (جولة حول العالم عبر روايــــة بـولـيـسـيـة). وكـــان عـبـده وازن (إنــدبــنــدنــت عــربــيــة) وبـــاقـــر صـاحـب (جــــريــــدة «الــــصــــبــــاح»)، مـــمـــن كـتـبـوا عـــن هــــذا الــغــيــاب الــــذي وصــفــه وازن بالفادح. غياب الرواية البوليسية في «المجلة العربية» لــــم تــســعــفــنــي ذاكـــــرتـــــي إال بـــروايـــة محلية واحــدة (فـسـوق) عبده خـال وأنا أفــكــر فـيـمـا أشــــارك بــه فــي مـلـف «املـجـلـة العربية» عـن غـيـاب الــروايــة البوليسية .)2011/4/1 الـعـربـيـة (نُـــشـــر املــلــف فـــي «فـــــســـــوق» روايـــــــــة بـــولـــيـــســـيـــة بـــامـــتـــيـــاز حـــتـــى وإن لــــم يــــصــــرح مـــؤلـــفـــهـــا بــأنــهــا كـذلـك، الحتوائها على عناصر الـروايـة الــبــولــيــســيــة الـــثـــاثـــة: الـــجـــريـــمـــة، نـبـش قـــبـــر جــلــيــلــة مــحــســن الـــوهـــيـــب وســـرقـــة جثتها ومضاجعتها؛ «املجرم/السارق، داود الـنـاعـم/شـفـيـق املـــيـــت»؛ التحقيق والـقـبـض على املــجــرم. أو وفـقـ لتنظير تزفيتان تودوروف في «تصنيف القص الـبـولـيـسـي»، يـتـألـف املـــن الـحـكـائـي في «فــســوق»، كما فـي أي روايـــة بوليسية، مــــن الـــقـــصـــة األولــــــــى، وهـــــي ســـرقـــة جـثـة جليلة، والقصة الثانية، قصة التحقيق املنتهية بالتعرف على من سـرق الجثة لـيـمـارس معها «الـبـيـدوفـيـلـيـا». القصة األولـى، كما يُنَظِّر تــودوروف، تحكي ما يــحــدث بـالـفـعـل، بينما تــشــرح الـثـانـيـة، قـــصـــة الــتــحــقــيــق، «كـــيـــف عـــــرف الـــقـــارئ أو الــــســــارد» عــنــهــا. بــالــتــحــديــد تنتمي «فـــــســـــوق» إلـــــى الــــنــــوع املـــــعـــــروف بــاســم »، القص البوليسي police procedural« الــــــذي تـــأخـــذ فـــيـــه إجــــــــــراءات وأســـالـــيـــب عمل الشرطة موقعًا مركزيًا فـي البنية والــثــيــمــات والـــحـــدث كــمــا يــوضــح جــون سكاغز في كتابه «قص الجريمة». لـــــم يـــخـــطـــر بــــبــــال عــــبــــده خـــــــال أنــــه ســيــصــبــح ذات يـــــوم عـــضـــوًا فــــي لـجـنـة تحكيم روايـــات جريمة/بوليسية جـزء مــــن مــهــمــتــهــا. ربـــمـــا يـــحـــفـــزه هـــــذا عـلـى الـــســـمـــاح لـــكـــاتـــب «فـــــســـــوق» فــــي داخـــلـــه بـــالـــنـــمـــو والـــــتـــــطـــــور، لـــيـــكـــتـــب روايــــــــات بوليسية أخرى. * ناقد وكاتب سعودي *د. مبارك الخالدي عبده خال ال اسم في الذاكرة األدبية العربية لناقد أو روائي أو أكاديمي عربي دعا إلى االلتفات نقدا أو بحثا إلى الرواية الشعبية العربية نوبوكوف
RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==