Issue 16841 - العدد Monday - 2025/1/6 االثنني اإلعالم 17 MEDIA د. ياسر عبد العزيز بين التحديات الكبرى التي يواجهها الباحثون في تطوير الذكاء االصطناعي ضمان الموضوعية ترند الديمقراطية الغربية تحت معاول «السوشيال ميديا» ، صدر إعـان مفاجئ ومثير 2020 ) في شهر سبتمبر (أيلول لـلـجـدل عــن الـكـرمـلـن؛ وفـــي هـــذا اإلعــــان عـــرض الـرئـيـس الـروسـي فلديمير بوتي على دول العالم كافة عقد «اتفاق دولي تلتزم فيه الحكومات سياسيًا بعدم توجيه ضربات تستخدم تكنولوجيا املـعـلـومـات والــتــواصــل ضــد دول أخــــرى»، بشكل يـؤثـر فــي نتائج االنتخابات. لقد القـى هـذا اإلعــان اهتمامًا الفتًا آنــذاك؛ إذ صـدر في وقت تزايد فيه القلق من احتماالت التدخل «سيبرانيًا» لحرف اتجاهات الــرأي العام األميركي، عشية االنتخابات الرئاسية، التي تنافس فيها الرئيس الحالي جو بايدن مع دونالد ترمب، وفاز فيها األول، بعد صدامات واعتراضات نادرة في تاريخ الديمقراطية األميركية. لقد أراد بوتي، عبر هذا اإلعلن، أن يتم تبادل ضمانات بعدم الـتـدخـل فــي االنـتـخـابـات، مــن خـــال اتــفــاق أمـمـي ضــد االسـتـخـدام الــعــدائــي لـلـتـكـنـولـوجـيـا، بـوصـفـه إحــــدى أخــطــر آلــيــات التضاغط الدولي الراهنة وأكثرها نفاذًا وتأثيرًا. وبموازاة ذلك اإلعلن املثير للهتمام، كانت منظمة «فريدوم هـاوس»، املعنية بدراسات الحريات والديمقراطية، تصدر تقريرًا بـــدورهـــا، تـحـذر فـيـه مــن أن االســتــمــرار فــي سـيـاسـات الـتـدخـل في الـعـمـلـيـات االنــتــخــابــيــة، عــبــر الــشــبــكــات االجــتــمــاعــيــة خـصـوصـ ، «بـــات استراتيجية أسـاسـيـة ألولـئـك الـذيـن يسعون إلــى تقويض الديمقراطية». وفـي هـذا التقرير بالذات رصـدت املنظمة ما قالت عملية 26 إنه «تدخلت مشبوهة تعتمد آليات تضليل حدثت في عـمـلـيـة تـمـت دراســتــهــا فـــي مـنـاطـق الـعـالـم 30 انـتـخـابـيـة مـــن بـــن في املائة من 90 املختلفة». ويعني هـذا التقرير ببساطة أن نحو االنتخابات التي تجري في بلدان العالم املختلفة أضحت عرضة للعمليات الـسـيـبـرانـيـة املُــغــرضــة؛ بـمـا يـمـثـل إعــانــ واضــحــ عن هـشـاشـة الـحـالـة الـديـمـقـراطـيـة، وقـابـلـيـة االنــتــخــابــات السياسية الكبيرة للتأثر بالتدخلت «املشبوهة» أو «غير املشبوهة» التي ترد عبر الفضاء السيبراني. ال يحتاج اإلقـــرار بتأثير وسائل «التواصل االجتماعي» في العمليات السياسية واالنـتـخـابـات تحديدًا لكثير مـن الجهد؛ إذ تشير البحوث املوثوقة، والتحليلت الـجـادة ملجريات العمليات االنتخابية في دول العالم املختلفة، إلى أن أثر تلك الوسائل بات واضحًا بما يكفي في تحديد االتجاهات والنتائج، وحاسمًا أيضًا في بعض األحيان. سـيـأتـي الـرئـيـس تــرمــب، الـــذي فـــاز بـالـرئـاسـة فــي انتخابات ، ليؤكد لنا ذلك، عبر قوله: «لوال (تويتر) ما أصبحت رئيسًا»، 2016 كما سيؤكد ماركوس شميت، مسؤول االتصال في حزب «البديل من أجل أملانيا»، أن «فيسبوك» كان رافعة رئيسة لدفع الحزب املُتهم بالتطرف إلى التمركز في الواقع السياسي في أملانيا، ثم املنافسة على الصدارة. لـقـد تـلـقـت روســيــا اتــهــامــات عــديــدة بـــ«الــتــدخــل الــســافــر» في نتائج بعض االنتخابات واالستحقاقات السياسية الرئيسة في عدد من البلدان؛ ومن بي أهم تلك االتهامات ما يتعلق بتدخلت أمــكــن رصــــد بــعــض أثـــرهـــا فـــي االنــتــخــابــات الــرئــاســيــة األمـيـركـيـة ، واسـتـفـتـاء 2017 ، واالنــتــخــابــات الـرئـاسـيـة الـفـرنـسـيـة 2016 فــي «بريكست» في اململكة املتحدة، وبعض األحداث السياسية املهمة فـــي بـــلـــدان أوروبــــيــــة، وبــخــاصــة تــلــك األحــــــداث الــتــي تـتـصـل بـاملـد اليميني الشعبوي. لكن كل ما فعله بوتي، أو نُسب إليه فعله، في هـذا الصدد، سيبدو خجوال وضعيف التأثير، إذا ما تمت مقارنته بما يفعله امللياردير األميركي إيلون ماسك اليوم في هذا اإلطار. فإيلون ماسك لم يكتف بشراء «تويتر»، وتحويله إلى «إكس»، فقط، لكنه أيضًا حـول تلك املنصة املُهمة إلـى آلية فعالة لنصرة دونالد ترمب في االنتخابات الرئاسية األخيرة، بينما أدرك هذا األخير نفسه ضرورة أن يطور منصته الخاصة «تروث سوشيال»، لكي يقبض على «عصمته االتصالية»، ويمتلك صوتًا قادرًا ونافذًا وفعاال طوال الوقت. لم يكتف ماسك بذلك، حتى بعدما حصد أرباح شراء «تويتر» («إكس» الحقًا)، بأن بات أحد أركان إدارة ترمب، وأقرب املستشارين إلـيـه، وأكـثـرهـم نـفـوذًا، ولكنه راح يُفعّل خطته فـي أرجـــاء أوروبـــا أيضًا، فمد حبل تأثيره إلى أملانيا وبريطانيا وإيطاليا، والحبل عـلـى الـــجـــرار. يـتـحـول مــاســك، بمنصته «الـسـوشـيـالـيـة» الـنـافـذة، وقدراته املالية والتكنولوجية الضخمة، وموقعه السياسي املؤثر، إلى فاعل سياسي عاملي، تتضاءل أمامه مقدرات بوتي، وتنزوي «أالعيبه» وتدخلته املفترضة. والــيــوم، يثير مـاسـك ضجة وقلقًا فـي أملـانـيـا، بعدما تدخل بسفور لنصرة حزب «البديل»، ودعـا إلى التصويت من أجله في االنتخابات التشريعية املنتظرة، باعتباره «الوحيد الـقـادر على إنقاذ البلد». وبـــمـــوازاة ذلـــك، يـحـافـظ عـلـى عـاقـة وثـيـقـة مــع رئـيـسـة الــــوزراء اإليطالية جورجيا ميلوني، وحزبها اليميني، عبر التدخل بدعم خطها املـحـافـظ بــ«الـتـغـريـدات» الـــحـــادة، بينما يـعـد مـرشـح اليمي مليون 100 الشعبوي البريطاني نايجل فــاراج بتبرعات تصل إلـى دوالر أميركي، في حملته االنتخابية، قبل أن يعود ويسحب دعمه له. إنــــه عــصــر جـــديـــد، تــصــبــح «الـــســـوشـــيـــال مـــيـــديـــا» فــيــه العـبـ رئيسًا في تحديد مسار الحملت االنتخابية ونتائجها؛ وهو أمر سيحدث عبر أوروبــا وأميركا، بـ«تغريدات» وتمويلت، ستشكل ملمح السياسة الغربية، وتقودها إلى آفاق جديدة، قد تغيّر وجه الديمقراطية في معاقلها األساسية. تساؤالت بشأن اعتماد مقاطع الفيديو الطولية في األخبار أثــار اعتماد مـواقـع إخبارية كـبـرى، أخيرًا، عـلـى مـقـاطـع الـفـيـديـو الـطـولـيـة تــسـاؤالت بشأن أسباب ذلك، ومدى تأثيره في الترويج للمحتوى اإلعــــامــــي وجــــــذب أجــــيــــال جــــديــــدة مــــن الــشــبــاب ملتابعة وسـائـل اإلعـــام املؤسسية. وبينما رأى خـــبـــراء أن مـقـاطـع الـفـيـديـو الـطـولـيـة أكــثــر قـــدرة على جذب الشباب، فإنهم لفتوا إلى أنها «تفتقد لجماليات الفيديوهات العرضية التقليدية». معهد «نيمان الب» املتخصص في دراسات اإلعــــــــام أشــــــــار، فــــي تـــقـــريـــر نــــشــــره أخـــــيـــــرًا، إلـــى انتشار مقاطع الفيديو الطولية (الـرأسـيـة) في مواقع إخبارية كبرى مثل «الواشنطن بوست» و«النيويورك تايمز». واعتبر أن «مقاطع الفيديو الطولية القصيرة، التي تُعد عنصرًا أساسيًا في مواقع التواصل االجتماعي تشق طريقها بشكل كبير». ولـفـت معهد «نـيـمـان الب» إلــى أن «مقاطع الـفـيـديـو الــتــي تنتشر بـكـثـرة عـلـى (إنـسـتـغـرام) و(تـــيـــك تـــــوك) و(يــــوتــــيــــوب)، تـلـقـى نــجــاحــ عند اســتــخــدامــهــا فـــي مـــواقـــع األخـــــبـــــار»، مـسـتـشـهـدًا بـــاســـتـــطـــاع نـــشـــره «مـــعـــهـــد رويــــتــــرز لــــدراســــات في املائة 66 الصحافة»، العام املاضي، أفاد بأن مــن عينة االسـتـطـاع يـشـاهـدون مـقـاطـع فيديو إخبارية قصيرة كل أسبوع، لكن أكثر من ثلثي املشاهدات تتم على منصات التواصل. رامـــــــي الـــــطـــــراونـــــة، مــــديــــر إدارة اإلعـــــام الـرقـمـي فــي «مــركــز االتــحــاد لـأخـبـار» بـدولـة اإلمــــــارات الـعـربـيـة املــتــحــدة، قـــال فــي لــقــاء مع «الشرق األوســط» إن اتجاه املواقع اإلخبارية السـتـخـدام مقاطع الفيديو الطولية «يعكس تــــغــــيــــرًا فــــــي طــــريــــقــــة اســـــتـــــهـــــاك الـــجـــمـــهـــور لـــلـــمـــحـــتـــوى، ومــــحــــاولــــة لــلــتــكــيــف مــــع تــطــور سلوكياته»، وأرجع هذا التطور في سلوكيات الجمهور إلـى عوامل عــدة، أبـرزهـا «االعتماد على الهواتف الجوالة في التفاعل الرقمي». وتابع الطراونة أن «وسائل اإلعـام تحاول االســــتــــفــــادة مــــن الـــنـــجـــاح الــكــبــيــر لــلــفــيــديــوهــات الـقـصـيـرة عـلـى مـنـصـات الـــتـــواصـــل، وقـــــدرة هـذا املـحـتـوى عـلـى جـــذب الـجـمـهـور»، وأشــــار إلـــى أن «استخدام مقاطع الفيديو الطولية غيّر تجربة تـلـقـي األخـــبـــار وجـعـلـهـا أكــثــر جـاذبـيـة وبـسـاطـة وتركيزًا وسهولة في االستهلك، نظرًا ملحاكاتها التجربة ذاتـهـا التي اعـتـاد عليها املتابعون في مـنـصـات الــتــواصــل». ونـبـه إلـــى أن املستخدمي يـمـيـلـون إلـــى تـمـضـيـة وقـــت أطــــول فـــي مـشـاهـدة الـــفـــيـــديـــوهـــات الـــطـــولـــيـــة الـــقـــصـــيـــرة واملـــتـــنـــوعـــة والتفاعل معها مقارنة بالفيديوهات العرضية الــــتــــي تـــتـــطـــلـــب تـــغـــيـــيـــر وضــــــع شــــاشــــة الــــجــــوال ملتابعتها. وأضـــــــاف الــــطــــراونــــة، مــــن جـــهـــة ثـــانـــيـــة، أن غالبية الجهات اإلعلمية بدأت بتوجيه مواردها نحو هــذا النمط مـن الفيديو، الــذي يعزز فرص االنـــتـــشـــار واالســـتـــهـــاك، وأن «مــقــاطــع الـفـيـديـو الطولية تعتبر أداة فعالة لجذب الشباب، الذين يميلون للمحتوى البصري املوجز واملباشر، كما أن الفيديو الطولي يعكس أسلوب حياة الشباب الرقمي الذي يعتمد على الهواتف الجوالة». هــذا، وفــي حـن أرجــع الـطـراونـة التأخر في اعتماد مقاطع الفيديو الطولية - رغم انتشارها على منصات التواصل االجتماعي منذ سنوات - إلى «القيود التقنية واألساليب التقليدية إلنتاج الـفـيـديـو»، قــال إن معظم الـكـامـيـرات والشاشات واملـعـدات كانت مصممة إلنـتـاج الفيديو األفقي ، وكـــان هـــذا هــو الشكل 16:9 أو 4:3 ذي األبــعــاد املــعــيــاري لـــإعـــام املـــرئـــي ســابــقــ . ثـــم أوضــــح أن «إدراك منصات اإلعلم التقليدية ألهمية الفيديو الطولي لـم يترسخ إال بعد بـــزوغ نجم منصات ،19- مـثـل (تـيـك تـــوك) إبـــان فـتـرة جـائـحـة كــوفــيــد وبعدها بـدأت تتغير أولويات اإلنتاج وباشرت بدعم هذا الشكل الجديد من املحتوى تدريجيًا». القاهرة: فتحية الدخاخني منها تقنيات تحلل وتكشف األنماط اللغوية التي تؤثر على آراء القراء وعواطفهم جهود خليجية لتطوير أدوات الذكاء االصطناعي لمواجهة «األخبار المزيّفة» مـع التدفّق املعلوماتي املتسارع واملتزايد عبر شبكة اإلنترنت، واستخدام وسائل عديدة لـضـخ مختلف املـعـطـيـات واملــعــلــومــات، بـــات من الـــصـــعـــب عـــلـــى املــتــلــقــي الــتــمــيــيــز بــــن الـحـقـيـقـة والــــدعــــايــــة مــــن جـــهـــة وبـــــن اإلعـــــــام املـــوضـــوعـــي والتأطير املتحيّز من جهة ثانية. وهـــكـــذا، تــتــأكــد أكــثــر فــأكــثــر أهــمــيــة وجـــود تقنيات التحليل والكشف وتصفية (أو «فلترة») هذا الكم الهائل من املعطيات، توصل إلى وقف ســـيـــل املـــعـــلـــومـــات املــضــلــلــة وإبــــعــــاد اإلشــــاعــــات و«األخـــــبـــــار املــــزيّــــفــــة»، وجـــعـــل شــبــكــة اإلنــتــرنــت مكانًا آمنًا لنقل املعلومات واألخبار الصحيحة وتــــداولــــهــــا. والـــــواقـــــع أنـــــه مــــع الـــتـــحـــول الــرقــمــي املتسارع وانتشار وسائل التواصل االجتماعي، غدت «األخبار املزيّفة» واحدة من أبرز التحديات الـتـي تـهـدد املـجـتـمـعـات حـــول الــعــالــم؛ إذ يجري تـــــداول مــايــن األخـــبـــار واملــعــلــومــات يــومــيــ ، ما يــجــعــل مــــن الـــصـــعـــب عـــلـــى األفــــــــراد - بــــل وحــتــى املؤسسات اإلعلمية - التمييز بي ما هو صحيح وما هو مزيّف أو مضلِّل، وفي هذا السياق برزت تقنيات الذكاء االصطناعي كأداة مبتكرة وفعّالة للكشف عن «األخبار املزيفة» وتحليلها. تُـــعـــرَّف «األخــــبــــار املـــزيّـــفـــة» بــأنــهــا مـحـتـوى إعـــــامـــــي يُـــنـــشـــأ ويُــــنــــشــــر بــــهــــدف الـــتـــضـــلـــيـــل أو الــتــاعــب بـــالـــرأي الـــعـــام، وغــالــبــ مـــا يــصــار إلــى استخدامه لتحقيق غايات سياسية واقتصادية أو اجتماعية. وتتنوّع تقنيات إنشاء «األخبار املـــزيّـــفـــة» بـــن الــتــاعــب الـبـسـيـط بــاملــعــلــومــات... واســــتــــخــــدام تـــقـــنـــيـــات مـــتـــقـــدمـــة مـــثـــل الــتــزيــيــف العميق، األمر الذي يزيد من تعقيد اكتشافها. جهود مبتكرة مــــن هـــــذا املــنــطــلــق واملـــــبـــــدأ، فــــي الــعــاصــمــة اإلمـــاراتـــيـــة أبــوظــبــي، يــقــود الــدكــتــور بـريـسـاف نــــاكــــوف، أســـتـــاذ ورئـــيـــس قــســم مــعــالــجــة الـلـغـة الـطـبـيـعـيـة فـــي جــامــعــة مـحـمـد بـــن زايـــــد لـلـذكـاء االصـطـنـاعـي، جــهــودًا مبتكرة لتطوير تقنيات الـذكـاء االصطناعي، وخصوصًا تحليل الطرق املستخدمة في اإلعلم للتأثير على الرأي العام. ويـــبـــرز ضــمــن أبـــــرز إســـهـــامـــات نـــاكـــوف تـطـويـر »، وهو أداة تفاعلية FRAPPE - تطبيق «فرابيه مـصـمـمـة لـتـحـلـيـل األخــــبــــار عـــاملـــيـــ ، حــيــث يـقـدم الـتـطـبـيـق رؤيـــــة شــامــلــة حــــول أســالــيــب اإلقـــنـــاع والــخــطــاب املـسـتـخـدمـة فــي املـــقـــاالت اإلخــبــاريــة، مـا يمكّن املستخدمي مـن فهم أعمق للسياقات اإلعــــامــــيــــة املـــخـــتـــلـــفـــة. ويـــشـــيـــر نــــاكــــوف إلـــــى أن «فرابيه» يساعد املستخدمي على تحديد كيفية صياغة األخبار وتأطيرها في بلدان مختلفة، ما يتيح رؤية واضحة لتباينات السرد اإلعلمي. تحليل أساليب اإلقناع مــع أن دراســــة أســالــيــب اإلقـــنـــاع لـهـا جــذور قـديـمـة تــعــود إلـــى الـفـيـلـسـوف اإلغــريــقــي الـقـديـم أرسـطـو، الـذي أسـس ملفاهيم األخــاق والعاطفة واملــنــطــق كـــأســـاس لـــإقـــنـــاع، فــــإن فـــريـــق نــاكــوف أضاف تطويرات جديدة لهذا املجال. تقنية مختلفة لـإقـنـاع، 23 وعـبـر تحليل مثل اإلحالة إلى السلطة، واللعب على العواطف، وتبسيط األمـــور بشكل مـفـرط، يُسهم «فـرابـيـه» في كشف أساليب الدعاية وتأثيرها على القراء. وتُــظــهــر هـــذه األســالــيــب كـيـف يـمـكـن لــإعــام أن يــخــتــار كــلــمــات أو صـــــورًا مـعـيـنـة لـتـوجـيـه فهم الـجـمـهـور. وكــمــثــال، يمكن تـأطـيـر قضية تغيّر املناخ كمشكلة اقتصادية أو أمنية أو سياسية، حسب اإلطار الذي تختاره الوسيلة اإلعلمية. تقنية التأطير اإلعالمي أيضًا من الخواص التي يستخدمها تطبيق «فرابيه» تحليل أساليب التأطير اإلعلمي، وهنا يوضح نـاكـوف أن التطبيق يمكّن املستخدمي من مقارنة كيفية تناول وسائل اإلعلم للقضايا املختلفة؛ إذ يستطيع التطبيق أن يُظهر كيف تركّز وسيلة إعلمية في بلد معي على الجوانب االقتصادية لتغير املناخ، بينما قد تركز وسيلة إعلمية في بلد آخر على الجوانب السياسية أو االجتماعية. وفــــــــي هــــــــذا الـــــســـــيـــــاق، يـــعـــتـــمـــد الـــتـــطـــبـــيـــق عـــلـــى بــــيــــانــــات مـــتـــقـــدّمـــة مـــثـــل قـــــاعـــــدة بـــيـــانـــات »، الــتــي تـحـتـوي على 3 Task 2023-SemEval« لــغــات، مــا يجعل «فـرابـيـه» 6 مــقــاالت بـأكـثـر مــن قادرًا على تحليل محتوى إعلمي عاملي متنوع. ويستخدم التطبيق الذكاء االصطناعي لتحديد اإلطارات السائدة في األخبار، كالهوية الثقافية أو العدالة أو املساواة ما يساهم في تقديم صورة أوضح للسياق اإلعلمي. الذكاء االصطناعي أداة أساسية الذكاء االصطناعي أداة أساسية في تطبيق «فرابيه»؛ إذ إنه يتيح للتطبيق تحليل األنماط اللغوية التي تؤثر على آراء الـقـراء. وهنا يقول نـاكـوف، خــال حـــواره مـع «الـشـرق األوســـط» عن قـــدرات التطبيق: «يُــعـد الــذكــاء االصـطـنـاعـي في (فـرابـيـه) عنصرًا أساسيًا فـي تحليل وتصنيف واكتشاف األنماط اللغوية املعقّدة التي تؤثر على آراء القراء وعواطفهم». ويضيف أن هذا التطبيق «يستخدم الذكاء االصطناعي لتحديد أساليب اإلقـنـاع والدعاية، مثل الشتائم ولغة الترهيب، والتنمّر واملبالغة والـتـكـرار. ولقد جـرى تدريب تقنية مختلفة غالبًا 23 النظام على التعرّف على ما تكون دقيقة ومعقّدة في محتوى الوسائط في العالم الحقيقي». ويـــتـــابـــع نـــاكـــوف شـــرحـــه: «... ويـسـتـخـدم الــتــطــبــيــق أيـــضـــ الــــذكــــاء االصـــطـــنـــاعـــي إلجـــــراء تحليل الـتـأطـيـر، أي لـتـوصـيـف وجــهــات النظر الرئيسة التي تُناقش قضية ما من خللها مثل األخــاق والعدالة واملـسـاواة والهوية السياسية والثقافية ومــا إلــى ذلــك. ويسمح هــذا للتطبيق بـتـمـيـيـز اإلطـــــــارات األســـاســـيـــة الـــتـــي تـــؤثّـــر على كيفية سرد القصص وإدراكها، وتسليط الضوء على اإلطارات املهيمنة في املقالة ومقارنتها عبر مصادر الوسائط والبلدان واللغات». التحيزات اإلعالمية من جهة ثانية، بي التحديات الكبرى التي يواجهها الباحثون في تطوير تطبيقات الذكاء االصـطـنـاعـي، ضـمـان املـوضـوعـيـة والتقليل من الـتـحـيّــز. وفـــي هـــذا الــجــانــب، يـوضـح نــاكــوف أن «فــرابـيـه» يــركّــز عـلـى تـحـلـيـل الـلـغـة املستخدمة فــــي املـــــقـــــاالت ولــــيــــس عـــلـــى تــقــيــيــم صــحــتــهــا أو مــوقــفــهــا الـــســـيـــاســـي، وكـــذلـــك يـعـتـمـد الـتـطـبـيـق على تصنيفات موضوعية وضعها صحافيون محترفون لتحديد أساليب اإلقناع والدعاية، ما يقلل من مخاطر التحيّز. وبـالـفـعـل، تمكن «فــرابــيــه»، حـتـى اآلن، من تحليل أكثر من مليوني مقالة تتعلق بمواضيع مثل الـحـرب الـروسـيـة األوكـرانـيـة وتغير املناخ. 100 ويــدعــم التطبيق راهــنــ تحليل املـحـتـوى بــــ لــغــة، ويـخـطـط الــفــريــق لـتـوسـيـع نـطـاقـه ليشمل لغات إضافية وتحسي دقة التحليل، ما سيعزّز قدرة التطبيق على فهم األنماط اإلعلمية عامليًا. وفــــي حـــن يــأمــل الــبــاحــثــون أن يـصـبـح هــذا التطبيق أداة أساسية للصحافيي واألكاديميي لفهم أساليب اإلقناع والدعاية، يشير ناكوف إلى أهمية تطوير مثل هذه التقنيات ملساعدة الناس عــلــى الـتـمـيـيـز بـــن الــحــقــائــق والـــدعـــايـــة، خـاصـة فـــي عـصـر تـــزايـــد اســتــخــدام املــحــتــوى «املــؤتــمــت» واملعلومات املضللة. وبالتوازي، يسهم «فرابيه» بـــــدور حـــيـــوي فـــي تــمــكــن الــجــمــهــور مـــن تحليل األخــبــار بطريقة أكـثـر وعـيـ ومـوضـوعـيـة، ووفـق ناكوف: «في عصرنا الحالي، يمكن أن تُستخدم أسـالـيـب اإلقــنــاع لتضليل الــنــاس؛ ولـهـذا السبب نحتاج إلى أدوات تساعد في فهم اللغة التي تشكّل أفــكــارنــا». وبـالـتـالـي، مــن خـــال اسـتـخـدام الـذكـاء االصطناعي، يمكن أن يصبح «فرابيه» نموذجًا لتطبيقات مستقبلية تسعى لتعزيز الشفافية في اإلعلم وتقليل تأثير التضليل اإلعلمي. مكافحة «األخبار المزيّفة» في سياق متصل، تمثل خوارزميات الذكاء االصطناعي نقلة نوعية فـي مكافحة «األخـبـار املـــزيّـــفـــة»؛ حــيــث تـعـتـمـد عــلــى تــقــنــيــات مـتـقـدمـة لتحليل النصوص والصور ومقاطع الفيديو. ومن بي أبرز التقنيات املستخدمة في هذا املجال يمكن أيضًا تحليل النصوص؛ إذ تعتمد خوارزميات معالجة اللغة الطبيعية على تحليل لغة املــقــاالت والتحقق مـن األســلــوب، واكتشاف املؤشرات اللغوية التي قد تشير إلى التضليل. كذلك تعمل أدوات الذكاء االصطناعي على الـتـحـقّــق مــن املـــصـــادر، وبــاألخــص مــن موثوقية املصادر اإلعلمية من خلل تحليل تاريخ النشر والــتـكـرار واملـصـداقـيـة، والـتـعـرف عـلـى التزييف الــبــصــري عـــن طــريــق اســتــخــدام تـقـنـيـات التعلم الــعــمــيــق لـلـكـشـف عـــن الـــصـــور أو الــفــيــديــوهــات املزيفة باستخدام خـوارزمـيـات يمكنها تحديد التلعبات البصرية الدقيقة. التحديات المستقبلية ولكن، على الرغم من النجاح الكبير للذكاء االصطناعي فـي هــذا املـجـال، ال بـد مـن الـقـول إن التحديات ال تزال قائمة. من هذه التحديات تزايد تعقيد تقنيات التزييف، بما في ذلك عبر تطوّر تقنيات مثل «التزييف العميق» الذي يزيد مهمة كـشـف «األخـــبـــار املــزيّــفــة» صـعـوبـة. وأيــضــ ثمة مشكلة «تـحـيّــز الـبـيـانـات (أو املـعـطـيـات)» حيث يمكن أن تتأثر خوارزميات الذكاء االصطناعي ببيانات التدريب، ما قد يؤدي إلى نتائج قليلة الـــدقـــة أو مــتــحــيــزة. وبــالــطــبــع، ال نـنـسـى أيـضـ إشكالية التنظيم القانوني مـع طــرح استخدام الـــذكـــاء االصـطـنـاعـي فــي هـــذا الـسـيـاق تـسـاؤالت حـــــول الـــخـــصـــوصـــيـــة واملـــوثـــوقـــيـــة واملـــســـؤولـــيـــة القانونية. الدكتور بريسالف ناكوف (لينكد إن) أبوظبي: مساعد الزياني
RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==