issue16831

5 سوريا ما بعد األسد NEWS Issue 16831 - العدد Friday - 2024/12/27 اجلمعة ASHARQ AL-AWSAT داخل قصور الحاشية في «قرى األسد»... أناقة دولة الجريمة المنظمة شـــجـــرة مـــيـــاد غــيــر مـكـتـمـلـة الــتــزيــن تنتصب وســط الـصـالـون الكبير فـي قصر اللواء الركن كمال علي حسن، رئيس شعبة املخابرات العسكرية لدى الرئيس السوري املـخـلـوع بـشـار األســــد، تـوحـي بـــأن العائلة رحــلــت عـلـى عـجـل قـبـل االنــتــهــاء مــن مهمة التزيي. زارت «الشرق األوســط» املنزل - ضمن مـــنـــازل أخــــرى فـــي املـنـطـقـة - بـعـدمـا أصـبـح بعهدة أحد الفصائل املسلحة التابعة إلدارة العمليات العسكرية في القيادة العامة التي تـقـودهـا «هيئة تحرير الــشــام»، وذلـــك بعد أيام على دخولها دمشق. 4 نحو ويــقــول قـائـد املـجـمـوعـة (مـفـضِّــا عـدم ذكــــر اســــمــــه): «تــــم تــفــريــغــنــا ملــهــمــة حـمـايـة املمتلكات والقصور في هـذه املنطقة (قرى األسد)، ألنها تعرضت للسلب والنهب فور هروب أصحابها». وفــــــي حــــن أن األمــــــــور مـــتـــروكـــة عـلـى حــــالــــهــــا، يــــنــــام املـــســـلـــحـــون عـــلـــى فـــرشـــات إسفنجية في الصالون قرب موقد الحطب، ويــســتــخــدمــون املــطــبــخ ألداء حـاجـيـاتـهـم، بــــيــــنــــمــــا يـــــقـــــضـــــون الـــــنـــــهـــــار فـــــــي الــــــخــــــارج بالحراسة. وبــدت عـامـات السلب والنهب الـــتـــي ســبــقــت وصــــــول املـــجـــمـــوعـــة واضـــحـــة للعيان؛ فل شاشات تلفزيون أو غساالت، كما اختفت غالبية األدوات الكهربائية. وال تــبــدو عـلـى املـسـلـحـن أي عـامـات اهـــتـــمـــام بـالـتـفـاصـيـل الـــفـــاخـــرة مـــن ثــريــات كريستال إيطالي أو أثاث أو ستائر حريرية أو أســــــــرَّة وثــــيــــرة أو مـــســـتـــودع املــــشــــروب املـــســـتـــورد، وبــعــضــه صــنــاديــق مـــن الـنـبـيـذ 2800 الفاخر الذي يناهز سعر زجاجة منه دوالر. كـل ذلــك بالنسبة إليهم دلـيـل إضافي على حياة البذخ التي عاشها رجال السلطة على حسابهم. ويقول أحدهم: «عندما يدخل جيشهم إلـى منزلنا ومناطقنا ال يتركون أبـوابـا أو بلطا أو حديدًا أو شرائط كهربائية داخل الــجــدران. يقومون بـ(التعفيش) املنهجي؛ فل يبقى من بيوتنا إال هياكل عظمية... هل كانوا فعل يحتاجون إلى ذلك؟». يطرح سؤاله األخـيـر، وهـو يشير إلى طـوابـق 4 فـخـامـة مــنــزل حـسـن املـمـتـد عـلـى يـــمـــكـــن الـــتـــنـــقُّـــل عـــبـــرهـــا بــــواســــطــــة مـصـعـد كهربائي، وتتضمن أجنحة نـوم ومعيشة مـتـفـرقـة، إضــافــة إلـــى قـاعـة ريــاضــة خاصة وحديقة ومسبح كبيرين. اللواء الركن... «ملياردير األمن» وملـن ال يعرف كمال علي حسن؛ فهو، بــاإلضــافــة إلـــى حـمـلـه رتــبـة لــــواء ركــــن، كـان يُـــطـــلِـــق عـلـيـه مـــعـــارضـــون أوصــــافــــا كـثـيـرة، منها «مهندس املهمات القذرة» و«ملياردير األمـــن» و«راعــــي الشبيحة»، وغـيـر ذلــك من نــعــوت تـعـكـس نــفــوذ الـــرجـــل الــــذي تلحقه اتهامات الفساد والتنكيل. وجاءت ترقيته العسكرية إلى لواء ركن قبل نحو عام، على رغم إدراجـه على الئحة العقوبات األميركية. ومـن أبــرز املهام التي أشـرف عليها حسن عمليات التعذيب التي نُفذ جـزء كبير منها في فـرع أمني بقيادته ووثّقته صور عُرفت بـ«ملفات قيصر». أمـــــا كــــونــــه مــــلــــيــــارديــــرًا؛ فــــأنــــه شـــكَّـــل، بحسب اتهامات املعارضة، «عقدة رئيسية» فــــي حــلــقــة الـــتـــخـــادم االقــــتــــصــــادي الـضـيـقـة املـــرتـــبـــطـــة بـــــاألســـــد، إضــــافــــة إلـــــى مــمــارســة االبـتـزاز على نطاق واســع، ال سيما ألهالي املعتقَلي. ولعب حسن دورًا في رعاية عدد مـن امليليشيات والعصابات الناشطة عبر الــــحــــدود الـلـبـنـانـيـة - الـــســـوريـــة، املـخـتـصـة بالخطف مقابل فـديـة، واالبــتــزاز الجنسي، وجـمـع اإلتــــاوات، وأبــرزهــا عصابة شخص يُدعى «شجاع العلي». تجمع قصور الحاشية و«قــرى األســد»؛ حيث يقع قصر كمال علي حسن، هي، كما يعفور املجاورة، تجمُّع لـلـقـصـور والــفــيــات الــتــي تـمـلـكـهـا حاشية بشار وأسماء األسد من رجال أعمال وقادة أمنيي وعسكريي برتب رفيعة. وتـــقـــع عــنــد هـضـبـة مـرتـفـعـة فـــي ريــف دمــــشــــق الــــغــــربــــي، عـــلـــى بُــــعــــد نـــحـــو نـصـف سـاعـة مــن الـعـاصـمـة، ومثلها مــن الـحـدود اللبنانية الـتـي فـــروا عـبـرهـا لحظة هــروب قائدهم، تاركي خلفهم كل شيء إال أموالهم وذهـــبـــهـــم. وتـــــــردَّد أن مُـــســـيّـــرة إسـرائـيـلـيـة اســتــهــدفــت مـــاهـــر األســــــد، شــقــيــق الــرئــيــس املـــخـــلـــوع، الـــرجـــل الـــثـــانـــي فـــي نـــظـــامـــه، في أحد قصوره بهذه املنطقة، نهاية سبتمبر (أيلول) املاضي. وفـــي حــن تشير الفــتــات صـغـيـرة إلـى أزقَّــــــة تـــــؤدي إلــــى بــعــض الـــفـــيـــات واملــــــزارع الـخـاصـة، فـــإن قـصـور الـــدائـــرة الضيقة من الحاشية تنتصب خلف أســـوار عالية، فل يظهر منها للعيان إال أسقفها أو أشجار الــحــدائــق املـنـمَّــقـة فـيـهـا، ويـحـتـاج الـتـعـرف عليها إلــى مقاطعة دقيقة للمعلومات مع أطراف متعددة. ومـــثـــال عــلــى ذلــــك مــجــمَّــع الــقــاطــرجــي الفخم، الــذي يعود لرجل األعـمـال السوري املقرب من األسد محمد براء قاطرجي الذي كان مدرجا على الئحة العقوبات األميركية، ويُعتقد أن إسرائيل قتلته بغارة استهدفته فـــي هـــذه املـنـطـقـة مـنـتـصـف يـولـيـو (تــمــوز) املاضي. حزام بؤس... من المؤيدين ويعاكس بياض أســـوار هـذه القصور املــــزيــــنــــة بــــأشــــجــــار عــــالــــيــــة وزرع مـــنـــمّـــق ومـجـسَّــمَــن عـلـى شـكـل أســـدَيْـــن وُضِــعــا من جهة وأخـــرى للبوابة الضخمة، املساحات القاحلة واملهملة املحيطة به. ويـــتـــوزع املـجـمـع عـلـى طــرفَــي الـطـريـق املعروف بي السكان بـ«شارع القاطرجي». ويـــبـــدو أن مـــزيـــدًا مـــن أعـــمـــال الــبــنــاء كـانـت تجري فيه حتى وقت قريب. ويـقـول قائد املجموعة املكلفة حماية املــــكــــان لـــــ«الــــشــــرق األوســـــــــط» إن «غــالــبــيــة الــقــصــور الــتــي هـــرب أصـحـابـهـا فُـــرّغـــت من كل ما يمكن حمله واالستفادة منه. فالقرى الـسـوريـة املحيطة لـقـرى األســـد، وإن كانت على عهده، لكنها تعيش فقرًا مدقعا». وإذ تـــبـــدو «قــــــرى األســـــــد» أو مـنـطـقـة الـــقـــصـــور، كــمــا تُـــســـمَّـــى، بـقـعـة خـــارجـــة عن السياق العام لجهة حسن التنظيم املدني، وتـــســـلـــســـل الــــقــــصــــور واملـــــــنـــــــازل الــــفــــاخــــرة وتــرقــيــمــهــا، واألشــــجــــار والـــنـــبـــات الـكـثـيـفـة والنظافة العامة، تصدمك املناطق والقرى امللصقة لها بكونها أحزمة بؤس فاقع بكل املعايير. فحتى الكهرباء التي كانت تغذي تلك املنطقة الثرية بـ«خط ذهبي» ال ينقطع، لــم تـشـمـل هــــؤالء الــجــيــران املــعــدَمــن الـذيـن شكّلوا قاعدة صلبة للنظام، على أرضيات طائفية في معظم الحاالت. تحت حماية «الفرقة الرابعة» وفي وقت يستوقفك مقر شرطة ببناء حـــديـــث عـــنـــد مـــدخـــل الــــقــــرى، بــعــكــس أفــــرع الشرطة واألمـن في بقية مناطق العاصمة، تعلم أن أمن املنطقة ال يتوقف عليه، وإنما على مقار «الفرقة الرابعة» املمتدة على طول الـطـريـق الـسـريـع املـــؤدي إلـيـهـا، والـحـواجـز الـــعـــســـكـــريـــة الـــكـــثـــيـــرة الـــتـــابـــعـــة لــــهــــا، الــتــي تسلَّمتها اليوم فصائل من القيادة العامة لـ«هيئة تحرير الــشــام». لكن دبــابــات هذه الفرقة ال تزال على جانبي الطريق. وبـــيـــنـــمـــا تـــــجـــــول بــــنــــا الـــــســـــيـــــارة بــن القصور املختبئة خلف أسوار عالية، يشير مــرافــقــي إلــــى مــوقــع وُجِـــــد فــيــه قــبــل يـومـن مخزن لـ«الكبتاغون»، وقال: «وصلت إلينا إخبارية عن معمل (كبتاغون) هنا بي هذه الـقـصـور. تـوجـهـت قـــوة مسلحة ملداهمته، لــكــنــه كـــــان فــــارغــــا، ولـــــم يـــبـــق مـــنـــه إال آثــــار ألكياس وطرود». وأضاف أن «غالبية املخبرين والوشاة الـــذيـــن كـــانـــوا يـعـمـلـون لـــدى الــنــظــام سابقا رفعوا العَلَم الجديد، وأصبحوا يتوددون إلــيــنــا ويــــريــــدون الــعــمــل لــــدى الـهـيـئـة اآلن، ولكن ال يمكن الوثوق بهم كثيرًا». وأضاف: «أفـــضـــل مـــا يـــقـــومـــون بـــه هـــو الـــوشـــايـــة عن سرقة، أو دخـول أحد األشخاص إلى قصر إلحراق أدلَّة وإخفاء وثائق». محاولة لحرق وثائق في قصر ذراع أسماء األسد وبالفعل، بعد أيام من البحث عن قصر يسار إبراهيم، الذراع املالية ألسماء األسد، الـــــذي ذكـــــرت تـــقـــاريـــر أنــــه رافـــــق بـــشـــار إلــى موسكو يـوم الـهـروب، جــاءت إخبارية بأن ثمة حريقا في حديقة القصر. توجهت مجموعة من مسلحي الهيئة، فــــــإذا بـــســـيـــدة تــعــمــل لـــــدى عـــائـــلـــة إبـــراهـــيـــم يـرافـقـهـا عـنـصـر مـــن الـــحـــرس الـجـمـهـوري، بحسب هويته التي اطلعت عليها «الشرق األوســـــــــــــط»، يــــقــــومــــان بــــحــــرق املـــســـتـــنـــدات والوثائق املتروكة في املنزل كافة. أُصيبا بــهــلــع شـــديـــد وســـلَّـــمـــا مــــا بـــقـــي مــــن أوراق وسيارتهما وسلح للمسلحي. واللفت أن كثيرًا مما عاينته «الشرق األوســط» بي الوثائق واألوراق املضبوطة مرتبط بلبنان؛ مـن خـرائـط ملناطق معينة وقـصـاصـات صـحـف تفصيلية للتغطيات الصحافية الغتيال رئيس الوزراء اللبناني األسبق رفيق الحريري، وتداعياته. ويـــــســـــار إبـــــراهـــــيـــــم هـــــو رجـــــــل أعــــمــــال تُــتـهَــم أســمــاء األســــد بـــ«اخــتــراعــه» إلطـاحـة إمــــبــــراطــــوريــــة رامـــــــي مـــخـــلـــوف، ابـــــن خــالــة بـشـار؛ فكان الـواجـهـة االقتصادية واملالية لإلمبراطورية الجديدة للعائلة الحاكمة. وبــدأ إبراهيم مـسـاره بـأن أنشأ شركة اتصاالت يمتلك «الحرس الثوري» اإليراني جزءًا كبيرًا منها، ثم استولى على شركتي االتــصــاالت الرئيسيتي فـي سـوريـا، وهما «إم تي إن» و«سيريا تل» (وكانت من حصة مخلوف). كما أنشأ عـددًا من الشركات في مـــاذات ضريبية لللتفاف على العقوبات الـدولـيـة وإدارة األمـــوال املتأتية مـن تجارة «الكبتاغون». تـــتـــســـاءل: ملـــــاذا قـــد يـحـتـفـظ رجــــل من عـــيـــار يـــســـار إبـــراهـــيـــم بــقــصــاصــات صحف عــن اغـتـيـال الـحـريـري وخـريـطـة ملرجعيون وحـــــرمـــــون الـــلـــبـــنـــانـــيـــتَـــنْ، مـــؤرشـــفـــة بــدقــة وعـــنـــايـــة، مـــع مـــاحـــظـــات بــخــط الـــيـــد أعـلـى الصفحات؟ وماذا يخبِّئ ما أُتلف من أوراق ومستندات أو ما لم يُكتشف بعد؟ أسئلة كثيرة قد ال تتم اإلجابة عنها إال بملحقة هؤالء الرجال والنساء وإحالتهم إلــــى مــحــاكــمــات يــكــشــفــون فــيــهــا مـاضـيـهـم وماضي بلدَيْن ارتبط مصيرهما بالرغبة حينا، وباإلكراه أحيانا. احتمال بعيد. على األقل حتى اللحظة. لمشاهدة نسخة تفاعلية من هذا التقرير شعار القيادة العامة للعمليات العسكرية في صالون منزل اللواء كمال علي حسن (الشرق األوسط) مسبح منزل رئيس االستخبارات العسكرية الهارب (الشرق األوسط) دمشق: بيسان الشيخ بعد أيام من فرار األسد، حاولت مساعدة ليسار إبراهيم وجندي من الحرس الجمهوري إحراق وثائق في قصر الذراع المالية ألسماء األسد يسار إبراهيم كمال علي حسن بشار األسد مع محمد براء القاطرجي

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==