issue16828

تــبــدو ســـوريـــا الـــيـــوم مـنـقـسـمـة أكــثــر وأشـــد من أي وقـت مضى، وتتجسد خطورة الانقسام فـي أنــه صــار بـن قــوى مسيطرة خـــارج النظام، وليس انقساماً بي النظام الذي أطيح به والقوى الخارجة عنه، إضافة إلى حقيقة أن النظام وقد تمت إطاحته، له حضور مغطى، ولديه قوة ذات إمكانات مادية وبشرية، وبعض تعبيراته لها نشاط علني تحت واجـهـات مختلفة وبوسائل متعددة، وبعض آخـر موجود على شكل خلايا نائمة يمكن أن تنطلق في أي لحظة؛ مما يجعل خريطة الـصـراع الـسـوري مـوزعـة فـي ثـ ث قوى رئيسة تتصارع وفق ظروفها وأهدافها. أول الـــــقـــــوى وأهــــمــــهــــا «إدارة الـــعـــمـــلـــيـــات الـعـسـكـريـة» الـتـي يـتـولـى إدارتـــهـــا أحـمـد الـشـرع زعيم «هيئة تحرير الشام»، وقد باتت من لحظة إسقاط نظام الأسد وفرض السيطرة على أغلب الأراضي السورية، أكثر القوى شرعيةً في ضوء التفاعلات الداخلية والإقليمية والدولية معها، وفـــــي ضـــــوء أغـــلـــب خـــطـــواتـــهـــا ومـــواقـــفـــهـــا الــتــي وجـدت صدى مقبولاً في الداخل والـخـارج؛ مما أعطاها، إلـى جانب علاقاتها القوية مع تركيا، حيزاً من قوة في التعامل مع الطرفي الآخرين؛ إذ فـتـحـت بــــاب الــــحــــوار مـــع «الإدارة الـــذاتـــيـــة»، وتعبيراتها السياسية والعسكرية مـع الأولــى، وتتابع ملاحقة فلول نظام الأسـد وتنفتح على بعض حاضنته، وسـط مساعي التقارب مع كل السوريي. الطرف الثاني في الخريطة تمثله «الإدارة الــذاتــيــة» الـتـي يـديـرهـا فــي الـظـل حـــزب الاتـحـاد الــديــمــقــراطــي الــــكــــردي، وواجــهــتــهــا الـسـيـاسـيـة «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد)، وذراعها العسكرية «قــوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، وتسيطر على مناطق في أربـع محافظات تمتد فـــي شــمــال وشــــرق ســـوريـــا، هـــي الـحـسـكـة وديـــر الزور والرقة وحلب، فيها أهم مراكز ثروة البلاد مــن المــيــاه والأراضـــــي الــزراعــيــة والـنـفـط والــغــاز، وكـلـه يشكل إلــى جـانـب عـ قـة «الإدارة الذاتية» بــالــولايــات المـتـحـدة والـتـحـالـف الـــدولـــي للحرب على «داعـش» قوة دعم بقاء واستمرار «الإدارة» رغــم عدائها المـتـبـادل وتصادمها العسكري مع تركيا. إن صراع «إدارة العمليات العسكرية» التي يقودها أحمد الشرع مع «الإدارة الذاتية» سواء فــي المـسـتـوى الـسـيـاسـي كـمـا هــو حـالـيـ ، أو في المـسـتـوى العسكري وفــق مـا هـو محتمل، يمثل تـحـديـ خـطـيـراً؛ إذ لــم يـتـم الـتـوصـل إلـــى تـوافـق وحــل سياسي للاختلافات القائمة، يـوفـر على الـــطـــرفـــن وعـــلـــى عـــمـــوم الـــســـوريـــن آثــــــار صــــدام مـسـلـح، يـتـرك آثــــاراً قـاسـيـة عـلـى الـطـرفـن وعلى سوريا ومستقبلها، ولا شك أن تدخل الفاعلي الذين أداروا عملية التغيير في سوريا سيوقف التداعيات السلبية، ويقرب فـرص حل سياسي هو أقرب إلى موقف «إدارة العمليات»، خاصة في ظل ما يمثله فلول نظام الأسد من خطر إحداث بلبلة وفوضى في بعض المناطق السورية. إن تــعــدد قـــوى الـــصـــراع بـوضـعـهـا الـحـالـي يمثل خطراً يستحق الانتباه الشديد ومعالجته عـاجـ ً، خاصة في ضـوء ما صـدر من إعلانات بـن «قـسـد» و«إدارة العمليات»، وســـوف يوفر الحل العاجل جهداً وتكاليف ناتجة عن بقائه واحتمالاته، خاصة وسط تشظّ وضعف يحيط بــالــجــمــاعــات الــســيــاســيــة المــــوزعــــة بـــن الـــداخـــل والــشــتــات الـــســـوري، والـــتـــي تـحـتـاج الـــيـــوم إلـى مبادرات تجمعها من خلال مقاربات سياسية لـــلـــقـــضـــايـــا الـــعـــاجـــلـــة والمُـــــلـــــحّـــــة فـــــي المــــوضــــوع السوري، ومنها بحث فكرة المشاركة وأشكالها المقترحة في إدارة العهد الجديد، ووضع جداول بالقضايا الأساسية في جدول الأعمال، وإعادة إصــــ ح الـهـيـاكـل الـتـنـفـيـذيـة والإداريـــــــة لـلـدولـة الــســوريــة. ومـــن شـــأن الـــذهـــاب فــي هـــذا الاتـجـاه فـتـح آفــــاق أفــضــل فـــي الــعــ قــات الـبـيـنـيـة ســـواء فـــي عـــ قـــات الــجــمــاعــات الـسـيـاسـيـة مـــع «إدارة الــعــمــلــيــات» وحــكــومــتــهــا، أو فـــي الـــعـــ قـــة بي الـجـمـاعـات السياسية المصطفة خـــارج النظام الجديد. وبخلاف ما هي عليه الحال من احتمالات فـــي مـــوضـــوع الــجــمــاعــات الـــســـوريـــة والــعــ قــات بينها فـي حـالـتَـي الــصــراع والــتــقــارب، فــإن حال الــشــخــصــيــات وعـــ قـــاتـــهـــا تـــبـــدو أكـــثـــر صـعـوبـة وتعقيداً؛ نتيجة ما عاشته وشهدته البلاد من تطورات في ظل الحروب، وما أحاط بالسوريي في الداخل وبلدان الشتات في نحو عقد ونصف مـــن الـــســـنـــوات مـــن تـــجـــارب مـخـتـلـفـة ومــتــعــددة، وكلها منعت إنتاج تقاربات بينهم رغم الحاجة المُلحّة والضرورات السياسية. إن إنتاج وتطوير تقاربات فكرية وسياسية بـــن الأشـــخـــاص الـــســـوريـــن، بـمـن فـيـهـم النخبة السياسية، أمر ضروري ليكون لهم دور وتأثير في واقع ومستقبل سوريا. والطريق إلى التقارب يــبــدأ بتبني روح إيـجـابـيـة فــي طـــرح ومناقشة القضايا على اعتبار أنها لا تهم أصحابها فقط، بـل تهم أغـلـب الـسـوريـن، إن لـم يكن كلهم، مثل طبيعة نظام الدولة، وقضايا الحريات، وحقوق الإنسان، والمشاركة السياسية. ومــن المـؤكـد ضـــرورة ربــط الـــروح الإيجابية في طرح ومناقشة القضايا مع تكريس نشاطات عـمـلـيـة داعـــمـــة تــقــوم بــهــا جـمـعـيـات ومـنـتـديـات وهـــيـــاكـــل مـــدنـــيـــة وأهــــلــــيــــة، تــنــســق الـــنـــشـــاطـــات وتديرها وصـولاً إلى غايتها، وتعطيها ملامح التوافق دون تبعية، والاختلاف بلا عداء، وتشيع تـــفـــاعـــً فــــي الـــفـــضـــاء الــــعــــام يـــكـــرس الإحـــســـاس بالمشاركة والمسؤولية عما يحدث، ويخلق عبر التجارب العملية شخصيات جديدة ومؤثرة في إدارة الدولة والمجتمع في سوريا الجديدة. Issue 16828 - العدد Tuesday - 2024/12/24 الثلاثاء ثـ ث خـرائـط تحوم فـي جغرافيا المنطقة العربية. الخريطة الأولى: الخريطة الصفوية، والثانية: الخريطة الــتــوراتــيــة، والـثـالـثـة: الـخـريـطـة الـعـثـمـانـيـة. تتسم تلك الخرائط بأنها غير عربية بالمطلق، أي أن قوى خارجية هي التي تتسارع على جغرافية العرب. الـخـريـطـة الــصــفــويــة، وضــعــت نـفـسـهـا فـــي المـقـدمـة عاماً، أي منذ أحداث إيران عام 45 لزمن طويل يعود إلى ، فكان لها أذرع ووكلاء علنيون، ارتفعت وتيرتها 1979 في بعض الأحيان، وانخفضت في أحيان أخرى. كــــان قــوســهــا يــمــتــد مـــن لــبــنــان إلــــى ســــوريــــا، ومــن العراق إلى اليمن، وكانت تطمح إلى ضم دولة أذربيجان لتكوين الخريطة التي قال عنها الخميني عندما وطئت قدماه أرض إيران، عائداً من منفاه الباريسي: «لقد حكم الــعــرب هـــذه المـنـطـقـة لـــقـــرون، ثــم حكمها الأتـــــراك لـقـرون أخرى، وآن الأوان لأن يحكمها الفرس لقرون مقبلة». عاماً أنــه سيكون 45 لـم يتخيل الخميني أنــه بعد عـــلـــى مــــوعــــد مـــــع تـــمـــزيـــق الـــخـــريـــطـــة الــــتــــي تـــخـــيـــل أنـــه سيحكمها بثورته الصفوية، ولم يتصور أن يوم السابع في غـزة الصغيرة 2023 من أكتوبر (تشرين الأول) عـام كـيـلـومـتـراً مــربــعــ ، سـيـكـون الـسـهـم الــــذي يصيب 365 بــــــ الغزالة الفارسية، بل يصيب سويداء القلب في لبنان، وطــار ذلــك السهم إلــى قلب دمشق جـوهـرة الـرؤيـة التي كان يبني عليها آمـالاً عظمى في اتساع دائـرة التمكي، إذ فجأة انفرط العقد، يـوم الثامن من ديسمبر (كانون .2024 الأول) عام في صباح ذلك اليوم أيقنت طهران أن حلم مرشدها تهاوى وتبخر، وكأنه حلم ليلة صيف عمرها ما يقارب نصف قـرن. كل شـيء تغير، الخرائط تحدد بوصلتها. إيران تعود خلف حدودها التاريخية، وكأنها كانت في رحـلـة سـريـعـة، تـزاحـمـت الأفــكــار فـي ورثـــة عـقـول القائد . اصـطـدم الحلم 1979 الـــذي كــان منفياً فـي بـاريـس عــام بـــالـــواقـــع، ووجـــــدت طـــهـــران نـفـسـهـا تـنـكـمـش، وتـتـعـامـل بواقعية مستلهمة من التاريخ الفارسي القديم. ثـمـة خــرائــط قـديـمـة، تستيقظ مــن سـبـات تاريخي طويل أيضاً، يمتد إلـى قـرن من الـزمـان، أي منذ توقيع ، الـتـي مــن خـ لـهـا تــم تحديد 1923 اتـفـاقـيـة لــــوزان عـــام حـدود تركيا الحالية، التي لم تـرضَ عنها في أي وقت، لكنها تكيفت وتعايشت معها. في رأي أنقرة أن المائة عام انقضت، وراحت تبحث في دفاترها القديمة، لتستعيد ما تعتقد أن خرائطها في المنطقة العربية، وترى أنقرة أن الظرف والوقت مناسبان لتحقيق استعادة نفوذها الـذي كان يقال عنه ذات يوم إنه يمتد إلى مساحة ثلاث قارات في العالم القديم. وكما نرى فإن أحلام الخرائط تتطاير، وتسقط على اليابسة العربية والأنهار والبحار التي لا تزال تتكلم لغة الضاد. هـــذه الأحــــ م تـصـطـدم بــأحــ م أوروبــــا الـتـي قامت بتمزيق الخريطة القديمة فيما عرف باتفاق «سايكس بيكو» في أوائل القرن الماضي، فهل يمكن أن تترك أوروبا الـــخـــرائـــط فــريــســة لأنـــقـــرة؟ وهــــل يـمـكـن أن تــكــون أنــقــرة مستعدة لتحمل تكاليف المعركة الوجودية مع النفوذ الغربي الذي لا شك أن لديه مصالح عظمى في الخريطة العربية؟ وهـل ستتكيف الخرائط مع تلك الأحــ م التي انتهى أوانها منذ قرن مضى؟ أني الخرائط لم يعد مكتوماً، والصرخة هذه المرة عاماً، وليست آتية من مائة عام، بل 45 ليست مقبلة من تـعـود إلــى أكـثـر مـن ثـ ثـة آلاف عـــام، حيث إن هـنـاك من يدعي أن لديه خريطة آتية من السماء هذه المرة، وليست مـن الأرض، تـعـود إلــى وعــد لجماعة كـانـت تـريـد مجرد وطن في جزء من أرض فلسطي، فإذ بها تقول إن الوعد يمتد من النيل إلى الفرات، بل ظهر بعد يوم الثامن من ديسمبر في دمشق، أن هناك من يقول إنها تمتد أبعد من ذلك لتشمل الأراضي السورية القديمة، وكامل أرض العراق، ولا نعرف الأبعاد المخبوءة في أذهـان أصحاب هذه الخريطة، فرئيس وزراء إسرائيل بنيامي نتنياهو يقول إن أيدينا تطال كل الشرق الأوسط، وتغير خرائطه الآن، ومـن يلتحق بنا فهو الفائز، وفـي مـرة أخــرى قال إن أيدينا تطال كل مكان في العالم، بل إن وزير ماليته بتسلئيل سموتريتش يقول بعد قصف سوريا بالكامل، وتدمير أسلحتها، واحـتـ ل جبل الشيخ، إن الخريطة التوراتية تمتد إلى الأراضي السورية من دون شك. بــالــطــبــع هــــذه الــخــريــطــة تـخـتـلـف عـــن الـخـريـطـتـن السابقتي، فهي تستمد رؤيتها من القدسية الدينية، وهنا مربط الفرس، فذلك يشكل تعقيداً أو تشابكاً وطنياً وعقائدياً وإنسانياً. بي الخرائط الثلاث، يجد العرب أنفسهم في ملتقى العواصف والتصادمات والارتطامات بي الحالمي بهذه الخرائط، لذا أعتقد أن الخريطة المثلى والحقيقية التي تناسب الشعوب والاستقرار والتسامح والحضارة هي الخريطة العربية الــواحــدة، كما صادفتها الجغرافيا، وشاءها التاريخ. حُسْنُ الحظِ الـذي كـان وراء قـرار الجمعية 24 الـعـامـة لـأمـم المـتـحـدة باستقلال ليبيا يــوم ، لازم ليبيا فترة 1951 ) ديسمبر (كـانـون الأول زمـنـيـة قـصـيـرة نـسـبـيـ ، ثــم تـخـلـى عـنـهـا فـجـأة، وغاب ضائعاً في طرق أخرى بمنعطفات كثيرة. الـذكـرى الثالثة والسبعون لـذلـك الـيـوم البهيج ديسمبر (كانون الأول) الجاري، 24 صادفت يوم مثيرة الآلام في القلوب، وفي النفوس حسرات. ذلــك الـيـوم البعيد والمـجـيـد، لـم يكن هديّة مـجّـانـيـة كـمـا يـظـهـر لـلـبـاحـثـن والــــدارســــن في وثائق الأمـم المتحدة، بل جاء عبر نضال سني طويلة، قضاها الليبيون تحت قسوة ووحشية اســتــعــمــار أوروبـــــــي فـــاشـــي، مــنــذ شــهــر أكـتـوبـر ، ولـــم يـنـتـهِ إلا شهر 1911 (تـشـريـن الأول) عـــام بـدخـول قـوات 1943 ) فـي يناير (كــانــون الـثـانـي الحلفاء منتصرة إلى طرابلس. واحـــــــد مـــــن شـــــعـــــراء تـــلـــك المــــرحــــلــــة الــشــيــخ المرحوم أحمد الشارف، خلد ذلك اليوم بقصيدة يـقـول مطلعها: عِـيـدٌ عليه مهابةٌ وجــــ لُ عِيدٌ وَحَسْبُك أنّه استقلالُ. الاســتــقــ لُ يـعـنـي امــتــ ك شـعـب لمــقــدراتــه، ويـــعـــنـــي خـــلـــو أرضــــــه مــــن كــــل مــــا مــــن شـــأنـــه أن ينقص مــن سـيـادتـهـا. والــســيــادة تعني امـتـ ك الـــقـــرار. والـــدولـــة الـنـاشـئـة الـفـقـيـرة الـتـي ظهرت وحملت اسم 1951 على خريطة العالم في عـام المملكة الليبية المـتـحـدة، ولــــدتْ رسـمـيـ نتيجة خـــ فـــات بـــن دول الــحــلــفــاء المــنــتــصــرة، أهـمـهـا كانت نيّة أميركا وبريطانيا قطع الطريق أمام عـــودة إيـطـالـيـا، ووأد حلم الاتــحــاد السوفياتي في الحصول على موطئ قدم على ساحل البحر المتوسط. حي كنّا صغاراً، كان ليوم الاستقلال طعمٌ مميزٌ. وكانت البلاد تحتفل به من أقصاها إلى أقصاها، من دون صدور أوامر عليا تُفرض من فوق. الفرحُ كان شعبياً وتلقائياً وتطوعياً. لكن بعد الانــقــ ب العسكري فـي الأول مـن سبتمبر ، أُلغيَ عيدُ الاستقلال ولم يعد 1969 (أيلول) عام له وجود. واعتبر قائد الانقلاب المشؤوم أن يوم هـو الأحــق بالاحتفال. 1969 الأول مـن سبتمبر وبـــذلـــك ألــغــى بـــجـــرّة قــلــم صــفــحــات نــاصــعــة من تاريخ الشعب الليبي في كفاحه ضد الاستعمار. أعـــادت 2011 ) إلا أن انـتـفـاضـة فــبــرايــر (شـــبـــاط الاعـــتـــبـــار لـــذلـــك الــــيــــوم، ولـــكـــن، لـــأســـف، لـفـتـرة قصيرة جداً. وما حدث ليس سرّاً خافياً على أحد. فحالُ ليبيا اليوم مكشوف للجميع. وهـو، في الوقت ذاتــه، لا علاقة له بحُسن الحظّ من سوئه. إذ لا علاقة للحظّ بأنواعه بأمور السيادة. الــنــتــيــجــة الــنــهــائــيــة لمــــا حـــــدث مــــن أحـــــداث وتــطــورات، منذ القضاء على النظام العسكري ، تــؤكــد عـلـى أن لـيـبـيـا فـقـدت 2011 فـــي أكــتــوبــر استقلالها، لافتقادها امـتـ ك الـقـرار السيادي، حتى وإن حافظت على عضويتها في الجمعية الــعــامــة لــأمــم المــتــحــدة وغــيــرهــا مـــن المـنـظـمـات الــــدولــــيــــة، وحـــافـــظـــت عــلــى رفـــــع الــعــلــم الــثــ ثــي الألــــوان فــوق المـبـانـي الحكومية وفــي الــشــوارع. الـقـرار الليبي لا وجــود لــه. والجيش الليبي لم يعد موجوداً. ووحدة الأرض الليبية تفتت. الاســـتـــعـــمـــار الأوروبــــــــي الــتــقــلــيــدي لـــم يعد ممكناً فــي الــقــرن الــواحــد والـعـشـريـن، هـــذا على الأقـــــل مـــا يــــــردده المــــؤرخــــون وغـــيـــرهـــم. وهــــو لا يعني أن الاستعمار اختفى، بل ظهر في صور أخــرى عـديـدة. والـذيـن خـرجـوا مـن المستعمرات مطرودين، سرعان ما عادوا من النوافذ خلسة، وبـأشـكـال مختلفة، اقـتـصـاديـة فـي أغلبها، في الـعـديـد مــن الــبــلــدان الـتـي اسـتـقـلـت بـعـد الـحـرب ،2011 العالمية الثانية. لكن فـي ليبيا بعد عـام عاد الاستعمار بشكله التقليدي القبيح، ممثلاً في وجــود قــوات أجنبية عــدة، تتمركز علناً في قواعد عسكرية، غرباً وشرقاً وجنوباً. والقرار الـلـيـبـي الـــســـيـــادي المـسـتـقـل تـــ شـــى هـــو الآخــــر، وصــار، منذ أعــوام، في أيـدي حكومات أجنبية. وفقد العلم والنشيد الليبيان معنيهما. وبـدلاً مـــن جــيــش واحــــد يـــدافـــع عـــن الــشــعــب، ويــصــون الأرض والــعــرض، تكاثرت الجيوش على طول الــرقــعــة الــجــغــرافــيــة لــلــبــ د، مــثــل طــفــح جــلــدي، بـمـسـمـيـات مـخـتـلـفـة، ورايــــــات مـخـتـلـفـة، بـهـدف الــــدفــــاع عـــن المـــصـــالـــح الــشــخــصــيــة والأجــنــبــيــة، وليس بهدف الدفاع عن الشعب الليبي، وأرضه وعرضه. ماذا بقي غير المرارة والحسرة من معنى للاحتفال بيوم عيد الاستقلال في ليبيا؟ الخريطة المثلى والحقيقية التي تناسب الشعوب والاستقرار والتسامح والحضارة هي الخريطة العربية الواحدة جمال الكشكي جمعة بوكليب فايز سارة OPINION الرأي 14ُ ... وَحَسْبُكَ أنّه استقلال تصادم الخرائط عن الجماعات والأشخاصوسوريا الجديدة تعدد قوى الصراع بوضعها الحالي يمثل خطراً يستحق الانتباه الشديد

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky