issue16823

يناير (كانون 9 أسابيع من موعد 3 على مسافة الثاني) لانتخاب رئيس للجمهورية ينهي شغوراً شــهــراً، لــم تـحـسـم الأمـــور 26 رئـاسـيـا مـضـى عـلـيـه بــعــد، وهـــنـــاك احــتــمــال بـــأن تــكــون الـجـلـسـة مـوعـداً لغربلة أسماء وحرقها بانتظار بدء ولاية الرئيس الأمــيــركــي دونـــالـــد تـرمـب الـثـانـيـة. يـشـي التعاطي العام بأن الزلزال السوري لم تصل مفاعيله بعد إلى التركيبة المتسلطة، وقبله ومعه الـزلـزال اللبناني نتيجة أخــذ «حـــزب الـلـه» لبنان إلــى حـــربٍ دمـرتـه، فتستمر محاولات القفز فـوق التداعيات، ليتظهر المـشـتـرك بــن أطــــراف نـظـام المـحـاصـصـة الـطـائـفـي، ومــنــظــومــة الـــنـــيـــتـــرات والــتــبــعــيــة، وســـعـــي حثيث لــــ«تـــوافـــق» عـلـى شخصية رمـــاديـــة تــريــد كــل جهة رجحان حصتها بـ«الشخص» و«الرئاسة». كـشـف المــســار الــرئــاســي الـلـبـنـانـي بـعـد اتـفـاق الـطـائـف، أن مــا كـــان يـقـال فــي الــرئــاســات أنـهـا تتم تحت عنوان إنقاذ الـدولـة كـان وهما. فالبلد الذي وقـــع فــي قـبـضـة تـحـالـف ميليشيا الــحــرب والمــــال، جــعــل الـــدولـــة ركـــامـــا وأنـــقـــاضـــا. ابـــتـــزوا المــواطــنــن بـعـنـوان الـحـفـاظ عـلـى «الـسـلـم الأهــلـــي»، ليسلطوا أزلامـهـم على الـــوزارات والمؤسسات والإدارات كما على الحدود والثغور، فعاثوا فساداً وتلوثا وإفقاراً مبرمجا وتجويعا واستعباداً. كان ميشال شيحا يـقـول: «تـربـوا على أن سرقة الـدولـة شـطـارة»، ولم يتوقع شيحا الرؤيوي سطوهم على جيوب الناس وجني أعـمـارهـم، إنما حــذّر مـن الـوقـوع فـي «خطأ مطالبتهم بحمل همّ المصلحة العامة». المزري أنهم المتلطون خلف «الحصانات» و«قانون الإفلات من العقاب»، سيختارون للبنانيي رئيسا يؤمن لهم مـصـالـحـهـم الــضــيــقــة، ومــــا عــلــى المـــواطـــن الــــذي لم يُـحـتـرم صـوتـه فـي صـنـدوق الاقــتــراع إلا الـرضـوخ والانصياع! وكدلالة على ما بلغه التعاطي الهزلي مع موقع مفترض أنه بوصلة للنهوض أو استمرار الاندثار، أن سليمان فرنجية الــذي انطوت حظوظه بعدما كان مرشحا مدللاً للثنائي حسن نصر الله وبشار الأسد، سخر من سلة أسماء مطروحة حملها موفد مـن رئيس الـبـرلمـان بقوله: «لمـــاذا تـريـدون انتخاب مـــوظـــفٍ يـخـضـع لــزعــمــاء ســيــاســيــن»؟ ويـضـيـف: «تــــريــــدون واجـــهـــة لـــطـــرفٍ ويـــتـــكـــرر مـشـهـد رئـيـس الظل»! ولئن كان مفهوما أن الرئيس بري مهندس 5 سـيـاسـة الـشـغـور فــي الـرئـاسـة الـتـي بلغت نـحـو ، يـدرك أن المشروع الإيراني 2008 سنوات منذ عام للمنطقة يتلاشى، فيريد مـن الـرئـاسـة «حصانة» لمكتسبات أعوام مديدة من استئثار الثنائي «حزب الله» و«أمل» بالبلد: قرار حربه وسلمه، وسياسته واقتصاده ونقده خصوصا، فإنه ينبغي الإقرار بأن الطروحات النقيضة لا تخرج على مبدأ استبدال استئثارٍ بـآخـر. ذلــك أن «الـخـ فـات» الـظـاهـرة بي هــذه الأطـــراف لا تطمس التماهي بـن «معارضة» النظام و«موالاته» ضد مصالح الأكثرية الشعبية الساحقة. أكـــــــدت الــــســــنــــوات الـــقـــلـــيـــلـــة المـــنـــصـــرمـــة، عـلـى مــحــوريــة مــركــز الــرئــاســة وشــاغــل المــنــصــب، لجهة الـصـ حـيـة والــــدور المـطـلـوب. وأثـبـتـت الانـهـيـارات المالية والاقـتـصـاديـة والاجتماعية المبرمجة، كما تداعيات حرب «المشاغلة» و«الإسناد» إلى الزلزال الــــســــوري، أنــــه مـــتـــاح الـــولـــوج إلــــى مـــنـــاخٍ تـغـيـيـري لاســـتـــعـــادة الــــحــــدود إلــــى كــنــف الـــشـــرعـــيـــة، وبـسـط الـــســـيـــادة غـــيـــر المـــنـــقـــوصـــة، واحـــتـــكـــار الــــقــــوة بـيـد الــقــوى الـشـرعـيـة. إن مـدخـل انـتـشـال لـبـنـان وأهـلـه وبـــدء التعافي، يتطلب قـيـادة سياسية قـــادرة من خارج «المنظومة» التي أفسدت واستتبعت البلاد. والمنطلق شخصية محترمة في الرئاسة، ماضيها ناصع توحي بالثقة، لم تتلطخ بالفساد، محررة مـــن الــضــغــوط، تــؤمــن بــالــدســتــور وبـــالـــدولـــة الـتـي تـحـمـي الـجـمـيـع وتـــصـــون الــحــقــوق وتــحــفــظ غنى التنوع والحريات. المـرحـلـة الانـتـقـالـيـة الـخـطـيـرة تشمل المنطقة، وتــفــتــرض لـبـنـانـيـا تـغـيـيـراً جـــذريـــا لـكـسـر الحلقة الــجــهــنــمــيــة بـــعـــدمـــا انـــكـــشـــف حـــجـــم الــلــصــوصــيــة والتبعية والارتهان والإصرار على حجب الحقيقة ومنع الحساب لدى قوى «التوافق» الطائفي ونظام الرشوة. فمطلب قيام الدولة الطبيعية، بديلاً عن الدولة المزرعة وما أفضت إليه من نكبات، لا يتحقق مـــع الـــقـــوى إيـــاهـــا الـــتـــي صـنّـعـهـا الــنــظــام الأســــدي وتـشـاركـت لاحـقـا السلطة مـع «حـــزب الـلـه» وغطت تغوله. ما يستحقه لبنان وأهله استعادة حقيقية لـلـرئـاسـة ودورهــــــا، تــكــون مـــع رئــيــس مــؤهــل على الجمع تحت سقف الدستور، ليكون متاحا تشكيل حكومة كفاءات من خارج آليات نظام المحاصصة ما يثبت الاستقرار. يــمــثــل هـــــذا الــــهــــدف تـــحـــديـــا نـــوعـــيـــا مــطــروحــا عــلــى «الــــقــــوى الــتــشــريــنــيــة» الـــكـــامـــنـــة. وهــــي قــوى مـــطـــالـــبـــة بــــاســــتــــعــــادة ســــريــــعــــة لـــفـــعـــالـــيـــتـــهـــا عـبــر اسـتـنـبـاط الــوســائــل والأطـــــر لــبــلــورة قـطـب شعبي مــــوازٍ لــقــوى الـتـسـلـط، المــمــر إلــيــه اســتــعــادة الـنـاس لـــدورهـــا بـصـفـتـهـا لاعــبــا ســيــاســيــا. مـهـمـة صعبة لكنها ممكنة، رغـــم الـعـطـب فــي أداء أغلبية نــواب «التغيير» الذين أوصلهم إلـى البرلمان التصويت العقابي الواسع. وكذلك رغم اتساع هجرة النخب، فهناك رافعات مدينية وريفية يشكل توافر الإرادة للشروع في توحيد قدراتها، عناصر يُعول عليها لـقـيـام «الـكـتـلـة الـتـاريـخـيـة» الــتــي بـوسـعـهـا بـلـورة البديل السياسي وتغيير المـسـار لانتشال لبنان، وإعـادة تكوين سلطة حقيقية تمثيلية منبثقة من انتخابات نيابية مبكرة. ويبقى حجر الرحى في السياسة التزام المعيار الأخلاقي لأنه مدخل العدالة والــــرخــــاء والازدهـــــــــار، وبــغــيــابــه تـشـيـع الـــفـــن مما يفضي إلى الانحطاط. Issue 16823 - العدد Thursday - 2024/12/19 الخميس لم تؤسس الحالة السورية منذ بدء الحرب لــحــلــبــات اشـــتـــبـــاك ســيــاســيــة بــــن المـتـخـصـصـن والمـنـخـرطـن فحسب؛ وإنـمـا طــار شـررهـا ليصل إلى المجال الثقافي والأدبي والفني، بخاصةٍ منه الموسيقي والسينمائي. كــــــرة الــــنــــار الــــســــوريــــة أشـــعـــلـــت الـــكـــثـــيـــر مـن الـــصـــراعـــات بـــن الأطــــــراف، وكــــلٌ أخـــذ مـوقـعـه من جـبـهـات الـــنـــزاع، بـــن مــؤيــد أو مـــعـــارض مـــع قـلـةٍ ساكتي، وآيـة ذلك أن سقوط النظام رفع الغطاء عن عدد من الفناني الذين أبـدوا دعمهم للنظام مــبــاشــرةً مـمـا أشــعــل الـــخـــوف فـــي نـفـوسـهـم بعد الـسـقـوط وصـــارت هـنـاك حـفـ ت تـراجـع واعـتـذار وتوضيحات. وعلى كـلٍ فـإن أســوأ مستشار للإنسان هو الــحــقــد، فـالـقـتـل عـلـى الــهــويّــة جــرّبــه اللبنانيون وندموا، ونبش القبور أو تصفية الحسابات، لن يـدعـم الاسـتـقـرار المـنـشـود، جـربـه الأفـريـقـيـون في حروبهم الأهلية ولم تزدهم إلا ضياعا. مـــع حـــومـــة الـــحـــرب الـــســـوريـــة نــشــب اقــتــتــال فــكــري شــديــد داخــــل الـنـخـبـة الـثـقـافـيـة الــســوريــة، ومــن ذلــك سـجـالات صـــادق جــ ل العظم وجــورج طرابيشي، وأدونيس، هؤلاء هم الأساسيون في السجال آنذاك. ومـا كـان طرابيشي جــزءاً من النظام ولكنه ينضوي وراء مفهوم غير الـــذي يعتمد تعريفه الــثــوار، كذلك الأمــر لــدى أدونــيــس، الــذي غيّر من تعريف الــثــورة. لقد وضــع قـــادة الــحــراك تعريفا واحــــداً لـلـثـورة؛ مَـــن لـيـس معنا فـهـو مــع الـنـظـام، وهذا فيه افتراء وقلة فهم. طرابيشي الـــذي كتب أســفــاراً حــول العلمنة والديمقراطية والــدولــة، معنى موقفه ببساطة، أن هــــذا الــــحــــراك ســيــأتــي لـــي بـــنـــمـــوذج سـيـاسـي حـاربـتـه طـــوال حـيـاتـي ولـذلــك أنـــا لــن أنـخــرط في هذا الموضوع، دبّروا شؤونكم، كما انتقد المقولات التي طرحوها باعتبارها غير كافيةٍ ولا ناضجة. وبالعودة لأدونيس الذي كتب عنه الأستاذ مشاري الـذايـدي مقالةً بعنوان: «سـوريـا بعيون أدونـيـس» فـإن من الـضـروري التذكير بـأن موقفه لم يكن مع النظام مطلقا وقد قرأتُ له وتواصلت معه في ذروة الحرب يـرى أن الثورة لا قيمة لها إن لم تستند إلى مشروع فكري وسياسي مدني علماني، أمّـا أن يصطفّ خلف قيادات لها إرثها المعروف بالعنف، وبالانتماء للإسلام السياسي فــهــذا فـيـه إنـــكـــار لـكـل مــشــروعــه وتـــاريـــخـــه، وهـــذا موقفه ويُـحـتـرم وليس مـن حـق المحتجّي وضع قضيتهم بعمومها مـعـيـاراً للتقييم الأخــ قــي، نعم ضد العنف والبطش الذي حدث وهذا موقف إنــســانــي ولــكــن نـتـحـدث عـــن المـــشـــروع الـسـيـاسـي الأعم الذي هو نقطة الخلاف. يــنــقــل الـــــذايـــــدي مـــوقـــف أدونــــيــــس وحـقـيـقـة التغيير الذي يحدث فيسوريا الآن، يقول: «أولئك الـــذيـــن حـــلّـــوا مــحــلّــه (الأســـــــد)، مـــــاذا سـيـفـعـلـون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع». لأن الــتــغــيــيــر المـــطـــلـــوب - حــســب أدونــــيــــس - هو «تحرير المـــرأة، وتأسيس المجتمع على الحقوق والـــحـــريـــات، وعــلــى الانـــفـــتـــاح، وعــلــى الاســتــقــ ل الداخلي، إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي». تساءلت في مقالات عدة كتبتها هنا وقلت: «هل طعن أدونيس ثـورة السوريي؟!» إن موقفه مباشر، يعتبر الثورات عموما والثورة السورية خصوصا كلها مفرغة من العلمنة وهي مشحونة بالنفس الديني، واعتبر الـثـورة التي تخرج من الـجـوامـع ليست بــثــورة، وأن الـعـنـف الـــذي شـاب هــــذا الـــنـــزاع كــــان سـبـبـا فـــي مــعــارضــتــه لــلــحــراك، ويتحدى رموز الثورة أن يتحدثوا بكلمة واحدة عـن العلمنة وقضايا المـــرأة وإشكاليات المفاهيم الـديـنـيـة ذات الامـــتـــداد لتسيير الـــواقـــع وتـحـري آليات تدبير الناس، إن من حقّ المراقب أن يختلف مع حدثٍ معيّ فهي ليست غزوات مقدّسة وإنما ممارسات بشرية. الـخـ صـة؛ أن الــحــدث المـكـثّـف مــن الطبيعي أن يستدرج معه العديد من الظواهر والمقولات، بالطبع، ليست مهمة الناقد الاحتفال والاهتبال؛ بــــــل مـــهـــمـــتـــه أن يــــتــــنــــاولــــه بــــالــــنــــقــــد والـــفـــحـــص والــتــشــريــح. وكـــل عـمـلـيّـة نـقـديـة تـتـطـلـب مـسـافـةً مـــن الـبـعـد عـــن الـــــرأي الـجـمـاهـيـري الــســائــد، ذلـك أن للجمهور سـطـوتـه، فـهـو يــشــوّش عـلـى الـدقـة النقدية الضرورية. بـــمـــزيـــج مــــن الـــدهـــشـــة والاســـتـــنـــكـــار قـوبـلـت تــــغــــريــــدة قــــائــــد الـــجـــيـــش الأوغـــــــنـــــــدي، الـــجـــنـــرال مـوهـوزي كاينيروغابا، وهـو أيضا ابـن الرئيس يـــــوري مـوسـيـفـيـنـي، الـــتـــي هــــدد فـيـهـا بـاجـتـيـاح الـــخـــرطـــوم. فـالـتـغـريـدة أثـــــارت الـــتـــســـاؤلات حـول دوافعها في هـذا التوقيت، وتأثيراتها المحتملة بي بلدين ظلت العلاقات بينهما متأرجحة منذ عـقـود، ومـتـوتـرة فـي صـمـت، فـي الآونـــة الأخـيـرة، بسبب تداعيات الحرب السودانية. الــغــريــب أن الـــجـــنـــرال مـــوهـــوزي ربــــط كـ مـه الـتـهـديـدي بالتغيير الــقــادم فـي واشـنـطـن قـائـ ً: «نـــحـــن نــنــتــظــر فـــقـــط أن يــصــبــح زمــيــلــنــا الــقــائــد دونــــالــــد تـــرمـــب رئـــيـــســـا، وبـــدعـــمـــه سـنـتـمـكـن مـن اجـتـيـاح الــخــرطــوم»، وكــأنــه يـوحـي بـانـقـ ب في سياسة أمـيـركـا تـجـاه الـــســـودان، يسمح بخطوة كـــهـــذه، وهــــو أمــــر لا يـمـكـن لأي عــاقــل أخــــذه على محمل الجد. صحيح أن إدارة بايدن أيـدت فكرة إرسال قوات أفريقية بغطاء دولي للسودان، لكن أدركـت صعوبة تنفيذها في ظل رفض الحكومة الـــســـودانـــيـــة لـــهـــا، وفـــشـــل تـــمـــريـــرهـــا فــــي مـجـلـس الأمن عندما عرضتها بريطانيا وسيراليون في مشروع قــرار اصطدم بالفيتو الـروسـي. على أي حال، الموقف الأميركي لا يمكن تفسيره بالطريقة التي ذهب إليها الجنرال موهوزي، بأنه يطلق يد أوغندا للتفكير في اجتياح الخرطوم. هل التغريدة مجرد زلة لسان أو أنها تعكس نيات مبيتة من أطراف إقليمية لاستغلال ظروف الحرب والتدخل العسكري المباشر في السودان؟ ليس سراً أن عـدداً من دول الجوار الأفريقي إمـــا مـشـاركـة بشكل مـبـاشـر فــي تـأجـيـج الـحـرب، وإما أنها تقف على حياد مصطنع، في حي أنها تــدعــم، لأســبــاب مـتـبـايـنـة، قــــوات الــدعــم الـسـريـع. فــأوغــنــدا مــثــ ً، وعــلــى الــرغــم مــن مـشـاركـتـهـا في مــــبــــادرات دبــلــومــاســيــة لمـعـالـجـة الـــحـــرب وتـبـنـي الرئيس موسيفيني محاولة فاشلة لترتيب لقاء بــن الـفـريـق عـبـد الـفـتـاح الـبـرهـان وقــائــد «الـدعـم الــســريــع» مـحـمـد حــمــدان دقــلــو (حــمــيــدتــي)، فـإن اسمها ورد في عدد من التقارير الدولية على أنها كـانـت مـن ضمن نـقـاط الـعـبـور لشحنات السلاح المتوجهة إلــى قــوات الـدعـم السريع عبر مطار أم جـــرس فــي تــشــاد. إضــافــة إلـــى ذلـــك فـــإن الـرئـيـس مــوســيــفــيــنــي اســـتـــقـــبـــل حـــمـــيـــدتـــي فــــي ديــســمــبــر في أول جولة خارجية يقوم 2023 ) (كانون الأول بها قائد «الدعم السريع»، وظهوره في صور مع قادة بعض الدول الأفريقية للرد على التقارير عن مقتله في أول أيام الحرب. الأمــــــر الآخــــــر الــــ فــــت أن تـــغـــريـــدة الـــجـــنـــرال موهوزي جاءت بعد يوم واحد من زيارته لأديس أبابا ولقائه رئيس الــوزراء الإثيوبي آبي أحمد، مــــا يـــوحـــي بـــــأن الــــوضــــع الــــســــودانــــي كـــــان ضـمـن المـــحـــادثـــات لـــكـــون الــبــلــديــن ضــالــعــن فـــي الأزمــــة السودانية. فــــــي هـــــــذه الـــــســـــيـــــاقـــــات، أثـــــــــــارت الـــتـــغـــريـــدة الـــــتـــــســـــاؤلات حــــــول دوافــــعــــهــــا الــــكــــامــــنــــة، مـثـلـمـا شـحـنـت الــســودانــيــن بـالـغـضـب مـــن جــــراء اللغة التي احتوتها مثل قـولـه: «سينتهي هـذا العبث فــي الـــســودان قــريــبــا... إذا كـــان هـــؤلاء الأولاد في الــــخــــرطــــوم لا يـــعـــرفـــون مــــا هــــي الــــحــــرب فــســوف يتعلمون». لهذا أعلنت الخارجية السودانية أنها سترد على هذا الكلام والموقف الذي احتواه، وهو موقف عدائي غير مسبوق في علاقات البلدين، يستوجب الرد عليه بشكل قوي، ومدروس بشكل جـيـد فــي الــوقــت ذاتــــه. فــالــســودان لـيـس فــي وارد فتح جبهات ساخنة جديدة، وهو مشغول بحربه التي دخلت الآن مرحلة مهمة مـع التقدم الكبير للجيش في عملياته العسكرية. أضـــف إلـــى ذلـــك أن المــرجــح هــو أن التغريدة تعكس واحدة من زلات لسان الجنرال موهوزي، أكثر من كونها تمثل موقفا رسميا للدولة، وهناك بـعـض المـــؤشـــرات عـلـى ذلــــك، أولـــهـــا أن الـتـغـريـدة حذفت من حسابه الشخصي على منصة «إكس» أمـــــس. الأمـــــر الآخـــــر أن هــــذه لـيـسـت المـــــرة الأولــــى الــتــي يـثـيـر فـيـهـا الــرجــل الــجــدل بـتـصـريـحـاتـه أو تغريداته، وسجله حافل في هذا المجال. فقد سبق لـه أن هــدد بـغـزو كينيا قـائـً فـي تغريدة أواخــر : «لـن يستغرق الأمـر معي ومـع جيشي 2022 عـام أكـــثـــر مــــن أســـبـــوعـــن لـــ ســـتـــيـــ ء عـــلـــى نــيــروبــي عاصمة كينيا»، مثيراً أزمـــة دبلوماسية دفعت والــــده لــ عــتــذار رسـمـيـا، وعـــزل ابـنـه مــن منصب قائد القوات البرية آنذاك. لكن الغضب على الابن الــذي يتردد على نطاق واســع أنـه يُجهز لخلافة والـــده، لـم يستمر طـويـً فأعيد إلــى موقعه بعد هدوء الضجة وتراجعه عن التغريدة بقوله إنها كـانـت مـزحـة، ثـم احتجابه عـن وسـائـل التواصل الاجتماعي بضعة أشهر. ومـن سوابقه الأخــرى أيضا تهديده بسحق الصحافيي الـذيـن يهاجمونه، وتلويحه بطرد السفير الأميركي بعد أن اتهمه بإهانة الرئيس موسيفيني، ثم إعلانه أن أوغندا سترسل جنوداً لـلـدفـاع عــن مـوسـكـو «إذا تـعـرضـت للتهديد من الإمبرياليي». فهو معجب بروسيا التي وصفها بأنها «أقــوى بلد في العالم اليوم وتأتي بعدها إســـرائـــيـــل» الــتــي قـــال إنــهــا لـــو أرادت يمكنها أن تدخل بيروت في أسبوع. الــكــرة الآن فــي مـلـعـب أوغـــنـــدا لمـعـالـجـة هـذه الأزمــــة، مثلما عالجت أزمـــة تـغـريـدة «الاسـتـيـ ء على نيروبي»، أما بالنسبة للسودان فإنه مع الرد على هذه «الزوبعة»، يحتاج إلى أن يبقى متيقظا لكل مـا يــدور أو يحاك فـي المنطقة فـي ظـل حربه التي عقدها وغذاها التورط الخارجي. يحتاج السودان إلى أن يبقى متيقظاً لكل ما يدور أو يحاكفي المنطقة في ظل حربه التي عقدها وغذاها التورط الخارجي ليست مهمة الناقد الاحتفال والاهتبال بالحدث بل أن يتناوله بالنقد والفحص والتشريح فهد سليمان الشقيران عثمان ميرغني حنا صالح OPINION الرأي 14 «زوبعة» اجتياح الخرطوم! سجالات البناء أهم من احتفالات الهدم عن الرئيسورئاسة الجمهورية! يبقىحجر الرحى في السياسة التزام المعيار الأخلاقي لأنه مدخل العدالة والازدهار وغيابه يفضي إلى الانحطاط

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky