issue16823
حكمت عائلة الأسد بدءاً من حافظ الأسد ثم ابنه بشار عاماً. استغرقت الثورة، لتنتصر عشرة أيام 54 سوريا لمدة ديسمبر (كـانـون الأول) 8 فقط ولـم يسقط قتيل. يـوم الأحــد الحالي، استولى المتمردون بقيادة «هيئة تحرير الشام» على العاصمة السورية دمشق، ولم يواجهوا أي مقاومة تقريباً، وطردوا بشار الأسد من السلطة. وأعـلـنـت «الـهـيـئـة» عـلـى قـنـاة «تــلــغــرام» أنـهـا سيطرت، وبعد بضع ساعات قالت إن الأسد قد رحل. وقالت إن سوريا أصبحت الآن «خالية من الطاغية». تجمع الآلاف من الناس فـي ساحة دمـشـق، يـلـوّحـون ويهتفون لــ«الـحـريـة». وبعدها قالت وسائل الإعلام الحكومية الروسية إن الأسد وصل إلى موسكو، حيث تم منحه اللجوء لأسباب إنسانية. في المراحل الأخيرة من تقدمهم، أطلق المتمردون سراح السجناء؛ وأظهرت مقاطع الفيديو التي وزّعتها مجموعات المراقبة رجالاً يسيرون تائهين في شوارع دمشق بعد إطلاق سراحهم من سجن صيدنايا، وقالت «هيئة تحرير الشام»: «نحتفل مع الشعب السوري بأخبار إطلاق سراح سجنائنا وتفكيك سلاسلهم». ،2011 وكــــان الأســــد قـــد قـمـع تـــمـــرداً إلـــى حـــد كـبـيـر عـــام وذلـك في موسم ثـورات «الربيع العربي» لكن ظلت جماعات المتمردين المختلفة محصورة في جزء من الأراضي في شمال غربي سوريا، مما لا يشكل أي تهديد كبير للنظام. ويــطــرح الــتــمــرد الــجــديــد أسـئـلـة كـبـيـرة لمنطقة شهدت بالفعل تغيرات زلزالية منذ هجمات «حماس» على إسرائيل . تنطوي معظم هذه الأسئلة 2023 ) أكتوبر (تشرين الأول 7 في على مصدر قلق واحد: ما الذي سيتبع ذلك في أعقاب الأسد؟ جـمـيـع الـــثـــورات تـجـلـب حــالــة مــن عـــدم الـيـقـ ، لـكـن في سوريا - «الجغرافيا الأكثر تعقيداً في المنطقة»، يتم تضخيم عدم اليقين من خلال عوامل عدة. كـانـت ســوريــا حليفاً رئيسياً لـروسـيـا وإيـــــران، ولاعـبـ عسكرياً قوياً في المنطقة على مدار نصف القرن الماضي. وهي موطن للكثير من الميليشيات، إضافة إلى وحـدة من القوات جندي 900 التركية التي تقاتل القوات الكردية في الشمال، و أميركي منتشر في شمال شرقي سوريا، في الأراضــي التي يسيطر عليها الأكــــراد. الآن، الـبـ د فـي أيــدي جماعة ثورية كانت بالكاد معروفة خارج المنطقة حتى استولت على حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا. «الهيئة» في الواقع مؤلفة من عشر مجموعات مسلحة . كــانــت «الـهـيـئـة» تـتـألـف فــي الأصــــل من 2012 تـحـالـفـت عـــام مقاتلين سـوريـ قـاتـلـوا إلــى جـانـب تنظيم «الــقــاعــدة» ضد القوات الأميركية في العراق. في ذلك الوقت كانت تُعرَف باسم «جبهة النصرة»، وسببت لها روابطها بــ«الـقـاعـدة»، مكاناً فـي قائمة وزارة الخارجية الأميركية للمنظمات الإرهابية الأجنبية. قطعت «الهيئة» رسمياً العلاقات مع تنظيم «القاعدة» فتخلصت من الآيديولوجيا المتطرفة. ثم جاءت 2016 في عام إلى سوريا، وأنشأت «الهيئة» في نهاية المطاف، فانشقت عن «داعــــش»، وعــن تنظيم «الــقــاعــدة»، وانـشـقـت أيـضـ عـن فكرة إنشاء دولة إسلامية خارج حدود سوريا. وصـحـيـح أن زعــيــم «هـيـئـة تـحـريـر الـــشـــام» أبـــو محمد الـجـولانـي يـبـدو أنــه اتـخـذ نهجاً أكـثـر براغماتية على مدى السنوات الخمس إلى العشر الماضية، خلال قيادته «الهيئة» في محافظة إدلب؛ في محاولة لتخفيف حدة بعض العناصر الأكـثـر تطرفاً فـي الإسـ مـويـة الـتـي اتبعوها سـابـقـ ، فنجح فــي تغيير آيديولوجيتهم المـتـطـرفـة إلـــى آيـديـولـوجـيـا أكثر براغماتية. مــع انـتـشـار «الـهـيـئـة» فــي كــل ســوريــا، انـقـسـم المحللون فـي تقييمهم أهـــداف المجموعة وآيديولوجيتها. هـل مـا زال المـسـلـحـون الإســـ مـــيـــون المـــتـــشـــددون الـــذيـــن اسـتـلـهـمـوا ذات مرة فكر تنظيم «القاعدة»؟ أم أنهم تخلوا حقاً عن ماضيهم وتـــحـــولـــوا مـجـمـوعـة تـــهـــدف إلــــى جــلــب الــحــكــم الــرشــيــد إلــى سوريا؟ يقول بعض الذين درسوا «الهيئة» إنه في حين أن الدليل سيأتي في الأيــام المقبلة، كانت هناك علامات مشجعة. لقد حولت «الهيئة» نفسها بشكل أساسي في السنوات الأخيرة، وعملت ضـد «داعـــش» و«الـقـاعـدة» فـي شمال غربي سوريا. وحــولــت طـاقـاتـهـا مــن الــتــشــدد الإســـ مـــي إلـــى بــنــاء تحالف فــعــال لـإطـاحـة بـــالأســـد. فـــإن الـشـغـل الـشـاغـل الـرئـيـسـي هو «مـا إذا كانت تغييرات (الهيئة) على مـدى السنوات القليلة الماضية حقيقية ودائمة، وما إذا كانت هذه الزيادة في القوة ستشجعهم على العودة إلى ما كانوا عليه من قبل؟». في نهاية المـطـاف، سيأتي الاختبار بعد ثلاثة أو ستة أشهر فيما إذا كان الأمر سينتهي بـ«الهيئة» إلى أن تحصل على نوع من الترحيب الشامل كما الحاصل اليوم؟ في الساعات التي تلت استيلاء «الهيئة» على دمشق، قالت إن «الثورة السورية العظيمة انتقلت من مرحلة النضال للطاحة بنظام الأسد، إلى النضال من أجل بناء سوريا معاً تليق بتضحيات شعبها». أمـــا بـالـنـسـبـة إلـــى «الـجـغـرافـيـا المــعــقــدة» لــســوريــا، فقد تغيرت بالفعل بطرق دراماتيكية أيضاً - لا سيما من حيث تحالفات الأسـد الطويلة مع روسيا وإيــران اللتين ساعدتاه على إطفاء الثورات السابقة إضافة إلى «حزب الله». إلا أنها قبل الإطـاحـة بـالأسـد لـم تـــأتِ هــذه المـسـاعـدة أبـــداً، لا، بـل بدأ الأفــراد العسكريون والدبلوماسيون الإيرانيون في مغادرة سوريا تماماً. ، تدخلت روسيا عسكرياً لمساعدة حكومة 2015 في عام الأسد على إيقاف جماعات المعارضة المسلحة. لكن مؤخراً واجـــه كــ الـبـلـديـن تـحـديـات فــي الإقـــــدام عـلـى مساعدة الأسـد الـذي يُعدّ سقوطه هزيمة استراتيجية لهما، وعلامة أخرى على ضعف إيران. الاضطرابات السورية معقدة أيضاً بالنسبة إلى الولايات المتحدة، التي عارضت الأسد منذ فترة طويلة، لكنها قلقة بشأن ما قد يأتي بعد ذلك. الــســوريــون يــبــدون كـأنـهـم أمـــام نـــوع مــن لحظة سقوط جــــدار بـــرلـــ . وشــــاهــــدوا الــنــهــايــة المــفــاجــئــة لــنــظــام وحــشــي، وهـي مشاهد شكك الشعب السوري بأنه لن يشاهدها على الإطلاق. إذ وصف أحدهم خبر سقوط الأسد بأنه «معجزة» وقال: «لقد نقشوا داخل عقولنا، أنهم سيحكمون إلى الأبد». أود فــي هـــذه الــســطــور تـأكـيـد الـــرؤيـــة الــتــي تبنّتها مجموعة الاتصال العربي حول سوريا، خلال اجتماعها فـي مدينة العقبة، جنوب الأردن، يـوم الجمعة الماضي. الرؤية حظيت بدعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا، فضلاً عن الأمم المتحدة. وهي تشدد على إعادة بناء الدولة السورية، بما يجعلها أوسع تمثيلاً للمجتمع الــوطــنــي، وجــعــل الــســ م خــيــاراً وحــيــداً فــي الـعـ قـة بين أطياف المجتمع. يهمني جداً دعوة النخب العربية، لا سيما الأشقاء السوريين، لدعم تلك الرؤية، والإسهام في إعادة توجيه الـــقـــطـــار الـــســـيـــاســـي نـــحـــو الــــســــ م واســـتـــئـــنـــاف الــحــيــاة الطبيعية، بعد عقد ونصف من التنازع الذي خلّف دماراً هائلاً في هذا البلد الجميل. الداعي إلى هذا هو ما أسمعه من دعـوات للانتقام، أو تـقـاسـم الـكـعـكـة، أو محاسبة المـنـتـصـريـن، أو البحث عمّن يتحمل مسؤولية مـا جــرى فـي الـسـنـوات الماضية. أعلم أن بعض هـذه الـدعـوات منبعثٌ من حَمِيّةٍ صادقة، لكنني أعلم أيضاً أن أكثرها هوس بالملاحم والصراعات والحماسة للفتن بمبرر ومن دون مبرر. طيلة عقد ونصف تورطت سوريا في قطار الحرب، فـي المـائـة مـن سكانها بيوتهم قـسـراً، وانـخـرط 17 فـتـرك مليون شخص في الحرب والنشاطات المتصلة بالحرب. وتعطلت جميع المدن الصناعية وسُرقت معدات المصانع، حتى القديمة منها. كما توقفت الاستثمارات الجديدة في مختلف القطاعات، الصناعية والزراعية والخدمية. ونتيجة لـهـذا كـلـه، انـخـفـض مـسـتـوى المـعـيـشـة، فأمسى نصف السكان تقريباً في حالة فقر مدقع، بدخل شهري دولاراً. 50 يصل بالكاد إلى غرضي من هذا الكلام ليس تبيان حجم الكارثة، بل إقناع المترددين بأن اختيار السلام بعد عقد من التنازع، ليس أمراً هيناً ولا كلاماً يُلقى على عواهنه. فـي زمــن الــحــرب، تتحول الـحـرب إلــى مـصـدر عيش لشريحة كبيرة من الناس، وتمتلئ النفوس بالحماسة والرغبة في الانتقام. كما توفر الفرصة للطامحين إلى الزعامة كي يُظهروا كفاءتهم في الحشد والتعبئة. وثمة -إضافةً إلى هذا- حكومات وجماعات، تستفيد من الحرب اقتصادياً أو سياسياً. هــــذه الــعــنــاصــر الــتــي تـتـبـلـور فـــي ظــــرف الـــحـــرب، لا تتحول بين عشية وضحاها إلى مكونات سلام؛ لا يتخلى الناس عن مصادر عيشهم من دون تمهيد مناسب، ولا تبرأ النفوس من أوهــام الغلبة والرغبة في الانتقام من دون قيام ظرف جديد، يجعل الظرف السابق مستحيلاً او غير مفيد، بحيث يضطر المقاتلون والمستثمرون في الحرب إلى البحث عن مصادر عيش بديلة. الحقيقة أن علينا المساعدة في توفير مصادر العيش البديلة هذه، ومـــســـاعـــدة المــقــاتــلــ وغــيــرهــم عــلــى اســتــثــمــارهــا. كـذلـك الأمــــر بـالـنـسـبـة إلـــى الــزعــمــاء والمـسـتـفـيـديـن مــن الــحــرب، والجهات والـــدول التي كانت صاحبة مصلحة. كل هذه الأطراف يجب أن تحصل على بدائل مكافئة، أو على الأقل قريبة مما كانت تحصل عليه في الماضي، كي لا تجد أن مصلحتها محصورة في إعاقة قطار السلام. فــيــمــا يــخــص الـــنـــظـــام الـــجـــديـــد الــــــذي لــــم تـتـضـح صورته، أرى أن المسألة الأكثر أهمية في هذه اللحظة هـي تشجيع الـقـوة السياسية المسيطرة على صيانة جهاز الدولة، حتى لو كان فاسداً أو ضعيف الفاعلية. تجارب الحروب والنزاعات الأهلية، تُخبرنا بأن تفكيك الحكومة يجعل إعـــادة الـبـنـاء مستحيلة، كما يجعل الارتــــيــــاب المـــتـــبـــادل حــاكــمــ عــلــى الــعــ قــة بـــ أطــيــاف المجتمع الوطني. لا بد في ظرف كالذي تعيشه سوريا من «اللفياثان»، حسب منطق توماس هوبز، أي القوة الـــرادعـــة للجميع والـحـاكـمـة فـــوق الـجـمـيـع، ولـــو كانت غاشمة. هذا ضرورة لسوريا ولدول الجوار أيضاً. فإذا استقرّت الأمور، بات ممكناً فتح الباب لنقاش حرّ حول النظام الأكثر ضماناً للعدالة، والأدق تمثيلاً لمصالح المواطنين كافة. أخــتــم بــدعـــوة الـــــدول الـعـربـيـة جـمـيـعـ إلـــى الــوقــوف مادياً ومعنوياً مع سوريا، ودعم اقتصادها بشكل فوري، كي ينخرط السوريون في مسيرة بناء بيوتهم ومزارعهم وأعمالهم، وبالتالي يُوقفون إمدادات الوقود التي كانت تُغذّي ماكينة الحرب. «الـــســـرقـــة» و«المــــــراوغــــــة»، هــمــا ملح التطور، بالنسبة للشركات التكنولوجية؛ ومن دون هذين العنصرين الأساسيين لا يمكنها أن تتنافس، أو يتخطى بعضها بعضاً. من يتابع برامج الذكاء الاصطناعي الـتـي تـقـدم خدماتها المـذهـلـة للجماهير الـــعـــريـــضـــة، يـــ حـــظ أنـــهـــا خــــ ل الأشــهــر الأخــــيــــرة، حـقـقـت تــوثــبــات هــائــلــة. هـكـذا أصــــبــــحــــت الــــتــــرجــــمــــة إلـــــــى الــــعــــربــــيــــة لا تــقــاس بـمـا كــانــت عـلـيـه، والإجـــابـــات عن الاستفسارات وافية، واللغة المستخدمة مقبولة، وخفت الخوف من الخوض في بعض المواضيع الحساسة. السرّ في التوليدية، حيث إن الآلات الـتـي تمنح المعلومات بـاتـت قـــادرة على القياس والتحليل والإتيان بنتائج أسرع من البرق. وكلما زادت كمية المعلومات، وتطورت قدرة البرامج على الاستنباط، أتتك بما هو أفضل. وضع «إكس» خدمة «غروك» حديثاً، فــي خـدمـة الـجـمـيـع، بـعـد أن كـانـت حكراً على فئة. يستطيع البرنامج، أن يجيب عن أسئلتك، يحول أي نص تقترحه إلى صـــــورة، يــركــب لـــك بـصـريـ المـشـهـد الـــذي تتمناه، يكتب لك قصة، يحلل معلومة. إنـــــه الـــكـــائـــن الـــســـحـــري الــــــذي يـــخـــرج مـن الـفـانـوس ليحقق أحــ مــك. لـكـن لا شـيء يــأتــي مــن عــــدم. ومـــا يـقـدمـه هــو خلاصة مـا جمعه، مما كتبه أمـثـالـك، على مدى ســــنــــوات عـــلـــى المـــــوقـــــع، ومـــــواقـــــع أخــــرى يتعاون معها. حــــــ تـــــســـــألـــــه: «مــــــــن أيــــــــن تـــأتـــيـــنـــا بــــــالإجــــــابــــــات؟». لا يـــنـــكـــر «غــــــــــروك» أنـــه استثمر في البيانات، ويدافع عن نفسه، بـأن من لا يرغب، فما عليه سـوى تغيير الإعدادات. أما المنشورات المفتوحة، فهي مباحة للجميع. أي إنــه لتركيب لوحة، يقتطع يداً من هنا، ورأساً من فنان آخر، وفضاء من ثالث، ويفعل ما يشاء. المـــعـــضـــلـــة لـــيـــســـت فـــــي أن الـــبـــرامـــج الـذكـيـة، تحلل قـــدراً مـن البيانات وفـيـراً، لا يــــحــــدّه عـــقـــل إنـــــســـــان، فــــي لـــحـــظـــة مـن الـــثـــانـــيـــة، وإنــــمــــا فــــي أنـــهـــا تـسـتـفـيـد مـن أسئلتك، وتستدرجك لتجعلك تبوح بما لا يجوز أن تفعل، لأنك تشعر تجاه الآلة بشيء من الحميمية، أو أنك تتعامل مع كائن محايد، ولكنها ليست كذلك. حين يجيبك برنامج «تشات جي بي تي» عن سؤال، فهو غالباً ما ينهي كلامه بسؤالك عن رأيك في الموضوع؟ أو إذا كنت تعرف شيئاً آخر، قبل أن يختم بأنه موجود هنا لخدمتك. ولمــا استفزني اسـتـدراجـه المستمر، قلت له: «أنت تسأل كمن يعمل في جهاز مخابرات». أجـاب بكل لياقة: «أنـا أسال، كـــي أؤمّـــــن لـــك خـــدمـــات أفــضــل فـــي المـــرات المقبلة. وإن كنت تخشين على بياناتك، فما عليك سـوى قــراءة الفقرات الخاصة بالخصوصية لأخذ احتياطاتك». هـذه الحجج تشتكي منها المحاكم، الــتــي تـــحـــاول الــحــد مـــن نــفــوذ الــشــركــات التكنولوجية الأخـطـبـوطـيـة، وتصطدم بالعبارات المنمقة المتحايلة نفسها. قـــبـــل أيــــــام أصـــــــدرت لــجــنــة الـــتـــجـــارة الــفــيــدرالــيــة الأمــيــركــيــة، تــقــريــراً رسـمـيـ ، اتـــهـــمـــت فـــيـــه الـــشـــركـــات الــتــقــنــيــة الـتـسـع الـــــكـــــبـــــرى، مــــثــــل «غــــــوغــــــل» و«أمـــــــــــــازون» و«ميتا» و«إكس»، بأنها تراقب، وتجمع بـيـانـات مستخدميها، وتسرقها بهدف كـــســـب المـــــلـــــيـــــارات كـــــل ســــنــــة. لـــيـــس ذلـــك فـحـسـب، بــل إن الـشـركـات غـضـت الـطـرف عـــــن مـــســـتـــخـــدمـــ أطــــــفــــــالاً ومــــراهــــقــــ ، وجمعت معلوماتهم واستفادت منها. وبما أن الجميع يتهرب من مواجهة الحقيقة، فقد قالت اللجنة، إن الشركات «فـشـلـت» فـي حــذف البيانات واحتفظت بـهـا لــفــتــرات طـويـلـة جــــداً، كـيـ تتهمها بـــــارتـــــكـــــاب خــــطــــايــــاهــــا عــــــن ســـــــوء نـــيـــة. لــكــن الـــشـــركـــات أيـــضـــ تـــكـــذب، وتـتـحـايـل وتتهرب، بالطريقة نفسها التي تتبعها للتخلص من دفع الضرائب. الــذكــاء الاصـطـنـاعـي، بعضنا صـار يـــعـــده رفـــيـــقـــه ومـــســـتـــشـــاره، ومــتــرجــمــه، وحـــالّ مشكلاته. لــذا فــإن التطبيق الـذي تـلـجـأ إلـــيـــه، يــعـــرف عــنــك أكـــثـــر مـــن أقـــرب الــــنــــاس، الـــذيـــن قـــد لا تـــســـرّ لــهــم بــكــل ما يـجـول فـي خــاطــرك، وقــد لا تسألهم عما تنوي فعله. كنا نشتكي من المتاجرة بالمعلومات، والــــتــــ عــــب الـــســـيـــاســـي وبــــــث الـــفـــوضـــى الاجتماعية، وهـذا أصبح من المسلمات، وخــضــعــنــا لـــه خــانــعــ ، لــكــن الأمـــــر بــات دخـــولاً إلــى حياتنا الحميمة، واختراقاً لخوالجنا، وما يدور في خواطرنا. لكن، مــاذا سيحدث، بعد أن تُعتمد الـــبـــرامـــج الـــذكـــيـــة بــشــكــل واســــــع لـكـتـابـة الـــنـــصـــوص الأدبــــيــــة، وتـــدبـــيـــج المـــقـــالات، ورســــــــم الـــــلـــــوحـــــات الإبــــــداعــــــيــــــة، وســـطـــر الـسـيـنـاريـوهـات الـسـيـنـمـائـيـة، وتـركـيـب الـــــصـــــور، وتـــصـــمـــيـــم الـــــديـــــكـــــورات، وحـــل المــــســــائــــل الـــحـــســـابـــيـــة المــــعــــقــــدة، ووضــــع المـؤثـرات الصوتية والبصرية، وتركيب مـــشـــاهـــد الأفــــــــــ م، وقـــــيـــــادة الــــســــيــــارات. وتصير تفتح لنا الباب وتشغّل المكيف، وتسخن الطعام، ما إن نأمرها بذلك. أي إحـبـاط سيسكننا، وأي شـعـور بالعجز واللاجدوى! لوقت قريب جـداً، كـان الظن أن الآلة لا يمكن أن تبلغ ذكـــاء الـبـشـري وفطنته الإبــداعــيــة، لـكـن بـعـد شـهـور مــن الـقـفـزات المتوالية، بات علينا أن نفكّر جدياً بدور الإنــــســــان الـــجـــديـــد، وكــيــنــونــتــه ومـــغـــزى وجوده. وبـــــــاعـــــــتـــــــراف صــــديــــقــــنــــا الــــجــــديــــد «غـروك»، فإن هذه الثورات التكنولوجية الـــــكـــــبـــــرى، لا بــــــد أنـــــهـــــا ســـتـــتـــســـبـــب فــي تـحـولات سياسية غير منظورة، بسبب فــقــدان عــشــرات الألــــوف أعـمـالـهـم، وتغير الـديـنـامـيـكـيـات الاقــتــصــاديــة. ولـــن تبقى العمليات الانتخابية على ما هي عليه، بعد تحقق القدرة على تحليل البيانات، والتنبؤ بخيارات الناخبين المستقبلية. مـــا سـيـأتـي لـيـس مـــن صـنـع الـبـشـر، وتحتسيطرة خططهم المحكمة، بل بفعل تدحرج سريع، تتسبب به التكنولوجيا فـي أكـثـر مـن مـجـال، وسـيـؤدي بالجميع إلى حيث لم نكن ننتظر. OPINION الرأي 12 Issue 16823 - العدد Thursday - 2024/12/19 الخميس دعوة للخروج من قطار الكارثة سوريا... ولحظة سقوط الجدار ذكاء يفوق الاحتمال وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com
[email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني:
[email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني:
[email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email:
[email protected] srmg.com سوسن الأبطح توفيق السيف هدى الحسيني
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky