issue16818

7 حرب متعددة الخرائط NEWS ASHARQ AL-AWSAT Issue 16818 - العدد Saturday - 2024/12/14 السبت فلسطينيا قُتلوا 33 غزة تشيّع في «مكتب بريد» لجأوا إليه انتحب العشرات، وقــرأوا آيـات من القرآن في مستشفى بقطاع غزة، أمس، قبل دفن جثث بعض الذين سقطوا من بني قُتلوا في غـارة جوية إسرائيلية على مكتب بريد يؤوي 33 نازحني. وقـــال مـسـعـفـون إن الــعــائــات الــنــازحــة، بسبب الـصـراع شــهــرًا، لـجـأت إلـــى مكتب الـبـريـد فــي مخيم 14 املستمر مـنـذ الـــنـــصـــيـــرات. وأدى الـــهـــجـــوم الــــــذي وقـــــع فــــي وقـــــت مــتــأخــر، الخميس، إلى إلحاق أضرار بمنازل قريبة عدة. وقـــال الـجـيـش اإلسـرائـيـلـي إن الــغــارة اسـتـهـدفـت عضوًا بارزًا في حركة «الجهاد اإلسلمي». وشيعت العائلت الجثث التي جرى نقلها لـ«مستشفى العودة» في النصيرات بعضها في أكفان بيضاء، وبعضها األخرى ملفوفة في بطانيات إلى مثواها األخير. وقال سهيل مطر الذي قُتل أحفاد له وزوجة ابنه: «قتلوا األمــــل والـــتـــفـــاؤل... كـلـمـا حـدثــت أمــــور وقـلـنـا إن هـنــاك هدنة وسنرتاح... بعد ذلك يغيرون رأيهم... ال نعرف ملاذا». ولم تسفر جهود تبذلها مصر وقطر وتدعمها الواليات املتحدة منذ أشهر عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلق النار بني إسرائيل و«حماس». وذكرت إسرائيل أنها كانت تستهدف قياديًا في «الجهاد اإلسلمي» هاجم مدنيني وقوات إسرائيلية. واتهمت إسرائيل «الجهاد» باستخدام البنية التحتية املدنية والسكان دروعًا بشرية ألنشطتها، ولم تذكر هُوية هذا القيادي. والـــنـــصـــيـــرات هــــو أحـــــد املـــخـــيـــمـــات الـــثـــمـــانـــيـــة الــقــديــمــة فـــي قـــطـــاع غــــزة الـــتـــي كـــانـــت فـــي األصـــــل مـخـصـصـة لـاجـئـ التي رافقت إعلن 1948 الفلسطينيني الذين فروا من حرب عام قيام إسـرائـيـل، وهـو الـيـوم جــزء مـن منطقة حضرية مكتظة بالنازحني من أنحاء القطاع. وقالت لويز واتريدج، املسؤولة بالطوارئ في وكالة األمم املتحدة لـغـوث وتشغيل اللجئني الفلسطينيني (األونــــروا) عبر رابط فيديو من النصيرات ملؤتمر صحافي لألمم املتحدة في جنيف: «لقد رأينا صورًا مروعة للغاية من مكان الواقعة». أضــافــت: «هـنـاك آبـــاء يبحثون عـن أبنائهم، أطـفـال يغطيهم الغبار والدماء يبحثون عن آبائهم، وهناك إصابات متعددة باإلضافة إلى القتلى الذين جرى تسجيلهم وأنـاس ما زالوا مدفونني تحت األنقاض». على 12 وقـــال مـسـؤولـو صـحـة فلسطينيون، أمـــس، إن األقــل قُتلوا فـي غـــارات جوية إسرائيلية منفصلة فـي أنحاء في خيمة تؤوي عائلة نازحة في خان يونس 3 القطاع، بينهم وصحافي محلي في مدينة غزة. واندلعت الحرب بعد أن اقتحم مسلحون من «حماس» في هجوم 2023 ) بلدات إسرائيلية في أكتوبر (تشرين األول 1200 تـقـول إحــصــاءات إسرائيلية إنــه أسـفـر عـن مقتل نحو رهينة إلى غزة. 250 شخص، واقتياد نحو وتـقـول سلطات الصحة الفلسطينية إن الـهـجـوم الـذي شنته إسـرائـيـل مـنـذ ذلـــك الـحـ أسـفـر عــن تـدمـيـر مساحات فلسطيني، ودفـع 44900 شاسعة مـن غـــزة، ومقتل أكـثـر مـن مـلـيـون لـلـنـزوح من 2.3 ســكــان الـقـطـاع الـبـالـغ عــددهــم نـحـو ديارهم، وأدى إلى تفشي الجوع واملرض. غزة: «الشرق األوسط» أميركا تطالب تركيا باستخدام تأثيرها على «حماس» للقبول باتفاق «هدنة غزة» تنتظر «سد الثغرات النهائية» بالصفقة وســـط حـديـث عــن «صـفـقـة وشــيــكــة»، تتحرك الـــواليـــات املــتــحــدة لــــ«ســـد ثـــغـــرات نـهـائـيـة» إلبـــرام االتـــفـــاق املـــطـــروح عــلــى طـــاولـــة املـــفـــاوضـــات، وفــق تأكيدات أميركية رسمية ترجح الوصول إلى وقف مؤقت إلطــاق الـنـار فـي قطاع غـزة خـال ديسمبر (كــــانــــون األول) الـــحـــالـــي، ومـــطـــالـــبـــات لــلــوســطــاء بالضغط على «حماس» وهـو ما سعى اليه وزير الـخـارجـيـة أنـتـونـي بلينكن خــال زيــارتــه لتركيا، أمس. «الثغرات النهائية» التي أشار إليها مستشار األمـــــن الــقــومــي األمـــيـــركـــي، جــــاك ســولــيــفــان، الـــذي يـــزور مـصـر وقـطـر بـعـد إســرائــيــل، وفـــق مصدرين فلسطيني ومصري مطلعني على مسار املفاوضات تـــحـــدثـــا لـــــ«الــــشــــرق األوســـــــــــط»، تــتــعــلــق «بــــأعــــداد األســــرى الفلسطينيني، واإلسـرائـيـلـيـ األحــيــاء، واالنـسـحـابـات اإلسـرائـيـلـيـة املحتملة مــن (مـحـور فيلدلفيا)، وإدارة وتسليح معبر رفح»، وتوقعا أن «تبرم الصفقة بنهاية الشهر الحالي حدًا أقصى». وعــــقــــب زيـــــــــارة إســـــرائـــــيـــــل، قــــــال ســـولـــيـــفـــان، الخميس، في تصريحات، إنه «سيزور مصر وقطر بــدءًا من الجمعة، لضمان سد ثغرات نهائية قبل الـتـوصـل إلـــى صفقة تـــبـــادل»، الفـتـ إلـــى أن «وقــف إطلق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير املحتجزين وزيــادة املساعدات املقدمة إلى غزة كثيرًا». وعــــن تــلــك الـــثـــغـــرات، قــــال مـــصـــدر فلسطيني مطلع إن «املـعـلـومـات املـتـوفـرة تشير إلــى أن ملف الهدنة نضج بشكل نهائي، وتتبقى عــدة ملفات مـحـل بـحـث أبـــرزهـــا إدارة مـعـبـر رفــــح، مـــع تمسك مــصــر بـالـسـلـطـة الـفـلـسـطـيـنـيـة وتــمــســك إســرائــيــل بـاسـتـمـرار بـقـائـهـا، وكــذلــك بـحـث آلـيـة االنـسـحـاب التدريجي مـن (مـحـور فيلدلفيا)، وأعـــداد أسـرى فــلــســطــ ، خـــصـــوصـــ أن (حــــمــــاس) قـــدمـــت كـشـفـ اســـم وإســـرائـــيـــل تـــرفـــض، وتـتـحـدث 500 يـتـضـمـن فقط من أصحاب األحكام املرتفعة وأعداد 100 عن أخـرى ليست لديهم قضايا خطيرة لدى االحتلل مع املطالبة بمنحها (فيتو) لرفض أي أسماء في ظل رفض الحركة». كــمــا تـتـضـمـن املـــلـــفـــات حـــالـــيـــ ، وفــــق املــصــدر الــفــلــســطــيــنـي ذاتـــــــه، رفـــــض إســـرائـــيـــل االنـــســـحـــاب مــن «مــحــور نـتـسـاريـم» وســـط غـــزة، مــع اقـتـراحـات بـــاالنـــســـحـــاب مــــن عـــمـــق املـــــــدن، فـــضـــا عــــن تـمـسـك االحتلل بكشف بقائمة األسرى األحياء، واشتراط «حـمـاس» أن يتم ذلــك خــال املـفـاوضـات التي تتم يومًا. 60 خلل الهدنة املحتملة املمتدة لنحو ويــــؤكــــد مـــصـــدر مـــصـــري مــطــلــع أن «الــعــقــبــة الكبيرة حاليًا هـي أسـمـاء األســـرى الفلسطينيني الــكــبــار مــثــل مــــــروان الــبــرغــوثــي وأحـــمـــد ســـعـــدات، وهـــنـــاك نــقــاش دائــــر بــشــأن تــلــك األســــمــــاء، وكــذلــك بشأن تسليح من يدير معبر رفح، بجانب استبدال صياغة أخـرى بلفظ إنهاء الحرب املعترض عليه مـــن إســـرائـــيـــل، مــثــل تــهــدئــة شــامــلــة أو مـسـتـدامـة، واملعلومات املتوفرة تقول بحدوث تفاهمات كبرى بشأن االنسحاب التدريجي من (محور فيلدلفيا) وبقية القطاع»، مضيفًا: «لكن الخط العام للتفاق تــمــت بــلــورتــه ومــصــر بــذلــت مــجــهــودًا غــيــر عـــادي لــبــلــورة األفـــكـــار وإبـــعـــاد الــهــواجــس بـــ األطــــراف والتوصل إلى اتفاق قريب». واتفق املصدران املطلعان على أن «االتفاق قد أيام، أو بحد أقصى قبل 10 يكون قريبًا خلل نحو نهاية ديسمبر الحالي». فـــي أنـــقـــرة، طـالـبـت الـــواليـــات املــتــحــدة تركيا بــــاســــتــــخــــدام نــــفــــوذهــــا لـــجـــعـــل حــــركــــة «حــــمــــاس» الفلسطينية تقبل مقترحًا لوقف إطـاق النار في غزة. وقـال وزيـر الخارجية التركي، هاكان فيدان، خــال مؤتمر صحافي مشترك قصير مـع نظيره األمــــيــــركــــي، عـقـب خـــتـــام مــبــاحــثــاتــهــمــا فــــي أنـقـرة (الجمعة): «اتفقنا على تحقيق وقف إطـاق النار بــغــزة فــي أســــرع وقـــت مـمـكـن»، الفــتــ إلـــى الـجـهـود الـتـي تبذلها تركيا والــواليــات املتحدة والشركاء اآلخرون في املنطقة من أجل وقف إطلق النار. أضاف فيدان: «إسرائيل تواصل قتل املدنيني فـي غـــزة، وتعمل على اسـتـمـرار دوامـــة العنف في املنطقة، وقـد اتفقنا على أن تعمل تركيا وأميركا جـنـبـ إلـــى جـنـب مـــع الــشــركــاء اآلخـــريـــن لـلـحـد من العنف». بـلـيـنـكـن قـــال إنـــه رأى خـــال الــفــتــرة األخــيــرة «مـــــؤشـــــرات مـــشـــجّـــعـــة» عـــلـــى الــــتــــقــــدّم نـــحـــو وقـــف إلطــــاق الـــنـــار فـــي قــطــاع غــــزة. وأضـــــاف: «نـاقـشـنـا الوضع في غزة، والفرصة التي أراها للتوصّل إلى وقــف إلطـــاق الــنــار. ومــا رأيــنــاه خــال األسبوعني املاضيني هو مزيد من املؤشرات املشجّعة». وطالب بلينكن تركيا باستخدام نفوذها كي ترد حركة «حماس» باإليجاب على مقترح لوقف إطــــاق الـــنـــار، مـضـيـفـ : «تـحـدثـنـا عـــن ضـــــرورة أن تــرد (حــمــاس) بـاإليـجـاب على اتـفـاق ممكن لوقف إطـــاق الـــنـــار؛ للمساهمة فــي إنــهــاء هـــذا الـوضـع، ونُقدِّر جدًا الدور الذي تستطيع تركيا أن تلعبه من خلل استخدام صوتها لدى (حماس) في محاولة إلنجاز ذلك». ويرجح خبراء تحدثوا مع «الشرق األوسط»، قـــدرة الـوسـطـاء عـلـى تــجــاوز أي عـقـبـات محتملة، فــــي ضـــــوء مـــــؤشـــــرات إيـــجـــابـــيـــة كـــثـــيـــرة تـشـهـدهـا املـفـاوضـات، ال سيما بعد فــوز الرئيس األميركي دونــالــد تـرمـب، وتـهـديـده بــضــرورة إتـمـام االتـفـاق يناير (كانون الثاني) 20 قبل موعد تنصيبه في املقبل، متوقعني أن تنهي زيارة سوليفان للقاهرة الــتــي لـهـا الــــدور الـكـبـيـر فــي االتـــفـــاق، وكــذلــك قطر العائدة للوساطة بعد تعليقها الشهر املاضي، أي ثغرات، مع جهود تركيا ذات العلقات املعروفة مع «حماس». وبرأي املحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيـمـن الـرقـب، فــإن «تـلـك القضايا ليست جوهرية، ويمكن التوصل بتفاهمات بشأنها إلى اتفاق طاملا أرادت إسـرائـيـل ذلــك بشكل درامـاتـيـكـي وسـريـع»، مؤكدًا أن «هناك حراكًا كبيرًا قامت به مصر الفترة األخــــيــــرة، ويــتــوقــع فـــي ظـــل املــــؤشــــرات اإليـجـابـيـة املــتــوالــيــة أن يــتــم الــتــوصــل إلــــى تــفــاهــمــات بـشـأن الثغرات خـال زيـــارة سوليفان للقاهرة والـدوحـة بعد زيارته إسرائيل». وباعتقاد األكاديمي املصري املتخصص في الشؤون اإلسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن «تلك الثغرات لن تؤثر كثيرًا على املفاوضات التي تـعـززهـا مــؤشــرات إيجابية كثيرة لعبت القاهرة دورًا كــبــيــرًا فـــي حـــدوثـــهـــا، وســيــتــم الــتــوصــل إلــى تفاهمات سريعة بشأنها». وبحسب الخبير االسـتـراتـيـجـي والعسكري املـصـري، الـلـواء سمير فـرج، فـإن «جولة سوليفان هي آخر محاولة ضغط وجني مكاسب إلدارة جو بـــايـــدن قـبـل تسليمها الـسـلـطـة لــتــرمــب»، متوقعًا أن «تضغط أكـثـر لتلفي أي ثـغـرات وإبـــرام اتفاق سريع». القاهرة: «الشرق األوسط» أنقرة: سعيد عبد الرازق أقارب أسرى لدى «حماس» يتظاهرون خارج مكتب السفارة األميركية في القدس الخميس (أ.ب) مصدر مصري: «العقبة الكبيرة هي أسماء األسرى الفلسطينيين الكبار» جنراالت إسرائيل القدامى يحذّرون من تكرار الخطأ مع الحركة في سوريا سنة على تأسيسها... ماذا بقي لـ«حماس» بعد «الطوفان»؟ 37 مـــن غـيـر املـــعـــروف كـيـف سـتـحـيـي حـركـة «حـــــــمـــــــاس» الـــــــذكـــــــرى الــــســــابــــعــــة والــــثــــاثــــ 15 لـتـأسـيـسـهـا، الــتــي تـــصـــادف غــــدا، الــســبــت ديـسـمـبـر (كـــانـــون األول). لــكــن املـــؤكـــد هـــو أن إسـرائـيـل تـتـوقـف طـــويـــا عـنـد هــــذا الــتــاريــخ. والجيش اإلسرائيلي -ومعه كل أجهزة األمن واملـــخـــابـــرات- يُــجــري أبـحـاثـ ومــــــداوالت حـول هــذه املـنـاسـبـة، تتضمّن جــرد حـسـاب وإعـــادة تقييم، وكبار الجنراالت القدامى فيها ينظرون إلـى الوضع في سوريا ويصيحون محذرين: ال تقعوا في مسلسل الخطأ الـذي وقعنا فيه، وال تسمحوا بتكرار تجربتنا مع «حماس» في تعاملكم مع القيادات السورية الجديدة. فهي من الطينة والجينات نفسها. كـــمـــا هـــــو مــــــعــــــروف، «حــــــمــــــاس» (حـــركـــة املقاومة اإلسلمية)، تأسّست بوصفها حركة ، بعد 1987 سياسية في مثل هذا اليوم من سنة انفجار االنتفاضة الفلسطينية األولـــى. ففي حينه، كانت الحركة الخصم (فتح) معًا وبقية الفصائل فـي منظمة التحرير، تقود النضال الــفــلــســطــيــنــي مـــتـــعـــدد الــــجــــوانــــب واملــــجــــاالت (سـيـاسـيـة وعـسـكـريـة) لـسـنـوات طـويـلـة جــدًا. ونجحت في اجتراح تأييد الغالبية الساحقة مـــن الــشــعــب الـفـلـسـطـيـنـي. وحــقّــقــت إنـــجـــازات سـيـاسـيـة عـلـى الــســاحــة الــدولــيــة وحــتــى على الـسـاحـة اإلسـرائـيـلـيـة، حـيـث ارتـفـعـت أصـوات كثيرة تطالب بالحقوق املشروعة وإقامة دولة . وإسرائيل التي 1967 فلسطينية على حـدود كانت تخلّد االحـتـال الفلسطيني وجــدت في «فــتــح» الــعــدو األول واألســـــاس، ورأت فــي كل إنجاز لها ضربة ملشروعاتها. وكانت تفتش بسراج وفتيل عن منافس لها وفشلت. حاولت ذلـــك مــع املـخـاتـيـر ثــم مــع روابــــط الــقــرى ثــم مع رؤساء البلديات ثم مع الحل األردني. لكن الجذور األصلية لـ«حماس» كانت قد 1973 نبتت في مطلع السبعينات. ففي سنة تــقــدّمــت جــمــاعــة «اإلخـــــــوان املــســلــمــ » بطلب إلـــى الـحـاكـم الـعـسـكـري اإلسـرائـيـلـي فــي قطاع غـــــزة، بـطـلـب إقـــامـــة جـمـعـيـات خــيــريــة، تعمل على التربية االجتماعية والــعــودة إلــى القيم اإلسلمية وتقديم املساعدات إلى املحتاجني، فعدّت السلطات اإلسرائيلية هذا األمر فرصة إليجاد البديل عن منظمة التحرير. فأُقيم ما يُعرف باسم «املركز اإلسلمي»، بقيادة الشيخ أحـــمـــد يــــاســــ . وامــــتــــد نـــشـــاطـــه مــــن غـــــزة إلـــى الضفة الغربية والــقــدس الـشـرقـيـة، وسمحت إسرائيل له أن يمتد حتى إلى العرب لديها. لــــــقــــــد أقـــــــنـــــــع الــــــشــــــيــــــخ أحـــــــمـــــــد يــــاســــ اإلســـرائـــيـــلـــيـــ بـــأنـــهـــم تــــيــــار مـــعـــتـــدل يـنـشـد الـــســـام، عـلـى عـكـس حــركــة «فـــتـــح» ومنظمة الـتـحـريـر الـفـلـسـطـيـنـيـة. وتـــعـــزّز ذلـــك لـديـهـم، وهـــــم يـــرقـــبـــون كـــيـــف بــــــدأت ظــــاهــــرة الـتـفـسـخ واالقـــتـــتـــال فـــي صــفــوف الـفـلـسـطـيـنـيـ ، ألول مـــرة بـشـكـل حــــاد. واعــتــقــد الــكــثــيــرون فـــي تل أبــيــب أن االقــتــتــال الــداخــلــي بــ التنظيمات اإلســامــيــة ومـنـظـمـة الـتـحـريـر الفلسطينية العلمانية سيؤدي إلى إضعاف األخيرة تحت مـبـدأ الـعـدو يـدمـر نفسه. وهــكــذا، لـم تتدخل الحكومة اإلسرائيلية في املعارك بني منظمة التحرير الفلسطينية والحركات اإلسلموية. واعترف يتسحاق سيغيف الذي شغل منصب الحاكم العسكري اإلسـرائـيـلـي لـغـزة فـي ذلك الــوقــت، بتمويله «املــركــز اإلســـامـــي». وقـــال، خــال بـرنـامـج للقناة الثانية فـي التلفزيون : «أعطتني الحكومة 2009 اإلسرائيلي في سنة اإلســـرائـــيـــلـــيـــة مـــيـــزانـــيـــة، وســــلــــطــــات الــحــكــم العسكري أعطتني املـسـاجـد». وقــال مسؤول الـشـؤون الدينية اإلسرائيلي فـي غــزة، أفنير كوهني، في البرنامج نفسه: «مع األسف. لقد تم إنشاء (حماس) بأيدي إسرائيل». وأكد أنه حـذّر رؤســاءه من دعم اإلسلميني، لكنهم لم يعيروا تحذيره أهمية. وحتى عندما بدأت «حماس» تظهر بوادر تفكير في املقاومة املسلحة ضد االحتلل، لكي تجاري «فتح»، واصلت إسرائيل دعمها. وفي اعـتـقـلـت إســـرائـــيـــل الــشــيــخ يـاسـ 1984 عــــام واتُّهم ورفاقه بجمع أسلحة ألغـراض معادية لـــهـــا. وقـــــال يـــاســـ فـــي الـتـحـقـيـق إن الــغــرض مـن هــذه األسلحة هـو الـدفـاع عـن النفس أمـام سطوة «فتح»، ولن تُستخدم إال ضدها والقوى الفلسطينية العلمانية الـتـي تـهـدد اإلســـام. 1985 ) وقد أُطلق سراح ياسني في مايو (أيـار بوصفه جـــزءًا مـن عملية تـبـادل أســـرى. وبعد اإلفـــراج عنه، أنشأ «املـجـد» (اختصار لـ«نظام الجهاد والـــدعـــوة»)، برئاسة الزعيم الطلبي الـــســـابـــق يــحــيــى الـــســـنـــوار وروحــــــي مـشـتـهـى، املكلف بالتعامل مع األمـن الداخلي ومطاردة املخبرين املحليني. وعندما انطلقت اتفاقيات «أوسلو»، انتقلت «حماس» إلى العمل املسلح بــــقــــوة شـــــديـــــدة ونـــــفـــــذت عـــــشـــــرات الــعــمــلــيــات املـــســـلـــحـــة ضـــــد الـــجـــيـــش اإلســــرائــــيــــلــــي وضـــد املدنيني اإلسرائيليني. وكلما أضرت إسرائيل فــي االتـفـاقـيـات مــع الفلسطينيني كـــان نشاط «حماس» يحظى بتأييد مزيد من املواطنني. وبعد االنسحاب اإلسرائيلي األحادي الجانب مــــن قـــطـــاع غــــــزة، وجـــدتـــهـــا «حــــمــــاس» فــرصــة للستيلء على الحكم ونفّذت انقلبها. وفي عهد بنيامني نتنياهو، كان يتعمّد اإلبقاء على حكم «حـمـاس» ضعيفًا تجاه إسرائيل وقويًا تجاه السلطة الفلسطينية، فأتاح دخول منحة مليون دوالر 30 مالية من دولة خليجية بقيمة فـي الـشـهـر، على أمــل أن تقويها على حساب السلطة، وتعمّق االنقسام الفلسطيني. وقـــــــد نـــجـــحـــت إســـــرائـــــيـــــل فـــــي مــهــمــتــهــا هـــذه، لكنها وقـعـت فـي فــخ. فقامت «حـمـاس» بـهـجـومـهـا فـــي الــســابــع مـــن أكــتــوبــر (تـشـريـن الــــــذي زلــــــزل إســــرائــــيــــل. وقـــامـــت 2023 ) األول بـــالـــرد الـجـنـونـي املـــعـــروف، الــــذي ألـحـقـت فيه الــدمــار الـجـبـار بـقـطـاع غـــزة والـضـفـة الغربية ثــــم لـــبـــنـــان وســـــوريـــــا وطــــالــــت أيــــاديــــهــــا حـتـى إيــــــــران. ويـــــــرون فــــي إســــرائــــيــــل أنـــهـــم نــجــحــوا فــي قـلـب املــعــادلــة، خـصـوصـ ضــد «حــمــاس». ويقولون: «باإلضافة إلى اغتيال قادة الحركة األســـاســـيـــ ، وفــــي مـقـدمـتـهـم رئــيــســا املـكـتـب السياسي، إسماعيل هنية ويحيى السنوار، فــــي املــــائــــة مــــن الــــقــــدرات 90 تــــم ضــــــرب نـــحـــو العسكرية لـ(حماس) وضرب قوة املساندة من (حـــزب الــلــه)، وبـاتـت (حــمــاس) تنفّذ عمليات مــــحــــدودة وبـــــاألســـــاس دفـــاعـــيـــة، وتــــدخــــل فـي صـدام مع الناس؛ ألنها تقمع املواطنني حتى اآلن، وهي ضعيفة، وتصادر املساعدات وتبيع بـعـضـهـا فـــي الـــســـوق الــــســــوداء، مـمـا أدى إلـى مضاعفة األسـعـار عشرات املـــرات، على سبيل سنتات إلى 5 املـثـال ارتـفـع سعر الـرغـيـف مـن دوالرًا. 20 دوالرين، وسعر السيجارة الواحدة وتــســود فـيـهـا خــافــات شــديــدة بــ الـقـيـادات امليدانية وقــيــادات الــخــارج، وملحظة وجـود فوضى في الشارع». لـكـن األمــــر الــجــوهــري فــي إســرائــيــل بقي حـــول الـــســـؤال: «كــيــف تـظـهـر (حـــمـــاس) الـيـوم عــــــامــــــ ؟». فـــمـــع أنــــهــــا فــــقــــدت قــوتــهــا 37 بـــعـــد األساسية وخـسـرت حكمها وحلفاءها، تظل إسرائيل تحلم اليوم بتصفيتها نهائيًا. إال أن الجنراالت القدامى، الذين يتحمّلون املسؤولية عـــن تـأسـيـس «حـــمـــاس» وتـقـويـتـهـا، يطلبون مـن حكومتهم أال تـكـرّر الخطأ فـي سـوريـا وال تعتمد على وعود أبو محمد الجوالني (أحمد الــــشــــرع) بـــإقـــامـــة عـــاقـــات آمـــنـــة مـــع إســرائــيــل أكــثــر مـمـا كـــان فــي عـهـد األســــد. ولــهــذا جــاءت الـضـربـات العسكرية للجيش الــســوري وجـاء احتلل كل رؤوس جبل الشيخ وعـدة قرى في الــجــوالن الـشـرقـي. ومــع أن إسـرائـيـل تـقـول إن هذا االحتلل سيكون مؤقتًا، فإن املؤقت يعني هنا شهورًا طويلة وربما سنوات. تل أبيب: نظير مجلي (أ.ب) 2011 أكتوبر 21 يحيى السنوار في صورة أرشيفية بغزة تعود إلى

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==