issue16818

الــتــحــوالت االسـتـثـنـائـيّــة املـتـسـارعـة وغـيـر املسبوقة التي شهدها الشرق األوسط في األشهر األخيرة تشير إلى أن املنطقة مقبلة على املزيد منها في اآلتـي من األسابيع واألشــهــر وربــمــا الــســنــوات، ذلـــك أن حـجـم هـــذه الـتـحـوالت وعمقها وشموليتها على امـتـداد أكثر مـن دولــة مـن دول «سايكس - بيكو»، إذا صح التعبير، يعني أن مفاعيلها لن تكون سهلة االستيعاب سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا. من عمليّة «طوفان األقصى» التي انطلقت من قطاع وتلتها 2023 ) غـزة فـي السابع مـن أكتوبر (تشرين األول الحرب اإلسرائيليّة املدمرة التي ال تزال مستمرة دون هوادة ألـــف شهيد مــن الـقـطـاع، مـــرورًا 45 وقـــد حـصـدت أكـثـر مــن بحرب لبنان وتدمير عدد كبير من قرى الحافة الحدوديّة واستشهاد أكثر من ثالثة آالف مواطن، واستهداف البنى التحتيّة لـ«حزب الله» وقياداته وأفراده ومؤسساته، مرورًا بالقصف املـبـاشـر املـتـبـادل بـن إيـــران وإسـرائـيـل، وصــوال عامًا على 54 إلى سقوط نظام بشار األسد في سوريا بعد استيالء والـــده حافظ األســد على السلطة؛ شريط أحـداث بوتيرة متسارعة ومكثفة يكاد املـرء ال يعرف كيف سوف تنتهي، أو باألحرى إالم سوف تخلص؟ األكـيـد أن مـحـور املـقـاومـة واملمانعة قـد مُــنـي بهزائم مـتـتـالـيـة، وقـــد أثـبـتـت األحـــــداث أن الــعــديــد مــن الــشــعــارات السياسيّة والعقائديّة التي رفعها طـوال عقود لم تُترجم نفسها عـلـى األرض فــي أكــثــر األوقـــــات حــرجــ وصـعـوبـة، وفــــي الــلــحــظــات الـــتـــي واجـــهـــت مــكــونــاتــه حـــربـــ وجـــوديّـــة شنتها إسرائيل دون هوادة، فإذا بأعضاء املحور وقيادته يـــتـــفـــرجـــون عـــلـــى االنــــهــــيــــارات املـــتـــتـــالـــيـــة، ولـــــو أن بـعـض املتحدثي باسمه حافظوا على نبرة خطابيّة عالية مألت الــشــاشــات الـعـربـيّــة ضجيجًا دون أن يـكـون لـهـا أي سند واقعي وعملي على األرض. هـــذا الـــكـــ م لـيـس لـلـشـمـاتـة، بـــل لـــقـــراءة واقــعــيّــة بـأن املرحلة املقبلة ال يمكن لـ طـراف املعنيّة فيها أن تواصل سياساتها ذاتها دون أن تجري مراجعة نقديّة تتمكن من خاللها من التقاط األنـفـاس والتكيّف مع الـواقـع الجديد، وهذا األمر ينطبق على كل عناصر املحور املذكور (الذي قد ال يصح بعد اليوم تسميته املحور نظرًا لتفككه وتالشيه تدريجيًّا)، وهـو ما يفترض أن يحدث في لبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن وكل مكان آخر. فـــي لــبــنــان، بــقــدر مـــا هـــو مــهــم أال يـشـعـر فــريــق بـأنـه مـهـزوم، مهم أيضًا أال يشمت فريق آخـر بما حصل، ولو أن هـامـش الـفـرح مـتـاح طبعًا، واالحـتـفـال بتحقق العدالة املـــتـــأخـــرة فـــي حـــق كــوكــبــة مـــن الــشــخــصــيّــات الـــتـــي ذهـبـت ضحية النظام الساقط هو أقل اإليمان على ضوء الخسائر الفادحة التي مُني بها هؤالء. املــهــم لـبـنـانـيّــ فــي هـــذه الـلـحـظـة املـهـمـة والـتـاريـخـيّــة أن يــجــري الـعـمـل بـشـكـل حـثـيـث عـلـى تثبيت وقـــف إطــ ق الـنـار وتحديد العوامل التي مـن شأنها أن تجعله دائمًا، خصوصًا أن إسرائيل لم تتوقف عن انتهاكه منذ الساعات األولــى إلعـ نـه، وأغلب الظن أنها لن ترتدع مع شعورها بـــالـــنـــشـــوة واالنــــتــــصــــار وفـــــي لــحــظــة االنـــتـــقـــال الــســيــاســي األميركي التي سوف تستغلها إلى أبعد مدى. واملهم أيضًا أن يجري البحث فورًا بخطة دفاعيّة يُستفاد فيها من كل القدرات املتوفرة بحيث يعزّز لبنان إمكاناته الدفاعيّة التي تتيح - أقـلَّــه - وقــف االنـتـهـاكـات اإلسـرائـيـلـيّــة وصـــوال إلى حماية البالد، كيال يكون «عاريًا» من أي حماية عسكريّة أو سياسيّة. احتكار الدولة اللبنانية للسالح خطوة طبيعيّة بأي دولــة فـي الـعـالـم، ال، بـل هـو مـن وظـائـف الـدولـة األساسيّة التي يفترض بها أن تمارسها وحدها دون شراكة، وهذا أمر مسلّم به، ولكن إزاء «فائض القوة» اإلسرائيليّة والزهو بـ«االنتصارات» التي تحققها في املنطقة، ال بد من بحث معمق في كيفيّة حماية لبنان ألن شـرط احتكار السالح، ولـــو أنـــه ضــــروري وال يـمـكـن تــأخــيــره، لـيـس كـافـيـ وحــده للدفاع عن لبنان. لذلك، فإن انتخاب الرئيس اللبناني الجديد، وعودة االنـتـظـام إلــى املـؤسـسـات الـدسـتـوريّــة، واتــخــاذ الخطوات الكفيلة بتثبيت وقف إطالق النار، وإعادة اإلعمار، وتركيز االستقرار، تبدو كلها خطوات منتظرة ال تحتمل التأجيل، لعلها تساهم في النأي بلبنان عن النيران اإلقليميّة التي ال يبدو أنها سوف تنطفئ قريبًا. تـتـ حـق األحـــــداث فـــي الـــســـودان بـشـكـل يـجـعـل املـقـال األسبوعي عاجزًا عن مالحقتها؛ فخالل أيــام قليلة تظهر تــطــورات جـديـدة فـي املشهد الـسـودانـي تستدعي مراجعة القراءات والكتابات السابقة وتجديدها لنواكب ما يحدث. كتبنا فـي األســبــوع املـاضـي عـن فـكـرة حكومة املنفى التي طرحتها بعض الحركات السياسية داخل اجتماعات الـهـيـئـة الــقــيــاديــة لـتـنـسـيـقـيـة «تــــقــــدم»، ومــــا صـاحـبـهـا من نقاشات وجدال بدا أنه قد تم حسمه لصالح من يرفضون فكرة تشكيل الحكومة، وإن كان البيان الختامي لم يعكس هذا الرأي القاطع. ويبدو أن أصحاب الفكرة قد اتخذوا قرارهم بال رجعة؛ فقد خرجوا لإلعالم ليروجوا لفكرتهم ويدافعوا عنها، كما نقلت األنـبـاء أنهم انتظموا في اجتماعات في إحــدى دول الجوار، وربما يتم اإلعالن عن هذه الحكومة في أي لحظة. ومما ظهر حتى اآلن، أنـه قد تم حسم نقطتي أساسيتي فـي مـا يتعلق بهذه الحكومة؛ األولـــى أنها ليست حكومة منفى باملعنى الـذي تبادر لألذهان عندما تم طـرح الفكرة فـي االجتماعات، وإنـمـا هـي حكومة على جـزء مـن أراضـي الـــســـودان، والـثـانـيـة أنــهــا، بــالــضــرورة، ستتم عـلـى أســاس تــحــالــفــي مـــع «قــــــوات الـــدعـــم الـــســـريـــع»؛ ألنـــهـــا ســتــقــوم في األراضي التي تقع تحت سيطرتها. ستقوم حكومة على جزء من أراضي السودان، مثلما هــنــاك حـكـومـة أمـــر واقــــع عـلـى جـــزء آخـــر تـتـخـذ مــن مدينة بـورتـسـودان عاصمة مؤقتة لـهـا، وبالتالي سيكون البلد مقسمًا بي حكومتي، هذا أمر لن يستطيع أحد إنكاره أو أن يدّعي غيره، وهو أمر وقع في ليبيا وفي اليمن وفي سوريا، وأنـتـج واقــع تقسيم ال تــزال هـذه الـبـ د تعيشه حتى اآلن. وبالتالي، فــإن اإلعـــ ن عـن تشكيل حكومة ثانية سيعني رسميًا اإلعـ ن عن تقسيم السودان، مهما حاول مناصرو الفكرة االدعاء بغير ذلك. وال أحـــد مـــن الــســذاجــة بـحـيـث يـتـصـور أن قــيــام هـذه الحكومة الـجـديـدة سيعني بـالـضـرورة نــزع الشرعية عن الحكومة القائمة فـي بـورتـسـودان، بـل ربما يــؤدي لعكس ذلك؛ فاالتحاد األفريقي مثال ال يعترف بالحكومة الحالية؛ ألنها جـاءت بانقالب عسكري، ودول الغرب على إجمالها لها الرأي نفسه، لكنها تتعامل مع حكومة البرهان كحكومة أمــر واقـــع، وعـنـدمـا ال تجد الحكومة الـجـديـدة أي اعـتـراف دولــــي، فـهـذا قــد يـتـم تـفـسـيـره بـــأن دول الـعـالـم بـالـضـرورة تعترف بحكومة بورتسودان. األمـر الـذي يثير الحيرة أيضًا هو التوقيت، فال أحد يعلم تحديدًا ملاذا تم اختيار هذا التوقيت، وما هو مغزاه. ويـذكـر الـنـاس أن هــذه الفكرة تـم طرحها فـي األيـــام األولــى أكتوبر (تشرين األول) 25 النقالب البرهان - حميدتي في ، حيث كانت الحسابات تقول إن معظم أعضاء مجلس 2021 الـــــوزراء، عـــدا سـتـة وزراء يمثلون الـحـركـات املتحالفة مع البرهان، ضد االنـقـ ب، وكذلك خمسة من أعضاء مجلس السيادة، يمكن أن يضاف لهم ممثلو الحركات الثالث، مالك عقار والطاهر حجر والهادي إدريس، فتكون لهم األغلبية، وكــــان الـــشـــارع ملتهبًا وداعـــمـــ، لـكـن لــم يتحمس البعض للفكرة، ومنهم املبادرون الحاليون، واستمروا في عضوية مجلس السيادة. لـيـس هـنـاك أي دالالت أو إشــــارات تجيب عــن ســـؤال: «ملـــاذا اآلن...؟»، مثلما ال أحـد يقف ليجيب عـن ســـؤال: من سيعترف بهذه الحكومة؟ أهــم النقاط التي تضعف فــرص نجاح هــذه التجربة سـتـكـون عـ قـتـهـا بــــ«الـــدعـــم الـــســـريـــع»، بـخـاصـة مـــع حجم الـجـرائـم واالنـتـهـاكـات الـتـي ارتكبتها هــذه الــقــوات حيثما حــلّــت؛ فـقـد تــكــوّن مــوقــف دولــــي رافــــض ملــمــارســات «الــدعــم الـسـريـع»، وربـمـا يصل ملرحلة االسـتـعـداد لـرفـض أي دور سياسي مستقبلي لـهـذه الــقــوات. اتسمت مـمـارسـات هذه القوات بالتفلتات الكبيرة وعدم االنضباط، وهو أمر عجز القادة العسكريون لـ«الدعم السريع» عن معالجته، بخاصة مجموعات الفزع القبلي التي لم تتلق تدريبًا نظاميًا، وال يـعـلـم أحـــد كـيـف ستخضع هـــذه الـــقـــوات لــقــادة مـدنـيـن لم يقاتلوا معهم، وال ينتمون قبليًا وجهويًا للكتلة الكبرى من «قوات الدعم السريع». تبقى بعد ذلك أسئلة كثيرة عن طبيعة ونوع الخدمات التي يمكن أن تقدمها هذه الحكومة ملواطني املناطق التي توجد بها «قـــوات الـدعـم الـسـريـع»، فـهـؤالء املـواطـنـون نزح معظمهم مـن هــذه املـنـاطـق الفتقادهم األمـــن والــســ م بعد كل ما تعرضوا له، ولم تبق إال مجموعات قليلة اضطرتها الــظــروف الـقـاهـرة للبقاء. واإلدارات املـدنـيـة الـتـي شكّلتها «الدعم السريع» بوالية الجزيرة لم تستطع أن توفر مجرد اإلحــســاس بــاألمــان للمواطن، ولــم تثبت أن لها أي سلطة على العسكريي، فهل يكون هـذا هو أيضًا مصير مدنيي الحكومة الجديدة؟ OPINION الرأي 14 Issue 16818 - العدد Saturday - 2024/12/14 السبت وكيل التوزيع وكيل االشتراكات الوكيل اإلعالني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] املركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 املركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى اإلمارات: شركة االمارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 املدينة املنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب األولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية املوجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها املسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة ملحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي باملعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com ما نوع الخدمات التي يمكن أن تقدمها هذه الحكومة لمواطني المناطق التي توجد بها «قوات الدعم السريع»؟ احتكار الدولة اللبنانية للسالح خطوة طبيعيّة بأي دولة في العالم هل يعيد ترمب أميركا رقما صعبا إيجابيا وخالقا في الشرق األوسط؟ إميل أمين فيصل محمد صالح رامي الريّس حكومة تحت اإلعالن كيف يحمي لبنان نفسه حقاً؟ ترمب وسوريا... الفرصة والمخاطر وصـف الرئيس األميركي املنتخب دونالد تـــرمـــب ذات مــــرة ســـوريـــا بــأنــهــا «رمـــــل ومـــــوت»، واليوم وقبل عودته إلى البيت األبيض ببضعة أسابيع، وعلى هامش سقوط نظام بشار األسد اعتبر أن «سـوريـا في حالة من الفوضى، لكنها ليست صديقتنا، وال ينبغي للواليات املتحدة أن يكون لها أي عالقة بها. هذه ليست معركتنا. ال تتدخل». منذ اليوم األول لها، نـأت إدارة جو بايدن عــــن قـــضـــيـــة ســـــوريـــــا، ونـــتـــيـــجـــة لــــذلــــك تـــراجـــعـــت العالقات التي تربط الواليات املتحدة بمختلف الجهات الفاعلة املهمة بمرور الوقت». هــــل يــمــلــك تـــرمـــب الـــرفـــاهـــيـــة نــفــســهــا الــتــي توافرت لبايدن؟ باختصار، هناك ضباب كثيف يخيّم على املـشـهـد األمــيــركــي تــجــاه ســـوريـــا، ضــبــاب يـدعـو الــخــبــراء لـلـحـيـرة واالرتــــبــــاك، حـــول مــا إذا كانت واشـنـطـن قريبة جــدًا مـن الـفـوضـى غير الخالقة عـــلـــى األرض، وبــــخــــاصــــة فــــي ظــــل مــــا أشـــاعـــتـــه وأذاعته وسائل إعالم أميركية من مجابهات بي أنصار البنتاغون وعمالء االستخبارات املركزية األمـيـركـيـة عـلـى األراضــــي الــســوريــة، أو تصديق مـــا أعــلــنــتــه صـحـيـفـة «وول ســتــريــت جـــورنـــال» مـن أنـه «فـي الـوقـت الحالي ال يعرف املسؤولون األميركيون ما سيحدث ومدى نفوذهم». كالعادة يتعامل العالم مع واشنطن من باب «االزدواجـيـة التاريخية» أو «تكافؤ األضــداد في الروح الواحدة». وألن إدارة بـايـدن بكل مـا حملته مـن لغط والـتـبـاس داخــلــي وخـــارجـــي، راحــلــة عـمـا قـريـب، ورغم ما خلفته من فخاخ، فإن التركيز وال شك ال بد أن ينصب على مستقبل إدارة ترمب، وما إذا كانت ستقترب الهوينى من امللف السوري، الذي بات يمثل املخاطر أو الفرصة أم ال. هـنـاك حـالـة أميركية مـن عــدم اليقي تجاه أحــــــداث املــنــطــقــة وتـــداعـــيـــاتـــهـــا، هــــذا إذا أبـقـيـنـا جانبًا نظرية املؤامرة، والتفاعالت املاورائية بي واشنطن واألطراف التي تحركها، ال سيما في ظل عالقاتها التاريخية بجماعات اإلسالم السياسي من زمن الجد أيزنهاور ولقائه التاريخي بالبيت ، مـــع قـــيـــادات 1954 ) األبـــيـــض فـــي مـــــارس (آذار العالم اإلســ مــي، ونـشـوء وارتــقــاء فكر «الهــوت االحتواء» لصاحبه وزير الخارجية جون فوستر فـي كتابه املعنون 1950 داالس، الــذي قدمه عـام «حرب... أم سالم». هل ينبغي لنا أن نصدّق أن واشنطن وكما التصريحات املتعددة التي خرجت عنها، كانت بعيدة كل البعد عن تقدير واستشراف املشهد في سوريا، قبل القارعة األخيرة؟ يـــــــــوم الـــــخـــــامـــــس مـــــــن ديــــســــمــــبــــر (كــــــانــــــون األول) الـحـالـي، صــرح بــات رايـــد املـتـحـدث باسم الــبــنــتــاغــون، بــأنــه ال عــ قــة لـعـسـكـر أمــيــركــا بما يجري في سوريا، وأن واشنطن ستواصل العمل مـــع شـــركـــاء مــثــل «قـــــوات ســـوريـــا الـديـمـقـراطـيـة» لتحقيق مهمة هزيمة «داعش». بـــعـــد ثــــ ثــــة أيـــــــام تـــقـــريـــبـــ ، تــــابــــع الـــعـــالـــم بــانــدهــاش غـيـر عــــادي، لــقــاء مــطــوال يــكــاد يكون بروباغندا غسل سمعة، لكبير «جبهة النصرة»، التي ال تختلف عن «داعش» كثيرًا، وربما جناح مستتر منها، عبر أكبر وأهم محطة إخبارية في ، فــي حــن أنـــه هــو الـشـخـص عينه CNN أمـيـركـا املـطـارد أميركيًا واملـرصـود لرأسه عشرة ماليي دوالر. أي أمـــيـــركـــا نـــصـــدق املــثــالــيــة أم الــواقــعــيــة، الجيفرسونية أم الويلسونية؟ إنـــهـــا الــحــيــرة نـفـسـهـا الـــتـــي تــلــف الـقـاصـي والداني حول العالم، ال سيما سكان منطقة املوت في الشرق األوسط. دعـونـا مـع ترمب الجديد، والـسـؤال املثير: «هــــل يــخــشــى ســيــد الــبــيــت األبـــيـــض مـــن وحـــول بــــــــ ده فـــــي مـــســـتـــنـــقـــع ســــــــوري مـــشـــابـــه ومــكــمــل ربـمـا ملستنقعي أفغانستان والــعــراق، وقبلهما فيتنام؟». الــخــوف مــن الـخـطـر يـعـنـي رهــــان واشـنـطـن على انـتـشـار الـفـوضـى فـي منطقة ال تـــزال تمثل رصـــيـــدًا اســتــراتــيــجــيــ كـــونـــيـــ ، ســـــواء مـــن حيث ثـــرواتـــهـــا الــطــبــيــعــيــة، أو مـــواقـــعـــهـــا الــجــغــرافــيــة املـتـحـكـمـة فـــي مـــســـارات خــــروج الــنــفــط وســريــان التجارة الدولية. التراجع األميركي عـن لعب دور فاعل في مـسـتـقـبـل ســــوريــــا، ربـــمـــا يــعــطــي ضـــــوءًا أخـضـر لقوى قطبية أخــرى، ربما تراجعت تكتيكيًا في الحال، لكن مخططاتها االستراتيجية جاهزة في االستقبال، وبخاصة روسيا والصي. هل يترك ترمب مربعات نفوذ تلك املنطقة لخصومه يمألونها ساعة يشاءون بما يرغبون؟ تــــــــدرك مــــوســــكــــو وبــــكــــن أن الـــــغـــــزل عــلــى متناقضات الجماعات املتطرفة سيصيبهم في العمق مرة أخرى، وكأننا في استنساخ ملا جرى في أوائـل العقد املاضي، وعليه يخطئ ترمب إن اعتبر أنــه ال عـــودة لهما عما قـريـب رغــم سقوط نظام األسد. الفرصة أمـام ترمب تاريخية لكتابة اسمه فــــي ســـجـــل الـــقـــيـــاصـــرة األمـــيـــركـــيـــن، والــــدخــــول مـــن بـــوابـــة الـــشـــرق األوســـــط، بــزعــامــة بـعـيـدة عن مـخـطـطـات مـثـلـت «أوبـــامـــا - هــيــ ري - بــايــدن»، زعــامــة تـعـيـد أمــجــاد أيـــزنـــهـــاور، تستنقذ مسار املنطقة املضطربة، من خالل أميركا أخرى تعيد ألقها كمدينة فوق جبل. هل يعيد ترمب أميركا رقمًا صعبًا إيجابيًا وخالقًا في الشرق األوسط؟ ربـــمـــا يــتــحــتــم عـــلـــى الــــشــــرق أوســـطـــيـــن أن يــبــادروا بطرح رؤاهـــم للمنطقة عليه، وإدمـاجـه في شراكات وصفقات تُفرح قلبه وتسر ناظريه... لكن كيف ذلك؟ للحديث بقية...

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==