issue16818

13 حــصــاد األســبـوع ANALYSIS Issue 16818 - العدد Saturday - 2024/12/14 السبت شرق السودان... نار تحت الرماد ال يبعد إقليم شرق السودان كثيرًا عــــن تــــمــــاسّــــات صـــــــراع إقـــلـــيـــمـــي مــعــلــن، فـالـجـارة الشرقية إريـتـريـا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بـاألخـرى. كـذلـك، شـرق الـسـودان هو «الجسر» الذي يمكن أن تعبره قوات أي مـنـهـمـا نــحــو أرض الــجــانــب اآلخــــر. ومــــع تـــأثـــر اإلقـــلـــيـــم أيـــضـــا بــالــصــراعــات الداخلية اإلثيوبية، وبأطماع الدولتني بــــمــــوارد الــــســــودان، يــظــل الــــصــــراع على «مـــثـــلـــث حــــايــــب» هــــو اآلخـــــــر لـــغـــمـــا قـد ينفجر يوما ما. حدود ملتهبة تــحــد إقــلــيــم «شــــرق الــــســــودان» ثــاث دول، هــي مـصـر شــمــاالً، وإريــتــريــا شـرقـا، وإثيوبيا فـي الجنوب الشرقي، ويفصله الــــبــــحــــر األحــــــمــــــر عــــــن املــــمــــلــــكــــة الـــعـــربـــيـــة الـــســـعـــوديـــة. وهــــو يـتـمـتـع بــشــاطــئ طـولـه كيلومتر؛ ما يجعل منه جزءًا 700 أكثر من مهما من ممر التجارة الدولية املهم، البحر األحمر، وساحة تنافس أجندات إقليمية ودولية. وفــــــئــــــويــــــا، تــــتــــســــاكــــن فـــــــي اإلقــــلــــيــــم مـــجـــمـــوعـــات ثـــقـــافـــيـــة وإثــــنــــيــــة «أصـــيـــلـــة» وأخــرى وافــدة من نواحي البلد األخــرى، وبينها تـنـاقـضـات وصـــراعـــات تاريخية، وارتــــبــــاطــــات وقـــبـــائـــل مــشــتــركــة مــــع دول الــــــجــــــوار الــــــثــــــاث. كــــذلــــك يـــتـــأثـــر اإلقـــلـــيـــم بـــــالـــــصـــــراعـــــات املــــحــــتــــدمــــة فــــــي اإلقــــلــــيــــم، وبخاصة بني إريتريا وإثيوبيا، وهو إلى جانب سكانه يعج باللجئني من الدولتني املتشاكستني على الــــدوام؛ مـا يجعل منه ساحة خلفية ألي حرب قد تنشأ بينهما. وحــــقــــا، ظــــل شــــــرق الــــــســــــودان لــفــتــرة طويلة سـاحـة حـــروب داخـلـيـة وخـارجـيـة. وظـــلـــت إريـــتـــريـــا وإثـــيـــوبـــيـــا تـسـتـضـيـفـان الــحــركــات املـسـلـحـة الــســودانــيــة، وتنطلق منهما عملياتها الحربية، ومنها حركات مــســلــحــة مــــن اإلقـــلـــيـــم وحـــــركـــــات مـسـلـحـة مـــعـــارضـــة مـــنـــذ أيــــــام الــــحــــرب بــــ جــنــوب السودان وجنوب السودان، وقوات حزبية الــتــي كــانــت تـقـاتـل حـكـومـة الــخــرطــوم من شرق السودان. لكن بعد توقيع الــســودان و«الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة الراحل جـون قرنق ما عُــرف بـ«اتفاقية نيفاشا»، وقّعت الحركات املسلحة في شرق السودان هي األخرى ما عُرف بـ«اتفاقية سلم شرق الــــســــودان» فـــي أســـمـــرا عــاصــمــة إريــتــريــا، وبــــرعــــايــــة الــــرئــــيــــس اإلريــــــتــــــري أســـيـــاس أكـتـوبـر (تـشـريـن األول) 14 أفـــورقـــي، يـــوم . ونـصّــت تلك االتفاقية على تقاسم 2006 السلطة والثروة وإدماج الحركات املسلحة فــــي الـــــقـــــوات الـــنـــظـــامـــيـــة وفـــقـــا لــتــرتــيــبــات «أمــنــيــة»، لـكـن الـحـكـومـة «اإلســامــيــة» في الخرطوم لم تف بتعهداتها. ميليشيا مسلحة 12 مـــــن جـــهـــة ثــــانــــيــــة، انــــدلــــعــــت الـــحـــرب بـــ الــجــيــش الـــســـودانـــي و«قـــــــوات الــدعــم الـــســـريـــع» فـــي مـنـتـصـف أبـــريـــل (نــيــســان) ، فانتقلت الحكومة السودانية إلى 2023 بـــورتـــســـودان «حـــاضـــرة الـــشـــرق» ومـيـنـاء الــــســــودان عــلــى الــبــحــر األحـــمـــر، واتـــخـــذت منها عـاصـمـة مـؤقـتـة، ووظّــفــت الـحـركـات املسلحة التي أعلنت انحيازها للجيش، في حربها ضد «الدعم السريع». 18 وإبّـــــان هـــذه الـــحـــرب، عـلـى امـــتـــداد شهرًا، تناسلت الحركات املسلحة في شرق ميليشيات 8 الـسـودان ليصل عددها إلـى مسلحة، كلها أعلنت االنحياز إلى الجيش رغـــــم انـــتـــمـــاءاتـــهـــا «اإلثــــنــــيــــة» املـــتـــنـــافـــرة. وسعت كل واحـدة منها للستئثار بأكبر «قسمة حربية» والحصول على التمويل والتسليح من الجيش والحركة اإلسلمية التي تخوض الـحـرب بجانب الجيش من أجل العودة للسلطة. ميليشيات بثياب قبلية «الحركة الوطنية للعدالة والتنمية» بـقـيـادة محمد سليمان بـيـتـاي، وهـــو من أعـضـاء حــزب «املـؤتـمـر الـوطـنـي» املحلول الـــبـــارزيـــن - وتــــــرأس املــجــلــس الـتـشـريـعـي لــــواليــــة كَــــسَــــا إبــــــان حـــكـــم الـــرئـــيـــس عـمـر البشير -، دشّنت عملها املسلح في يونيو ، وغالبية قاعدتها تنتمي 2024 ) (حزيران إلــى فــرع الجميلب مـن قبيلة الـهـدنـدوة، وهو مناوئ لفرع الهدندوة الذي يتزعمه الناظر محمد األمني ترك. أما قوات «األورطـة الشرقية» التابعة لــ«الـجـبـهـة الشعبية للتحرير والــعــدالــة» بقيادة األمني داؤود، فتكوّنت في نوفمبر ، وسـمّــت «اتفاقية 2024 ) (تشرين الـثـانـي ســـــــام الـــــــــســـــــــودان»، فــــــي جــــــوبــــــا، داؤود املحسوب على قبيلة البني عـامـر رئيسا لــــ«مـــســـار شـــــرق الــــــســــــودان». لـــكـــن بـسـبـب التنافس بني البني عامر والهدندوة على السيادة في شرق السودان، واجه تنصيب داؤود رئيسا لـ«تيار الشرق» رفضا كبيرًا مــن نــاظــر قـبـائـل الــهــدنــدوة مـحـمـد األمــ ترك. بـــــالـــــتـــــوازي، عــــقــــدت «حــــركــــة تــحــريــر شرق السودان» بقيادة إبراهيم دنيا، أول برعاية 2024 ) مؤتمر لها فـي مايو (أيـــار إريترية كاملة فوق التراب اإلريتري، بعد أيـــــام مـــن اشـــتـــعـــال الـــحـــرب فـــي الــــســــودان. وتـدرّبـت عناصرها في معسكر قريب من قـريـة تـمـرات الـحـدوديـة اإلريـتـريـة، ويـقـدّر عدد مقاتليها اليوم بنحو ألفي مقاتل من قبيلتي البني عامر والحباب، تحت ذريعة «حماية» شرق السودان. كــذلــك، نشطت قـــوات «تـجـمّــع أحـــزاب وقـــــــوات شـــــرق الـــــســـــودان» بـــقـــيـــادة شـيـبـة ضـــرار، وهــو محسوب على قبيلة األمــرار (من قبائل البجا) بعد الحرب. وقاد شيبة، الذي نصّب نفسه ضابطا برتبة «فريق»، ومــــقــــرّه مــديــنــة بـــورتـــســـودان - الـعـاصـمـة املــؤقــتــة - وهـــو ويــتــجــوّل بــحــريّــة محاطا بعدد من املسلحني. ثـــم، عـلـى الــرغــم مــن أن صـــوت فصيل «األســــــــود الـــــحـــــرة»، الــــــذي يــــقــــوده مـــبـــروك مبارك سليم املنتمي إلى قبيلة الرشايدة الـــعـــربـــيـــة، قـــد خــفــت أثـــنـــاء الـــحـــرب (وهـــو يصنَّف مـوالـيـا لــ«الـدعـم الــســريــع»)، يظل هذا الفصيل قوة كامنة قد تكون طرفا في الصراعات املستقبلية داخل اإلقليم. وفـي أغسطس (آب) املـاضـي، أسّست قـــــوات «درع شــــرق الـــــســـــودان»، ويــقــودهــا مـــبـــارك حــمــيــد بـــركـــي، نــجــل نـــاظـــر قبيلة الـــرشـــايـــدة، وهــــو رجــــل مـــعـــروف بـعـاقـتـه بـــالـــحـــركـــة اإلســــامــــيــــة وحـــــــزب «املـــؤتـــمـــر الـــوطـــنـــي» املـــحـــلـــول، بــــل كـــــان قـــيـــاديـــا فـي الحزب قبل سقوط نظام البشير. أما أقدم أحزاب شرق السودان، «حزب مـؤتـمـر الــبــجــا»، بـقـيـادة مـسـاعـد الرئيس الــبــشــيــر الـــســـابـــق مـــوســـى مــحــمــد أحـــمـــد، فهو حـزب تاريخي أُسّـــس فـي خمسينات يونيو 30 الــقــرن املــاضــي. وبـعـيـد انــقــاب بقيادة عمر البشير، شــارك الحزب 1989 فـي تأسيس مـا عُــرف بـ«التجمع الوطني الـــديـــمـــقـــراطـــي»، الــــــذي كـــــان يـــقـــود الـعـمـل املـسـلـــح ضــــد حــكـومـة الــبــشــيــر مــــن داخــــل إريتريا، وقاتل إلـى جانب قـوات «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة الراحل جون قرنق على طول الحدود بني البلدين، وقّــــــــع مـــــع بـــقـــيـــة قــــــوى شـــرق 2006 وفــــــي الـــســـودان اتـفـاقـيـة ســـام قـضـت بتنصيب رئيسه مساعدًا للبشير. ونـصـل إلــى تنظيم «املـجـلـس األعلى لــنــظــارات الـبـجـا والــعــمــوديــات املستقلة» بــقــيــادة الــنــاظــر مـحـمـد األمــــ تــــرك. لـهـذا التنظيم دور رئيس في إسقاط الحكومة املدنية بقيادة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، بإغلقه امليناء وشرق البلد. ورغـــم زعـمـه أنـــه تنظيم «ســيــاســي»، فإنه موجود في امليليشيات املسلحة بشكل أو بآخر. وهـــكـــذا، بـاسـتـثـنـاء «مــؤتــمــر الـبـجـا» و«املجلس األعلى للعموديات املستقلة»، فـــــإن تــــاريــــخ تـــأســـيـــس هـــــذه املــيــلــيــشــيــات القبلية وجغرافيا تأسيسها في إريتريا، ونــشــرهــا فـــي اإلقــلــيــم تـحـت رايــــة الجيش وتـــــحـــــت مــــــزاعــــــم إســـــــنـــــــاده – عــــلــــى رغــــم «تبعيتها» لدولة أجنبية مرتبطة بالحرب - يــعــتــبــر مــــراقــــبــــون أن وجـــــودهـــــا يـــهـــدّد اســتــقــرار اإلقـلـيـم ويـــعـــزّز الــــدور اإلريــتــري فـــي شـــرق الــــســــودان، وبــخــاصــة أن الـبـنـاء االجتماعي لإلقليم في «غاية الهشاشة» وتـــتـــفـــشـــى وســــــط تـــبـــايـــنـــات املـــجـــمـــوعـــات القبلية والثقافية املكوّنة له. مقاتلون من الغرب يحاربون في الشرق إلــــــى جــــانــــب املـــيـــلـــيـــشـــيـــات املـــحـــلـــيـــة، تقاتل اليوم أكثر من أربع حركات مسلحة دارفـــــوريـــــة بــجــانــب الــجــيــش ضـــد «الـــدعـــم الــــســــريــــع»، نـــاقـــلـــة عــمــلــيــاتــهــا الـعـسـكـريـة إلـــى شـــرق الـــســـودان. األكــبــر واألبـــــرز هـي: «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مـــنـــاوي (حـــاكـــم إقـلـيـم دارفـــــــور)، و«حــركــة العدل واملساواة السودانية» بقيادة (وزير املالية) جبريل إبـراهـيـم، و«حـركـة تحرير الـــــســـــودان - فــصــيــل مــصــطــفــى طـــمـــبـــور»، ومعها حركات أخرى صغيرة كلها وقّعت «اتفاقية سلم السودان» في جوبا، وبعد سبعة أشهر مـن بـدء الـحـرب انـحـازت إلى الجيش في قتاله ضد «الدعم السريع». الــحــركــات املـسـلـحـة الـــدارفـــوريـــة التي تتخذ من الشرق نقطة انطلق لها، أسسها بعد انـــدالع الـحـرب مـواطـنـون سودانيون ترجع أصولهم إلى إقليم دارفور، إال أنهم يـقـيـمـون فــي شـــرق الـــســـودان. أمـــا قـادتـهـا فـهـم قـــادة الــحــركــات املـسـلـحـة الــدارفــوريــة الـــتـــي كـــانـــت تـــقـــاتـــل الـــجـــيـــش الـــســـودانـــي ، وحـ 2003 فــي إقـلـيـم دارفـــــور مـنـذ عـــام أبريل، اختارت االنحياز 15 اشتعلت حرب للجيش ضد «الدعم السريع». وألن األخير سـيـطـر عـلـى مـعـظـم دارفــــــور؛ فـإنـهـا نقلت عـمـلـيـاتـهـا الــحــربــيــة إلــــى شــــرق الـــســـودان أسـوة بالجيش والحكومة، فجندت ذوي األصــول الدارفورية في اإلقليم، ودرّبتهم في إريتريا. استقطاب قبلي حسام حيدر، الصحافي املتخصّص بشؤون شرق الـسـودان، يرى أن الحركات املسلحة فــي اإلقـلـيـم، «نــشــأت عـلـى أسـس قبلية مـتـنـافـرة ومـتـنـافـسـة عـلـى السلطة واقتسام الثروة واملــوارد، وبـرزت أول مرة عقب اتفاق سلم شرق السودان في أسمرا ، ثم اتفاق جوبا لسلم السودان». 2006 ويـــــــــرجـــــــــع حـــــــيـــــــدر الــــــتــــــنــــــافــــــس بـــ امليليشيات املسلحة القبلية في اإلقليم إلى «غياب املجتمع املدني»، مضيفا: «زعماء القبائل يتحكّمون في الحياة العامة هناك، وهذا هو تفسير وجود هذه امليليشيات... ثم أن اإلقليم تأثر بالنزاعات والحروب بني إريتريا وإثيوبيا؛ ما أثمر حالة استقطاب وتــصــفــيــة حـــســـابـــات إقــلــيــمــيــة أو ســاحــة خلفية تنعكس فيها هذه الصراعات». المسؤولية على «العسكر» حــيــدر يـحـمّــل «الــعــســكــر» املـسـؤولـيـة عـن نـشـاط الـحـركـات املسلحة فـي الـشـرق، ويـتـهـمـهـم بـخـلـق حـــالـــة اســتــقــطــاب قبلي واستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية، أبــــريــــل. 15 ازدادت حـــدتـــهـــا بـــعـــد حــــــرب ويـــــشـــــرح: «الــــحــــركــــات املـــســـلـــحـــة ال تــهــدد الشرق وحـده، بل تهدد السودان كله؛ ألن انـــخـــراطـــهـــا فـــي الـــحـــرب خــلــق انــقــســامــات ونزاعات وصراعات بني مكوّنات اإلقليم، تـفـاقـمـت مـــع نــــزوح مــايــ الـبـاحـثـ عن األمان من مناطق الحرب». وفقا لحيدر، فإن نشاط أربع حركات دارفـوريـة في شـرق الـسـودان، وسّــع دائـرة الـتـنـافـس عـلـى املــــوارد وعـلـى السلطة مع أبناء اإلقليم؛ ما أنتج املزيد من الحركات الـقـبـلـيـة، ويـــوضـــح: «شــاهــدنــا فـــي فـتـرات سابقة احتكاكات بني املجموعات املسلحة في شرق السودان مع مجموعات مسلحة فـــي دارفــــــور، وهـــي مـــع انــتــشــار املسلحني والسلح، قضايا تضع اإلقليم على حافة االنـــفـــجـــار... وإذا انـفــجــر الـــشـــرق ستمتد تأثيراته هذا االنفجار آلجال طويلة». ويـرجـع حـيـدر جـــذور الـحـركـات التي تـــدرّبـــت وتـسـلـحـت فــي إريــتــريــا إلـــى نظام الـــرئـــيـــس الـــســـابـــق عـــمـــر الـــبـــشـــيـــر، قـــائـــاً: «معظمها نشأت نتيجة ارتباطها بالنظام الــســابــق، فـمـحـمـد سـلـيـمـان بــيــتــاي، قـائـد (الـحـركـة الوطنية للبناء والتنمية)، كان رئيس املجلس التشريعي في زمن اإلنقاذ، ومعسكراته داخـل إريتريا، وكلها تتلقى التمويل والتسليح من إريتريا». وهـــنـــا يـــبـــدي حـــيـــدر دهــشــتــه لصمت االسـتـخـبـارات العسكرية وقـيـادة الجيش الـــســـودانـــي، عــلــى تــمــويــل هــــذه الــحــركــات وتدريبها وتسليحها من قِبل إريتريا على مـرأى ومسمع منها، بل وتحت إشرافها، ويــــتــــابــــع: «الــــفــــوضــــى الـــشـــامـــلـــة وانـــهـــيـــار الـدولـة، يجعلن من الـسـودان مطمعا ألي دولة، وبالتأكيد إلريتريا أهداف ومصالح في الـسـودان». ويعتبر أن تهديد الرئيس (اإلريــتــري) أفـورقـي بالتدخل فـي الحرب، نـقـل الــحــرب مــن حـــرب داخـلـيـة إلـــى صــراع إقــلــيــمــي ودولــــــــي، مــضــيــفــا: «هــــنــــاك دول عينها على مـــوارد الـــســودان، وفــي سبيل ذلك تستغل الجماعات واملشتركة للتمدد داخله لتحقق مصالحها االقتصادية». الدور اإلقليمي فــي أي حـــال، خـــال أكـتـوبـر املـاضـي، نقل صحافيون سودانيون التقوا الرئيس أفورقي بدعوة منه، أنه سيتدخّل إذا دخلت الحرب واليـات الشرق الثلث، إضافة إلى واليــــة الـنـيـل األزرق. وهـــو تـصـريـح دشّــن بـــزيـــارة مـفـاجـئـة قــــام بــهــا رئــيــس مجلس 26 السيادة عبد الفتاح البرهان إلريتريا نوفمبر املـاضـي، بحثت بشكل أسـاسـي - وفقا لتقارير صحافية - قضية الحركات املسلحة التي تستضيفها إريتريا داخـل حــــدودهــــا ومـــشـــاركـــتـــهـــا فــــي الــــحــــرب إلـــى جانب الجيش، إلــى جانب إبـــرام اتفاقات أمنية وعسكرية. لـلـعـلـم، الــحــركــات الـشـرقـيـة الـثـمـانـي تـــــدرّبـــــت داخــــــل إريــــتــــريــــا وتـــحـــت إشـــــراف الـــجـــيـــش اإلريـــــتـــــري وداخـــــــل مــعــســكــراتــه، وبـعـضـهـا عــــاد إلــــى الــــســــودان لـلـقـتـال مع جــــانــــب الـــجـــيـــش، وبـــعـــضـــهـــا ال يـــــــزال فـي إريتريا. وعلى الرغم من النفي اإلريتري الـرسـمـي املـتـكـرر، فــإن كثيرين، وبخاصة مــــن شـــــرق الـــــســـــودان، يــــــرون أن إلريـــتـــريـــا أطماعا في اإلقليم. أمـــا إثـيـوبـيـا، فـهـي األخــــرى تخوض صـــراعـــا حــــدوديــــا مـــع الــــســــودان وتــرفــض تــرســيــم الــــحــــدود عــنــد مـنـطـقـة «الــفــشــقــة» الـسـودانـيـة الخصيبة بــواليــة الـقـضـارف. وإلــــــى جـــانـــب تـــأثـــر اإلقـــلـــيـــم بــالــصــراعـــات الداخلية اإلثيوبية، فهو يضم اآلالف من مقاتلي «جبهة تحرير التيغراي» لجأوا إلـى الـسـودان فــرارًا من القتال مع الجيش ، ولـم 2020 الــفــيــدرالــي اإلثــيــوبــي فـــي عـــام يـــعـــودوا إلــــى بـــادهـــم رغــــم نــهـايـة الـحــرب هـــنـــاك. ويــــتــــردد عــلــى نـــطـــاق واســـــع أنـهـم يقاتلون مع الجيش السوداني، أما «الدعم السريع» فتتبنى التهمة صراحةً. أخـيـرًا، عند الـحـدود الشمالية حيث مثلث «حـايـب» الـسـودانـي، الــذي تتنازع عـلـيـه مـصـر مــع الـــســـودان ويـسـيـطـر عليه الــجــيــش املــــصــــري، فــــإن قــبــائــل الــبــشــاريــة والـعـبـابـدة القاطنة على جانبي الـحـدود بـ البلدين، تتحرك داخــل اإلقليم. وهي جـزء مـن الـتـوتـرات الكامنة التي يمكن أن تتفجر في أي وقت. وبـــالـــتـــالـــي، لــيــس مــبــالــغــة الـــقـــول إن شــــرق الــــســــودان يـعـيـش عــلــى شــفــا حـفـرة مـن نـــار. وتـحـت الـرمـاد جـمـرات قـد تحرق اإلقليم وال تنطفئ أبدًا. شرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز) بينما تشتعل «نار» مخبوءة تحت الرماد في شرق السودان، تتجاهل الحكومة التي تتخذ من اإلقليم ومدينة بورتسودان عاصمة مؤقتة لها، عن عمد الـحـرارة الكامنة التي قد تحرق عدوها «الدعم السريع»، إذا تجرأ على وطء أرض الشرق، أو تلتهب في وجهه بمجرد اقترابه من الحدود التي تبدو آمنة. هكذا أبلغ متحدثون من شرق السودان بمرارة «الشرق األوسط»، وقالوا إن تفريخ ثماني ميليشيات مسلحة تحمل كـل واحـــدة اسمًا مُرمّزًا (كوديًا) ملجموعة «إثنية» أو قبيلة، وضع يهدد بانفجار الشرق - سواء انتهت الحرب أم لم تنته - وانـدالع حرب قبلية؛ ذلك أن حقيقة األوضـاع الكامنة في اإلقليم املضطرب ال تبدو كما تصوّرها الحكومة... التي غادرت مضطرة عاصمتها إلى عاصمة بديلة. ومثلما أن الحركات - أو امليليشيات - الشرقية متنافرة ومتنافسة يحفل تاريخها بنزاعات بينية دامية، فإن حـركـات «دارفــــور» املسلحة - وهــي أكثر مـن أربــع ميليشيات مسلحة - يثير وجودها غضب ميليشيات الشرق. ميليشيا تقاتل مع الجيش 12 بتدريب وتسليح إريتري... أكثر من كمباال (أوغندا): أحمد يونس ASHARQ AL-AWSAT تتساكن في اإلقليم مجموعات ثقافية وإثنية «أصيلة» وأخرى وافدة من نواحي البالد األخرى وبينها تناقضات وصراعات تاريخية عبد الفتاح البرهان (رويترز) د. عبد هللا حمدوك (رويترز) أسياس أفورقي (رويترز)

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==