11 حــصــاد األســبـوع ANALYSIS قالوا ASHARQ AL-AWSAT Issue 16818 - العدد Saturday - 2024/12/14 السبت لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّالت إذا كـــانـــت الــــحــــرب اإلســـرائـــيـــلـــيـــة عـلـى لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطالق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على ، فإن مشهد ما بعد رحيل 1701 تطبيق القرار األسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد. وربـــــمـــــا ســـيـــحـــتـــاج األمــــــــر إلــــــى بـضـعـة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من املفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهــنــا يــــرى الــنــائــب الــســابــق فــــارس سُــعَــيــد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنـه «مـع انهيار الوضعية اإليرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) اإلقليمية والسقوط املدوّي لحكم البعث في دمشق، وهـذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي األول فـــي لـبـنـان هـــو مـــلء ثـــغـــرات الـــدولـــة مـــن أجـل استقامة املؤسسات الدستورية». وأردف سُــعَــيــد، فــي تـصـريـح لــ«الـشـرق األوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نص مرجعي اسمه الدستور الــلــبــنــانــي ووثـــيـــقـــة الــــوفــــاق الـــوطـــنـــي، وهـــذا الــدســتــور يـجـب أن يـحـتـرم بـمـا يـــؤمّـــن بـنـاء الدولة واالنتقال من مرحلة إلى أخرى». ً الدستور أوال الــــواقــــع أنـــــه ال يــمــكــن ملــعــطــيــات عــ قــة مــتــداخــلــة بـــن لــبــنــان وســـوريـــا طــالــت ألكـثـر عقود، و«وصـايـة دمشق» على بيروت 5 من - وصفها بعض 2005 و 1976 مـا بـن عـامَــي مـعـارضـي ســوريــا بـــ«االحــتــ ل» - أن تتبدّل بي ليلة وضحايا على غرار التبدّل املفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، 26 بينها تعطيل االنتخابات الرئاسية منذ شــهــرًا وتـقـويـض كــل مـــحـــاوالت بــنــاء الــدولــة وفتح ورشة اإلصالح. غـــيـــر أن املـــتـــغـــيّـــرات فــــي ســــوريــــا، وفـــي املـــنـــطـــقـــة، ال بـــــد أن تـــؤســـس لــــواقــــع لـبـنـانـي جــديــد. ووفــــق الــنــائــب الــســابــق سُــعَــيــد: «إذا لبنان أوالً، يجب 2005 كان شعارنا في عام هو الدستور 2024 أن يكون العنوان في عام أوالً»، الفتًا إلى أن «الفارق بي سوريا ولبنان هو أن سوريا ال تملك دستورًا وهي خاضعة . في حي بالتجربة 2254 فقط للقرار الدولي اللبنانية يبقى الـدسـتـور اللبناني ووثيقة الــوفــاق الـوطـنـي املـرجـعَــن الـصـالـحَــن لبناء الدولة، وهذا هو التحدي األكبر في لبنان». وشـدّد، من ثم، على ضـرورة «استكمال بـنـاء املـؤسـسـات الـدسـتـوريـة، خصوصًا في املـرحـلـة االنـتـقـالـيـة الـتـي تـمـر بـهـا ســوريــا»، وتــابــع: «وفـــي حـــال دخـلـت ســوريــا، ال سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن ال نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان». العودة للحضن العربي مـــــن جـــهـــة ثــــانــــيــــة، يـــحـــتـــاج لـــبـــنـــان فـي املـــرحـــلـــة املـــقـــبـــلـــة إلـــــى مـــقـــاربـــة جــــديــــدة عــمّــا كـــان الــوضــع عـلـيـه فــي الـعـقـود الـسـابـقـة. وال يُخفي السياسي اللبناني الـدكـتـور خلدون الــشــريــف، فـــي تـصـريـح لــــ«الـــشـــرق األوســـــط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّالت الكبرى التي تشهدها املنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل فـي سـوريـا على لـبـنـان». ويلفت إلــى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك املنطقة، وسيكون له انعكاسات حـتـمـيـة، لـيـس عـلـى لـبـنـان فـحـسـب، بــل على املــــشــــرق الـــعـــربـــي والـــــشـــــرق األوســــــــط بــرمــتــه أيضًا». االستحقاق الرئاسي أسابيع من موعد 3 في سياق موازٍ، قبل جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) املقبل، لم تتفق الكتل النيابية حـــتـــى اآلن عـــلـــى اســـــم مــــرشّــــح واحــــــد يـحـظـى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا. وهـــنـــا، يــــرى الـــشـــريـــف أنــــه بـــقـــدر أهـمـيـة عــودة لبنان إلــى موقعه الطبيعي فـي العالم العربي، ثمّة حاجة مـاسّــة لـعـودة الـعـرب إلى لبنان، قائالً: «إعـادة لبنان إلى العرب مسألة مـــهـــمّـــة لـــلـــغـــايـــة، شـــــرط أ يــــعــــادي أي دولــــة إقليمية عــربــيــة... فـلـدى لـبـنـان والــعــرب عــدو واحـــد هـو إسـرائـيـل الـتـي تعتدي على البشر والـــحـــجـــر». وبــغــض الــنــظــر عـــن حـتـمـيّــة بـنـاء عـــ قـــات ســيــاســيــة صـحـيـحـة ومــتــكــافــئــة مع ســوريــا الــجــديــدة، يلفت الـشـريـف إلـــى أهمية «الـــدفـــع لـلـتـعـاطـي مـعـهـا بـإيـجـابـيـة وانـفـتـاح وفتح حــوار مباشر حـول مـوضـوع النازحي والــــشــــراكــــة االقـــتـــصـــاديـــة وتـــفـــعـــيـــل املــصــالــح املـشـتـركـة... ويـمـكـن للبلدين، إذا مــا حَسُنت الــنــيّــات، أن يـشـكـ نـمـوذجـ مـمـيـزًا للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة». النهوض االقتصادي وحـــــــقـــــــ ، يـــــمـــــثّـــــل املـــــــلـــــــف االقــــــتــــــصــــــادي عــنــوانــ رئـيـسـ لـلـبـنـان الــجــديــد؛ إذ إن بـنـاء االقــــتــــصــــاد الــــقــــوي يـــبـــقـــى املـــعـــيـــار األســــــاس لــبــنــاء الـــدولـــة واســـتـــقـــرارهـــا، وعـــودتـــهـــا إلــى دورهـــــــا الـــطـــبـــيـــعـــي. وفـــــي لـــقـــاء مــــع «الـــشـــرق األوســـط»، قـال الـوزيـر السابق محمد شقير، رئــيــس الـهـيـئـات االقــتــصــاديــة فــي لــبــنــان، إن «النهوض االقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة مـــن الـــقـــوانـــن والــتــشــريــعــات الــتــي تستجلب االستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس األمـوال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قـــانـــون الـــجـــمـــارك وقــــانــــون ضـــرائـــب عـصـري وقانون الضمان االجتماعي». شقير يشدّد على أهمية «إعـــادة هيكلة القطاع املصرفي؛ إذ ال اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علمًا بــأن هــذا األمــر بــات أسهل مـع سقوط النظام الـسـوري، الـذي طاملا شكّل عائقًا رئيسًا أمام كـــل مـــحـــاوالت إغـــــ ق املــعــابــر غــيــر الـشـرعـيـة ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة فـــي مــيــزانــيــة الــــدولــــة، بـــاإلضـــافـــة إلــــى وضــع حــد للمؤسسات غير الشرعية الـتـي تنافس املؤسسات الشرعية وتؤثر عليها». لبنان ودول الخليج يُذكر أن الفوضى في األسواق اللبنانية أدت إلـى تراجع قــدرات الـدولـة، ما كـان سببًا فـــــي االنــــهــــيــــار االقـــــتـــــصـــــادي واملــــــالــــــي، ولـــــذا يجدد شقير دعوته إلـى «وضــع حـد للقطاع االقـتـصـادي الـسـوري الــذي ينشط فـي لبنان بخالف األنظمة والقواني، والـذي أثّــر سلبًا عـــلـــى الـــنـــمـــو، وال مـــانـــع مــــن قـــونـــنـــة لـيـعـمـل بـطـريـقـة شـرعـيـة ووفــــق الــقــوانــن اللبنانية املـــرعـــيـــة اإلجـــــــــراء». لــكــنــه يــعــبّــر عـــن تــفــاؤلــه بمستقبل لـبـنـان الـسـيـاسـي واالقـــتـــصـــادي، قــائــ ً: «ال يمكن للبنان أن ينهض مـن دون عــ قــات طـيّــبـة وسليمة مــع الـعـالـم الـعـربـي، خـصـوصـ دول الــخــلــيــج... ويــجــب أن تكون املــهــمّــة األولـــــى لـلـحـكـومـة الـــجـــديـــدة تـرسـيـخ العالقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، وال سيما اململكة العربية السعودية التي طاملا أمّــنـت للبنان الـدعـم السياسي واالقتصادي واملالي». ضبط السالح على صعيد آخر، تشكّل امللفات األمنية والـعـسـكـريـة سـمـة املـرحـلـة املـقـبـلـة، بـخـاصـة بعد الــتــزام لبنان فــرض سلطة الــدولــة على كامل أراضيها تطبيقًا للدستور والـقـرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري واألمني الــعــمــيــد الــــركــــن فــــــادي داوود، فــــي تـصـريـح 1701 لــ«الـشـرق األوســــط»، أن «تنفيذ الـقـرار ومـــراقـــبـــة تــعــاطــيــهــا مــــع مـــكـــوّنـــات املـجـتـمـع اللبناني الـتـي تحمل الــســ ح، هـو التحدّي األكبر أمام املؤسسات العسكرية واألمنية». ويوضح أن «ضبط الـحـدود واملعابر البرية مــع ســوريــا وإســرائــيــل مـسـألـة بـالـغـة الــدقــة، ســيــمــا فـــي ظـــل املـــســـتـــجـــدات الـــتـــي تـشـهـدهـا ســـوريـــا، وعــــدم مـعـرفـة الــقــوة الــتــي ستمسك باألمن على الجانب السوري». مكافحة المخدِّرات وبأهمية ضبط الحدود ومنع االختراق األمـنـي عبرها، يظل الـوضـع الـداخـلـي تحت املـجـهـر فــي ظـــل انـتـشـار الــســ ح لـــدى معظم األحــزاب والفئات واملناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السالح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش واألجهزة األمنية كـافـة». ويـشـرح أن «وضــع املخيمات الـفـلـسـطـيـنـيـة يـــجـــب أن يــبــقــى تـــحـــت رقـــابـــة الــدولــة ومـنـع تــســرّب الــســ ح خـارجـهـا، إلـى حي الحل النهائي والدائم النتشار السالح واملسلحي في جميع املخيمات»، منبهًا إلى «مـعـضـلـة أمـنـيـة أســاســيــة تـتـمـثّــل بمكافحة املـــــخـــــدرات تـصـنـيـعـ وتـــرويـــجـــ وتـــصـــديـــر ًا، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات املخدرات». (غيتي) 2005 صورة من موقع اغتيال رفيق الحريري عام يـــواجـــه لـبـنـان جـمـلـة مـــن الــتــحــديــات الـسـيـاسـيـة والعسكرية واألمنية واالقتصادية، خصوصًا في مـرحـلـة الــتــحـــوّالت الــكــبــرى الــتــي تـشـهـدهـا املنطقة وتــرخــي بثقلها عـلـى واقــعــه الـصـعـب واملــعــقّــد. وال شـــك أن أهــــم هــــذه الـــتـــحـــوّالت ســـقـــوط نـــظـــام بــشّــار األســـد فــي ســوريــا، وتــراجـــع الـنـفـوذ اإليـــرانـــي الــذي كان له األثر املباشر في األزمات التي عاشها لبنان خـ ل السنوات األخـيـرة، وهـذا فضال عن تداعيات الحرب اإلسرائيلية وآثـارهـا التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غـزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويالت الخراب من جهة ثانية. األولوية لتطبيق «الطائف» واإلصالحات وبسط سلطة الدولة بيروت: يوسف دياب «األمـــم املتحدة ملتزمة تمامًا بـــدعـــم انـــتـــقـــال ســلــس لـلـسـلـطـة من خـــــــ ل عـــمـــلـــيـــة ســـيـــاســـيـــة شـــامـــلـــة تحترم فيها حقوق جميع األقليات بـالـكـامـل وتـمـهـد الـطـريـق لـسـوريـا موحدة تتمتع بسيادة مع ضمان وحدة أراضيها...». األمين العام لألمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «جــــــوهــــــر اإلســــــــــــــ م، وهــــــــو ديــــن الــعــدل، تـــم تـحـويـره. ألنـنـا إسـ مـيـون، بالتحديد، سنضمن حقوق كل الناس وكــل الـطـوائـف فـي سـوريـا... ال مشكلة لدينا مع أي كان، مع أي دولة، أو حزب، أو طائفة، نأت بنفسها عن نظام األسد املتعطش للدماء». محمد البشير، رئيس الحكومة االنتقالية السورية «إذا استثمرتم اليوم وفـي السنوات املقبلة في أوكرانيا، فإنكم تستثمرون في عضو مستقبلي فـي االتـحـاد األوروبــــي... ســـنـــشـــهـــد بــــعــــد الــــــحــــــرب مـــــــعـــــــدّالت نــمــو وفـــــرص تــطــويــر فـــي أوكـــرانـــيـــا تـشـبـه تلك التي عرفناها في بلدان أوروبـــا الوسطى والـــشـــرقـــيـــة الــــتــــي انـــضـــمـــت إلـــــى االتــــحــــاد األوروبي خالل العقدين املاضيي». المستشار األلماني أوالف شولتس «لــن أدرّب فريق نــاد آخــر. ال أتـكـلـم عــن املستقبل الـبـعـيـد، لكن ما لن أفعله هو مغادرة مانشستر سيتي والذهاب إلى بلد آخر ألفعل الشيء نفسه الذي أفعله اآلن... لن تكون لي طاقة لذلك...». جوسيب غوارديوال، مدير فريق نادي مانشستر سيتي اإلنجليزي لكرة القدم عالقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة شهدت العالقات اللبنانية - السورية العديد من املحطات > واالســتــحــقــاقــات، صــبّــت بمعظمها فـــي مـصـلـحـة الــنــظــام الــســوري ومكّنته من إحكام قبضته على كـل شــاردة وواردة. وإذا كـان نفوذ ، فإن جريمة 1976 دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام نوفمبر 22 اغـتـيـال الـرئـيـس اللبناني املنتخب رينيه مـعـوض فـي - أي يـــوم عـيـد االسـتـقـ ل - شـكّــلـت رسـالـة. 1989 ) (تـشـريـن الـثـانـي واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحل كل امليليشيات املسلّحة وتسليم سالحها للدولة، بل أيضًا كل من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولـــكـــن مـــا إن وُضــــع «اتـــفـــاق الـــطـــائـــف» مــوضــع الـتـنـفـيـذ، بـــدءًا بوحدانية قرار الدولة، أصر حافظ األسد على استثناء سالح «حزب الـلـه» والتنظيمات الفلسطينية املـوالـيـة لـدمـشـق، بوصفه «سـ ح املقاومة لتحرير األراضـــي اللبنانية املحتلّة» وإلبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف األسد «األب» قرار مجلس الوزراء القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، 1996 لعام بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارسًا للحدود اإلسرائيلية». بـعـدهـا اسـتـثـمـر نــظــام دمــشــق انـسـحـاب الـجـيـش اإلسـرائـيـلـي مـن املناطق التي كــان يحتلها فـي جنوب لبنان خــ ل مايو (أيــار) ، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ 2000 ببيان مـدو للمطارنة املـوارنـة برئاسة البطريرك الـراحـل نصر الله ، طـــالـــب فــيــه الـجـيـش 2000 ) بـــطـــرس صــفــيــر فـــي سـبـتـمـبـر (أيــــلــــول السوري باالنسحاب من لبنان؛ ألن «دوره انتفى مع جيش االحتالل اإلسرائيلي من جنوب لبنان». مع هذا، قبل شهر من انتهاء والية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار األسد رغبته بالتمديد للحود ثالث سنوات (نصف والية جديدة)، ورغم املعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُــدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد األسد «االبن» للحريري ووليد جنبالط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». عن مجلس 1559 وهذه املرة، صُدِم األسد «االبن» بصدور القرار األمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فورًا، وحل كل امليليشيات وتسليم سالحها للدولة اللبنانية. ولــذا، عمل إلقصاء الحريري وقـوى املعارضة اللبنانية عــن الـسـلـطـة، وتــــوِّج هـــذا اإلقــصــاء بـمـحـاولـة اغـتـيـال الــوزيــر مـــروان ، ثم باغتيال رفيق الحريري 2004 ) حمادة في أكتوبر (تشرين األول ، ما فجّر «ثــورة األرز» التي أدت إلى 2005 ) فبراير (شـبـاط 14 يـوم أبريل (نيسان)، وتبع 26 انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم آذار» 14« ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق املناوئ لدمشق. تـراجـع نـفـوذ دمـشـق فـي لبنان استمر بعد انـسـحـاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الــذي أفضى إلـى اتـخـاذ قـــرارات بينها «ترسيم الـحـدود» اللبنانية الـسـوريـة، وبـنـاء عـ قـات دبلوماسية مـع سـوريـا وتـبـادل السفراء، األمر الذي قبله بشار األسد على مضض. وأكمل املسار بقرار إنشاء محكمة دولية ملحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السالح الفلسطيني خـــارج املخيمات - وطـــال أسـاسـ التنظيمات املتحالفة مـع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطي - القيادة العامة» - وتحرير املعتقلي اللبنانيي في السجون السورية. 2006 حرب مع هذا، بعد الحرب اإلسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) ، الـتـي أعـلـن «حـــزب الـلـه» بعدها «االنـتـصـار على إسـرائـيـل»، 2006 استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتياالت طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعالميي وأمنيي آذار» - وتـــوّج بـاالنـقـ ب العسكري الـذي 14« - جميعهم مـن فـريـق محتال بيروت ومهاجمًا الجبل. 2008 مايو 7 نفذه «حزب الله» يوم وأدى هــذا التطور إلــى «اتـفـاق الــدوحــة» الــذي منح الـحـزب وحلفاء دمشق «الثلث املعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من اإلمساك بالسلطة. انـتـخـب قــائــد الـجـيـش الـلـبـنـانـي ميشال 2008 مــايــو 25 يـــوم أغسطس (آب) من العام نفسه 13 سليمان رئيسًا للجمهورية، وفي عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بـنـودًا عــدّة أهمها: «بحث مصير املفقودين اللبنانيي في ســـوريـــا، وتــرســيــم الـــحـــدود، ومــراجــعــة االتــفــاقــات وإنـــشـــاء عـ قـات دبـلـومـاسـيـة، وتـبـنّــي املـــبـــادرة الـعـربـيـة لــلــســ م». ولـكـن لــم يتحقق من مضمون البيان، ومـن «الـحـوار الوطني اللبناني» سـوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط. ختامًا، لم يقتنع النظام السوري في يوم من األيـام بالتعامل مــع لـبـنـان كــدولــة مـسـتـقـلّــة. وحــتــى فــي ذروة الــحــرب الــســوريــة، لم يكف عـن تعقّب املعارضي السوريي الــذي فـــرّوا إلـى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصًا املحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريي الذين كانوا في عــداد «الجيش الـسـوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيي. أيضًا، كـان للنظام الـسـوري - عبر حلفائه اللبنانيي - الـدور الـبـارز في تعطيل االستحقاقات الدستورية، ال سيما االنتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في يناير (كانون الثاني) املقبل، االستحقاق األول الذي يشهده لبنان 9 من خارج تأثير نظام آل األسد منذ نصف قرن. يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة
RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==