issue16816

Issue 16816 - العدد Thursday - 2024/12/12 الخميس كتب BOOKS 17 «البؤسالأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ» في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الــجــنــس فـــي الـهـيـمـنـة عــلــى المــــــرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلـى أن بغيته الأساسية فيمباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عـن المـــرأة أو أن تُحسب دراسـتـه، عـلـى الــرغــم مــن التفصيل والإســـهـــاب في مــــادة الـبـحـث، أحــــدَ الإســهــامــات فــي حقل النسوية والجندر، قدر ما يكشف فيها عن الآليات الآيديولوجية العامة المتحكمة في العالمَين القديم والجديد على حد سـواء، أو كما تابع المؤلف عبر أبحاثه السابقة خلال أطروحته النظرية «العالم... الحيز الـــــــدائـــــــري» الــــــــذي يـــشـــتـــمـــل عـــلـــى أعــــــراف وتقاليد وحقائق متواصلة منذ عصور قـــديـــمـــة وحـــديـــثـــة مـــشـــتـــركـــة ومـــتـــداخـــلـــة، وتــأتــي فــي عــــداد الـيـقـ ؛ لكنها لا تعدو في النهاية أوهاماً متنقلة من حقبة إلى أخـــرى، وقـابـلـة للنبذ والـنـقـض والتجدد ضمن حَيّزَيها التاريخي والاجتماعي، من مرحلة الصيد إلى مرحلة الرعي، ومنهما إلـــى الـعـصـرَيـن الـــزراعـــي والـصـنـاعـي؛ من الكهف إلى البيت، ومن القبيلة إلى الدولة، ومن الوحشية إلى البربرية، ومنهما إلى المجهول وغبار التاريخ. ويشترك الكتاب، الصادر حديثاً عن دار «الياسمين» بالقاهرة، مع أصــداء ما تطرحه الدراسات الحديثة في بناء السلام وحــــقــــوق الإنـــــســـــان والــــعــــلــــوم الإنـــســـانـــيـــة المتجاورة التي تنشد قطيعة معرفية مع ثقافة العصور الحداثية السابقة، وتنشئ تصوراتها الجديدة في المعرفة. لـم يكن اختيار الباحث فالح مهدي إحدى الظواهر الإنسانية، وهي «المـرأة»، ورصد أدوارها في وادي الرافدين ومصر وأفـريـقـيـا فــي الــعــالمَــ الـقـديـم والـجـديـد، ســـــــوى تـــعـــبـــيـــر عـــــن اســــتــــكــــمــــال وتـــعـــزيـــز أطـــروحـــتـــه الــنــظــريــة لمـــا يـمـكـن أن يـسـمَـى «التنافذ الحقوقي والسياسي والقانوني والسكاني بين العصور»، وتتبع المعطيات العامة في تأسس النظم العائلية الأبوية، والأُمّوية أو الذرية، وما ينجم عن فضائها الـتـاريـخـي مــن قـــــرارات حـاكـمـة لـهـا طابع تواصلي بين السابق واللاحق من طرائق الأحياز المكانية والزمانية والإنسانية. إن هذه الآليات تعمل، في ما يدرسه الـــكـــتـــاب، بــوصــفــهــا مـــوجّـــهـــ فـــي مـسـيـرة بشرية نحو المـجـهـول، ومبتغى الباحث هو الكشف عن هذا المجهول عبر ما سماه «بـــــ غـــبـــار الـــتـــاريـــخ وصـــــــورة الــحــاضــر المتقدم». كــــــان الــــبــــاحــــث فــــالــــح مــــهــــدي مـعـنـيـ بـالـدرجـة الأســاســيــة، عـبـر تــنــاول مسهب لـــــــ«المــــــرأة» وعــــ قــــات الــــقــــوى المــــؤثــــرة فـي وجــودهــا الإنـسـانـي عـبـر مـسـار الـتـاريـخ، بأن يؤكد أن كل ما ابتكره العالم من قيم وأعــراف هو من صنع هيمنة واستقطاب الآليات الآيديولوجية، وما يعنيه بشكل مباشر أن نفهم ونفسر طبيعةَ وتَـشـكّـلَ هـــــذه الآيـــديـــولـــوجـــيـــا تـــاريـــخـــيـــ ودورهــــــا التحويلي في جميع الظواهر؛ لأنها تعيد بـاسـتـمـرار بـنـاء الـحـيـز الـــدائـــري (مفهوم الــبــاحــث كــمــا قــلــت فـــي المـــقـــدمـــة) ومـــركـــزة السلطة وربطها بـالأربـاب لتتخذ طابعاً عـــمـــوديـــ ، ويــــغــــدو مــعــهــا الـــعـــالـــم الــقــديــم مشتركاً ومتوافقاً مع الجديد. إن مـهـدي يـحـاول أن يستقرئ صور «غـبـار الـتـاريـخ» كما يـراهـا فـي مرحلتَي الصيد والرعي القديمتين، ويحللها تبعاً لمسارها في العهد الحداثي الزراعي الذي أنتج النظم العائلية، وبدورها أسفرت عن استقرار الــدول والإمـبـراطـوريـات والعالم الجديد. ويـخـلـص إلـــى أن الـعـصـر الـــزراعـــي هـو جوهر الـوجـود الإنـسـانـي، وأن «كل المعطيات العظيمة التي رسمت مسيرة الإنسان، من دين وفلسفة وعلوم وآداب وثــقــافــة، كـانـت مــن نـتـاج هـــذا الـعـصـر»، ولـــكـــن هـــــذا الـــجـــوهـــر الـــــوجـــــودي نـفـسـه قــــد تـــضـــافـــر مــــع المـــرحـــلـــة الـــســـابـــقـــة فـي عملية بناء النظم العائلية، وأدى إليها بــواســطــة الـبـيـئـة وعـــوامـــل الــجــغــرافــيــا، بـمـعـنـى أن مـــا اضـطـلـع بـــه الإنـــســـان من سعي نحو ارتقائه في مرحلتَي الصيد والـــرعـــي، آتـــى أكــلــه فـــي مـرحـلـة الـــزراعـــة اللاحقة، ومن ثم ما استُنْبِتَ في الحيز الـــــزراعـــــي نـــضـــج فــــي الـــحـــيـــز الــصــنــاعــي بمسار جديد نحو حيز آخر. ومــــن الــحــتــم أن تـضـطـلـع المـعـطـيـات الـعـظـيـمـة الـــتـــي أشـــــار إلــيــهــا المـــؤلـــف؛ من ديـــن وفـلـسـفـة وعــلــوم وآداب زراعـــيـــة؛ أي الــتــي أنـتـجـهـا الــعــالــم الــــزراعــــي، بــدورهــا الآخـر نحو المجهول وتكشف عن غبارها الــــتــــاريــــخــــي فـــــي الــــعــــصــــرَيــــن الـــصـــنـــاعـــي والإلكتروني. إن «غـبـار الـتـاريـخ» يبحث عـن جلاء «الحيز الدائري» في تقفي البؤس الأنثوي عبر العصور، سواء أكان، في بداية القرن العشرين، عن طريق سلوك المـرأة العادية المسنّة التي قالت إنــه «لا أحــد يندم على إعطاء وتزويج المــرأة بكلب»، أم كـان لدى الباحثة المتعلمة التي تصدر كتاباً باللغة الإنجليزية وتؤكد فيه على نحو علمي، كما تعتقد، أن ختان الإنــاث «تأكيد على هويتهن». وفـي السياق نفسه، تتراسل دلالياً العلوم والفلسفات والكهنوت والقوانين فـي قـاسـم عـضـوي مشترك واحـــد للنظر فـــــي الـــــظـــــواهـــــر الإنـــــســـــانـــــيـــــة؛ لأنـــــهـــــا مــن آلــيــات إنــتــاج الـعـصـر الـــزراعـــي؛ إذ تغدو الـــفـــرويـــديـــة جـــــزءاً مـــن المـــركـــزيـــة الأبـــويـــة، والــديــكــارتــيــة غـيـر منفصلة عـــن إقـصـاء الـــجـــســـد عــــن الـــفـــكـــر، كـــمـــا فــــي الــكــهــنــوت والأرسطية في مدار التسلط والطغيان... وهــــي الــغــبــار والــــرمــــاد الـــلـــذان ينجليان بــوصــفــهــمــا صــــــوراً مــشــتــركــة بــــ نــظــام العبودية والاسـتـرقـاق الـقـديـم، وتجدده على نحو «تَـسْـلِـيـع الإنــســان» فـي العالم الرأسمالي الحديث. محمد خضير سلطان امتزجت شخصيته بالبحر وعاش الفن كحالة خاصة «حياتي كما عشتها»... ذكريات محمود ياسين فـــــي كــــتــــاب «حــــيــــاتــــي كـــمـــا عــشــتــهــا» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والـحـيـاة مـن خــ ل حديث مطول أدلــى به لمحرر المذكرات ومؤلف الكتاب الصحافي ســـيـــد مـــحـــمـــود ســـــــ م. ورغـــــــم أن حــديــث الــذكــريــات هـنـا يـشـمـل مـحـطـات مختلفة، فإن الكتاب يركز بشكل خاص على مرحلة النشأة والطفولة وما اكتنفها من اكتشاف الفنان فـي سـنـوات التكوين الأولـــى لعالم الأدب وخـصـوصـيـة مـديـنـتـه بـورسـعـيـد، مسقط رأسه. ويــــشــــيــــر مــــحــــمــــود يـــــاســـــ إلــــــــى أن الـطـفـولـة مـفـتـاح كـــل بـــوابـــات الــعــمــر، وقـد عـــاش طـفـولـتـه فــي أســـرة مـحـافـظـة مثقفة مـحـبـة لـلـفـن ولـــتـــراب الـــوطـــن حــيــث أثـــرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الــحــس الـوطـنـي لأبـنـائـهـا. ويــرى أنـــــه كـــــان طـــفـــً مـــحـــظـــوظـــ لأنـــــه نـــشـــأ فـي أســرة تعد الثقافة جــزءاً مهماً مـن تكوين أبنائها، وكان ترتيبه السادس بين أشقائه الــعــشــرة، وقـــد تــأثــر فــي طـفـولـتـه بشقيقه الأكـبـر فــــاروق: «إذ فتح عيني على شيء اسمه الكتاب بمعناه الواسع. كان يتسلم الـكـتـب ويــذهــب إلـــى المـــدرســـة، لـكـن فـــاروق كـانـت لــه فــي الـبـيـت مكتبة خـاصـة عـبـارة عن خزانة كبيرة في الحائط صُممت على الطراز الفرنسي تضع فيها الوالدة الفخار وقـطـع الـخـزف الصيني وكـــؤوس الـزجـاج وأشـيـاءهـا الـخـاصـة، فصنع منها مكتبة بعرض الحائط بعد أن أقنعها بذلك حيث كانوا يقطنون في فيلا من دوريــن تابعة لشركة قناة السويس التي كان يعمل بها 25 والــــــده، وعـــاشـــوا فـيـهـا مـــا يـــزيـــد عــلــى عاماً». ظل فــاروق يشتري الكتب باستمرار مــثــل سـلـسـلـة «اقـــــــرأ» الـــتـــي كـــانـــت تـصـدر ملخصات لعيون الأدب العربي والعالمي والسير الـذاتـيـة مثل السيرة الـذاتـيـة لطه حسين ودوستويفسكي ومكسيم غوركي وأنطون تشيخوف، فضلاً عن عيون الأدب الفرنسي مثل مؤلفات غي دي موباسان. كانت السلسلة تصدر كتيبات لكل كتّاب ومــفــكّــري الــعــالــم، فــالــتــراث الإنــســانــي كله أنتجته سلسلة «اقـرأ»، وقد جمعه فاروق في مكتبته وأيضاً سلسلة أخرى بعنوان «كتابي» جمعها أيضاً في المكتبة. قرأ محمود ياسين في صغره معظم دواويـن الشعراء العرب وعبقريات العقاد في مكتبة شقيقه، فضلاً عن كتب سلسلة «الـكـتـاب الـذهـبـي» الـتـي تـعـرّف فيها على مــحــمــد عـــبـــد الــحــلــيـــم عـــبـــد الـــلـــه ونــجــيــب مــــحــــفــــوظ ويــــــوســــــف إدريــــــــــــس ويــــوســــف السباعي. كما كـان الشقيق الأكبر فـاروق شـــغـــوفـــ بـــاقـــتـــنـــاء الـــكـــتـــب والمـــطـــبـــوعـــات الـثـقـافـيـة مــثــل مـجـلـة «الــــهــــ ل» حــتــى إنــه يـــشـــتـــري الـــكـــتـــب بـــمـــصـــروفـــه الــشــخــصــي المــحــدود. ولــم يكن الطفل محمود يشغل نفسه بـشـراء الكتب، لكن يـده بــدأت تمتد إلـــــى مــكــتــبــة شــقــيــقــه، فــغــضــب بـــشـــدة مـن استعارته كتبه؛ وذلـك خوفاً من ألا تلقى الاحترام ذاته الذي تلقاه عنده تلك المكتبة الـــتـــي كـــوّنـــهـــا واشــــتــــراهــــا مــــن مـــصـــروفـــه. لـكـن عـنـدمـا اطــمــأن لشقيقه، بـــدأ يشجعه مـــــع بـــعـــض الـــنـــصـــائـــح خــــوفــــ عـــلـــى هـــذه الكتب. وبــدأ الشقيق الأصغر في متابعة المـــســـرحـــيـــات المــتــرجــمــة بــشــكــل خـــــاص، لا سيما أعمال وليام شكسبير وهو ما أثار دهـشـة وإعــجــاب فــــاروق حــ رأى شقيقه لا يـفـوّت نصاً للكاتب الـعـالمـي، ســـواء في سلسلة «كتابي» أو نظيرتها «اقرأ». ويشير محمود ياسين إلى أن أبناء بـــورســـعـــيـــد يــتــشــابــهــون فــــي مـ مـحـهـم وتــــكــــويــــنــــهــــم؛ لأن هـــــــذه المــــديــــنــــة تـــتـــرك بصماتها على أبنائها، فهي بلد مفتوح على الـدنـيـا ويُـطـل على أوروبــــا، فهناك شـاطـئ بحر وفــي الأفـــق عـالـم آخــر يجب أن تــحــلــم بـــــه. إنـــهـــا مـــديـــنـــة وســـــط جـــزر مــــن المــــيــــاه، فـــتـــأثـــر بـــهـــذه الـخـصـوصـيـة الــجــغــرافــيــة ومــــا أكـسـبـتـه لـسـكـانـهـا من حس حضاري لافت. امــتــزجــت شـخـصـيـة مــحــمــود يـاسـ بالبحر المتوسط الذي تطل عليه مدينته، فهو مثله تـراه شديد الهدوء تـارة، شديد الصخب تـــارة أخـــرى. يـقـول: «إن أخلاقي كــأخــ ق الـبـحـر وطـبـيـعـتـي تـشـبـهـه، فـأنـا في شهري سبتمبر وأكتوبر أكـون هادئاً هدوءاً غريباً وعندما تنظر إليّ تشاهد ما فـي أعـمـاقـي، وإذا تحدثت إلـــيّ يمكنك أن تكتشف كل شيء. أما الشخص الصاخب الـعـصـبـي فـهـو أيــضــ أنـــا ولــكــن فـــي شهر يـنـايـر، وكـذلـك البحر بـــ(نــواتــه) وأمـواجـه المتلاطمة. لا أحــب شهر يـنـايـر، قـد يكون لأنـــه بــدايــة عـــام لا أعـلـم مــا يخبئه، وحـ راقبت نفسي وجدت أنني في مواسم أكون هادئاً وأخرى أكون صاخباً وهذا هو حال البحر». كـانـت حـيـاة الـصـبـي مـحـمـود ياسين قـبـل التمثيل غـيـر مـسـتـقـرة، كـأنـه يبحث عــــن شـــــيء يـــســـعـــده. كـــــان يــــراقــــب شـقـيـقـه فـــــاروق، المـمـثـل الـعـظـيـم بـقـصـور الـثـقـافـة، وتعلم منه كيف يحب الريحاني. يشاهده فـيـشـعـر بـــأنـــه يـمـتـلـك عـــالـــم الـتـمـثـيـل بين عينيه، نظراته، تأمله، صوته حتى وهو يغني بـصـوتٍ أجــش تستسيغ غـنـاءه من هذه الحالة التي لاحظها وتأثر بها. أحبّ التمثيل وشـعـر بـأنـه الـشـيء الـــذي يبحث عنه، إنه عالمه المفقود، به ستكتمل حياته. الـــ فـــت أن الـتـمـثـيـل مــنــذ الـــبـــدايـــات الأولـــى بالنسبة لمحمود يـاسـ «حـالـة»، إنه بمثابة «عفريت» يتجسد في الشخص المـــحـــب لــــه، فـــكـــان يــســعــد بــالمــشــاهــد الـتـي يـمـثـلـهـا فـــي نـــــادٍ يــســمــى «نــــــادي المـــريـــخ» ببورسعيد وهو طفل. وكوّن هو وزملاؤه فرقة مسرحية، مع عباس أحمد الذي عُرف بأشهر مخرجي الثقافة الجماهيرية، وله باع طويل وأثر في حياته كصديق ورفيق رحــلــة كـــفـــاح، هـــو والــســيــد طــلــيــب، وكــانــا أقـــــرب صــديــقــ لــــه، ســـــواء عــلــى مـسـتـوى هواية التمثيل أو الحياة. ويـــــــروي كـــيـــف كـــــان يـــقـــدم مـسـرحـيـة عـــلـــى خــشــبــة مـــســـرح صـــنـــعـــوه بـأنـفـسـهـم من مناضد وكراسي متراصة، وفـي قاعة شــخــص، فـلـمـح والـــــده، وكـانـت 100 تـسـع المــــرة الأولـــــى الــتــي يـمـثـل فـيـهـا ويـشـاهـده أبـــوه، وإذا بـه يبتسم لـه ابتسامة هادئة، اعتبرها أول تصريح رسمي منه بموافقته على دخـولـه هــذا المـجـال. ويـذكـر أيـضـ أن مــن بــ الـعـمـال الــذيــن تــأثــر بـهـم محمود عـزمـي، مهندس الـديـكـور الـعـبـقـري، الـذي لـم يحصل على أي شـهـادات دراسـيـة ولم يلتحق بالتعليم، لكنه كـان يهوى الرسم ويـــصـــمّـــم ديـــــكـــــورات أي نـــصـــوص ســــواء عربية أو عالمية ببراعة مدهشة. الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك) القاهرة:رشا أحمد «عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السّر بــــالــــرغــــم مـــــن أن الــــــروايــــــة الـــجـــديـــدة للكاتب الـسـودانـي أمـيـر تــاج الـسـر تحمل على غلافها صـــورة «كـلـب» أنـيـق، فـإنـه لا شـــيء فــي عــالــم الـــروايـــة عــن الـكـلـب أو عن الحيوانات عموماً. هي روايـة تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأســــــاطــــــيــــــر، تـــحـــمـــل اســـــــم «عـــــــــــورة فــي الــــجــــوار»، وســـــوف تـــصـــدر قــريــبــ عـــن دار 140 «نــوفــل» للنشر والــتــوزيــع، وتـقـع فـي صفحة. عــــن عـــوالمـــهـــا وفـــضـــائـــهـــا الــــســــردي، يقول تاج السرّ لـ«الشرق الأوسط»: «تروي هذه الرواية التحولات الاجتماعية، وحياة الــــريــــف المــكــتــنــز بــالــقــصــص والأســـاطـــيـــر، وانـتـقـال البلد إلــى (العصرنة) والانفتاح ورصــد التأثيرات الثقافيّة التي تهبّ من المـــــدن إلــــى الأريـــــــاف، لـكـنـهـا تـــرصـــد أيـضـ تـــأثـــيـــر الأوضــــــــاع الــســيــاســيــة المــضــطــربــة فـي الــســودان على حـيـاة الـنـاس العاديين ومـــــا تــســبــبــه الانــــقــــ بــــات الــعــســكــريــة مـن معاناة على السكان المحليين، خاصة في الأريـاف... إلى جانب اهتمامها بتفاصيل الـحـيـاة الـيـومـيـة لـلـنـاس، فــي ســـرد مليء بالفكاهة السوداء». حــمــل غــــ ف الــــروايــــة صـــــورة الـكـلـب، في رمزية مغوية إلـى بطل الـروايـة، الذي كان الناس يطلقون عليه لقب «كلب الحرّ» كتعبير عن الشخص كثير التنقلّ الذي لا يستقرّ فـي مـكـان. كـان كثير التنقّل حيث يعمل سـائـق شاحنة لنقل البضائع بين الــريــف والـعـاصـمـة وبـقـيـة المــــدن، والــزمــان ، وفي هذا الوقت يلتقي هذا 1980 هو عام الـسـائـق، وكـــان فـي العشرينات مـن عمره بامرأة جميلة (متزوجة) كانت تتبضع في متجر صغير في البلدة التي ينحدرُ منها، فـيـهـيـمُ فـيـهـا عـشـقـ حـتـى إنـــه ينقطع عن عمله لمتابعتها، وتشمم رائحتها، وكأنها حلم من أحلام الخلود. وعـــن الــريــف الــســودانــي الـــذي توليه الـــــروايـــــة اهـــتـــمـــامـــ خــــاصــــ ، لـــيـــس كــرحــم مـكـانـي فـحـسـب، إنــمــا كـعـ قـة مـمـتـدة في جــســد الـــزمـــان والـــحـــيـــاة، مـفـتـوحـة دائــمــ على قـوسـي الـبـدايـات والـنـهـايـات. يتابع تـاج السر قـائـ ً: «الـريـف الـسـودانـي يلقي بحمولته المكتنزة بالقصص والأساطير حـــتـــى الــــفــــانــــتــــازيــــا فـــــي أرجـــــــــاء الـــــروايـــــة، حـــيـــث تــــرصــــد الــــــروايــــــة مــــ مــــح وعـــــــادات الـحـيـاة الاجـتـمـاعـيّـة... لتنتقل منها إلـى عــالــم الــســيــاســة، والانـــقـــ بـــات العسكرية والـحـروب الداخلية، حيث تسجل صراعاً قبلياً بين قبيلتَين خاضتا صراعاً دموياً عـــلـــى قـــطـــعـــة أرض زراعــــــيــــــة، لا يـــتـــجـــاوز حجمها فداناً واحداً، لكنّ هذه الصراعات المحلية تـقـود الـكـاتـب إلــى صــراعــات أكبر حيث يـتـنـاول أحـداثــ تاريخيّة كالوقائع الـــعـــســـكـــريّـــة والــــــحــــــروب ضــــــدّ المــســتــعــمِــر الإنـجـلـيـزي أيّــــام المــهــدي محمد أحـمـد بن عـبـد الـلـه بــن فـحـل، قـائـد الـــثــورة المـهـديّـة، ومـــجـــاعـــة مـــا يـــعـــرف بــــ(ســـنـــة ســـتّـــة) الـتـي ، حيث تعرض الـسـودان 1888 وقعت عــام إلـى واحـــدة مـن أسـوأ 1890 – 1889 عامي المجاعات تدميراً». وعـلـى الصعيد الاجـتـمـاعـي، ترصد الرواية الغزو الثقافي القادم من المدن إلى الأريــــاف، وكـيـف استقبله الــنــاس، خاصة مع وصول فرق الموسيقى الغربية، وظهور موضة «الهيبيز»، وصولاً إلى تحرر المرأة. يشار إلـى أن أمير تـاج السر روائـي ، يعمل 1960 سوداني ولد في السودان عام طبيباً لـأمـراض الباطنية فـي قطر. كتب الشعر مبكراً، ثم اتجه إلـى كتابة الرواية كتاباً 24 في أواخــر الثمانينات. صـدر له في الرواية والسيرة والشعر. من أعماله: «مـــهـــر الـــصـــيـــاح»، و«تـــــوتـــــرات الــقــبــطــي»، و«العطر الفرنسي» (التيصدرت كلها عام )، و«صائد 2010( » )، و«زحـف النمل 2009 )، التي وصلت إلى القائمة 2010( » اليرقات القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية ، تُرجمَت أعماله إلى عدّة لغات، 2011 عام منها الإنجليزيّة والفرنسيّة والإيطاليّة والإسبانيّة والفارسيّة والصينيّة. نال جائزة «كتارا» للرواية في دورتها ،»366« عــــن روايـــــتـــــه 2015 الأولــــــــى عـــــام ووصــلــتْ بـعـض عـنـاويـنـه إلـــى القائمتَين الـــطـــويـــلـــة والـــقـــصـــيـــرة فــــي جــــوائــــز أدبـــيّـــة عربيّة، مثل البوكر والشيخ زايد، وأجنبيّة مثل الجائزة العالميّة للكتاب المترجم (عام بـروايـتـه «الـعـطـر الـفـرنـسـي»، وعــام 2017 »)، ووصــلــت 76 بـــروايـــتـــه «إيــــبــــولا 2018 روايـتـه «منتجع الـسـاحـرات» إلـى القائمة .2017 الطويلة لجائزة عام صــــــدر لــــه عــــن دار «نــــــوفــــــل»: «جــــزء )، «تاكيكارديا» 2018( » مـؤلـم مـن حكاية ) التي وصلتْ إلى القائمة الطويلة 2019( 2019 لجائزة الشيخ زايــد للكتاب (دورة )، «سيرة الـوجـع» (طبعة جديدة، 2020 – ،)2020( » )، «غــــضــــب وكـــــنـــــداكـــــات 2019 ). دخـلـت روايـاتـه 2022( » «حــــرّاس الــحــزن إلى المناهج الدراسيّة الثانويّة الإماراتيّة والبريطانيّة والمغربية. الدمام: «الشرق الأوسط» غلاف الرواية الكاتب السوداني أمير تاج السر «الطفولة مفتاح كل بوابات العمر»

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky