issue16808
سوريا واللحظة الحرجة! شبح الحرب الأهلية وعـودة التنظيمات المتطرفة في » هذه Déjà-vu« سوريا اليوم هو أشبه بلحظة استعادية اللحظة الـحـرجـة للمنطقة كـانـت مفاجئة وصـــادمـــة، لكن الـيـوم يمكن قـراءتـهـا ضمن سـيـاقـات أوســـع وهــي معادلة الدولة وشبح الانزلاق في الفوضى. من يقرأ السياقات منذ «طوفان الأقصى» وإلى حالة تــراجــع المــشــاريــع التقويضية لمـفـهـوم الــدولــة ذات الطابع التوسعي والـشـمـولـي، يستطيع إدراك أنّـنـا بـــإزاء مرحلة مفصلية في تاريخ سوريا الحديث؛ حيث تحولت العديد مــن دول المنطقة الـتـي لــم تستطع الـتـعـافـي لـلـوصـول إلـى حالة الدولة ذات السيادة الكاملة، إلى مختبرات تجريبية لصراعات تلك الأطــراف في ظل ضعف المؤسسات الدولية وحالة الانكفاء والتخلي التي تعيشها الدول الكبرى، وهو مـا بـات يُلقي أعـبـاء كبرى أمــام الـــدول العربية، خصوصاً دول الاعــــتــــدال بـــقـــيـــادة الــســعــوديــة إلــــى بــــذل كـــل الـجـهـود للحفاظ على مكون الدولة مهما كان التحفظ أو النقد، وهو في معظمه كان صريحاً في المشروع العربي لإعادة سوريا إلـــى الـسـيـاق الـعـربـي، الـــذي لا يمكن مهما حـــدث الـخـروج عنه، لا من حيث الـضـرورة التاريخية أو أقــدار الجغرافيا والثقافة الضاربة بجذورها في عمق سوريا. الـــســـيـــاق الــــــذي بـــــدت فـــيـــه ســــوريــــا عـــلـــى الأقــــــل خــــارج نطاق الفوضى منذ ما قبل «طوفان الأقصى»، بات اليوم يعيش منعطفاً خطراً بسبب أنّها مطوقة بحدود ملتهبة وتـراجـع كبير فـي تحالفاتها للبقاء، التي طوقتها أيضاً بتحديات كبيرة على مستوى الجانب الأمني والاقتصادي والسيادي، وفي أول اختبار لتراجع المشاريع التقويضية يُـطـل الـيـوم شبح الفصائل المسلحة، الـتـي يتقاطر عليها المقاتلون من كل حدب وصوب. وســاهــم فــي ذلـــك تــحــولات كـبـرى فــي وضـعـيـة إيـــران، والبحث عن مقاربة تفاوضية مع الإدارة الأميركية المرتقبة، في ظل أيضاً مشاريع لخفض التصعيد والحوار مع دول الـجـوار، خصوصاً الـريـاض التي ضربت نموذجاً واقعياً وعقلانياً يقدم مصلحة المنطقة على كل الاعتبارات. ســــوريــــا مــنــهــكــة مــــن الـــتـــدخـــ ت الـــخـــارجـــيـــة مــــن كـ الطرفين، وظلت ساحاتها أيضاً مرمى نيران إسرائيل في ظــل شـــره نتنياهو لـ نـتـقـام، وانــشــغــال روســيــا بحربها، وإيـــران بـأذرعـهـا، مما خلق فـراغـ على الأرض سـرعـان ما استغلته التنظيمات المسلحة، في التحشيد ضد تحويل ســوريــا إلـــى منطقة فــوضــى، ربــمــا لا يـمـكـن أبــــداً - بسبب تعقيدات تموضعها السياسي والـجـغـرافـي - التنبؤ بما ستؤول إليه العواقب. من جهة أخرى كانت الفرصة سانحة جداً مع مشروع إعـادة التأهيل الـذي قادته الـدول العربية وبدعم كبير من الـسـعـوديـة، الـتـي فتحت سفارتها مـؤخـراً بدمشق لإعــادة تأهيل سوريا العربية ومنحها الفرصة للخروج من مأزق التدخلات الخارجية. وقد كانت خطوة مهمة جداً لاستعادة سوريا، وبدء المفاوضات حول عودة اللاجئين وإصلاحات عميقة لضبط الأمن، وشبكات الحدود والجريمة المنظمة. لا أحـــــد يــفــكــر فــــي مـــســـألـــة عــــــودة ســــوريــــا إلـــــى مــربــع الــفــوضــى أو تـلـك الـلـحـظـة الاســتــعــاديــة، الــتــي رأيــنــا فيها «داعش» و«القاعدة» وعشرات التنظيمات تعبث فيها، كما أن فكرة التقسيم غير واردة أبداً حتى لأكثر المختلفين مع سلطات دمشق. مـن هنا فــإن سـيـاق الأحـــداث على الأرض لا يمكن أن يـلـغـي فــكــرة ضـــــرورة الــبــحــث عـــن حـــل تــفــاوضــي وقـــــرارات شجاعة، لقطع الطريق على عــودة كـابـوس الفوضى منذ عاماً، وما تبعه من تداعيات الاقتصاد الهش والأوضاع 14 المعيشية، ورغم الخوف الكبير من تفاقم الأزمة، فإن المبادرة اليوم لتدارك ما حدث واستغلال المواقف العربية من جهة والمـــخـــاوف الــدولــيــة مــن عـــودة شـبـح التنظيمات المسلحة المصنفة على قوائم الإرهاب، التي لا يمكن أن تذهب بعيداً مهما غيرت مـن جلدها أو حـاولـت التلبس بقدرتها على تمثيل سـوريـا بمناطقها وتنوعها، وعلى الأقــل مـا رشح من مشاهد وصــور وفيديوهات سيزيد من قلق المراقبين والقلقين على سوريا أكثر من أي وقت مضى. هـل يشبه الانـسـحـاب الـروسـي والإيــرانــي مـن سوريا نظيره أعني الانسحاب الأميركي، وترك البلد لطالبان كما يحاول بعض المحللين الغربيين استسهال قـراءة الأشباه والنظائر السياسية؟ طــبــعــ لا كـــبـــيـــرة، فــحــجــم الـــتـــنـــوع وطــبــيــعــة الـشـعـب الـــســـوري وعــ قــتــه المــعــقــدة بـــحـــدوده، إضـــافـــة إلـــى موقعه الـجـغـرافـي، كـل ذلــك يـؤكـد أن الحالة الـسـوريـة أكـثـر حرجاً وتعقيداً من جهة، كما أن فكرة النسيج الاجتماعي المتنوع لا يمكن معها تخيل الانحياز للأمر الواقع وشرعنة عودة الأصولية المسلحة، وربما هذا ما يفسّر التنازلات الكبيرة الـــتـــي قـدمـتـهـا الـــــدول الــعــربــيــة فـــي مـــشـــروع دعــــم ســـوريـــا، عـلـى الــرغــم مــن كــل الـتـحـديـات المـتـصـلـة بطبيعة الأحـــداث والتحولات والتحالفات على الأرض، التي ربما أبطأت في الدفع بملف الاندماج في السياق العربي. لا يمكن اليوم الـخـروج من مــأزق الحالة السورية إلا بحل دبـلـومـاسـي وحـــوار جـــاد، وبـنـاء رؤيـــة عربية صلبة لــلــخــروج مـــن المـــــأزق المـيـلـيـشـيـوي ومـسـتـقـبـل الــــدم المـحـدق بسوريا، بحيث تبدأ الفرصة بنقاش الملفات ذات الأولوية، مع الـدول ذات العلاقة في مسألة الحدود، بضمانة الدول العربية ودعمها، وحلحلة ملف اللاجئين المؤرق والتسريع بعودتهم إلى ديارهم وصياغة مقاربة وطنية شاملة. آخـــــــر تــــقــــاريــــر «فـــــريـــــق الـــــخـــــبـــــراء- لــجــنــة العقوبات الدولية الخاصة باليمن» لم تتبين مـــنـــه آيــــــات مـــســـارعـــة يــمــنــيــة إلـــــى طــــي صـفـحـة الـــحـــرب. ولــــم يُــســعِــد أحـــــداً اســـتـــمـــرارُ مـطـالـعـة صـــورة الـبـلـد «غـيـر الـسـعـيـد» بحالته الـراهـنـة ضــمــن إطــــار تــهــديــد الــســلــم والأمـــــن الــدولــيــ ، بفضل المرصودين دولياً وداخلياً ممن غرّتهم الـــظـــروف فــتــمــادوا فـيـمـا يـعـتـنـقـون مـــن أوهــــامٍ تكسر أعناقهم. لجنة الـجـزاءات أو العقوبات المنشأة في م، وتـــجـــددت ولايـتـهـا 2014 ) فــبــرايــر ( شـــبـــاط م، 2024 ) مــــؤخــــراً نـــوفـــمـــبـــر (تـــشـــريـــن الــــثــــانــــي رصـــــد تـــقـــريـــرهـــا المـــــرفـــــوع إلـــــى مــجــلــس الأمــــن )، خـــروقـــات 2024 » (أكـــتـــوبـــر «تـــشـــريـــن الأول ؛ أظهر التقرير «كلمة سر» 2024 - 2023 العام مـعـروفـة: الـــخـــارج... فـي سـيـاق إيـــراد «المـعـدات العسكرية الـتـي استعرضتها جماعة أنصار الـلـه: الحوثيين فـي صنعاء (سبتمبر - أيلول )». تجزم اللجنة بأن الميليشيا «لا تمتلك 2023 الــقــدرة عـلـى تـطـويـر وإنــتــاج معظم المـــعـــدات... دون مساعدة خارجية». واخـتـتـمـت تـقـريـرهـا الـتـاسـع بتوصيات مـــوجّـــهـــة إلــــى الــــخــــارج تــخــص دعــــم الـحـكـومـة الشرعية: «حثّ المجتمع الدولي على مساعدة الـسـلـطـات الــيــمــنــيــة...»، و«حــــث جـمـيـع الـــدول الأعضاء -في مجلس الأمن- على توفير الموارد الكافية لتعزيز قدرة حكومة اليمن...». فـــي الـــواقـــع مـــا مـــن جــهــة يـمـنـيـة -شـرعـيـة وغيرها- تدّخر الطلب من الخارج الذي يحظى بــحــضــور «تـــاريـــخـــي» داخـــــل الــيــمــن مــنــذ عهد سـيـف بــن ذي يـــزن الـــذي جـلـب الـــفُـــرسَ لإجــ ء الأحــــبــــاش عــــن الأراضــــــــي الــيــمــنــيــة فــــي الـــقـــرن الــســادس المـــيـــ دي. مِـــن يـومـهـا، تخلّقت عقدة «اليزنية» المتوارثة عبر تاريخ اليمنيين. ولمّا استفحلت خلافاتهم ونزاعاتهم في أثناء القرن العاشر الميلادي استدعوا الإمام الهادي يحيى بــن الــحــســ ... وعـنـد بـلـوغ ثـانـي عـقـود الـقـرن الحادي والعشرين جذب اهتمام مجلس الأمن الدولي بأزمات اليمنيين حتى صار يُقال عنه «مجلس (اليمن) الدولي». مـــثـــل أي مــــوقــــعٍ مُــــطِــــل عـــلـــى مـــمـــر دولـــــي، يـــفـــرض المــــوقــــع الاســـتـــراتـــيـــجـــي لــلــجــمــهــوريــة الــيــمــنــيــة الانـــشـــغـــال بــــشــــؤونــــه... فـــضـــً عــمّــا يحيطه من دولٍ مؤثرة دولياً تتفاعل حتماً مع حـــوادث الـجـار اليمني، تـطـوراً وتــدهــوراً، لئلا يُترَك وحيداً. ما دامــت مصائب ومصاعب اليمن تؤثر في مصالح الغير وتهدده، فإن الداخل اليمني يتصدر مشاغل الخارج الذي يُستدعى ويُطلَب إمّـــا لمـــبـــادرات حــل الأزمــــات غـالـبـ وإمّــــا لتأييد الـتـطـورات الإيـجـابـيـة، وأحـيـانـ للتأديب وفق القانون الدولي... إنما هل يطول تطوع الخارج لـ نـشـغـال الـــدائـــم بـــــ«دواخــــل» الــيــمــن، فـيـمـا لا يبالي اليمنيون بتحسين «دواخلهم»؟ يُــرتــجــى هـنـا إظـــهـــار «كـلـمـة ســـر» أخـــرى: الإرادة الـــداخـــلـــيـــة. لا يُـــقـــصَـــد إرادة المــواجــهــة العسكرية بوصفها خـيـاراً اضـطـراريـ يفضله بعضٌ ويتفاداه بعضٌ آخر؛ إنما إرادة مواجهة «الـــــــــذوات» الــيــمــنــيــة لــنــفــســهــا... ثـــم لبعضها اســـتـــعـــداداً لـتـشـغـيـل عـمـلـيـات تـــجـــاوز المـاضـي والـــســـعـــي إلــــى المـسـتــقـبـل إثــــر تـــوافـــق وتــفــاهــم مــشــتــرك يـسـتـرجـع الـحـكـمـة الـيـمـانـيـة المغيبة والإيمان الوطني. ســيُــحــسَــب لأطـــــراف «الــيــمــنــنــة» الـتـخـفـف مــن أثــقــال الاشــتــراطــات، والــدعــايــة والـتـبـاهـي، وأوهـــام المــؤامــرة، عند إبـــداء قابلية استئناف لقاءاتهم المباشرة على طاولة المفاوضات أو... جـلـسـة «الـــقـــات» المـــمـــقـــوت... طـبـعـ لـــن تُصفي الجلسة الأولى ما زرعته السنون الماضية، إنما ستمهّد لجلسات ولقاءات تَحرُر من داءِ النزاع، من باب: إذا احتربت يوماً وسالت دماؤها تذكرت القربى ففاضت دموعها ومـــــن ثـــــمّ تـــحـــري اســـتـــعـــمـــال دواء نــاجــع يحفز خـ يـا الـفـئـات اليمنية، نــســاءً ورجــــالاً، على المشاركة في بناء اليمن لا في فنائه، أكان لحل القضايا الإنسانية المجمدة أم غيرها من قضايا محددة وفـق خريطة الطريق الأممية. وذلـــــك لــكــي يـــوالـــي الــــخــــارج إعـــانـــة ومــســانــدة الاهـتـداء إلـى المسؤولية المشتركة إزاء وطنهم ومحيطهم. هل سيسعد الداخل والخارج معاً بصدور تقرير خاص من «لجنة مصالحة دولية» يُظهِر «كــلــمــة ســــر» مـخـتـلـفـة لـــوقـــف تـشـغـيـل «لـجـنـة العقوبات الدولية»، وهي: #السلام_لليمن؟ عبر منصته الاجتماعية «تـــروث سوشيال»، كـتـب الــرئــيــس الأمــيــركــي المـنـتـخـب دونـــالـــد تـرمـب، منذراً ومحذّراً مجموعة دول «بريكس»، من التفكير فــي بــلــورة عـمـلـة عـالمـيـة جـــديـــدة، أو دعـــم أي عملة أخـرى، الأمر الذي سيواجَه بفرض رسوم جمركية في المائة، كما أن الـدول التي ستسعى 100 بنسبة في هذا المدار، ينبغي عليها توديع الدخول في عالم الاقتصاد الأميركي، وإيجاد «مغفل آخر»، على حد تعبيره. بدأ ترمب بالفعل في تنفيذ ما وعد به خلال حملته الانتخابية، بأنه سيجعل من المكلّف للدول الابــتــعــاد عـــن الــــــدولار، وهـــو مـــا نـاقـشـتـه قـمـة دول «بريكس» الأخيرة، وترى أن الحاجة ماسّة إليه، لا سيما بعد العقوبات الاقتصادية التي فُرضت على روسيا. لماذا يخشى ترمب من دول «بريكس»؟ تــبــدو الــقــصــة أكــبــر وأشـــمـــل مـــن هــــذه الــــدول، وتـمـتـد المــخــاوف القطبية الأمـيـركـيـة مــن جماعات القوى المتوسطة، الصاعدة في أعلى عليين، ضمن مـــســـارات الــتــعــدديــة الـعـالمـيـة الـقـائـمـة والـــقـــادمـــة لا محالة. يــعــود تـــاريـــخ مــفــهــوم «الـــقـــوة الـــوســـطـــى» إلــى أصـول نظام الـدولـة الأوروبـيـة الـذي أرسـى قواعدَه المفكرُ والفيلسوف الإيطالي جيوفاني بوتيرو، في الـقـرن الـسـادس عشر، حيث قسم العالم إلـى ثلاثة أنـــواع مـن الـــدول: إمـبـراطـوريـات، وقــوى متوسطة، وقوى صغيرة. وفــق بـوتـيـرو، تتمتع الـقـوى المتوسطة، بقوة وسـلـطـة كامنتين لجعلها تـقـف عـلـى قـدمـيـهـا، من دون الحاجة إلى طلب المساعدة من دول أخرى. لـــــم يـــعـــد ســــــراً أن هــــنــــاك الـــكـــثـــيـــر مـــــن الـــقـــوى المــتــوســطــة حــــول الـــعـــالـــم، الـــتـــي بـــاتـــت تــبــحــث لها عــن مـوضـع قـــدم عـلـى الـخـريـطـة الــدولــيــة، لا سيما بعد أن انكشف المشهد العالمي خـ ل أزمــة جائحة ، من خـ ل توقف سـ ل الإمـــداد، للدواء 19 - كوفيد والغذاء، عطفاً على ما يتسبب فيه الكبار من أزمة للمناخ الـعـالمـي، وتقصيرهم عـن مــــداواة الــــداء، إلا بتصريحات جوفاء. ترفض الــدول المتوسطة حالة عـدم الاستقرار التي تسود عالمنا المعاصر، وتسعى عوضاً عن ذلك في طريق تكتلات لا تحمل صبغات آيديولوجية، ولا ترفع شعارات دوغمائية، بل تبحث في ما ييسّر حياة مواطنيها، ضمن الأطر الاستراتيجية الدولية المتغيرة بسرعة كبيرة. ســــاهــــم تــــراجــــع الأوزان الـــنـــســـبـــيـــة لـلـهـيـمـنـة الأميركية، وقصور القدرات الأوروبية، وتعثر الدور الــروســي، فـي زيـــادة مـوجـات القومية الباحثة عن نقاط ارتكاز جديدة، تُزخّمها عوضاً عن الحاجة إلى الدوران في فلك الكبار دائمي الخذلان لحلفائهم. تـــــــدرك هـــــذه الــــقــــوى الــــصــــاعــــدة حــــاجــــة الـــقـــوة العظمى إليها، لوجيستياً على الأقـل، ولهذا باتت تــنــخــرط فـــي ألـــعـــاب الـــقـــوة الـــدولـــيـــة ومـــنـــاوراتـــهـــا، تـتـأرجـح تـــارةً بـ الـتـعـاون، وتـتـراجـع تـــارةً أخـرى ضـــمـــن صــــفــــوف المــــعــــارضــــة، وفـــــي الأمـــــريـــــن يـبـقـى نُصب أعينها، تعزيز مصالحها الخاصة، وفي كل الأحوال توفر المنافسةُ الشديدة العالية المخاطر بين الـقـوى العظمى، والـتـعـاونُ المتقطع، أرضــ خصبة للقوى المتوسطة لتأكيد نفوذها. تــرفــض الــقــوى المـتـوسـطـة مـــحـــاولات الإقــصــاء مـن جانب الـقـوى الغربية التقليدية بنوع خـاص، التي تشترط الالتزام بمنظومتها القيمية، وكثيراً ما يضحى الخط الليبرالي الغربي، الذي انتقل من مـربـع الـحـريـة إلــى مـربـع الـفـوضـى الأخـ قـيـة، أحد أهم مستوجبات المسير مع العالم المتقدم، كما يراه أصحابه. من هنا يبدو جلياً أن «بريكس» وتوسعاته، فـــرصـــة جـــيـــدة لــلــغــايــة لمــــنــــاورة الـــقـــوى المــتــوســطــة، فــي ظــل تــحــولات الـنـظـام الــعــالمــي، الــــذي يـسـيـر في اتجاه نهاية الأحادية القطبية القائمة على هيمنة الـولايـات المتحدة الأميركية بوصفها قـوة عظمى، نتيجة صعود قوى دولية وإقليمية جديدة تلعب أدواراً مـــتـــزايـــدة فـــي مـــجـــال الــســيــاســة والاقــتــصــاد الــعــالمــيــ ، وبــخــاصــة فـــي ظـــل انــتــقــال مــركــز الـثـقـل السياسي والاقتصادي من الغرب إلى الشرق ومن الدول المتقدمة إلى الدول الصاعدة. هـــل تـفـيـد تــهــديــدات تــرمــب وهـــو عـلـى عتبات ولاية جديدة أخيرة؟ فلسفياً يقال إنه «ما من قوة تستطيع أن تقف في وجه فكرة حان أوانها»، وعليه فإن إنكار انتقال قلب العالم شرقاً وجنوباً لا يفيد إدارة أميركية، يـــمـــكـــن أن تــــكــــون شـــريـــكـــ فــــي ديـــنـــامـــيـــكـــيـــة أمــمــيــة تـعـاونـيـة، لا قـــوة فـوقـيـة إمـبـريـالـيـة تقليدية عفّى عليها الزمن. تعلم تلك القوى البازغة تمام العلم أن العصر الـــذي كــان بـوسـع الــولايــات المـتـحـدة أن تضمن فيه الامتثال والـدعـم مـن دون عـنـاء، يتلاشى، والدليل عـــلـــى ذلـــــك أنــــمــــاط الـــتـــصـــويـــت الأخـــــيـــــرة فــــي الأمــــم المتحدة. يبدو التحالف الصيني – الروسي، نقطة جذب لقوى متوسطة، تجعل واشنطن منزعجة، لا سيما حال انضمام كوريا الشمالية وإيران إليهما. الهند في آسيا، والبرازيل في جنوب أفريقيا، قــــوتــــان مــتــوســطــتــان صـــاعـــدتـــان تـــشـــيـــان بـتـحـول استراتيجي عالمي، عبر الانتقال من مربعات الولاء والانتماء إلى مواقع أكثر استقلالية. لدى ترمب فرصة ذهبية لتعزيز الشراكات مع القوى المتوسطة الطموحة غير المؤدلجة، وبعيداً عن فلسفة «ذهب المعز وسيفه». صـيـاح الــديــك يعلن أن أمـيـركـا لــم تـعـد سيدة قيصر... مَن له أذنان للسمع فليسمع. Issue 16808 - العدد Wednesday - 2024/12/4 الأربعاء المشروع العربيلإعادة سوريا إلى السياق العربيلا يمكن مهما حدث الخروج عنه هلسيسعد الداخل والخارج معاً بصدور تقرير خاصمن «لجنة مصالحة دولية» يُظهِر «كلمة سر» وهي: لليمن؟ «السلام» لطفي فؤاد نعمان يوسف الديني إميل أمين OPINION الرأي 14 لدى ترمب فرصة ذهبية لتعزيز الشراكات مع القوى المتوسطة الطموحة غير المؤدلجة ترمب ــ «بريكس»... وعصر القوى المتوسطة كلماتسر يمنية
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky