issue16808
مـــاذا بـعـد سـقـوط حـلـب؟ هــل تتمكن حكومة دمـشـق مـن سحق المـعـتـديـن، واسـتـعـادة الإمـسـاك بــــــالمــــــبــــــادرة، ومــــــــــاذا بــــعــــد هـــــــذا الــــتــــقــــدم الــكــبــيــر للمجموعات المتطرفة والمسلحة؟ قـــوات «هيئة تحرير الــشــام» بـــدأت بالتوجه جـنـوبـا نـحـو مـديـنـة حــمــاة، عـلـى رغـــم الـضـربـات الـجـويـة الــســوريــة– الــروســيــة. الـهـجـوم الفجائي والسريع أثار العديد من الأسئلة في جهات عدّة. ويـــبـــدو أن تــلــك الأســئــلــة سـتـظـل قــائــمــة مـــن دون إجابات، حتى وقت لاحق مستقبلاً. توقيتهجوم قوات «هيئة تحرير الشام» على المدينة الثانية في سوريا يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنّ خطة الهجوم كانت جاهزة، في انتظار اللحظة المناسبة، وأنّها أُعدّت بسرية تامة وبدقة متناهية. وحــن واتـــتِ اللحظة، انـدفـعـت الـقـوات فـجـأة وبـقـوة ودخـلـت حـلـب، بعد مـعـارك تمكنت فيها مـن القضاء على المـقـاومـة الـسـوريـة، ممثلة في وحدات الجيش السوري المتمركزة في المدينة، وإجــبــارهــا عـلـى الانــســحــاب، وتـكـبـيـدهـا خسائر كـبـيـرة، اعـتـرفـت بها دمـشـق. الـتـقـاريـر الإعلامية تؤكد أنّ القوة المهاجمة مسلحة تسليحا جيداً، وأنها استخدمت المُسيّرات في الهجوم. وســـائـــل الــتــواصــل الاجــتــمــاعــي نـقـلـت صـــوراً للمهاجمي فـي شـــوارع ومـيـاديـن حـلـب. كما قام المهاجمون بتحرير السجناء مـن السجون. وفـرّ الكثيرون من سكان المدينة طلبا للنجاة. الــــســــؤال الأبــــــرز والـــجـــديـــر بـــالإجـــابـــة يتعلق بمَن مِنَ القوى الإقليمية أو الدولية وراء الهجوم سياسيا وعسكريا؟ أصـابـع اتـهـام كثيرة ظهرت في عدة تقارير إعلامية غربية تشير نحو أنقرة، على اعتبار أن الأخيرة تسيطر على مدينة إدلب، وتـــدعـــم الــجــمــاعــات الإســـ مـــويـــة المــعــارضــة الـتـي لجأت إلى المدينة عقب خروجها من حلب، تحت ضـــربـــات الـــطـــيـــران والمــدفــعــيــة الـــروســـيـــن. إلا أن أنقرة التزمت الصمت. وتقارير أخرى تشير نحو عواصم غربية، ولم يأتِ منها رد. حــــــربٌ تـــلـــد أخــــــــرى، وصـــــف نــحــتــه صــحــافــي عراقي في مرحلة مبكرة من الحرب ضد العراق، ما زال ساري المفعول؛ إذ بمجرد توقف الحرب بي إسرائيل و«حزب الله» في لبنان، بدأت على الفور حــــرب أخــــرى فـــي ســاحــة مــــجــــاورة. وكــــأن الــحــرب عامل ثابت في مـعـادلات المنطقة، والـسـ م عامل متحول. السرّية لعبت دوراً حاسما في نجاح الهجوم، بمعنى أن الأجـهـزة الأمنية السورية ونظيراتها في طهران وموسكو أُخذت على حي غرة. المعنى الحرفي للوصف «على حي غرة»، أنها كانت في غفلة. الـــبـــعـــض مــــن المــعــلــقــن يــــــرون أن الــــهــــدف مـن الهجوم، وفيهذا التوقيت، هو قطعخط الإمدادات بـن طـهـران و«حـــزب الـلـه» فـي لـبـنـان. أي حرمان طـــهـــران مـــن قــاعــدتــهــا فـــي لــبــنــان، ووضـــــع نـهـايـة لضغوطها على إسـرائـيـل، وحـرمـان «حــزب الله» من إعــادة بناء قدراته العسكرية. وهـو تحليل لا تنقصه الواقعية، آخذين في الاعتبار الدور الذي كـــان يلعبه الــحــزب كـقـاعـدة مـتـقـدمـة لإيــــران على الحدود مع إسرائيل، ودعمه لحركة «حماس» في قـطـاع غـــزة. وإسـرائـيـل -حـسـب مـصـادر إعلامية- تــراقــب تـــطـــورات الــوضــع الـجـديـد فــي ســوريــا من كثب. هل كانت المخابرات الإسرائيلية (الموساد) على علم بالهجوم؟ الـــهـــجـــوم بـــالـــطـــبـــع فــــاجــــأ الـــجـــيـــش الــــســــوري المــنــهــك طــيــلــة هــــذه الــــحــــروب المـــســـتـــمـــرة. الــــروس مشغولون بالحرب ضد أوكرانيا، واضطروا إلى تحويل قواتهم مـن سـوريـا للحرب فـي الجبهات الأوكرانية، ولم تعد هناك إمكانية لاستدعاء قوات «حــزب الله» بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة عليه. وليس في مقدور إيـران التحرك والمساندة كالسابق نتيجة المـواجـهـات مـع إسـرائـيـل. وهـذا يعني أن العبء الأكبر في صد المهاجمي والدفاع عـــــن حــــمــــاة ودمـــــشـــــق ســـيـــقـــع عـــلـــى عــــاتــــق قـــــوات السلطات السورية، بمساعدة جوية مما تبقى من الطائرات الروسية في سوريا. التقارير الإعلامية تؤكد أن الـغـارات الجوية تمكنت مــن إعــاقــة تـقـدم الـفـصـائـل المـسـلـحـة. كما قــامــت بـــغـــارات عـلـى قــواعــدهــم فـــي مـديـنـة إدلـــب؛ ملايي نسمة، أغلبهم من 4 -3 حيث يعيش قرابة المهاجرين الذين اضطروا إلى مغادرة سوريا بعد سقوط مدينة حلب في أيدي الجيش السوري. الرهان الآن على مدى قـدرة الجيش السوري على صـد الهجوم والمــبــادرة بهجوم معاكس في وقت قريب ضد هذه المجموعات المسلحة. ويـــبـــقـــى مـــهـــمـــا الـــتـــذكـــيـــر مــــن وجــــهــــة نــــظــــري أن إسرائيل ستكون الفائزة الوحيدة في هذه الحرب. مـا أن حصل التوصل إلـى اتـفـاق لوقف إطـ ق النار على الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية، الذي ما 60 زال دخــولــه مـسـار التطبيق فــي فــتــرة، أقـصـاهـا يوما، يشهد تعثراً بسبب استمرار الأعمال العسكرية الإسرائيلية، ولو بشكل منخفض ومحدود، مقارنة مــع مــا قـبـل إنــجــاز الاتـــفـــاق، حـتـى انـفـجـرت الـحـرب مـجـدداً فـي ســوريــا. بعيداً عـن الـنـظـريـات التآمرية والاختزالية والتبسيطية لتفسير هذا الوضع، فإن الترابط الواقعي والموضوعي بي هذه «الساحات» وتـرابـطـهـا، أيــا كـانـت الـعـنـاويـن الـتـي يعطيها هذا الــطــرف أو ذاك لـهـذا الــتــرابــط، وأيـــا كـانـت درجــاتــه، سمة أساسية في المسرح الاستراتيجي في المشرق... ومسرح يتأثر ويؤثر بشكل كبير في «لعبة الأمم» فــي الــشــرق الأوســــط. صحيح أن ســوريــا الــدولــة لم تـشـارك فـي استراتيجية «وحـــدة الـسـاحـات»، ولكن سوريا الجغرافيا كانت جــزءاً من مسرح المواجهة بي «جبهة الإسـنـاد» وإسرائيل. وللتذكير، ساهم الــدور الروسي المــوازي والمـــوازن للدور الإيـرانـي في إطار التحالف الثنائي الداعم الأساسي للسلطة في سـوريـا، فـي دعـم الخيار الـسـوري فـي البقاء خـارج اسـتـراتـيـجـيـة «وحــــدة الــســاحــات». الـهـجـوم الكبير والمفاجئ الذي شنّته الفصائل المعارضة المسلحة، بـقـيـادة «هـيـئـة تـحـريـر الـــشـــام»، الـتـي تحظى بدعم كبير، ولـو بـدرجـات متفاوتة بـن أطرافها مـن قبل تـركـيـا، وذلــــك لـ سـتـيـ ء عـلـى مـنـاطـق واســعــة في مدينة حلب، وكذلك التقدم في منطقة إدلب، ثم نحو مدينة حماة وما حقّقته من تغيير في موازين القوى على الأرض، يؤشر إلـى عـودة الحماوة والتسخي في المسرح الاستراتيجي السوري. يحصل ذلك بعد فترة طويلة من الاستقرار، ولو المتوتر... جملة من العوامل شكّلت المناخ الـدافـع والمحفز لإعــادة خلط الأوراق في السباق على لعبة بناء النفوذ في المسرح الاستراتيجي الـسـوري، بما لذلك من مكاسب على الصعيد الإقليمي الشرق أوسطي، من الخليج إلى البحر الأحمر، إلى البحر الأبيض المتوسط. مـــن هـــذه الـعـنـاصـر فـــي الـــعـــودة إلـــى التسخي عــلــى «المــــســــرح الـــــســـــوري»: أولاً الــضــعــف الـنـسـبـي لإيـــــــــران وحـــلـــفـــائـــهـــا فـــــي ســـــوريـــــا بـــعـــد انــشــغــالــهــا بالحرب الإسرائيلية على الجبهة اللبنانية، التي تشمل مساحة جغرافية واسعة واستراتيجية من الأرض الـسـوريـة مــن دون أن يعني ذلـــك أن إيـــران، ومــعــهــا حــلــفــاؤهــا، مـسـتـعـدة لـلـتـخـلـي عـــن الـــورقـــة الاستراتيجية الهامة التي تشكلها سـوريـا. الأمـر الــــذي فـتـح الـــبـــاب أمــــام أعـــــداء إيــــــران، وأمـــــام بعض أصدقائها لمحاولة الاستفادة مما حصل، لتحقيق مزيد من المكاسب على «المسرح السوري». ثـــانـــيـــا ازديــــــــــاد الانــــشــــغــــال الـــــروســـــي بــــالأزمــــة الأوكرانية، وبأولوية هذه الأزمة، من دون أن يعني ذلك تراجع الاهتمام الاستراتيجي بسوريا. وثالثا الوضع الراهن قدّم فرصة ذهبية لتركيا لـتـعـزيـز دورهــــا ومـوقـعـهـا مــن خـــ ل حلفائها في سوريا، التي تشكل المنطقة الشمالية الغربية فيها أهـمـيـة استراتيجية حـيـويـة لـتـركـيـا، خـاصـة بعد فشل محاولات المصالحة السورية - التركية، التي قامت بها موسكو، والحديث عن دور عراقي ناشط للتوسط بـن الـطـرفـن. ثـ ثـي آسـتـانـة (الــروســي، الإيــــرانــــي، الــتــركــي) اســتــطــاع إدارة الــعــ قــات بي أطـرافـه بشأن سـوريـا منذ بــدء نشاطه التشاوري ، ولكن التغيرات الحاصلة على صعيد 2017 عـام الإقـلـيـم أعـــادت خلط الأوراق، ليس بـن الخصوم فقط، بل بي الحلفاء أيضا، مع التذكير بأن هنالك سيولة واسـعـة تطبع هــذه الـعـ قـات، مـع اختلاف الأولويات الأساسية. الاجتماع الذي سيحصل بي ثلاثي آستانة على هامش منتدى الـدوحـة قريبا سيشكل محاولة لاحتواء الموقف عبر التوصل إلى تفاهمات عملية انتقالية. تفاهمات قد لا تستطيع الإقــــ ع مــع الــعــوامــل الــجــديــدة الــتــي أشــرنــا إليها سابقا. أخـيـراً، لا بـد مـن التذكير بــأن اسـتـقـرار سوريا مصلحة عربية أساسية وحيوية، ولا بد من مبادرة عربية ناشطة تـجـاه إيـــران وتـركـيـا، وتـجـاه القوى الدولية الفاعلة، بغية العمل على تحقيق الاستقرار في سوريا، الذي هو لمصلحة الاستقرار في الإقليم. إنـــه أمـــر لـيـس مــن الـسـهـل تحقيقه، ولــكــن أكــثــر من الضروري الانخراط في مبادرة فاعلة لتحقيقه. في ما خصّ المشرق العربيّ، يصعب على العبارة أن تنطوي على وجهة واحدة أو أن تـنـمّ عـن عاطفة وحــيــدة. فـالارتـيـاح الكبير لإضعافٍ كالذي نزل بـ «حزب الله» اللبنانيّ يولد مقرونا بالغضب الشديد حــــيــــال الــــجــــرائــــم الــــتــــي أنـــزلـــتـــهـــا الـــحـــرب الإسرائيليّة باللبنانيّي، وبالشيعة منهم خـــصـــوصـــا، كــمــا بــالــقــلــق مـــمّـــا قـــد تـبـيّـتـه حـــيـــال المـنـطـقـة الـــحـــدوديّـــة فـــي الــجــنــوب، ولكنْ خصوصا بالخوف حيال مستقبل السلم الأهليّ واحتمالات تصدّع ما بقي من مرتكزات لبنان مجتمعا ودولةً. وشـيءٌ مشابه يمكن قوله عمّا جرى فــي حـلـب وغــــرب ســـوريّـــا، فـــي ظـــلّ تهالك مبكر كشفته الغارات الجوّيّة الإسرائيليّة المـــتـــ حـــقـــة، وهـــــذا قــبــل اعـــتـــصـــام الــنــظــام بالصمت المطبق منذ السابع من أكتوبر . هـكـذا ننتهي إلـى 2023 ) (تـشـريـن الأول وضع يتجاور فيه شعوران: مـــن جـــهـــةٍ، الابــتــهــاج بــالــهــزّة الـقـويّـة الــتــي أصـــابـــت الـــوضـــع الــقــائــم، كـمـا ثبّته التدخّل الجوّيّ الروسيّ والبرّيّ الإيرانيّ قـبـل ســـنـــوات، وبـــعـــودة لاجـئـن ونـازحـن بــمــئــات آلافــــهــــم، ســبــق أن هـــجّـــرهـــم عنف النظام وحلفائه، وبإطلاق سراح مساجي رأي (لا المساجي بإطلاق)، ومن جهة ثانية، الذعر حيال القوى الإســـــ مـــــويّـــــة الــــتــــي قــــد «تــــمــــأ الـــــفـــــراغ»، والمــــشــــهــــود لـــهـــا بـــالـــبـــدائـــيّـــة والـــتـــعـــصّـــب والموقف القروسطيّ حيال الأقلّيّات والمرأة والتعليم... وإذا صحّ أنّ هناك «سيناريو تركيّا» تــتــحــرّك الأحـــــداث عـلـى وقـــعـــه، وبـمـوجـبـه تـتـواطـأ مــع أنــقــرة قـــوى إقليميّة ودولــيّــة مـــؤثّـــرة، تــمــدّدَ الــذعــر نـحـو مــا قــد يصيب الأقــــلّــــيّــــة الــــكــــرديّــــة هـــنـــاك كـــمـــا فــــي ســائــر نـــقـــاط إقـــامـــتـــهـــا شــــرقــــا، وهـــــو مــــا انـطـلـق مبكراً وبقوّة، وربّما لاحقا نحو الأقلّيّات الأخرى، بوصف ذلك نوعا من الاستطراد المأسويّ. أمّــــا فـــي الــــعــــراق، وعــلــى افـــتـــراض أنّ المـنـطـقـة تـعـيـش نـــزعـــا لـلـنـفـوذ الإيــــرانــــيّ، خــــصــــوصــــا إذا أريـــــــــــدَ إحـــــــــ ل «الـــحـــشـــد الشعبيّ» في العدوان على السوريّي محلّ «حـــزب الــلــه»، فـلـسـوف يـ زمـنـا الازدواج نفسه في الشعور والموقف: احتفال صارخ بالمصائر التي قد تلقاها ميليشيات الأمر الواقع، وكمدٌ مردّه أنّ ميليشيات مذهبيّة مـــــضـــــادّة لــــهــــا، يــجــمــعــهــا بـــهـــا الـــتـــخـــلّـــف والتعصّب، قد تنوب منابها. وهــنــاك عــشــرات الأمــثــلــة الــتــي يمكن إيــــرادهــــا، تـلـتـقـي كــلّــهــا عــنــد اسـتـحـضـار الازدواج في الموقف والشعور، وذلك تبعا لانـــعـــدام الـــقـــوى الــتــي يـــتـــأدّى عـــن عملها صـــون الـبـلـدان والـجـمـاعـات الـوطـنـيّـة في ظـلّ علاقات مقبولة من الاستقرار وحكم القانون والانفتاح على العالم. فبعد أكثر من نصف قرن من النظام الأمنيّ المتجبّر، الفئويّ والإبـــاديّ، ومعه تكلّسٌ ثقافيّ وقِيَميّ طال شـؤون الحياة والإيــــمــــان والــتــعــلــيــم مـــن غــيــر اســتــثــنــاء، هـا هـو المـشـرق ينتصب مساحةً مريضة ومـــــرضـــــيّـــــة، تـــنـــســـحـــب مـــنـــهـــا الـــســـيـــاســـة وتـتـربّـع فـي صـدارتـهـا الــــولاءات القرابيّة والـــعـــصـــبـــيّـــة، الــطــائــفــيّــة والإثــــنــــيّــــة، الـتـي يجمع بينها شَبَه في المضمون وتنافس على التسلّط. بيد أنّ الفشل الذي انتهت إليه ثلاثة أحــداث – تـطـوّرات، على رغـم التفاوت في أهـمـيّـتـهـا وتــأثــيــرهــا، هـــو أكــثــر مـــا جـفّـف الــقــوى الـحـيّـة والـــواعـــدة، جــاعــً النهاية البائسة أقرب إلى قدر. لـــــم يــــخــــرج مـــــن إطـــاحـــة 2003 فـــفـــي صدّام حسي عراقٌ موحّد تنشأ فيه حياة سـيـاسـيّـة تـمـتـصّ الـنـزعـة الــثــأريّــة وتـحـدّ مـــن الــــــولاء الـــطـــائـــفـــيّ والإثــــنــــيّ أو تعمل على تـرويـضـه. وكـــان للنخبة السياسيّة الـتـي انـدفـعـت إلــى توسيع حـصّـة النفوذ الأجـنـبـيّ عـلـى حـسـاب الـسـيـادة الوطنيّة دور حــــاســــم فـــــي تـــعـــزيـــز الــــوجــــهــــة هـــذه وتكريسها. حــــــيــــــلَ دون تـــــحـــــوّل 2005 وفــــــــــي «الاستقلال الثاني» في لبنان مقدّمةً لبناء مـجـتـمـع ســيــاســيّ حــديــث مـــرشّـــح لعبور طوائفه. وهـو مـا تـواطـأت لإنتاجه ثقافة متخمة بالولاء العصبيّ، وعنف اغتياليّ بهدف 2006 مـتـسـلـسـل، وافــتــعــال لــحــرب قطع الطريق على أيّ تغيير إصلاحيّ في الداخل. وكـــانـــت الــطــامــة الــكــبــرى مـــع هزيمة الـــثـــورة الــســوريّــة بـعـد سـنـة ونــيّــف على ، وتـنـاسـلـهـا فــي حـرب 2011 قـيـامـهـا فــي أهـــلـــيّـــة. فـــالـــنُـــوى الــحــديــثــة الـــتـــي قــادهــا الــســعــي إلــــى تـغـيـيـر مـــدنـــيّ وســـلـــمـــيّ لم تـــقـــو عـــلـــى الــــصــــمــــود أمــــــــام نــــظــــام بـــالـــغ الـــشـــراســـة مـــن جـــهـــة، وأمــــــام مـيـلـيـشـيـات إســ مــيّــة ضـيّـقـة الأفــــق مــن جـهـة أخـــرى. وبــــســــبــــب مــــوقــــع ســــــوريّــــــا المـــــــركـــــــزيّ فــي منطقتها، فـتـحـتْ هـزيـمـة الـــثـــورة الـبـاب واســعــا لـتـعـفّـنٍ ضـــرب أطـنـابـه فــي سائر المشرق، لا في بلدها وحده، وهذا قبل أن تصاب الأجندة التقدّميّة بنكبة «طوفان الأقــــصــــى» وطـــغـــيـــان الـــقـــضـــايـــا الــبــلــيــدة والقديمة إيّاها. وإذ بُـــــدّدت الــفــرص الــثــ ث الـكـبـرى، وسط عالم عربيّ كانت تتلاحق انهياراته في ليبيا واليمن والــســودان، غـدا المشرق مجرّد مساحة لـ «لعبة الأمــم»، دلالـةً على قـــوّة العناصر الـخـارجـيّـة وامــتــدادهــا في ميليشيات محلّيّة تابعة لها. وإذ تبدو الــخــرائــط كـلّـهـا فــي مــهــبّ الـــريـــح، تـتـوحّـد المـــشـــاهـــد عـــنـــد جـــمـــاعـــة تــقــصــف جــمــاعــةً وأعــــــداد مـــن الـــســـكّـــان تـهـيـم عــلــى وجـهـهـا جائعة خائفة مذعورة. وهـــكـــذا لا يـتـبـقّـى لـنـا ســــوى الـقـحـط والـــصِـــفـــريّـــة الــســيــاســيّــن يــدعــوانــنــا إلــى شيء من التواضع والرجوع إلى الأسئلة الأولى: ما الوطن والمواطنة؟ ما الدولة؟ ما السياسة؟ من أين يكون البدء؟. فبأسئلة كـــهـــذه نــــعــــاود الاتّـــــصـــــال بـــتـــاريـــخ جـــمّـــده مـزيـج الطغيان الأمــنــيّ والـتـرهّـل الفكريّ والـثـقـافـيّ. أمّـــا مــع الــقــوى المـتـرسّـبـة على اختلافها، بالمتصارع منها والمتحالف، فلا ينتصر واحدنا مع مَن ينتصرون ولا ينهزم مع من ينهزمون. OPINION الرأي 12 Issue 16808 - العدد Wednesday - 4/12/2024 الأربعاء الصراع فيسوريا وحولسوريا حرب تلد أخرى ... أن تكون مع لا أحد! وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com
[email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني:
[email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني:
[email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email:
[email protected] srmg.com حازم صاغيّة ناصيفحتي جمعة بوكليب
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky