issue16806

Issue 16806 - العدد Monday - 2024/12/2 الاثنين الإعلام 17 MEDIA د. ياسر عبد العزيز «قد يؤثر الإعلام في مجريات الحروب والصراعات ويربكصانع القرار والمقاتلين والجمهور والمراقبين» ترند ترمب وماسك... و«الميديا قراطيا» الجديدة إذا اتفقنا على أن الإعلام عامل جوهري، ولاعب أساسي، في الحملات الانتخابية والدعاية السياسية، وإذا قبلنا فكرة أن له تأثيراً واضحاً وقادراً على الحسم أحياناً، في التنافس السياسي، فسيكون من السهل أن نتفهم فكرة «الميديا قراطيا» .)Mediacracy( فما هي «الميديا قراطيا»؟ لـقـد ظـهـر مصطلح «المـيـديـا قـراطـيـا» لـلـمـرة الأولــــى عـام ، عندما أصــدر الكاتب الأمـيـركـي كيفين فيليبس كتاباً 1974 بـعـنـوان: «المـيـديـا قـراطـيـا: الأحـــزاب والسياسة الأميركية في عصر الاتـــصـــالات»، ومـنـذ ذلــك الـيـوم يُستخدم المصطلح في مراكز البحث والــدوريــات الرصينة لـإشـارة إلـى نمط الحكم الذي يعتمد على الإعلام بصورة أساسية في صيانة وجوده، وحماية مصالحه، وتحقيق أهدافه. يـمـكـن تـعـريـف «المــيــديــا قــراطــيــا» بـبـسـاطـة بـأنـهـا «حكم الميديا ووسائلها»، أو هي «الحكم غير المباشر بوسائل الإعلام الجماهيرية، في ظل تغييب المعايير الديمقراطية أو ضعفها، وهـي نظام يتوقف فيه الساسة ورجـــال السلطة عـن التفكير في البدائل والسياسات الناجعة، ويكتفون باستخدام وسائل الإعــــ م لـكـي تــؤمــن لـهـم الشعبية الـــ زمـــة، وتُـضـفـي شرعية على حكمهم، أو تقودهم إلى النجاح في الانتخابات العامة، وتصور للجمهور عالماً زائفاً من الفاعلية والثقة والإنجاز». ويـــقـــول مـــاركـــوس شــمــيــت، مـــســـؤول الاتـــصـــال فـــي حــزب «الـبـديـل» الألمــانــي، وهــو حــزب «شـعـبـوي» يستخدم شعارات نـــازيـــة أحـــيـــانـــ ، إن حــزبــه لـــم يــكــن لـيـنـجـح بــهــذه الــســرعــة في التمركز في الحياة السياسية الألمانية، وتحقيق الاختراقات في الانتخابات العامة، من دون «فيسبوك»، وهو أمر مشابه لما عن 2017 كان الرئيس الأميركي المُنتخب دونالد ترمب قاله في دور «تويتر» («إكـس» لاحقاً) في حمله إلى سدة الرئاسة في .)2021 - 2017( الولايات المتحدة، في ولايته الأولى ، عاد لينتصر 2020 لكن ترمب، الذي أخفق في انتخابات من جديد في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وفي هذه المرة، فإن ظهيره الإعلامي الأبرز، وداعمه الأساسي، تمثل في منصة «إكـس»، التي سخّرها حليفه إيلون ماسك، منذ اشتراها في ، لكي يدعم حظوظه ويؤّمن فوزه. 2022 وفي تعليقه الاحتفالي بـ«النصر العارم»، حرص ماسك عـلـى إخــبــارنــا بـفـكـرتـ أســاســيــتــ ؛ أولاهـــمـــا أن «المستقبل سيكون مُذهلاً»، وتلك الفكرة بالذات حرص على أن يوضحها فـــي تــدويــنــة أرفـــــق بــهــا صـــــورة صــــــاروخ صـــاعـــد، أمــــا الـفـكـرة الثانية، فجسّدها بقوله: «لقد كانت حقيقة هذه الانتخابات جلية للعيان على (إكس)، ففي حين ظل الإعلام السائد يكذب باستمرار على عامة الناس... أنتم الإعلام اليوم». يحق لماسك أن ينتشي بما حققه فـي هـذه الانتخابات، ويــحــق لـــه أن يـحـتـفـل أيــضــ بـبـلـوغ الــبــرهــان عـلـى أن خطته «المُثيرة للجدل» للاستحواذ على «تويتر» - في صفقة عدّها الــبــعــض جــامــحــة وغـــيـــر مــــدروســــة - حـقـقـت الـــنـــجـــاح الـــــ زم، خـصـوصـ بـعـدمـا حظيت المـنـصـة الـتـي صـــار اسـمـهـا «إكـــس» بأكبر قدر من التفاعلات المتعلقة بالانتخابات المثيرة الفائتة. ففضلاً عن بلوغ عـدد المنشورات التي بُثت عبر «إكـس» 2.2 حــول تلك الانـتـخـابـات مـا يـقـارب المـلـيـار مـنـشـور، ونـحـو مليون ساعة مشاهدة أو استماع لفعاليات انتخابية مباشرة، فإن عدد مستخدمي المنصة يوم الانتخابات نفسه زاد بنسبة في المائة. 15.5 فـهـل هـنـاك أخــبــار سيئة يمكن أن تـزعـج مـاسـك فــي هـذا المضمار إذن؟ الإجابة: على الأرجح لا. ألــــف مــســتــخــدم مـــن المـنـصـة 115 فـــرغـــم انـــســـحـــاب نــحــو اعتراضاً على «انحيازها الشعبوي»، وتسخيرها لمناصرة تــرمــب، بـكـل مــا يعنيه هـــذا الأخــيــر مــن مــعــانٍ سلبية لـنُـقـاده وخـصـومـه، ورغـــم تجميد مـؤسـسـات إعـ مـيـة مـرمـوقـة؛ مثل «الـــغـــارديـــان»، حـسـابـاتـهـا عـلـى «إكـــــس»، بــداعــي أنــهــا دعمت «أفكاراً عنصرية، وروّجت لنظرية المؤامرة»، فإن تلك الخسائر تبدو هامشية، وغير قادرة على زعزعة «اليقين» فيما تحقق من «نجاح». وكـــمـــا أدركــــنــــا أن تـــرمـــب وجــــد طــريــقــة نــاجــعــة لتحقيق الاختراق في المجالين الإعلامي والدعائي، سواء عبر منصته الـخـاصـة «تــــروث ســوشــيــال» مـــحـــدودة الـتـأثـيـر، أو مــن خـ ل منصة حليفه ماسك النافذة والفاعلة، فقد أدركنا أيضاً أن هذا الأخير صعد إلى عالم السياسة، ليتمركز في أفضل مفاصله، عبر الباب الكبير الواسع... «منصات التواصل الاجتماعي». وبالنظر إلـى أن كـً من الرجلين أتـى من خـارج الـدولاب الـــســـيـــاســـي الـــتـــقـــلـــيـــدي فــــي الــــبــــ د، وبـــــ جــــــذور فــــي الـــدولـــة والسياسة «العميقتين»، وبلا حلفاء بارزين في عالم الإعلام المؤسسي، أو «الميديا التقليدية»، فنحن بصدد روافع إعلامية جــــديــــدة، ســـتُـــدشـــن عــلــى الأرجــــــح عـــصـــراً جــــديــــداً، أو «مـيـديـا قراطيا» جديدة. وفــي تلك «المـيـديـا قـراطـيـا» الـجـديـدة، سيكون المستقبل «مُذهلاً»، كما قال ماسك تماماً، وستكون جحافل المستخدمين الــشــرهــ لــأفــكــار الـيـمـيـنـيـة المُــتــطــرفــة، ونــظــريــات المـــؤامـــرة، وخـــطـــاب الـــكـــراهـــيـــة، والـــنـــزعـــات الــشــعــبــويــة، لاعـــبـــ أسـاسـيـ ومُحركاً فاعلاً... وهو أمر يطرح مخاطر كبيرة. تساؤلات بشأنسياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذفمليونيحساب أثـــار قـــرار شـركـة «مـيـتـا» بـحـذف أكـثـر من مــلــيــونَــي حـــســـاب عــلــى مــنــصــات «فــيــســبــوك»، و«إنـــســـتـــغـــرام»، و«واتــــــســــــاب»، خــــ ل الأشــهــر المــاضــيــة، تـــســـاؤلات بــشــأن ســيــاســات الـشـركـة حول حماية بيانات المستخدمين، لا سيما أن القائمين على القرار برّروا الخطوة بأنها جاءت بـهـدف «مـواجـهـة عمليات الاحـتـيـال الرقمي». ووفــــق خــبــراء تــحــدّثــوا مــع «الـــشـــرق الأوســــط» فإن «الخطوة تعد تطوراً في سياسات (ميتا) لحماية البيانات». «مـــيـــتـــا» ذكــــــرت، فـــي تــقــريــر صــــدر نـهـايـة نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن السببوراء حــذف الحسابات هـو «رصــد عمليات احتيال رقــمــي كــانــت قــد قــامــت بـهـا تـلـك الـحـسـابـات». ويُعدّ هذا التقرير الأول الذي تكشف من خلاله «ميتا» عن تفاصيل استراتيجيتها للتصدي لـأنـشـطـة الاحـتـيـالـيـة الــعــابــرة لــلــحــدود. وعــدّ مراقبون هـذه الخطوة تعزيزاً لاتباع سياسة واضحة تجاه أي اختراق لحماية المستخدمين. وكـتـبـت الـشـركـة عـبـر مـدونـتـهـا «لا مـكـان على (فـــيـــســـبـــوك) أو (إنــــســــتــــغــــرام) أو (واتـــــســـــاب) للمجموعات أو الأفراد الذين يروّجون للعنف، والإرهاب، أو الجريمة المنظمة، أو الكراهية». هيفاء البنا، الصحافية اللبنانية والمدرّبة في الإعـ م ومواقع التواصل، رأت في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «ميتا» تعمل على تحديث أدواتها لحماية المستخدمين. وأضافت: «تركز سياسات (ميتا) على الحدّ من الجريمة المنظمة )AI( عبر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي المـتـطـورة، وتعمل هــذه التقنيات على تحليل الــنــشــاطــات المُــريــبــة عـلـى المــنــصــات واكـتـشـاف المحتويات المرتبطة بالجريمة المنظمة». ووفــق البنا فـإن «(ميتا) تُـراجـع وتحدّث ســـيـــاســـاتـــهـــا بــشــكــل دوري، كــــي تـــتـــفـــادى أي تهديدات تلاحق المستخدمين، وكانت الشركة ) المنتشرة Servers( قد أوضحت أن خوادمها الــ في الـدول يتم تحديثها بشكل دوري؛ لضمان مواكبة أي تغييرات، ولضمان بيئة أكثر أماناً لمستخدمي منصاتها حول العالم». وأردفت: «التزاماً بلائحة حماية البيانات الـعـامـة، تتعامل (ميتا) مـع الأشـخـاص الذين تُحلّل بياناتهم عبر رموز مشفّرة، وليس عبر أسمائهم الحقيقية، مـا يضمن الـحـفـاظ على خصوصياتهم»، مشيرة إلى أن حماية بيانات المستخدمين لا تتوقف على «ميتا» فقط. إذ شــــدّدت الإعــ مــيــة والمـــدرّبـــة اللبنانية على تدابير يجب أن يتخذها المستخدم نفسه لـحـمـايـة بــيــانــاتــه، إذ تــوصــي مــثــً «بتفعيل Two-Factor / خــاصــيــة (الــتــحــقــق بــخــطــوتــ )؛ لـضـمـان أمــــان الـحـسـابـات، Authentication ويــــمــــكــــن أيـــــضـــــ اســـــتـــــخـــــدام تـــطـــبـــيـــقـــات مــثــل )، الـتـي تــولّــد رمـــوزاً Google Authentication( سـريـة تُـسـتـخـدم لـلـدخـول والـتـحـقـق مــن هوية المـــســـتـــخـــدم، وكــــــذا يــمــكــن اســـتـــخـــدام خـاصـيـة الإبلاغ التي توفّرها (ميتا) بسرية تامة، حيث يصار إلى التعامل مع هذه البلاغات من خلال فـرق مختصة أو تقنيات الـذكـاء الاصطناعي؛ لضمان بيئة آمنة للجميع». مـــعــتـــز نــــــــادي، المـــــــــدرّب المـــتـــخـــصـــص فـي الإعـــ م الـرقـمـي، عــدّ خــ ل حـــوار مـع «الـشـرق الأوســـط» تحرّكات «ميتا» الأخـيـرة انعكاساً لــــ«تـــفـــاقـــم مـشـكـلـة الاحـــتـــيـــال عــبــر الإنــتــرنــت وزيــــادة الـتـهـديـدات السيبرانية الـتـي تواجه المـسـتـخـدمـ ». ورأى أن «تــحــديــات (مـيـتـا)» تـــصـــطـــدم بـــتـــطـــور الاحــــتــــيــــال، وازديـــــــــاد عـــدد المـــســـتـــخـــدمـــ بـــمـــا يـــتـــجـــاوز نـــحـــو مـــلـــيـــارَي مــســتــخــدم، وتــشــديــد الـــرقـــابـــة الــرقــمــيــة الـتـي تـــضـــعـــهـــا فــــــي مـــــرمـــــى نــــــيــــــران الانــــــتــــــقــــــادات، خـصـوصـ مــع انـتـقـاد خـوارزمـيـاتـهـا الكثير مـن الأحـــداث السياسية التي شهدها العالم أخيراً. وحـــول جـديـة «مـيـتـا» فـي حماية بيانات المـسـتـخـدمـ ، قـــال مـعـتـز نـــــادي: «بــنــظــرة إلـى المــســتــقــبــل، ســـيـــكـــون الأمـــــــان الـــرقـــمـــي بـحـاجـة إلــى مــجــاراة الـتـطـور مـن حيث تقنيات الـذكـاء الاصطناعي، والعمل على تثقيف المستخدمين عبر وسائل الإعلام والمنصات الرقمية لمنع أي اختراق لخصوصياتهم». القاهرة: إيمان مبروك من خلال تدريب الصحافيين على البحث عن الخلافات والحروب الموازية التي لا تقاوم كيف يؤطّر الإعلام المعاركويتلاعب بسردياتها؟ ســـواء فــي الــحــرب الــروســيــة - الأوكــرانــيــة، أو الحروب المشتعلة في الشرق الأوسط راهناً، لعب الإعلام دوراً مثيراً للجدل، وسط اتهامات بتأطير مخاتل للصراعات، وصناعة سرديات وهمية. هذا الدور ليس بجديد على الإعلام، حيث وثّقته ورصـدتـه دراســـات دولـيـة عــدة، «فلطالما كانت لوسائل الإعــ م علاقة خاصة بالحروب والـصـراعـات، ويـرجـع ذلـك إلـى مـا تكتسبه تلك الحروب من قيمة إخبارية بسبب آثارها الأمنية على الجمهور»، حسب دراسـة نشرتها جامعة .2000 كولومبيا الأميركية عام الــــدراســــة أوضـــحـــت أن «الــــصــــراع بـمـثـابـة الأدريــنــالــ فــي وســائــل الإعـــــ م. ويـتـم تـدريـب الصحافيين على البحث عن الخلافات والعثور عـــلـــى الــــحــــرب الــــتــــي لا تـــــقـــــاوم. وإذا صـــادفـــت وكــانــت الــحــرب مـرتـبـطـة بــهــم، يــــزداد الـحـمـاس لتغطيتها». لـــكـــنّ الأمـــــر لا يـتـعـلـق فــقــط بـــــدور وســائــل الإعلام في نقل ما يدور من أحداث على الأرض، بــل بـتـرويـج وســائــل الإعــــ م لـــروايـــات بعضها مـضـلّـل، مـمـا «قـــد يــؤثــر فــي مـجـريـات الــحــروب والـــصـــراعـــات ويـــربـــك صــانــع الـــقـــرار والمـقـاتـلـ والجمهور والمراقبين»، حسب خبراء وإعلاميين تــحــدثــوا مــع «الـــشـــرق الأوســــــط»، وأشــــــاروا إلـى أن «الإعـــ م فـي زمـن الـحـروب يتخندق لصالح جهات معينة، ويحاول صناعة رموز والترويج لانتصارات وهمية». حـــقـــ «تـــلـــعـــب وســـــائـــــل الإعـــــــــ م دوراً فـي الصراعات والــحــروب»، وفـق الباحث الإعلامي الأمــــيــــركــــي، رئـــيـــس ومــــؤســــس «مــــركــــز الإعـــــ م ومــبــادرات الـسـ م» فـي نـيـويـورك، يوشنا إكـو، الــــــذي قـــــال إن «الـــقـــلـــم أقــــــوى مــــن الـــســـيـــف، مـمـا يعني أن الـسـرد حــول الـحـروب يمكن أن يحدد النتيجة». وأشـار إلى أن قوة الإعـ م هي الدافع وراء الاســتــثــمــار فـــي حــــرب المــعــلــومــات والـــدعـــايـــة»، ضــاربــ المـثـل بـــ«الــغــزو الأمـيـركـي لـلـعـراق الــذي استطاعت إدارة الرئيس الأسبق جــورج بوش تــســويــقــه لــــلــــرأي الــــعــــام الأمـــيـــركـــي بــاســتــخــدام وسائل الإعلام». وأضــــــاف إكــــو أن «وســــائــــل الإعــــــ م عــــادةً مــــا تُـــســـتـــخـــدم لـــلـــتـــ عـــب بــــســــرديــــات الــــحــــروب والـــصـــراعـــات لـلـتـأثـيـر فـــي الـــــرأي الـــعـــام ودفـعـه لــتــبــنــي آراء وتـــوجـــهـــات مـــعـــيـــنـــة»، مـــشـــيـــراً فـي هـــذا الــصــدد إلـــى «اســتــخــدام الـرئـيـس الــروســي فلاديمير بوتين وسائل الإعلام لتأطير الحرب ضـــد أوكـــرانـــيـــا، وتــصــويــرهــا عـلـى أنــهــا عملية عسكرية وليست حرباً». لــكــنّ «الـــصـــورة لـيـسـت قـاتـمـة تـمـامـ ، ففي أحـــــيـــــان أخــــــــرى تـــلـــعـــب وســـــائـــــل الإعـــــــــ م دوراً مناقضاً»، حسب إكو، الذي يشير هنا إلى دور الإعــــ م «فـــي تـشـويـه سمعة الــحــرب الأمـيـركـيـة فـــي فـيـتـنـام مـمـا أجــبــر إدارة الــرئــيــس الأسـبـق ريــتــشــارد نـيـكـسـون عـلـى الاعـــتـــراف بـالـخـسـارة ووقف الحرب». وبـدايـة نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عُـــقـــدت الــحــلــقــة الـــدراســـيـــة الإعـــ مـــيـــة الــدولــيــة الثلاثية للمم المتحدة حول السلام في الشرق الأوسـط بجنيف، لبحث التحديات في متابعة «حـــرب غـــزة». وأشــــارت المـنـاقـشـات إلــى «تأطير الإعــ م إسرائيل على أنها بطل للرواية، حيث تكون إسرائيل هي الأخيار وفلسطين وحماس الأشـــــرار»، ولفتت المـنـاقـشـات إلــى أزمـــة مماثلة خــــ ل تـغـطـيـة الـــحـــرب الـــروســـيـــة - الأوكـــرانـــيـــة. وقــــالــــت: «مـــــن شـــــأن الـــعـــنـــاويـــن الــرئــيــســيــة فـي التغطية الإعلامية أن تترك المـرء مرتبكاً بشأن الــــوضــــع الـــحـــقـــيـــقـــي عـــلـــى الأرض، فــــ ســيــاق للحداث». وهـــــنـــــا، يـــشـــيـــر مــــديــــر ومـــــؤســـــس «مــــركــــز صـــحـــافـــة الــــســــ م الـــعـــالمـــيـــة» وأســـــتـــــاذ الإعـــــ م ودراســـــــات الـــســـ م فـــي جــامــعــة بــــــارك، ستيفن يـونـغـبـلـود، إلـــى أن «الـصـحـافـيـ يُـدفـعـون في أوقـــــات الـــحـــروب إلـــى أقــصــى حـــدودهـــم المهنية والأخلاقية». وقال: «في هذه الأوقات، من المفيد أن يتراجع الصحافي قليلاً ويأخذ نفساً عميقاً ويتمعن في كيفية تغطية الأحــداث، والعواقب المـتـرتـبـة عـلـى ذلــــك»، لافـتـ فــي هـــذا الــصــدد إلـى «صحافة السلام بوصفها وسيلة قيمة للتأمل الـــذاتـــي». وأضــــاف أن «الإعـــــ م يـلـعـب دوراً في تأطير الحروب عبر اعتماد مصطلحات معينة لـــوصـــف الأحــــــداث وإغـــفـــال أخــــــرى، واســتــخــدام صـــور وعـنـاويـن معينة تـخـدم فــي الــعــادة أحـد طرفي الصراع». وتـحـدث يونغبلود عـن «التباين الصارخ فــــي الـــتـــغـــطـــيـــة بــــ وســــائــــل الإعــــــــ م الــغــربــيــة والــروســيــة بـشـأن الــحــرب فــي أوكــرانــيــا»، وقــال إن «هــــذا الـتـبـايـن وحــــرص مـوسـكـو عـلـى نشر سـرديـتـهـا عـلـى الأقــــل فــي الـــداخـــل هــو مــا يبرر في المائة من الروس للحرب». 58 تأييد نحو أمـــــا عـــلـــى صــعــيــد «حــــــرب غــــــــزة»، فـيـشـيـر يـونـغـبـلـود إلــــى أن «أحــــد الأســئــلــة الــتــي كـانـت مطروحة للنقاش الإعلامي في وقت من الأوقات كـانـت تتعلق بتسمية الــصــراع هــل هــو (حــرب إسرائيل وغزة) أم (حرب إسرائيل وحماس)؟». وقــــال: «أعـتـقـد أن الـخـيـار الأخــيــر أفـضـل وأكـثـر دقة». ويـعـود جـزء مـن الـسـرديـات التي تروجها وسائل الإعلام في زمن الحروب إلى ما تفرضه الــســلــطــات عـلـيـهـا مـــن قـــيـــود. وهــــو مـــا رصــدتــه مــؤســســة «مـــراســـلـــون بـــ حـــــــدود»، فـــي تـقـريـر نشرته أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أشارت فيه إلى «ممارسة إسرائيل تعتيماً إعلامياً على قطاع غزة، عبر استهداف الصحافيين وتدمير غــــرف الأخــــبــــار، وقـــطـــع الإنـــتـــرنـــت والـــكـــهـــربـــاء، وحظر الصحافة الأجنبية». الــــــصــــــحــــــافــــــي وعـــــــضـــــــو مـــــجـــــلـــــس نــــقــــابــــة الصحافيين الأردنــيــ ، خالد القضاة، يـرى أن «الـــدول والمنظمات الـتـي تسعى لـفـرض الإرادة بقوة السلاح، عادةً ما تبدأ حروبها بالإعلام». وأوضح أن «الإعلام يُستخدم لتبرير الخطوات المقبلة عبر تقديم ســرديــات إمــا مـشـوّهـة وإمـا مجتزَأة لمنح الشرعية للحرب». وقــــــال: «فــــي كـثـيـر مـــن الأحـــيـــان تُـسـتـخـدم وسائل الإعلام للتلاعب بالحقائق والشخوص وشيطنة الـطـرف الآخـــر وإبــعــاده عـن حاضنته الشعبية»، وأشــار إلـى أن ذلـك «يكون من خلال تبني ســرديــات معينة والـعـبـث بالمصطلحات باستخدام كلمة عنف بدلاً من مقاومة، وأرض متنازع عليها بدلاً من محتلة». وأضــــــــاف الـــقـــضـــاة أن «تـــأطـــيـــر الأحـــــــداث يجري أيضاً من خلال إسباغ سمات من قبيل: إرهــــابــــي، وعـــــدو الإنـــســـانـــيـــة، عــلــى أحــــد طــرفَــي الــصــراع، ووســـم الآخـــر بـــ: الإصــ حــي، والمـدافـع عن الحرية، كل ذلك يترافق مع استخدام صور وعناوين معينة تُسهم في مزيد من التأطير»، مـوضـحـ أن «هـــذا الـتـ عـب والـعـبـث بـسـرديـات الحروب والصراعات من شأنه إربـاك الجمهور والــرأي العام وربما التأثير في قــرارات المعارك ونتائجها». منازل ومبانٍ مدمّرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة (إ.ب.أ) القاهرة: محمد عجم ستيفن يونغبلود خالد القضاة

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky