issue16806
علوم SCIENCES 16 Issue 16806 - العدد Monday - 2024/12/2 الاثنين الصمود يتطلّب التغلّب على أكبر تحديات الحياة وسائل لتجاوز المحن والنكبات 9 المـــرونـــة والـــصـــمـــود أكـــذوبـــتـــان، فــــإن كــان الحديد يتمتع بالقدرة على الارتداد فإن البشر لا يـتـمـتـعـون بـــهـــذه الــــقــــدرة. ولـــــذا فــــإن عليهم الــتــكــيّــف مــــع واقــــــع مــتــغــيّــر. لـــذلـــك يــجــب عـلـى الإنـــســـان الــبــحــث لـلـعـثـور عــلــى نـــمـــوذج ومـثـل أعلى أولاً، ثم النظر في ثماني نصائح أخرى مستقاة من أحدث بحث في العلوم العصبية. تجربة مريرة لطبيب نفسي مــــن بــــن أمــــــور مـــمـــيّـــزة كـــثـــيـــرة صـاحـبـت المـــســـيـــرة المــهــنــيــة لــلــطــبــيــب الــنــفــســي ديـنـيـس تـــشـــارنـــي، الـــبـــاحـــث لمــــدة طــويــلــة فـــي مــجــالات الاكتئاب، وكرب ما بعد الصدمة، وعميد كلية طـب «مـاونـت سيناي» فـي نـيـويـورك، ورئيس المركز الطبي بها؛ يصعب التعرّف إلى معرفة خمس عشرة سنة من سيرته الذاتية إطلاقاً. أغــســطــس (آب) عــام 29 فـــي صـــبـــاح يــــوم ، وفـــي أثــنــاء وجــــوده فــي ســاحــة انـتـظـار 2016 لمتجر في إحدى الضواحي التي توقف عندها لــشــراء خـبـز «بـيـغـل» بــالــزبــدة وقــهــوة مثلجة، ليتمكّن من القيادة لمدة ساعة إلى محل عمله؛ أطــلــق أحــــد الــبــاحــثــن فـــي المـــركـــز الــطــبــي -كـــان قـد طُـــرد منه منذ سبع سـنـوات بسبب عملية 15 احــتــيــال تـتـعـلّـق بـبـيـانـات الأبـــحـــاث- أطــلــق رصاصة في صدر تشارني؛ مما أدّى إلى ثقب فــي إحـــدى رئـتـيـه، وكـسـر ضـلـع لـــه، وتعريض كبده للخطر، لكن دون أن يمسّ القلب أي ضرر. أدى هـــذا الـهـجـوم إلـــى بـقـاء تـشـارنـي في وحــــدة الـعـنـايـة المـــركـــزة لمـــدة أســـبـــوع، ومــــروره بتجربة تتسم بأكبر قدر من الفردية. الصمود: التغلّبعلى التحديات وبهدف اختبار الموضوع الذي خصّصله كامل حياته المهنية، وهو كيفية استعادة المرء القدرة على العمل والعيش بعد المرور بتجربة مــدمّــرة مـمـزّقـة، شـــرع تـشـارنـي بــالاشــتــراك مع زميل لـه، في تأليف كتاب عن المـوضـوع، وهو كتاب «الصمود: علم التغلّب على أكبر تحديات Resilience: The Science of Mastering( » الحياة )، ثـــم كـــان عليه Life’s Greatest Challenges معايشة الأحداث بسبب مرضه. من واقع أبحاث وتجربة تشارني وغيره، هـنـاك تــوافــق مـتـزايـد عـلـى مــا تتطلّبه النجاة مــن الإهـــانـــات الـكـبـيـرة والـصـغـيـرة الــتــي تلقي بها الحياة في طريقنا، سـواء كان ذلك طفولة تـضـمّـنـت مــعــانــاة مـــن الـتـمـيـيـز الــعــنــصــري، أو فقراً وحرماناً، أو خيانة من شخص حميم، أو حادثاً تسبّب في إعاقة، أو زلزالاً، أو موت رفيق بي ذراعيك، أو هجوماً مباشراً على حياتك. كل تلك الإهانات قادرة على سحق النظام (الخاص بحياتك)، والضغط عليه حتى نقطة الانهيار، وتحطيم الشعور بالأمان الذي يسمح لـلــعــقــل والـــجـــســـد بــــــالازدهــــــار، وكــــذلــــك زعـــزعـــة اسـتـقـرار الـــدوائـــر العصبية الـتـي تـمـد الحياة اليومية بالطاقة، وهو ما يؤثر فيما نلاحظه ونــنــتــبــه لــــه، ودرجــــــة سـيـطـرتـنـا عــلــى الأفـــكـــار والمـــشـــاعـــر والمــــــخــــــاوف، وشـــعـــورنـــا بـــذواتـــنـــا، وقدرتنا على الحفاظ على الهدوء الداخلي. قدرات الارتداد المعاكس كــــل ذلـــــك قــــــادر عـــلـــى وضـــــع الــــنــــاس عـلـى طريق الاضـطـرابـات العقلية والجسدية، ومن جهة أخـرى: ربما لا. فكل ذلك أيضاً قـادر على إجــبــارنــا عـلـى إعـــــادة رســـم عـ قـتـنـا بأنفسنا وبـالـحـيـاة، وجعلنا نشعر بـقـوة أكـبـر مـن ذي قبل. )، هي Resilience الـصـمـود (بـالـ تـيـنـيـة ،)re( » كلمة مشتقة من المقطعي اللاتينيي «ري )، التي تعني معاً «الارتداد»، salire( » و«سالير أي البدء من جديد، واستعادة التوازن والحالة الطبيعية بعد الصدمات. إنها الرؤية السائدة لكيفية تجاوز الناس للمحن والشدائد. مع ذلك إنها تبدو أكذوبة، فالناس لا يستطيعون فعل ذلك، بل يتغيّرون بلا استثناء بفعل التجربة. على الأقـــل، تنقطع الــوصــ ت العصبية، مــا يُـعـيـد تـرتـيـب خـطـوط الـتـواصـل بــن مـراكـز الـتـحـكـم فـــي المـــــخ. وهـــنـــا عــلــى الـــنـــاس إصـــ ح الـــــطـــــرق المــــعــــدلــــة (الـــــجـــــديـــــدة) الــــتــــي عـــــــادة مـا دُفـعـوا باتجاهها، مـن أجــل التفكير والشعور والــــتــــصــــرف؛ بــحــيــث يــتــمــكّــنــون مــــن مــواصــلــة الحياة في الواقع الجديد لبيئتهم، وذلك بعد قبول ذلك الواقع. مـــــــا الـــــــــــذي يــــــــعــــــــودون إلــــــيــــــه إذا كـــــانـــــوا مـحـظـوظـن؟ إنـهـا حـالـة الاتـــــزان، لكنها تكون مختلفة عن سابقتها. القدرة على التكيّف إن الـصـمـود فـي جـوهـره هـو الـقـدرة على التكيّف، وتحديث أنفسنا، والتكيّف مع ظروف جـديـدة بعد أن هدمت تـجـارب مفاجئة، وغير مـرغـوب فيها بـأوجـه مختلفة، وسـائـل أماننا الـــقـــديـــمـــة. إنـــهـــا قــــــدرة ضــــروريــــة عـــلـــى إنـــشـــاء الخيمة البشرية في عالم متحرك بشكل كبير، ومن غير الممكن توقعه في كثير من الأحوال. ويـــــقـــــول تـــــشـــــارنـــــي: «لا يـــعـــنـــي ذلـــــــك ألا يعاني الناس من أعــراض أو مشكلات، لكنهم يـتـجـاوزونـهـا. وفــي كثير مـن الــحــالات ينمون ويزدهرون». نــحــن نـــدخـــل الـــعـــالـــم بـــقـــدرة مـعـيـنـة على الــــصــــمــــود، وأعــــصــــابــــنــــا مـــصـــمـــمـــة لـــتـــتـــكـــيّـــف، وقـــدرتـــهـــا عــلــى الاتـــصـــال بـعـضـهـا مـــع بـعـض، وقــــــوة تـــلـــك الاتـــــصـــــالات تــســتــجــيــب لـلـتـجـربـة والتدريب والممارسة على الأقل إلى درجة ما. يـــتـــمـــثّـــل الـــــجـــــزء الــــصــــعــــب فـــــي الـــحـــفـــاظ عــلــى عــمــل الـــوظـــائـــف الإدراكـــــيـــــة فـــي مــواجــهــة فــــرط الإثـــــــارة الــعــاطــفــيــة الـــــذي يـــحـــدث نتيجة الاضـــطـــرابـــات الـنـاجـمـة عـــن المــحــن والــشــدائــد. في النهاية نحن بحاجة إلى قدراتنا الإدراكية لاكتشاف كيفية اجتياز ظروف الحياة المتغيّرة والإبــحــار فيها، رغــم أن الـصـدمـة الناجمة عن الـشـدائـد تميل إلــى الهيمنة عليها عبر دائــرة الإنــذار، التي تصبح في وضع رصد للتهديد، وتزيد سرعة ما يراه الباحثون في الأشعة التي يتم إجراؤها على المخ، مثل إشارات صادرة من شبكة بـــروز تتسم بـفـرط التيقظ تهيمن على شبكة تنفيذية مركزية. تجاوز المحن وسمات الصمود مع ذلك فإن المشكلة الكامنة في الصمود هـــي أنـــهـــا تـــبـــدو بـشـكـل مـــريـــب مــثــل مـجـمـوعـة منظمة مرتبة من السمات الروحانية التي إما أن يمتلكها المرء وإما لا. وفي أعقاب أي كارثة، من السهل أن تشعر أنك لا تمتلك تلك السمات. اســتــغــرق الــبــاحــثــون عـــقـــوداً مـــن الـسـنـن لاكتشاف أن تجاوز الشدائد والمحن هو عملية نشطة للغاية، وأحياناً تكون فوضوية للغاية. مـع ذلـك يحدث تحول كبير فـي التفكير؛ فــفــي الـــوقـــت الـــــذي يـــكـــون فــيــه مـــن الـــضـــروري مـعـالـجـة الاضــــطــــراب الــنــاجــم عـــن المــحــنــة حي تـحـدث، مـن الممكن التحلي بالصمود؛ بحيث يتمكّن المرء من التحكم في الاختلال والارتباك الخطير حــن يــحــدث، وهـــو أمـــر مــؤكّــد بـدرجـة كبيرة. ويقلّل التعرض المبكر لتحدي ما فرط نـــشـــاط نـــظـــام الاســـتـــجـــابـــة لــلــتــوتــر والــضــغــط النفسي؛ بحيث تكون المعاناة من الاضطراب أقل، وكذلك إدراك الفاجعة. لا تــوجــد قــــدرة أو مـلـكـة سـحـريـة واحـــدة لـــلـــصـــمـــود؛ إذ يـــحـــتـــاج الأمـــــــر إلـــــى اســـتـــخـــدام مـجـمـوعـة مــن الـــقـــدرات، والانــتــقــال مــن واحـــدة إلى أخرى، حسب ما تستدعي الحاجة من أجل إعادة ضبط أنظمة الجسم والمخ. وفـي داخــل وحــدة العناية المـركـزة تمسّك تشارني بأنشودة بروس سبرينغستي «أقوى من البقية»، وبإلهام من عنوانها أخـذ يتذكّر: «ظللت أقول لنفسي إنني سوف أكون أقوى من بقية الناس في كيفية التعافي... وصدّق أو لا تصدّق، كان تكرار ذلك لنفسي نافعاً للغاية». استراتيجيات الصمود مما لا شك فيه أن تجاوز المحن والشدائد صــراع ونـضـال على المــرء أن يكون عـازمـ على خـــوضـــه، متحلياً فـيـه بــالإيــمــان بــقــدرتــه على الــعــبــور إلــــى الــجــانــب الآخــــــر. فـيـمـا يــلــي تسع استراتيجيات للصمود يمكن أن تساعد في عبور المرء للأزمات، حسب ما يوضح البحث. اعـثـر عـلـى مـثـل أعــلــى. دائــمــ مــا تكون > معرفة أن شخصاً آخـر قد مـرّ بالتحدي نفسه الــــذي مــــررت بـــه أمــــراً يـبـعـث عــلــى الـطـمـأنـيـنـة؛ حيث يهدّئ ذلـك من وطـأة الشعور بالاغتراب الذي تثيره المصاعب. وما يفيد أكثر هو معرفة أن هـؤلاء الأشخاص قد اجـتـازوا المحنة، وكذا معرفة كيفية قيامهم بذلك. ســــواء كـــان هــــؤلاء الـــنـــاس بــشــراً مـــن لحم ودم، أو أشخاصاً في سير حياة، أو شخصيات خـيـالـيـة، تـــقـــدّم الــنــمــاذج دلـــيـــً مـلـمـوسـ على إمكانية اجتياز المحن والفواجع، وكذا الإلهام لفعل ذلك. مــن الـحـقـائـق البديهية المــقــررة للنفسية البشرية أنـه نـــادراً مـا نـحـاول فعل مـا لا نؤمن بـقـدرتـنـا عـلـى فـعـلـه. لـــذا فـــإن الــنــمــاذج والمـثـل العليا مهمة للغاية؛ لأنها تقدّم إلينا خريطة طريق توضح كيفية اجتياز ما نواجهه، على حد قول تشارني. اطلب وامنح: الدعم الاجتماعي. نظراً > إلــــى أن الـــنـــظـــام الـــبـــشـــري قـــائـــم عــلــى الاتـــصـــال الاجتماعي، يتدهور الأفراد عقلياً ونفسياً في غيابه. ويقرّ أي دليل جزئي يتضمّن الوسائل التي يعزّز بها الاتصال الاجتماعي الإيجابي الــــســــ مــــة والــــصــــحــــة، بــــأنــــه واحـــــــد مـــــن أقـــــوى المحركات الإنسانية؛ حيث يدعم تقدير الذات، ويعزّز المناعة، ويخفّض ضغط الدم، ويساعد القلب. واجه محنتك واجه محنتك. يُعد الهروب من المواجهة > ســـمـــة مـــمـــيـــزة لاضــــطــــرابــــات الـــقـــلـــق. ولـــ ســـف يمنع تـفـادي مـواقـف متصلة بتجربة محزنة ومفجعة الـتـعـافـي، ويــحــول دون حــدوثــه. إنـه شكل من أشكال الهزيمة، فالخوف من المخاطر الذي تنتج إشاراته من اللوزة الدماغية المثيرة للمخاوف، يتحكّم فيما تفعله، بـل خصوصاً فيما لا تفعله. تــضــخــم صـــــور وأشــــكــــال الـــتـــفـــادي حــالــة الــخــوف، وتــشــوّش الـــدمـــاغ، وتمنعه مــن تعلم التمييز بي التهديد والخطر الماضي السابق، والخطر الحاضر الحالي. ومـع عـدم الاتصال بـــالـــفـــص الأمــــامــــي لـــلـــدمـــاغ بــفــعــل المــســتــويــات المرتفعة من «النورابينفرين»، تضعف القدرة على تقييم المـواقـف بشكل عقلاني، والتوصل إلى طريقة للتكيّف، والمضي قدماً. قـــم بـــأمـــور صــعــبــة. الـــتـــعـــرّض المـتـعـمـد > لمـــواقـــف تـتـضـمّـن تــحــديــ كــبــيــراً فـــي الـطـفـولـة، وربـــمـــا إلـــى حـــد مـــا فـــي مـرحـلـة الــبــلــوغ؛ يـكـون تقبلاً نفسياً وبدنياً للضغوط والتوترات. ويـغـيّـر الـتـعـرّض لـظـروف صعبة بدرجة معتدلة، حسب مـا تـوضـح الـــدراســـات، المحور تحت المهادي النخامي الكظري؛ مما يكبح رد الفعل اللاحق للمحور، ويقلّل الهرمونات التي تضع النظام في وضع الخطر، ومدة تأثيرها. إنـه يخفّف من إدراك المــرء أنـه في حالة انهزام وحزن. خــــفّــــف قـــبـــضـــتـــك عـــلـــى نـــفـــســـك. الـــقـــوة > وربــــاطــــة الـــجـــأش إحـــــدى الـــطـــرق المــــؤديــــة إلــى الصمود، لكنّ هناك طريقاً آخر، وهو ما يطلق عليه اختصاصي العلوم العصبية في جامعة «ويسكونسن»، ريتشارد ديفيدسون، «المسار ). فعوضاً عن كبح مشاعر quiet path( » الهادئ الـــحـــزن، يـتـم بـنـاء مـــهـــارات الـسـ مـة النفسية، ومـــصـــادقـــة الــــــذات مـــن خــــ ل «اســتــراتــيــجــيــات الـتـصـادق». وبـعـد ذلــك حـن تـحـدث فاجعة أو محنة، وهو أمر مؤكد، فستكون عملية التعافي سريعة. هذا مهم، كما يوضح ديفيدسون؛ لأن سرعة التعافي تحمي من ترسخ القلق وحالة الاختلال العصبي. الوعي العميق والبحثعن معنى الـــــــوعـــــــي الـــــعـــــمـــــيـــــق. الــــــعــــــمــــــاد الأول > لـديـفـيـدسـون هــو الـــقـــدرة عـلـى تـركـيـز الانـتـبـاه نحو مقاومة التشتيت. ويتضمّن أيضاً ما وراء الوعي، ومعرفة ما تتطلّع إليه أذهاننا. يبدأ الأمر بقبول ما هو حاضر، وتعميق الوعي به، وهو ما يزيد من شدة الشعور بالألم لـفـتـرة زمـنـيـة، ثــم يــســرّع عملية الـتـعـافـي بعد ذلك. يصف ديفيدسون التبصر بوصفه معرفة للذات يقودها حب الاطلاع: «إنها الكيان الذي صنعناه ونطلق عليه (نفسي) أو (أنا)، ويحرر ذلــك الـنـاس مـن الـحـديـث السلبي لــلــذات، الـذي يسبّب لكثيرين الشعور بالهزيمة والاكتئاب». ابحث عـن معنى. كتب فيكتور فرنكل > فـــي «بـــحـــث الإنـــســـان عـــن مــعــنــى»: «مــــن بعض الأوجــه تنتهي المعاناة في اللحظة التي نعثر فـيـهـا عــلــى مــعــنــى. لـيـسـت الـــظـــروف هـــي الـتـي تجعل الحياة غير محتملة، بل انعدام الشعور بـغـايـة أو هــــدف، حـيـث يـبـنـي الـشـعـور بـغـايـة، والالــــتــــزام بـالـقـيـم الــتــي تـدعـمـهـا، هـيـكـل شـيء إيجابي. ويصبح دلـيـً على أن جــزءاً منك لم يتدمر بفعل المحنة أو الفاجعة». إن الغاية هي ما تدفع الناس نحو الأمام، فهي قــوة تحفيزية تعمل حتى عند مواجهة المصاعب، بل ربما بشكل خاص عند مواجهة تـلـك المـصـاعـب. وعـلـى الــرغــم مــن أنـهـا مصنّفة بــشــكــل أدنـــــى ضــمــن مـــجـــال الـــروحـــانـــيـــات فــإن لديها آثاراً حيوية على الجسم. اعـكـس وضـــع عـقـلـك. فــي جـوهـر وقلب > الـتـكـيّـف، تــوجــد الـجـاهـزيـة والاســـتـــعـــداد التي يمكن للمرء بها التنقل بانتقائية بي العمليات العقلية الـذهـنـيـة مــن أجـــل تـولـيـد اسـتـجـابـات سلوكية تلبي متطلبات موقف مـا وتتناسب مـعـه. تـتـولّـى شبكة التحكم التنفيذية عملية فـــهـــم أي مــــوقــــف، وتـــقـــيـــيـــم مــــا هــــو ضـــــــروري، واختيار الاستراتيجيات النافعة وتطبيقها، وهو أمر ضروري لإنجاز الكثير من المهام؛ لكن الأهم من ذلك قدرته على تعديل مخرج اللوزة الدماغية، المسؤولة عن إطـ ق الإنــذار بوجود مـخـاطـر وتـــهـــديـــدات، والمــشــاعــر السلبية التي تطلق تلك اللوزة عنانها. «بصمة الصمود الميكروبية» حـــافـــظ عــلــى تـــــوازن الــكــائــنــات الـدقـيـقـة > المـــتـــعـــايـــشـــة داخـــــــل جـــســـمـــك. يـــتـــم الـــنـــظـــر إلـــى الـصـمـود بــوجــه عـــام بـوصـفـه ظــاهــرة نفسية، ويــــســــتــــهــــدف أكـــــثـــــر المــــنــــاهــــج والــــــطــــــرق نــحــو الصمود، العقل. مع ذلك أوضحت أبحاث جديدة بطريقة مقنعة أن الصمود ظاهرة تشمل الجسم كله، وتـــحـــدث واحــــــدة مـــن أكـــثـــر الــعــمــلــيــات نـشـاطـ داخـــل الأمـــعـــاء. ومـــن أجـــل الـــوصـــول إلـــى دمــاغ صـــــامـــــد، فــــإنــــك بـــحـــاجـــة إلــــــى تــــأمــــن كـــائـــنـــات دقيقة صـامـدة متعايشة داخــل جسمك؛ حيث تطلق تـلـك الـكـائـنـات المـــوجـــودة داخـــل الأمـعـاء » مجموعة من المـواد الكيميائية microbiome« الحيوية التي تعمل مـن خـ ل المـحـور الأمعاء ، وتــشــكّــل الـــدوائـــر gut - brain axis - الـــدمـــاغ الـعـصـبـيـة الـكـهـربـائـيـة لــلــمــخ، وتـــحـــدد كيفية عملها وأدائها للوظائف. وقــــــــد اكــــتــــشــــف بـــــاحـــــثـــــون فــــــي جـــامـــعـــة «كـــالـــيـــفـــورنـــيـــا لــــــوس أنـــجـــلـــيـــس» أخـــــيـــــراً أن مـــجـــمـــوعـــة مــــحــــددة مــــن الـــبـــكـــتـــيـــريـــا، تُــســمّــى microbial( » «بــصــمــة الـــصـــمـــود المــيــكــروبــيــة )، تمكّن المركز التنفيذي signature of resilience داخـل الـدمـاغ، والمـوجـود في القشرة الأمامية لـــلـــدمـــاغ، مـــن كــبــح جـــمـــاح المــــراكــــز الـعـاطـفـيـة الــنــشــطــة بــشــكــل مـــفـــرط الـــتـــي تــعــمــل بــصــورة ســريــعــة. وتـــقـــول الـطـبـيـبـة الـنـفـسـيـة، المــديــرة المـشـاركـة لمـركـز الـكـائـنـات الـدقـيـقـة المتعايشة داخـل جسم الإنسان في جامعة «كاليفورنيا لــــوس أنــجــلــيــس»، أربـــانـــا غــوبــتــا: «لا تـوجـد منطقة وحيدة داخل المخ تعمل بشكل منعزل ومنفصل». * مجلة «سايكولوجي توداي» ـ خدمات «تريبيون ميديا» * واشنطن: هارار إستروفمارانو الصمود فيجوهره هو تحديث أنفسنا والتكيّفمع ظروف جديدة بعد أن هدمت تجارب مفاجئة وسائل أماننا القديمة «النمذجة الهيدرولوجية»... حل مستدام لمواجهة أزمات المياه في أفريقيا تــــواجــــه قــــــارة أفـــريـــقـــيـــا تـــحـــديـــات مــائــيــة كــــبــــيــــرة، بـــــدايـــــة مـــــن الــــجــــفــــاف والـــفـــيـــضـــانـــات وانتهاء بنقص المياه النظيفة، وهي تحديات تـــتـــفـــاقـــم بــفــعــل تــغــيــر المــــنــــاخ الـــــــذي يــــؤثــــر فـي تـــوازن المـيـاه عبر الـقـارة. ويُـعـد فهم العمليات الهيدرولوجية؛ مثل: التبخر، ورطوبة التربة، والـــجـــريـــان الــســطــحــي لــلــمــيــاه، أمـــــراً أســاســيــ للتعامل مع هذه المشكلات؛ إذ يُسهم في اتخاذ قــــرارات مستنيرة بـشـأن إدارة المــــوارد المائية، والــــزراعــــة، وحــمــايــة الـبـيـئـة.ومـع تــزايــد النمو السكاني وتأثيرات تغير المناخ، تزداد الحاجة إلـى إدارة مستدامة للمياه، وهنا تبرز أهمية النمذجة الهيدرولوجية؛ وهي أدوات تستخدم النمذجة الرياضية والمحاكاة لفهم حركة المياه وتـوزيـعـهـا عـلـى سـطـح الأرض وفـــي باطنها، وتـمـكّـن هــذه الـنـمـاذج الـعـلـمـاء وصــنّــاع الـقـرار من تطوير استراتيجيات فعّالة لإدارة المـوارد المائية. لكن تطوير نـمـاذج هيدرولوجية فعّالة في أفريقيا يواجه الكثير من العقبات، أبرزها نـقـص الـبـيـانـات الـهـيـدرولـوجـيـة طـويـلـة الأمــد والموزعة جغرافياً على نطاق واسع. بالإضافة إلى ذلك، فإن التنوع الكبير في تضاريس القارة واخــتــ ف المــنــاخــات يـشـكّـل تـحـديـ فــي تمثيل العمليات الهيدرولوجية بدقة. وللتغلّب على هـــذه الـتـحـديـات، تـحـتـاج أفـريـقـيـا إلـــى تطوير نماذج قادرة على تمثيل تعقيدات توازن المياه مع مراعاة الاختلافات البيئية والجغرافية. نموذج متقدم وطـــــوّر فــريــق بـحـثـي دولــــي مـــن الـــولايــات المــتــحــدة وعــــدد مـــن الـــبـــلـــدان الأفــريــقــيــة نـظـامـ مـتـقـدمـ لـتـحـديـد تــدفــق الأنـــهـــار فـــي أفـريـقـيـا، بــــاســــتــــخــــدام بــــيــــانــــات الاســــتــــشــــعــــار عـــــن بُـــعـــد وتقنيات النمذجة الهيدرولوجية. ومن خلال هذا النظام، حصل الفريق على مـجـمـوعـة الـبـيـانـات الأكــثــر شــمــولاً وتفصيلاً لتصريف الأنــهــار فـي الــقــارة حتى الآن؛ حيث تـمّ استخدام تقنيات النمذجة الهيدرولوجية 64 المـتـطـورة لتتبع تـدفـق المـيـاه عبر أكـثـر مـن .2021 إلى 2001 ألف قطاع نهري في الفترة من نوفمبر (تشرين 5 ونُـشـرت النتائج، فـي عــدد .»Scientific Data« ، من دورية 2024 ) الثاني ووفـــــــق الــــبــــاحــــثــــن، تــســتــفــيــد مــجــمــوعــة البيانات عالية الدقة التي جُمعت باستخدام »، من بيانات egDischarge v1« النظام المسمّى الاستشعار عـن بُعد والنمذجة المبتكرة؛ مما يـــوفّـــر أداة قـــويـــة لأصـــحـــاب المــصــلــحــة لمـراقـبـة موارد المياه في أفريقيا وإدارتها. وطُــــــوّر هــــذا الــنــظــام بــاســتــخــدام نــمــوذج » الــتــابــع لـهـيـئـة المــســح الـجـيـولـوجـي VegET« الأمـــيـــركـــيـــة، إلـــــى جـــانـــب أســــلــــوب يــجــمــع بـن الــنــمــذجــة الــهــيــدرولــوجــيــة الـــزراعـــيـــة المـتـقـدمـة وبيانات الأقمار الاصطناعية لمحاكاة تصريف الأنهار عبر القارة. وبناءً على نتائج النموذج، قدّرت الدراسة أن متوسط التصريف السنوي الإجمالي لمياه الأنــهــار فــي الأحــــواض المحيطية الـرئـيـسـة في كيلومتراً مكعباً سنوياً. 3271 أفريقيا يبلغ كيلومتراً 1327 على سبيل المثال، تتدفق مـكـعـبـ سـنـويـ إلـــى جــنــوب المـحـيـط الأطـلـسـي من أنهار مثل نهر الكونغو، في حي يستقبل كيلومتراً مكعباً سنوياً من 729 المحيط الهندي أنـهـار مثل نهر زامـبـيـزي، فـي حـن يُسهم نهر كيلومتراً مكعباً سنوياً في 214 النيل بنحو البحر الأبيض المتوسط. دقة مكانية وبـلـغـت الــدقــة المـكـانـيـة لـلـنـظـام الـجـديـد كيلومتراً واحــداً، وهـو ما يمثّل خطوة مهمة لمراقبة تدفق الأنـهـار بدقة فـي أفريقيا. وقـال الباحث في مركز مراقبة موارد الأرض، التابع لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية والمشارك فــــي الــــــدراســــــة، الــــدكــــتــــور غـــابـــريـــيـــل ســيــنــاي، كـلـم يتيح 1 إن اســتــخــدام دقـــة مـكـانـيـة تـبـلـغ تمثيلاً دقيقاً للعمليات الهيدرولوجية عبر قــــارة. وأضــــاف سـيـنـاي لـــ«الــشــرق الأوســــط»، أن هـــذه الــدقــة تــعــزّز مــن نـتـائـج الــنــمــوذج من خــ ل التقاط التباين فـي الـجـريـان السطحي للمياه، والتبخر، ورطوبة التربة بدقة أكبر؛ مما يساعد في أخذ الفروقات في التضاريس، والتغطية النباتية، والمــنــاخ بعي الاعـتـبـار. وبـفـضـل هـــذه الـــدقـــة، يـمـكـن لـلـنـمـوذج تمثيل الـــتـــبـــايـــنـــات الـــصـــغـــيـــرة الـــتـــي قــــد تُـــفـــقـــد عـنـد استخدام دقة أقل؛ مما يؤدي إلى توقعات أكثر دقــة للجريان النهري عبر المناظر الطبيعية المـتـنـوعـة. وأشــــار إلـــى أن هـــذه الــدقــة العالية تُحسّن من موثوقية مخرجات النموذج، وهو أمر بالغ الأهمية لفهم التفاعلات المعقّدة بي العمليات السطحية وتوافر المياه، خصوصاً فــي المـنـاطـق الـتـي تـعـانـي مــن نـــدرة أو تـوزيـع غــيــر مـــتـــســـاوٍ لـــلـــمـــوارد المـــائـــيـــة. وبــالاســتــنــاد ألــــف قـــطـــاع نــهــري، 64 إلــــى تـحـلـيـل أكـــثـــر مـــن تقدم الـدراسـة رؤيــة شاملة حـول توافر المياه وتغيّراتها المكانية والزمانية وتدفقات المياه العذبة نحو الأحواض المحيطية الرئيسة. وأشــــــــــــــــار إلـــــــــــى أن هـــــــــــذه المـــــعـــــلـــــومـــــات تـــمـــثّـــل أســـــاســـــ قــــويــــ لــــصــــنّــــاع الـــســـيـــاســـات والمــعــنــيــن لاتـــخـــاذ قـــــــرارات مــــدروســــة بـشـأن تخصيص المـيـاه، وتخطيط البنية التحتية، واستراتيجيات التكيف المناخي. كما يمكن للبيانات حول تغيّرات الجريان النهري، بما فــي ذلـــك الـتـغـيّـرات المـوسـمـيـة والإقـلـيـمـيـة، أن توجّه إدارة الموارد بشكل مستدام؛ مما يساعد على مواجهة ندرة المياه، وإدارة الفيضانات، وتحسي وصول المياه للمجتمعات. منظر جوي لوادي نهر النيل في مصر (رويترز) القاهرة: محمد السيد علي 1 2 3 4 5 6 9 8 7
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky