issue16805

تـــتـــواصـــل الــــخــــروقــــات اإلســـرائـــيـــلـــيـــة منذ بـدء سـريـان اتـفـاق وقـف إطــاق النار، بينما يستمر الـجـيـش اإلسـرائـيـلـي بمنع أهالي عشرات القرى اللبنانية الحدودية من العودة إلى بلداتهم، ما أدى إلى دعوة الـجـيـش الـلـبـنـانـي والــبــلــديــات إلخـائـهـا. وأعلن الجيش اإلسرائيلي، السبت، تنفيذ ضربة على «مواقع لبنى تحتية عسكرية» قــريــبــة مـــن الــــحــــدود بـــن ســـوريـــا ولــبــنــان «يستخدمها (حزب الله) لتهريب أسلحة»، وذلــــك فـــي الـــيـــوم الـــرابـــع مـــن ســـريـــان وقــف إطلق النار بي الحزب والدولة العبرية. وقــــال الــجــيــش فـــي بـــيـــان: «تــــم تنفيذ الضربة بعد كشف عمليات تهريب أسلحة لـــ(حــزب الــلــه) مــن ســوريــا إلـــى لـبـنـان (...) األمـــر الـــذي يشكّل تهديدًا لـدولـة إسرائيل فـــي انـــتـــهـــاك التـــفـــاق وقــــف إطـــــاق الـــنـــار». واستمر الجيش اإلسرائيلي في توغلته الــبــريــة، حـيـث أفـــــادت «الـوكـالـة الـوطـنـيـة» بـأنـه تـوغـل فــي بـلـدة عـيـتـرون قـضـاء بنت جبيل، حيث رصد تحركًا للجنود واآلليات فــــي مــحــلــة املـــطـــيـــط وبـــعـــض األحـــــيـــــاء فـي عيترون، حيث أضرموا النيران بسيارة من نوع «رابيد». وعمدت دبابة «ميركافا» إلى سحق عدد من السيارات ومحاصرة بعض الـــعـــائـــات الـــتـــي تـــم تــقــديــم املـــســـاعـــدة لهم عبر اللجنة الـدولـيـة لـ«الصليب األحـمـر» إلجلئهم من البلدة، ورفع الجنود سواتر ترابية في عدد من الطرقات في محلة مرج العبد فـي عـيـتـرون، وجـرفـوا الـطـرقـات في محلة املطيط في عيترون بغية تخريبها. وأطلق الجنود، بحسب «الوطنية» رشقات رشـــاشـــة مـكـثـفـة مـــن مــوقــعــهــم فـــي أطــــراف مارون الراس باتجاه سرايا بنت جبيل في أثناء قيام عناصر الــدرك في فصيلة بنت جـبـيـل بـمـعـايـنـة األضـــــرار فـيـهـا، مـــا أجـبـر العناصر على العودة إلى مخفر رميش». وســجــل أيــضــ قــيــام جــنــود بعمليات تــمــشــيــط بــأســلــحــتــهــم الـــرشـــاشـــة الـثـقـيـلـة باتجاه مدينة بنت جبيل من موقعهم في أطراف بلدة مارون الراس لترهيب وإبعاد األهـالـي، ومنعهم من الـعـودة إلـى املدينة. وأفـــيـــد بــــأن الــجــيــش اإلســـرائـــيـــلـــي يـرفـض إعطاء اإلذن للمرة الثالثة للجنة الدولية لـ«الصليب األحـمـر» مـن أجــل التوجه إلى بلدة بيت ليف في بنت جبيل لسحب عدد مــن الـجـرحـى فـيـهـا، ورفــــض دخـولـهـا إلـى بلدة عيترون إلجلء مدنيي ما زالوا فيها. كـمـا نـفـذ الـطـيـران اإلسـرائـيـلـي غــارة عــلــى ســـيـــارة قــــرب بــلــدة مــجــدل زون، ما أدى إلـى إصـابـات طفيفة، وأفـــادت وزارة إصـــابـــات 3 الـــصـــحـــة الــلــبــنــانــيــة بــــوقــــوع ســنــوات. 7 بـيـنـهـم طـفـل يـبـلـغ مـــن الـعـمـر وقـــال الـجـيـش اإلسـرائـيـلـي إنـــه استهدف مركبة فـي جنوب لبنان محملة بقذائف صـاروخـيـة وذخــائــر وعــتــاد عـسـكـري في إطـــــار رده عــلــى انـــتـــهـــاكـــات وقــــف إطـــاق الـــنـــار، مــشــيــرًا إلــــى أنــــه «يـــقـــوم بعمليات تــفــتــيــش فــــي جــــنــــوب لـــبـــنـــان، حـــيـــث قـــام بـــــ«مــــصــــادرة أســـلـــحـــة كـــــان (حــــــزب الـــلـــه) يخفيها داخل مسجد». ودعـــت بـلـديـة ديـــر ســريــان الـعـائـات الـتـي عـــادت إلــى الـبـلـدة إلخـائـهـا حفاظًا عـــلـــى ســـامـــتـــهـــم، كـــمـــا أصـــــــــدرت بــلــديــة ديرميماس بيانًا بالتنسيق مع الجيش الـــلـــبـــنـــانـــي جــــــاء فــــيــــه: «ال تـــــــزال بــلــدتــنــا ديرميماس منطقة دقيقة أمنيًا ومشمولة بتحذيرات اإلخلء؛ لذلك يمنع منعًا باتًّا التوجه إلى كافة األراضي الزراعية وكروم الــــزيــــتــــون بـــتـــوجـــيـــه مــــن قــــيــــادة الــجــيــش الـلـبـنـانـي حــرصــ عـلـى سـامـتـكـم وتحت طــائــلــة املــحــاســبــة الــقــانــونــيــة وتـعـريـض الـبـلـدة وأهـلـهـا للخطر، كـمـا يمنع منعًا باتًّا إدخال أو تأجير أي شخص من خارج البلدة تحت طائلة املحاسبة القانونية». 6 حرب متعددة الخرائط NEWS «الجيش اإلسرائيلي يرفض إعطاء اإلذن للمرة الثالثة للصليب األحمر من أجل سحب عدد من الجرحى من بنت جبيل» ASHARQ AL-AWSAT Issue 16805 - العدد Sunday - 2024/12/1 األحد الجيش اللبناني يدعو األهالي لعدم العودة إلى بعض القرى حفاظا على سالمتهم خروقات إسرائيلية مستمرة في جنوب لبنان مواطن لبناني يعاين أنقاض أحد المباني المدمرة في مدينة صور (رويترز) بيروت: «الشرق األوسط» ً«حزب هللا»... أمام التأقلم مع المتغيرات الداخلية والخارجية أو دوامة الحرب مجددا حـمـل الـخـطـاب األخــيــر ألمـــن عـــام «حــزب الــــلــــه»، الــشــيــخ نـعـيـم قـــاســـم، رســـائـــل مـتـعـددة إلـــى الـــداخـــل والـــخـــارج، تـوحـي بـــأن مـرحـلـة ما بـعـد الــحــرب لــم تـعـد كـمـا قـبـلـهـا، وبـــأن إعـانـه االنتصار على إسرائيل ال يعني أنـه لـم يأخذ الدروس والعبر؛ إذ يكفي تأكيده على االنخراط بالعمل السياسي تحت سقف اتفاق الطائف؛ دلــيــا عـلـى دخــولــه مـرحـلـة مليئة بـاملـتـغـيّــرات الــتــي فُـــرضـــت عـلـيـه وعــلــى مـــا يـسـمّــى «مـحـور املقاومة» في املنطقة. فاالنتصار الــذي تحدّث عنه قاسم ليس معيارًا إلسقاطه على واقـع لبنان بعد الحرب ونتائجها، إنما يستدعي األمـر إجــراء «كشف حساب» على األرض، ومقارنة ما بي الخسائر واملـكـاسـب، وفــق تعبير الـوزيـر السابق رشيد دربـــــاس، الــــذي رأى أنـــه «مـــن حـــق (حــــزب الـلـه) أن يعلن االنـتـصـار على إسـرائـيـل، فيما تقول الوقائع إن لبنان الدولة والشعب مهزومان»، الفتًا إلى أن «الحديث عن االنتصار مجرّد كلم موجّه إلى املحازبي والجمهور، وما لحق بهم وباللبنانيي من مآس ونكبات». وقـــــــال دربــــــــاس فــــي تـــصـــريـــح لـــــ«الــــشــــرق األوســــــــط»: «مــــن حــــق الــشــيــخ نــعــيــم قـــاســـم أن يخاطب جمهوره بـهـذه اللهجة، لكنني أنظر إلى مجمل الخطاب على أنه إيجابي، ما دام أنه قــرر الـعـودة إلــى العمل السياسي تحت سقف اتــفــاق الـطـائـف، والـــدعـــوة إلـــى انـتـخـاب رئيس لـلـجـمـهـوريـة بــســرعــة، والـــتـــعـــاون مـــع الـجـيـش اللبناني قيادة وضباطًا وأفرادًا». وقــــدّم أمـــن عـــام «حـــزب الــلــه» فــي خطابه األخير رؤية الحزب للمرحلة املقبلة، وأهمها: «الـتـنـسـيـق عــلــى أعــلــى مــســتــوى بـــن املــقــاومــة والجيش اللبناني؛ لتنفيذ التزامات االتفاق، والنظر إلــى الجيش اللبناني على أنــه جيش وطـــنـــي وأنــــــه ســيــنــتــشــر فــــي وطــــنــــه، ودعــمــنــا لــفــلــســطــن لــــن يـــتـــوقـــف وســـيـــســـتـــمـــر بـــالـــطـــرق املـنـاسـبـة، ومتابعة عملية اإلعــمــار بالتعاون مـع الــدولــة اللبنانية وكــل الـــدول أو املنظمات الـتـي تـريـد مـسـاعـدة لـبـنـان». وأعــــاد أمـــن عـام الـــحـــزب تـــأكـــيـــده عــلــى أن حـــضـــور الـــحـــزب في لبنان سيكون مـن ضمن الـحـضـور السياسي واالقتصادي فاعل ومؤثرًا بما يواكب ظروف الـــبـــلـــد، وســـنـــهـــتـــم بـــاكـــتـــمـــال عـــقـــد املـــؤســـســـات الـــدســـتـــوريـــة، وعـــلـــى رأســــهــــا انـــتـــخـــاب رئــيــس الجمهورية». لـقـد فــرضــت نـتـائـج الـــحـــرب عـلـى الـحـزب تـــقـــديـــم خـــريـــطـــة طــــريــــق جـــــديـــــدة، تــــقــــوم عـلـى االندماج أكثر في الحياة السياسية وبواقعية مختلفة عن مرحلة ما قبل الحرب، ودعا الوزير دربـــــاس إلـــى «الــبــنــاء عـلـى كـــام الـشـيـخ قـاسـم في جانبه اإليجابي، خصوصًا أنه وافـق على االنسحاب التام إلى شمالي نهر الليطاني، ما يعني أنه تخلّى عن مواجهة العدو وفتح جبهة الــقــتــال». وأضـــــاف: «اقـتـنـع الــحــزب أخــيــرًا بـأن سوريا ليست قــادرة على حمايته، وال العراق وال إيـــران، وأن اللبننة (أي لبنانيته) والدولة وحدها من يحميه»، مشيرًا إلى أنه «عندما كنّا مكشوفي باللعبة الـخـاطـئـة، املـسـمـاة (وحــدة الساحات) نالت منّا إسرائيل، لكن عندما نعود جميعًا تـحـت سـقـف الـــدولـــة، يـصـبـح االعــتــداء عـلـى أي شـخـص لـبـنـانـي اعـــتـــداء عـلـى الــدولــة ومؤسساتها». وعن معادلة «الجيش والشعب واملقاومة» التي يتمسّك بها الحزب، ذكّر درباس بأن «هناك شيئًا اسـمـه مــوازيــن قــوى ال يمكن تجاهلها، وال يمكننا بوصفنا لبنانيي أن نقاتل دولـة (إسرائيل) آلتها العسكرية موصولة مباشرة باملصانع الحربية األمـيـركـيـة». وخـتـم قـائـاً: «مـــــا أخــــذتــــه إســــرائــــيــــل مــــن ســـــاح خــصــوصــ القنابل الخارقة للتحصينات، لم تحصل عليه أي دولة أخرى في العالم، لذلك علينا أن نعود إلى واقعيتنا، وإلى كنف الدولة وحدها». يختلف خـطـاب الـحـزب بعد هــذه الحرب كليًا عن الخطاب الذي قدّمه بعد انتهاء حرب ، والـــــــذي انــــطــــوى عـلـى 2006 ) يـــولـــيـــو (تــــمــــوز لهجة تصعيدية تـجـاه كـل الـقـوى السياسية، وحـتـى ضــد حكومة الـرئـيـس فـــؤاد السنيورة، حـيـث اتـهـمـهـا بـأنـهـا تـــواطـــأت مــع األمـيـركـيـن وتقييد دوره العسكري، 1701 لـفـرض الــقــرار ورأى الـبـاحـث السياسي والخبير فـي شـؤون «حـزب الله» قاسم قصير أن الحزب «يتصرّف بعقلنية عالية، ويتعاطى مع املتغيّرات بروح املـــســـؤولـــيـــة، وبـالـتـنـسـيـق الـــكـــامـــل مـــع الـــدولـــة والجيش اللبناني؛ لتطبيق مندرجات القرار ». ودعـا في تصريح لـ«الشرق األوسـط»، 1701 كــــل األطــــــــراف الـــداخـــلـــيـــة إلـــــى «تـــقـــديـــم خــطــاب إيجابي غير مستفز يلقي الحزب ويأخذ في االعــتــبــار املـــواقـــف اإليـجـابـيـة الــتــي تــصــدر عن أمـيـنـه ونــــوابــــه»، الفــتــ إلـــى أن «املـــواقـــف الـتـي صــــدرت عــن رئــيــس حـــزب (الـــقـــوات اللبنانية) سمير جعجع، وبـعـض نـــواب املـعـارضـة، غير مشجعة، وال تتناسب مع االنفتاح الذي يبديه الحزب على كل املكونات اللبنانية». عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب نــزيــه مـــتّـــى، اســتــغــرب االزدواجــــيــــة فـــي خـطـاب قاسم، حي أعلن قبوله االنخراط بالدولة وفي الوقت نفسه، تمسّكه بثلثية «الجيش والشعب واملـــقـــاومـــة». وأوضـــــح لــــ«الـــشـــرق األوســــــط» أن «هــــــذه االزدواجــــــيــــــة تــعــنــي إمـــــا أن الــــحــــزب لـم يقتنع بـنـتـائـج هـــذه الــحــرب وقـــد يـدخـلـنـا في دوامـــة جـديـدة، وإمــا أنــه محرج أمــام جمهوره وال يستطيع االعـــتـــراف بـحـسـابـاتـه الخاطئة الــتــي قــــادت الـبـلـد إلـــى الــتــدمــيــر». وقــــال مـتّــى: «إذا كـــان الـشـيـخ نعيم قـاسـم مـؤمـنـ بحتمية االنــخــراط فـي الــدولــة فعليه أن يخفض سقف خطابه تدريجيًا، أمـا إذا لم يتعظ مما حصل فيعني أننا مقبلون على مرحلة جديدة صعبة للغاية». ورأى أن «االنخراط في مشروع الدولة يستوجب أن يعلن الحزب تسليم سلحه لهذه الـدولـة، أمـا إذا أراد التمسّك بثلثية (الجيش والشعب واملـقـاومـة)، فيعني أنـه لـم يتعلّم من تــجــاربــه، وعـلـيـنـا أن نــعــرف كـيـف نـــواجـــه هـذا األمر تحت سقف الدولة والدستور». بيروت: يوسف دياب خالل تشييع مقاتلين في «حزب هللا» بعد اتفاق وقف إطالق النار (رويترز) أبناء جنوب لبنان يعودون إلى قراهم: ال مقومات للحياة لكننا متمسكون بالبقاء في اليوم الرابع لوقف إطلق النار، تبدو شـــــــوارع جـــنـــوب لـــبـــنـــان أقـــــل زحـــمـــة مــــن األيـــــام األولـــى لـوقـف إطـــاق الــنــار، باستثناء مداخل املدن الرئيسيّة كصيدا وصور، وداخل البلدات الجنوبيّة. وعــلــى طـــول الــخــط الـجـنـوبـي، مــن صيدا وحتّى القرى الحدوديّة، يطغى مشهد الدمار. يخفت قليل في الساحل ليعود ويرتفع كلما اقـتـربـنـا مــن الــقــرى الـــحـــدوديـــة. هــنــاك، تبدلت مـعـالـم املــكــان مــن هـــول الـــدمـــار؛ مـبـان ومتاجر أصـبـحـت عـلـى هـيـئـة ركـــــام، ورغــــم ذلـــك اخـتـار الــــنــــاس الــــعــــودة إلـــــى قــــراهــــم لــتــفــقــد مــنــازلــهــم وأرزاقهم واالطمئنان على أقاربهم. سنبقى في قرانا حتّى لو نصبنا خيمة تـــقـــول زيـــنـــب بـــكـــري، مـــن بـــلـــدة صـديـقـن الـــجـــنـــوبـــيّـــة (قـــــضـــــاء صـــــــــور): «مــــــا زلــــنــــا غـيـر قادرين على تصديق أننا عدنا إلـى هنا، رغم الدمار والخسارات الكبرى؛ إذ خسرنا أحبابًا كثيرين». وتـضـيـف لــــ«الـــشـــرق األوســــــط»: «وصـلـنـا إلى قريتنا يوم أمس، قدِمنا من بيروت، حيث كـنـا نـــازحـــن، أنـــا وكـــل أفــــراد عـائـلـتـي، املكونة أشـخـاص. ووجـــدت أن منزلي قـد دمرته 6 مـن إسـرائـيـل، بكيت حينها، لكنني عشت الحزن ونـقـيـضـه، فـأنـا هـنـا مــوجــودة فــي قـريـتـي وقـد انـتـهـت الـــحـــرب؛ أتـمـنـى أ تـتـكـرر مـــرة أخـــرى، حتّى لو نصبنا خيمة وسكنا فيها أفضل من العيش في غير مكان». ليست مجرد أماكن نملكها ومـــثـــل بــــكــــري، عــــائــــات كـــثـــيـــرة، خــســرت مـــــنـــــازل نــــشــــأت وتـــــرعـــــرعـــــت فــــيــــهــــا، وشـــكّـــلـــت ذكــريــاتــهــا األولـــــى وتــفــاصــيــل حــيــاتــهــا، تـقـول إحدى سكان البلدة، التي صودف مرورها في املــكــان: «هـــي ليست مـجـرد أمــاكــن نملكها؛ بل تسكن فينا ولـيـس العكس، لنا فيها ذكـريـات طفولتنا، وملمح وجـه أبـي الــذي فقدناه قبل أعـــــوام قـلـيـلـة، وصــبــر أمــــي، وأشـــيـــاء كـثـيـرة ال ندركها إ بعد خسارات كهذه». في هذه البلدة (صديقي)، ال يمكن وصف حجم الدمار، غالبية املباني تحولت إلى ركام. ينتشر أهالي البلدة على جوانب الطرقات، ال حـــول لـهـم وال قــــوة، يـــواســـون بـعـضـهـم بعضًا في خساراتهم، ويتبادلون التهنئة بالعودة، أو بــالــنــجــاة مـــن الـــحـــرب، كــمــا يـحـلـو للبعض تسميتها. أصـحـاب املتاجر واملـصـالـح أيضًا، يقفون أمام أرزاقهم املدمرة، قلة قليلة من تلك التي لم تبعثرها الـغـارات اإلسرائيلية، اختار أصحابها ترتيبها، تحضيرًا إلعادة افتتاحها في وقت قريب. خساراتنا كبيرة فــي بـلـدة كـفـرا الـجـنـوبـيّــة، املـحـاذيـة لها، يــبــدو مـشـهـد الـــدمـــار أقـــل وطـــــأة، تــقــول عبير: يومًا، إلى حيث 66 «عدنا أخيرًا بعد نزوح دام نــشــأنــا وتــرعــرعــنــا، ال مــقــومــات اآلن لـلـحـيـاة، لكننا متمسكون بالبقاء». تــــــروي عــبــيــر لـــــ«الــــشــــرق األوســــــــط» كـيـف ســـاعـــات وهــــي فـــي طريقها 9 قــضــت أكــثــر مـــن من زغرتا (حيث نزحت في شمال لبنان)، إلى بـلـدتـهـا كـــفـــرا، وتـــقـــول: «وصــلــنــا عـنـد الـسـاعـة الــواحــدة بعد منتصف الليل، فـي نفس اليوم الـذي أعلن فيه قـرار وقـف إطـاق الـنـار، كنا قد انتظرناه طويلً، ال سيّما منذ زيــارة املبعوث األميركي آموس هوكستي إلى لبنان». وتضيف: «فرحت بالخبر حينها، لكنني بكيت بشدة حي وصلت إلى الجنوب، وتحديدًا إلــــى مــديــنــة صـــــور، إذ شـــاهـــدت حــجــم الـــدمـــار الهائل، بعض القرى التي مررنا بها، أضعت فيها الـطـريـق؛ فــا مـعـالـم واضــحــة وال أسـمـاء أماكن اعتدنا زيارتها قبل نشوب العدوان، وال كلمات تصف مشاعرنا، ما نعرفه أننا كنا في كابوس واآلن باتت لحظة الحقيقة، خساراتنا كــبــيــرة». وعـــن تـفـاصـيـل الـلـيـلـة األولـــــى، تـقـول: «يومها لم أتمكن من النوم، قضيناها في منزل شقيقتي، أنـا ووالـــدي وشقيقي، فمنزلنا غير صالح للسكن، عُدنا في اليوم التالي، ال كهرباء وال مـيـاه وال إنـتـرنـت وال متاجر مفتوحة في املــكــان، وال حـتّــى تغطية للشبكة فـي هواتفنا تمكننا من االتصال والتواصل مع من نحتاج، لكننا رتبنا أمورنا ومكثنا في الطابق السفلي، كونه األقل تضررًا بي الطوابق». المسيرات اإلسرائيلية ال تفارقنا تُـــكـــمـــل حـــديـــثـــهـــا، فـــتُـــخـــبـــرنـــا عــــن صـــوت املسيرات الــذي أعــاد إلـى ذاكرتها حـال الحرب الـتـي عاشها الـنـاس منذ مـا قبل الــعــدوان، أي ،2023 ) منذ السابع من أكتوبر (تشرين األول «عادت الزنانة فوق رؤوسنا، لم تفارقنا طوال اليوم األول لعودتنا، لكننا اعتدنا سماعها» إضـــافـــة إلــــى صــــوت الـــطـــائـــرات الــحــربــيّــة الـتـي تخرق األجواء بي الحي واآلخر. أما عن املخاوف، فتقول: «في اليوم األول لـلـعـودة، سمعنا صــوت الـغــارات اإلسرائيلية، لـــم تــرعــبــنــا، لـكـنـنـا نــخــاف مـــن نــشــوب الــحــرب مــــع إســـرائـــيـــل مـــــرة أخـــــــرى، لـــنـــخـــوض تـجـربـة النزوح البشعة التي ال نريدها أبــدًا». وتختم: «الـيـوم نشعر باالمتنان من عودتنا، أكثر من أي وقـــت مـضـى، ال نـريـد الــحــرب، وال نـريـد أن يموت لنا عزيز، هي خسارات ال تعوض». على مقربة منها، بلدة ياطر الحدوديّة، التي حذّر الجيش اإلسـرائـيـلـي أهلها مـن الــعــودة إليها، لكن رغم ذلك، يأتي الناس إليها لتفقد منازلهم املتضررة بمعظمها، وكذلك فعل غالبية أبناء القرى العشر التي شملها التحذير. ولم تتمكن عائلت كثيرة، من أبناء القرى األمامية، من العودة إلـى منازلهم، تقول منى ابنة بلدة حوال التي تبرز فيها مشاهد الحرب الطاحنة، لـ«الشرق األوســـط»: «أشعر باألسى والحزن. باألمس كنت في حال يرثى لها، لقد حُــرق منزلي في حـوال، فقدت ذكريات عائلتي وأطفالي، وال شيء يمكن أن يعيدها لنا». بيروت: حنان حمدان شهدت طريق الجنوبزحمة سير خانقة يوم األربعاء مع بدء تنفيذ اتفاق وقف إطالق النار (إ.ب.أ)

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==