الثقافة CULTURE 17 Issue 16805 - العدد Sunday - 2024/12/1 األحد «شبح عبد هللا بن المبارك»... رواية تستلهم التراث بروح معاصرة عن دار «الشروق» بالقاهرة صدرت حديثًا رواية «شبح عبد الله بن املبارك» للكاتب املصري ماجد طه شيحة، الذي يـسـتـلـهـم فـيـهـا حـكـايـة تــراثــيــة شهيرة لشخص يُــدعـى «عـبـد الـلـه بـن املـبـارك» يـــقـــال إنـــــه شُــــوهــــد بــمــكــانــن مـخـتـلـفـن فـــي وقـــت واحـــــد. يـسـتـعـيـد املـــؤلـــف تلك الحكاية من خـال بناء درامــي معاصر يــقــوم عـلـى ثـنـائـيـة األســـتـــاذ الـجـامـعـي والطالب، التي تبدو بدورها استلهامًا لـــثـــنـــائـــيـــة الـــشـــيـــخ واملــــــريــــــد، إذ يـــــروى األســـتـــاذ تـلـك الـقـصـة عـلـى تـلـمـيـذه من أجل سماع رأيه فيها. يبحث الطرفان معًا حقيقة الرجل الصالح الـذي شُوهد في مكاني خلل وقـــــت واحـــــــد، فــــي الـــبـــيـــت الــــحــــرام وهـــو يـــحـــج، يـــحـــدث هـــــذا وهـــــو وفـــــي دكـــانـــه بمدينته، وهل يمكن أن يقبل بالتفسير الشعبي الـــذي طـرحـه الـنـاس على ذلك بـــأن الـلـه أرســـل مـاكـ يـحـج نـيـابـة عنه ألنه ساعد بأموال حجه امرأة مسكينة. تـــجـــعـــل تــــلــــك املــــنــــاقــــشــــة األســـــتـــــاذ املتخصص فـي فـيـزيـاء الـكـم أكـثـر قربًا مـــــن تـــلـــمـــيـــذه، فـــيـــهـــديـــه هـــاتـــفـــ مـغـلـقـ كــأمــانــة، ويـطـلـب مـنـه أال يسلمه ألحـد إال بـعـد ســمــاع خـبـر مـــوتـــه. يـتـضـح أن الـــهـــاتـــف يــخــص زوجـــــة األســــتــــاذ الـــذي اكــتــشــف عـــبـــره رســـائـــل غـــرامـــيـــة بينها وبـن حبيب مجهول. يختفي األستاذ في ظروف غامضة ليجد الطالب نفسه فـــي مـــــأزق وحـــيـــرة كــبــيــريــن. تـتـصـاعـد األحداث ويتعمق املأزق بظهور الزوجة ومطالبتها باسترداد الهاتف، مدعمة مطلبها برواية أخرى مختلفة عن رواية الزوج املختفي. يـــتـــخـــذ املـــــؤلـــــف مـــــن تــــلــــك الـــقـــصـــة مــنــطــلــقــ لـــطـــرح تــــســــاؤالت ذات طــابــع فلسفي عــن عــاقــات األجـــيـــال، ومعنى األمــانــة، وحـــدود املـسـؤولـيـة األخلقية في إطار من التشويق والغموض. وماجد طه شيحة، روائي مصري، بـمـحـافـظـة كـفـر الـشـيـخ، 1978 مــوالــيــد صـــــــدرت لــــه مـــجـــمـــوعـــتـــان قـصـصـيـتـان «كل الحبال الرديئة» و«متاهة الغول»، وأربـــــــــع روايــــــــــات هــــــي: «ســـلـــفـــي يـكـتـب الـــخـــطـــابـــات ســــــرًا» و«درب األربــــعــــن» و«إيـــــــــــات» و«املـــــعـــــبـــــر»، حــــاصــــل عـلـى جائزة «محمود أمي العالم في القصة القصيرة» في دورتها األولـى عن قصة «أشياء البحر». ومن أجواء الرواية نقرأ: «الباب املقفول يرد القضاء املستعجل. تــقــول أمــــي، تــصــوب الـنـظـر إلـــى وجهي وتبتسم كأنها تعتذر، وتتوه في االحتماالت. مجرد افتراض، فاالفتراض هنا هو منت الحكاية وهامشها املسند، والحكاية تُــروى عــبــر افـــتـــراضـــات تـطـرحـهـا الـحـقـيـقـة. واملـــ أن أمـــي أيـقـظـهـا دق عـلـى بـــاب بيتنا املـغـلـق، واالفـــتـــراض مــــاذا لــو ظـلـت نـائـمـة بـــدورهـــا أو استيقظت ولــم تفتح الــبــاب؟ فمن يـــدري من يـــدق الـــبـــاب قـبـل مـنـتـصـف الـلـيـل بـقـلـيـل؟ أو فـتـحـت الــبــاب واعـــتـــذرت لــلــطــارق: إنــنــي نائم وأن نـومـي ثقيل وإيـقـاظـي مـتـعـذر؟ مـــاذا لو لـم تدعه للدخول وانـصـرف خائبًا؟ هـل كان سيذهب إلـى حـال سبيله ومـا كنت أنـا راويـ لهذه الحكاية؟ قالت أمي وهي توقظني: األستاذ يريدك ثم انصرفت. عندما رأيــت وجهه لـم يبد لـي أن خلفه حكاية طويلة، ال شـيء يـدل على أنـه تقصّد املجيء إلـي أنـا بالذات ولـوال توقيته لقلت إنه يمر فتذكر أمـــرًا، فهذه أول زيــارة له بالرغم مــن صلتنا الــتــي ظـلـت تـتـوثـق عـبـر األشـهـر األخـيـرة، والتي كانت محل غبطة أمـي وأبـي، ابـــنـــنـــا يــمــشــي مــــع األســـــتـــــاذ، عـــنـــد األســـتـــاذ ســهــران، مـع األســتــاذ، ولـكـن دوام الـحـال من املحال، سرعان ما ستنقلب هذه العالقة إلى مثار سخط ال ينقطع. القاهرة: «الشرق األوسط» ًعباس بيضون يتقصّى تاريخ لبنان في «الشيخ األحمر»... روائيا عـــن دار «الــــشــــروق» بــالــقــاهــرة، صـــدرت للكاتب والـشـاعـر اللبناني عـــبـــاس بـــيـــضـــون روايــــتــــه الـــجـــديـــدة «الـشـيـخ األحـــمـــر» الــتــي يــعــود فيها إلـــى الــتــاريــخ ويستلهم قـصـة الفتة بــــلــــغــــة ســــــرديــــــة مــــتــــدفــــقــــة وحـــبـــكـــة متصاعدة تتسم بالتكثيف وسرعة اإليقاع. زمــــــــــــن الــــــــنــــــــص هـــــــــو الــــحــــقــــبــــة العثمانية، إذ تتكشف سيرة مغايرة لــــ«عـــبـــد الـــحـــســـن» الــــــذي يــنــشــأ فـي قرية بالجنوب اللبناني، ثم يسافر إلى النجف في العراق ليدرس علوم الــديــن لـكـنـه يــولــع بـالـفـلـسـفـة، األمــر الـــذي يكسبه لقب الشيخ واألحـمـر. كـمـا يـولـع الـبـطـل بـالـنـسـاء ويتمتع بالكثير منهن، أرامــل ومطلقات في األعــم األغـلـب، وهــو مـا كــان يُــعـد في ذلـــك الــوقــت تحصينًا لـهـن وحماية من الزلل. يــــعــــود «الــــشــــيــــخ األحـــــمـــــر» إلـــى بلدته ليواصل حياته كداعية دينية على طريقته، وقـد تــزوج «خديجة» وهـــــي امـــــــرأة عـــراقـــيـــة وتـصـحـبـهـمـا شقيقة زوجــتــه وتــدعــى «عـاصـمـة»، الــــتــــي تـــتـــحـــول تـــدريـــجـــيـــ لـتـصـبـح ســـيـــدة الـــبـــيـــت، لــكــن رحـــيـــل الـــزوجـــة يـضـع الــعــاقــة بـــن «عــبــد الـحـسـن» و«عــــاصــــمــــة» عـــلـــى املــــحــــك، ويــضــع كـلـيـهــمـا أمــــــــام اخـــــتـــــبـــــارات مــعــقــدة وحساسة. تستلهم الرواية التاريخ لتلقي العديد مـن األسئلة املعاصرة حول طـــقـــوس الـــتـــديـــن والـــحـــريـــة والـــحـــب والخيانة والجسد ليبدو الحاضر وكـــأنـــه اســتــمــرار لــلــتــاريــخ، ولـيـبـدو املاضي وكأنه ال يغادرنا قط. وهنا تظهر تــســاؤالت عميقة مـن نوعية: أيـن نحن من ذلـك كله؟ هل الحاضر هـــو قـــفـــزة مـــن املـــاضـــي، أم هـــو عــود مثابر ألصل متجدد؟ يمكن اعتبار الـروايـة «نوفيل» 135 أو نــصــ قـــصـــيـــرة، إذ تــقــع فـــي فـصـا قصيرًا، لكن 23 صفحة عبر هـــــذا الـــحـــجـــم الــقــصــيــر مـــنـــح الـعـمـل مزايا عدة، منها االبتعاد عن الحشو أو الـــثـــرثـــرة والــــدخــــول مــبــاشــرة في صلب أزمـة الشخصيات، بعيدًا عن التمهيد املبالغ فيه. وعـــــبـــــاس بـــيـــضـــون هـــــو شـــاعـــر وروائـــــــــــي وصــــحــــافــــي لـــبـــنـــانـــي مــن ، درس األدب العربي 1945 مـوالـيـد فـــي جــامــعــة بــــيــــروت، وحـــصـــل على املــاجــســتــيــر فــــي األدب مــــن جـامـعـة السوربون بباريس. صدرت له العديد من الروايات، منها «خريف البراءة» التي حصلت جـائـزة «الـشـيـخ زايـــد للكتاب»، فرع اآلداب، و«علب الرغبة» التي وصلت إلـــى الـقـائـمـة الـطـويـلـة فـــي الـجـائـزة العاملية للرواية العربية «البوكر»، كـــمـــا صــــــــدرت لـــــه عــــــدة مـــجـــمـــوعـــات شــعــريــة الفـــتـــة مــنــهــا «املــــــوت يـأخـذ مقاساتنا» التي حازت على «جائزة املـــــتـــــوســـــط لـــــلـــــشـــــعـــــر»، وتُـــــرجـــــمـــــت قصائده إلى اإلنجليزية والفرنسية واإليــطــالــيــة واألملـــانـــيـــة واإلسـبـانـيـة والكردية. ومن أجواء الرواية نقرأ: «بـــعـــد تـفـكـيـر قـــــررت (عـــاصـــمـــة) أال تتزوج (عبد الحسني)، لقد فكرت كثيرًا وأخيرًا وصلت إلى رأي: لن تتزوجه رغم أن الـشـرع يسمح بـذلـك ورغـــم أن التقليد يدعمه والعادة تسنده. تعرف (عاصمة) ذلــك. مَــن حولها انتظرن الـــزواج وهنأنها قـبـل أن يـظـهـر شـــيء لـكـنـهـا، وحبيبتها (خــــديــــجــــة) وأحــــبــــاؤهــــا وأوالدهــــــــــــا، أيـــن يذهب هـؤالء إذا احتلت هي فـراش أبيهم وسلبتهم إياه. كيف يمكن أن تدخل وبأي شـكـل إلـــى فـــراش أخـتـهـا وتـسـتـولـي على زوجها وكأنها كانت تنتظر ذلك وتتوخاه. لقد عـمـرت هــذه العائلة وبنتها والجميع مـــن (خـــديـــجـــة) إلــــى (عــبــد الــحــســ ) إلــى األوالد جميعهم صنعتهم واليوم املطلوب منها أن تخرب بيديها مـا سبق أن بنته وعمرته وسهرت عليه. ال بأس أن تتزوج وأن تغادر فليس هذا معيبًا، بل هي بدأت تفكر بالرجال الذين فقدوا زوجاتهم بل تحرت عنهم وسـألـت والنتيجة كانت أن واحدًا من هؤالء ال يستحقها. لـقـد تـوفـيـت زوجــــة (مـحـمـد رضــا) وهـــي فــي ربـيـع الـعـمـر وتــركــت لــه طفلني، ذكــــرًا وأنـــثـــى، ومـــن ذلـــك الــوقــت و(مـحـمـد رضــــا) الــــذي لــم يــتــزوج احــتــرامــ لـذكـرى زوجته عكف على تربية ابنيه ونجح في ذلك فابنه اآلن في إسطنبول، ضابط في الجيش العثماني وابنته التي سرعان ما وجدت عريسًا عمرت بيتًا وبناتها الثالث هـــن زيــنــة املـــدرســـة. (مـحـمـد رضــــا) كما فـكـرت (عـاصـمـة) هــو املـنـاسـب ولـــم يكن هو بعيدًا عن هذه الفكرة، فهو بمجهوده ورعــايــتــه يستحق امــــرأة مـثـلـهـا، مـنـذ أن تـــراءت لها هـذه الفكرة تملك الـجـرأة على أن تـتـحـرش بــ(مـحـمـد رضـــا) حـتـى إنها دعته وعائلته إلى عشاء في قصر (عبد الحسني)، وأثناء العشاء أبـدت كثيرًا من الغنج إلى درجـة أحرجت (محمد رضا). كانت تقدم اللقمة لـه قائلة لــه: مشان ما تضل بعينك، حتى إنها غـازلـت (محمد رضا) الذي كان فعال وسيمًا قائلة: شو الطول، نخلة بصحيح الله عهالقامة، أكيد والدتك حبلت فيك وهي بتحلم بالنخل». لندن: «الشرق األوسط» الكاتب العماني يرى أن القصة العربية ال تحظى بالقراءات النقدية الكافية يحيى المنذري: قصصي تعبر عن واقعي كسارد ومراقب يعشق الكاتب العماني يحيى سلم 30 املــنــذري القصة القصيرة وعـلـى مــدى عـامـ ظـل مخلصًا لـهـا، ال يحيد عنها أو يـتـخـذهـا نـقـطـة انـــطـــاق لـكـتـابـة الـــروايـــة، مخالفًا بذلك القاعدة الشهيرة: «السارد يــبــدأ قــاصــ ويـنـتـهـي روائــــيــــ ». فـــي ظـال هـذه املحبة وبحس شاعري مفتوح على فــــضــــاءات الـــتـــجـــريـــب والــــحــــداثــــة صــــدرت مـجـمـوعـتـه الـقـصـصـيـة األولــــى «نـافـذتـان ثم توالى إنتاجه 1993 لذلك البحر» عـام ليضعه في مكانة بارزة على خارطة األدب العربي. من أبـرز أعماله «رمــاد اللوحة»، «الـــطـــيـــور الـــزجـــاجـــيـــة»، «بـــيـــت وحـــيـــد في الصحراء». وهنا الحوار معه: فـــي مــجــمــوعــتــك الــقــصــصــيــة األخـــيـــرة > «وقـــــت قـصـيـر لــلــهــلــع»، تـــبـــرز الــســخــريــة سـمـة أساسية، إلى أي حد كنت واعيًا بذلك وكيف ترى دور السخرية عمومًا في األدب؟ - يــبــدو أن الـسـخـريـة حــضــرت بشكل غير مخطط له، وتوغلت في سياق األحداث ألن الــحــكــايــة وقـــعـــت فـــي حــيــاتــنــا وحــيــاة الـــبـــشـــر، تـــعـــوم فـــي بــحــر مـــن الــتــنــاقــضــات والغموض واألسئلة، والكاتب وهو يسرد الـحـكـايـة يـمـكـن أن يـنـقـد ويـحـلـل املجتمع والـــــواقـــــع بــطــريــقــة ســــاخــــرة ضـــمـــن ســيــاق السرد. وهذا يعتمد على أسلوبه في طرح ســـرده الـحـكـائـي، فـهـنـاك كــتّــاب مـعـروفـون بـأسـلـوبـهـم اإلبـــداعـــي الــســاخــر مـثـل عـزيـز نيسي ونقده الــاذع غير املباشر للواقع، وطــرحــه لكوميديا ســــوداء، ربـمـا تضحك القارئ وتبكيه في الوقت نفسه. وال ننسى تحليل ونقد الشاعر محمد املاغوط للواقع والـحـيـاة عبر إبــداعــه الـشـعـري والــســردي، وكــذلــك جــــورج أورويـــــل فــي مـعـظـم أعـمـالـه الشهيرة مثل روايته «مزرعة الحيوانات»، فــالــســخــريــة أســـلـــوب لـــه لــغــتــه وعــمــقــه في تـحـلـيـل وفـــضـــح حــقــائــق الــــواقــــع، واملـــبـــدع يتخذه كأداة ومعالجة أدبية. تـحـضـر فــي هـــذا الـعـمـل وبــقــوة قضية > العمالة اآلسيوية فـي املجتمعات الخليجية من منظور إنساني رهـيـف، مـا سـر هــذا الحضور وكـيـف تـــرى تــنــاول األدب الـعـربـي عـمـومـ لتلك القضية؟ - حـــضـــور الـــعـــمـــالـــة اآلســـيـــويـــة ألول مــــرة وبــشــكــل الفــــت كــــان فـــي مـجـمـوعـتـي الـقـصـصـيـة «بــيــت وحــيــد فـــي الــصــحــراء» وخـــصـــصـــت لـــهـــا فــــصــــا كــــامــــا بـــعـــنـــوان «زارعو غابة اإلسمنت»، بسبب وجودهم فــي حـيـاتـنـا، حـيـث نتعامل معهم بشكل شـــبـــه يـــــومـــــي، ونــــتــــعــــرف عـــلـــيـــهـــم وعـــلـــى حكاياتهم ونتحاور معهم. والــقــصــص الـــتـــي أكـتـبـهـا تـعـبـر عن واقعي وبيئتي، فمن الطبيعي أن يكونوا أبـطـاال فـي بعض هـذه القصص، فهم في بـلـد غـيـر بــادهــم، ويـتـعـامـلـون مــع ثقافة مختلفة عـن ثـقـافـتـهـم، لـكـنـهـم انـصـهـروا بـيـنـنـا، ومــــن هــنــا يـــأتـــي الـــفـــن لـيـعـبـر عن قضاياهم التي تتمثل في الغربة والحني والــكــفــاح مــن أجـــل الـحـصـول عـلـى الـــرزق، والتكيف مع واقع جديد، وما يعانونه من صـــراع نفسي وقـلـق، وكــل ذلــك مـن وجهة نــظــري كـــســـارد ومـــراقـــب نـتـيـجـة تعاملي معهم ومشاهدتي لهم. والكثير من األعمال السردية العربية ومن ضمنها الخليجية تناولت مواضيع الوافدين من كل الجنسيات وليس تحديدًا الــعــمــالــة اآلســـيـــويـــة، فــالــفــكــرة األســاســيــة في الطرح اإلبداعي هنا رؤيـة الكاتب مع املغترب، املقيم فـي بلد مـا، املهاجر، وقد يأتي الطرح من تجربة الكاتب الذاتية إذا كتب عن تجربة غربته في بلد ما. يطل الهلع عبر ثنايا الكتاب كهاجس > يـطـارد البشر ويجعلهم يرمق بعضهم بعضًا بتوجس وخـوف، كيف استلهمت الفكرة؟ وهل تحرص على أن تحمل كل مجموعة قصصية خيطًا دراميًا ونفسيًا يربط بني نصوصها؟ قصص، 3 - املجموعة احـتـوت على كــان الــرابــط بينها قلق وخـــوف أبطالها، كــتــبــتــهــا مـــتـــفـــرقـــة، وفــــــي فـــــتـــــرات زمــنــيــة مختلفة، ويمكن أن أقول بأنني لم أخطط لــذلــك، ربــمــا كـــان الـهـاجـس مـــوجـــودًا دون درايـــــــة مـــنـــي، فــــأجــــواء وأســــلــــوب الــقــصــة األولى تختلف عن الثانية والثالثة، برغم أن بطلها يلفه الخوف والقلق والوسواس. كثير من القراء والنقاد قدموا قراءات جــمــيــلــة فــــي هـــــذا الــــجــــانــــب، وتـــنـــاولـــوهـــا مـن زوايـــا مختلفة، فكانت قــــراءات ثرية، وكنت سعيدًا ومتفاجئًا بأن املتلقي لديه قراءاته الذكية للنصوص وبشكل مغاير ومـخـتـلـف، وهــــذا يــزيــدنــي عـلـمـ ومـعـرفـة وحبًا للقصة القصيرة، بل يدفعني ملزيد من الكتابات القصصية. أما عن ملحظة الـــربـــط بـــن الــنــصــوص فــأتــذكــر أيـضـ أن فـــــي مـــجـــمـــوعـــاتـــي الـــســـابـــقـــة كــــــان يـــوجـــد خيط ورابـــط بـن الـقـصـص، وتـــارة تكون عبر فصول فـي كتاب واحـــد، ولكل فصل رابــــط، فـمـثـا فــي مـجـمـوعـة «بــيــت وحيد في الصحراء» احتوت على جزأين؛ األول يـغـلـب عـلـيـه أجــــــواء الــطــفــولــة واملـــراهـــقـــة، بينما الثاني كانت نصوصه عن العمالة اآلسيوية. ما سر حضور الصورة البصرية عبر > تقنيات السينما أو التشكيل اللوني في إنتاجك األدبي بشكل عام؟ - ربــمــا هـــذا بـسـبـب تـــداخـــل الـفـنـون، واالستفادة بعضها من بعض، إلى جانب أنني أميل إلى الكتابة التجريبية، ففي كل عمل أطـمـح إلــى تجريب أسـلـوب يختلف عن الذي سبقه، وحتى من ناحية األفكار واملوضوعات. طبعًا هذا ال يمنع من وجود تكرار األساليب في املجموعات السابقة، ولكن بقدر اإلمـكـان أحــاول طـرح الجديد، وتـــأثـــيـــر الــتــقــنــيــة الــســيــنــمــائــيــة أو الــفــن التشكيلي واضــــح فــي بـعـض الـنـصـوص التي كتبتها، فهناك قصص تعتمد على مقاطع أو مشاهد سينمائية وكأن القارئ يشاهد فيلمًا قصيرًا، وهكذا بالنسبة إلى الـرسـم، مـن خــال وصــف لـوحـات وأبـطـال قـــصـــص يـــرســـمـــون ويـــتـــأمـــلـــون املـشـاهـد واأللوان، وال ننسى أيضًا الشعر واملسرح فلهما التأثير نفسه. كيف أمكنك أن تـــوازن فـي أعـمـالـك بني > «حضور الحكاية» على مستوى املضمون، وبني «طـمـوحـات الـحـداثـة والـتـجـريـب» عـلـى مستوى الشكل؟ - برغم احتفائي باللغة الشعرية في فإنني لم أغيّب 1993 إصـــداري األول عـام الحكاية، والقصة القصيرة هي الحكاية، وال بد من وجود حدث وحبكة وتشويق، وهــذه عناصر أساسية لهذا الفن األدبـي الـــرشـــيـــق، إلــــى جـــانـــب الــلــغــة وتـمـاسـكـهـا وســـاســـتـــهـــا وشـــعـــريـــتـــهـــا. وكـــمـــا ذكــــرت سـابـقـ أن لـــدي هـاجـس الـتـجـريـب وطــرح الجديد في كل إصـــدار، وهـذا يحتاج إلى نـــوع مـــن املــغــامــرة أوالً، وثــانــيــ االنـتـبـاه إلى العناصر التي ذكرتها أعله، وكيفية صــيــاغــة نـــص تــجــريــبــي ال يــطــمــرهــا، بل يجعلها مـوجـودة وحتى وإن كانت مثل خيط رفيع، فالهدف أيضًا أال يكون النص سـهـا ومــبــاشــرًا، بــل يـهـدف إلـــى مشاركة الـقـارئ وجعله يفكر ويتأمل، بل يتفاجأ أحيان ًا. عـنـاويـن مجموعاتك القصصية الفتة > للغاية ومشوبة بحس شاعري، هل لديك فلسفة ما في اختيار ذلك؟ - مـــرحـــلـــة اخــــتــــيــــار عـــــنـــــوان الـــكـــتـــاب صــعــبــة، أحــــــاول بـــقـــدر اإلمــــكــــان أن يعبر الـــعـــنـــوان عـــن روح الـــنـــصـــوص، وأحــــرص عــلــى أال يــكــون أحــــد سـبـقـنـي فـــي طــرحــه، أحـــاول أن يكون فـريـدًا وجـديـدًا، وأتجنب الـكـلـمـة الــــواحــــدة لــعــنــوان الـــكـــتـــاب. وعـــدا مجموعتي األخيرة «وقـت قصير للهلع» فــكــل مــجــمــوعــاتــي حــمــلــت عـــنـــوان إحـــدى قصص املـجـمـوعـة، فـكـان أسـهـل مـن خلق عــــنــــوان جــــديــــد. فــــي املـــجـــمـــوعـــة األخـــيـــرة اقترحت على نفسي عناوين كثيرة، ومرت بمراحل فرز، وأخذت رأي بعض أصدقائي الكتاب، حتى وصلت إلـى ارتياح تـام عن العنوان الذي حملته. عـامـ ، 30 عـبـر رحــلــة تـمـتـد ألكــثــر مــن > يبدو أنك خالفت مقولة «إن السارد يبدأ قاصًا وينتهي روائـيـ»، ما سر إخالصك لفن القصة القصيرة؟ - كـــتـــابـــة الـــــروايـــــة لــــم تــقــتــصــر عـلـى كـــتـــاب الــقــصــة الـــقـــصـــيـــرة، وإنـــمـــا شملت املـفـكـر والــشــاعــر واملــســرحــي واألكــاديــمــي والـــصـــحـــافـــي والــــــرسّــــــام، فـــهـــنـــاك ظـــاهـــرة تــســمــى كـــتـــابـــة الــــــروايــــــة، حـــتـــى الــــذيــــن ال يـمـتـلـكـون مـوهـبـة الـكـتـابـة والـــســـرد أو ال يمتلكون موهبة فـي فـنـون أخـــرى كتبوا الرواية كيفما اتفق. وكـــتـــابـــة الـــــروايـــــة تـــظـــل جــــاذبــــة ملـن يـــريـــد املـــغـــامـــرة فــــي كــتــابــتــهــا ومـــــن حـق الـجـمـيـع ذلــــك؛ ألن فـيـهـا مـسـاحـة واسـعـة للبوح والـتـحـدث وربـمـا الـثـرثـرة، لكنني آثـــرت أال أقــتــرب مــن كتابتها، عـلـى األقــل حتى اآلن. بالنسبة لي فإن كتابة القصة الــقــصــيــرة تـجـلـب لـــي الـــســـعـــادة والـــراحـــة النفسية، وهي مساحة للبوح والتجريب واملـغـامـرة، التصقت بـهـذا الـفـن والتصق بـــي، لـــم أتـــجـــرأ بـعـد لـفـتـح بـــاب االغـــتـــراب واالبتعاد عن القصة القصيرة والدخول فـي عالم الــروايــة، ولكن فـي الـوقـت نفسه أقـــول بـأنـه ال يمنع فــي يــوم مــا الــبــدء في مــغــامــرة كـتـابـة روايـــــة. فــأنــا ال أكــتــب من أجــــــل جـــــائـــــزة أو مـــســـابـــقـــة، إنــــمــــا أكـــتـــب القصة القصيرة بـهـدف حبي لـهـذا الفن واستمتاعي بكتابته. من وجهة نظري، التخطيط للجوائز يكسر عملية اإلبداع، فالعمل اإلبداعي الذي يستحق هو الذي يلتفت إليه القراء ويهتمون به، وهذه هي الجائزة التي يريدها املبدع. القاهرة: رشا أحمد يحيى المنذري القصة القصيرة هي الحكاية وال بد من وجود حدث وحبكة وتشويق النص الكامل على الموقع اإللكتروني
RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==