issue16805

سنوات على تفشي فيروس 5 بعد مــرور ما يقرب من «كوفيد» في حياتنا، فإن الشيء الرئيسي الذي يقف بيننا وبني الجائحة العاملية التالية هو الحظ. ومع حلول موسم اإلنــفــلــونــزا، ربــمــا يـنـفـد هـــذا الــحــظ. بـعـد أن تــحــور فـيـروس » عــبــر األنـــــــواع، خــــرج عـــن نـطـاق H5N1« إنــفــلــونــزا الــطــيــور الـسـيـطـرة بــ املــاشــيــة فــي أمــيــركــا، مــا أدَّى إلـــى إصــابــة ما يقرب من ثلث قطعان األلـبـان في كاليفورنيا وحـدهـا. وقد تجنب عمال املـــزارع حتى اآلن وقــوع املـأسـاة، ألن الفيروس لم يكتسب بعد األدوات الوراثية التي تسمح باالنتشار بني البشر. ولكن اإلنفلونزا املوسمية سوف تزيد إلى حد كبير من فرص تحقُّق هذه النتيجة. وسجلت الــواليــات املـتـحـدة أول حـالـة مـعـروفـة لساللة شديدة الخطورة من جدري القردة. وبقدر سوء إدارة بايدن في مجال الوقاية من األوبئة، فإنها على وشك أن يُستبدل بها شـيء أسـوأ بكثير. أعلن روبــرت كنيدي جونيور، الذي اختاره دونالد ترمب لقيادة وزارة الصحة العامة الواسعة في البالد، أنه لن يعطي األولوية للبحث أو توزيع اللقاحات إذا واجهنا جائحة أخرى، حتى إن كنيدي قد يسرع من وصول الجائحة عبر تأييده الحليب الـخـام، الــذي يمكن أن يحمل »، ويعد ناقال محتمال H5N1« مستويات عالية من فيروس النـتـشـاره. قـد نكون بخير. ال تتمكن الفيروسات دائـمـا من التكيف مع األنـواع الجديدة، رغم كل الفرص املتاحة، ولكن إذا ما انتشر وباء إنفلونزا الطيور قريبا، فسوف يكون ذلك الـوبـاء مـن بـ الـكـوارث األكـثـر ترقبا فـي الـتـاريـخ. إن أوبئة اإلنفلونزا املدمرة تنشأ عبر العصور؛ ألن الفيروس يبحث دائــمــا عــن طـريـقـة للتفاعل والــتــحــول فــي الـشـكـل للقفز بني األنـــواع في أي شكل جديد. فيروسات اإلنفلونزا لها حيلة خـاصـة: إذا أصـــاب نـوعـان مختلفان نفس املضيف - عامل املـــزرعـــة املـــصـــاب بــاإلنــفــلــونــزا الـعــاديــة الــــذي يُـــصـــاب أيـضـا » من البقر - يمكنهما تبديل أجــزاء كاملة H5N1« بفيروس من الحمض النووي الريبوزي، ما قد يخلق فيروسا جديدًا تماما ومميتا ولديه القدرة على االنتشار بني البشر. ومن ، على سبيل املثال، 1918 املرجح أن جائحة اإلنفلونزا لعام بدأت كفيروس إنفلونزا من أصل الطيور مر عبر خنزير في شرق والية كانساس. ومن هناك يحتمل أن يكون قد أصاب أول ضحية بـشـريـة لــه قـبـل أن يـــدور حـــول الـعـالـم فــي رحلة مميتة قتلت أناسا أكثر من الحرب العاملية األولى. وهذا هو السبب في أن إدارة بايدن لم تبذل - أو لم تستطع بذل - كل ما هو ضروري للقضاء على عدوى املاشية املنتِجة لأللبان في الواليات املتحدة عندما كان تفشي املرض أصغر وأسهل في التصدي له، وهو أمر مأساوي للغاية. في الوقت الحاضر، ال توجد سوى اختبارات روتينية قليلة لعمال املزارع أو تتبع املخالطني من كثب ألولئك الذين يـمـرضـون. وال يـــزال لدينا القليل للغاية مـن املعلومات عن كيفية انـتـشـار الـفـيـروس بــ األبـــقـــار. ويـتـم نـشـر التسلسل الجيني في وقت متأخر جدًا، إن كان يُنشر على اإلطالق، ومن دون نــوع البيانات الـضـروريـة لفهم تفشي املــرض وتتبعه. والـطـريـقـة الـتـي ينتشر بـهـا الـفـيـروس مــن قطيع إلـــى قطيع توضح أن األبقار املصابة ال تزال تتحرك بدال من عزلها. وقد 7 من عمال املـزارع أن 115 وجدت دراسة حديثة أجريت على في املائة منهم تقريبا ظهرت عليهم عالمات إصابة حديثة » غير مكتشفة؛ فقد كانوا يمضون حياتهم H5N1« بفيروس - يزورون األسواق واملنازل األخرى - في الوقت الذي يؤوون فيه البذور املحتملة لجائحة جديدة. في العام املاضي، عندما وصـلـت سـ لـة أكـثـر اعــتــداال مـن جـــدري الـقـردة إلــى الـواليـات املتحدة للمرة األولــى، رأينا ملحة عن كيف تبدو االستجابة الصحية العامة الفعالة. ع البيت األبيض روبرت فينتون، املدير املتمرس بالوكالة الفيدرالية إلدارة الطوارئ، وديمتري داسكاالكيس، وهو مسؤول رفيع املستوى من مراكز مكافحة األمـــــراض والــوقــايــة مـنـهـا، لـقـيـادة عملية االســتــجــابــة. لـدى داسـكـاالكـيـس خـبـرة واسـعـة فـي مكافحة األمــــراض املنقولة جنسيا التي تؤثر بشكل غير متناسب في مجتمع املثليني. وفــــــي حــــ أن بـــعـــض مـــنـــتـــقـــدي الـــيـــمـــ كــــانــــوا مـــهـــووســـ بـوشـومـه، قــاد الثنائي حملة ذكـيـة للتطعيم والتثقيف، ما أنهى تفشي املــرض بشكل فعال. ولكن فيما يتعلق بتفشي » بني املاشية املنتِجة لأللبان، يتمتع مركز H5N1« فيروس مكافحة األمـــراض والـوقـايـة منها بسلطات مــحــدودة. تدير هـذا الـعـرض وزارة الـزراعـة األميركية، بقيادة تـوم فيلساك، وهو أحد خريجي إدارة أوباما، تحت قيادة جو بايدن، وقد أخذ منعطفا بني هذين املنصبني في موقف قوي في صناعة األلــبــان. وفــي هــذه املـــرة، وفــي منعطف حـاسـم، منحت قيمة أعلى لألرباح قصيرة األجل لصناعة األلبان القوية أكبر من قيمتها مقارنة بصحة باليني البشر. وفــي األثـنـاء نفسها، تستمر عالمات القلق في الظهور. قبل أسابيع قليلة فقط، اكتُشف أن خنزيرًا في مزرعة بالفناء الخلفي في أوريغون مصابا بإنفلونزا الطيور. يبدو أنـه أصيب به من الدواجن املـريـضـة فـي املــزرعــة نفسها. تسبب الخنازير قلقا إضافيا ألنها تعد أوعية مثالية لخلط فيروسات اإلنفلونزا الحيوانية املختلفة للتكيف واالنتشار بني البشر. في األسبوع املاضي، تـــم الــعــثــور عـلـى الــفــيــروس فـــي قـطـيـع مـــن الــبــط فـــي مـعـرض فردًا تعرضوا في 34 للحيوانات األليفة في هاواي. ومن بني منهم يُعانون من 13 ذلك املعرض للحيوانات األليفة، هناك أعراض تنفسية. وأصيب مراهق في كندا بالعدوى، وهو في حالة حرجة، وغير قادر على التنفس بشكل طبيعي. وهناك أيضا طفل مصاب في كاليفورنيا لم يُعرف عنه اتصاله بأي حيوان مريض على اإلطالق، األمر الذي يثير احتماال مرعبا بأنه ربما أصيب به من إنسان آخر. * خدمة «نيويورك تايمز» «األوركسترا» فن إنساني راق يقوم به عشرات ومئات الـعـازفـ على اآلالت املوسيقية بـأنـواعـهـا املـتـعـددة، وهي تستوجب تنظيما عاليا وانضباطا دقيقا يضمن أن تخرج في أبهى الصور، ويقودها «مايسترو» يتحكم فيها جميعا بوعيه ورؤيته وقـراره، وقد أصبح وجودها في دول العالم املتقدمة دليل فخامة ورقي. لــلــســعــوديــة تـــاريـــخ قـــديـــم مـــع الــتــنــمــيــة فـــي الــدولــتــ الـسـعـوديـتـ األولـــــى والــثــانــيــة، ثـم تــوســع ذلـــك فـي الــدولــة السعودية الثالثة بخطط تنموية ومشروعات كبيرة امتدت عقودًا من الزمن، لكن ما يجري بالسعودية في العقد األخير من الزمان شيء مذهل وغير مسبوقٍ، لقد تحولت السعودية إلى أوركسترا تنموية كبرى؛ إن في حجم املنجز أو سرعته أو فرادته، وكيف أن القفزات الحضارية بدأت تتحقق واحدة تلو األخرى في شتى املجاالت. تـحـت رعــايــة وتـوجـيـه خـــادم الـحـرمـ الـشـريـفـ امللك سـلـمـان بــن عـبـد الــعــزيــز، يـقـود هـــذه األوركــســتــرا التنموية السعودية ولي عهده األمني ورئيس مجلس الــوزراء األمير محمد بـن سـلـمـان، الـــذي هـو «مـايـسـتـرو» هــذه األوركـسـتـرا الـكـبـرى، ومــن أراد أن يـعـرف حجم هــذه األوركـسـتـرا فليس عليه إال أن يفتح خريطة العالم ليجدها دولة بمساحة قارة ممتدة في شبه الجزيرة العربية، ومن أراد أن يعرف واقعها »2030 ومستقبلها فليس عليه إال أن يقرأ «رؤية السعودية التي شيدها وبناها األمير، وهو يشرف على تنفيذها ليال ونهارًا. األلـــحـــان الـــتـــي تـــصـــدح بــهــا هــــذه األوركـــســـتـــرا أطــربــت العالم بمشروعات تنموية كبرى شملت كل مناطق اململكة، وإنجازات حضارية مذهلة تتوالى تباعا دون توقفٍ، في كل مجال وبتناغم وتكامل أشادت بهما دول العالم ومؤسساته املـسـتـقـلـة، كــــل فـــي تـخـصـصـه، ســيــاســة واقـــتـــصـــادًا، ثـقـافـة وفنونا، بناء وتنميةً، اتصاالت ومواصالتٍ، وكل هذا يجري دون استراحة وال توقفٍ. هــــل هـــنـــاك دول مـــتـــقـــدمـــة أكـــثـــر مــــن الـــســـعـــوديـــة؟ نـعـم وبالتأكيد، ولكن الحديث هنا ليس عن دول أمضت قرونا في بناء هذا التقدم، وإنما عن سرعة اإلنجاز للحاق بالركب الـــحـــضـــاري املــتــقــدم عــبــر رؤيــــــة واضـــحـــة ومــعــلــنــةٍ، تـتـطـور وتتجدد، وعبر وحدة قرار وقوة متابعة وصرامة محاسبة، وعبر مرونة في املراجعة والتطوير املستمرين. القارئ املطلع على التاريخ يعلم أن سهولة املواصالت كــانــت مـــن أســـس انــتــقــال الـــحـــضـــارات فـــي تـــاريـــخ الـبـشـريـة، فــــاإلنــــســــان يــســتــفــيــد بــطــبــعــه وفـــطـــرتـــه مـــمـــا يـــــرى ويـسـمـع عـنـد الـسـفـر واالنــتــقــال وتـــــزداد هـــذه االســتــفــادة باملخالطة والتجربة، واملواصالت في انتقال الخبرات بني الحضارات مثل الترجمة في انتقال األفكار بني الثقافات. كان «طريق الحرير» قديما أحد أهم الشواهد التاريخية عـلـى أهـمـيـة طـــرق الــتــجــارة وكـونـهـا مـمـرًا طبيعيا النتقال الـحـضـارات، وهـو مـا يجعل دول العالم تتنافس الـيـوم في الـــربـــط بـــ الــــقــــارات عــبــر مـــشـــروع الــصــ الـكـبـيـر «الـــحـــزام والــــطــــريــــق»، ومــــشــــروع الـــربـــط بـــ الــهــنــد وشـــبـــه الــجــزيــرة من 2030 العربية وأوروبا، وهو ما أكد على رؤية السعودية وعي بقيمة موقعها الجيوسياسي عبر «الربط بني القارات الثالث» آسيا وأفريقيا وأوروبا. أكــــد الــشــعــر الــعــربــي الــقــديــم أهــمــيــة الــســفــر وفـــوائـــده، وكامتداد طبيعي تغنى الشعر الشعبي في جزيرة العرب باملبدأ نفسه، وتراثيا أكد الفقهاء أهمية «الرحلة في طلب العلم»، وأثنى العلماء من كل ثقافة على الفكرة ذاتها، ألن تغير الــظــروف املحيطة بـالـفـرد يمنح عقله حـريـة وأسئلة وتجارب ال تلبث أن تنير له السبيل. قــبــل أكـــثـــر مـــن خـمـسـة عــشــر عـــامـــا كــنــت أزور املـتـحـف الـبـريـطـانـي مــع الـصـديـق واملـــؤلـــف الـــبـــارع رشــيــد الـخـيّــون، ووجـــدنـــا جـــداريـــة كـبـيـرة مــن الـعـصـر اآلشـــــوري فــي الــعــراق عبارة عن عربة بعجالت تجرّها الخيول، وكان السؤال الذي قفز للذهن حينها هو: كيف لم ير املسلمون األوائل مثل هذه في العراق؟ فإن رأوها ولم يستفيدوا منها، فما السبب؟ ألن املفترض أن يكونوا قد اتبعوا سبيل بقية األمـم في انتقال الخبرات بني الحضارات. يـــــوم األربـــــعـــــاء املــــاضــــي، افـــتـــتـــح املـــلـــك ســـلـــمـــان مــتــرو الرياض، هذا املشروع األضخم في املنطقة، وكـان املشروع برمته انطلق ابـتـداء مـن رؤيـتـه عندما كــان أمـيـرًا للرياض ورئيسا للهيئة العليا لتطويرها، وقـد رفـع املشروع فكرة مكتملة حينها، وتابع خطوات تطور املشروع عبر مناصبه املتعددة ومهامه الجسام، أميرًا فوزيرًا فملكا، حتى استوى املشروع على سوقه واكتمل بناؤه فافتتحه بنفسه، ليجني ثــمــار مـــا غـــرس خـــدمـــة لـعـاصـمـة الـــبـــ د الــتــي كـــان أمـيـرهـا لخمسني عاما. أخــيــرًا، فـالـسـعـوديـة تـقـدم نـمـوذجـا للمنطقة وللعالم فـي أن االسـتـقـرار والــرؤيــة والــقــرار تمكّن الـــدول مـن تحقيق املستحيل. من ينتظرون صـدور نقد ممانِع يطال حــرب «حـــزب الـلـه»، وأسـبـاب هزيمته فيها، أو مجرّد إقرار بها، سوف يخيب انتظارهم على ما يبدو. فرغم كارثيّة ما حصل، ال يزال «إعالن االنتصار» العنوان السائد على تلك الجبهة. أمّــا الحجّة األبـــرز، واألشـــد تـكـرارًا، في البرهنة على ذاك «االنتصار» املتشاوف فـــأن اإلسـرائـيـلـيّــ «لـــم يستطيعوا القضاء على املقاومة». والـــحـــال أن هـــذا الـتـوكـيـد إنّـــمـــا يـوحـي بــخــوف عـمـيـق مـــن االنــــقــــراض تــتــم مـــداراتـــه بـتـوكـيـد الــبــقــاء عــلــى قــيــد الــحــيــاة والـــقـــول: ال نــزال هنا. ومـــرد الـخـوف هــذا إلــى أسباب كـثـيـرة ربّــمــا كـــان عـلـى رأســهــا ذاك االنـتـقـال السريع والكبير الذي عرفه مسار الشعارات ، رفـــع 2023 أكــــتــــوبــــر 7 والـــــــوعـــــــود. فـــمـــنـــذ املــمــانــعــون عــنــاويــن تـــتـــراوح بـــ «تبييض الــســجــون» كــحــد أدنــــى و»تــحــريــر فلسطني» كــــحــــد أقـــــصـــــى. وفــــــي مـــــروحـــــة الـــطـــمـــوحـــات الــعــريــضــة هــــذه بــــدا «االنـــــقـــــراض» احــتــمــاال كبيرًا يطرحه املمانعون على اإلسرائيليّني. فكيف وأن األخيرين، كما قيل لنا مرارًا، غير متعلّقني بأرض فلسطني، مستعدّون للفرار منها هـربـا مــن الـضـربـات الـتـي كالتها لهم املقاومة وسوف تكيلها؟ وجــــــاءت املـــقـــاربـــة هــــذه تـنـسـجـم تـمـام االنـــــســـــجـــــام مـــــع تــــــــراث بـــــــات يــــنــــطــــوي عـلـى انــــتــــصــــارات وُصــــفــــت بــاملــلــحــمــيّــة واإللـــهـــيّـــة ، تــــراث 2006 و 2000 حـقّــقـهـا «الــــحــــزب» فـــي أرشدنا إلى أن الدولة العبريّة «أوهن من بيت العنكبوت»، وأن «زمن الهزائم ولّى»، فبدا أن عــدو «حــزب الله» هو الــذي استوفى شروط توجّهه نحو انقراضه املحتوم. بــمــعــنــى آخــــــر، تـــتـــحـــرّك الـــــحـــــرب، وفـــق الـــلـــوحـــة الـــتـــي رســمــتــهــا لــهــا املـــمـــانـــعـــة، بني انــتــصــار كـــاســـح وهــزيــمــة كــاســحــة، أي بني انـقـراضـ اثـنـ ال بــد أن يتحقّق أحدهما. وإلقـنـاع بيئة ربّما اهتز يقينها بتصوّرات كتلك، ضـم األمـ العام الجديد قاسم نعيم صوته الذي ال يُقنع إال من وُلد مقتنعا. ثـــم إن اإلســرائــيــلــيّــ ، كـمـا قـــد تمضي الـــروايـــة الـضـمـنـيّــة، ال بـــد أن يمتلكوا حيال «الــــحــــزب» املـــشـــاعـــر نـفـسـهـا الـــتـــي يمتلكها «الـــحـــزب» حـيـالـهـم. وهـــذا مــا تـــعـــزّزه الفكرة الـتـي انـتـشـرت ومـفـادهـا أن الــدولــة العبريّة أكتوبر و»حـرب إسناد» 7 كانت ستهاجم بـ أو من دونهما، وبالتالي يغدو البقاء على قيد الحياة بذاته انتصارًا. وبالطبع فــإن املعنى التاريخي يغادر «االنـتـصـار» و»الـهـزيـمـة» فـي سـيـاق إفنائي كهذا، إذ ليس االنتصار مقدّمة يُبنى عليها تـقـدّم أو ازدهـــار أو تـحـرّر، وليست الهزيمة حدثا يتعلّم منه املهزومون ويستفيدون من دروسه. والــــروايــــة هــــذه عـــن الــــحــــرب، بـوصـفـهـا انتصارًا وهزيمة كاسحني، إنّما هي روايـة عــــن الـــحـــيـــاة نــفــســهــا، وعـــــن الـــحـــيـــاة كــلّــهــا. فاألخيرة تُختزل أهدافها، وهي كثيرة جدًّا كما يُفترض، في «قتال العدوّ»، كما تُلخّص مشاعرها وهـمـومـهـا، وهــي غنيّة جـــدًّا، في انتصار وهزيمة. أمّا املشاعر األخرى فيُعاد تـــدويـــرهـــا وصَـــوغـــهـــا بــحــيــث تـــغـــدو مــجــرّد امـــتـــداد لـهـذيـن الـهـزيـمـة واالنــتــصــار اللذين يلفّان الحياة. ومــــع انـــتـــهـــاء املـــواجـــهـــة الـــحـــربـــيّـــة قبل أيّام، كان ال بد أن يستمر اإلصرار على «أنّنا انــتــصــرنــا»، وذلــــك اســتــنــادًا إلـــى مـشـاهـدات وأقـــوال جزئيّة أو منزوعة من سياقها. ذاك أنّنا حني نجعل الحياة مساوية لالنتصار، يـــغـــدو إقــــرارنــــا بــالــهــزيــمــة نـــوعـــا مـــن تـزكـيـة االنـــتـــحـــار، أو انـسـحـابـا مـــن الــحــيــاة ذاتــهــا. وهــــــــذا بـــالـــضـــبـــط مـــــا كـــــانَـــــه خــــيــــار ضـــبّـــاط يابانيّني وأملــان عند انتهاء الحرب العامليّة الــثــانــيــة مـــمّـــن بــالــغــوا فـــي الــتــأكــيــد عــلــى أن االنـتـصـار يـعـادل حياتهم، وأن مـن دونـــه ال يبقى سوى املوت. ولـــحـــســـن الــــــحــــــظّ، فــــــــإن الــــعــــالــــم لـيـس فقيرًا وجديبا إلـى حـد تلخيصه بانتصار وهــــزيــــمــــة. وهـــــكـــــذا فـــحـــ يــــتــــوقّــــف الــقــتــل والـــقـــتـــال تـنـتـصـب مـــفـــاجـــأتـــان كـــبـــريـــان في مـواجـهـة أصـحـاب تلك الــروايــة: أن النتائج بمعطياتها ووقـائـعـهـا ووثـائـقـهـا املـوقّــعـة تأتي بعيدة جدًّا ممّا توقّعوه، أو قالوا إنّهم يـتـوقّــعـونـه، وأن الــواقــع الـسـائـل واملـعـقّــد ذا األوجـه العديدة يباشر االنتقام لنفسه بأن يتجاوزهم ويعزلهم، إن لم يكن كأشخاص وأحــــــــزاب فـــكـــأفـــكـــار عــمــلــت عـــلـــى تـلـخـيـصـه وأمــعــنــت فــي إفـــقـــاره. فـمـن كـــان ال يـمـلـك إال السالح، وال يتباهى إال به، سيلقي به جانبا استئناف دورة الحياة بما تختزنه من ثراء وأفعال ومبادرات. بــــــيــــــد أن فــــضــــيــــحــــة هـــــــــــذه الــــــــروايــــــــة االنــتــصــاريّــة هــي اقــتـرانـهــا بــأفــعــال ال يـقـدم عليها املنتصرون فعالً، كالشعور بالضيق وانــــفــــ ت الـشـتـم والــتــشــهــيــر ونـــعـــي الـكـون ولعن الـحـيـاة. فـالـذي يهب علينا الـيـوم من ضـفّــة املمانعة وصـــف تلك الــــرداءة الشاملة الــتـي تـــوالـــي الـــزحـــف عـلـيـنـا، إذ الــفــاســدون واملُفسدون وعمالء العدو وصغار النفوس ســـوف يـتـحـكّــمـون، بـعـد الـيـوم، بـكـل شـــاردة وواردة على وجه البسيطة. ولقائل أن يقول إن االنتصار والهزيمة يُــفــتــرض أن يــكـونــا ظــاهــريــن ال حــاجــة لـكـل هـــذا الـجـهـد مـــن أجـــل الـبـرهـنـة عـلـيـهـمـا. إال أن األمــر ال يعود بهذه البساطة حـ يكون الشعور بالهزيمة عميقا عند أصحابه إلى هذا الحدّ، ويكون اشتهاء االنتصار عندهم قـــويّـــا إلــــى هــــذا الــــحــــدّ. وإســـرائـــيـــل املــجــرمــة وذات االستعداد الهمجي الخصب تستحق بـالـطـبـع أن نـكـرهـهـا، لـكـنّــهـا ال تـسـتـحـق أن نمنحها الــحــق فــي إفــقــار أنفسنا ونـــزع كـل صدقيّة عنها، فنغدو كائنات مُفرّغة ال ترى فـي الـكـون إال انتصارًا وهزيمة تحصد هي أوّلَهما ويُترك لنا الثانية. OPINION الرأي 12 Issue 16805 - العدد Sunday - 2024/12/1 األحد األوركسترا التنموية و«مترو الرياض» إنفلونزا الطيور من أكثر الكوارث ترقبا في التاريخ ... عن االنتصار والهزيمة والخوف من االنقراض! وكيل التوزيع وكيل االشتراكات الوكيل اإلعالني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] املركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 املركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى اإلمارات: شركة االمارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 املدينة املنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب األولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية املوجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها املسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة ملحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي باملعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com حازم صاغيّة عبد هللا بن بجاد العتيبي *زينب توفيقي [email protected]

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==