issue16801

6 حوار INTERVIEW Issue 16801 - العدد Wednesday - 2024/11/27 الأربعاء ASHARQ AL-AWSAT بارزاني لصدّام قبل الغزو: بنادق الأكراد لن توجه إلى الجيشالعراقي كــــــانــــــت رحــــــلــــــة جــــــمــــــال مـــصـــطـــفـــى السلطان، صهر الرئيس صــدام حسين وسكرتيره الثاني، شاقة. ذهب لإحضار العشائر للدفاع عن بغداد لكن حين عاد إليها كانت قـد احـتُـلـت. أمسى مطلوباً وظهرت صورته على ورق اللعب الذي وزعـــــه الأمـــيـــركـــيـــون حـــامـــاً أرقـــــام كـبـار المـــطـــلـــوبـــ . تـــوجـــه ســــراً إلــــى الأراضـــــي الــســوريــة لـكـن الـسـلـطـات هــنــاك رفضت استقباله وأعادته إلى الأراضي العراقية فاعتُقل. اتُـــــهـــــم جـــــمـــــال خـــــــال وجــــــــــوده فــي المعتقل بقيادة المقاومة وتفجير سيارات مفخخة لكن المحكمة لم تستطع العثور 2011 عــلــى مـــا يـــبـــرر الــحــكــم عــلــيــه. فـــي حـدثـت مـفـاجـأة غير عــاديــة. أرســـل إليه الـقـاضـي أن لا شــيء يدينه وأنـــه جاهز لـــإفـــراج عـنـه لـكـن مـقـابـل مـبـلـغ محترم بــالــدولار. لـم يكن يملك مثل هــذا المبلغ فاقترح على القاضي أن يتولى أمر بيع قطعة أرض ورثها عن أجداده وأن يأخذ ثمنها. رفض القاضي وأُبقي جمال في المعتقل عشر سـنـوات إضافية ثـم أُفـرج عنه لعدم كفاية الأدلة. بـــعـــد خــــروجــــه مــــن المــعــتــقــل تــوجــه جــمــال إلـــى أربـــيـــل. أبـلـغـه صــديــق لــه أن الـزعـيـم الــكــردي مسعود بــارزانــي يريد أن يـــراه فـذهـب إلــيــه. استقبله بــارزانــي بـ«حفاوة وشهامة» وسأله عما يحتاج إلـــيـــه، فـطـلـب مــســاعــدتــه فـــي اســتــخــراج جـــــواز ســـفـــر. اسـتـوقـفـتـنـي لــــدى تـفـريـغ الـتـسـجـيـل إشـــادتـــه بـــبـــارزانـــي. اتصلت بـــــه وقــــلــــت لـــــه إن رئــــيــــس المــــــراســــــم فـي القصر الدكتور نديم الياسين، قـال لي إن صــدام تحدث عـن مسعود باحترام، وقال: «بارزاني خصم عنيد لكنه خصم شـــريـــف». رد جـــمـــال: «نــعــم إنــــه فــــارس. ودعـنـي أكـشـف لـك عـن أمـــر. قبل شهور مـــن الـــغـــزو بــعــث بــــارزانــــي بــرســالــة إلــى الرئيس يؤكد فيها أن بنادق الأكراد لن توجّه أبداً إلى الجيش العراقي». الــــــعــــــراق مـــنـــجـــم حــــكــــايــــات مــــؤلمــــة. حـكـايـات مـوالـ وحـكـايـات معارضين. أسباب هذا الحوار صحافية. شعرت أن لدى جمال مصطفى قصة من حق قراء «الـــشـــرق الأوســـــط» أن يــعــرفــوهــا. خـرج عـن صمته وتـحـدث وهـنـا نـص الحلقة الأخيرة: سألت جمال مصطفى أين كان حين بــــدأت الـــحـــرب وكــيــف اعــتُــقــل وسـأتـركـه يروي: «كنت آنذاك في بغداد، وكنت قد كُلفت مـن السيد الـرئـيـس، الـلـه يرحمه ويغفر له، بأن أرجع إلى عملي السابق وهو العشائر. أتذكر، وبطريقة مهذبة، فاتحني بهذا المـوضـوع، قـال لـي: كونك أنــــت كــنــت عــلــى الــعــشــائــر ســتــرجــع إلــى عملك. نحن عــادةً الـوزيـر نكلفه بـوزارة وعنده عمل سابق ونطلب منه أحياناً أن يعود إلى عمله السابق إذا ظهرت حاجة إليه. إن كانت وزارة يرجع إلـى الــوزارة التي عمل فيها وإن كانت أدنى من ذلك أيضاً يرجع إلـى العمل وينجز أعماله. فـقـلـت لــــه: ســـيـــدي أنــــا جـــنـــدي وحــاضــر أينما توجهني. فقال لــي: كونك عندك عــاقــات إيـجـابـيـة مــع شـيـوخ العشائر، تـلـتـقـيـهـم وتــنــقــل إلــيــهــم تــحــيــاتــي. كــان لــــه اهـــتـــمـــام كــبــيــر بــالــعــشــائــر وشـــيـــوخ الــعــشــائــر مـــن خــــال مــنــاســبــات كـثـيـرة إضــــافــــةً إلــــى إجــــــراء لــــقــــاءات شخصية معهم أحياناً. قال لي: تلتقيهم. وكانت هــــنــــاك وثـــيـــقـــة مـــنـــه كــتــبــهــا بـــخـــط يـــده لـكـل شــيــخ، يـوصـيـهـم كـيـف يتعاملون وكـــيـــف يـــواجـــهـــون ويـــقـــاتـــلـــون المــحــتــل. وقـالـك تعطيهم خـرجـيـة. الخرجية في الـعـراق تعني الـفـلـوس. الـعـراقـيـون أهل كـــــرم وجـــــــود، وعـــنـــدمـــا تـــأتـــي قــطــاعــات العسكرية تكون مجاورة لهم. مؤكّد أن شيخ العشيرة وأبناءها يساهمون في ضيافتهم. وهكذا نساعدهم ليساعدوا الجيش القريب منهم. وفـعـاً تـم الاهـتـمـام بـهـذا الجانب، واستمررت في هذا العمل. وكُلفت أيضاً بالذهاب إلى الأنبار لتحشيد العشائر وجلبهم إلـى بغداد لحمايتها والدفاع عنها. هــــــذا عـــشـــيـــة الـــــحـــــرب. وفــــــي أثـــنـــاء 5000 أو 4500 الـحـرب التقيت أكثر مـن شــــيــــخ عــــشــــيــــرة فـــــي تــــلــــك الـــــفـــــتـــــرة. فــي مــرحــلــة الـــحـــرب الـتـقـيـتـهـم. جــــــاءوا من كـــل المــحــافــظــات والـتـقـيـتـهـم فـــي بــغــداد. وعندما ذهبت إلى الأنبار اجتمعت بهم على مدى يومين، لكن عندما عدت إلى بغداد وجدت كل شيء مختلفاً والوضع كله منهاراً. وجدت بغداد وقد احتُلت. عند ذلك رحت أبحث عن جماعتنا لأنني لم أجد أبريل (نيسان) بعثت 11 أحداً منهم. في سائقي إلـى منطقة وقلت له ربما تجد أحداً من جماعتنا هناك، وأنا كان لدي شخص قـريـب مني مـن أهــل الناصرية فـي بــغــداد. وفـعـاً ذهــب الـرجـل ليبحث عــن أحـــد مــن جـمـاعـتـنـا، وصــدفــة التقى أخي الفريق الركن كمال مصطفى الذي سأله: أين جمال؟ فقال له: موجود عند فلن صديقه. جاء إلى المكان الذي كنت فــيــه، وقــــال لـــي: نــخــرج مــن بـــغـــداد. قلت لـه: أنـا لم أفكر أن أغـادرهـا، فقال: طيب لنكن منطقيين، لو بقينا في بغداد ماذا سنقدم؟ هل نمتلك أسلحة؟ لا. هل لدينا رجال؟ لا. هل نمتلك أموالاً؟ لا. إذاً ربما نُعتقَل، الأفضل أن نغادر. فعلً غادرنا بغداد وذهبنا باتجاه الـــرمـــادي، وكــانــت عـاقـاتـي واســعــة مع شيوخ العشائر، وإخواننا من العشائر كانوا حقيقة ممتازين، وكانوا يرحبون ويهتمون رغم الظروف الصعبة، وبتنا ليلة لـدى أحـد الشيوخ واتفقنا على أن نغادر إلى سوريا. غــــادرنــــا إلـــــى ســــوريــــا، وهــــنــــاك فـي سـوريـا تفرقنا. الفريق كـمـال ذهــب في جـــهـــة، وأنــــــا وخــــالــــد نـــجـــم (آخــــــر مــديــر للمخابرات قبل الاحـتـال بثلثة أيــام) أصبحنا فـي جـهـة. عندما وصلنا إلى ســــوريــــا اتـــصـــلـــتُ بــــــأخ، وكــــــان صــديــقــ لــــــي، هـــــو خـــمـــيـــس الـــخـــنـــجـــر، هـــــو كـــان فــي الأردن وقـلـت لـــه: نـحـن فــي سـوريـا، وقــال: سآتي إليك في سوريا لأرتّــب لك وضــعــك. انـتـظـرتـه. اتـصـلـت مـــرة أخــرى فـأقـفـل الـهـاتـف إلـــى يـومـنـا هـــذا. ثــم قـال الــســوريــون: تـرجـعـون مــن حـيـث أتيتم. فـــرجـــعـــنـــا. أمـــضـــيـــنـــا فــــي ســــوريــــا فــتــرة قصيرة جداً لا تزيد على يومين. عــــدت أنــــا وخـــالـــد نــجــم إلــــى بـــغـــداد، وذهــــبــــت إلـــــى صـــديـــق وزمــــيــــل، هــــو كـــان صـــديـــقـــي وزمـــيـــلـــي وأســـــتـــــاذي فــــي ذات الوقت، الدكتور حافظ الدليمي، وجلسنا عـــنـــده ورحّـــــب بــنــا وكـــــان إنــســانــ يحمل مــشــاعــر الأصـــالـــة والـــعـــروبـــة. أقـــــول عنه صـديـقـي وأســـتـــاذي وزمــيــلــي، إذ درســت معه في المرحلة الأخيرة في الجامعة. أقمنا لدى الدكتور حافظ وأعدّ لنا غـداء، يومها لم يكن كل شيء موجوداً، تغدينا بطاطا، وفي أثناء ذلك جاء ابن أخيه واسمه ثائر. وثائر الدليمي أيضاً كانت تربطنا به علقة إيجابية، وقال: لمـــــاذا لا نــســلّــم أنــفـسـنـا لـجـمـاعـة أحـمـد الجلبي. قلنا لــه: غير ممكن، ولا نقبل مطلقاً. حـاول فلم يجد لدينا استجابة فـــذهـــب. بـعـد ذلـــك بـفـتـرة قــصــيــرة، جـاء مـــســـلـــحـــون ودخــــــلــــــوا عـــلـــيـــنـــا مــلــثــمــ ، مجموعة كبيرة ودبابات، فتم اعتقالنا وأُخــــذنــــا إلــــى نـــــادي الــصــيــد ومـــنـــه إلــى الـسـجـن. هـــذا يـــوم لا أنــســاه، وكـــان يـوم .»2003/4/21 نبأ اعتقالصدام «أنهى آمال التحرير» ســـــألـــــت الــــســــكــــرتــــيــــر الــــثــــانــــي عــن المعتقل والـتـحـقـيـقـات واعـتـقـال صــدام حـــســـ فــــقــــال: «عــــنــــدمــــا وصـــلـــنـــا إلـــى المعتقل الأميركي كان التحقيق من قبل الأميركيين ومن جهات متعددة فيهم. لــــم تـــغـــب عــــن الــتــحــقــيــقــات مـــمـــارســـات القسوة والأذى النفسي والجسدي وكل مـا يمكن أن يخطر فـي بـالـك. انصبت التحقيقات فـي الـبـدايـة على موضوع أســـلـــحـــة الــــدمــــار الـــشـــامـــل. هــــل يـمـتـلـك الـــــعـــــراق أســـلـــحـــة دمــــــار شــــامــــل؟ وأيــــن هـــي؟ أيـــ كـــان يـلـتـقـونـه يـسـألـونـه هـذا الـــســـؤال. وكــذلــك عــن الـطـيـار الأمـيـركـي (مايكل سكوت سبايكر الـذي أُسقطت طـائـرتـه إبـــان حـــرب الخليج الـثـانـيـة)، هل تعرف شيئاً عن الطيار الأميركي؟ طيار أميركي أُسقط في الـعـراق وبعد فـتـرة مـن الـزمـن خــرج الـنـاس يبحثون عـــنـــه، ولـــجـــنـــة أمـــيـــركـــيـــة أيـــضـــ دخــلــت بـالـتـعـاون مـع الــعــراق للبحث عـن هذا الطيار، وفعلً وجـدوا أجـزاء من رفاته وأصــبــح معلوماً لـــدى الأمـيـركـيـ أنـه قُتل في أثناء سقوطه من الطائرة. لكنّ الأميركيين يعتقدون دومـ أن المؤامرة مـــوجـــودة وأن الــكــام ربـمـا يـكـون غير صحيح وربما هو مخفي وكذا... وكان هـذا الـسـؤال يُطرح حـول هـذا الجانب. الـــطـــيـــار يــــهــــودي الـــديـــانـــة وجـنـسـيـتـه أمــــيــــركــــيــــة، لــــأســــف سُـــمـــيـــت (قــــاعــــدة سبايكر) في العراق باسمه. فـــي المـعـتـقـل كــانــت هــنــاك قــواطــع، شخصاً، 21 ومجموعات. في كل قاطع أشــــخــــاص. وكـــانـــوا 7 وفـــــي كــــل بـــلـــوك يُـخـرجـونـنـا لـلـريـاضـة، نتمشى قليلً ونُـمـضـي نـحـو نـصـف ســاعــة. وأتــذكــر أن أحمد حسين، رئيس الــديــوان، كان في قاطعنا ذاتـه، وكـان بلوكهم يخرج لـــلـــريـــاضـــة، ثـــم بــعــدهــا يــطــلــع بـلـوكـنـا لـــلـــريـــاضـــة. فــــي أثــــنــــاء مــشــيــه أمـــامـــي، قــال لــي: للسف الـيـوم اعتقلوا السيد الرئيس، جاءنا هكذا خبر. تألمت جداً لأنـنـا كـنـا نـتـحـدث فــي بـعـض الأحـيـان أنــــا وبـــعـــض والإخـــــــوان والــــزمــــاء بــأن وجـــود الـسـيـد الـرئـيـس خـــارج السجن هو الأمل الكبير لتحرير العراق. بعدما اعــتُــقــل وجـــدنـــا أن الـــعـــراق احـــتُـــلّ الآن، واستمرارية الاحتلل دائمة. كنت في هذه الأثناء أرى مقابلنا، حـــيـــث يــــوجــــد بــــلــــوك ثــــــــانٍ فـــــي نــهــايــة بلوكات السجن، عملً مستمراً هناك. كـان هناك نجارون وحرفيون... وكان العمل دؤوبــ ولا نعرف الأسـبـاب، كنا نـعـتـقـد أن هـــنـــاك شــيــئــ آخــــر أو أنـهـم يـضـيـفـون شـيـئـ آخـــر لـلـسـجـن، لكنهم أقاموا ستاراً ولم نعد نرى الممر الذي أمـــامـــنـــا. بــنــوا جـــــداراً خـشـبـيـ فـــي هــذا المكان». سألته: هل كان صدام حسين يقود المـقـاومـة قبل اعتقاله؟ فــأجــاب: «نعم. المـــقـــاومـــة بـــــدأ عــمــلــهــا بـعـد الــــحــــرب. لـــم يــكــن مــوضــوع المــــقــــاومــــة مــــعــــداً ســـلـــفـــ لأن الـعـمـل كـــان آنــــذاك عسكرياً (غيتي) 2003 الغزو الأميركي أنهىحكمصدام عام فــي الحلقة الأخــيــرة مــن الــحــوار مـعـه، يـتـحـدث جمال مـصـطـفـى الــســلــطــان عـــن اعـــتـــقـــال عـــمّـــه صـــــدام حـسـن، وســقــوط «أمــــل المــقــاومــة» ضــد الأمــيــركــيــن. يـتـحـدث عن ذهـابـه لإحـضـار العشائر للدفاع عـن بـغـداد خــال الغزو ، لكن حي عـاد إليها كانت 2003 الأميركي للعراق، عـام قد احتُلت، فأمسى مطلوباً، ثم تم اعتقاله بعدما امتنعت سوريا عن استقباله. في المعتقل، يقول جمال مصطفى السلطان أرسل إليه قاض يخبره أن لا شيء يدينه وأنه جاهز للإفراج عنه لكن مقابل مبلغ محترم بالدولار. لم يتمكن من دفع الرشوة، فأُبقي في المعتقل عشر سنوات إضافية ثم أُفرج عنه لعدم كفاية الأدلة. هنا نص الحلقة الأخيرة:  أيام القصر والزنزانات (الأخيرة) جمال مصطفى صهر صدام حسين وسكرتيره الثاني يروي لـ حاوره: غسانشربل احتُلت بغداد فذهبنا إلىسوريا لكنهم قالوا «تعودون من حيث أتيتم» فاعتقلنا صدام خلال اجتماع بأركان نظامه (غيتي)

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky