issue16801

OPINION الرأي 12 Issue 16801 - العدد Wednesday - 2024/11/27 الأربعاء وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com والآن الهزيمة! عن مصير لبنان ... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»! كتبت قبل أسبوعين عن حروب المنطقة والسعي لقول «انتصرنا»، لكن «لا طرف من أطـراف الصراع يريد الانتصار لمفهوم الدولة، أو حقن الدماء، وإعلاء قيمة الوطن والمواطنة، أو لإنجاز السلام، بل البحث عن انتصار آنـي، لن يعود على المنطقة... بالفائدة المرجوة للمضي قدماً». الــيــوم أكـتـب عــن «الــهــزيــمــة»، وربــمــا يُـنـشـر هـذا المـــقـــال وقـــد تـــم الاتـــفـــاق عـلـى وقـــف إطــــ ق الـــنـــار في لبنان، وبالتأكيد ستنطلق ماكينة الترويج للنصر المزعوم من قبل دول وأحزاب، وميليشيات، وستكون حملات مكرّرة، لكن بتكنولوجيا جديدة. حـسـنـ ، مــا هــي الـهـزيـمـة؟ كـيـف نـقـول هُـــزم هـذا الـــطـــرف أو ذاك؟ لــبــنــانــيــ ، لــيــس الـــحـــديـــث هــنــا عن تـفـاصـيـل الاتـــفـــاق، ومـــا الــــذي تـحـقـق لإســرائــيــل، أو لـبـنـان أو «حـــزب الــلــه»، رغـــم أن كــل المـــؤشـــرات تقول إن الـــحـــزب لـــم يـحـقـق شـيـئـ وانــســحــب مـــن الــحــدود الجنوبية بقوة السلاح. الــقــصــة، وتـــحـــديـــداً فـــي الــحــديــث عـــن الـهـزيـمـة، مختلفة، وهــي عـن الــصــورة الـكـبـيـرة. فـــإذا تـم وقف إطـــ ق الــنــار، ونـتـج عنه ارتــــداد ســ ح «حـــزب الله» للداخل فهذه هزيمة للدولة اللبنانية، وإسرائيل، والوسطاء الدوليين. وإذا لم يتعلم لبنان، وساسته، الدرس، وتصبح الـدولـة فـوق الجميع، وقـــرار الـحـرب والسلم بيدها، وحامي حماها هو الجيش، فإنّ هذه هزيمة ساحقة للبنان، وعلى اللبنانيين التذكر أنّ الجميع بالمنطقة يسعى فعلياً لوقف إطلاق النار. لـكـن لـيـس الـجـمـيـع حـريـصـ عـلـى إعــــادة إعـمـار ، فقط لأن «حزب الله» 2006 سبقها إعادة إعمار، في قرّر المغامرة بحرب «وحدة ساحات» واهمة وواهية، لأن الـــــدول لـيـسـت جـمـعـيـات خــيــريــة. وهــــذه هزيمة جديدة للبنان أيضاً. وبالنسبة إلى غزة، فإذا كان وقف إطلاق النار هـــو مـــجـــرد ضـــمـــان ســـ مـــة مـــن تــبــقّــى مـــن قـــيـــادات «حماس» مقابل إطلاق سراح الرهائن، فهذه هزيمة مـــؤلمـــة أيـــضـــ بـــحـــق الـــقـــضـــيـــة، وأهــــــل غـــــزة الأحـــيـــاء والأموات. إذا مـــا انــتــهــت حــــرب غــــزة دون عــــودة السلطة الفلسطينية للحكم هـنـاك، فــإنّ تلك هزيمة لمفهوم الــــــدولــــــة الـــفـــلـــســـطـــيـــنـــيـــة، ومـــســـتـــقـــبـــلـــهـــا، وهـــزيـــمـــة لـــكـــل الـــجـــهـــود الـــصـــادقـــة الـــهـــادفـــة لإنــــشــــاء الـــدولـــة الفلسطينية، وحل هذا الصراع. وبالنسبة لإسرائيل، وحتى لو حصل نتنياهو عـلـى بـنـود اتــفــاق هــي بـــالأســـاس، وبـلـغـة مـبـاشـرة، تعني اسـتـسـ م خـصـومـه، وتـحـديـداً «حـــزب الـلـه»، مثل حق الـرد، أو انسحاب الحزب إلـى ما هو أبعد مـن المتفق عليه سابقاً فـي الـحـدود الجنوبية، فـإنّ تلك هزيمة أيضاً. كيلومترات، 7 هزيمة لأنّ الهدف ليس الابتعاد ، مـن الــحــدود اللبنانية الإسـرائـيـلـيـة، الهدف 20 أو هو الاستقرار والسلام، وما دام هو «اتفاق هدنة»، أو مجرد «وقــف إطــ ق نـــار»، وليس مـشـروع سلام حقيقي، فتلك هزيمة. والأمر نفسه في غزة، ولو استسلمت «حماس» فـمـا دام لا يــوجــد مــشــروع ســـ م يُـفـضـي لـحـل هـذا الــصــراع، فـــإنّ كـل مـا يتم التوصل إلـيـه هـو هزيمة، ولكل الأطــراف، وأولهم إسرائيل. هذه هي الصورة الكبرى، والباقي تفاصيل. ثَمة مفاهيم، معظمها غير معروف وغير شائع، لا مكان لها في الصخب الإعلامي وحواراته الجدلية، لا بد من تبينها لإضــاءة الطريق وإتاحة الرؤية حـول مصير لبنان، أهمها: ضرورة التمييز، أولاً، في رؤيتنا للواقع، بين نوعين مـن المجتمعات المـعـاصـرة، «مجتمع الأفــــراد» السائد في الــعــالــم الــغــربــي والـــعـــالـــم الــصــنــاعــي عــمــومــ ، و«مـجـتـمـع الـجـمـاعـات» السائد فـي عالمنا المـشـرقـي. هما مجتمعان مختلفان بـعـمـق، لا تــصــحّ فيهما المـفـاهـيـم نـفـسـهـا، ولا تنطبق عليهما التوصيفات والحلول عينها. لكن على الـــرغـــم مـــن هـــذا المـعـطـى الأســـاســـي، فـــإن تـــداخـــل المـفـاهـيـم والــحــلــول وتخبطها وعـبـثـيـتـهـا، مــا زالــــت هــي المهيمنة على الثقافة الإعلامية. من يـدرك أن جميع الأنظمة التي تـوالـت فـي المــشــرق، وأيـضـ فـي المــغــرب، الـعـربـيـ ، طـوال مـائـة عـــام بـعـد سـقـوط السلطنة الـعـثـمـانـيـة، لــم تستطع تحويل جماعاتها إلى أفراد مواطنين؟ أكثر من ذلك، على مــدى مـائـة عــام اشـتـد تـمـاسـك هــذه الـجـمـاعـات الطائفية والمذهبية والعشائرية والإثنية والمناطقية. فكيف يمكن فهم الواقع الراهن بمعزل عن ذلك؟ ثم، ثانياً، إدراك طبيعة المشروع اللبناني في بيئته وفي المنطقة، للتمكن من رؤية الحاضر واستقراء الآتي. فهذا المشروع لا يقوم على القوة العسكرية أو الأمنية أو الـديـمـوغـرافـيـة، بــل عـلـى الــقــوة الـحـضـاريـة، وعـلـى ثقافة الـحـريـة، والانــفــتــاح عـلـى الـعـصـر، والــحــداثــة، والازدهــــار الاقتصادي، والرهان على نوعية الحياة البشرية. وهو مـــشـــروع يـسـتـمـد مـتـانـتـه واســتــمــراريــتــه فـــي الـــزمـــان من الخصائص الجغرافية - التاريخية لجبل لبنان، بوصفه حـصـنـ قـديـمـ لـلـحـريـات ومـلـجـأ لـلـجـمـاعـات المعتصمة به. والمشروع اللبناني المرتكز على هذا الجبل، استطاع التفاعل مع الحداثة في وقتجد مبكر، مع بدايات النهضة الأوروبــيــة التي أنهت الـقـرون الوسطى وأطلقت الأزمنة الحديثة. فقد انفتح مجتمع جبل لبنان على الحداثة قبل قرنين من سائر مجتمعات المشرق، حين تكرّس تواصله مع فلورنسا ورومــا وباريس منذ أواخــر القرن السادس عـشـر، بينما لــم تـصـل ريـــاح الـحـداثـة إلـــى المــشــرق إلا مع وإدراك محمد علي 1798 حملة بونابرت على مصر عام باشا أهميتها. فلا عجب في أن يكون للمشروع اللبناني دوره الـرائـد فـي تحقيق الإنــجــازات المعرفية والجامعية والـــتـــربـــويـــة والـــفـــكـــريـــة والـــلـــغـــويـــة والأدبــــيــــة والإعـــ مـــيـــة والـطـبـاعـيـة والـقـضـائـيـة والاقـــتـــصـــاديـــة والاسـتـشـفـائـيـة والصحية العامة والسياحية، وقيم الحرية والتسامح وقبول الآخر وطرق الحياة الجديدة، التي عرفها المشرق عاماً من ظهور الكيان اللبناني الأول عام 114 على مدى .1975 إلى عام 1861 وثــالــثــ ، لـتـبـّ مـصـيـر لـبـنـان الآن، يـتـوجـب الـوعـي بالحركتين المتفاعلتين فــوق أرضـــه على الــــدوام، والـيـوم أيـضـ : المــشــروع اللبناني الـتـائـق إلــى الـتـحـرر مـن قبضة المحيط السلطوي نحو أفق مختلف، والمشروع الإقليمي فــي لـبـنـان الـعـامـل عـلـى إعــادتــه إلـــى قبضة المـحـيـط. هـذا الــــصــــراع هــــو أحـــــد أهـــــم المـــســـالـــك لــتــبــ مــعــنــى الـــتـــاريـــخ اللبناني. المـشـروع اللبناني يبقى هـو نفسه، والمـشـروع الإقـلـيـمـي فـــي لـبـنـان يـــرتـــدي أشـــكـــالاً مختلفة بـاخـتـ ف المراحل. كان هو على مدى زمني طويل مشروع الوحدة العثمانية، ثـم حــلّ محلّه بعد انـهـيـار السلطنة مشروع الــوحـــدة الــســوريــة، فــي صيغته الفيصلية الأولـــــى، وفـي صيغته البعثية، وفـي صيغته السعادية، وقـد حـلّ معه وبـعـده مـشـروع الـوحـدة القومية العربية، خصوصاً في طبعته الناصرية. رابــــعــــ وأخـــــيـــــراً، لمــعـــرفـــة إلـــــى أيـــــن لـــبـــنـــان، لا بــــد مـن الإدراك أيـضـ أن الـتـحـول هــو سـمـة الــواقــع الــدائــمــة، وأن الحاضر؛ كل حاضر، أكثر هشاشة مما يبدو عليه. ولا يـكـون الـتـحـول إلا بـتـ قـي الــعــوامــل الـداخـلـيـة والـعـوامـل الخارجية الـتـي تحدثه فـي ظــرف مـحـدّد. يملك المـشـروع اللبناني عوامل داخلية مهمة ومؤثرة تتمثل في رسوخه واسـتـمـراريـتـه وإنــجــازاتــه. وإذا كـانـت صـورتـه الثقافية، وانـتـشـار مـهـاجـريـه الـــواســـع، يـدعـمـانـه فــي الـــخـــارج، فلم يكن لهذا المشروع أي تأثير يُذكَر على العوامل الخارجية الـتـي أنـقـذتـه فــي كــل مـــرة وهـــو فــي الــرمــق الأخـــيـــر. كانت حركة التاريخ تصب من تلقائها في مصلحته. أي دور ؟1861 كان له في حملة نابليون الثالث على الشرق عام وأي دور كان له في انتصار فرنسا وبريطانيا على ألمانيا ؟1918 والنمسا وتركيا فـي الـحـرب الكونية الأولـــى عــام وأي دور مـؤثـر كـــان لــه فــي الانــقــ ب الأمـيـركـي والـغـربـي ؟ في كل مرة كان حاضراً 2005 على النظام السوري عام وحـيّـ بوصفه عـامـً داخـلـيـ فـقـط، مـن دون تأثير يذكر على العوامل الخارجية الذاهبة في اتجاهه. هل يتكرر ، بنتيجة الحرب الدائرة بين 2024 ذلك هذه المرة أيضاً عام الكيان الصهيوني وأميركا والغرب من جهة، وإيـران من جهة أخرى، والتي ليس له تأثير فيها؟ مـــنـــذ ســــنــــوات قـــلـــيـــلـــة، وخـــصـــوصـــ بـعـد «طـــوفـــان الأقـــصـــى»، راح يـظـهـر تـعـبـيـر جـديـد هو «الممانعة المــضــادّة»، أو «الأنـتـي ممانعة»، والــــذي يـقـصـد قـائـلـوه أنّ الـطـرفـ النقيضين يتحكّم بهما منطق واحد في التفكير والعمل. أمّـا اصحاب القول فيقترحون ضمناً أنّهم هم الـذيـن يمثّلون التركيب الــذي يضعهم «فـوق» الموقفين المتعارضين، أو أنّهم يمارسون لصق المـوقـفـ وتلفيقهما ثـــمّ الـتـمـوضـع فــي وســطٍ «بينـ»ـهما. وأغلب الظنّ أنّ الحجّة هـذه سهلة دائماً سهولة «لا هذا ولا ذاك». إلاّ أنّ ظاهرها الحِكَميّ ليس فعليّاً سوى الوجه الآخر لانسداد طريقها إلى السياسة، تماماً كما حين يُطلب الرأي من شيخٍ تُنسب إليه الحكمة، ثمّ يُطلب من آخرين، فــاعــلــ ونـــشِـــطـــ ، تـــدبّـــر هــــذا الــــــرأي الـحـكـيـم وتحويله إلى واقع ووقائع. أســــــــوأ مـــــن ذلـــــــك أنّ نــــظــــريّــــة «المـــمـــانـــعـــة والممانعة المضادّة» تهب الممانعة موقع الأصل والتأسيس، أو تجعلها الأطروحة الأولى، فيما تمنّ على «الممانعة المـضـادّة» بوظيفة الــردّ أو الأطروحة الثانية النقيض. والــــحــــقّ أنّ تـصـنـيـفـ كـــهـــذا يــنــهــار كــلّــيّــ حين نعتبر أنّ وجـود دول وأوطــان هو الأصل والتأسيس، أو هكذا ينبغي أن يكون الأمر لدى أيّـــة جماعة وطنيّة فـي العصر الـحـديـث. وعن المقدّمة هـذه، وما تفترضه من نظام أولويّات، يـــصـــدر المـــوقـــف مـــن كــــلّ مـــا يــقــع خـــــارج حـــدود الدولة الوطنيّة. أمّا الممانعة، ومنذ أسلافها في الأنظمة العسكريّة والأمـنـيّـة التي انبثقت من آيديولوجيّات القوميّة العربيّة، فترهن الموقف من الداخل الوطنيّ والحكم عليه بالموقف ممّا يقع خـارج حـدود الدولة الوطنيّة. هكذا يبدو الأمـر كما لو أنّ الـدول القائمة مجرّد ترتيبات إداريّــة مؤقّتة فيما الشرعيّة تُستَمدّ من «أمّة» آيـديـولـوجـيّـة، عربيّة أو إسـ مـيّـة، غير قائمة فــي الـــواقـــع. وبـالمـعـنـى هـــذا، يستحقّ نــظــامٌ ما أن يُـقـلَـب لأنّـــه لا يقاتل إسـرائـيـل، أو أن يُـمـدَح لأنّــــه يـقـاتـلـهـا، و»لا صـــوت يـعـلـو فـــوق صـوت المعركة» في الصراع مع الدولة العبريّة. ومنذ ، بات هذا المعيار يتغذّى على معيار آخر 1979 مفاده أنّ الوطنيّ هو الذي يتحمّس لموقع نفوذ إيرانيّ في بلده ما دام أنّه يقاتل إسرائيل. والـحـال أنّـه قبل الحرب الحاليّة، بل قبل حـــــروب «مـــصـــيـــريّـــة» و»قــــومــــيّــــة» كـــثـــيـــرة، كــان ثـمّـة رأي عـريـض يـديـن «حـــزب الـــلـــه»، ويـديـن، قـبـلـهـمـا، أنـظـمـة الـتـجـبّـر الأمـــنـــيّ فـــي المــشــرق. وهذا ما لم يصدر فحسب عن رداءة السياسات الــداخــلــيّــة لـتـلـك الأطـــــــراف، بـــل أيــضــ عـــن قـيـام تلك الـسـيـاسـات، وإلـــى أبـعـد مــدى ممكن، على تـغـلـيـب الـعـنـصـر الــعــابــر لـــلـــحـــدود، أكـــــان ذلــك صدقاً أم كـذبـ . والأمــــران إنّـمـا يستحيل فصل واحدهما عن الآخـر تبعاً لاندراجهما معاً في نــظــام مـفـهـومـيّ وســيــاســيّ واحـــــد. فــــإذا كـانـت حـــجّـــة الــقــائــلــ «لا هـــــذا ولا ذاك» أنّ «حــــزب الــلــه» وحـلـفـاءه لا يـقـاتـلـون إسـرائـيـل «فــعــ ً»، فـــإنّ الحجّة تلك تـبـدو الـيـوم سقيمة جـــدّاً، لأنّ الــحــزب يـقـاتـلـهـا، والمـشـكـلـة هــي بـالـضـبـط أنّــه يقاتلها فيكون قتاله لها الـوجـه الآخــر المكمّل لقتلنا نحن. وهذا ما يملي موقفاً مباشراً من مبدأ «قتال إسرائيل» بوصفه أولويّة ومعياراً حاكماً. بـــلـــغـــة أخـــــــــرى، فـــــــإنّ الالــــــتــــــزام الأخـــــ قـــــيّ والانــــــســــــانــــــيّ والـــــثـــــقـــــافـــــيّ بــــالــــحــــقّ والــــــدولــــــة الفلسطينيّين شيء، والاندفاع في حرب تحتقر الإرادة الشعبيّة في بلد بعينه شيء آخر. كذلك فـــــإنّ أقـــصـــى الإدانــــــة لـلـوحـشـيّـة الإســرائــيــلــيّــة، المعبّدة بجرائم الحرب المتواصلة، لا ينبغي أن تستدعي هــذه الوحشيّة إلــى الـداخـل الوطنيّ شرطاً لـ»وطنيّتها». وإنّما للتمييز هذا يغدو المــــوقــــف مــــن «حــــــرب الإســـــنـــــاد»، أي مــنــهــا هـي نفسها كمبدأ لا كممارسات تفصيليّة، معياراً حاكماً: ذاك أنّ الموافقة عليها لا تجد أيّ سند فـي موقف وطـنـيّ سـيـاديّ، لكنّها تجد الكثير من الأسانيد في مقاربة العالم قوميّاً أو دينيّاً أو شعبويّاً بالمعاني الدارجة. وأغـلـب الـظـنّ أنّ نظريّة «لا هــذا ولا ذاك» تجمع بين تأويل للعالم لا تزال القوميّة العابرة للحدود، وربّما الدين، يلعبان فيه دوراً وازناً، وتطلّعات مدارها الوطنيّة والعدالة والحرّيّة. وإذ ينشطر الـــواقـــع الـفـعـلـيّ بــ الأولــويّــتــ ، ويــتــبــدّى يــومــ بــيــوم أنّ جمعهما مستحيل، تغدو نظريّة «لا هـذا ولا ذاك» أقــرب إلـى وعظ مــشــوب بــتــوزيــع الإدانـــــــات يـمـنـة ويـــســـرة على الطرفين. فــهــل يُـــفـــتـــرض مـــثـــ ً، مـــع ضــعــف «حـــزب الله» تبعاً للضربات الإسرائيليّة، أن لا تتقدّم الدولة اللبنانيّة لملء الفراغات التي يتركها هذا الضعف لأنّ فـي ذلــك «رهــانــ » على إسـرائـيـل؟ وهـــل كـــان يـنـبـغـي رفـــض تـــمـــدّد الــشــرعــيّــة إلـى المــطــار والمـــرفـــأ وســواهــمــا مــن المـــرافـــق لأنّ هـذا الــتــمــدّد يستفيد مــن وقــائــع حــربــيّــة أنتجتها أفـعـال إسرائيليّة؟ واسـتـطـراداً، مــاذا عـن مبدأ نـزع سـ ح «حـزب الـلـه»، ونـزع سـ ح أيّ حزب كـــان، بـغـضّ الـنـظـر عــن صـــراع هـــذا الــحــزب مع إسرائيل أو عدمه؟ أمام أسئلة عمليّة كهذه لا يتّضح الفارق بين الممانعة و»الممانعة المـضـادّة» فحسب، بل تتّضح أيضاً استحالة التوفيق بينهما، وكذلك استحالة «تركيبهما» في كلّ أعلى، أو الوقوف في وسطٍ ما بينهما. وما الأحداث التي تُعاش دماً وخراباً سوى نبع من البراهين. المشكلة هي بالضبط أنّ «حزبالله» يقاتل إسرائيل فيكون قتاله لها الوجه الآخر المكمّل لقتلنا نحن كيف نقول هُزم هذا الطرف أو ذاك؟ أية رؤية لفهم الواقع وتبيّن الآتي؟ حازم صاغيّة طارق الحميد أنطوان الدويهي

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky