issue16799

6 حوار INTERVIEW Issue 16799 - العدد Monday - 2024/11/25 الاثنين ASHARQ AL-AWSAT جمال مصطفى: مشوا تباعاً إلىحبل المشنقة ولم يرف لهم جفن لـم يتوقع المحيطون بـصـدام حسين أيــامــا قـاسـيـةً مــن قـمـاشـة الـتــي عـاشـوهـا مــعــه فـــي المــعــتــقــل. لـــم يـخـطـر بــبــالــهــم أن تـلـقـي الآلــــة الـعـسـكـريـة الأمـيـركـيـة بكامل ثقلها فيتداعى النظام ويسقط مع الحزب والجيش، وأن تتقدم قـوى حليفة لإيـران إلى مواقع القرار في النظام الجديد. دار الـــزمـــان دورة صــاعــقــة وكــامــلــة. الرجل القوي الذي كان ممسكا بالمصائر تــــحــــوّل ســجــيــنــا مــــع شــــعــــوره أن مــوعــد إعــدامــه آتٍ وإن تـأخـر قـلـيـاً. كـــان الـرجـل عنيداً حتى وهـو يلفظ أنفاسه الأخيرة. لـــم تـنـكـسـر إرادتــــــه ولــــم يـطـلـب لشخصه شيئا من سجّانيه. ساهم في رسم صورة مــا بـعـد إعـــدامـــه. وأعـــطـــاه الـحـكـام الـجـدد فـرصـة تثبيت هــذه الـصـورة باختيارهم توقيت الإعدام والتعرض بعده لجثته. أركان القيادة الذين كانوا يتحلقون حـول رئيسهم على طاولة مجلس قيادة الـــثـــورة أو مـجـلـس الـــــوزراء تـــوزعـــوا هـذه المــــرة فـــي زنـــزانـــات المـعـتـقـل. اسـتـجـوبـهـم أمـيـركـيـون واسـتـجـوبـهـم عـراقـيـون وكــان الإعــــدام مــدرجــا مـنـذ الـبـدايـة عـلـى جــدول الأعمال. فـــي هــــذه الــحــلــقــة يــتــحــدث الــدكــتــور جمال مصطفى السلطان عن رحيل رفاقه وأقاربه إلى حبل الإعــدام. سيروي أيضا كــيــف تـــــزوج حـــا أصـــغـــر بـــنـــات الــرئــيــس صـــــــدام حــــســــ ، ويـــتـــحـــدث عــــن الـــســـلـــوك العائلي لصدام وهواياته، وهنا الحلقة الثانية: ســـألـــت جـــمـــال مــصــطــفــى الــســلــطــان عن أبــرز الذين أُعـدمـوا خـال وجــوده في المعتقل والــظــروف الـتـي رافـقـت إعدامهم والملبسات فأجاب: «السيد الرئيس والأستاذ طه ياسين رمضان، نائب رئيس الجمهورية، وخالي علي حسن المجيد، عضو مجلس قيادة الثورة، وخالي الآخـر عبد حسن المجيد، وعــــــواد الـــبـــنـــدر، وكـــيـــل رئـــيـــس الــــديــــوان، وبرزان إبراهيم الحسن، الأخ غير الشقيق للرئيس، والـفـريـق عبد حـمـود، سكرتير السيد الـرئـيـس، وفــــاروق حــجــازي، وهو كان معاونا لمدير المخابرات في مرحلة ما ثم سفيراً للعراق في تركيا. لفهم ما رافـق الإعـدامـات أحيلك إلى فــيــديــو وزّع حــديــثــا لـخـضـيـر الــخــزاعــي النائب السابق لرئيس الجمهورية بعد الاحــــتــــال. يــعــتــرف الـــخـــزاعـــي بــالــصــوت والصورة أنه لم يجد ما يبرر حكم الإعدام الــــــذي أصـــــدرتـــــه المـــحـــكـــمـــة بـــحـــق الــفــريــق عـبـد حــمــود. أخـطـر مــا فــي الأمـــر اعـتـرافـه بأنه ذهــب إلــى إيـــران وتـشـاور مـع مرجع قـضـائـي هــنــاك أورد اســـمـــه، وأن الأخـيـر شجعه على التوقيع ففعل. والحقيقة أننا شعرنا منذ البداية أن المحكمة أداة انتقام تعمل بأوامر إيرانية. أبلغوا عبد حمود بنقله إلى المستشفى، وفي المساء قال لنا الحراس إنهم نفذوا بحقه حكم الإعدام. السيد الرئيس كان يتوقع أن يُعدم. والحقيقة هي أن مجرد وجـوده حيا ولو فــي الـسـجـن كـــان يثير قلقهم. ويمكنني الجزم أن أعضاء القيادة واجهوا بشجاعة قــرار إعدامهم ولـم يبدر منهم أي ضعف أو يرف لهم جفن. ذات يوم أبلغوا برزان وعواد البندر بقرار الإعـدام. كنت أمارس الـريـاضـة مـع عـــواد ولا أبـالـغ إن قلت إنه كان محتفظا بتفاؤله. أخذوا برزان وبندر لـتـنـفـيـذ الــحــكــم ثـــم أعـــادوهـــمـــا وأرجــــــأوا التنفيذ إلى موعد لاحق ثم أعدموهما في الـيـوم نفسه. وفــي مـوعـد آخــر عرفنا من الـحـراس أنهم أعـدمـوا عبد حسن المجيد وفــــاروق حـجـازي وهـــادي حسن (ضابط في المخابرات). سأعطيك فكرة عما كان يجري. ذات يوم لفقوا لي تهمة مفادها أنني أعطيت قــبــل الاحــــتــــال الــســيــد خــمــيــس الـخـنـجـر (سياسي سُـنّـي) مبلغ مائتين وخمسين مليون دولار. طبعا لا أساس لهذا الكلم. قالوا لي: إذا لم تعترف بذلك ستبقى في السجن طيلة عمرك. رفــــضــــت أن أخــــضــــع وقــــلــــت لـــهـــم إن علقتي به عادية كوني كنت مهتما بملف الــعــشــائــر. عـــــادوا إلــــيّ لاحــقــا بـسـيـنـاريـو مـــخـــتـــلـــف. قـــــالـــــوا نـــنـــقـــلـــك إلــــــى الـــســـفـــارة العراقية في الأردن وتعترف هناك بأنك ســلّــمــتــه المـــبـــلـــغ، وبـــعـــد الاعــــتــــراف يطلق سراحك في عمّان مع مبلغ مالي ضخم. أجـبـت أنـنـي لــن أفـعـل مهما كـــان الـعـرض ولـــن أتـخـلـى عــن قيمي لـإيـقـاع بخميس الـخـنـجـر الـــــذي كــــان صــديــقــي. لــفــقــوا لي لاحقا تهمة المشاركة في عملية تجفيف الأهوار ولم تكن لي أي علقة بهذا النوع من الملفات». الاتصال الأول بعد الإعدام ســـألـــتـــه مـــتـــى اتــــصــــل بــــزوجــــتــــه حـا لـتـعـزيـتـهـا بــعــد إعـــــدام والـــدهـــا الــرئــيــس، وكـــيـــف كـــانـــت أوضــــــاع والـــدتـــهـــا الــســيــدة ساجدة خير الله طلفاح التي تعيش معها فأوضح: «بعد خمسة أيـام من استشهاد السيد الرئيس، اتصلت بعائلتي فتحدثت مع زوجتي ووجدتها تتمتع بمعنويات عالية جداً وكان إيمانها وصبرها عاليين جداً وفي الوقت نفسه سألتها عن عمتي السيدة أم عـدي فطمأنتني وقالت لي إن معنوياتها عالية على رغـم الألــم. حقيقة المصاب كبير وجلل والتضحيات عظيمة ولــــكــــن الــــلــــه ســـبـــحـــانـــه وتــــعــــالــــى حــبــاهــا بـــالإيـــمـــان والـــصـــبـــر والـــعـــزيـــمـــة والـــهـــمـــة، وكـانـت الحقيقة قوية جــداً، الله يعطيها الصحة والـعـافـيـة ويـطـول بعمرها لأننا دائما نستمد القوة منها والإصـــرار على المــضــي فـــي هـــذا الاتـــجـــاه. خــســرت عمتي نجليها عـدي وقصي ثم خسرت زوجها. وهي في الحقيقة لعبت منذ البداية دوراً كبيراً في دعم زوجها السيد الرئيس منذ بـــدأ نــضــالــه. كــانــت تــســانــده وتــدعــمــه في عمله إلى أن وصل إلى القيادة واستمرت تسانده وتقف إلـى جانبه وكــان لها دور كبير». بداية الرحلة مع الرئيس يـسـتـرجـع جـمـال مصطفى بـدايـة رحلته مـع صـــدام حسين على الشكل عــــنــــدمــــا 1982 الآتــــــــي: «كـــــــان ذلــــــك فــــي بــــاشــــرت عــمــلــي بــالــحــمــايــة الــخــاصــة المـــرافـــقـــة لــلــســيــد الـــرئـــيـــس. أول لــقــاء حــصــل مــعــه ورأيــــتــــه. ربـــمـــا كــــان لــدي تصوّر مثل بعض العراقيين والعرب والإخـــــــــوان أنـــــه شـــخـــصصـــعـــب، لـكـن حـقـيـقـة رأيـــتـــه إنــســانــا أبـــويـــا. عـنـدمـا تتعامل معه وتقترب منه تتكون لديك رؤيـــة مختلفة عما كنت تعتقده، لأن تعامله أبوي جداً. هذا أول لقاء معه. ســـألـــنـــي عــــن اســـمـــي ومـــــن أكـــــون. نحن أبـنـاء العشيرة نفسها ونلتقي معه فـي الـجـد الــرابــع أي أنـنـا (أبـنـاء) أعمام. والدتي أيضا ابنة عمه. في كل الاتجاهات نحن (أبناء) أعمام. رافقت السيد الرئيس الله يرحمه ســنــة، بــــدءاً مـــن الــحــمــايــة ثم 20 قـــرابـــة كــلــفــنــي بــعــمــل شــــــؤون المــــواطــــنــــ ، أي الاهـــتـــمـــام بـاحـتـيـاجـاتـهـم ومـشـاكـلـهـم ومــــقــــابــــاتــــهــــم مــــعــــه. كـــــــان يـــهـــتـــم جــــداً بـشـأن المـواطـنـ ولا يسمح بــأن يظلم واحـــد منهم ويـهـتـم بمعالجة المسائل لأي مـواطـن إذا كـانـت لـديـه مشكلة في الـجـانـب المــــادي أو عـــاج أو أي جانب مـن الـجـوانـب الـتـي يحتاجها المـواطـن. وحقيقة، كان كثير من القوانين يتغير آنذاك بناء لشكوى قدمها مواطن. تُغيّر أو تُعدّل من خلل شكاوى المواطنين. كــــــان هــــنــــاك هــــاتــــفــــان فـــــي مـكـتـب الـــــســـــيـــــد الـــــرئـــــيـــــس ولـــــهـــــمـــــا اتـــــصـــــال بـمـكـتـبـي. مــن لــديــه مشكلة يستطيع أن يتصل بالسيد الـرئـيـس مـن خلل تليفونات المواطنين وأنا كنت أجاوب عــلــى اتـــصـــالاتـــهـــم وأســـمـــع مـشـاكـلـهـم وبــعــدمــا أســمــع مـشـاكـلـهـم أحــــدد لهم مقابلة السيد الرئيس وأحيانا أطلب من المتصل أن يحضر الطلب لنعالج لـه مشكلته. فكان أحيانا يدخل على التليفون ويـتـحـدث مـعـي ويــقــول لـي: مـــا هـــو مـــوضـــوع المــــواطــــن؟ فــأخــبــره، فـيـقـول لـــي: أعـطـنـي المـــواطـــن لأتـحـدث معه. وفعلً يستمع له ويقول له تعال غداً إلى استعلمات المجلس الوطني لمـواجـهـتـي وفــعــاً يــأتــي. وفـــي القصر الـجـمـهـوري والمـجـلـس الـوطـنـي كانوا يتلقون طلبات المواطنين ويجلبونها إلى الاستعلمات فتصلنا ونوصلها إلــــى الــســيــد الـــرئـــيـــس. وهـــكـــذا يلتقي خــــــــال الأســـــــبـــــــوع مـــــئـــــات المــــواطــــنــــ ويحل مشاكلهم وكان يهتم جداً بهذا الجانب. أحـــــكـــــي كــــشــــخــــص تــــعــــامــــل مــعــه عــن قـــرب. إنــســان حقيقة لا تستطيع أن تـصـفـه ولــــم أر إنــســانــا بـمـثـل هــذه الــــطــــبــــاع. يـــصـــغـــي ويـــهـــتـــم ثــــم يــوجــه بالحل. عندما كنت أعـرض عليه أمراً أقــــول لـــه: المـــوضـــوع الـفـانـي كـــذا كــذا. يصغي إلـــى أن أكــمــل، ثــم يـطـرح علي ويقول لـي: باعتبار هـذا العمل عملك واخـتـصـاصـك، مـا هـو رأيـــك؟ فأعطيه رأيي ويأخذ به. مـن خــال عملي أســوق لـك بعض الأمــــثــــلــــة حـــصـــلـــت مــــعــــي. كــــــان هـــنـــاك مؤتمر للشعراء في عمّان، وذهب إليه الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد، وهــنــاك حـصـلـت لـــقـــاءات مــع عـراقـيـ وغير عراقيين، وهناك من قال له: لماذا لا تبقى أو حـاول أن يبقيه في عمّان. كـــان ذلـــك قـبـل الــحــرب بـفـتـرة قصيرة. الرجل ربما تأثر بالكلم الذي قالوه له وكتب رسالة إلى عائلته يحثها على الالتحاق به في عمان. رسالته وقعت في يد جهاز المخابرات. طبعا أجهزتنا كـــانـــت، رغــــم ظــــروف الـــحـــصـــار، قــويــة. جـاءتـنـا الـرسـالـة. بعثتها المـخـابـرات في كتاب وقالوا إن هذا ما حصل مع عـبـد الـــــرزاق عـبـد الـــواحـــد وهـــو يحث عائلته عـلـى الالـتـحـاق به في عمّان. عــــادة عـنـدمـا تأتيني أمـــــــــــــور كــــــــهــــــــذه، كـــمـــكـــتـــب ســـكـــرتـــيـــر، نــــقــــوم بـالــفــعــل يتحدث الدكتور جمال مصطفى السلطان، صهر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، في الحلقة الثانية من مقابلة «الـشـرق الأوســـط» معه، عـن رحيل رفـاقـه وأقــاربــه إلــى حبل . فأركان القيادة الذين 2003 الإعـدام بعد سقوط النظام عام كــانــوا يتحلقون حـــول رئيسهم صـــدام عـلـى طــاولــة مجلس قيادة الثورة أو مجلس الوزراء توزعوا هذه المرة في زنزانات المعتقل. استجوبهم أميركيون واستجوبهم عراقيون، وكان الإعدام مدرجاً منذ البداية على جدول الأعمال. يقول: «شعرنا منذ البداية أن المحكمة أداة انتقام تعمل بأوامر إيرانية». سيروي جمال مصطفى أيضاً كيف تــزوج حلا أصغر بنات الرئيس صدام حسين، متناولاً السلوك العائلي لصدام وهواياته. وهنا الحلقة الثانية: )2( أيام القصر وأيام الزنزانات صهر صدام حسين وسكرتيره الثاني يروي لـ حاوره : غسانشربل زوجتي ووالدتها ساجدة تحملتا بصبر وإيمان نبأ إعدام الرئيس صدام وزوجته وبينهما الابنة حلا (أرشيف العائلة) صدام مع ابنته حلا فيصورة غير مؤرخة (غيتي) (غيتي) 2005 صدام وخلفه عبداللهكاظم رويد وبرزان التكريتيخلال محاكمتهم في قضية الدجيل ببغداد عام

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky