issue16799
شــــــاءتِ المـــهـــنـــةُ أن أكــــــونَ فـــي دمـــشـــقَ يــوم فبراير 14 اغتيالِ الرئيس رفيق الحريري فـي . راودنـــــــي خـــــالَ الــلــيــل شــعــورٌ 2005 ) (شــــبــــاط بـــأنّ زلــــزالاً عنيفاً ضـــربَ الـعـاقـات اللبنانية - الـسـوريـة. وزمــن الــــزلازلِ يحتاج إلــى حكماء لا إلى أقوياء. في طريق العودة في اليوم التالي، توقّفت فـي بـلـدة شـتـورة لتناول فنجان قهوةٍ مـــع صـــديـــق. اسـتـوقـفـنـي كـــامُـــه، قــــال: «بـعـض مــمــارســات المـــخـــابـــراتِ الــســوريــة مـزعـجـة، وأنــا لـسـت مـــن مـــؤيـــدي وجـــودهـــم الـــدائـــم، لـكـنّـنـي لا أخفي عليك أنّني أخـاف من انسحابِهم بسبب معرفتي باللبنانيين وانقساماتهم». عـــدت إلـــى بـــيـــروتَ وكـــانـــت تـغـلـي. شـعـرتْ غـــالـــبـــيـــةُ الــلــبــنــانــيــ أنّ الــــعــــمــــودَ الـــفـــقـــري قـد انكسر. خرجت أصـــواتٌ كثيرة غاضبة تطالب بانسحاب القوات السورية وتحمّلُها مسؤوليةَ اغتيال الـحـريـري. كـانـتِ الأيـــام عنيفةً ومقلقة. غـلـبـنـي الـــفـــضـــولُ الــصــحــافــي فــدخــلــت فـــي آخــر ذلك الشّهر مكتبَ الرئيس بشار الأسد. لم يكنِ الـحـديـث للنشر. سـألـت الأســــدَ إن كـانـت قــوات بلدِه ستنسحب من لبنان، فردّ مشيراً إلى رأي لدى العسكريين يعتبر أنّ وجودها في شريط داخل البقاع اللبناني يسهّل الدفاعَ عن دمشق في مواجهة أي اعتداء إسرائيلي. استفسرت عن القرار الذي سيتخذُه في حال تصاعد الضغوط الدولية عليه لسحب قواتِه، فردّ بأنّه سيصدر أمرَ الانسحاب إلى الحدود الدولية. كـــــانَ الأســـــد قــاطــعــ فـــي قـــولـــه أنْ لا عـاقـة لسوريا باغتيال الحريري. قلت له: لماذا الجزم إلى هذا الحدّ، ولماذا لا تترك على الأقل احتمالاً أنّ جــــهــــازاً غـــريـــبـــ اخــــتــــرق أجـــهـــزتـــكـــم لـتـنـفـيـذ الاغتيال؟ فرد قائلً: «نحن دولة وليست لدينا دكاكين من هـذا الـنـوع. لا علقة لنا، وستُظهر لك الأيـام ذلـك». سألته أيضاً عن لقائه القصير والأخير مع الحريري وأشياءَ أخرى، ولا مكان لذلك في هذا السياق. في مرحلة الوجود العسكري السوري في لبنان كان مركز المخابرات السوريةِ في عنجر البقاعية صـانـعَ الأحـكـام والأخــتــام والأحـجـام. ترك انسحاب «المرشد» السوري فراغاً هائلً لم تنجحِ القوى السياسية اللبنانية في ملئِه تحت خــيــار الـــدولـــة وســقــف اتــفــاق الــطــائــف. وتـعـمّـق الانـقـسـام حـ أشـــارت أجـهـزة الأمـــن اللبنانية إلــى ملمح تــورط عناصر مـن «حــزب الـلـه» في اغتيال الحريري. وتدافعتِ الأحداث وأدّت حرب إلى ترسيخ موقع لبنان في حلف الممانعة 2006 الــذي تـقـوده إيـــران. ضاعت فـرصـةُ الـعـودة إلى الدولة، وتكرّس لبنان ساحةً لصراعات إقليمية أكبر منه. يـتـعـرّض لبنان حالياً لــعــدوان إسرائيلي مـــدمّـــر يـــنـــذر اســــتــــمــــرارُه بــتــحــوّلــه نــكــبــةً للبلد الـصـغـيـر. شطبت آلـــة الـقـتـلِ الإسـرائـيـلـيـة قـرى كاملةً من الخريطة، وأنزلت ببيئة «حزب الله» خـسـائـرَ هـائـلـة. وحــظــيَ انــطــاق هـــذا الــعــدوان بــتــعــاطــف أو تــفــهّــم غـــربـــي بـــذريـــعـــة أن «حـــزب الـــلـــه» اخـــتـــار أصـــــاً الــــذهــــاب إلــــى الـــحـــرب عبر إعـــان «جبهة الإســنــاد» غـــداة انـطـاق «طـوفـان الأقـصـى». واضــح أنّ الـحـزب كـان يأمل بتبادلٍ مــــحــــدود لـــلـــضـــربـــات تـــحـــت مــــا سُـــمـــي «قـــواعـــد الاشتباك». لم تكنِ الحسابات دقيقةً، خصوصاً حـ تـم الإصــــرار على «وحـــدة الـسـاحـات» رغم تــمــكّــن بـنـيـامـ نـتـنـيـاهـو مـــن تــحــويــل الــحــرب «حــربــ وجـــوديـــة» تـسـتـحـق، فــي نــظــره، تحمّل خــســائــرَ بــشــريــة واقـــتـــصـــاديـــة كـــانـــت إســرائــيــل سابقاً تحرص على تفاديها. لم يستجب لبنانُ باكراً لنصائح المبعوث الأمـــيـــركـــي آمـــــوس هــوكــســتــ . اســـتـــجـــاب بعد وقـــــوع الـــفـــأس فـــي الـــــــرأس. خــســائــر هــائــلــة في بلد يقف على شفير هاوية أعمق. لا دواء لدى الذي وُلد من 1701 هوكستين غير القرار الأممي . قـرار انتهكته إسرائيلُ باستمرار، 2006 حرب وتــــــولّــــــى «حــــــــزب الـــــلـــــه» تـــجـــويـــفـــه، خــصــوصــ بـعـدمـا تــحــوّل «قــــوة إقـلـيـمـيـة» تــرســل مقاتلين ومـسـتـشـاريـن إلــى خــرائــطَ قـريـبـة وبـعـيـدة. هل كان لبنان ليواجه المأساة الحالية لو تمّ تطبيق القرار منذ صدوره؟ هذا السؤال تخطاه الوقت ولا بـــدّ مــن تطبيق الــقــرار الآن فــي الــبــاد التي تتقلّب على الجمر وسط بحر من الركام. أحياناً لا بدّ للمريض من تناول الـدواء المرّ لتفادي ما هو أدهَى، أي تفكّك لبنان وضياعه. الــــخــــروج الــحــقــيــقــي مــــن الــــحــــرب الــحــالــيــة وأكلفِها الباهظة يضع القوى اللبنانيةَ أمام مسؤولية تاريخية، بعيداً عن سياسات الإنكار وعدم استخلص الدروس أو التشفي وتعميق كاملً 1701 الــجــروح. لا بــدّ مـن تطبيق الــقــرار لاستعادة ثقة المجتمع الدولي، وتشجيعه على الانخراط في عملية إعادة الإعمار. وهذا يعني طيّ صفحةِ لبنان كساحةٍ، وبـدءَ رحلة العودة إلــى لـبـنـانَ الــدولــة الطبيعية. ومـفـتـاح الـعـودة إلـى الـدولـة هو تطبيق اتفاق الطائف من دون التشاطر على نصه وروحه والالتفاف عليهما. لا بدّ من قـراءةٍ عميقة في أهـوال الحرب وسبل الخروج منها وضمان عدم تكرارها. يُدخل تعديلً 1701 التطبيق الجدي للقرار كـبـيـراً عـلـى دور «حـــزب الــلــه» الإقـلـيـمـي. وعلى حضور إيران على خط التماس مع إسرائيل في جنوب لبنان. هذا يعني عملياً خروج لبنان من «وحـــدة الـسـاحـات» الـتـي يـحـاول الـعـراق حالياً تـــفـــادي الانــــخــــراط فـــي الــشــق الــعــســكــري مـنـهـا. هــذا التغيير ليس بسيطاً، لكن لا بــدّ منه كي يستطيعَ اللبنانيون اللقاء مجدداً تحت سقف الدولة والقانون. اسـتـحـقـاقـات «الــيــوم الـتـالـي» لـوقـف الـنـار في لبنان ليست بسيطة، لكن القوى السياسية عـلـى اخـتـافـهـا مــدعــوة لـارتـفـاع إلـــى مستوى الـتـحـدي. لا بــدّ مـن إعـــادة ترميم الـجـسـورِ بين اللبنانيين رغم مراراتِ السنوات السابقة. لا بدّ من الاعتراف المتبادل وتفهّم الهواجس والعودة إلى سياسات تناسب طبيعة لبنان. لا قهر ولا ثأر ولا تحجيم مكونات ولا تهميش مكونات. لا يحق للبنانيين إضـاعـة الـيـوم التالي لوقف النار، كما أضاعوا اليوم التالي في مناسبات كثيرة. لبنان... و«اليوم التالي» هَنّأ جواد ظريف اليهودَ في رسالةِ فيديو في عيدِ السّنةِ اليهوديةِ الجديدة، في الوقتِ الّذي تتَأَهّبُ فيه إيرانُ للهجمَةِ العسكريةِ الموعودةِ على إسرائيل. «بــيــنــمــا تــفــســحُ الـــشّـــمـــسُ المــــجــــالَ لــلــقــمــر، أتـمـنّـى لجميع مواطنينا اليهودِ، واليهودِ في جميع أنحاءِ الـــعـــالـــم، ســـنـــةً جـــديـــدةً ســعــيــدةً جـــــدّاً مـلـيـئـةً بــالــسّــامِ والوِئام. روش هاشاناه سعيد». بخلفِ التعليقاتِ الناقدة والشامتةِ والمستنكرةِ أجدُ الوزيرَ جواد ظريف ذكياً صاحبَ مبادراتٍ مفاجئة. بهذه الرّسالةِ المصوّرةِ يحاول أن يسدّدَ هجمةَ علقاتٍ عـامـةِ ذكـيـةً فـي مناخ التّوتر والغضبِ بـ الجانبين، ومِن المؤكّد أنّ نسبة كبيرةً من اليهود استمعوا إليها بغضّ النّظرِ إن كانَ قد استمالَهم أم لا. وأقول: يحاول؛ لأنّها قُوبلت بهجمةٍ مضادةٍ قوية خاصة في الإعلم الإسرائيلي الـذي ذكّــرَ جمهوره بـأنّ إيــرانَ هي الخطرُ الــيــوم عليهم. ردّدت الـصـحـف الإسـرائـيـلـيـة أنّ إيـــرانَ تريد محوَ الدولة اليهودية وليس كمَا قـالَ ظريف إنّ الإيرانيين تاريخياً هم من أنقذ اليهود ثلثَ مرات. ظــريــف يــعــود بــقــوةٍ بـــصـــورةٍ مختلفة هـــذه المـــرة، فهو يأملُ في أن يحقّقَ الاخـتـراقَ والـوصـولَ المنشود في المواجهة الدعائية بعد خسارة المواجهةِ العسكرية. وأذاعت إيران رغبتَها بالتفاوض مع الولايات المتحدة، ومــن رسـالـة ظـريـف، يـريـد باستمالةِ الـيـهـود عاطفياً تحييدَ إسرائيل قدرَ المستطاع حتى لا تعرقل مساعيَ التواصل مع إدارةِ الرئيس المنتخب دونالد ترمب. الرّسالة موجهة في الحقيقة للإسرائيليين وليس ليهود العالم أو يهود إيران أنفسِهم. فقد كانَ في إيران ثـمـانـون ألـــفَ يــهــودي إيـــرانـــي، ولـــم يـتـبـقّ منهم سـوى عـشـرةِ آلاف، حيث غـــادرتِ الأغلبية الـبـادَ بعد تولّي رجــــال الـــدّيـــن الـسـلـطـة. مـهـنـدسُ الـسـيـاسـةِ الـخـارجـيـة الإيـرانـيـة أمـامَـه مهمةٌ صعبة ألا وهـي بـنـاءُ عـاقـةٍ مع إدارة ترمب والوصول إلى اتفاقٍ في ظرفصعب، حيث فقدت طهران أهـمّ بطاقاتِها التفاوضية؛ «حـزب الله» و«حماس». حـــربـــا غـــــزةَ ولـــبـــنـــان غـــيّـــرتـــا الــكــثــيــر مـــن مـفـاهـيـم المـــواجـــهـــة، وسـيـجـد الــطــرفــان الإيـــرانـــي والإســرائــيــلــي الحاجةَ إلى إطار تفاوضي أولاً يوقف الحربَ المباشرة بين البلدين، وثانياً التوصل إلى اتفاق جديد قد ينهي المـواجـهـة المـبـاشـرة وغـيـر المـبـاشـرة مـع إسـرائـيـل، بعد هزائم الوكلء. قبل خمس ســنــوات، ردّ ظـريـف على تصريحات وزيـر الخارجية الأميركي آنــذاك، بومبيو، عندمَا قال إنّ الله ربّما «جــاء بالرئيس ترمب لإنقاذ اليهود من الإيرانيين». غــــــرّد الــــوزيــــر ظـــريـــف عـــلـــى «تـــويـــتـــر» آنـــــــذاك بــــأنّ «الفرسَ هم الذين أنقذوا اليهود من العبودية والإبادة الجماعية». وقال إنّ الملك الفارسي كورش أنقذ اليهودَ من الأسـر في بابل. كمَا أنقذ ملكٌ فارسيّ آخر اليهودَ مـن الإبـــادة الجماعية، وإنّ مخططَ الإبـــادة الجماعية لـلـيـهـود مــن الـنـقـب المــصــريــة، ولــيــس مــن بـــاد فـــارس. كـانـت تـلـك رســالــةً هـجـومـيـة، أمّـــا الآن فـرسـالـة ظريف تصالحية بدأت بشالوم. دوافعُ التهنئة سياسية، هدفها الحقيقي التقاربُ مـــع إســـرائـــيـــل، ودق إســـفـــ بـــ نــتــنــيــاهــو والــشــعــبِ اليهودي الــذي خاطبه راغباً في تفهمه لموقف إيــران. مــــؤكــــداً أنّ مــفــهــوم الــــعــــداء لــلــيــهــود دعــــايــــة سـيـاسـيـة مغرضة ضد طهران، مستشهداً بروايات التاريخ التي تلعب دوراً كبيراً في المخيلة اليهودية ورؤيتها للعالم الذي يحيط بها. شالوم ظريفوالمصالحة OPINION الرأي 13 Issue 16799 - العدد Monday - 2024/11/25 الاثنين لا يحقّ للبنانيين إضاعة اليوم التالي لوقف النار كمَا أضاعوا اليوم التالي في مناسبات كثيرة غسانشربل عبد الرحمن الراشد ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ا ر ن و ر ا ا روس ز د ا Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ أ ١٩78 ª« ¬ أ ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ا ر ن و ر ا ا روس ز د ا Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ أ ١٩78 ª« ¬ أ ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ا ر ن و ر ا ا روس ز د ا Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١ ٨٧ ª« ¬ أ ١٩78 ª« ¬ أ ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ا ر ن و ر ا ا روس ز د ا Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ أ ١٩78 ª« ¬ أ ا ن أ ا م و Ghas an Charbel ا ر ن و ر ا ا روس ز د ا Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidro s Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ أ ١٩78 ª« ¬ أ ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ا ر ن و ر ا ا روس ز د ا Editor-in-Chief Assistants Editor-i -Chief Aidroos Abdulaziz Zai Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ أ ١٩78 ª« ¬ أ ا ن أ ا م و Gha san Charbel ا ر ن و ر ا ا روس ز د ا Editor-in-Chief A sistants Editor-in-Chief Aidr os Abdula iz Zaid Bin Kami S ud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ أ ١٩78 ª« ¬ أ الرئيس التنفيذي جماناراشد الراشد CEO Jomana Rashid Alrashid نائبا رئيس التحرير زيد بن كمي ssistant Editor-in-Chief Deputy Editor-in-Chief Zaid Bin Kami مساعدا ئي التحرير محمد هاني Mohamed H ni حربا غزةَ ولبنان غيّرتا كثيراً من مفاهيم المواجهة وسيجد الطرفان الإيراني والإسرائيلي الحاجةَ إلى إطار تفاوضي
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky