issue16796

8 تحقيق FEATURES Issue 16796 - العدد Friday - 2024/11/22 اجلمعة ASHARQ AL-AWSAT «عشاق الشاورما» يخافون التوطين... واستثمارات بالماليين كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم في آن فيما كانت الستينية كاميليا محمود تـعـبـر بـسـيـارتـهـا أحـــد شــــوارع مـديـنـة نصر بـــالـــقـــاهـــرة، لـفـتـتـهـا مــطــاعــم كــثــيــرة تــزدحــم واجــــهــــاتــــهــــا بــــمــــواطــــنــــن اصــــطــــفــــوا لــــشــــراء «ســـانـــدويـــتـــش شــــــاورمــــــا»، مــــا أثــــــار لــديــهــا تـــســـاؤالت حــــول انــتــشــار املــطــاعــم الــســوريــة «بــــهــــذا الـــشـــكـــل املـــبـــالـــغ فــــيــــه»، عـــلـــى حــســاب نـظـيـراتـهـا املـــصـــريـــة، مــبــديــة مــخــاوفــهــا من «هـيـمـنـة اقــتــصــاديــة ســـوريـــة قـــد يـــكـــون لها تبعات أكبر في املستقبل». كــامــيــلــيــا، الـــتـــي كـــانـــت تــعــمــل مـوظـفـة بإحدى شركات القطاع الخاص قبل بلوغها سن التقاعد، رصـدت خالل السنوات العشر األخـــيـــرة انــتــشــارًا كـبـيـرًا للمطاعم الـسـوريـة في مختلف األحياء واملدن املصرية ال سيما أكتوبر (غرب القاهرة) حيث تقطن. 6 مدينة لم تستغرب األمر في البداية، بل على العكس كـان حدثا جـاذبـا، ولـو بـدافـع استكشاف ما تقدمه تلك املطاعم من نكهات جديدة وغير مـعـتـادة فــي املـطـبـخ املــصــري، مــن الـشـاورمـا إلى الدجاج املسحب والكبة وغيرها. صبغة شامية خــــ ل أكـــثـــر مـــن عــقــد مـــن الــــزمــــان، منذ تــكــثــف الـــتـــوافـــد الــــســــوري عـــلـــى مـــصـــر، زاد عـــدد املـطـاعـم الــتــي تــقــدم مـــأكـــوالت ســوريــة، لــــدرجــــة صــبــغــت أحــــيــــاء بــكــامــلــهــا بـمـ مـح شامية، ال تُخطئها العي، ليس فقط بسبب أســيــاخ الــشــاورمــا املـعـلـقـة عـلـى واجـهـاتـهـا، وال الــطــربــوش أو الــصــدريــة املــزركــشــة التي تــمــيــز مـــ بـــس بـــعـــض الـــعـــامـــلـــن فـــيـــهـــا، بـل بـــ فـــتـــات تـــكـــرس هـــويـــة أصــحــابــهــا وتــؤكــد ارتـبـاطـهـم بـوطـنـهـم األم، فــعــادة مــا تنتهي أسماء املطاعم بكلمات من قبيل «السوري»، «الشام»، «الدمشقي»، «الحلبي». محاوالت تكريس الهوية تلك «أقلقت» كاميليا وغـيـرهـا مــن املـصـريـن مـمـن بـاتـوا 6« يـــشـــعـــرون بـــــ«الــــغــــربــــة» فــــي أحــــيــــاء مـــثـــل أكتوبر»، أو «الرحاب (شرق القاهرة)» التي باتت وكأنها «أحياء سورية وسط القاهرة». وتــتــســاءل كـامـيـلـيـا فـــي حـديـثـهـا لـــ«الــشــرق األوســـط»: «أال يقتطع وجــود السوريي من حصة املصريي في سـوق العمل؟ أال يشكل وجودهم خطرًا سياسيا ال سيما مع هيمنة اقتصادية في قطاعات عدة؟». بين «العشق» و«القلق» رغم مشاعر القلق والغربة، فإن السيدة ال تـخـفـي «عــشــقــهــا» لــلــمــأكــوالت الــســوريــة. فهي تحرص بي الحي واآلخر على الذهاب مــع أســرتــهــا ألحـــد تـلـك املــطــاعــم، مستمتعة بــنــكــهــات مــتــنــوعــة مــــن أطــــبــــاق «الـــشـــاورمـــا والــــفــــتــــوش والـــكـــبـــة وغــــيــــرهــــا». فــــ«الـــطـــعـــام السوري لذيذ ومتنوع وخفيف على املعدة، ولـــــه نــكــهــة مــــمــــيــــزة»، وبــــــات بــالــنــســبــة لـهـا ولغيرها «عنصرًا مضافا على املائدة حتى داخـــل املـــنـــزل». وبـالـطـبـع ال يمكن لكاميليا إغفال «جودة الضيافة»، ال سيما مع كلمات تـرحـيـبـيـة مــثــل «تـــكـــرم عــيــنــك» الـــتـــي تـدخـل كثيرًا من البهجة على نفسها كما تقول. ومـــع مـوافـقـة مجلس الــنــواب املـصـري، الثالثاء املاضي، على مشروع قانون لتنظيم أوضــــــــاع الــــ جــــئــــن، تـــــزايـــــدت حـــــدة الـــجـــدل بــشــأن وجــــود األجـــانـــب فـــي مــصــر، ال سيما السوريون، وسط مخاوف عبر عنها البعض من أن يكون القانون «مقدمة لتوطينهم»، ما يعني زيادة األعباء االقتصادية على البالد، وربـمـا التأثير على حصة املـواطـن املصري في سوق العمل وفق متابعي مصريي. تــزايــد عـــدد الــســوريــن فــي مـصـر خـ ل الـعـقـد األخـــيـــر عـكـسـتـه بــيــانــات «املـفـوضـيـة الدولية لشؤون الالجئي» حيث ارتفع عدد السوريي املسجلي في مصر لدى املفوضية إلى أكثر من 2012 في نهاية عام 12800 من ، ليحتلوا املرتبة 2023 ألفا في نهاية عام 153 ألف 670 الثانية بعد السودانيي ضمن نحو الجئ وطالب لجوء مسجلي لدى املفوضية جنسية مختلفة. 62 من جـــاءت هـــذه الـــزيـــادة مـدفـوعـة بالحرب السورية، ودفعت مواطنيها إلـى دول عدة، بــيــنــهــا مـــصـــر، لـــتـــبـــدأ املـــفـــوضـــيـــة فــــي تـلـقـي ، مؤكدة دعمها 2012 طلبات اللجوء منذ عام «الفارين من أتون الحرب». ومـــــع ذلــــــك، ال تــعــكــس الـــبـــيـــانـــات الــتــي تقدمها مفوضية الالجئي العدد الحقيقي للسوريي فـي مصر، والـــذي تـقـدره املنظمة مليون سـوري 1.5 الـدولـيـة للهجرة، بنحو ماليي مهاجر موجودين في 9 من بي نحو البالد. لكن التقدير األخير ال يُقره الرئيس السابق لرابطة الجالية السورية في مصر، راســــم األتــــاســــي، الــــذي يـشـيـر إلــــى أن «عـــدد ألف، ولم 700 السوريي في مصر ال يتجاوز يصل أبدًا ملليون ونصف املليون، حيث كان ألـف، انخفض 800 أعلى تقدير لعددهم هو ألــف فـي فـتـرة مـن الـفـتـرات، قبل أن 500 إلــى يـعـود ويـرتـفـع مــؤخــرًا مــع تــطــورات الـوضـع فـي الــســودان». وكــان الـسـودان وجهة لكثير مـن السوريي عقب أحـــداث الـثـورة السورية ، حـيـث كــانــوا معفيي مــن الـتـأشـيـرات 2011 .2020 وســمــح لـهـم بــاإلقــامــة والــعــمــل حـتـى ومـــع انــــدالع الــحــرب فــي الـــســـودان فــي أبـريـل ، نزح معظمهم إلى مصر. 2023 ) (نيسان دعوات مقاطعة تـــســـبـــب الـــــوجـــــود الـــــســـــوري املـــتـــنـــامـــي فـــي مــصــر فـــي انـــطـــ ق حــمــ ت عــلــى مــواقــع الـــتـــواصـــل االجـــتـــمـــاعـــي بـــن الـــحـــن واآلخــــر تنتقد السوريي، من بينها الدعوة ملقاطعة أحــد املطاعم بسبب إعـــ ن عـن ساندويتش شــــاورمــــا بــحــجــم كـــبـــيـــر، قـــــال فـــيـــه مـخـاطـبـا الزبائن: «تعالى كل يا فقير»، مثيرًا غضب مصريي عدوا تلك الجملة «إهانة». وانــــــتــــــقــــــد رواد مــــــــواقــــــــع الـــــتـــــواصـــــل االجــتــمــاعــي املــطــاعــم الـــســـوريـــة بـاعـتـبـارهـا «ليست استثمارًا». فــــــي حــــــن طـــــالـــــب الــــبــــعــــض بـــــــ«إغــــــ ق املطاعم السورية والحصول على حق الدولة مـــن الـــضـــرائـــب»، مـتـهـمـا إيـــاهـــم بــ«مـنـافـسـة املصريي بهدف إفـ سـهـم»، لـدرجـة وصلت إلى حد املطالبة بمقاطعة املطاعم السورية بدعوى «سرقتها رزق املصريي». الــهــجــوم عــلــى الـــســـوريـــن فـــي مــصــر ال ينبع فقط من مخاوف الهيمنة االقتصادية أو منافسة املـصـريـن فــي فـــرص الـعـمـل، بل يـمـتـد أيـــضـــا النــتــقــاد شـــــراء األثــــريــــاء منهم عـــقـــارات فـــاخـــرة وإقــامــتــهــم حـــفـــ ت كـبـيـرة، وســــــط اتــــهــــامــــات لـــهـــم بـــأنـــهـــم «يــتــمــتــعــون بثروات املصريي». وهو األمر الذي يعتبره رئـيـس تجمع رجـــال األعــمــال الـسـوريـن في مصر املهندس خلدون املوقع «ميزة تضاف للسوريي وال تخصم منهم، فهم يستثمرون أموالهم ويربحون في مصر، وينفقون أيضا فـي مصر بــدال مـن إخـراجـهـا خــارج الـبـ د»، حسب حديثه لـ«الشرق األوسط». ودافــــع بـعـض اإلعــ مــيــن عــن الــوجــود السوري، حيث أشار اإلعالمي املصري خالد أبـو بكر إلـى «الحقوق القانونية للسوريي املقيمي فــي مــصــر»، وقـــال إن «أهـــل سـوريـا والشام أحسن ناس تتعلم منهم التجارة». ترحيب مشروط كـــــان الـــطـــعـــام أحـــــد املــــ مــــح الـــواضـــحـــة للتأثير الــســوري فـي مـصـر، ليس فقط عبر محال في أحياء كبرى، بل أيضا في الشوارع، فكثيرًا ما يستوقفك شاب أو طفل سوري في إشارات املرور أو أمام بوابات محال تجارية، بجملة «عمو تشتري حلوى سورية؟». ويعكس الواقع املعيش صورة مغايرة عن دعوات الهجوم واملقاطعة املنتشرة على منصات التواصل االجتماعي، عبر طوابير وتــجــمــعــات بــشــريــة لــشــبــاب وأطـــفـــال وأســـر تقف على بوابات املحال السورية ال يثنيها زحـام أو حر أو مطر، عن رغبتها في تناول ساندويتش شاورما، «لرخص ثمنه، ومذاقه الــجــيــد»، بحسب مـالـك مصطفى، شـــاب في الـسـابـعـة عــشــرة مــن عــمــره، الـتـقـتـه «الــشــرق األوســط» وهـو يحاول اختراق أحـد طوابير «عــــشــــاق الــــشــــاورمــــا» الـــتـــي تــجــمــهــرت أمــــام مطعم في حي الزمالك. أمـــا مــديــر فـــرع مـطـعـم «األغـــــا» فــي حي الـــزمـــالـــك وســــط الـــقـــاهـــرة أيـــمـــن أحـــمـــد، فلم يـــبـــد «تـــخـــوفـــا أو قـــلـــقـــا» مــــن تـــأثـــيـــر حــمــ ت املقاطعة على املطاعم السورية، ال سيما مع «اإلقـــبـــال الكبير واملـتـنـامـي عـلـيـهـا»، والـــذي أرجعه خالل حديثه لـ«الشرق األوسـط» إلى «الــنــكــهــة املـخـتـلـفـة لـلـمـطـبـخ الـــســـوري الـتـي أضـافـت طعاما شعبيا جـديـدًا أرضــى ذائقة املصريي». على النقيض، تُغضب حمالت الهجوم املـــــتـــــكـــــررة رئـــــيـــــس تـــجـــمـــع رجـــــــــال األعـــــمـــــال الـسـوريـن بـمـصـر، الـــذي يـرفـض االتـهـامـات املـــوجـــهـــة لــلــســوريــن بـــــ«أخــــذ رزق املــصــري والـــــحـــــصـــــول عــــلــــى مــــكــــانــــه فــــــي الــــوظــــائــــف واالستثمار»، ال سيما أن «السوري استثمر وفـتـح مطعما أو مصنعا ووفـــر فــرص عمل أيضا ولم يأخذ محل أو مطعم مصريي». استثمارات متنوعة يتحدث األتاسي بفخر عن االستثمارات السورية في مصر، ووجـودهـا في قطاعات آالف مصنع 7 اقتصادية عدة، منها أكثر من سوري في مجاالت مختلفة، في مدن العاشر من رمضان والعبور وغيرهما، لكن املواطن املصري ربما ال يرى من االقتصاد السوري في بالده سوى املطاعم «كونها أكثر اتصاال بحياته اليومية». ويُــــبــــدي األتــــاســــي انـــدهـــاشـــه مـــن كـثـرة الـــحـــمـــ ت عــلــى املـــطـــاعـــم الـــســـوريـــة، رغــــم أن «أغـــلـــبـــهـــا وخــــاصــــة الـــكـــبـــيـــرة فــيــهــا شـــركـــاء ومــــمــــولــــون مــــصــــريــــون، وبـــعـــضـــهـــا مــصــري بالكامل وبه عامل سوري واحد». ليست الـصـورة كلها قاتمة، فإعالميا، يجد السوريون في مصر ترحيبا، وإن كان مشروطا بـ«تحذير» من عدم اإلضرار بـ«أمن الــــبــــ د»، وهــــو مـــا أكـــــده اإلعــــ مــــي املــصــري نـشـأت الـديـهـي فـي رسـالـة وجهها قبل عدة أشـــهـــر إلـــــى الـــســـوريـــن فــــي مـــصـــر ردًا عـلـى الحمالت املناهضة لهم. وهــــــو أمــــــر أكــــــد عـــلـــيـــه مــــوقــــع الــجــالــيــة بتأكيد الحديث عن تسهيالت قدمت لرجال أعمال سوريي وأصحاب مطاعم، من بينها مطاعم في حي التجمع الراقي بالقاهرة. و«مــــديــــنــــة الـــــرحـــــاب» تـــعـــد واحـــــــدة مـن التجمعات األساسية للسوريي، ما إن تدخل بـعـض أســواقــهــا حـتـى تـشـعـر بــأنــك انتقلت إلــى دمـشـق، تـطـرب أذنـــك نغمات املوسيقى السورية الشعبية، وتجذبك رائحة املشاوي الــحــلــبــيــة، وأنـــــت تــتــجــول بـــن مـــحـــال «بـــاب الـــــحـــــارة»، و«أبـــــــو مــــــازن الـــــســـــوري»، و«ابـــــن الشام» وغيرها، وتستقطبك عبارات ترحيب من بائعي سوريي، «أهلي»، و«على راسي» و«تكرم عيونك». «حمالت موجهة» انتشار السوريي في سوق التجارة ال سيما الغذاء فسره مساعد وزير الخارجية املــــصــــري األســــبــــق رخــــــا أحــــمــــد حــــســــن، فـي حديثه لـ«الشرق األوسط»، بأن «بالد الشام بشكل عام قائمة على املبادرة الفردية، فجاء الـــســـوري بـــرأســـمـــال بـسـيـط وبـــــدأ مـشـروعـا عائليا وبـــاع مـا أنتجه فـي إشــــارات املـــرور، قبل أن يتوسع ويحول مشروعه إلى مطعم». رصد حسن بنفسه تنامي اإلقبال على املطاعم السورية في حي الشيخ زايـد الذي يـقـطـنـه، ال سـيـمـا أنـــهـــم «يــنــافــســون املـنـتـج املــــصــــري فــــي الـــــجـــــودة والــــســــعــــر»، مـعـتـبـرًا الحمالت ضدهم «تحريضية تنطوي على قـــدر مـــن املـبـالـغـة نـتـيـجـة عـــدم الـــقـــدرة على منافسة ثقافة بيع أكثر بسعر أقل». وتــــثــــيــــر حـــــمـــــ ت الـــــهـــــجـــــوم املــــتــــكــــررة مخاوف في نفس الكاتب واملحلل السياسي السوري املقيم في مصر عبد الرحمن ربوع، وإن كانت «مــوجــودة على مـواقـع التواصل االجـــتـــمـــاعـــي، وال وجــــــود لـــهـــا فــــي الـــشـــارع املصري»، حيث يشير في حديثه لـ«الشرق األوســــــــط»، إلــــى أنــــه «عـــلـــى مـــــدار الــســنــوات املــاضــيــة لـــم تـتـغـيـر املـعـامـلـة ال مـــن الشعب املصري أو الجهات الرسمية في الدولة». وبــــالــــفــــعــــل، أثـــــــرت املــــطــــاعــــم الـــســـوريـــة إيـجـابـيـا فــي ســـوق األكــــل املـــصـــري، ورفـعـت من سويته، حسب ربوع، رغم أنها ال تشكل سوى جزء صغير من استثمارات السوريي فـي مصر التي يتركز معظمها فـي صناعة املالبس، وربما كان تأثيرها دافعا ألن تشكل الجزء األكبر من االستهداف للسوريي في حـــمـــ ت يـــراهـــا ربـــــوع «ســطــحــيــة ومـوجـهـة وفاشلة»، فال «تزال املطاعم السورية تشهد إقباال كثيفا من املصريي». وال تـــجـــد تـــلـــك «الــــحــــمــــ ت املـــوجـــهـــة» صـــدى سـيـاسـيـا، فـفـي فــبــرايــر (شـــبـــاط) من العام املاضي وخالل زيارة لوزير الخارجية املصري السابق سامح شكري إلـى دمشق، وجــه الـرئـيـس الــســوري بـشـار األســـد الشكر ملصر على «استضافة الالجئي السوريي على أراضيها وحسن معاملتهم كأشقاء»، حسب إفــادة رسمية آنــذاك للمتحدث باسم الخارجية املصرية السفير أحمد أبـو زيـد، أشـار فيها إلى تأكيد شكري أن «السوريي يعيشون بي أشقائهم في مصر كمصريي». لكن يبدو أن هناك تطورًا أخيرًا «أثـار قلقا كبيرًا لــدى الـسـوريـن وهــو قـــرار إلغاء اإلقامات السياحية»، فبحسب ربوع، معظم األجـــــانـــــب فــــي مـــصـــر وبـــيـــنـــهـــم الـــســـوريـــون كــانــوا يقيمون فــي الــبــ د بـمـوجـب إقـامـات سـيـاحـيـة طــويــلــة، ال سـيـمـا الــطــ ب وكثير مــمــن لــيــس لــديــهــم عــمــل ثــابــت ويـــأتـــي قـــرار إلغاء تجديدها مقلقا ألنه سيجبر كثيرين على الخروج من البالد والعودة مرة أخرى كـل فـتـرة، وهــو الـقـرار الـــذي يـرغـب األتـاسـي في أن يشهد إعادة نظر من جانب السلطات املصرية خـ ل الفترة املقبلة كونه «يفرض أعـــــبـــــاء جــــديــــدة عـــلـــى الــــســــوريــــن ال سـيـمـا الطالب منهم». «استثمارات متنامية» فـــي املـائـة 17 يـشـكـل الـــســـوريـــون نـحـو مــــن املـــهـــاجـــريـــن فــــي مـــصـــر، وهـــــم «مـــــن بـن الـــجـــنـــســـيـــات الـــتـــي تــــشــــارك بـــإيـــجـــابـــيـــة فـي ســـوق الـعـمـل واالقــتــصــاد املــصــري، وتتركز مــــشــــاركــــتــــهــــم فــــــي الــــصــــنــــاعــــات الــــغــــذائــــيــــة والنسيج والـحـرف التقليدية والـعـقـارات»، وبحسب تقرير لـ«منظمة الهجرة الدولية» ، أوضــــح أن 2022 ) صـــدر فــي يـولـيـو (تـــمـــوز «حجم التمويل االستثماري من جانب نحو ألف مستثمر سوري مسجلي في مصر، 30 .»2022 قُدر بمليار دوالر في عام حمالت الهجوم املتكررة على السوريي لـن تمنعهم مـن االسـتـثـمـار فـي مـصـر، فهي مـــن وجـــهـــة نــظــر املـــوقـــع «نــاتــجــة عـــن نقص املـــعـــلـــومـــات وعــــــدم إدراك لـطـبـيـعـة وحــجــم مساهمة السوريي في االقـتـصـاد»، إضافة إلـــى أن «املــتــضــرر األكــبــر مــن تـلـك الحمالت هـمـا االقــتــصــاد والــصــنــاعــة املـــصـــريـــان»، ال سيما أنها «تتناقض مع سياسة الحكومة الرامية إلى تشجيع االستثمار». فـقـد جـــاء املـسـتـثـمـر الـــســـوري بـأمـوالـه ملصر واستثمر فيها، و«أنفق أرباحه فيها أيـضـا»، فهو بذلك قـادر على «العمل... ولم يأت ليجلس في املقاهي». بــالــفــعــل «ال يـحـصـل الـــســـوريـــون على إعـــانـــات مــن الـــدولـــة، بــل يـعـمـلـون بـأمـوالـهـم ويدفعون ضرائب، ومثل هذا الحمالت تقلل من دور مصر التاريخي أنها ملجأ لكل من يضار في وطنه أو يتعرض للخطر»، حسب مـسـاعـد وزيـــر الـخـارجـيـة املــصــري األسـبـق، الذي اعتبر الهجوم املتكرر عليهم «محاولة إلظـــهـــار الـــســـوريـــن بــأنــهــم ســـبّـــب مـشـكـ ت البالد، وهو غير صحيح». وفـــــي الــــوقــــت الــــــذي يـــعـــول فـــيـــه املـــوقـــع على اإلعـــ م لـ«نشر الـوعـي بأهمية وجـود الـــســـوريـــن فـــي مـــصـــر»، ال تـــــزال الـسـتـيـنـيـة كــامــيــلــيــا مـــحـــمـــود حــــائــــرة بــــن «عــشــقــهــا» لـــلـــمـــأكـــوالت الــــســــوريــــة، و«مــــخــــاوفــــهــــا» مـن الـتـأثـيـر عـلـى اقـتـصـاد بــ دهــا، مــا يتنقص مـــن مـتـعـتـهـا ويــعــكــر مــزاجــهــا وهــــي تقضم «ســـانـــدويـــتـــش شــــاورمــــا الــــدجــــاج» املـفـضـل لديها. عدد كبير من المصريين يفضّل المأكوالت السورية (الشرق األوسط) القاهرة: فتحية الدخاخني القرار األخير بإلغاء اإلقامات السياحية أثار قلقا كبيرا لدى السوريين تسبب الـوجـود الـسـوري املتنامي في مصر، في إطالق حمالت على مواقع التواصل االجتماعي بني الحني واآلخـر تنتقد مشروعاتهم االستثمارية التي عدُّوها مشاريع إلفالس املصريني وأخذ حصتهم من العمل. فخالل أكثر من عقد من الزمان، تكثَّف التوافد السوري على مصر، وزاد عدد املطاعم التي تقدم مأكوالت سورية، لدرجة صبغت أحياء بكاملها بمالمح شامية، ال تُخطئها العني، ليس فقط بسبب أسياخ الشاورما املعلقة على واجهاتها، وال الطربوش أو الصدرية املـزركـشـة الـلـذيـن يـمـيـزان مـ بـس بعض العاملني فيها، بل بالفتات تُــكـرس هوية أصحابها وتـؤكـد ارتباطهم بوطنهم األم، مما «أقـلـق» املصريني، رغـم إعجابهم الشديد بالطعام السوري. وفي حني قد ال يرى املواطن املصري من االستثمار السوري في بالده سوى املطاعم «كونها أكثر اتصاال بحياته اليومية»، إال أن أرقام «منظمة الهجرة الدولية» تفيد بأن حجم بلغ مليار دوالر. 20220 تلك االستثمارات في طوابير أمام أحد المطاعم السورية (الشرق األوسط)

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==