issue16794

منذ سنوات، تكافح أوروبـا في محاولة للحد من أعداد المهاجرين، الذين قدموا إلى القارة بشكل غير قانوني عن طريق البر والبحر، وذلك عبر إقرار سياسات صارمة على نحو متزايد. ويبدو أن هذه التحركات بدأت تؤتي ثمارها الآن، مع تراجع أعداد المهاجرين، الـذيـن يعبرون إلـى داخــل دول الاتحاد الأوروبي، بشكل كبير، عن مستويات العام الماضي. ورغم انخفاض أعداد المهاجرين الوافدين، ثمة تصاعد في المشاعر المعادية للمهاجرين، مع تبني القادة أو تفكيرهم في سياسات أشد صرامة كانت الأحزاب السياسية المهيمنة على الساحة ترفضها قبل بضع سنوات فقط. وكــــمــــا الـــــحـــــال فـــــي الــــــولايــــــات المــــتــــحــــدة، فـــإن الانخفاض الحاد في عدد المعابر الحدودية، لم يُجد كثيراً في تقليص القوة السياسية لهذه القضية. فـي إيطاليا، تـحـاول رئيسة الـــوزراء جورجيا ميلوني إرسال المهاجرين، الذين جرى إنقاذهم في البحر الأبيض المتوسط إلى ألبانيا، بينما وسعت ألمـــانـــيـــا، إحـــــدى أكـــثـــر الـــــدول تـرحـيـبـا خــــال مـوجـة ، نطاق دورياتها لتغطي جميع 2015 الهجرة عـام حدودها البرية. أما بولندا، فتخطط لتمرير تشريع لتعليق حق الوافدين الجدد في طلب اللجوء مؤقتا. وجـــــاءت الــحــمــات الـــصـــارمـــة ضـــد الــاجــئــن، مـدفـوعـة فـي جــزء منها بــأحــزاب مـعـاديـة للأجانب ومعادية للهجرة، لعبت على مخاوف الهجرة غير المنضبطة، وطمس الهوية الوطنية. واليوم، تجتذب حججهم جمهوراً أكثر تقبلً من الأوروبيي، الذين يخشون من أن تدفق المهاجرين أصبح من المتعذر في المائة 80 إدارته، ويشعرون بالإحباط، لأن نحو من طالبي اللجوء الفاشلي لا يغادرون البلد أبداً، وفقا لبيانات الاتحاد الأوروبي. وأدرك قـادتـهـم، وبعضهم عـلـى وشـــك خـوض انـــتـــخـــابـــات، هـــــذا المـــــــزاج الــــعــــام. فــــي ألمــــانــــيــــا، كـــان الـــديـــمـــقـــراطـــيـــون المــســيــحــيــون - حـــــزب المــســتــشــارة السابقة أنجيل مـيـركـل، الـتـي رحـبـت بالمهاجرين - يضغطون بقوة من أجل اتخاذ تدابير 2015 عام أكثر صرامة، للسيطرة على الهجرة غير الشرعية، وأصبحوا متقدمي في استطلعات الرأي. مـــن جـهـتـهـا، عــبــرت ســــوزي ديــنــيــســون، وهـي زميلة بارزة بالمجلس الأوروبي للعلقات الخارجية في باريس، عن اعتقادها بأن: «اليمي المتطرف هو التيار السائد، الآن، عندما يتعلق الأمر بالهجرة». اللفت أن أوروبا جربت الكثير من السبل عبر الـسـنـن، لـلـحـد مــن وصــــول المـهـاجـريـن بـشـكـل غير قـانـونـي، بما فـي ذلــك بـرامـج مثيرة للجدل قدمت أمـــوالاً إلـى دول، مثل ليبيا وتركيا لمنعها من دفع قوارب متهالكة إلى البحر. وجــــرى الـنـظـر إلـــى تــدابــيــر أخــــرى بــعــدّهــا إمـا قــاســيــة لـلـغـايـة أو غــيــر قــانــونــيــة. وخـــلـــص تـقـريـر حـــــول الـــخـــيـــارات 2018 لـــاتـــحـــاد الأوروبـــــــــي لـــعـــام المتاحة، إلى أن إرسال طالبي اللجوء إلى دول ثالثة دون معالجة طلباتهم غير مسموح بــه، بموجب قانون الاتحاد الأوروبي والقانون الدولي. وكان من بي الدلائل على مدى انتقال النقاش حـــــول الـــهـــجـــرة بـــاتـــجـــاه الـــيـــمـــن، عـــنـــدمـــا أشـــــادت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بـخـطـة إيــطــالــيــا لإرســـــال المــهــاجــريــن إلــــى ألـبـانـيـا، بعدّها «تفكيراً خـارج الصندوق». وبموجب خطة مـيـلـونـي، رئـيـسـة وزراء إيـطـالـيـا، سـيـجـري فحص طلبات المهاجرين داخل ألبانيا، مع البقاء في مراكز الاحـتـجـاز فـي أثـنـاء انـتـظـارهـم قــــرارات بخصوص طلبات اللجوء الخاصة بهم. وتتضمن الأفــكــار الأخـــرى الـتـي طرحها قـادة أوروبــــــيــــــون، دفـــــع أمـــــــوال لــــلــــدول خــــــارج الاتــــحــــاد، لمعالجة طلبات اللجوء وتحمل مسؤولية ترحيل أولئك الذين يجري رفـض مطالبهم. من ناحيتها، شككت جـمـاعـات حـقـوق الإنــســان فــي شـرعـيـة مثل هذه البرامج. مـــن جـهـتـهـا، حـــاولـــت بـريـطـانـيـا دون جـــدوى اتـــبـــاع نــهــج أكـــثـــر تـــطـــرفـــا، مـــع مــحــاولــتــهــا إرســــال طالبي اللجوء إلــى روانــــدا، لحي معالجة طلبات اللجوء الخاصة بهم وإعـادة التوطي. حتى أولئك الذين جـرى قبول مطالباتهم، لم يكن ليسمح لهم بالاستقرار في بريطانيا. وفي نهاية الأمـر، قضت المحكمة العليا فـي الـبـاد بــأن هــذه السياسة غير قانونية. وتــســعــى بـــلـــدان أخــــــرى، بــمــا فـــي ذلــــك بـولـنـدا وهـولـنـدا، إلـى تكثيف الرقابة على حـدودهـا، على غرار ألمانيا. ويـــبـــدو أن عـمـلـيـات الـتـفـتـيـش المـــتـــزايـــدة على الـــحـــدود هــــذه تـــحـــدث فـــرقـــا حـقـيـقـيـا عــلــى الأرض، وتؤدي إلى شيء من تأثير الدومينو. ويتمثل أحـــد الأســبــاب وراء ذلـــك، فــي الأعـــداد الهائلة مـن المهاجرين الـتـي تـوافـدت على أوروبـــا، عـــلـــى مــــــدى الـــعـــقـــد المــــــاضــــــي، وفــــشــــل الـــكـــثـــيـــر مـن الحكومات في دمجهم بشكل فاعل. كما يُلقى بعض اللوم كذلك على الأحــزاب المتطرفة، التي تبالغ في تـضـخـيـم المــشــكــلــة والمـــخـــاطـــر. ومــــع اجــــتــــذاب هــذه الأحـــــزاب لأصــــوات الـنـاخـبـن، تـسـبـب ذلـــك فــي دفـع المزيد من الأحزاب الوسطية إلى اتخاذ موقف أشد صرامة. ورغم تراجع أعداد المهاجرين، الذين يحاولون العبور بشكل غير قانوني إلـى الاتحاد الأوروبــي، في المائة في الأشهر العشرة الأولــى من 43 بنسبة هذا العام، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، فإن ذلك يأتي بعد عام شهد فيه الاتحاد أعلى عدد . فـي ذلـك الوقت، 2016 مـن حــالات العبور منذ عـام كـانـت أوروبـــا فـي خضم أزمـــة الـهـجـرة، الـتـي وقفت خلفها أســـبـــاب، منها فـــرار أكـثـر مــن مـلـيـون لاجـئ سوري وأفغاني من الحرب. وبحسب وكالة «فرونتكس»، المعنية بالحدود الـــخـــارجـــيـــة لـــاتـــحـــاد الأوروبـــــــــي، كــــان هـــنـــاك نحو حالة عبور غير نظامية للحدود إلى داخل 380.000 .2023 الاتحاد عام بجانب ذلك، جرى عرض الحماية المؤقتة لأكثر مليي أوكراني داخل الاتحاد الأوروبي، منذ 4 من .2022 ) الغزو الروسي الكامل، فبراير (شباط كـــمـــا أن الـــفـــشـــل فــــي تـــرحـــيـــل طـــالـــبـــي الــلــجــوء المــرفــوضــن ـ مـهـمـة يـمـكـن أن تــكــون مـعـقـدة ـ يثير غضب الكثيرين. في كثير من الأحيان، ترفض بلدان المهاجرين الأصلية عودتهم، خاصة إذا دمر هؤلاء الأشخاص الوثائق التي تثبت محل ميلدهم. وفي الوقت الذي تستمر عملية الترحيل، يمكن للمهاجرين الانتقال، دون أن يـجـري اكتشافهم، إلــى بـلـدان أخـــرى داخـل التكتل الأوروبـي، بسبب ضعف القيود على السفر بي الكثير من الدول الأوروبية. المــاحــظ أن ألمـانـيـا نجحت فــي دمـــج كثير من . ورغـم 2016 و 2015 اللجئي الـذيـن جـــاءوا عـامـي ذلك، شعر كثير من الألمان بالخوف من الهجرة من جراء الهجمات الأخيرة، وأصبح لديهم هاجس من أن الهجرة تكلف الكثير عندما يكون الاقتصاد في حالة تراجع. مـــن جـهـتـهـم، قـــال بـعـض المــســؤولــن المحليي وعــشــرات الألمـــان الـذيـن أجـريـت معهم مـقـابـات في ألمـــانـــيـــا الــشــرقــيــة ســـابـــقـــا، إن الأعـــــــداد الــكــبــيــرة من المهاجرين أثقلت كاهل الخدمات العامة كذلك. إلا أنـــه فــي الــوقــت نـفـسـه، صـــرح بـعـض الـقـادة علنية بحاجة أوروبا إلى العمال، مع تقدم السكان في أوروبا في السن وبقاء معدل المواليد منخفضا، ما يترك فجوات على صعيد القوى العاملة. الشهر الماضي، أعلن رئيس الـوزراء الإسباني بـيـدرو سانشيز، أن الهجرة «ليست مجرد مسألة إنسانية، بل إنها ضرورية كذلك لازدهار اقتصادنا واستدامة دولة الرفاهية»، مضيفا أن المفتاح يكمن في «إدارتها جيداً». فـي الـوقـت الحالي، تظل أوروبـــا محصورة داخل محاولاتها لتحقيق التوازن بي الضرورة الاقــــتــــصــــاديــــة لمــــزيــــد مـــــن الـــــعـــــمـــــال، ومــــخــــاوف مـواطـنـيـهـا إزاء الـهـجـرة والــحــاجــة إلـــى الالــتــزام بالقواني الأوروبية القديمة الرامية إلى حماية اللجئي. ومن بي القضايا التي تمكّن الاتحاد الأوروبي مـــن مـعـالـجـتـهـا، الـطـلـب الــقــديــم المــرتــبــط بـمـشـاركـة المـزيـد مـن الـبـلـدان فـي تقاسم عــبء قـبـول أو رعاية المـهـاجـريـن، لـكـن حـتـى هـــذه الـخـطـة لــن تـدخـل حيز . ويـــهـــدف الــبــرنــامــج إلـى 2026 الـتـنـفـيـذ حـتـى عـــام تــــوزيــــع المـــهـــاجـــريـــن بــشــكــل أكـــثـــر تـــــوازنـــــا وتـكـلـفـة اســتــقــبــالــهــم، مــــا يــقــلــل الـــضـــغـــوط عـــلـــى دول مـثـل اليونان وإيطاليا وإسبانيا، حيث يصل الكثير من المهاجرين أولاً. * خدمة «نيويورك تايمز» Issue 16794 - العدد Wednesday - 2024/11/20 الأربعاء عــلــى مــــدى يــومــن فـــي ريــــو دي جــانــيــرو، حــاول قــادة مجموعة العشرين الكبار توحيد رؤاهــــم، غير أنــه ومــن قبل أن تنطلق فعاليات القمة، كان من الواضح للقاصي والداني، أنها قمة اللحسم والانتظار، رغم الجهود الواضحة الـتـي حـاولـت الـبـرازيـل بقيادة رئيسها لويس إيـنـاسـيـو لـــولا دا سيلفا، اسـتـنـقـاذ الـعـالـم من أحاديته، والنفخ في بوق القرن لتنبيه الأثرياء لــصــالــح الــضــعــفــاء والـــفـــقـــراء، ضــمــن قــمــة كــان عنوانها الرئيس «تحدي الفقر والجوع وعدم المساواة»، في عالم معتل ومختل. يؤمن الرئيس المكافح، والـــذي بـدأ فقيراً، وعاملً بروليتاريا، وإن قُـدّر له لاحقا أن يرفع قــرابــة الـثـاثـن مـلـيـون بـرازيـلـي مــن تـحـت خط الـــفـــقـــر، يـــؤمـــن بـــــــ«أن هـــنـــاك مَــــن يـــصـــرون على تقسيم العالم بي أصدقاء وأعـــداء، لكن الأكثر فقراً، لا يكترثون لانقسامات تبسيطية». لم يكن هناك، وغالب الظن أنه لن يكون في المـدى المنظور على الأقـل، ما يضمن لأن تخرج هذه القمة بمقررات ومقدرات تستنقذ، «أقنان الأرض»، فـي الـجـنـوب الـعـالمـي الـبـائـس، الذين يكاد يكرس لـولا دا سيلفا جهوده من أجلهم، فالجميع مهموم ومحموم ضمن دائرة توحش رأسـمـالـي، تـؤمـن بــأن «الآخــريــن هـم الجحيم»، عـلـى حــد تعبير فـيـلـسـوف الــوجــوديــة الأشـهـر ، لا L'enfer c'est les autres جـــان بـــول ســارتــر تجاوز في الوصف، وعلى غير المُصدّق أن يولي وجــهَــه شـطـرَ عـاصـمـة أذربــيــجــان، بــاكـو، حيث )، تصل إلى طريق 29 قمة المناخ العالمية (كوب مــســدود بـشـأن تـمـويـل بــرامــج مكافحة التغير المناخي، وعليه لـم يكن أحـد ليتوقع أن يبادر الكبار جداً في ريو ديجانيرو، باتخاذ خطوات حاسمة، لا سيما أن وعدهم بمائة مليار دولار، لدعم الدول النامية، والذي قطعوه على أنفسهم ، لا يـزال 2021 فـي «قمة غلسكو» للمناخ عـام حـبـراً عـلـى ورق، بينما الـكـوكـب الأزرق انتقل مــــن مـــرحـــلـــة الاحـــتـــبـــاس الـــــحـــــراري، إلـــــى حــالــة الغليان، ولا عــزاء للأمي الـعـام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وصـوتـه الـزاعـق فـي برية التيه الأممي: «مجموعة العشرين لا بد أن تقود الجهود، فهي أكبر الدول المسببة للنبعاثات، ولديها أعظم القدرات والمسؤوليات». ووفـــقـــا لــلــمــســودة الأولـــيـــة الـــتـــي أوردتـــهـــا وكالة «بلومبرغ» الأميركية، فإن أحاديث كثيرة كــــان مـــن المـــقـــرر لــهــا أن تــــدور بـــن زعـــمـــاء أكـبـر عشرين اقتصاداً فـي العالم حـول قضايا آنية من عينة الالتزام بالقوى التعددية، خصوصا فــــي ضــــــوء الـــتـــقـــدم المــــحــــرز بـــمـــوجـــب اتــفــاقــيــة بـاريـس، وعـــزم الحضور على البقاء متحدين في السعي لتحقيق أهداف الاتفاق، عطفا على الدعوة لبقاء منظمة التجارة العالمية بوصفها حجر زاويــة في سياق سريان وجـريـان تجارة عالمية من غير حمائية. لا شـــك فـــي أن الــســطــور المــتــقــدمــة رطــانــة لــغــويــة ولــيــس أكـــثـــر، لا سـيـمـا أن هــنــاك حـالـة ارتـبـاك كبرى فـي دولـتـن تَــعُــدّان مـن المحركات الفاعلة والناجزة على الصعيد العالمي، يفصل بينهما «الأطلسي»؛ الولايات المتحدة الأميركية في الغرب، وألمانيا في الشرق. انعقدت قمة العشرين بحضور الرئيس الأميركي جو بايدن، غير أن الرجل بدا واضحا أن تاريخه أصبح وراءه. مــــن دون أدنــــــى شـــــك، بـــــدت قـــمـــة ريـــــو دي جانيرو، كأنها قمة الانتظار وعدم الحسم، ذلك أن الأنظار مركزة على المواقف التي سيتخذها خلف الرئيس بايدن، الرئيسُ المنتخب دونالد تـــرمـــب، فـــي الــبــيــت الأبـــيـــض بــعــد قـــرابـــة ستي يوما. يـقـول الــــراوي إن المجتمعي فــي ريـــو دي جانيرو، ورغم إعجابهم بالنوايا الحسنة للولا دا سيلفا، رسول الفقراء إلى عالم الأثرياء، فإن الـوجـوم كـان يخيم على جباههم من جــراء ما رشـــح عــن حـالـة الــتــعــاون الـــدولـــي المـرتـقـبـة في ظــل إدارة تــرمــب الـثـانـيـة، فـعـوضـا عــن تعزيز عالم التجارة الحرة، تنبت الآن براعم التهديد بحروب اقتصادية جديدة من خلل التعريفات الــجــمــركــيــة الــعــقــابــيــة عــلــى أوروبـــــــا والـــصـــن، وبــدلاً عن الالـتـزام بحماية المناخ والاتفاقيات الـــدولـــيـــة، مـــن المـــرجـــح أن تـنـسـحـب بــــاده مــرة أخرى من «اتفاقية باريس» بشأن تغير المناخ، مـا يدعونا للقول: «على مَـن تقرأ مزاميرك يا غوتيريش؟». لـــم يــكــن بـــايـــدن وحــــده فـــي قــمــة الـعـشـريـن «البطة العرجاء» في واقــع الأمــر، فقد صاحبه فـــــي درب الآلام، المـــســـتـــشـــار الألمـــــانـــــي أولاف شولتس، الذي أضحى بدوره ضمن سرب البط المعطل، لا سيما بعد انتهاء ما يُعرف بـ«ائتلف إشـارات المـرور»، بإقالة وزير المالية كريستيان ليندنزن، مـا يعني أنــه يـشـارك وهــو غير قـادر على البت في أي قضايا مهمة. غاب عن القمة الرئيس الروسي فلديمير بــــوتــــن، وغــــالــــب الــــظــــن فـــعـــل لــيــفــتــح الـــطـــريـــق لتسويات بحسب شـروطـه للملف الأوكــرانــي، بعد تنصيب ترمب، أما بقية القضايا العالمية، ومـــنـــهـــا أوضـــــــاع الــــشــــرق الأوســــــــط، فـجـمـيـعـهـا معلقة برسم سيد البيت الأبيض الجديد، مهما بلغ البيان الختامي لقمة ريو دي جانيرو من الفصاحة اللغوية. إميل أمين * جيني غروس وستيفين إيرلانغر وكريستوفر شوتسه OPINION الرأي 14 مجموعة العشرين وقمة اللاحسم أوروبا تحتضن أفكاراً بخصوصالهجرة كانت منبوذة تبدو الأمور أكثر تعقيداً؛ ثمة شحّ في طرق الخروج مــن الـنـفـق، الـكـارثـة عميقة، ولـــو أن مـغـامـريْـن اثـنـن لم يرتكبا ما ارتكباه لما مشى محيطهما إلى جرف الوادي، ولكن من يعلم؟ لعله مخاض يلد إقليما مختلفا ولكن بثمنٍ باهض. ولولا المغامرات الحادّة لكانت كل المناطق المضطربة الآن في عيشٍ رغيد، ثمة تقديرات تتحدث عن شهور وربـمـا سنة أو سنتي لأمـد هـذه الـحـرب، وحتى الآن لا أحد يعرف في داخل المناطق المنكوبة أو خارجها مــــا هــــو الــتــســبــيــب الـــعـــســـكـــري أو الاســـتـــراتـــيـــجـــي لــبــدء حـربٍ من هـذا النوع مع دولـةٍ جاهزةٍ ومتطورةٍ ولديها أحــــدث الأســلــحــة وأكــثــر الــقــوى الـتـكـنـولـوجـيـة الحربية والاســـتـــخـــبـــاريـــة تــــطــــوّراً، مـــا هـــو تـفـسـيـر هــــذه الــبــدايــة لشنّ حـربٍ في إقليمٍ كـان قبل الحرب في أوج استقراره وازدهاره؟! يمكن اعـتـبـار هــذه الأزمـــة جـــزءاً مـن دورات، وربما ذروات التاريخ الضرورية التي تمحض نفسها، ومن ثمّ تلد من أزماتها وقائع مختلفة، أو هو صــراع الأضــداد الـــذي يـؤسـس لــواقــعٍ جـديـد مختلف، كما يعبّر هيغل، وربما تمكّنت الحيويّة الدنيويّة والأطماع من تصعيد فـكـرة الــحــرب مــن دون أن يـكـون لـهـا زمـــام أو خــطــام. إن فلسفة الحروب عبر التاريخ تقوم على هـدفٍ ممكن، لا على أفكارٍ مستحيلة. فالحرب وسيلة وليست غاية. من أسس للحروب بأنها غاية الإنسان هي النظُم الأصولية التي تعتبر تغبير الأرجـل بأرض الحرب غاية أخروية. لا بـــد مـــن أخــــذ الـــحـــرب بـوصـفـهـا طــريــقــة سـيـاسـيـة في حــال استنفاد السبل الـدبـلـومـاسـيـة، فـالـحـرب جــزء من السياسة، وليست جـــزءاً مـن الاعـتـقـاد. الـحـرب هـي آخر الأدويـــة السياسية وليست أولـهـا. إن الأنـمـاط الحربية الموجودة حاليا تفتقر إلى المفاهيم السياسية الرئيسية مثل تحديد الهدف، وأمد الحرب، ومن قبل تسبيب بداية الحرب، ودراســة أثرها على الإقليم والإنـسـان، وتحديد الــضــرر، وفـقـه مـوضـوعـات الــيــوم الـتـالـي، ووضـــع خطةٍ كاملةٍ لها. أمـــا الــحــروب الـتـي نشهدها الآن بــدأهــا أصحابها في ليلٍ أظلم، حتى من دون تنسيقٍ مع محورهم، يعبّر ذلـــك عــن عـــدم فـهـمٍ لـلـمـوضـوعـات المــتــجــددة، والتقنيات الـــــصـــــاعـــــدة، لـــــم تـــعـــد الــــــحــــــروب بـــالـــســـهـــام والـــســـيـــوف والكاتيوشا والـدبـابـات، حـن تعيش خــارج العالم فإن الـــتـــاريـــخ سـيـلـفـظـك، لا تــظــنّ أن حــــرب هــــذه الــســنــة مثل حروب السنة المقبلة، الحروب أصبحت مرتبطةً بالعلم، الآن هناك قلق من تأثير الذكاء الاصطناعي على القوة النووية، وهـو قلق عبّرت عنه أميركا والـصـن. الحرب لم تعد أسنّة ورمـاحـا، وإنما أساسها الفهم السياسي والــتــقــديــر الــعــالــي لـــآمـــاد الــتــي يـمـكـن أن يــصــار إلـيـهـا والأهـــداف التي يمكن تحقيقها، وتقدير وقـت الجلوس على الطاولة. من دون ذلك، فإنها ستكون مجّرد نزاعات آيديولوجية. وبناءً على ذلك، فإنني أقترح ملحظتي... الأولــــــــــى؛ الانــــتــــقــــال مــــن مـــرحـــلـــة شــــــنّ الــــحــــرب إلـــى استعمالها؛ فبدلاً من الغيبوية الآيديولوجية التي تنزع الـحـرب مـن مضمونها، يمكن البناء على هـذه المغامرة بغية تغيير وقـائـع معينة نحو الأفــضــل؛ إمــا الانتقال من الفضاء الطائفي إلى الفضاء المدني، أو استثمارها في تعديل دسـتـور، أو الخوض في نقاشٍ حـول مفهوم الدولة، وهذا ينطبق تحديداً على لبنان، من هذه الزاوية يمكن الـدخـول إلــى الـحـضـارة والـتـاريـخ، وهــذا التحدّي يطرحه بعض الزعماء اللبنانيي المعتدلي، كذلك الأمر في فلسطي حيث فتحت حركة فتح مفاوضات داخلية بغية ردم الانـشـقـاقـات، ولـكـن على هــذا الــحــوار أن يعمّ الجميع لتتحول فلسطي إلى دولة واحدة ضمن مقترح حــــلّ الـــدولـــتـــن، الــــذي أســســت لـــه الــــــرؤى، وعــلــى رأســهــا المبادرة والرؤية السعودية الفصيحة والحازمة. الثانية؛ استثمار أفكار اليوم التالي المطروحة؛ ثمة تبويبات حيويّة طرحها المعتدلون في الغرب والإقليم عن هذا الموضوع، لا بد من القبضعليها قبل نهاية وقت عرضها، منذ شهور ثمة عـروض أميركية للمتضررين بدعمهم في الإعمار، بشرط السلم وإنهاء هذه الأزمـة. من دون الاعتبار والاستثمار بالمقترحات فلن يظلّ إلا الدمار. الخلصة... أن الإقليم يحتاج إلى عقولٍ نيّرة تعزز من أفكار التفاوض، وتقلل من نزعات التعارض، وهذا يجعل المنطقة أكثر حيويّة في تحقيق أسـس التنمية، أمــا الـخـوض فـي الـحـروب اللنهائية فيعني أن الـدمـار هو الغاية، وعليه يجب على المعتدلي لجم هذه النزعة والأخــــــذ بـأهـلـهــا نــحــو مـــجـــالات أكـــثـــر رحــــابــــةً ومــدنــيــة، وتغيير أفكار الحروب الآيديولوجية. الإقليم يحتاج إلى عقولٍ نيّرة تعزز من أفكار التفاوضوتقلل من نزعات التعارض فهد سليمان الشقيران مأساوية الحرب وأفكار النهايات

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky