issue16793

«المُسَلَّمُون» قادمون وستجد مؤلفاتهم من يقرأها، ومن يمتنع، وله الحرية والحق في ذلك الثقافة CULTURE 18 Issue 16793 - العدد Tuesday - 2024/11/19 ًالثالثاء «قلق السرد»... فلسطين روائيا صــدر فـي الـشـارقـة عـن الــدائــرة الثقافية كتاب نقدي جديد للروائي والناقد السوري نبيل سليمان، هـو «قلق الــســرد»، وبـذلـك يبلغ عــدد مؤلفات نبيل سليمان الروائية والنقدية ستني كتابًا. وفي مقدمة الكتاب الجديد نقرأ: «يــتــعــلــق قـــلـــق الــــســــرد بـــالـــشـــكـــل، ولـــيـــس فـقـط باملحتوى أو املضمون. والرواية - إذن – قد تورثنا الـقـلـق بفعل وفـضـل الـشـكـل، ولـيـس فـقـط بمادتها الـحـكـائـيـة أو أحـــداثـــهـــا أو حـمـولـتـهـا مـــن األزمـــــات واألحـــــوال النفسية أو مــن الــتــاريــخ. وهـنـا يتوحد الــحــديــث عـــن قـلـق الـــســـرد بــتــوتــره، ومـــن تجلياته: الجمل القصيرة، اإليقاع الالهث، عالمات االعتراض واملقاطعة. وال ننس انثيال السرد في هيئة سبيكة لغوية، تخلو مـن عـ مـات الترقيم، وتتكسّر فيها أيــة عـ مـات أو مــؤشــرات أو حـواجـز تنظم الـسـرد. ومن األمثلة البديعة لذلك في غُرر الحداثة الروائية ) لصنع 1974 – الرائدة أذكّر برواية (نجمة أغسطس )1977 – الـلـه إبـراهـيـم، وروايــــة (ألـــف ليلة وليلتان .)2000 – 1939( لهاني الراهب يـثـيـر الـعـجـائـبـي والــغــرائــبــي والــــخــــارق، يثير الفانتاستيك من قلق السرد ما يثير. وقد يورث ذلك قلقًا في البناء الـروائـي، فهل مثل هـذا القلق مذمّة بــالــضــرورة؟ ومــــاذا أيـضـ عــن الـقـلـق الـلـغـوي الــذي يعانق تـعـدد الـلـغـات الــروائــيــة: هـل هـو ضـــرورة أو مذمّة؟». يــحــاول هـــذا الـكـتـاب تشغيل األسـئـلـة واألفــكــار السابقة في قـراءة مائة وست وأربعني روايـة، فيبدأ باستكشاف ما في الجغرافيا الروائية من مولّدات القلق الــســردي، بعامة، قبل أن يخصص الـقـول في روايــــات تــوزعــت فـضـاءاتـهـا وتـشـظـت وتـفـاعـلـت من الـعـراق والهند والـصـ إلـى بـيـروت. ولئن كـان ذلك يميل بـالـقـول إلـــى املـحـمـول الـــســـردي، فلعل الفصل الـتـالـي يميل، على الـعـكـس، بـالـقـول إلــى الـشـكـل؛ إذ يــتــقــرى فــعــل املــوســيــقــى والـــنـــحـــت، فــعــل الــفــنــون في الــســرد الـــروائـــي. وهـــذا مــا سيتعمق ويــتــواصــل في الفصلني الـتـالـيـ . ففي فصل «فــي الـفـن الــروائــي»، يـمـضـي تــقــصّــي قــلــق الـــســـرد إلــــى مـــا لـلـصـوفـيـة في الرواية، وإلى الكتابة املشتركة للرواية، فإلى ما بني الشعر والـروايـة، فإلى شكل النوفيلال. وفـي الفصل الذي يلي يتحدد القول بما بني السيرة والرواية من استبطان لقلق التجنّس بهما، وهذا من قلق السرد في الصميم. من الكتاب «ألن لقلق الـهـويـة الفلسطينية شـأنـ خاصًا، أفــــردت لــه فـصـ خـاصـ لتجلياته فــي قـلـق الـسـرد الـــــــروائـــــــي الـــفـــلـــســـطـــيـــنـــي. وبـــــــــــذا، بــــقــــي ألهــــجــــاس مـجـتـمـعـاتـنـا املـــعـــاصـــرة فـــصـــل أخــــيــــر، يـــتـــعـــدد فـي تـــعـــبـــيـــراتـــه الــــروائــــيــــة قـــلـــق الــــســــرد بــــ الـــعـــبـــوديـــة والـضـحـك والـهـزيـمـة واملــيــاه واملــــرأة املشبوحة بني عــاملــ واملــفــصــل الــزمــنــي الـــحـــاد املـتـمـثـل فـــي رأس السنة، كل سنة. ولـعـل مــن املـهـم أن أشـيـر إلـــى أن تـحـديـد روايـــات بعينها لكل فصل، ال يعني أن ليس فيها ما يخاطب فصال آخر. فهذه رواية (يصحو الحرير) مثال تنادي الـفـصـل األول بـفـضـائـهـا املــتــرامــي بـــ مـــدن الـجـزائـر ووهران وبشار وندرومة وإستانبول والشام (دمشق) وإسكندرون. لكن شخصية الفنانة التشكيلية حروف الزين، وهي الشخصية املحورية، مالت بالرواية إلى فـصـل (فـــي الــفــن الــــروائــــي). ومـثـلـهـا روايــــة (تصحيح وضع) التي يترامى فضاؤها بني ديترويت والرياض والدمام وأبوظبي ودبي وعدن. فقد مال ما في الرواية من أهجاس املجتمعات... إلى الفصل األخير (أهجاس املـجـتـمـعـات الـــروائـــيـــة). وكــــذا األمــــر فــي روايـــــات (ملك اللصوص) و(كتيبة سـوداء) و(فاكهة للغربان) حيث رجــحــت كــفّــة الــتــاريــخ عـلـى كــفّــة الــجــغــرافــيــا، إن صح التعبير. أمـا روايـتـا (سماء القدس السابعة) و(قناع بلون السماء) فما لهما من االمتياز الفني ينادي فصل (في الفن الـروائـي)، وإن كان قلق الهوية الفلسطينية فيهما قد رجح كفّة فصل (فلسطني روائيًا)». الشارقة: «الشرق األوسط» رواية أميركية تمزج البهجة بالتاريخ «ال أتـــذكـــر آخـــر مـــرة اكـتـشـفـت فيها رواية ذكية ومبهجة كهذه وعاملًا واقعيًا، إلــــى درجــــة أنــنــي ظـلـلـت أنــســى مـعـهـا أن هؤالء األبطال ليسوا أصدقائي وجيراني الفعليني، كافئوا أنفسكم بهذا الكتاب من فـضـلـكـم حــيــث ال يـسـعـنـي إال أن أوصـــي بقراءته مرارًا وتكرارًا». هـــكـــذا عــلــقــت إلـــيـــزابـــيـــث جــيــلــبــرت، مــؤلــفــة كــتــاب «طـــعـــام صــــ ة حــــب» الـــذي تـحـول إلـــى فيلم شهير بـالـعـنـوان نفسه مــــــن بــــطــــولــــة جــــولــــيــــا روبــــــــرتــــــــس، عــلــى روايــــة «جـمـعـيـة جــيــرنــزي وفــطــيــرة قشر الــبــطــاطــس» الــتــي صــــدرت مـنـهـا مـؤخـرًا طبعة جديدة عن دار «الكرمة» بالقاهرة، والتي تحمل توقيع مؤلفتني أميركيتني، هما مـاري آن شيفر وآنـي بـاروز، وقامت بترجمتها إيناس التركي. 1946 تحكي الرواية كيف أنه في عام تـتـلـقـى الــكــاتــبــة جــولــيــت آشـــتـــون رســالــة مـــن الــســيــد آدامــــــز مـــن جـــزيـــرة جــيــرنــزي ويــــبــــدآن فــــي املـــراســـلـــة ثــــم تـــتـــعـــرف عـلـى جميع أعضاء جمعية غير عادية تسمى «جمعية جـيـرنـزي لـــأدب وفـطـيـرة قشر البطاطس». مـن خــ ل رسائلهم، يحكي أعضاء الـــجـــمـــعـــيـــة لـــجـــولـــيـــت عـــــن الــــحــــيــــاة عـلـى الــجــزيــرة وعـــن مـــدى حـبـهـم لـلـكـتـب وعـن األثـــر الـــذي تـركـه االحـــتـــ ل األملـــانـــي على حـيـاتـهـم، فـتـنـجـذب جـولـيـت إلـــى عاملهم الذي ال يقاوم فتبحر إلى الجزيرة لتتغير حياتها إلى األبد. وفـــي ظـــ ل خـيـوط الــســرد املنسابة برقة تكشف الرواية الكثير عن تداعيات الحرب العاملية الثانية في إنجلترا، وهي في الوقت نفسه قصة حب غير متوقعة وتصوير للبطولة والنجاة وتقدير رقيق للرابطة التي يشكلها األدب. وتسلط الرسائل التي يتألف منها الـعـمـل الــضــوء عـلـى مـعـانـاة سـكـان جـزر الـــقـــنـــال اإلنـــجـــلـــيـــزي فـــي أثـــنـــاء االحـــتـــ ل األملـــــانـــــي، لـــكـــن هـــنـــاك أيـــضـــ مــســحــة مـن الـدعـابـة الـ ذعـة إثــر انتقال جوليت إلى «جـــيـــرنـــزي» لـلـعـمـل عــلــى كــتــابــهــا؛ حيث تـــجـــد أنــــــه مـــــن املـــســـتـــحـــيـــل الــــرحــــيــــل عـن الـــجـــزيـــرة ومــــغــــادرة أصــدقــائــهــا الـــجـــدد، وهو شعور قد يشاركها فيه القراء عندما ينتهون من هذا النص املبهج. وأجــــمــــع الـــنـــقـــاد عـــلـــى أن املــؤلــفــتــ مـــاري آن شيفر وآنـــي بـــاروز أنـجـزا نصًا مـدهـشـ يـقـوم فــي حبكته الــدرامــيــة على الرسائل املتبادلة ليصبح العمل شبيهًا بأعمال جني أوسنت من جانب، ويمنحنا دروســ مستفادة عبر قــراءة التاريخ من جانب آخر. عملت مـــاري آن شيفر الـتـي توفيت مـــحـــررة وأمــيــنــة مـكـتـبـة، كما 2008 عــــام عملت في متاجر الكتب وكانت «جمعية جيرنزي للدب وفطيرة قشر البطاطس» روايـتـهـا األولــــى. أمــا ابـنـة شقيقها «آنـي بـــــــــاروز» فـــهـــي مـــؤلـــفـــة ســلــســلــة األطـــفـــال «آيـفـي وبــ » إلــى جانب كتاب «النصف الـــــســـــحـــــري» وهــــــــي تــــعــــيــــش فــــــي شـــمـــال كاليفورنيا. حققت هــذه الــروايــة الـعـذبـة نجاحًا كــبــيــرًا واخــتــارتــهــا مـجـمـوعـة كــبــيــرة من الصحف واملـجـ ت بوصفها واحـــدة من أفضل كتب العام، كما تحولت إلـى فيلم . ومن 2018 سينمائي بهذا االسم، إنتاج أبرز الصحف التي أشادت بها «واشنطن بـــوســـت بـــــوك وورلـــــــــد» و«كــريــســتــشــيــان ساينس مونيتور» و«سـان فرانسيسكو كورنيكل». ومن أجواء هذه الرواية نقرأ: «لم يتبق في جيرنزي سوى قلة من الرجال املرغوبني وبالتأكيد لم يكن هناك أحد مثير، كان الكثير منا مرهقًا ومهلهال وقلقًا ورث الثياب وحافي القدمني وقذرًا. كنا مهزومني وبــدا ذلـك علينا بوضوح، لـم تتبق لدينا الطاقة أو الـوقـت أو املـال الـــــــ زم مــــن أجـــــل املـــتـــعـــة. لــــم يـــكـــن رجــــال جـــيـــرنـــزي يــتــمــتــعــون بــــأي جـــاذبـــيـــة، في حـ كــان الـجـنـود األملـــان يتمتعون بها. كانوا وفقًا ألحد أصدقائي طويلي القامة وشُــقـرًا ووسيمني وقــد اسـمـرّت بشرتهم بـفـعـل الـشـمـس ويـــبـــدون كــاآللــهــة. كـانـوا يقيمون حفالت فخمة ورفقتهم مبهجة وممتعة، ويمتلكون الـسـيـارات ولديهم املال ويمكنهم الرقص طول الليل. لكن بعض الفتيات اللواتي واعـدن الـــــجـــــنـــــود أعـــــطـــــ الــــســــجــــائــــر آلبــــائــــهــــن والخبز ألسرهن، كن يعدن من الحفالت وحــقــائــبــهــن مــلــيــئــة بــالــخــبــز والــفــطــائــر والفاكهة وفطائر اللحم واملربى، فتتناول عائالتهن وجبة كاملة في اليوم التالي. ال أعــتــقــد أن بــعــض ســـكـــان الـــجـــزيـــرة قد عـدوا قط امللل خـ ل تلك السنوات دافعًا ملـصـادقـة الــعــدو، رغــم أن املـلـل دافـــع قوي كما أن احتمالية املتعة عامل جذب قوي، خـــاصـــة عــنــدمــا يـــكـــون املـــــرء صــغــيــرًا في السن. كـان هناك، في املقابل، الكثير من األشخاص الذين رفضوا أن يكون لهم أي تعامالت مع األملان، إذ إنه يكفي أن يلقي املــــرء تـحـيـة الــصــبــاح فـحـسـب حـتـى يُــعـد متعاونًا مع العدو». القاهرة: «الشرق األوسط» هل سيؤسس أسامة المسلم دارا لنشر «األدب األكثر تأثيراً»؟ ال أحد يملك مفاتيح بوابات المشهد الثقافي فـــي مـــقـــالـــة نُـــشـــرت األســــبــــوع املـــاضـــي، كتب الـزمـيـل مـيـرزا الخويلدي عـمّــا سمّاها «ظـاهـرة» أسـامـة املسلّم األديـــب النجم، غير املـــســـبـــوق أدبـــيـــ بــشــهــرتــه مـحـلـيـ وعــربــيــ ؛ الـــــقـــــادر عـــلـــى جــــــذب حــــشــــود مــــن املــعــجــبــ واملـعـجـبـات، ممن قـــرأوا لـه ومـمـن لـم يـقـرأوا بعد، إلى معارض الكتب التي يوجد فيها. بـدون أدنـى شـك، يجسّد املسلم ظاهرة الـروائـي النجم. ومحاولة التقليل مـن شأن نجوميته واالستهزاء بها ضرب من العبث، والـــســـاخـــر مـنـهـا واملــســتــهــزئ بــهــا «كـنـاطـح صخرة يومًا ليوهنها فلم يضرها وأوهــى قرنه الــوعــل». املسلم جــاء، أو ظهر، ليبقى، والـــنـــظـــر إلـــــى تــجــربــتــه ومـــنـــجـــزه اإلبــــداعــــي بـــاســـتـــعـــ ء ونــــفــــور لــــن يـــكـــون لــــه أي تـأثـيـر فـي الــواقــع وعـلـيـه. وسيستمر اإلقــبــال على مــؤلــفــاتــه، والـــتـــزاحـــم حــولــه إلــــى حـــد إغــمــاء الـــبـــعـــض، أو الــتــســبــب فــــي إلــــغــــاء فــعــالــيــات توقيع رواياته - حقيقة تؤكد حقيقة أخرى: تـــداعـــي أو انـــهـــيـــار صـــــروح الـــوصـــايـــة على اإلبداع األدبي، وتقلص سلطة من يُنَصِّبُون أنفسهم أوصياء وحكام ذوق، يحلمون، رغم تغير الـظـروف واألحـــوال، في االستمرار في تـوزيـع صكوك االعـتـراف والتزكية ممهورة بإمضاءاتهم. «المُسَلَّمُون» قادمون وســـيـــأتـــي «مُــــسَــــلَّــــمُــــون» (مـــــن مُـــسَـــلّـــم) آخــــــرون، مُـــقَـــلِّـــدُون ومـــتـــأثـــرون بـــه، يـحـاكـون أســلــوبــه فـــي الــكــتــابــة، وفــــي تـــرويـــج كتبهم وذواتـــهـــم؛ وآخـــــرون تـغـريـهـم جــوائــز «الـقـلـم الذهبي» باملال وبأضواء الشهرة، وبوصول أعمالهم السردية أفالمًا إلى صاالت السينما. وسنشهد، محليًا على نحو خـاص، ظاهرة popular( اإلقبال على كتابة القص الشعبي ): الــــفــــانــــتــــازيــــا والـــــرعـــــب واإلثـــــــــارة fiction والــتــشــويــق والــجــريــمــة والـــرومـــانـــس، أو ما يـسـمـى «األدب األكـــثـــر تـــأثـــيـــرًا». وســـيـــوازي ذلــك االنـتـشـار الـفـطـري - املـشـرومـي لـــدورات وورش كتابة «األدب األكثر تأثيرًا». وليس على «املشهد الثقافي» سوى تحمل الظاهرة بـإيـجـابـيـاتـهـا وسـلـبـيـاتـهـا، حـتـى وإن كـان يــوجــد مـــن يــرفــض وجــــودهــــا. «املُـــسَـــلَّـــمُـــون» قادمون، فعلى الرحب والسعة، ففي املشهد متسع للجميع. ستجد مؤلفاتهم من يقرأها، ومن يمتنع، وله الحرية والحق في ذلك. لكن ثمة حقيقة أنه ال أحد يملك، أو له الحق في امـــتـــ ك، مـفـاتـيـح بـــوابـــات املـشـهـد الـثـقـافـي، يفتحها أمــام مـن يحب، ويقفلها فـي وجـوه من ال يستطيع معهم صبرًا. البناء الذاتي للشهرة حقيقة أخرى ذكرها الزميل الخويلدي فـــي مـقـالـتـه، وهـــي أن املـسـلـم صـنـع شهرته بنفسه دون أي نوع من أنواع الدعم والرعاية مـن املـؤسـسـات الثقافية بنوعيها الرسمي واألهــــلــــي. كــمــا لـــم يــكــن لـلـنـقـاد والـصـحـافـة فضل عليه، أو إسـهـام فـي صنع نجوميته. أضــيــف إلـــى مـــا ذكــــره الــخــويــلــدي، الحقيقة نـاشـرًا لـروايـتـه «خــوف»، 20 األخـــرى: رفــض مـا اضـطـره إلـى بيع سيارته لينشرها على حسابه. أعتقد أن رفض نشر روايته عالمة على أنــــه كـــائـــن مــحــظــوظ، جـعـلـه الـــرفـــض ينضم بدون اختيار وقرار منه لقائمة الذين رُفِضت مؤلفاتهم وانتهى بهم املطاف كُتّابًا وأدباء مشهورين. يبدو أنه ما من شخص تعرضت كـــتـــابـــاتـــه لـــلـــرفـــض، إال وأصــــبــــح مـــشـــهـــورًا، يـضـاف اسـمـه لقائمة األســمــاء التالية على سبيل املثال ال الحصر: إرنست هيمنغوي، ف. ســـكـــوت فـــيـــتـــزجـــيـــرالـــد، سـيـلـفـيـا بــــ ث، مـــايـــا أنــجــيــلــو، بــــاربــــرا كـيـنـغـسـولـفـر. ومــن كُـــتّـــاب الـقـص الـشـعـبـي: أغــاثــا كـريـسـتـي، ج. ك. رولـيـنـغ، ستيفن كـيـنـغ. سـأسـقـط بعض الـــضـــوء عــلــى تـجـربـتـي جــــي. كــــي. رولــيــنــغ، وستيفن كينغ مع النشر. رفض «هاري بوتر» و«كاري» دار نـشـر مـخـطـوطـة روايـــة 12 رفـضـت رولـيـنـغ «هــــاري بـــوتـــر»، لـيـس هـــذا فحسب، بــل حــذرهــا أحـــد الــوكــ ء األدبــيــ بـأنـهـا لن تحقق ثـــروة بتأليفها كتبًا لـأطـفـال. ربما شعر، أو ال يزال يشعر، ذلك الوكيل بوخزات الندم على تحذيره رولينغ، وهو يراها اآلن تشغل املركز األول في قائمة أكثر الكاتبات والـــكُـــتّـــاب ثـــــراء بـــثـــروة تــقــدر بـمـلـيـار دوالر. تـحـقـق لــهــا الـــثـــراء مـــن كـتـابـاتــهــا لــأطــفــال، وللكبار، خصوصًا الذين لم تنطفئ دهشة الطفولة فيهم. أما كينغ، فقد رُفِضَت مخطوطة روايته ناشرًا. وقد أوضـح أحد 30 «كــاري» من قبل الـــنـــاشـــريـــن فــــي خـــطـــاب الــــرفــــض إلـــيـــه أنــهــم ال يـهـتـمـون بـــروايـــات الــخــيــال الـعـلـمـي التي تـــصـــور يـــوتـــوبـــيـــات ســلــبــيــة (ربــــمــــا يـقـصـد ديستوبيات) ألنها «ال تبيع»، أي ال تحقق أرقــام مبيعات مرتفعة. لكن «كـــاري» نُشِرَت . وملـا أُطْــلِــقَــت نسخة الغالف 1974 أخيرًا في ، بِيْع منها 1975 ، الورقي بعد عام من نشرها شهرًا. 12 ما يزيد على مليون نسخة خالل واآلن كينغ واحد من الكُتّاب األثرياء، بثروة مليون دوالر. 500 تقدر بــ مثلهما واجــه املسلم رفـض الناشرين. وســـتـــصـــبـــح ســـيـــرتـــه األدبـــــيـــــة أقـــــــوى شـبـهـ بسيرتيهما، خصوصًا سيرة كاتبه املفضل كينغ، عندما تعرض الترجمات السينمائية لرواياته على الشاشتني الكبيرة والصغيرة في القريب العاجل كما يُفهم من كالمه عن ذلك. تيري وودز وفيكي سترينغر ولــلــروائــتــ األمـيـركـيـتـ تــيــري وودز وفيكي سترينغر، أعـــود مـن كتابة سابقة. فـــلـــوودز وسـتـريـنـغـر قـصـتـان طـويـلـتـان مع الـــرفـــض املـــتـــكـــرر مـــن الـــنـــاشـــريـــن، ولـكـنـهـمـا وضعتا لهما نهايتني مختلفتني عن نهاية قصص الكاتبات والكُتّاب املذكورين أعاله. يتجلى في قصتيهما الصبر واإلصرار على تـحـقـيـق الـــهـــدف. كـــان الـنـشـر الـــذاتـــي نهاية قصة كـل منهما، لينتهي بـــدوره بتأسيس كــل منهما دار نـشـر، شـقـت الـطـريـق أمامها إلى الثراء. فـــــي املـــتـــبـــقـــي مـــــن وقـــتـــهـــا املـــــــــوزع بـ واجبات األمومة وعملها سكرتيرة في شركة قانونية، فتحت تيري وودز من فيالدلفيا، التي ستصبح فيما بعد رائدة القص املديني - قــــص املــــديــــنــــة، أو أدب الـــــشـــــارع، أو أدب الـعـصـابـات، فتحت لنفسها بـابـ تـدلـف من خالله إلـى عالم الكتابة، لتشرع فـي تأليف ». وبعد True to the Game« روايتها األولــى فـــراغـــهـــا مـــن الـــكـــتـــابـــة، راحـــــت تـــطـــرق أبــــواب 1992 سـنـوات، من 6 الناشرين. وعلى مـدى ، كانت تتلقى الرفض تلو اآلخر. وملّا 1998 إلى نفد صبرها، قررت طباعة وتغليف روايتها بــنــفــســهــا وبــيــعــهــا مـــبـــاشـــرة لـــبـــاعـــة الـكـتـب وللناس في الـشـوارع. كانت تطوف باملدن. تــنــام فـــي ســيــارتــهــا فـــي مـــواقـــف الـــســـيـــارات، وعلى األريكات في بيوت معارفها، وتقضي ساعات في شوارع نيويورك. ثم انتقلت الى الـخـطـوة الـتـالـيـة: تـأسـيـس دار للنشر. بعد مضي ثالث سنوات، أصبحت وودز الكاتبة عام خير عليها، 2007 املليونيرة. وكان عام وقَّعَت خالله صفقة خمس كتب مع «غراند سنترال بَبلِشينغ»، وظهر الجزء الثاني من » على قائمة True to the Game II« روايتها الـكـتـب األكـــثـــر مـبـيـعـ لـصـحـيـفـة «نــيــويــورك )، كان الجزء 2008( تايمز»، وفي العام التالي الثالث على قائمة «نيويورك تايمز» أيضًا. أمـــا فـيـكـي سـتـريـنـغـر، فـقـد أتــاحــت لها الكتابة مفرًا مـن ضيق الـزنـزانـة إلــى رحابة Let That Be the« العالم املتخيل في روايتها »، التي كتبتها فـي السجن. غـادرت Reason فيكي سترينغر واليـة ميشيغان إلى مدينة كولومبس للدراسة في جامعة والية أوهايو. وهناك التقت بمن أصبح صديقًا لها. وكان يتعاطى ويروج املخدرات، فاستدرجها إلى االنــــــزالق إلــــى هـــاويـــة املــــخــــدرات وتـعـاطـيـهـا وتــــرويــــجــــهــــا، حـــيـــث تـــــوجّـــــت بـــلـــقـــب «مــلــكــة الــكــوكــايــ فـــي كـــولـــومـــبـــوس». وحــــ ألـقـي القبض عليها كان في حوزتها كمية كبيرة من املخدرات ومئات آالف الدوالرات. فـي السجن وبـعـد الــخــروج مـنـه، كانت الـكـتـابـة «خــيــط أريــــادنــــي» الــــذي اهـــتـــدت به لــلــخــروج مـــن مــتــاهــة الــتــعــثــرات والــتــيــه في املـــاضـــي. فـعـلـى الـــفـــور، راحـــــت تـبـحـث عمن يـنـشـر مـخـطـوطـة روايـــتـــهـــا األولــــــى، لـتُــمَــنـى مـــرة، مـا اضـطـرهـا إلــى نشرها 26 برفضها ذاتيًا، وتأسيس دارهـا للنشر. وتوالى نشر األجــــــــزاء األخـــــــرى مــــن الـــــروايـــــة، وروايـــاتـــهـــا األخـــــرى. أطـلـقـت مـجـلـة «بَــبـلـيـشـرز ويـكـلـي» عـــلـــى ســتــريــنــغــر لـــقـــب «مـــلـــكـــة أدب املــديــنــة ، شهدت طوكيو، نشر 2005 الحاكمة». وفي ترجمات رواياتها إلى اليابانية. إغراء الناس بدخول المكتبات تـقـول الكاتبة آن بــارنــارد فـي مقالتها «مــن الــشــوارع إلــى املـكـتـبـات»، املـنـشـورة في )، إن املكتبات 2008-10-23( » «نيويورك تايمز فـي «كـويـنـز»، ونـظـام املكتبات املنتشرة في الــبــ د، إلـــى مقاطعة يـــورك فــي بنسلفانيا، تحرص على اقتناء روايــات (القص املديني - أدب الـــشـــارع - أدب الــعــصــابــات) كطريقة مــثــيــرة، وإن تــكــن خِـــ فـــيَّـــة أحـــيـــانـــ ، لـجـذب أشـخـاص جــدد إلــى قـاعـات الـــقـــراءة، ولنشر مــحــو األمـــيـــة والـتـفـكـيـر واســتــكــشــاف مـيـول واهتمامات الجمهور الذي يخدمونه. (*) ناقد وكاتب سعودي *د. مبارك الخالدي أسامة مسلم جي كي رولينغ ستيفن كينغ

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==