issue16793

يـــقـــولـــون دائـــمـــا إنــــه ال فــــرق بـــن رئـــيـــس وآخـــر فـــي الــــواليــــات املـــتـــحـــدة، ســــواء أكــــان ديــمــقــراطــيــا أم جمهوريا، فيقال إن أميركا دولة املؤسسات، يختلف األشخاص، وتبقى السياسة واحدة، لكن األمر تغير اآلن مع العائد من جديد إلى البيت األبيض دونالد ترمب، الـذي صاغ لنفسه فلسفة تستند إلى قاعدة جماهيرية غير مسبوقة ألي رئيس أميركي خالل نصف قرن مضى. الفلسفة الترمبية تقوم على عدم االنخراط في أي حــروب جـديـدة أو الـتـدخـ ت العنيفة بالثورات أو االنـقـ بـات فـي الـبـلـدان املختلفة، بـل تعمل على تعظيم الجانبي االقتصادي واالستثماري والتفوق التكنولوجي، على أن يفعل كـل هــذا مـن خــ ل ذات الفلسفة القائمة على السالم من خالل قوة الردع، أي أنه يحتفظ ألميركا بقوة التفوق على أي قوى أخرى منافسة في العالم؛ ما يجعل واشنطن تستمر في صدارة املشهد العاملي من دون تدخالت مرئية. إن هذه الحالة الترمبية التي باتت تشغل الرأي الـــعـــام الـــعـــاملـــي، أربـــكـــت حــســابــات خــصــوم وحـلـفـاء أميركا، البعض يرى أن الطبعة الجديدة من ترمب سـتـواصـل نهجها االنـعـزالـي الـــذي ســاد فـي واليته األولى، بينما يرى البعض اآلخر أننا أمام شخصية جديدة وسياسة جديدة. خرائط العالم في انتظار فتح صندوق ترمب، لالطالع على ما به من ملفات وحـسـابـات ومــعــادالت وتـقـديـرات ملستقبل عـالـم ما بعد هزيمة الديمقراطيي، وفوز الجمهوريي. بــعــيــدًا عـــن تـــخـــوفـــات أوروبـــــــا وتـــرقـــب الـصـن واالنتظار الروسي، فإن ثمة سؤاال يطرح نفسه على طاولة العرب، في ظل عودة ترمب، والسؤال هو: ما الخطوط الحمراء التي لن يسمح العرب بتجاوزها من قبل سياسة ترمب الجديدة؟ ســــؤال مـهـم فــي تـوقـيـت دقــيــق. عـنـدمـا يجلس ترمب في مكتبه البيضاوي في العشرين من يناير املقبل، سيكتشف أن 2025 (كانون الثاني) من عـام الخرائط العربية تغيرت كثيرًا عما كانت عليه إبان واليته السابقة، وأن الحروب أصابت قلب املنطقة، وتطايرت شـرارهـا إلـى معظم اإلقليم، وباتت تنذر بـتـهـديـد وجـــــودي لــلــســ م اإلقــلــيــمــي والـــعـــالـــم، وأن مـبـادرتـه األولـــى بـالـسـ م االقـتـصـادي، أو االزدهـــار الـقـائـم عـلـى الـتـعـايـش املـشـتـرك لــم يـعـد لـهـا وجــود مع أصـوات املدافع وأزيـز الطائرات، وقتل األبرياء، وترويع اآلمني، وتمزيق خرائط اإلنسانية. عندما غـادر ترمب البيت األبيض، تـرك وراءه قــصــة واحــــــدة فـــي فــلــســطــن، وعـــنـــدمـــا عــــاد صـــارت الــقــصــة قــصــتــن، غــــزة ولـــبـــنـــان، ولــهــمــا صــــدى في ســوريــا والـــعـــراق والـيـمـن وإيـــــران، ومـــن ثــم فـــإن هـذا الـصـدى قـد يرتطم باملصالح األميركية فـي الشرق األوسط. ربــمــا يــأتــي تــرمــب هـــذه املــــرة مـحـمـ بتصور مختلف تـجـاه املنطقة واإلقــلــيــم، ولـكـن أيـــا كـــان ما يـحـمـلـه مـــن تــــصــــورات، فــــإن الـــعـــرب لــديــهــم خـطـوط حـــــمـــــراء، وثـــــوابـــــت ومــــــحــــــددات مــــن غـــيـــر املـــســـمـــوح بتجاوزها أو القفز عليها. أول هــــذه الـــخـــطـــوط الـــحـــمـــراء هـــو خـــط إقــامــة الدولة الفلسطينية املستقلة على حـدود الرابع من ، وعـاصـمـتـهـا الـقـدس 1967 يـونـيـو (حـــزيـــران) عـــام الـشـرقـيـة، وتـطـبـيـق حــل الــدولــتــن، وتـقـريـر مصير الشعب الفلسطيني، فمن دون التوصل إلى حل لهذه القضية املزمنة التي تعد أم القضايا، وأقدمها في العالم، فإن السالم في املنطقة والعالم سيظل مفقودًا وبعيد املنال، وقـد جـرب ترمب هـذا األمـر في فترته األولـــى عندما اندلعت حــرب صغيرة بـن إسرائيل ، وقد تأثر 2018 والفصائل الفلسطينية في غزة عام بها االستقرار العاملي في ذلك الوقت، وأدرك ترمب وفريقه التفاوضي أن القضية الفلسطينية معقدة. أمــــا الـــخـــط األحـــمـــر الـــثـــانـــي لــــدى الــــعــــرب، فهو الـــرفـــض الــكــامــل ألي مــحــاولــة أخــــرى إلعـــــادة إنـتـاج الـفـوضـى تـحـت ذريــعــة الــدفــاع عــن الـحـريـة وحـقـوق ، الذى سمي بالربيع 2011 اإلنسان، مثلما جرى عام العربي، بتشجيع مباشر مـن اإلدارة الديمقراطية بـقـيـادة بــــاراك أوبـــامـــا، ووزيـــــرة خـارجـيـتـه هـيـ ري كـلـيـنـتـون، ونـــتـــج عـــن ذلــــك حـــــروب أهــلــيــة وتـكـسـيـر أعـــــمـــــدة الـــــدولـــــة الــــوطــــنــــيــــة، وظـــــهـــــور املــيــلــيــشــيــات والجماعات اإلرهابية، ومحاولة تمكينها من إدارة الفوضى والسيطرة على مفاصل الـدول، وقد رأينا تجربة كاملة وشاملة في أكثر من عاصمة عربية، ال تزال حتى اللحظة تعاني آثار هذه الفلسفة املدمرة التي انتبه لها كل العرب، وحاولوا التخلص منها ومـــن آثـــارهـــا، ونـعـتـقـد أن تـــرامـــب يـعـي ذلـــك جـيـدًا، ويدرك حجم الضرر الذى لحق بالعالقات األميركية الـــعـــربـــيـــة، جــــــراء انـــحـــيـــاز أمـــيـــركـــا لـــهـــذه الــفــلــســفــة، وتطبيقها في أكثر من بلد عربي. ثـالـث الـخـطـوط الـعـربـيـة الـحـمـراء عـلـى طـاولـة تــرمــب، يتمثل فــي رفـــض الــعــرب أي مـحـاولـة لدعم الجماعات والتنظيمات اإلرهابية العابرة للحدود، فــلــدى الـعـقـل الـعـربـي انـطـبـاع راســــخ بـــأن واشـنـطـن دعـــــمـــــت، فـــــي مـــــراحـــــل ســــابــــقــــة، تــــلــــك الـــتـــنـــظـــيـــمـــات اإلرهابية، بدافع توظيفها لتحقيق مصالح أميركا االستراتيجية، وقد أثبتت الوقائع أن استخدام هذه 11 الورقة ارتـد إلى صدر أميركا نفسها في أحـداث .2001 ) سبتمبر (أيلول رابع هذه الخطوط الحمراء، يتعلق باندالع الـحـروب األهلية في أكثر من بلد عربي، وتشير بعض الـتـقـديـرات إلــى أن هـنـاك أيـــادي خارجية، تؤجج هـذه الـحـروب وتشعل الـصـراعـات، بهدف تــفــكــيــك الـــنـــســـيـــج الـــســـيـــاســـي واالجــــتــــمــــاعــــي فـي هـذه الـــدول، لـذا فـإن العرب يعدون استمرار دعم الحروب والنزاعات بمثابة الخط األحمر األكبر، كونه تهديدًا وجوديا لجزء رئيسي من الخريطة العربية. أعتقد أن الخطوط الحمراء األربعة لدى العرب تمثل خـطـوطـا عـريـضـة، ملــا ينبغي أن تـكـون عليه العالقة مع الرئيس األميركي املنتخب دونالد ترمب، وأعتقد أيضا أن ترمب وفريقه ال تغيب عنهم ذات الخطوط العربية الحمر. Issue 16793 - العدد Tuesday - 2024/11/19 الثالثاء واضـــــح أن لــبــنــان قـــد دخــــل فـــي مــرحــلــة ضـبـابـيّــة وقاتمة ليس واضحا كيف سيخرج منها وبأي أثمان وخسائر، خصوصا مع دخول االعتداءات اإلسرائيليّة عـــلـــيـــه شـــهـــرهـــا الــــثــــانــــي، وهــــــي كـــمـــا تــــبــــدو مــرشــحــة لـ سـتـمـرار أسـابـيـع إضـافـيّــة بـانـتـظـار اكـتـمـال لحظة االنتقال األميركي بعد انتخابات رئاسيّة غير مسبوقة لناحية االستقطاب والنتائج والتوقعات السياسيّة. رئــــيــــس الــــــــــــوزراء اإلســــرائــــيــــلــــي بــنــيــامــن نــتــنــيــاهــو الـــــذي امــتــنــع عـــن الـــتـــجـــاوب مـــع الــضــغــوط األميركيّة (غير الكافية في كل األحوال) على مدى أكثر مـن عــام كـامـل لـوقـف الـحـرب على قـطـاع غـــزة، ومــن ثم على لبنان، لن يُــقـدّم هـذه «الهدية» املجانية للرئيس األمـيـركـي املنتهية واليــتــه جــو بــايــدن، خـصـوصـا أنـه يـتـمـتّــع بـعـ قـة وثـيـقـة مـــع الــرئــيــس املـنـتـخـب دونــالــد تـــرمـــب، ويـتـطـلـع إلــــى الــعــمــل مــعــه مــنــذ بـــدايـــة واليــتــه .2025 ) يناير (كانون الثاني 20 الجديدة في املهم أن لبنان اآلن أصبح في قلب املعركة، وبات خروجه منها ينطوي على أثمان باهظة بعضها دُفع سلفا من خالل أعداد الشهداء الذين فاق عددهم حتى آالف، ويــتــزايــدون يوميا، 3000 كـتـابـة هـــذه الـسـطـور والبعض اآلخــر قـد يدفع الحقا خصوصا على ضوء غياب الحسم العسكري بي الطرفي املتقاتلي: «حزب الـــلـــه» يـكـبّــد إســرائــيــل خـسـائـر مـلـحـوظـة فـــي املـنـاطـق الــشــمــالــيّــة مـسـتـهـدفـا الـــقـــواعـــد الــعــســكــريّــة واملــنــشــآت الحيويّة، ويمنع عودة السكان إلى مستوطناتهم، كما يعوق تـقـدّم الـقـوات اإلسرائيليّة فـي الـقـرى الجنوبية املتاخمة للحدود. في املقابل، تُنزل إسرائيل خسائر هائلة بلبنان ومدنه وقراه، والضاحية الجنوبيّة لعاصمته بيروت، وال تتوانى عن استهداف املدنيي في سياق «عملياتها العسكريّة»، كما أنها اغتالت األمي العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله وخليفته السيد هاشم صفي الدين، وعددًا كبيرًا من قيادات الصف األول والثاني والثالث، نـاهـيـك عــن تـفـجـيـرات أجــهــزة «الـبـيـجـر» واالتـــصـــاالت الالسلكيّة. ويختلف اللبنانيون فيما بينهم، كما دائما على كـل حـــال، فـي تصنيف وتـوصـيـف «الــفــوز والهزيمة»، فيرى مناصرو الحزب أنهم يُلحقون الهزائم بإسرائيل، ويــــرى املـــنـــاوئـــون لـــه أن لـبـنـان بـرمـتـه يـعـيـش هزيمة وانكسارًا كبيرًا، كما أن قسما كبيرًا من هؤالء يراهنون على «سقوط» «حزب الله» تدريجيّا، وبعضهم يلتف فــــي مـــواقـــفـــه الـــســـيـــاســـيّـــة تــحــضــيــرًا ملـــرحـــلـــة «مـــــا بـعـد الحزب». الـــحـــقـــيـــقـــة أن الـــتـــعـــويـــل عـــلـــى الــــســــقــــوط الـــكـــامـــل والـــنـــهـــائـــي لــلــحــزب قـــد يــعــتــريــه شــــيء مـــن الـتـبـسـيـط لـأمـور، ال سّيما أنـه ال مفر من االعـتـراف بـأن للحزب امتداداته الشعبيّة واالجتماعيّة والتمثيليّة حتى لو تــعــرّض لـضـربـات قـاسـيـة وكـبـيـرة، ولـــو كـانـت قـدراتـه التمويليّة قد تراجعت مرحليا، ولو باتت مؤسساته بغالبيتها بحكم املتعثرة. مهما يكن مـن أمــر، فمن الـواضـح أن لبنان يتجه نحو مسارات جديدة، ولن تكون الحقبة املقبلة يسيرة من ناحية إدارة العمليّة السياسيّة، ومن غير املتوقع أن يــكــون الـتـعـامـل مـــع «حــــزب الـــلـــه»، مــهــزومــا كـــان أم منتصرًا، أمــرًا سهال ال سيّما على ضـوء االنقسامات الـلـبـنـانـيّــة الــداخــلــيّــة الـــحـــادة الــتــي تـفـاقـمـت فــي خـ ل مرحلة «حرب اإلسناد»، ومن ثم تصاعدت بشكل كبير، وغالبا ما تعكسها وسائل التواصل االجتماعي التي تتحوّل إلى حلبات عراك يخلو في كثير من األحيان من الحد األدنى من أخالقيّات، ويفجّر ما في األعماق من أحقاد دفينة عند شرائح واسعة من اللبنانيي تجاه بعضهم البعض. تبقى األولـويـة الراهنة وقـف إطـ ق النار، ووقف هذه االعتداءات اليوميّة التي تطول كثيرًا من املناطق الـلـبـنـانـيـة، وتــــؤدي إلـــى ســقــوط مـدنـيـن أبـــريـــاء، كما ال يـمـكـن إشـــاحـــة الـنـظـر عـــن ضـــــرورة انــتــخــاب رئـيـس جديد للجمهوريّة يقود البالد وسط هذه املنعطفات الصعبة، ويعيد لبنان إلى حاضنته العربيّة. «مـــــرحـــــبـــــا بــــكــــم فــــــي عـــــالـــــم تــــــرمــــــب» كــــان العنوان الـذي تصدر التغطية األكثر عمقا في «الفايننشال تـايـمـز»، بينما حـاولـت منصات أخــــــرى الـــبـــحـــث عــــن تــقــلــيــد شـــائـــع فــــي تــأطــيــر الـرؤسـاء األميركيي ضمن مفهوم «العقيدة - »، وبـن عقيدة دونالد ترمب الرئيس doctrine األميركي املنتخب وعامله كُتبت حتى اآلن مئات الــصــفــحــات، لـكـنـهـا تــقــول كـــل شــــيء، وال تـكـاد تؤطرها ضمن السياقات السابقة إال في حدود التقريب، وفـي معظمها تشير إلـى «التجريب، والالمتوقع» خصوصا التي تتجاوز التحليالت الصحافية العابرة إلى األوراق البحثية األكثر تماسكا بخالف التعليقات الصحافية ومقاالت الــــرأي الـتـي بـــدت فــي بــدايــة تـولـي تـرمـب تحت وقــع الـصـدمـة وكـتـابـة ســرديــات جنائزية على الديمقراطية املغدورة. الــــ مــــتــــوقــــع والــــتــــجــــريــــب املــــبــــنــــي عــلــى مصلحة الــواليــات املـتـحـدة األميركية عقيدة تـــرمـــب الـــتـــي حــــــاول الــــخــــبــــراء اســتــخــ صــهــا أوال من القياس على أدائــه في الفترة األولـى رغــــم الــتــأكــيــد عــلــى أنــــه اآلن ربـــمـــا كــــان أكـثـر نضجا كما أن العالم تغير كثيرًا بعده، ومن اللقاء الشهير الــذي أجـــراه مـع «وول ستريت جــــــورنــــــال» ووصــــفــــه نـــفـــســـه بــــأنــــه ســـيـــروض املــنــافــســن لـــلـــواليـــات املــتــحــدة وعــلــى رأســهــم الصي ألن رئيسها «يحترمني ويـــدرك أنني مـــجـــنـــون»، وهــــذا الـــوصـــف تــكــرر عــلــى لـسـانـه كـــثـــيـــرًا وتـــرجـــمـــتـــه ســيــاســيــا خــــــارج الـــوصـــف الذي له سياقات كثيرة في التداول املفاهيمي «الـ مـتـوقـع»، والـــذي ال ينطلق مـن مرتكزات قـــيـــمـــيـــة أو آيــــديــــولــــوجــــيــــة مـــســـبـــقـــة، وهـــنـــاك الكثيرون يعتبرونه أقرب إلى شخصية أندرو 20 جـــاكـــســـون الـــــذي تــتــصــدر صـــورتـــه فــئــة الـــــ دوالرًا والــــذي قـــاد أمـيـركـا فــي ظـــروف صعبة ومعقدة، وعلى الرغم من أنه ديمقراطي، فإن تمركزه كان حول مصلحة أميركا والطبقات العاملة واملتوسطة ومـشـروع إزاحـــة السكان األصليي «الهنود الحمر» من أراضيهم. ترمب بدا استعاديا يبحث عن مرجعية في التاريخ، فاختار في رمزية ذكية وغير متوقعة أن يعلق صورة جاكسون في املكتب البيضاوي ووصفه بأنه «رمز مذهل في التاريخ األميركي وفريد في نوعه بطرق عديدة». عــلــى املــســتــوى الـــداخـــلـــي كــــان فــــوز تـرمـب نـهـايـة حـقـبـة الـــســـ الت الـحـاكـمـة وقـطـيـعـة مع سنة، ٧٠ سياق زعامة أميركية امتدت ألكثر من وتجاوزًا حتى لكل الثقافة الجمهورية التي لم تستطع كبح جماح الكتل االنتخابية الهائلة الـــتـــي صــنــعــت لــحــظــة عـــودتـــه خـــــارج ســيــاقــات السياسة ومداميك صناعتها. الـــســـيـــاق الـــداخـــلـــي كـــــان مـــواتـــيـــا لــتــرمــب، منها تـراجـع مستويات الـدخـل وغــ ء املعيشة وارتـــفـــاع مــعــدالت االنــتــحــار وانــتــشــار اإلدمــــان لــــلــــمــــواد املـــــخـــــدرة وكــــــل مــــا وصــــفــــه املــحــلــلــون بتشكالت املجتمعات مـا بعد الصناعية التي ولدت من رحم معاناتها، وشعبوية ترمب التي حاولت التموضع على مقولة أساسية تمثلت فــي القطيعة مــع الـنـخـب، والـنـخـبـويـة وازدراء الصوابية السياسية وقيم األسرة التي تحولت إلـى ما يشبه الديانة التي يتم استنباتها في الـداخـل وتصديرها بصلف للخارج عبر اآللـة اإلعالمية الضخمة. الـ مـتـوقـع والـتـجـريـب لـتـرمـب ربــمــا طـال أهم ملفي، االقتصاد والعالقات الخارجية، في األول سيواجه قفزة فـي العجز املـالـي بأجندة مـبـنـيـة عــلــى حـــوافـــز يــكــاد يـجـمـع كـــل الــخــبــراء االقـــتـــصـــاديـــن عــلــى أنـــهـــا وإن أدت إلــــى طـفـرة فستكون قصيرة األجل، تليها حالة من الركود يـعـانـي منها الـبـنـك االحـتـيـاطـي الـفـيـدرالـي ما يشبه، حسب تحقيق «الفايننشال تايمز»، ما حـدث لبنك إنجلترا عقب البريكست؛ أي ذعرًا كبيرًا في السوق وتأثيرات مضطربة في النمو مدفوعة بقناعات االنعزال والحكم على أجندة التجارة األميركية التقليدية باملوت البطيء. على مستوى السياسات الخارجية هناك رهـــــان كـبـيـر عــلــى دور املـــؤســـســـات األمــيــركــيــة الــعــريــقــة بـعـقـلـنـة تـــرمـــب وتـقـلـيـم أظـــافـــره عبر إقناعه، خصوصا من قبل البنتاغون، بضرورة التحالفات املتوازنة. األكـــثـــر قـلـقـا بـالـنـسـبـة إلــيــنــا فـــي منطقة الــشـــرق األوســـــط، وعــلــى الــخــصــوص فـــي دول الخليج، يتمثل في مقاربة ترمب ملسألة إنهاء الـحـروب وإحــ ل السالم في عالم تغير كثيرًا وبـــــات أكـــثـــر تــعــقــيــدًا، خــصــوصــا فـــي املــلــفــات األســــاســــيــــة مــــن تــــحــــوالت الـــعـــ قـــة مــــع إيـــــران وصــــوال إلـــى غـطـرسـة الـكـيـان اإلسـرائـيـلـي في املضي بعيدًا ضد حقوق الشعب الفلسطيني وصوال إلى صعود ملفات السيادة والهويّات واملـسـتـقـبـل االقــتــصــادي لـــدول الـخـلـيـج ضمن رؤيـــــة تـنـتـظـر أن تـــؤتـــي أكــلــهــا فـــي الــســنــوات املقبلة، وال يمكن أن ترتهن إلى مقامرات عالية املـــخـــاطـــر أو ســـيـــاســـات تــجــريــب مـبـنـيـة على قـنـاعـات تــرمــب وفـريـقـه الـبـعـيـدة عــن الـسـيـاق الذي تطور بعد فترته األولى والذي ولّد لدى املراقبي مزيجا من التفاؤل والقلق، لكنه في املـقـابـل سيخلق فـرصـا هـائـلـة لـــدول االعــتــدال وفـي مقدمتها السعودية، النموذج األهــم في االســـتـــقـــرار والـــ عـــب الــرئــيــســي فـــي تخفيض التصعيد وتكريس منطق الدولة والعقالنية السياسية للعب أدوار استباقية وإيجابية. السعودية النموذج األهم في االستقرار والالعب الرئيسي في تخفيض التصعيد لبنان يتجه نحو مسارات جديدة ولن تكون الحقبة المقبلة يسيرة من ناحية إدارة العمليّة السياسيّة رامي الريّس يوسف الديني جمال الكشكي OPINION الرأي 14 عقيدة ترمب: من التجريب إلى الالمتوقع لبنان: بين الهزيمة واالنتصار! خطوط العرب الحمر مع ترمب العرب لديهم خطوط حمر وثوابت ومحددات من غير المسموح بتجاوزها

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==