Issue 16792 - العدد Monday - 2024/11/18 االثنني اإلعالم 17 MEDIA د. ياسر عبد العزيز مع أن غالبية اللبنانيين تفضّل محطة على أخرى تتبدّل هذه القناعة في ظروف الحرب ترند هكذا يجني ماسك أرباح شراء «تويتر» يبدو أن طموح امللياردير األميركي الشهير إيلون ماسك بال سقف تقريبًا؛ ورغم أن الرجل حقق نجاحات واختراقات مُذهلة في مجاالت الصناعة والتكنولوجيا ووسائط اإلعالم «الجديد»، فإنه ال يكف أبدًا عن مفاجأتنا بالجديد. جديد ماسك هذه املـرة هو التمركز السياسي في أعلى مـراتـب السلطة فـي الـواليـات املتحدة األميركية، كأحد أبـرز معاوني الرئيس املُنتخب تـوًا دونـالـد تـرمـب، وقـد أتـى هذا التمركز نتيجة لعمل شاق ودؤوب، وتخطيط مُحكم، وأيضًا نزوع جارف للمغامرة. وفـــي طـريـقـه إلدراك هـدفـه الـسـيـاسـي، بـــدّل مـاسـك آراء، وغـــيّـــر والءات، وأبـــــرم صــفــقــات بـــشـــروط عُـــــدت «مُــجــحــفــة»، وخــاض معارك وسـجـاالت حــادة. لكننا نــدرك اآلن، أنـه فعل كل ذلـك ألن خطته كانت أن يفوز ترمب، وأن يمنحه موقعًا سياسيًا مؤثرًا في إدارتــه، وقد نجح في ذلك نجاحًا كبيرًا، وكسب رهانًا صعبًا. ال يهدأ ماسك بعد خوض املعارك وال يبدد أوقات العمل؛ ففي األسبوع املاضي، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» إنه الـتـقـى الـسـفـيـر اإليـــرانـــي لـــدى األمــــم املــتــحــدة أمــيــر إيـــروانـــي لــ«بـحـث كيفية نـــزع فتيل الـتـوتـر بــن واشـنـطـن وطـــهـــران»، على خلفية مـا بـدا أنـه سيكون مقاربة «ترمبية»، يمكن أن تحقّق اختراقًا في ملف الصدامات واملفاوضات املُعقد بي العاصمتي. لم يكن هذا كل ما فعله ماسك غداة إعالن ترمب رئيسًا مقبال للواليات املتحدة؛ بل إنه حافظ أيضًا على حضور دائم إلـى جانب الرئيس املُنتخب، كما شـارك في بعض املكاملات الـهـاتـفـيـة الـتـي أجـــراهـــا مـــع زعـــمـــاء الــعــالــم لـلـتـهـنـئـة وبــنــاء الشراكات. وليست هــذه هـي أهــم اإلشــــارات الـتـي تـقـودنـا إلــى فهم موقع ماسك، مؤسس «سبيس إكس» و«تسال»، ومالك منصة «إكس»، وأكبر املتبرّعي لحملة ترمب، وأعلى مؤيديه صوتًا في اإلدارة األميركية الجديدة. إذ تكمن أهم تلك اإلشارات في النفوذ االستثنائي الذي يُمهد الرئيس املُنتخب ملنحه ألكبر مؤيديه، وهو أن يعهد إليه بمنصب فريد وفعّال، يُعول عليه بشدة في إعادة هيكلة الحكومة األميركية برمتها. لقد اقترح ماسك على الرئيس املُنتخب خطة كاملة لدفع اإلصالح الهيكلي للوكاالت الفيدرالية، وهو األمر الذي أكده ترمب، يوم الخميس املاضي، حي قال إن امللياردير الشهير واملـثـيـر لـلـجـدل ســيــرأس لجنة «الــكــفــاءة الـحـكـومـيـة»، التي ستكون معنية بـ«ترشيد عمل الحكومة». وإضافة إلى استخدام طاقة ماسك ومهاراته، التي تبدو عصيّة على التشكيك، في االتصال والتفاوض السياسيي لــتــفــعــيــل رؤى تــــرمــــب، وخــــــوض الـــســـجـــاالت واملـــــعـــــارك مـع خصومه وناقديه، فإنه سيكون موظفًا خاصًا بمرتبة وزير، لـيـقـدم تـقـاريـر نـوعـيـة، تستهدف تـوفـيـر املــشــورة لتقليص حـجـم اإلدارة، وتـبـسـيـط الــقــواعــد التنظيمية املـعـمـول بها فـي الــوكــاالت الفيدرالية، وخفض اإلنـفـاق العمومي بنحو تريليوني دوالر أميركي، من أصل سبعة تريليونات تمثل اإلنفاق الحالي. لكن هـذا الـــدور املتصاعد والفاعلية القياسية يطلقان شكوكًا حول الدور اإلعالمي الذي يلعبه ماسك منذ اشترى منصة «تــويــتــر»، قـبـل أن يحولها إلـــى «إكـــــس»، فــي صفقة مليار دوالر، إذ عرفنا الحقًا أن القيمة املدفوعة في 44 قيمتها تلك الصفقة لم تكن ترمي إلى االستثمار في صناعة اإلعالم، بــقــدر مـــا كــانــت جــــزءًا مـــن خــطــة سـيـاسـيـة كــامــلــة تستهدف وصول ترمب للسلطة، وتمركز ماسك في أهم مفاصلها. يتسم عالم «التواصل االجتماعي»، الذي اقتحمه ماسك بقوة عقب شراء «تويتر»، بعديد السمات، لكن من بي أبرزها االنـــطـــواء عـلـى درجــــة عـالـيـة مـــن الـتـأثـيـر الــســيــاســي، وعـــدم القابلية للتنظيم والضبط الفعّالي. ولهذين السببي بالذات، اشترى ماسك منصة «تويتر»، ودفـــع أكـثـر مــن قيمتها الـفـعـلـيـة، وأجــــرى عليها تحديثات وُصفت بـ«التخبط واالرتباك»، وواجه انتقادات قاسية، لكنه حقق هدفه بوضوح، وبالعالمة الكاملة. لــقــد ســـخّـــر مـــالـــك «إكــــــس» مــنــصّــتــه لـــدعـــم تـــرمـــب مــاديــ ومعنويًا، واسـتـخـدم فـي ذلــك إمـكـانـات التزييف والتالعب، حــســب بــعــض مــؤســســات تــدقــيــق الــحــقــائــق املُــعــتــبــرة، الـتـي رصـدت بثه مئات األخبار املُضللة، التي صبّت في مصلحة املرشح الجمهوري، قبل أن تصف ماسك بأنه أضحى «بطال لألخبار الكاذبة». تـثـيـر قــصــة مـــاســـك مـــع عـــالـــم «الـــتـــواصـــل االجــتــمــاعــي» شكوكًا وانتقادات ومفاجآت، ال تقل عما تثيره قصصه مع عـالـم الـتـكـنـولـوجـيـا وتـولـيـد األمـــــوال. وضـمـن تـلـك الشكوك سـتـبـرز حقيقة أن الـشـركـات الـقـائـمـة عـلـى تـلـك الـوسـائـط ال تـخـضـع لــقــواعــد مـعـيـاريـة تـفـصـل بـــن املـلـكـيـة واإلدارة، أو تضبط الـتـأثـيـر الـسـيـاسـي، وتبقيه خـــارج حـــدود التزييف والتالعب؛ وهذا أمر يهدد قيم الديمقراطية وتكافؤ الفرص في االنتخابات وفي املنافسات السياسية. يقتضي اإلنصاف القول إن عالم «اإلعالم التقليدي» لم يكن بمنأى قط عن مثل تلك االنتقادات والشكوك، لكن الجديد هنا هو ما تنطوي عليه وسائل «التواصل االجتماعي» من إمكانات أكبر فـي النفاذ والتأثير وعــدم القابلية للتدقيق، وهو أمر ينذر بمخاطر كبيرة. كيف يؤثر «غوغل ديسكوفر» في زيادة تصفح مواقع األخبار؟ أوردت تقارير، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أن ناشري األخبار كثّفوا ظهورهم على «غوغل ديسكوفر» بهدف زيادة حركات املرور على مواقعهم، وهذا بعدما تراجعت وسائل التواصل االجــتــمــاعــي عـــن دعـــم ظــهــور األخـــبـــار مـنـذ مطلع العام. إذ اتجهت «غوغل» إلى نموذج امللخّصات املـــعـــزّز بــالــذكــاء االصــطــنــاعــي بـــديـــ عـــن ترشيح روابـط األخبار من مصادرها، ما أدى إلى تراجع الـــزيـــارات تـدريـجـيـ . غير أن خـبـراء نـاقـشـوا األمـر مــع «الــشــرق األوســــط» عــــدُّوا هـذا االتــجــاه «رهـانـ مـحـفـوفـ بــاملــخــاطــر، وقـــد ال يـحـقـق نـــمـــوذج عمل مستدامًا». أبحاث أجرتها «نيوز داش»، وهي أداة )SEO( متخصصة فـي تحسي محركات البحث موجهة للناشرين واملواقع اإلخبارية، أظهرت أن في 55 «غوغل ديسكوفر» بات يمثل في املتوسط املائة من إجمالي حركة املـرور اآلتية من «غوغل» فـــي املــــائــــة، فـــي دراســــة 41 لــلــنــاشــريــن، مـــقـــارنـــة بــــــ سـابـقـة، مـا يعني أن «ديـسـكـوفـر» أضـحـى القناة الكبرى التي تجلب الزيارات إلى مواقع األخبار. جدير بالذكر أن «غوغل ديسكوفر» هو موجز للمقاالت يظهر على نظامي «أنـــدرويـــد» و«آبـــل» عند فتح «غوغل» للتصفّح. ووفق محرّك البحث، فـإن املـقـاالت املُــوصـى بها تُــحـدَّد وفقًا الهتمامات املستخدم وعمليات البحث السابقة، ومن ثم، فإن ما يظهر لدى املستخدم من ترشيحات هو موجز شخصي جدًا، لذا يحقق مزيدًا من الجذب. مـحـمـد الـكـبـيـسـي، الــبــاحــث ومـــــدرب اإلعـــ م الرقمي الـعـراقـي املقيم فـي فنلندا، أرجـــع تكثيف بـعـض املـــواقـــع اإلخــبــاريــة وجـــودهـــا عـلـى «غـوغـل ديــســكــوفــر» إلــــى احــــتــــدام املــنــافــســة الــرقــمــيــة بي املــــنــــصّــــات لـــلـــوصـــول إلـــــى الـــجـــمـــهـــور. وأوضـــــــح: «مــنــطــقــيــ ، تـسـعـى مـــواقـــع األخــــبــــار إلــــى الـظـهـور على منصات متعدّدة، مما يعزز فـرص الوصول والـــتـــفـــاعـــل مــــع األخـــــبـــــار دون الــــحــــاجــــة لـلـبـحـث املباشر». وحدَّد الكبيسي معايير ظهور املقاالت على «غوغل ديسكوفر» بـ«جودة املحتوى، والتحديث ، واملــ ءمــة مـع اهتمامات SEO املستمر، وتـوافـق املــســتــخــدمــن وســلــوكــهــم الـــســـابـــق فـــي اســتــخــدام وســائــل اإلنــتــرنــت، إضــافــة إلـــى االلـــتـــزام بمعايير اإلعالم والصحافة املهنية». ومن ثم، بعدما رأى الباحث العراقي تكثيف االهــتــمــام بـــــأداة «غـــوغـــل ديــســكــوفــر» حــــ مؤقتًا للمرحلة الحالية، شـرح أنـه «يمكن القول عمومًا إن (غوغل ديسكوفر) قد يُسهم في زيادة معدالت الــزيــارات للعديد مـن املـواقـع اإلخـبـاريـة، لكن ذلك يعتمد على أهمية املحتوى ومالءمته اهتمامات الــجــمــهــور». أمـــا عــن الـحـلـول املـسـتـدامـة فـاقـتـرح الكبيسي على صُناع األخبار تحقيق املواءمة مع تـطـوّرات املنصات ومواكبة التحديثات؛ لتجنب الــتــبِــعــات الــتــي قـــد تــــؤدي إلـــى تـقـلـيـل الــظــهــور أو انخفاض معدالت الوصول». مـــــــن جـــــهـــــتـــــه، يــــــقــــــول الــــحــــســــيــــنــــي مـــــوســـــى، الصحافي املتخصص فـي اإلعـــ م الرقمي بقناة الــ«سـي إن إن» العربية، إن «غوغل ديسكوفر» ال يقبل أي مقاالت؛ ألن لديه معايير صارمة تتعلق بجودة املحتوى ومصداقيته. وتابع أن «الظهور على (غوغل ديسكوفر) يشترط تقديم معلومات دقـــيـــقـــة تـــلـــبّـــي اهـــتـــمـــامـــات املــســتــخــدمــن وتُـــثـــري معرفتهم، مع استخدام صور عالية الجودة ال تقل بيكسل عرضًا، وعناوين جذابة تعكس 1200 عن مضمون املقال بشكل شفاف بعيدًا عن التضليل». ثــم أضــــاف: «يـجـب أن تـكـون املـــواقـــع مـتـوافـقـة مع أجهزة الهواتف الذكية؛ لضمان تجربة مستخدم سلسة وسـريـعـة، مــع االلـــتـــزام الـكـامـل بسياسات (غوغل) للمحتوى». القاهرة: إيمان مبروك بعدما قلبت الحرب الدائرة مقاييس التغطية وأبعادها ساعة يُحدث الفرق 24 استنفار اإلعالم المرئي اللبناني على مدى تلعب وسائل اإلعالم املرئية املحلية دورها في تغطية الحرب الدائرة اليوم على لبنان. نـوع من «التجنيد اإلجـبـاري» فرضته هذه الـحـالـة عـلـى املـحـطـات الـتـلـفـزيـونـيـة وموظفيها ساعة 20 ومراسليها، فغالبيتهم يمضون نحو من يومهم في ممارسة مهامهم. وبعضهم يَصِلون لـيـلـهـم بــنــهــارهــم فـــي نــقــل مــبــاشــر ومــوضــوعــي، وآخـــــــرون يــضــعــون دمـــهـــم عــلــى كــــف يـــدهـــم وهــم يتنقلون بي مناطق وطرقات تتعرّض للقصف. أمــا رؤســـاء التحرير ومـقـدِّمـو الـبـرامـج الحوارية اليومية، فهم عندما يحوزون على ساعات راحة قليلة، أو يوم إجازة، فإنهم يشعرون كما السمك خــارج املـيـاه. ومـن بـاب مواقعهم ومسؤولياتهم اإلعالمية، تراهم يفضلون البقاء في قلب الحرب، وفي مراكز عملهم؛ كي يرووا عطشهم وشهيّتهم للقيام بمهامهم. املـشـهـديـة اإلعــ مــيــة بـرمّــتـهـا اخـتـلـفـت هـذه عـن سابقاتها. فهي محفوفة باملخاطر ومليئة بـــالـــصـــدمـــات واملــــفــــاجــــآت مــــن أحـــــــداث سـيـاسـيـة ومــيــدانــيــة، وبــالــتــالــي، تـحـقـن الـعـامـلـن تلقائيًا بما يشبه بهرمون «األدرينالي». فكيف تماهت تلك املحطات مع الحدث األبــرز اليوم في الشرق األوسط؟ لم نتفاجأ بالحرب يصف وليد عبود، رئيس تحرير األخبار في تلفزيون «إم تي في» املحلي، لـ«الشرق األوسط»، حـالـة اإلعــــ م اللبناني الــيــوم بــ«االسـتـثـنـائـيـة». ويـضـيـف: «إنـــهـــا كـــذلـــك ألنـــنـــا فـــي لــبــنــان ولـيـس عـنـدنـا مـحـطـات إخـــبــاريــة. وهــــي، بــالــتــالــي، غير مهيأة باملطلق لالنخراط ببث مباشر يستغرق ساعة في اليوم. بيد أن خبراتنا 20 و 18 ما بي املتراكمة في املجال اإلعالمي أسهمت في تكيّفنا أكـتـوبـر 17 مــع الـــحـــدث. ومـــا شـهـدنـاه فــي حــــراك (تـــشـــريـــن األول) الـــشـــعـــبـــي، وفـــــي انـــفـــجـــار مــرفــأ بيروت، يندرج تحت (االستنفار اإلعالمي) ذاته الذي نعيشه اليوم». هـــذا «املــــــراس» - كـمـا يـسـمـيـه عــبــود - «زوّد الـــفـــريـــق اإلخــــــبــــــاري بـــالـــخـــبـــرة، فــــدخــــل املـــواكـــبـــة اإلعـــ مـــيـــة لـــلـــحـــرب بــــراحــــة أكــــبــــر، وصــــــار يــعــرف األدوات الـ زمـة لهذا النوع من املـراحـل». وتابع: شــهــرًا من 11 «لــــم نـتـفـاجـأ بـــانـــدالع الـــحـــرب بــعــد املــنــاوشــات والـقـتـال فــي جـنـوب لـبـنـان، ضـمـن ما عـرف بحرب املساندة. لقد توقعنا توسعها كما غـيـرنـا مـــن مـحـلـلـن سـيـاسـيـن. ومـــن كـــان يتابع إعالم إسرائيل ال بد أن يستشف منه هذا األمر». المشهد سوريالي «يــخــتــلــف تـــمـــامـــ مــشــهــد الــــحــــرب الــــدائــــرة فــي لـبـنـان الــيــوم عــن سـابـقـاتـه». بـهـذه الكلمات استهل اإلعالمي جورج صليبي، مقدّم البرامج السياسية ونشرات األخبار في محطة «الجديد» كـ مـه لـــ«الــشــرق األوســـــط». وأردف مــن ثـــم: «مـا نشهده اليوم يشبه ما يحصل في األفالم العلمية. كنا عندما نشاهدها في الـصـاالت السينمائية نـــقـــول إنـــهـــا نــــوع مـــن الـــخـــيـــال، وال يـمـكـنـهـا أن تتحقق. الحقيقة أن املشهد سوريالي بامتياز حتى إننا لم نستوعب بسرعة ما يحصل على األرض... انـفـجـارات متتالية وعمليات اغتيال ودمار شامل... أحداث متسارعة تفوق التصور، وجميعها وضعتنا للحظات بحالة صدمة. ومن هناك انطلقنا بمشوار إعالمي مرهق وصعب». المحطات وضغوط تنظيم المهام وبالفعل، منذ توسع الحرب الحالية، يتابع الــلــبــنــانــيــون أخـــبـــارهـــا أوال بـــــأول عــبــر مـحـطـات التلفزيون... فيتسمّرون أمـام الشاشة الصغيرة، يقلّبون بي القنوات للتزوّد بكل جديد. وصــحــيــح أن غـالـبـيـة الـلـبـنـانـيـن يـفـضّــلـون محطة على أخرى، لكن هذه القناعة عندهم تتبدّل في ظروف الحرب. وهذا األمر ولّد تنافسًا بي تلك املحطات؛ كي تحقق أكبر نسبة متابعة، فراحت تستضيف مـحـلـلـن سـيـاسـيـن ورؤســـــاء أحـــزاب وإعالميي وغيرهم؛ كي تخرج بأفكار عن آرائهم حــــول هــــذه الـــحـــرب والـنـتـيـجـة الــتــي يـتـوقـعـونـهـا مـــنـــهـــا. وفــــــي الــــوقــــت نـــفـــســـه، وضــــعــــت املـــحـــطـــات جميع إمكاناتها بمراسلي يتابعون املستجدات عــلــى مـــــدار الـــســـاعـــات، فــيُــطــلــعــون املـــشـــاهـــد على آخـر األخـبـار؛ مـن خـرق الطيران الحربي املعادي جــدار الـصـوت، إلـى االنـفـجـارات وجـرائـم االغتيال لـحـظـة بـلـحـظـة. وفـــي املــقــابــل، يُــمـسـك املـتـفـرجـون بالـ«ريموت كـونـتـرول»، وكأنه سالحهم الوحيد في هذه املعركة التنافسية، ويتوقفون عند خبر عـــاجـــل أو صـــــورة ومــقــطــع فــيــديــو تـــمـــرره محطة تلفزيونية قبل غيرها. كـــثـــيـــرون تــــســــاءلــــوا: كـــيـــف اســـتـــطـــاعـــت تـلـك املحطات تأمي هذا الكم من املراسلي على جميع األراضي اللبنانية بي ليلة وضحاها؟ يقول وليد عـبـود: «هـــؤالء املـراسـلـون لطاملا أطـــلـــوا عـبـر الــشــاشــة فـــي األزمـــنـــة الـــعـــاديـــة. ولـكـن املشاهد عادة ال يعيرهم االهتمام الكبير. ولكن في زمن الحرب تبدّلت هذه املعادلة وتكرار إطالالتهم وضعهم أكثر أمام الضوء». ولكن، ما املبدأ العام الذي تُلزم به املحطات مراسليها؟ هنا يوضح عبود في سياق حديثه أن «سـ مـة املــراســل واملــصــور تبقى املـبـدأ األسـاسـي في هذه املعادلة. نحن نوصيهم بضرورة تقديم ســ مــتــهــم عــلــى أي أمــــر آخـــــر، كــمــا أن جميعهم خضعوا لتدريبات وتوجيهات وتعليمات في هذا الشأن... وينبغي عليهم االلتزام بها». من ناحيته، يشير صليبي إلى أن املراسلي يبذلون الجهد األكبر في هـذه الـحـرب. ويوضح: «عملهم مرهق ومتعب ومحفوف باملخاطر. لذلك نخاف على سالمتهم بشكل كبير». «إنها مرحلة التحديات» وبمناسبة الكالم عن املراسلي، يُعد إدمون ســــاســــن، مــــراســــل قـــنـــاة «إل بــــي ســــي آي»، مـن األقـدم واألشهر في هذه املحطة. وهو ال يتوانى عـــن الـتـنـقـل خـــ ل يـــوم واحــــد بـــن جــنــوب لبنان وشـمـالـه. ويصف مهمّته خــ ل املرحلة الراهنة بـ«األكثر خطرًا». ويشرح من ثم قائالً: «لـم تعُد هـنـاك خـطـوط حـمـراء أو نـقـاط قـتـال مـحـددة في هــذه الـحـرب. لــذا تحمل مهمتنا الـتـحـدّي بشكل عــــام. وهــــي مـحـفـوفـة بـخـطـر كــبــيــر، ال سـيـمـا أن الــعــدو اإلســرائــيــلــي ال يــفــرّق بــن طــريــق ومبنى ومركز حزب وغيره، ويمكنه بي لحظة وأخرى أن يـخـتـار أهــدافــه ويـفـاجـئ الـجـمـيـع... وهـــذا ما وضـــع الــفــرق الـصـحـافـيـة فــي خـطـر دائــــم، ونحن علينا بالتالي تـأمـن املعلومة مـن قلب الحدث بدقة». وفــــق ســـاســـن، فــــإن أصـــعـــب املــعــلــومــات هي تلك املتعلقة بالتوغّل البرّي للجيش اإلسرائيلي، «فـحـيـنـهـا ال يــمــكــن لــلــمــراســل مــعــرفــة مـــا يـجـري بشكل سليم وصحيح على األرض... ولــذا نتّكل أحيانًا على مصادر لبنانية من جهة (حزب الله)، و(اليونيفيل) (الــقــوات الـدولـيـة العاملة بجنوب لــبــنــان) والــجــيــش الـلـبـنـانـي والـــدفـــاع املـــدنـــي، أو أشــخــاص عــاشــوا الـلـحـظـة. ومـــع هـــذا، يبقى نقل الخبر الدقيق مهمة صعبة جدًا. ويشمل ما أقوله أخــبــار الـكـمـائـن واألســــر، بينما نـحـن فــي املقابل نفتقر إلـى الـقـدرة على معرفة هـذه األخـبـار، ولذا نتوخى الحذر بنقلها». «لبنان يستأهل التضحية» فـــي هــــذه األثــــنــــاء، يـتـكـلـم مـــراســـل تـلـفـزيـون «الجديد» محمد فرحات «بصالبة»، عندما يُسأل عن مهمّته الخطرة اليوم. مـحـمـد كـــان مــن بــن الـفـريـق اإلعـــ مـــي الــذي تعرّض لقصف مباشر في مركز إقامته في بلدة حاصبيا، وخسر يومذاك زمـ ء له والمـس املوت عن قرب لوال العناية اإللهية، كما يقول. ويتابع: «لقد أُصبت بحالة إنكار للمخاطر التي أتعرّض لها. في تلك اللحظة عشت كابوسًا لم أستوعبه فـي الـبـدايـة. وعـنـدمـا فتحت عيني سـألـت نفسي لـبـرهـة: أيـــن أنـــــا؟»، ويـضـيـف فـــرحـــات: «تجربتي اإلعـ مـيـة ككل فـي هــذه الـحـرب كانت مفيدة جدًا لـــي عــلــى الــصــعــيــديــن: الــشــخــصــي واملـــهـــنـــي. من الصعب أن أُشفى من جـروح هذه الحرب، ولكني لم أستسلم أو أفكر يومًا بمغادرة الساحة. فلبنان يستأهل منا التضحية». العالج النفسي الجماعي ضرورة أخـــيـــرًا، فــي هـــذه الــحــرب ال إجـــــازات وال أيــام عــطــل وراحــــــة. كـــل اإلعـــ مـــيـــن فـــي مـــراكـــز عملهم بحالة استنفار. ولكن مــاذا بعد انتهاء الحرب؟ وهل سيحملون منها جراحًا ال تُشفى؟ تـرد االختصاصية النفسية الدكتورة سهير هـاشـم بـالـقـول: «اإلعـ مـيـون يتعرضون لضغوط جمّة، وفـي الطليعة منهم املـراسـلـون. هــؤالء قد ال يـسـتـطـيـعـون الـــيـــوم كـشـف تـأثـيـرهـا الـسـلـبـي على صحتهم الـنـفـسـيـة، ولــكــن عـنـد انـتـهـاء الــحــرب قد يـــكـــون األمــــــر فــــادحــــ . وهـــــو مــــا يــســتــوجــب الـــدعـــم واملــســانــدة بــصــورة مستمرة مــن مـالـكـي املحطات الــتــي يـعـمـلـون بـــهـــا». وأضـــافـــت الـــدكـــتـــورة هـاشـم: «ثمة ضــرورة إلخضاعهم لجلسات عـ ج نفسية، واألفـضـل أن تكون جماعية؛ ألن الـعـ ج املوسمي غير كاف في حاالت مماثلة، خاللها يستطيعون أن يساندوا ويتفهموا بعضهم البعض بشكل أفضل». إدمون ساسين (إنستغرام) بيروت: فيفيان حداد جورج صليبي (إنستغرام) سهير هاشم (إنستغرام) وليد عبود (إنستغرام)
RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==