issue16789

نوفمبر 11 سبتمبر (أيلول) و 17 من الرياض ما بين (تشرين الثاني) من هذا العام، خطاب، مؤتمر، وقمة، ثلاث مـحـطـات تأسيسية كـانـت القضية الفلسطينية جوهر أولوياتها، ووقف الحرب على غزة ولبنان مسعاها. ففي مضمون المحطات الـثـ ث الـتـزام وسعي لإلـــزام المجتمع الدولي بحل الدولتين الذي أصبح شرطاً سعودياً وعربياً وإسلامياً مسبقاً لأي مسعى للسلام الشامل في المنطقة. هـذه المساعي ليس هدفها مقايضة السلام بالسلام، بل هي مساعٍ جدية، من أجل استقرار طويل الأمد في الشرق الأوسط الواسع؛ حيث يصبح الوصول إلى السلام الذي يعزز الاستقرار ويخفف من حدة النزاعات مرتبطاً أكثر فأكثر بحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه، أي قيام دولته المستقلة، وهو ما يُعرف بحل الدولتين. بـــدايـــة مـــن الـــتـــزام الـــريـــاض الــثــابــت بـحـل الــدولــتــ ، أعـــــاد ولــــي الــعــهــد الـــســـعـــودي الأمـــيـــر مـحـمـد بـــن سـلـمـان الـتـأكـيـد عليه فــي خـطـابـه الأخــيــر أمـــام مجلس الـشـورى سبتمبر المـاضـي، وهــو الخطاب الـــذي سبق 18 بتاريخ 11 القمة العربية الإسلامية المشتركة التي عُقِدت بتاريخ نوفمبر الحالي، ومؤتمر التحالف الدولي لحل الدولتين أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ 30 في الرياض أيضاً، في حـيـث قـــال: «لـــن تـتـوقـف المملكة عــن عملها الـــــدؤوب، في سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ونؤكد أن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون ذلك». فــي مـسـاعـي الـعـمـل مــن أجـــل حــل الــدولــتــ أو قيام الـــدولـــة الـفـلـسـطـيـنـيـة وفـــقـــ لــــقــــرارات الــشــرعــيــة الــدولــيــة ، أي 1967 نوفمبر 22 الـصـادر في 242 ومـدرجـات الـقـرار ،»67 بعد هزيمة يونيو (حزيران)، أو ما يُعرف بـ«نكسة أكتوبر الماضي مؤتمراً بعنوان 30 استضافت الرياضفي «التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين» يمكن وضعه في إطــــار المـسـاعـي الـسـعـوديـة لإنــشــاء إطــــار عــربــي إسـ مـي أوروبـــــي ودولــــي يـسـعـى إلـــى تثبيت الــحــق الفلسطيني في دولـة مستقلة والاعـتـراف بها في إطـار حل الدولتين عاماً. 57 المتعثّر منذ صدور القرار الأممي قبل هذا المسعى والالتزام المشروط يأتي رغم التصعيد غـيـر المـسـبـوق لـلـصـراع الفلسطيني - الإســرائــيــلــي بعد عملية «طوفان الأقصى» والحرب على لبنان، بمواجهة أفـــعـــال تـــل أبــيــب المـمـنـهـجـة مـنـذ عــقــود لـتـغـيـيـر الـوقـائـع الجغرافية والديموغرافية فـي الـقـدس والضفة الغربية وقــطــاع غـــزة، مــن أجـــل فـــرض أمـــر واقـــع ديـمـوغـرافـي، من خلال زيـادة الاستيطان وتقطيع الأراضــي ومصادرتها، وسـيـاسـيـ مــن خـــ ل إقــــرار قــانــون فــي الكنيست يرفض قيام دولة فلسطينية ولا يعترف بحل الدولتين. وهذا ما يجعل المنطقة أمــام مفترق طـرق وخـيـارات واضـحـة بأن الاستقرار الـذي يسعى إليه اللاعبون الدوليون لا يمكن الوصول إليه من دون السلام، ولا سلام إلا مقابل الأرض، والأرض هي الدولة الفلسطينية العتيدة. في سلّة المساعي السعودية، شكلت القمة العربية - الإســــ مــــيــــة غـــيـــر الاعـــتـــيـــاديـــة فــــي الـــــريـــــاض، بــتــاريــخ نـوفـمـبـر، ذروة المـــوقـــف الــعــربــي الإســـ مـــي الــواضــح 11 والـصـريـح بثوابته الفلسطينية وبـرفـض الــعــدوان على غــزة ولـبـنـان وأي دولـــة أخـــرى. وتـأتـي أهميته بالتزامن مــــع صــــــدور نـــتـــائـــج الانـــتـــخـــابـــات الـــرئـــاســـيـــة الأمــيــركــيــة واستعدادات دخول إدارة جديدة في واشنطن؛ ما يعني أن هـــذه الالــتــزامــات الـعـربـيـة والإســ مــيــة والــدولــيــة هي ثــوابــت أمـــام المـقـيـم الـجـديـد فــي الـبـيـت الأبــيــض لا يمكن تـــجـــاوزهـــا إذا كــانــت هــنــاك رؤيــــة لــعــالــم أكــثــر اســتــقــراراً ومحاولة حقيقية لحل نزاعاته أو تقليلها؛ حيث تبدو القضية الفلسطينية مدخلها الأســاســي الـــذي لا يمكن تـــجـــاوزه أو تـجـاهـل حقيقته مهما بـالـغ الــرافــضــون في قوتهم أو هيمنتهم. في مقال سابق بعنوان «هل يهزم الذكاء الاصطناعي الـصـحـافـيـ ؟»، أشـــرت إلــى أن ذلــك قـد يـكـون مهمة شبه مــســتــحــيــلــة. لا يــمــكــن أن يـــجـــسّـــد الــــذكــــاء الاصــطــنــاعــي جوهر العمل الصحافي. لا يمكن أن ترسله إلـى ساحة الــــحــــرب، ولا يـمـكـن أن يـبـنـي عـــ قـــة مـــع مـــصـــادر سـريـة تـزوّدك بالمعلومات، ويصعب عليه أن يلعب دور محاور شرس أمام سياسي مـراوغ. لكنه بالتأكيد سيلعب دوراً حاسماً في العمليات التقنية والآلية. سيسّهل من القدرة على العمل اليومي الآلـي ذي الطبيعة المتكررة، ويسهل عملية الإنتاج والبحث والرصد، ويخفض التكلفة ويرفع الجودة. لكن هــذا لا يعني أن الصحافيين مـ ئـكـة، بـل إنها مـــثـــل كــــل مــهــنــة أخــــــرى تـــتـــعـــرض لـــ ســـتـــغـــ ل، ويـــدخـــل فيها المنتفعون والمــشــعــوذون والمــؤدلــجــون والمندفعون والـبـاحـثـون عــن الـــثـــراء، وتـنـحـرف عــن مـسـارهـا المهني، وتسيطر عليها الأهـــواء والمـشـاعـر القوية المـنـحـازة بدل الرؤية الواضحة. وقد شهدنا في الإعلام الغربي والعربي نــمــاذج عـلـى مـثـل هـــذا الـتـخـبـط، عـنـدمـا تسبق العاطفة العقل، وتستبدل العقيدة الفكرية المتصلبة المنطق، وتحلّ الشعبوية وهتاف الجماهير مكان المهنية والموضوعية. من النماذج ما نراها الآن في الإعلام الأميركي الذي يعيش هذه الأيام صدمة ما بعد انتخاب الرئيس ترمب للمرة الثانية. ولا يمكن التقليل من براعة وحرفية هذا الإعلام عبر العقود، حيث يجمع بين المهنية والجاذبية، لكنه انحرف في السنوات الأخيرة عن مساره لدرجة أن تحوّل مثار سخرية من إيلون ماسك الذي يروّج على أن حسابه في «إكس» هو الميديا الحقيقية. و«إكس» بالطبع ليس صـحـافـة، فهو سـاحـة صاخبة مفتوحة لكل الآراء الرصينة والمضطربة، لكن كلامه يكتسب مصداقية عالية بسبب النهج الـخـاطـئ الـــذي سلكته وسـائـل الإعـــ م في الأعـــوام الأخـيـرة، خصوصاً منذ أن وصـل دونـالـد ترمب للسلطة للمرة الأولــــى. مـدفـوعـة بالكراهية العميقة له، تنازلت هذه الصحافة عن مُثلها وقدرتها على التوازن، وهي تدفع الثمن الغالي الآن، حيث تشير الاستطلاعات إلى تراجع الثقة بها لدى المتابع الأميركي. اســـتـــخـــدمـــت وســــائــــل الإعــــــــ م أســــالــــيــــب الـــشـــعـــوذة الصحافية الـتـي تعتمد عـلـى المــصــادر المـجـهـولـة بشكل مبالغ فيه، وتخلط الحقائق بالأكاذيب، وتخرج القصص من سياقها. لقد بدا أنها مدفوعة برغبة في الانتقام أكثر من البحث عن الحقيقة. في مثل هذه الأجــواء المحمومة تـــحـــوّل الـصـحـافـيـون نــاشــطــ ، وتــســابــقــوا إلـــى إسـقـاط الـرئـيـس تــرمــب وكـــل مــن يـقـتـرب مــنــه. ولا يـعـنـي هـــذا أن تـرمـب لـم يرتكب أخـطـاء وهــفــوات مـتـكـررة، إلا أنــه يجب أن يعامَل صحافياً بعدالة ليس مـن أجـلـه، لكن مـن أجل المـحـافـظـة عـلـى قيمة المـهـنـة نفسها ومـبـادئـهـا. وبسبب هــــذا الانــــدفــــاع رأيـــنـــا كــيــف تــبــنّــت وســـائـــل إعـــــ م عـريـقـة وصحافيون بارعون قضية التواطؤ بين ترمب والروس، التي تحوّلت عناوين رئيسية فـي المحطات والصحف. وأُدِين المتهم قبل أن يقول القضاء كلمته التي انتهت بعد مليون دولار 500 تحقيق روبرت مولر الذي كلف أكثر من إلـــى أن الاتــهــامــات لا تستند إلـــى حـقـائـق، وأنــهــا مجرد اتهامات كيدية. كما ظهرت قصة التقرير الذي كان خلفه كريستوفر سيل وهو جاسوس بريطاني، وتم اعتمادها على أنها وثيقة أصلية لا تقبل الشك، لكنها كانت مفبركة متقنة وحيلة سياسية من خصومه. حتى وسائل الإعلام التي اصطفت إلى جانب ترمب تحوّلت منصةً دعائية له. وبسبب خوفها مـن خـسـارة النسبة العالية للمشاهدة التي يحققها مناصروه تبنّت كل التفكير المؤامراتي الذي يردّدونه، من ضمنها مؤامرة اللقاح، وجائحة «كوفيد»، وتــــزويــــر الانـــتـــخـــابـــات. تـــحـــوّل الــصــحــافــيــون جـــوقـــةً من المريدين والمحازبين. ولـيـس تـرمـب وحــــده، لـكـن شخصيات كـثـيـرة تلقت المعاملة ذاتـهـا غير العادلة مـن الصحافة. إيـلـون ماسك نـفـسـه بـسـبـب مــواقــفــه الـسـيـاسـيـة والــثــقــافــيــة المـحـافـظـة فـي الـسـنـوات الأخـيـرة تـحـوّل هـدفـ ، وتـعـرّض لمحاكمات أخلاقية وتضييق على منصته، واتُهم بتعاطي المخدرات بـغـرض تحطيم صــورتــه. وهـــذا أحـــد أســبــاب غضبه من الإعــــ م ومـوقـفـه المـــعـــادي لـلـمـؤسـسـات الـصـحـافـيـة التي تعاملت معه بـلـؤم وقـلـة احــتــرام. والآن مـع عـــودة ترمب لـلـرئـاسـة مـــن جــديــد وبـطـريـقـة لا يـمـكـن الـتـشـكـيـك فيها تواجه الصحافة أزمة مصداقية لأنها عملت جاهدة على الـدفــاع عـن كـامـالا هـاريـس وحمايتها وإغــــراق خصمها فـــي الـــوحـــل. وفـــي ســيــاق هـــذه الــحــمــ ت المـكـشـوفـة الـتـي جعلت كاتباً صحافياً مرموقاً يكتب أنـه انفجر بالبكاء بعد المناظرة الأولـى بين بايدن وترمب؛ خشية أن يعود الرئيس السابق بعد الأداء الباهت لبايدن، وطالبته أن يتنحى ليترك الفرصة لنائبته لخوضسباق الرئاسة. ومـــع عـــودة تـرمـب يثبت أن الانـــدفـــاع نـحـو الأهـــواء الآيــديــولــوجــيــة والانـــحـــيـــازات الـشـخـصـيـة يـــدمـــر الـعـمـل الـصـحـافـي ولا يـتـرك لــه إلا الـقـلـيـل مــن المـصـداقـيـة. وفـي الإعــــ م الـعـربـي الــوضــع لـيـس أحــســن حــــالاً بـكـل تـأكـيـد. تستخدم أساليب الشعوذة الصحافية بطريقة سافرة، الذي 1967 وتقدم معلومات خاطئة وكأننا لم نغادر عام مثّل ضربة قاصمة للإعلام العربي بسبب حالة الخداع والـتـخـديـر الـكـبـيـر الـتـي روّج لـهـا. فــي الإعــــ م الحقائق والمـعـلـومـات مـقـدسـة، لكن يتم تجاهلها واخــتــراع عالم مــــوازٍ قــائــم عـلـى الأمــنــيــات والـــعـــواطـــف. ومـــن الــضــروري فضح كل جرائم الإبـــادة والـحـروب الوحشية، لكن يجب ألا تعمل الصحافة على المتاجرة والتضحية بالمدنيين الأبـريـاء، وحجب أصواتهم بشكل كامل من أجـل أحـزاب سياسية وآيديولوجيات فكرية. الالـــتـــزام بـالـقـيـم المـهـنـيـة والمـــبـــادئ الـصـحـافـيـة (قــدر الإمـــكـــان) هــو الـعـاصـم مــن هـــذه الانـــهـــيـــارات الــتــي نشعر بها تحت أقـدامـنـا. فصل المعلومة عــن الـــرأي والعاطفة عـن الـواقـع هـو المـبـدأ الــذي لا يشيخ فـي الصحافة. اتـرك الحقائق تتحدث عـن نفسها لأن صوتها أقـــوى. ضعها أمــــــام الــــنــــاس ودعــــهــــم يـــشـــكّـــلـــوا آراءهــــــــم وانــطــبــاعــاتــهــم الـشـخـصـيـة. الانــصــيــاع لـلـصـيـحـات الـشـعـبـيـة الـغـاضـبـة والاندفاع قد يعجب الجماهير، لكنها مسألة وقت حتى تنقلب عليك وتـ حـقـك بـالـحـجـارة بتهمة الـكـذب عليها وخداعها وتضليلها وبيعها حفنة من الأوهـــام المنمقة والأحلام السعيدة. كيف ستبدو السياسة الخارجية لترمب في ولايته الثانية؟ يثير هذا التساؤل ضجة كبيرة في جميع أنحاء العالم. مــــــن جــــهــــتــــهــــم، يـــــزعـــــم خــــــبــــــراء أوروبـــــــــا الغربية أن ترمب سيُسقط عن كاهله الحمل الأوكـرانـي، ويلقي به إلى الذئب الروسي، أو على الأقل سيجبر الراعي الأوروبي على دفع ثمن إبقاء الحمل الأوكراني على قيد الحياة، حتى وإن لم تكن حياة كاملة. أمـــا كــتّــاب الــــرأي الــهــنــود، فـيـأمـلـون في أن يعمل تـرمـب عـلـى تقليص حـجـم الـصـ ، وبـالـتـالـي رفـــع الـهـنـد إلـــى مـسـتـوى الـعـمـ ق الـــجـــديـــد الـــــذي لا غــنــى عــنــه فـــي آســـيـــا. ومــن جهتهم، يحذر أنصار «دافـوس» التقدميون، من أنه ما لم يتم إيقاف ترمب، فإنه سيقوّض الآيديولوجيا العالمية. وعــلــى امـــتـــداد الأيـــــام الـقـلـيـلـة المـاضـيـة، صــادفــت تكهنات أكـثـر إثــــارة لـ هـتـمـام على صـلـة بالسياسة الـخـارجـيـة لـتـرمـب بولايته الرئاسية الثانية، من داخل إيران وإسرائيل. مــن إيـــــران، تــأتــي افـتـتـاحـيـة مـطـولـة في صحيفة «كيهان» اليومية، تدعي أن ترمب، الــحــريــص عـلـى الــحــفــاظ عـلـى عـــ قـــات وديـــة مع فلاديمير بوتين، سيمتنع عن محاولات الإطـاحـة بالجمهورية الإسلامية فـي طهران الـتـي تبنتها موسكو باعتبارها «رسلانها المخلص». ومـــع ذلــــك، فـــإن قــــراءة أشـــد غــرابــة لهذه الـتـوقـعـات صـــدرت عـن «خـبـيـر» استراتيجي إســرائــيــلــي، حــــرّض بـنـيـامـ نـتـنـيـاهـو على مهاجمة إيران وتدمير بنيتها التحتية، قبل عــودة ترمب إلــى البيت الأبـيـض. أمــا السبب وراء ذلـــك، فــأن إدارة جـو بـايـدن الـعـرجـاء لن تكون قادرة على فعل أي شيء لوقف مثل هذا الحدث. إذاً، ماذا سيفعل ترمب؟ الإجابة الصادقة أن أحداً لا يعرف، ربما حتى هو نفسه. على أي حال، لم تكن الولايات المتحدة قَـطّ بلداً يديره فـرد واحــد، ولا يمكن لرئيسها أن يكون نسخة حديثة من قوبلاي فتاة. 40 خان أو القيصر فلاديمير، والد الـ لذا، فإن التساؤل الحقيقي هنا: ما الذي يـمـكـن أن يفعله تــرمــب، فــي ولايــتــه الـثـانـيـة، لاســــتــــعــــادة مـــكـــانـــة الـــــولايـــــات المـــتـــحـــدة عـلـى مستوى العالم، وإعادة التأكيد على صورتها باعتبارها قوة لا غنى عنها؟ الإجابة: الكثير. فـــي الــــواقــــع، حــتــى لـــو لـــم يـــحـــرك تـرمـب سـاكـنـ ، فـإنـه سيصلح بـعـض الأضــــرار التي ألحقتها الإدارات الثلاث الماضية التي شكّلها بـــــــاراك أوبـــــامـــــا، بــمــكــانــة الـــــولايـــــات المــتــحــدة ومصداقيتها باعتبارها قوة عالمية. وفــــي ظـــل إدارات أوبــــامــــا الـــثـــ ث الـتـي قطعتها ولايـة ترمب الرئاسية الأولـى كفترة اسـتـراحـة قصيرة، عاينت الــولايــات المتحدة شــــنّ روســـيـــا هــجــومــ واحــتــ لــهــا أجـــــزاء من جـــورجـــيـــا، وضــــم شــبــه جـــزيـــرة الـــقـــرم، وغـــزو أوكرانيا نهاية الأمر، ولم تفعل شيئاً. ولــصــرف الانـتـبـاه عــن الــشــرق الأوســـط، ابــتــكــر أوبـــامـــا شـــعـــار «الـــتـــحـــول إلــــى آســـيـــا»، فـــــي حـــــ ســـمـــح لـــلـــصـــ بــــالاســــتــــيــــ ء عـلـى حصة أكبر مـن العالم، بما فـي ذلـك الأســواق الأميركية تحت اســم الـتـجـارة الـحـرة. إلا أنه لاستعادة الولايات المتحدة مصداقيتها، لن يكون كافياً أن يأتي ترمب مختلفاً عن أوباما أو بــــايــــدن، وبـــخـــاصـــة أن تـــرمـــب تـــــرك خـلـفـه الكثير من الأعمال غير المكتملة، عندما اضطر .2021 إلى مغادرة البيت الأبيض عام ويـــتـــمـــثـــل واحــــــد مــــن هـــــذه الأعـــــمـــــال فـي عـمـلـيـة «الــــســــ م الإبـــراهـــيـــمـــي» الـــتـــي غــيّــرت النمط الراسخ للسياسة في الشرق الأوسط، لـكـن انـتـهـى بـهـا الــحــال إلـــى سيمفونية غير مـــكـــتـــمـــلـــة. وســـتـــشـــكـــل مــــحــــاولــــة إنـــــهـــــاء هـــذه الـعـمـلـيـة، أحـــد الــتــحــديــات الــتــي سيواجهها ترمب بولايته الثانية، وإن كان ذلك سيجري في سياق أقل إيجابية. وســـيـــتـــعـــ عـــلـــى تــــرمــــب كــــذلــــك تــقــديــم بـديـل لمـا يسمى «اتــفــاق بــاريــس» بخصوص التغييرات المناخية. اتـفـاق معيب بـشـدة، إن لـم يكن احتيالياً، رفضه بشجاعة قبل نحو ثماني سنوات. وقـــد أدت الـرقـصـة الثنائية الـتـي أداهـــا ترمب، في فترة رئاسته الأولى، مع كيم جونغ أون من كوريا الشمالية عبر آسيا، إلى فترة تــوقــف قـصـيـرة فـــي الـلـعـبـة الــنــوويــة لبيونغ يانغ، لكن سرعان ما جـرى استئنافها بقوة مع دخول بايدن البيت الأبيض. أما فيما يتعلق بإيران، فنجحت سياسة «الضغط الأقصى» التي تبناها ترمب في كبح جماح النظام على امتداد نحو أربع سنوات، لـــم يـهـاجـمـوا خـ لـهـا الـــقـــوات الأمــيــركــيــة في العراق، وفرضوا قيوداً صارمة على وكلائهم في لبنان وغزة، وبالتالي سمحوا لإسرائيل بفترة راحة قصيرة. الـواضـح أن آلــة تـرمـب الثانية لـن تكون في كامل سرعتها، قبل الربيع المقبل. ويتعين على دونـالـد ترمب إكـمـال فريقه، والحصول على موافقة مجلس الشيوخ على أعضائه، وإيـــجـــاد بــديــل لـلـسـيـنـاتـور مـيـتـش ماكونيل باعتباره زعيم الأغلبية. وبــعــد ذلــــك، يـتـعـ عـلـى الإدارة تنظيم سفيراً 30 حفلات وداع وتكريم لما لا يقل عن أمــيــركــيــ ، وإعــــــادة تـنـظـيـم وزارة الـخـارجـيـة لتحرير الدبلوماسية الأميركية من المعتقدات الـراسـخـة والمـضـلـلـة الـتـي تسوقها جماعات الـــضـــغـــط، ومــــراكــــز الـــفـــكـــر، ومـــــروّجـــــو الـفـكـر التقدمي. وسيتعين على ترمب كذلك قبل إنجاز أعـــــمـــــال تــــجــــاريــــة ذات مــــغــــزى مـــــع الـــحـــلـــفـــاء الأوروبــــيــــ ، الانــتــظــار حـتـى تـحـصـل ألمـانـيـا عـلـى حـكـومـة مـسـتـقـرة جـــديـــدة، إذا كـــان ذلـك مـمـكـنـ ، فـــي الــربــيــع المــقــبــل، وبـــعـــد أن يثبت الائــتــ ف المـتـهـالـك فــي فـرنـسـا أنـــه قـــادر على تجاوز مرحلة مجرد التظاهر بأنه يقف على قدميه. ويجب أن نضع نصب أعيننا أن موقف تـــرمـــب الــــراهــــن الــــــذي لا يــمــكــن الـــطـــعـــن فــيــه، والـنـاتـج عــن فـــوز سـاحـق غـيـر مـتـوقـع، قــد لا يـسـتـمـر بــعــد انــتــخــابــات الــتــجــديــد الـنـصـفـي القادمة في غضون عامين. ومع ذلك، سيكون لــــديــــه الـــــوقـــــت الــــكــــافــــي لـــتـــوضـــيـــح خـــيـــاراتـــه السياسية. وعلينا كذلك أن نتذكر أنه بغض النظر عما يقوله الخبراء، أو حتى ترمب نفسه، فمن المرجح أن يكون الرئيس السابع والأربـعـون غـــيـــر قـــابـــل لـلـتـنـبـؤ مـــثـــل الـــرئـــيـــس الــخــامــس والأربـــــعـــــ ، وهــــي ســمــة ســـاعـــدتـــه فـــي إدارة السياسة الخارجية فـي أثـنـاء فـتـرة رئاسته الأولى، وربما تفعل ذلك مرة أخرى. OPINION الرأي 12 Issue 16789 - العدد Friday - 2024/11/15 الجمعة الشعوذة الصحافية من الرياض... التزامات السلام المشروط ولاية ترمب الثانية: التحديات القادمة وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com أمير طاهري ممدوح المهيني مصطفى فحص

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky