issue16786
ثلاث وثائق تشكل المدخل الوحيد المتوفر لدينا لقراءة احـــتـــمـــالات الــســيــاســة الــخــارجــيــة لإدارة الــرئــيــس الأمــيــركــي المنتخب دونـالـد تـرمـب تـجـاه الـشـرق الأوســـط. «خـطـة ترمب للسلام» أو ما تُعرف بـ«صفقة القرن» لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، و«الاتفاق الإبراهيمي» بشأن التطبيع العربي - الإسرائيلي، و«وثيقة الاتفاق النووي» التي وقعتها إدارة »1+5« الرئيس باراك أوباما إلى جانب بقية أعضاء مجموعة ، وانسحب منها «ترمب الأول» في ربيع 2015 مع إيران صيف ، مع زعمه امتلاك رؤية لاتفاق بديل أقوى وأفضل. 2018 «صفقة القرن»: هدفت خطة السلام التي طرحها ترمب، والمـعـروفـة بـ«صفقة الـقـرن»، وفـق مهندسها جـاريـد كوشنر صهر الرئيسالأميركي، إلى الإبقاء على إمكانية حل الدولتين، أي وجـود دولـة فلسطينية بجانب إسرائيل. فرضت الخطة قيوداً كبيرة على الـدولـة الفلسطينية، ورأى الفلسطينيون أنـهـا لا تـوفـر لـهـم أكـثـر مــن دولـــة مــجــزأة ومــنــزوعــة الـسـ ح، مـع منح إسرائيل حـق ضـم أجـــزاء كبيرة مـن الضفة الغربية والسيطرة الأمنية الكاملة على دولتهم، بما فيها الحدود. ولـــئـــن اســتُــبــقــت الــخــطــة بـــاعـــتـــراف أمــيــركــي مــنــفــرد بـالـقـدس عاصمة لإسرائيل، فقد بدا الاقتراح، رغم انطوائه على حزمة مليار دولار، كأنه يتجاوز تاريخ 50 تحفيز اقتصادية بقيمة خطط السلام كلها، ويتجاهل متطلبات السيادة الفلسطينية وتطلعات الاستقلال الوطني. وبالفعل اختارت خطة ترمب التركيز على الحوافز الاقتصادية والضمانات الأمنية بدلاً من المـسـارات التقليدية لتحقيق الـسـ م، مما أفقدها القدرة على جذب القبول العربي والدولي بها. فـــي الاتـــصـــال الأول بـــ الــرئــيــس الفلسطيني محمود عباس والرئيس المنتخب ترمب أعرب الأخير عن التزامه وقف الحرب، والسعي إلى تحقيق السلام، مما يعني أن الأولوية الأميركية الآن التي يرغب الرئيس في استثمار جهده ووقته لتحقيقها هي أولوية وقف الحرب. وقد عبر ترمب في عدد من تصريحاته حين كان مرشحاً عن شكوك عميقة في واقعية حل الدولتين الآن، مبدياً ميله أكثر إلى أطر بديلة لاحتواء النزاع وخفضه، عبر التركيز على الاستقرار والتنمية. في الـواقـع تبدو الأرض مهيأة، بسبب النتائج الكارثية للحرب، لحل يـقـوم على «الازدهــــار مقابل الـــســـ م» أكــبــر مـمـا يـتـوقـع كــثــيــرون، فــي ظــل تــــردي المــشــروع الوطني الفلسطيني والتكاليف الكارثية التي ترتبت على مشروع المقاومة. «الاتـفـاق الإبراهيمي»: لا تنفصل هـذه الركيزة الثانية عن أطر الحل غير التقليدية للمسألة الفلسطينية وفق رؤية تـرمـب. يـعـدّ توسيع الـسـ م بالنسبة إلــى الـرئـيـس المنتخب عـــامـــً حـاسـمـ لـخـلـق إطــــار اسـتـراتـيـجـي جــديــد فـــي الـشـرق الأوســـــط يُـــحـــدث تـغـيـيـراً جـــذريـــ فـــي المــشــهــدَيــن الاقــتــصــادي والسياسي بالمنطقة. وفي صميم هذه الرؤية يأتي هدف ترمب لسلام شامل تقوده المملكة العربية السعودية. وفـــق رؤيـــة تــرمــب، يفتح هـــذا الــتــطــور، إذا حـــدث، بيئة حاضنة للتحولات الاقتصادية الكبرى الجارية، والتي في ضـــوء نـجـاحـهـا أو فشلها يـتـقـرر كثير مــن مستقبل الـشـرق الأوســـط والـعـالـم. يـراهـن تـرمـب على إطـــار «الــســ م مـن أجل الازدهـــــار» لـضـرب عصفورين بحجر واحـــد؛ أولاً: النهوض بـالـوضـع الاقـتـصـادي الفلسطيني عبر اسـتـثـمـارات ضخمة في البنية التحتية والتوظيف والرعاية الصحية والتعليم. ثانياً: خلق أطر تضمن انخراط وتكامل إسرائيل في أنسجة المنطقة السياسية والاقـتـصـاديـة والاجـتـمـاعـيـة على قاعدة المصالح المشتركة. «الاتفاق النووي»: من غير المتوقع لسياسة ترمب تجاه إيـــران أن تشهد أي تغيير جـــذري عـن سياسته فـي رئاسته الأولـــى، التي قامت على المـوازنـة بـ العقوبات الاقتصادية القاسية، والضغط العسكري الجراحي المباشر مثل اغتيال قاسم سليماني، وتجنب الحرب المباشرة والمفتوحة. ولكن ،2018 ينبغي ألا يعميَنا خروج ترمب من الاتفاق النووي عام وإعــــــادة فــرضــه الــعــقــوبــات عـلـى إيـــــران عـبـر حـمـلـة «الـضـغـط الأقـــــصـــــى»، عــــن حــقــيــقــة أن الـــرئـــيـــس المــنــتــخــب مــنــفــتــح عـلـى التفاوض مع طهران للتوصل إلى اتفاق جديد يحمل اسمه، ويطمح إلى أن يكون أقوى وأكثر شمولاً. وإذا كان ترمب لا يزال مصمماً على منع إيران من امتلاك قـدرات نووية، وفي ظل عدم تبني إيـران خيار إنتاج القنبلة عـلـنـ ، فـإنـه تـتـوفـر لـــدى الـطـرفـ مـسـاحـة واســعــة للتسوية، لا سيما فـي ظـل تـراجـع نفوذ إيـــران بالمنطقة بعد الضربات القاسية التي تعرض لها وكيلاها «حماس» و«حزب الله». هي اتفاقات ثلاثة لن تبتعد سياسة ترمب في الشرق الأوســــط عــن مضامينها المـعـلـنـة، وفـــي صلبها أولاً: شكوك متنامية حول حل الدولتين بوصفه إطاراً وحيداً لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. ثانياً: أولوية المنافع الاقتصادية المتبادلة لتحقيق السلام الشامل في الشرق الأوســط. ثالثاً: الموقف الصارم من سلوك إيــران مع فتح الباب أمـام التفاهم السياسي معها بشروط الأمن الإقليمي والمصلحة الأميركية. عــلــى الـــرغـــم مـــن الانـــتـــقـــادات الـــتـــي تـصـفـه بـــأنـــه مــزاجــي وغير متوقع، فإن سياسة ترمب تجاه الشرق الأوسط تتسم بالاتساق والاستمرارية، وتقوم على البراغماتية الواضحة والمـصـالـح الوطنية الأمـيـركـيـة العملية أكـثـر مـن الالـتـزامـات الآيديولوجية أو الأخلاقية، مما قد يشكل فرصة غير مسبوقة للشرق الأوسط. تعد عـــودة الـجـمـهـوري النيويوركي دونــالــد تـرمـب إلى الـبـيـت الأبــيــض حـالـة استثنائية فــي تــاريــخ الـرئـاسـيـات في الـــولايـــات المــتــحــدة الأمــيــركــيــة، لأن حـمـلـتـه الـثـالـثـة تخللتها محاولتا اغتيال وأربـــع لـوائـح اتـهـام وإدانـــة جنائية، وصـار ثاني رئيس ينتخب لولايتين غير متتاليتين في تاريخ أميركا .1884 بعد الديمقراطي غروفر كليفلاند عام مليون أميركي لصالح ترمب؛ وهذا 75 صوت أكثر من التصويت تم بعد تفكير وتقدير من هؤلاء الناخبين، لأنهم، من جهة عاشوا فترة ولايته الأولى ثم عاشوا تجربة الرئيس بايدن؛ إذا صح القول إنه في ولايته الأولى كان قد وصل إلى عرش البيت الأبيض عن طريق الصدفة، فهاته المـرة يصعب قول ذلك. ماذا وقع بالضبط؟ تمكنت كامالا هاريس من الاستفادة من عدة مميزات من قبيل أنها نجحت في جمع مليار دولار لحملتها الانتخابية، وهــــي ســابــقــة مـــن نــوعــهــا عــنــد الــديــمــقــراطــيــ الأمــيــركــيــ ، واستطاعت مـجـاراة ترمب أثناء المناظرة التلفزية الوحيدة التي جمعتهما، وأن تصبح أكثر شعبية من الرئيس بايدن الذي وضعها نائبة له قبل أن يزكيها لخلافته، ولكن كل هذا لـم يسعفها فـي حصد أصـــوات الناخبين الأميركيين الكافية للبقاء في البيت الأبيض؛ ونحن نعلم أن ترشيحها من قبل الرئيس بايدن كان على مضض، وبعد أن أقلع قطار النجاة الأول الذي أضحى يسوقه ويلتقط ركاباً من محطات متتالية ومختلفة، لا يسمح لأحدهم بالركوب إلا إذا كان يحمل بطاقة أو مبادئ الجمهوريين. كل من يعرف المجتمع الأميركي من الداخل، سيعرف أن القضية الأولـــى والرئيسية التي شغلت بـال الـخـاص والعام والـتـي أوصـلـت ترمب إلــى البيت الأبـيـض هـي مسألة القدرة الشرائية؛ وهي كانت أفضل في عهد الرئيس ترمب من خلفه بـــايـــدن؛ واســتــطــاع تــرمــب أن يـجـلـب إلــيــه الـطـبـقـة المـتـوسـطـة التي سبق وأن صوتت في السابق لصالح بايدن؛ كما نجح فـي التنظير فـي مـجـالات تهم جـيـوب الأمـيـركـيـ ومستقبل أولادهم في سوق الشغل والديون التي تثقل كاهل العائلات؛ واستعان في خرجاته بمقربين منه من أمثال جيمس ديفيد فــانــس، وروبـــــرت كـيـنـدي جـونـيـور وبـــالأخـــص إيــلــون ماسك الــــذي يـتـحـدث عــن قـصـة نـجـاحـه الإعــــ م الأمــيــركــي والــدولــي بـاسـتـمـرار... وهــذا الـرجـل هـو صاحب شركة سبايس إكـس؛ وهو مهندس ومخترع خـارج العادة؛ ونجح ترمب في حمل صـورة جميلة له على أنـه يشكل نـوع المستقبل الـذي يتمناه لكل الأميركيين وبالأخص للأجيال الصاعدة في أميركا. زد على ذلك أن ترمب بكارزمته استطاع أن يجسد صورة المنقذ ضد النظام القائم في مجتمع بدأ يؤمن أكثر من أي وقت مضى بالجمهورية أكثر من الديمقراطية نفسها، لأنها هي القادرة وحدها في نظرهم على جلب الرخاء الاقتصادي، وأن صاحب هاته الجمهورية يجب أن يتوفر على اليد الطولى لتحقيق هذا المبتغى، وبذلك تجاهل هؤلاء وهـؤلاء القضايا الـقـانـونـيـة الـتـي تـ حـق تـرمـب وأعـــطـــوا لـحـزبـه أكـثـر وأجـمـل المقاعد في الغرفة البرلمانية الثانية. ولا يــجــب أن نــنــســى أن تـــرمـــب نــجــح مــــرة أخـــــرى في حمل صورة له تخالف الرؤية التقليدية لأميركا عن العالم قـائـمـة عـلـى مـبـدأ «مصلحة أمـيـركـا أولاً»؛ وقـــد طبقها في ولايـــتـــه الأولــــــى وســـيـــزيـــد مـــن جــرعــاتــهــا فـــي هـــاتـــه الـــولايـــة الثانية. عندما وصل إلى البيت الأبيض للمرة الأولى، حذر فرانسيس فـوكـويـامـا مـن مـواقـف تـرمـب قــائــ ً: «كـــان نظام التجارة والاستثمار المفتوح يعتمد في بقائه واستمراره - تقليدياً - على قوة الولايات المتحدة الأميركية وعلى نفوذها المـهـيـمـن، ولـكـن إذا مــا بـــدأت الـــولايـــات المـتـحـدة بالتصرف بشكل أحادي لتغيير شروط الاتفاقيات المبرمة بينها وبين الــدول الأخــرى فلن يتورع كثير من اللاعبين الأقـويـاء حول العالم عـن الانـتـقـام مما سيشعل شـــرارة انهيار اقتصادي شبيه بذلك الذي وقع في ثلاثينات القرن العشرين». لم يقع أي انهيار اقتصادي، وكان الرابح حسب ترمب هو أميركا، والخاسر دول ومجموعات مثل أوروبــــا... وهـاتـه الأخيرة بالمناسبة ستعيش أياماً صعبة وأوقاتاً غريبة وغامضة؛ ستنظر مرة أخرى إلى هذا النظام العالمي الجديد المستند إلـــى قــواعــد رجـــل الأعـــمـــال تــرمــب، وسـتـفـهـم مـــرة أخــــرى أنـه يتوجب عليها عدم الذهاب بعيداً في صراعات تجارية أو اقتصادية أو سياسية مـع أميركا لأنها فـي نهاية المطاف سـتـكـون الـخـاسـرة لثقل وقـــوة أمـيـركـا فــي الـنـظـام الـعـالمـي؛ وستنظر بعين الـحـذر والـقـلـق إلــى مـا سـتـؤول إلـيـه الأمــور في أوكرانيا وإلى رجوع بعض من ملامح «الانعزالية» في السياسة الخارجية الأميركية؛ والتي ستتجاوز في نظري وبجرأة أدبيات «عملية الحكم» التقليدي وتتجاوز الروتين الذي تقوده إدارات الأمن والاستخبارات، وستتبنى شعار «أميركا أولاً» كقاعدة أسمى في الداخل والخارج. أعطى الرئيس الجديد صورة له على أنه المنقذ الوحيد لجيوب الأميركيين، والمنقذ الوحيد للبيئة الأمنية الدولية وبأقل تكلفة، ولهذا وذاك صوت له الأميركيون وأعــادوه إلى سلطة الحكم. OPINION الرأي 12 Issue 16786 - العدد Tuesday - 2024/11/12 الثلاثاء ركائز لسياسة ترمب في الشرق الأوسط 3 العودة التاريخية لترمب إلى البيت الأبيض وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com
[email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني:
[email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني:
[email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email:
[email protected] srmg.com عبد الحق عزوزي نديم قطيش فــــي قـــمـــة هــــي الـــثـــانـــيـــة مــــن نــوعــهــا، تستضيف العاصمة السعودية الرياض، تجمّعاً عالمياً من عرب ومسلمي العالم، ناهيك عن الأصدقاء من أنحاء المسكونة كـــافـــةً، وجـمـيـعـهـم يَـــحْـــدُوهـــم أمـــل واحـــد؛ أن تـــكـــونَ هــــذه الــجــهــود بـــدايـــةً حقيقية لانــطــ ق الــدولــة الفلسطينية المستقلة، وقــد قــال أحـدهـم سابقاً: «إنــه مـا مـن أمر يـــقـــف حــــائــــً دون تــحــقــيــق فــــكــــرة حـــان أوانُها». الــــقــــمــــة الــــعــــربــــيــــة الإســــــ مــــــيــــــة فــي الـــريـــاض تــأتــي بـعـد جــهــود دبلوماسية غـيـر اعـتـيـاديـة قـامـت بـهـا الدبلوماسية الـــســـعـــوديـــة فـــي الــشــهــريــن المـــاضـــيـــ ، لا ســيــمــا إعـــــ ن وزيـــــر الـــخـــارجـــيـــة، الأمــيــر فيصل بن فرحان، عن مولد تحالف عالمي لتنفيذ حل الدولتين، ووضع خطة عملية لــتــحــقــيــق الأهــــــــداف المـــشـــتـــركـــة لـتـحـقـيـق السلام المنشود. هــــل تــــأتــــي قـــمـــة الـــــريـــــاض فــــي وقـــت مـــفـــصـــلـــي عــــلــــى الــــصــــعــــيــــديــــن الــــعــــربــــي والدولي؟ إنّ ذلــك كـذلـك، قـــولاً وفـعـ ً، فعربياً بلغَ السيل الزبى كما يقال، لا سيما بعد أكـثـر مــن عـــام مــن الــحــرب الـطـاحـنـة التي قـضـت عـلـى الأخــضــر والـيـابـس فــي غــزة، وامــتــدت إلــى جـنـوب لبنان ومــا حولها، وتـــبـــقـــى الــــيــــوم مــــهــــدداً بـــحـــرب إقـلـيـمـيـة ضـــــــــروس فــــــي مـــنـــطـــقـــة تــــحــــتــــاج لـــ مـــن والأمـــــــان، لــلــهــدوء والاســـتـــقـــرار، لـلـسـ م والتعاون الخ ّق. وعلى الصعيد العالمي، تأتي القمة بـعـد انـتـخـابـات أمـيـركـيـة مـثـيـرة للغاية، أفـــــرزت رئـيـسـ قـــــادراً عـلـى تـحـريـك ملف الـــســـ م فـــي الـــشـــرق الأوســــــط، ولـــه خـبـرة سابقة في شؤون وشجون المنطقة. عدة نقاط ينبغي الإشـارة إليها في طــريــق فـهـمـنـا لــهــذه الــقــمــة، فــي مُـقـدّمـهـا الـقَـطـع بــأن تلبيتها تعكس ثقل المملكة السياسي والدبلوماسي إقليمياً وعالمياً، وتــــدعــــم المـــــواقـــــف الـــتـــاريـــخـــيـــة لـلـمـمـلـكـة الـــتـــي لا تــــتــــزحــــزح، وفـــــي مُـــقَـــدّمـــهـــا حـق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة، وعــاصــمــتــهــا الـــقـــدس الـــشـــريـــف، قــبــل أي أحـاديـث ولـو كانت محبوبة أو مرغوبة عــن ســـ م شـــرق أوســطــي شـامـل وكـامـل، فلا سلام من غير عدالة، ولا عدالة بدون إحقاق الحقوق. الأمــــر الــثــانــي هـــو أن هـــذا الـتـحـالـف العالمي الـذي دعـت إليه السعودية، يجد آذانــــ مصغية خـــارج الــدائــرتــ العربية والإســــــ مــــــيــــــة، فــــهــــنــــاك دول أوروبــــــيــــــة وآســــيــــويــــة تـــضـــم صــــوتَــــهــــا إلــــــى صـــوت الـــشـــعـــب الـــفـــلـــســـطـــيـــنـــي المــــطــــالِــــب بـحـقـه الـــتـــاريـــخـــي المُـــــهـــــدَر عـــبـــر ثــمــانــيــة عــقــود تقريباً، ومنها دول تمتلك مقعداً دائماً فـي مجلس الأمـــن، مثل روسـيـا والصين على سبيل المثال. يـــمـــكـــن الــــقــــطــــع بــــأنّــــهــــا واحــــــــــدة مــن المـــبـــادرات القليلة الـتـي تُـطـرح مـن الــذات الــعــربــيــة والإســـ مـــيـــة، أي أنّـــهـــا مــبــادرة القلب والعقل العربي والإســ مــي، ومن غير تعويل على أطـــراف خارجية، حتى وإن قــبــلــت الـــشـــراكـــة فــيــهــا ومـــعـــهـــا، فـي درب الـــســـعـــي لمـــنـــاقـــشـــة خـــطـــة عــمــلــيــات تـواجـه وتجابه التصرفات الإسرائيلية الــــهــــوجــــاء فــــي شـــمـــال غــــــزة؛ مــــن حــصــار وإبــــــادة جـمـاعـيـة بـــهـــدف إخـــــ ء وإجــــ ء الفلسطينيين مـن أراضـيـهـم التاريخية، وتالياً وضع خطوات عملية على الطريق لتنفيذ طرح الدولة الفلسطينية المستقلة موضع التنفيذ. ولـعـلّـه مــن المــؤكــد أن قـمـة الــريــاض العام الماضي، ثم الدعوة الأممية لتحالف حل الدولتين، وصـولاً إلى قمة الرياض، تـمـثـل نـهـجـ فـــاعـــً ونـــاجـــزاً فـــي مـسـيـرة تــــحــــديــــد جــــــــدول زمــــنــــي مـــــحـــــدّد لإقــــامــــة دولــــة فـلـسـطـيـنـيـة، ولــيــس مــجــرد إطـــ ق مفاوضات من أجل المفاوضات. ََــ هــنــا لــيــس ســــراً الـــقـــول إن الــعــا العربي والإسـ مـي قد وعيا جيداً درس اتـــفـــاقـــيـــة أوســــلــــو، الـــتـــي كـــانـــت تـتـضـمـن مــحــطــات كــــان مـــن المـــفـــتـــرض أن تُـفـضـي إلـــى إقــامــة هـــذه الـــدولـــة، إلا أنّ إسـرائـيـلَ تحايلت على هذا المسار، ونسفت عملية السلام عبر حروب متتالية، ما يعني أن هناك رغبة عميقة للاستفادة من تجارب المـاضـي، وعـــدم تـكـرار أخطائه الـتـي أدّت إلى تعثر اتفاق أوسلو. تنبع القيمة الحقيقية لقمة الرياض من منطلق كونها تجمّعاً ما بعد عربي أو إسلامي، أي أنّها تفتح الأبواب واسعةً لمـنـاصـري الـحـريـات والأخــ قــيــات كـافـةً، ولأصـــــحـــــاب الـــضـــمـــائـــر الــــصــــالــــحــــة، مـن كــل جـنـس ولــــون، مِــلّــة ونِــحْــلــة، سيما أن المبادئ لا تتجزّأ، ولا مُحاصَصة عِرقية أو مذهبية فيها. يـمـكـن دون أدنــــى تــهــويــن أو تـهـويـل الـنـظـر إلـــى قـمـة الــريــاض عـلـى أنّــهــا حجر زاويـــــــــــة جـــــديـــــد فــــــي إرجـــــــــــاع حــــــق أصـــيـــل لأصــحــابــه، ودعــــوة لــلــدول الـقـابـضـة على جمر الحقيقة للتحلّي بالشجاعة، واتخاذ قـــرار الاعـــتـــراف بفلسطين دولــــةً مستقلة، والانـضـمـام إلــى الإجــمــاع الــدولــي المتمثّل دولة معترِفة بفلسطين المستقلة. 149 بـ لـم يَـعُـد الــشــرقُ الأوســــطُ فـي حاجة إلــــى المـــزيـــد مـــن المـــعـــانـــاة، بـــل إلــــى وضــع حـــــدّ لـــلـــصـــراع، وفـــتـــح مـــســـاقـــات لـلـسـ م ومـــســـارات ليعيش الأنــــام فــي ظــل عـدالـة وسلام. هـل يــدرك العالم صــوتَ المجتمِعين فـــــي الـــــريـــــاضســـعـــيـــ وبــــطــــريــــق سـلـمـي لإنهاء عصور القلق والأرق عربياً وشرق أوسطياً؟ قمة الرياض... الطريق للدولة الفلسطينية إميل أمين
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky