issue16785

حـــيـــاة حــافــلــة بــالــعــطــاء الأدبــــــي، عـاشـهـا الـشـاعـر محمد إبــراهــيــم أبـــو سـنـة الـــذي غيّبه عاماً بعد 87 الموت صباح أمس عن عمر يناهز معاناة طويلة مع المرض. ويــعــد أبـــو سـنـة أحـــد رمــــوز جـيـل شـعـراء الــــســــتــــيــــنــــات فـــــــي مــــــصــــــر، واشـــــتـــــهـــــر بـــحـــســـه الـرومـانـسـي شـديـد الــعــذوبــة، وغـزلـيـاتـه التي تمزج بين الطبيعة والمرأة في فضاء فني يتسم بـالـرهـافـة والـسـيـولـة الـوجـدانـيـة. كـمـا تميزت لغته الشعرية بنبرة خافتة، نأت قصائده عن المعاني الصريحة أو التشبيهات المباشرة؛ ما منح أسلوبه مـذاقـ خاصاً على مــدار تجربته الشعرية التي اتسعت لنصف قرن. تــــرك أبــــو ســنــة حـــصـــاداً ثـــريـــ تــشــكــل في ديواناً 12 سياقات فنية وجمالية متنوعة عبر شعرياً، إضافة إلى مسرحيتين شعريتين، ومن أبــرز دواويـنـه الشعرية: «قلبي وغـازلـة الثوب ، و«رماد 1975 » ، و«أجراس المساء 1965 » الأزرق ، و«شـــجـــر الــكــام» 1985 » الأســئــلــة الـــخـــضـــراء .1990 عــــــاشصــــاحــــب «قـــلـــبـــي وغـــــازلـــــة الـــثـــوب الأزرق» طفولة قروية متقشفة تركت أثراً لافتاً فــي شــعــره؛ إذ ظــل مـــشـــدوداً دائــمــ إلـــى بـداهـة الفطرة وواقعية الحياة وبساطتها. وبحسب الموقع الرسمي للهيئة المصرية الــعــامــة لــاســتــعــامــات، وُلــــد أبــــو ســنــة بـقـريـة الـــــودي بــمــركــز الــصــف بـمـحـافـظـة الــجــيــزة في ، وحـــصـــل عـــلـــى لــيــســانــس كـلـيـة 1937/3/15 الـــــــدراســـــــات الـــعـــربـــيـــة بـــجـــامـــعـــة الأزهـــــــــر عـــام . عـمـل مــحــرراً سـيـاسـيـ بالهيئة العامة 1964 إلى عام 1965 للستعلمات في الفترة من عام ، ثم مقدم برامج ثقافية بالإذاعة المصرية 1975 من خلل «إذاعــة البرنامج الثاني»، 1976 عام كما شغل منصب مدير عام البرنامج الثقافي، ووصل إلى منصب نائب رئيس الإذاعة. وحصد الراحل العديد من الجوائز منها: عن ديوانه 1984 » «جائزة الدولة التشجيعية 1990 » «الـبـحـر مــوعــدنــا»، وجــائــزة «كـفـافـيـس عن ديوانه «رماد الأسئلة الخضراء»، وجائزة ، وجـائـزة 1993 أحـسـن ديـــوان مـصـري فـي عــام «أنـــدلـــســـيـــة لــلــثــقــافــة والــــعــــلــــوم»، عــــن ديـــوانـــه ، فـــضـــاً عـــن «جـــائـــزة 1997 » «رقــــصــــات نــيــلــيــة النيل» في الآداب التي حصدها العام الجاري. ونــعــى الـــراحـــل الـعـديـد مــن مثقفي مصر والعالم العربي عبر صفحاتهم على منصات التواصل الاجتماعي، ومنهم الشاعر شعبان يوسف الذي علق قائلً: «وداعاً الشاعر والمبدع والمـــثـــقـــف الــكــبــيــر مــحــمــد إبـــراهـــيـــم أبـــــو ســنــة، كـنـتَ خـيـرَ سـفـيـرٍ لـلـنـبـلِ والــجــمــالِ والـــرقـــةِ في جمهورية الشعر». وقـال الشاعر سمير درويــش: «تقاطعات كثيرة حدثت بين الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبـــو سـنـة وبـيـنـي، مـنـذ بـدايـاتـي الأولــــى، فإلى جانب أنه صوت شعريصافٍ له تجربة طويلة وممتدة كان لي شرف الكتابة عنها وعنه، فهو إنسان حقيقي وجميل وطيب ومحب للآخرين، ولا يدخر وسعاً في مساعدتهم». ويضيف درويـش: «حين كان يقرأ الشعر بـــصـــوتـــه فــــي بـــرنـــامـــجـــه الإذاعـــــــــي، كـــنـــت أحـــب القصائد أكـثـر، فـمـخـارج الــحــروف وإشباعها وتـــشـــكـــيـــلـــهـــا، ولــــيــــونــــة الــــنــــطــــق، إلـــــــى جـــانـــب اســتــعــذاب الـــشـــعـــر... كـلـهـا مــواصــفــات مـيـزتـه، كـــمـــا مــــيــــزت فــــــــاروق شــــوشــــة والــــدكــــتــــور عـبـد الـقـادر الـقـط... ثمة ذكـريـات كثيرة لـن أنساها يا أستاذنا الكبير، أعـدك أنني سأكتبها كلما حـانـت فــرصــة، وعــزائــي أنـــك كـنـتَ تـعـرف أنني أحبك». ويستعيد الـكـاتـب والـنـاقـد الـدكـتـور زين عبد الهادي ذكرياته الأولى مع الشاعر الراحل وكيف أحــدث بيت شعري لـه تغييراً مصيرياً فــــي حـــيـــاتـــه، قــــائــــاً: «ربــــمــــا فــــي ســــن المـــراهـــقـــة كــنــت أقـــــرأ الــشــعــر حـــ وقــــع فـــي يــــدي ديــــوان صغير بـعـنـوان (قلبي وغــازلــة الـثـوب الأزرق) لمـحـمـد إبــراهــيــم أبـــو سـنـة حــ قــــررت الـهـجـرة ، كـان الـديـوان الصغير 1981 خــارج مصر عـام وروايات (البلدة الأخرى) لإبراهيم عبد المجيد، و(الـبـيـضـاء) ليوسف إدريـــس، و(حـافـة الليل) لأمـــ ريـــــان، و(مـــيـــرامـــار) لـنـجـيـب مــحــفــوظ... هي شهود انتماءاتي الفكرية وما أتذكره في حقيبتي الجلدية». ويـــضـــيـــف عـــبـــد الـــــهـــــادي: «كــــــان الــغــريــب فـي هـــؤلاء الـشـهـود هـو ديـــوان محمد إبراهيم أبـو سنة، فبقدر حبي للعلم كـان الأدب رحيق روحـــي، كنت أقـــرأ الــديــوان وأتـعـلـم كيف يعبّر الـشـعـر عــن الـحـيـاة المــعــاصــرة، إلـــى أن وصلت لقصيدة رمـزيـة كــان بها بيت لا أنـسـاه يقول: (الـــبـــاد الــتــي يـغـيـب عـنـهـا الــقــمــر)، فــي إشـــارة لقضية مــا أثــــارت جــــدلاً طــويــاً ومـــا زالــــت في حـيـاتـنـا المـــعـــاصـــرة، كـــان هـــذا الـبـيـت أحـــد أهـم دوافع عودتي من الغربة، فمهما كان في بلدي مــن بـــؤس فـهـو لا يــســاوي أبــــداً بـــؤس الـهـجـرة والتخلي عن الهوية والجذور». أمـا الشاعر سامح محجوب مدير «بيت عاماً 25 الشعر العربي» بالقاهرة فيقول: «قبل أو يـزيـد، التقيت محمد إبـراهـيـم أبــو سنة في مـدرجـات كلية (دار العلوم) بجامعة القاهرة، وأهـدانـي وقتها أو بعدها بقليل ديـوانـه المهم (قلبي وغازلة الثوب الأزرق)، لأبحث بعد ذلك عـن دواويــنــه الأخـــرى وأقتني معظمها (مرايا الـنـهـار الـبـعـيـد، والــصــراخ فـي الآبــــار القديمة، ورمـــــاد الأســئــلــة الـــخـــضـــراء، ورقـــصـــات نيلية، ومـوسـيـقـى الأحــــــام)، وغــيــرهــا مـــن الـــدواويـــن التي قطع فيها أبو سنة وجيله من الستينيين فـي مصر والـوطـن العربي مسافة معقولة في تـوطـ وتـوطـئـة الـنـص التفعيلي عـلـى الخط الرأسي لتطور الشعرية العربية التي ستفقد برحيله أحد أكبر مصباتها». ويضيف: «يتميز نص أبـو سنة بقدرته الـفـائـقـة عـلـى فـتـح نــوافــذ واســعــة عـلـى شعرية طــازجــة لـغـةً ومــجــازاً ومـخـيـلـةً وإيــقــاعــ ، وذلــك دون أن يـفـقـد ولــــو لـلـحـظـة واحـــــدة امـــتـــداداتـــه البعيدة في التراث الشعري للقصيدة العربية بــمــرتــكــزاتــهــا الـكـاسـيـكـيـة خـــاصـــة فـــي ميلها الفطري للغناء والإنشادية. وهنا لا بد أن أقرّ أن أبو سنة هو أجمل وأعذب مَن سمعته يقول الشعر أو ينشده لغيره في برنامجه الإذاعــي الأشـهـر (ألــــوان مـن الـشـعـر) بــإذاعــة (البرنامج الـــثـــانـــي الـــثـــقـــافـــي) الـــتـــي تـــرأســـهـــا فــــي أواخـــــر تسعينات القرن المنصرم قبل أن يحال للتقاعد نائباً لرئيس الإذاعة المصرية في بداية الألفية الثالثة؛ الفترة التي التحقت فيها أنـا بالعمل فــي الـتـلـفـزيـون المــصــري حـيـث كـــان مـكـتـب أبـو سنة بالدور الخامسهو جنتي التي كنت أفيء إليها عندما يشتد عليّ مفارقات العمل. كان أبـو سنة يستقبلني بأبوية ومحبة غامرتين ســأظــل مـديـنـ لـهـمـا طـيـلـة حــيــاتــي. سـأفـتـقـدك كثيراً أيها المعلم الكبير، وعزائي الوحيد هو أن (بيت الشعر العربي) كان له شرف ترشيحك العام الماضي لنيل جائزة النيل؛ كبرى الجوائز المصرية والعربية في الآداب». وفــــــي لمـــســـة احـــتـــفـــاء بـــمـــنـــجـــزه الـــشـــعـــري استعاد كثيرون قصيدة «البحر موعدنا» لأبو سنة التي تعد بمثابة «نصه الأيقوني» الأبرز، والتي يقول فيها: «البحرُ موعِدُنا وشاطئُنا العواصف جازف فقد بَعُد القريب ومات من ترجُوه واشتدّ المُخالف لن يرحم الموجُ الجبان ولن ينال الأمن خائف القلب تسكنه المواويل الحزينة والمدائن للصيارف خلت الأماكن للقطيعة من تُعادي أو تُحالف؟ جازف ولا تأمن لهذا الليل أن يمضي ولا أن يُصلح الأشياء تالف هذا طريق البحر لا يُفضي لغير البحر والمجهول قد يخفى لعارف جازف فإن سُدّت جميع طرائق الدّنيا أمامك فاقتحمها لا تقف كي لا تموت وأنت واقف». عاشصاحب «قلبي وغازلة الثوب الأزرق» طفولة قروية متقشفة تركت أثراً لافتاً فيشعره الثقافة CULTURE 19 Issue 16785 - العدد Monday - 2024/11/11 الاثنين قراءات في قصصوروايات لكتابعرب عــن دار «طــيــوف» بـالـقـاهـرة صـــدر كتاب «مـــرايـــا الــفــضــاء الــــســــردي» لــلــنــاقــدة المـصـريـة دكـــتـــورة نـــاهـــد الـــطـــحـــان، ويـتـضـمـن دراســـــات ومــــقــــالات نــقــديــة تـبـحـث فـــي تـجـلـيـات الــســرد العربي المعاصر عبر أجيال متباينة، من خلل عـدد من النصوص القصصية من السعودية وسوريا والعراق ومصر. ومـن الـدراسـات والمـقـالات، كتبت الناقدة عــن الــكــاتــب الــســعــودي حـسـ سـنـوسـة الــذي استطاع عبر أسلوب انتقادي تهكمي، ونظرة تحليلية، ملمسة زوايـــا إنسانية لافـتـة، وأن ينسج خيوطاً متينة لنصوصه في مجموعته القصصية «أقنعة من لحم» التي تبدأ بقصة بنفس العنوان حول شخصيستيقظ ذات يوم وقد تحول وجهه الوسيم إلى وجه كلب. ورغم هذا فإن أسرته وزملءه في العمل لا يرون هذا الـــوجـــه، وإنــمــا يــرونــه رجــــاً وسـيـمـ كـعـادتـه. وعندما ينعته أحد المتعاملين معه في العمل بأنه وفيّ مثل الكلب، يستيقظ في اليوم التالي وقد عاد وجهه وسيماً كما كان يراه دائماً، في الوقت الذي تُصدم فيه زوجته لأنها تراه بوجه هذا الحيوان الأليف. وفـــــي المـــجـــمـــوعـــة الــقــصــصــيــة «الــــرقــــص» للكاتبة السورية عبير عـزاوي، تتضح دائرية الـــزمـــن، كــمــا تـــقـــول، مـــن خــــال الـــعـــنـــوان الـــذي يـــتـــمـــاس مــــع الـــفـــضـــاء الــــســــردي فــــي انــفــتــاحــه على مـعـانٍ إنسانية عميقة تتآلف مـع غربته وافـــتـــقـــاده الأحـــبـــة والمــشــاعــر الــدافــئــة ورغـبـتـه في التحليق بعيداً عن عالمه الأرضــي الضيق والــــخــــانــــق، عـــبـــر نــــصــــوص مـــثـــل «الـــــرقـــــص»، «فــــالــــس فــــي الــــقــــمــــريــــة»، «راقـــــصـــــة الـــبـــالـــيـــه»، «ارقــص أزرق». ويشكل الرقص هنا بحركاته التعبيرية والدائرية إشـارة سيميائية زمنية تسعى لتجاوز اللحظة الراهنة وتفتيتها بكل قسوتها، وربما نفيها من وعينا، لتكشف لنا تشكيلً فنياً وإبداعياً يتناص مع انكساراتنا وأزماتنا المحفورة بداخلنا. وفــــي قــصــة «الــــخــــروج عـــن الـــســـطـــر»، من مجموعة «مـثـل رتينة كـلـوب قـديـمـة» للكاتب حـــــاتـــــم رضــــــــــــوان، تـــــقـــــول نـــــاهـــــد الــــطــــحــــان إن الشخصية الرئيسية تسعى إلـى الـخـروج من عالمها المثقل بالروتين بغية التصالح مع الذات مـن خــال التسكع فـي شـــوارع وســط القاهرة، أكـل ساندويتشات الفول في مطاعم شعبية، مشاهدة فيلم سينمائي قديم، النوم في أحد الفنادق. لكن تفشل الشخصية في تحقيق تلك الأشياء البسيطة على النحو الـذي يرضيها؛ حــيــث يــصــطــدم الــبــطــل بـحـالـتـه الـصـحـيـة من جهة وبفيلم غير جدير بالمشاهدة لأن الأفلم الـقـديـمـة لــم تـعـد تــعــرض، وبـحـريـق فــي مكان مـــا، فـيـهـرع لــركــوب الـتـاكـسـي مـخـتـاراً الـعـودة لعالمه الأول الروتيني الآمن، مستسلماً للراحة والطمأنينة اللتين لم يكن يدركهما من قبل. وفــــــي قـــصـــة «مـــتـــحـــف الــــــذكــــــريــــــات»، مـن المجموعة ذاتها، تشعر الشخصية الرئيسية - الجد بـالاغـتـراب مـن جهة، واخـتـيـار العودة لـــعـــالمـــه المـــــاضـــــوي المـــــألـــــوف مــــن جـــهـــة أخـــــرى، المتمثل في الراديو القديم، التلفزيون الأبيض والأســـــــــود، ألــــبــــوم الــــذكــــريــــات، الـــســـريـــر الــــذي يـرتـاح فـي الـنـوم عليه وغـيـر ذلـــك. يجد الجد الملجأ الآمن في غرفته فوق السطح، التي كان اسـتـأجـرهـا وهـــو طـالـب فــي الـجـامـعـة بـإحـدى البنايات القديمة والمجاورة لمدفن أحد الأولياء في حي قديم بما تحتويه من كنوز، فيعدها راحــة لـذاتـه مـن أزمـتـه، وهـو فعل يـكـرره كثيراً دون علم عائلته. وفي النهاية ينسحب للمرة الأخــــيــــرة مــــن عـــالمـــه مــــن أجـــــل حـــضـــور خـــاص وأبــــدي فــي عـالمـه المـــاضـــوي، فيتوحد مــع تلك الحالة ويموت على سريره القديم. وفي قصة «الغرفة»، من مجموعة «بريد الآلــــهــــة» لــلــكــاتــب الـــعـــراقـــي مــيــثــم الـــخـــزرجـــي، يتحول الراوي - البطل إلى معادل لكل المؤرقين الــــذيــــن يـــهـــربـــون مــــن واقـــعـــهـــم المــــريــــر وقـــســـوة مـصـائـرهـم إلـــى أي واقـــع مــــوازٍ أو عـالـم بـديـل. ويـــحـــاول الـــرســـام هــنــا الـــهـــروب مـــن المــخــاوف والأسـئـلـة الــوجــوديــة، فيعود مـحـاصَـراً داخـل لوحاته التي تنضح بعدمية مسجونة داخل حــــدودهــــا، إزاء عـــالـــم واســـــع كــبــيــر ومــنــغّــص يـصـيـب الـعـصـافـيـر بـالـقـلـق، والـــنـــاس بالهلع وكأنه يوم القيامة. وفي قصة «صـراخ متئد» مــــن نـــفـــس المـــجـــمـــوعـــة، يـــتـــحـــول المــــاضــــي إلـــى أســطــورة، لأنــه لـن يـعـود مــرة ثـانـيـة، وتصبح الأمـــاكـــن أزمــنــة تـحـاصـر حــاضــرنــا أو واقـعـنـا المــفــجــع، أو كـمـا قـــال الـــــراوي عـلـى لــســان أحـد شخصيات النص: «الحياة سجن كبير، نحن نشيخ وأوجاعنا فتية». القاهرة: «الشرق الأوسط» سيمون فتال: السومريون أنتجوا أجمل الفنون وهي الأساس » النمساوية فـي فيينا، وهــي أقــدم قاعة مستقلة Secession« تستضيف مؤسسة مـخـصـصـة لـلـفـن المــعــاصــر فـــي الــعــالــم، مـجـمـوعـة مــخــتــارة مـــن أعـــمـــال الـفـنـانـة والـكـاتـبـة (استعارات)، أبرزها منحوتات من metaphors والسينمائية سيمون فتّال تحت عنوان الصلصال تعرض للمرة الأولى خارج لبنان حيث تحفظ غالبية أعمالها ضمن مجموعة عمل فني حـديـث ومـعـاصـر بـهـدف صونها 400 ســــارادار الـخـاصـة الـتـي تـضـمّ أكـثـر مـن ودراستها. ، ومنها انتقلت طفلة إلـى بيروت 1942 شهدت سيمون فتّال النور في دمشق عـام حيث أكملت تعليمها الجامعي وتخرجت مجازة في الفلسفة من معهد الآداب، قبل أن تنتقل إلى باريس حيث تابعت تخصصها في جامعة السوربون. عادت إلى بيروت وانصرفت لفترة إلى الرسم، تعرفت خللها إلى الشاعرة والفنانة المعروفة إيتيل عدنان، ونشأت بين الاثنتين صداقة متينة امتدت حتى وفاة الأخيرة في . بعد مرحلة الـرسـم انتقلت إلـى النحت بالصلصال ثـم انصرفت إلى 2021 خريف عـام الأعمال الخزفية، وعندما «أصبحت الحياة مستحيلة في بيروت بسبب الحرب الأهلية» ، واستقرت في كاليفورنيا حيث 1980 كما تقول، قررت الذهاب إلى الولايات المتحدة عام أسست دار النشر المعروفة «بوست أبولو برس» المتخصصة في الأعمال الأدبية الرائدة والتجريبية. التحقت بمعهد الفنون في سان فرنسيسكو واستأنفت نشاطها الفني 1988 في عام انتقلت إلى فرنسا وانضمّت إلى محترف 2006 في الرسم والنحت والكولاج. وفي عام هانز سبينّر الشهير فـي غــراس حيث أنتجت أهـم أعمالها الفنية. وخــال إقامتها في » عُـرض في معظم المهرجانات Autoportrait« فرنسا أخرجت شريطاً سينمائياً بعنوان نظّم متحف الفن الحديث النيويوركي معرضاً 2019 العالمية ولاقى نجاحاً كبيراً. في عام استرجاعياً لأعمالها التي استضافتها متاحف عالمية عديدة مثل متحف دبي للفنون ومتحف لوكسمبورغ وبينال البندقية ومتحف إيف سان لـوران في مراكش ومؤسسة الشارقة للفنون، ومتحف فرنكفورت، وبينال ليون، وبينال برلين، ثم المؤسسة النمساوية التي كرّست عدداً كبيراً من الفنانين المعاصرين. الـتـاريـخ والـحـنـ (نوستالجيا) هما المــصــدران الأسـاسـيـان الــلــذان تستلهم فتّال أعمالها منهما، وتقول: «أشعر بالحنين إلى الماضي القريب... إلى سنواتي الأولى التي عشتها في هذه القطعة الرائعة والآمنة من الأرض التي اسمها دمشق وليس إلى التاريخ بحد ذاته. وعندما أتحدث عن التاريخ الذي أستحضره في أعمالي، أعني به التاريخ الذي ينبغي أن يذكّرنا بهويتنا، التاريخ الـذي نحن جـزء منه وعلينا أن نعرفه»، وتضيف: «التاريخ بالنسبة لي بدأ مع السومريين الذين أنتجوا أجمل الفنون. تاريخهم يثير عندي أعمق المشاعر، ليس فحسب لأني أنتمي إلى تلك المنطقة من العالم، فأنا بطبيعة الحال ولـيـدة العصر الحديث، والفنون الحديثة والمـعـاصـرة هـي جـزء أسـاسـي مني، لكن تلك الفنون هي التربة الأساسية التي يمكن للفن الحديث أن يضرب جذوره فيها». تقول فتّال إن الإنسان، والفنان بشكل خاص، في سعي دائم لدراسة الماضي ومعرفة جــذوره، «وأنــا من منطقة غنية بهذا الماضي الـذي تشهد عليه أماكن عديدة دأبـت على زيارتها، مثل تدمر وجبيل وبعلبك وصور وجرش حيث ما زالت تدور حياتنا اليومية إلى الآن». وتبتسم السيدة التي تجاوزت الثمانين من عمرها وما زالت في حيوية لافتة حين تقول: «يهمني جداً الحفاظ على هذا التاريخ وتسليط الأضواء عليه. أنا أنتمي إلى منطقة اخترعت الأبجدية الأولى وأنتجت أول الفنون. الفن في ذلك الوقت كان له معنى وهــدف، وأنـا أريـد أن يكون فني تعبيراً عن تلك المنطقة، ومـا عاشته، وكيف هي اليوم، حتى يتسنى للأجيال المقبلة أن تتعرف عليها». وعـن الصداقة المـديـدة التي ربطتها بالفنانة والشاعرة والكاتبة إيتيل عدنان تقول: «أولى ثمار تلك الصداقة كان التعاون في دار النشر (بوست أبولو بـرس)، وقد تأثرت كثيراً بنتاجها الشعري. أما بالنسبة للفن البصري، فثمة اختلف كبير بيننا ولم تتأثر إحدانا بالأخرى». تـفـاخـر فــتّــال بـمـصـادر إلـهـامـهـا مــن مـعـالـم أثــريــة شــاهــدة عـلـى حــضــارات سحيقة، وتشعر بحزن عميق لما آلت إليه اليوم تلك المصادر، وتقول إن الفنون الحقيقية غالباً ما تولد خارج الأطر الرسمية، وهي التي تنقل الناظر إلى «مطارح تاريخية» تتحدث بلغات عديدة ولها معتقدات متعددة، لكنها موجودة الآن بيننا. من أعمال الفنانة سيمون فتّال فيينا: شوقي الريّس سيمون فتال أحد رموز شعراء جيل الستينات في مصر رحيل إبراهيم أبو سنة... شاعر الرومانسية العذبة القاهرة:رشا أحمد

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky