issue16785

حـــل الـــدولـــتـــن مـمـكـن الآن أكـــثـــر مـــن أي وقــت مضى، إن أخـذت القمة الإسلامية زمـام الأمــور في الملفي اللبناني والفلسطيني ومنحت التفويض والــثــقــة لـلـمـمـلـكـة الــعــربــيــة الـــســـعـــوديـــة، ولــــم يـتـرك لـشـخـصـيـات لـــم يـتـفـق عـلـيـهـا الـشـعـبـان الـلـبـنـانـي والفلسطيني إلى الآن، ومرتبطي بالحقبة السابقة وتجاذباتها. الــــحــــل مـــمـــكـــن إن رهــــنــــت المــــســــانــــدة الــعــربــيــة السياسية والأمـنـيـة والمــاديــة وخـطـة إعـمـار لأطقم جديدة ووجــوه جديدة يتقبلها الشعبان، والأهـم يتقبلها المجتمع الــدولــي كـلـه ومستعد للتعاون معها، ولا ينتمون للحقبة الماضية ينالون القبول العربي بالدرجة الأولـــى، ويتمكنون من التواصل مـع المتغيرات الـدولـيـة والأنـظـمـة الـدولـيـة بـجـدارة، والـــشـــعـــبـــان لــديــهــمــا مـــن تــلــك الـــكـــفـــاءات مـــا يمكن التعامل معها وطـي صفحة الماضي والسير قدماً للأمام من خلالها. حــــل الـــدولـــتـــن مــمــكــن فــــي الـــقـــمـــة الــســعــوديــة الإســ مــيــة الـتـي دعـــت لـهـا المـمـلـكـة، وهـــي الفرصة الأثـــمـــن فـــي الـــوقـــت الــــراهــــن، خــصــوصــ أن جميع الظروف مهيأة لذلك. إن قـطـعـنـا الـــطـــريـــق عــلــى الـــعـــراقـــيـــل وتــوحــد المــوقــف الـعـربـي بــالــدرجــة الأولـــــى، ولـــم تـعـد هناك سلاح خارج نطاق الدولة، خصوصاً أن الذين كانوا يعارضون قيام الدولتي صرحوا مؤخراً بقبولهم حل الدولتي، بمعنى الآن أن الدول العربية المؤثرة كلها أصبحت تقف وراء المبادرة العربية. حــــل الــــدولــــتــــن مــمــكــن والـــــظـــــروف الإقــلــيــمــيــة مـهـيـأة، وإيـــــران تتهيأ لـلـفـتـرة الـتـرمـبـيـة الـجـديـدة ولا تتحمل مزيداً من الإقصاءات والعقوبات، فهي مستعدة أكـثـر مـن أي وقــت مضى للتنحي جانباً والـــنـــأي بنفسها عــن الميليشيات المـسـلـحـة (حــزب الــلــه وحـــمـــاس)، خـصـوصـ أن ذلـــك أصــبــح مطلباً شعبياً من الداخل الإيراني لا من خارجه فحسب، ومن الشعبي اللبناني والفلسطيني، أصبح المبدأ مــقــبــولاً مـــن أجـنـحـة كــانــت لا تـسـمـح بـــتـــداول مثل هـــذا الـحـديـث فــي الــداخــل الإيـــرانـــي، حـتـى أصـــدرت جـمـاعـات الــحــوزات بياناً طالبت فيه المـرشـد بفك الارتباط وبالتركيز على الداخل الإيراني. حل الدولتي ممكن ومجلس الأمـن بأعضائه الخمسة مستعدون أكثر من أي وقت مضى لقبول الفكرة. حـــــل الــــدولــــتــــن مـــمـــكـــن والــــشــــعــــوب الـــغـــربـــيـــة أصـبـحـت داعــمــة لـلـفـكـرة بحجم لــم تـكـن فـيـه يوماً مــــا واعــــيــــة لأصــــــول المـــشـــكـــلـــة المـــعـــقـــدة وتـــاريـــخـــيـــة الصراع كما هي اليوم، وتضغط بهذا الاتجاه على حكوماتها. حل الدولتي ممكن ولــدى تـيـارات إسرائيلية كثيرة الاستعداد للانتقال لهذه الخطوة، خصوصاً بعد انتهاء فترة نتنياهو وهي توشك على ذلك. حــــل الـــدولـــتـــن مــمــكــن وبـــإمـــكـــان الاتـــفـــاقـــيـــات والـــــتـــــعـــــهـــــدات الــــــدولــــــيــــــة ضـــــمـــــان أمــــــــن الـــجـــمـــيـــع الـــفـــلـــســـطـــيـــنـــيـــن والإســــرائــــيــــلــــيــــن مــــعــــ ، ومـــعـــهـــم اللبنانيون. 11 لـــهـــذا تـكـتـسـب الــقــمــة الـــتـــي تـنـعـقـد الـــيـــوم نوفمبر (تـشـريـن الـثـانـي) أهـمـيـة قـصـوى ستغير خــريــطــة المــنــطــقــة ومــمــكــن أن تـــعـــدّ تـــحـــولاً جــذريــ لمستقبلها وأمنها، وممكن أن تحدد مصيراً طال انـــتـــظـــاره لـــعـــقـــود طـــويـــلـــة لـلـشـعـبـن الـفـلـسـطـيـنـي واللبناني. بـيـنـمـا كــــان الــعــالــم يــرقــب دورة الانــتــخــابــات الرئاسية الأميركية بأنفاس الصعداء، دار نقاش عـمـيـق فـــي طـــهـــران حـــول تــداعــيــات فـــوز تــرمــب من جـديـد بالسلطة. ومــن المـرجـح أن تـعـود مـع ترمب ســـيـــاســـة «الـــــحـــــد الأقـــــصـــــى مـــــن الــــضــــغــــوط» الـــتـــي فـرضـت عـقـوبـاتٍ صـارمـة وعـزلـة دبلوماسية على طهران، ورفعت الــردع العسكري الهادف إلـى كبح نفوذ إيـران في المنطقة وبرنامجها النووي. وأول تــداعــيــات الانــتــخــابــات الأمــيــركــيــة عـلـى الاقـتـصـاد الإيـــــرانـــــي كـــــان انـــخـــفـــاض قــيــمــة الــــريــــال الإيــــرانــــي وارتفاع أسعار الذهب وتراجع سوق البورصة، إذ انخفض الريال انخفاضاً حادّاً، ووصل لأول مرة ما 6 تومان للدولار الواحد في 720000 إلى ما يقارب نوفمبر (تشرين الثاني). ويـــرى عـديـد مـن المحللي المعتدلي فـي إيــران ضــرورة «خفض التصعيد وتطبيع العلاقات بي إيران وأوروبا» بعد انتخاب الرئيس دونالد ترمب، إذ يـسـاورهـم الـقـلـق حـــول سـلـوكـه «غـيـر المـتـوقـع»، حسب تعبير وسـائـل الإعـــ م الرسمية الإيـرانـيـة. وفـــــي مــقــابــلــة مــــع صــحــيــفــة «آرمــــــــــان»، قـــــال خـبـيـر الشؤون الدولية، علي بيغديلي، إن ترمب سيكون «رجل أعمال براغماتيّاً، ولن يسعى إلى حرب» مع إيــــران. وتـــرى الصحف الإيـرانـيـة المعتدلة ضــرورة إعــادة مـدّ الجسور في ظل الولاية الثانية لترمب، في حي تستبعد الصحف المحافظة وجـود تأثير كبير للانتخابات الأميركية على مستقبل إيران. وفـــــي ظـــــلّ هـــــذه الـــــروايـــــة الـــرســـمـــيـــة، يـــبـــدو أن إدارة ترمب ستنتهج سياسة جديدة تجاه إيـران، خصوصاً في سياق التوترات الأخيرة، ومنها على سبيل المـثـال التهديد المباشر الــذي أفـــادت تقارير بــأن الجمهورية الإسـ مـيـة مارسته ضـد الرئيس . كــذلــك، 2024 ) الــســابــق تـــرمـــب فـــي يــولــيــو (تـــمـــوز كـشـفـت وزارة الـــعـــدل الأمــيــركــيــة - عـلـى الـــرغـــم من نوفمبر عن توجيه 8 النفي الرسمي الإيراني - في اتــهــامــات جنائية إلـــى رجـــلٍ يُــقــال إن إيــــران كلّفته «مراقبة دونـالـد ترمب والتخطيط لاغتياله» قبل الانتخابات الرئاسية. وعلى ضوء هذه التوترات، فقد يبرز من جديد برايان هـوك، وهـو الشخصية الرئيسة الـتـي هندست حملة «أقـصـى الضغوط» الأولـى حي كان يتولى منصب المبعوث الأميركي الـــخـــاص إلـــى إيـــــران، مـــا سـيُـعـيـد تـلـك الـحـمـلـة إلـى الأذهان، ويزيد ردود الفعل في الداخل الإيراني. وفـي حـال أعــادت إدارة ترمب العمل بسياسة «الـــحـــد الأقـــصـــى مـــن الـــضـــغـــوط»، فــمــن المـــرجـــح أن تعود القيادة الإيرانية أيضاً إلى موقفها المتشدد الـــذي تتبنى فيه خـطـاب المـقـاومـة والاعـتـمـاد على الـــــــذات، إذ وضــــع المـــرشـــد الإيــــرانــــي خــــ ل الـــولايـــة الأولـــى لترمب مـوقـف الــولايــات المـتـحـدة مـن إيــران فــــي إطـــــــار الـــــعـــــدوان الإمــــبــــريــــالــــي، ودعـــــــا الــشــعــب الإيراني إلى مقاومة الضغوط الأميركية. ولا تزال هـذه السردية حاضرة، ومـن المرجح أن يعيد قادة إيــــران تبنّيها أداةً لتحقيق الـتـضـامـن مــن جانب الشعب، وتصوير الولايات المتحدة على أنها العدو الخارجي، وتبرير أي إجــراءات تُتّخذ ضدها على أنها مواجهة للضغوط الاقتصادية التي تفرضها العقوبات المرجّح أن يزيد وَثاقها، ولا سيما ضدّ مبيعات النفط الإيراني للصي. كـــمـــا أنــــــه مـــــن المـــــرجـــــح أن تـــصـــعّـــد الأجــــهــــزة العسكرية والأمنية الإيرانية نبرتها وموقفها، إذ يُشير التهديد الذي وجّهَته الجمهورية الإسلامية ، إلــــــى أن 2024 إلــــــى شـــخـــص تــــرمــــب فـــــي يـــولـــيـــو «المـتـشـدديـن» الإيـرانـيـن يَـــعُـــدّون عـودتـه المحتمَلة إهــــانــــة شــخــصــيــة وآيــــديــــولــــوجــــيــــة. وقـــــد يـسـتـغـلّ «الحرس الثوري» الإيراني هذه التوترات في إعادة تأكيد نفوذه على السياسة الداخلية، ويعمد إلى تهميش أصوات «المعتدلي» في الحكومة الإيرانية التي تفضّل الحوار على الصراع. ومن التداعيات أيضاً أن خطر حربٍ عالمية يحوم في الأجواء وَفقاً لوزير الخارجية الإيـرانـي عباس عراقجي، إذ قال نوفمبر إن «على العالم أن يعلم أنه في حال 9 في تَوسّع الحرب، فلن تنحصر آثارها في غرب آسيا، بـــل قـــد يـــطـــول انــــعــــدام الأمـــــن والاســـتـــقـــرار مـنـاطـق أخرى، حتى البعيدة جدّاً». ومن شأن عودة شخصيات مثل هوك أن ترفع عدم الثقة والاستياء عند القيادة الإيرانية، إذ كانت تعدّ نهج هوك هجوماً استراتيجيّاً متعدد الأوجه، لـم يستهدف اقـتـصـاد إيـــران فحسب، بـل مكانتها السياسية ونفوذها الإقليمي. ومن المتوقّع أن يقود الآن عملية انتقال الدبلوماسيي الأميركيي. ومن المـرجّـح أن يكون رجوعه إلـى المشهد مَـحَـطّ انتباه إعلام إيـران ومسؤوليها، وأن يُصوّر ذلك على أنه دلـيـل على اسـتـمـرار المـوقـف الأمـيـركـي «الـعـدائـي»، بـمـا يــهــدف إلـــى حـشـد الـعـاطـفـة الـقـومـيـة وتـعـزيـز سردية التهديد الـوجـودي الــذي تفرضه الولايات المتحدة. كـمـا أنّ مــن المــرجــح أن تـفـرض عـــودة سياسة «الـحـد الأقـصـى مـن الـضـغـوط» المحتمَلة ضغوطاً أكبر على الاقتصاد الإيراني، بات الإيرانيون تحت وطأتها، إذ أضــرّت العقوبات التي فرضتها إدارة ترمب الأولى بالاقتصاد الإيراني كثيراً وتركت آثاراً ملموسة حتى اليوم. فالتضخم المُفرِط وانخفاض قيمة العملة ومحدودية القدرة على الحصول على الـسـلـع الأسـاسـيـة بـاتـت أسـبـابـ لـسَـخَـط واسـتـيـاء الشارع الإيراني الذي ينظر في الغالب إلى العواقب الاقـــتـــصـــاديـــة لــلــســيــاســات الأمــيــركــيــة مـــن مـنـظـور إنـــســـانـــي. وفــــي حــــال إعــــــادة تـفـعـيـل حـمـلـة «الــحــد الأقـــصـــى مـــن الـــضـــغـــوط»، فـمـن المـــرجـــح أن تتفاقم الصعوبات التي تواجهها إيران، بما يرفع السخط الشعبي ويُـشـعِـل فتيل احـتـجـاجـات شعبية، كما جـرى سابقاً خـ ل فترات الأزمــة الاقتصادية، فقد يكون الشعب الإيراني الشابّ البارعُ في استخدام التقنية المتطلّعُ إلــى الانــدمــاج فـي الـعـالـم، صريحَ النقد في حال عودة حلقة العزلة. وعلى الرغم من تنوّع الرأي العامّ في إيران، فإن عديداً من الإيرانيي ضــجِــرُوا مـن الشعور بأنهم تحت رحــى التوترات الجيوسياسية، ويسعون إلـى جـودة أكبر للحياة وإلى الحرية والفرص الاقتصادية. وقــــــد تـــخـــتـــار الــــقــــيــــادة الإيــــرانــــيــــة الــــــــردّ عـلـى العقوبات الأميركية بتعزيز «الاقـتـصـاد المـقـاوم»، مـن خــ ل تعزيز الإنـتـاج المحلي وتقليل الاعتماد عـلــى الـسـلــع الأجــنــبــيــة. أيــضــ قـــد تـخـتــار تـرسـيـخ شراكاتها الاقتصادية والعسكرية مع حلفائها في الشرق مثل الصي وروسيا. ومن المرجح أن تقطع «أقصى العقوبات» احتمال الانفتاح الدبلوماسي على الـغـرب، وأن تزيد عزلة إيـــران الـدولـيـة، مـا قد يجعلنا أمـام سباقٍ على الإجــراءات المضادة. ومع تــصــاعــد الـــتـــوتـــرات، فـسـيـظـل الـــســـؤال الأبـــــرز هــو: هل النتيجة هي المواجهة أم التسوية؟ إذ يتوقف عـلـيـهـا مستقبل الــعــ قــات الأمــيــركــيــة - الإيــرانــيــة وحــيــاة مـ يـن فــي إيــــران وفـــي المـنـطـقـة. ومـــن أجـل تَجنّب أي تصعيد عسكري مـع الــولايــات المتحدة قـــد تـسـتـغـلّ الــحــكــومــة الإيـــرانـــيـــة المــعــتـدلــة بـقـيـادة مسعود بزشكيان تَحسّن علاقاتها مع أبرز حلفاء الولايات المتحدة مثل المملكة العربية السعودية في التواصل مع إدارة ترمب القادمة. Issue 16785 - العدد Monday - 2024/11/11 الاثنين أُســــدل الـسـتـار عـلـى الانـتـخـابـات الأميركية بعودة مثيرة ومرتقبة للرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، بعد هزيمة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، بجانب سيطرة متزايدة للحزب الجمهوري على مفاصل صنع القرار في الولايات المتحدة في أكثر من مؤسسة سياسية، ما يعطيه مــرونـــة أكــبــر فـــي عـمـلـيـة صـنـع الـــقـــرار والعملية السياسية بشكل عــام. وفــي الـوقـت الــذي يعكف فيه ترمب على تشكيل فريق العمل المصاحب له في فترة رئاسته المقبلة، وخاصةً كبار مساعديه، تـزداد التساؤلات المشروعة حول ما تحمله هذه العودة بالنسبة لبقية دول العالم، وخاصةً فيما يتعلق بأوجه التعاون أو الصراع على الساحة الدولية. أي أن الأكـثـر أهمية وإثـــارة بالنسبة لبقية دول الـــعـــالـــم هــــو مـــعـــرفـــة تـــوجـــهـــات الــســيــاســة الـــخـــارجـــيـــة الأمـــيـــركـــيـــة فـــي الـــفـــتـــرة الــثــانــيــة من رئــــــاســــــة تــــــرمــــــب. وهـــــنـــــا يـــــكـــــون الــــحــــديــــث عــمــا ســتــكــون عــلــيــه الـــعـــ قـــات بـــن الـــقـــوى الـــدولـــيـــة، وكذلك موقفه من المنظمات الدولية ووكالاتها، بالإضافة إلى نظرته إلى التكتلات والتحالفات الإقليمية والدولية، بما فيها الاقتصادية وغير الاقـــتـــصـــاديـــة. وذلــــك فـــي ظـــل المـــواقـــف المتصلبة التي اتخذها في الفترة الرئاسية الأولــى، الأمر الذي جعل البعض يقول - آنذاك - إنها قادت إلى إضعاف الأسس التي بني عليها النظام الدولي الليبرالي (فـي شقيه: السياسي والاقـتـصـادي). لكن من المهم أيضاً النظر إلـى ما تحمله الفترة الـرئـاسـيـة الـثـانـيـة بالنسبة لــ زمــات الإقليمية والحروب القائمة في مناطق مختلفة من العالم. بالنسبة للموقف من القوى الدولية المنافسة والـقـضـايـا المتعلقة بـذلـك، مـن المـتـوقـع استمرار ترمب في نهجه الرامي إلى ترسيخ قيادة أميركا حول العالم وفقاً لمنظوره الشخصي الذي يستند إلى «تقاسم الأعباء وتحمل المسؤوليات»، وعدم الــســمــاح لـلـقـوى الــدولــيــة الأخـــــرى، بـمـا فـــي ذلـك الصديقة منها (فـي أوروبـــا وغيرها) والمنافسة مــنــهــا (مـــثـــل الــــصــــن)، بـــالاســـتـــمـــتـــاع بـوضـعـيـة «الــــراكــــب المـــجـــانـــي» لـــ ســـتـــفـــادة مـــن الاســـتـــقـــرار الـسـيـاسـي الـعـالمـي مــن نـاحـيـة، وحــريــة الـتـجـارة من ناحية أخرى، دون تحمل جزء من المسؤولية أو الأعــبــاء المترتبة على حماية الـنـظـام الـدولـي والـــحـــفـــاظ عــلــى اســــتــــقــــراره، لا ســيــمــا بـالـنـسـبـة لبعض الـسـيـاسـات الاقـتـصـاديـة لبعض الـــدول، والسياسات الدفاعية للبعض الآخـر. بالإضافة إلـــى الاســـتـــمـــرار فـــي مـعـالـجـة الـخـلـل فـــي المــيــزان الـــــتـــــجـــــاري بـــــن واشــــنــــطــــن وبــــعــــضشـــركـــائـــهـــا التجاريي الرئيسيي. وهذا في الحقيقة ما قاد إلــــى حــــرب تــجــاريــة بـــن واشــنــطــن وبــكــن خــ ل الفترة الرئاسية الأولى لترمب. وفـــــي الإطـــــــار نـــفـــســـه، كـــــان لــلــرئــيــس تــرمــب موقف حـاد تجاه الـوكـالات والمنظمات الدولية، والتي انسحبت واشنطن من عضويتها أو علّقت ســـداد حصتها فـيـهـا، بحجة عـــدم تناغمها مع مواقف واشنطن من بعض القضايا... إلـخ. ولا يقل الأمر خطورة بالنسبة لشراكات وتحالفات واشــنــطــن الـــخـــارجـــيـــة، كــمــا فـــي الــضــغــوط الـتـي مارسها على حلف «الـنـاتـو» للمساهمة بشكل أكبر في ميزانية الحلف الدفاعية. وكذلك قراره بالانسحاب من 2018 في بداية فترة رئاسته عام اتـفـاق الـشـراكـة عبر المحيط الــهــادئ الـــذي يضم دولة، بحجة الوصول إلى اتفاق تجاري أكثر 12 عدالة مستنداٌ إلى شعار «أميركا أولاً»، وتعديل اتـــفـــاقـــيـــة الــــتــــجــــارة الــــحــــرة مــــع كـــنـــدا والمــكــســيــك السابقة المعروفة بـ«نافتا». بــالــتــالــي مـــن المـــتـــوقـــع أن يـسـتـمـر الــرئــيــس تـــرمـــب فــــي نــهــجــه الـــســـابـــق الــــرامــــي إلـــــى تـعـزيـز مصالح أميركا حول العالم، وخاصةً في المجال الاقـتـصـادي، بما فـي ذلــك مـن خــ ل السعي إلى تصحيح أي خلل في علاقات واشنطن التجارية حـول العالم مـا أمـكـن، وهـو الأمــر الــذي قـد يعيد التوتر إلى علاقات واشنطن مع بعض المنافسي الآخـــريـــن، وفـــي مقدمتهم الــصــن. وبـشـكـل عــام، مـــن غـيـر المـسـتـبـعـد أن يـسـعـى تــرمــب إلـــى تبني اسـتـراتـيـجـيـة «الـــســـ م مـــن خــــ ل الــــقــــوة»، وهــو الشعار أو النهج الــذي تحدث عنه ترمب نفسه مــن عـلـى مـنـبـر الجمعية الـعـامـة لــ مــم المـتـحـدة للتعامل مع المخاطر 2020 ) في سبتمبر (أيلول الـــســـيـــاســـيـــة والأمــــنــــيــــة الـــقـــائـــمـــة أو المــحــتــمــلــة. والسعي كذلك لوضع حد للنزاعات القائمة التي تهدد السلام العالمي دون أن تكون ضرورية من وجهة نظر أميركية، كما في الحرب في أوكرانيا والـــحـــرب الــــدائــــرة فـــي الـــشـــرق الأوســــــط. ويـمـكـن فـي هــذا الـسـيـاق الإشــــارة أيـضـ إلــى إمكانية أن يعود ترمب إلى توظيف استراتيجية «الضغط الأقصى» حيال بعض القوى الإقليمية التي يرى بـأنـهـا تـهـدد الاســتــقــرار الإقـلـيـمـي فــي منطقة أو أخرى. من ناحية أخرى، من الطبيعي ألا يستطيع تـــرمـــب تــغــيــيــر وجـــــه الـــســـيـــاســـة الـــدولـــيـــة بـشـكـل جــذري، خاصةً أنـه يواجه الكثير من التحديات الداخلية والخارجية التي يتوجب عليه التعامل مـــعـــهـــا، بــــالإضــــافــــة إلــــــى حــقــيــقــة أن لــــديــــه فـقـط فـتـرة رئـاسـيـة واحــــدة لا أكــثــر، فيما يـظـل نهجه السياسي مختلفاً عـن سابقيه، حيث لا تشكل «الـسـيـاسـة الشعبوية» نهجاً شائعاً أو مألوفاً فــي الـسـيـاسـة الأمـيـركـيـة، بـمـا فــي ذلـــك فــي إطــار الــحــزب الـجـمـهـوري ذاتــــه، مــا يجعلها مرتبطة أكثر بوجوده في سدة الحكم. لكن على الرغم من ذلـك، ورغـم تنامي تأثير القوى الدولية الأخـرى عـلـى الـسـاحـة الــدولــيــة والـتـكـتـ ت الإقـلـيـمـيـة أو الـدولـيـة ذات الـصـلـة، فـــإن واشـنـطـن تـظـل الأكـثـر تأثيراً في مجرى السياسة الدولية وتوجهاتها، بـمـا فــي ذلـــك تـأثـيـرهـا عـلـى الأســــس الــتــي تـدعـم اســتــقــرار الـنـظــام الـــدولـــي مــن عــدمــه، والــحــد من المــخــاطــر الــتــي تــحــدق بـــه فـــي فــتــرة تـشـهـد فيها الأجــنــدة الـدولـيـة تـغـيـراً ملحوظاً تعاظمت فيه أهمية قضايا جـديـدة مثل الــذكــاء الاصطناعي والحروب الإلكترونية وسباق التسلح في مجال الـفـضـاء الــخــارجــي وقـضـايـا الـتـغـيـر المــنــاخــي... إلـخ. كما أنـه من غير المستبعد أن تساهم عودة تـــرمـــب إلــــى الــبــيــت الأبـــيـــض فـــي تـشـجـيـع عـــودة الأحـــزاب السياسية ذات الشعارات والتوجهات الشعبوية إلـــى الـواجــهــة، كـمـا حـصـل فــي بعض الدول الأوروبية خلال فترة رئاسته الأولى. من الطبيعي ألا يستطيع ترمب تغيير وجه السياسة الدولية بشكل جذري حل الدولتين ممكن والشعوب الغربية أصبحت داعمة للفكرة سوسن الشاعر خالد بن نايف الهباس محمد السلمي OPINION الرأي 14 ترمب يعود... والعالم يمدّ عيونه القمة الإسلامية وحل الدولتين إيران وتحديات مواجهة «أقصى الضغوط» مع قدوم ترمب إعادة سياسة «الحد الأقصى من الضغوط» ًربما تعيد القيادة الإيرانية إلى موقفها المتشدد أيضا

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky