issue16785
يصل الموهوب الكاريزمي إلى موقع القيادة وكأنه مخلوق له. وفجأة يبتلع الأضواء ويطغى على الفريق. يخفض سقف الأمـل في المؤسسة إلـى درجـة الاختناق، ويصيبها بالتحدب تحت ثقل طموحاته الشخصية وذاته المتضخمة على أكتافها. وتـتـحـول المـؤسـسـة إلـــى «عــــرض أحـــــادي». وتـخـلـق مــا يُــعــرَف بـــ«الــظــل الــكــاريــزمــي»؛ حـيـث يـخـيـم ظــل الــقــائــد عـلـى الـفـريـق، ويخفي إنجازات أفراده، ويحبطهم عن المشاركة الفعالة. مــن الـسـهـل عـنـد تـلـك المـرحـلـة أن ننعت هـــذه الشخصية بالنرجسية. لكن المـهـم أن نتذكر أن الـتـامـز بالتشخيصات ليس الهدف، بل السعي إلى وضع أصبعنا على مكمن المشكلة. وهي ليست الكاريزما. والـــدلـــيـــل هـــو نــمــط الـــقـــيـــادة المــقــابــل تــمــامــا لــهــذا الـنـمـط. قائد موهوب، ومتواضع، ولا يحب الظهور، وأبعد ما يكون عـن الـكـاريـزمـا. لكن لـو دقـقـت، ستجد أنــه لا يحيط نفسه إلا بالمواهب المتوسطة التي يضمن انتساب صعودها إليه، كما يضمن القدرة على محو هذا الصعود إن أراد. ما مشكلة هذا القائد إذن؟ هنا ربما نحتاج فعلً إلـى العيادة النفسية. لأن المشكلة أخفى وأصـعـب فـي التشخيص، لكنها لا تقل ضـرراً. «النرجسية المموهة» عبارة انتقلت من التحليل النفسي إلى الاستخدام الإداري في العقود الأخيرة. هذا النوع من القادة، النرجسي المـمـوّه، ورغــم مـا يظهر على السطح مـن تواضعه، لا يـقـل ضــــرراً عـــن الـنـرجـسـي الــكــاريــزمــي. كـــا الــنــوعــن يـؤثـر سلبا على حظوظ الفريق. ظل الكاريزما يخلق ثقافة لا تبرز سوى الواحد الظاهر، والنرجسية المموهة تخلق ثقافة تدين بحضورها للواحد المختفي. وآية ذلك أن كليهما، على التضاد الــظــاهــر، يـنـشـر ثـقـافـة المــديــح والــثــنــاء عـلـى الــقــائــد. وفـــي كل النوعي تكون الضحية المواهب المميزة التي تصنع الفارق بي الجيد والممتاز. كل الفارق أن النرجسية الكاريزمية تطمس، والــنــرجــســيــة المــمــوهــة تـغـرقـنـا بـالـكـثـيـر والــكــثــيــر مـــن الـجـيـد المحدود. تعبر النرجسية، بكل تجلياتها، عن شعور عميق بعدم الأمـــان، وعـجـز عـن رؤيـــة الجمال خـــارج حـــدود المـــرآة، وهــو ما يظهر إداريــا في رغبة القائد بالإمساك بنفسه بكل الخيوط. وهذه تركيبة تنسف ركيزة النجاح الإداري؛ كونه القدرة على تنويع المواهب داخل الفريق بخليط من أصحاب الفكر الخلق والفكر التحليلي والبراعة التنفيذية. هذا التنوع يخلق توازنا مثاليا بي الابتكار، والقدرة على تشخيص العوائق والتعامل معها، وجـــودة التنفيذ. الاعـتـمـاد على الـبـروتـن وحـــده ربما يمنح المؤسسة عضلت ضخمة، لكنها ستعاني في نضارة البشرة، وسقوط الشعر والأظافر، وربما ضعف البصر. شغل ترمب الأنظار على مدار العقد الأخير كله. وهو بل شك ينتمي إلـى القيادة الكاريزمية. وفـي صعوده السياسي الأول أمـر فنيي الإضـــاءة بـأن يحيطوه وحـده بـدائـرة الضوء، أينما تحرك على المسرح. خاض المعارك بنفسه، ناقش الإعلم في كل مجال بنفسه، خبت الشخصيات من حوله، فل نتذكر منهم أحداً، وانزوى أصحاب الطموحات بأنفسهم بعيداً عنه، حتى محبوه اكتفوا بالمشاهدة والتصفيق والتشجيع. وفي النهاية وجد نفسه وحيداً. لـكـنـنـي أعــتــقــد أنــــه تــعــلّــم مـــن تـجـربـتـه تــلــك، وأجـــــرى في سنوات ابتعاده عن البيت الأبيض مراجعة ذاتية، وتعلّم درسا أساسيا، وعـاد بسلوك أكثر نضجا. سـواء أكنت كاريزميا أو تفضّل العمل في الخفاء، فالقائد القوي يحرص على إحاطة نفسه بـالأقـويـاء المـوهـوبـن، ولا يخشى مشاركتهم الأضـــواء بوهجهم الذاتي. وجود أقوياء لم يصنعهم إلى جواره يضيف إليه، ويصب في صالح قيادته، ويشهد لها. ويكسب الفريق طعوما متنوعة تجذب شرائح متعددة. إيلون ماسك، عنوان الابتكار، ينضم إليه، وجو روغان، نجم الإعلم الحديث، يعلن دعمه له. روبـرت كينيدي جونيور وتولسي غابارد، ينتقلن من ضفة الديمقراطيي إلى ضفته. حتى النائب الذي اختاره لنفسه، جـي دي فـانـس، ورغـــم كـونـه جـمـهـوريـا، فـإنـه كــان من معارضي ترمب داخل الحزب. وهو نفسه شخصية مشهورة أنتجت «نتفليكس» فيلما روائيا عن سيرته الذاتية. بالنسبة لي، بدا ترمب في هذه اللوحة الزاهية أقوى وأكثر ثقة مما كان في اللوحة الباهتة. ما نتعلمه من تجربة ترمب، بعيداً عن الإعجاب أو النقد، أن القيادة في السياسة أو البزنس تعتمد على الموهبة، لكنها تحتاج أيضا إلى روافد تثريها. هي خليط من فنٍ وعلم. كلما انتقلت مـن مجال إلــى مجال هناك جديد لتتعلمه. قـد تكون مديراً ناجحا في شركة تملكها، فإن انتقلت إلى العمل العام احتجت إلى أن تضيف إلى مهاراتك مهارات أخرى تتكيف بها مـع الـوضـع الـجـديـد. قـد تـكـون ناجحا فـي مؤسسة مضمونة التمويل، لكن في مؤسسة تنافسية الموضوع مختلف. الصراع يـــعـــرض الـــقـــائـــد الإداري لــتــحــديــات، ويــكــســبــه أيـــضـــا دروســــا وخبرات. ربما تكون تلك التحديات غائبة عن مجالات كثيرة فــي منطقتنا بسبب المــركــزيــة، لكننا نستطيع عـلـى الأقـــل أن نتابع ونتعلم. انـــتـــهـــى الاســـتـــحـــقـــاق الأمـــيـــركـــي الــــــذي انـــتـــظـــره الــعــالــم بسلسة، فـي تأكيد جديد على أن الديمقراطية بخير رغم الــشــوائــب والأمــــــراض الــتــي تـنـخـر جــســدهــا. المــهــم أن يحكم دونــالــد تـرمـب بـوسـط الـيـمـن دون اســتــفــزاز، وبـخـاصـة أنـه بـــات ممسكا بالسلطتي التنفيذية والـتـشـريـعـيـة والــقــوات الـعـسـكـريـة والــقــضــاء كـــون غـالـبـيـة أعـــضـــاء المـحـكـمـة العليا محافظي. لـــبـــنـــانـــيـــا، مــــــاذا بـــعـــد الانـــتـــخـــابـــات الـــتـــي عــــــوّل عـلـيـهـا اللبنانيون بوصفها المنقذ من مآسيهم المزمنة كما في كل مـرة منذ خمسي سنة، عمر الحروب في لبنان؟ فـوز ترمب شفى غليل غالبية اللبنانيي كون إدارة جو بايدن لم تثمر أكثر من وساطات ومبعوثي ووعود مخيبة، مظهرةً عجزها عن إلزام إسرائيل بأي مبادرة أميركية أو غيرها. رغم ثوابت السياسة الخارجية الأميركية، ثمة مساحة لـفـروقـات بـن إدارة ديمقراطية وأخـــرى جمهورية برئاسة ترمب، ستؤثر على مسار الأحــداث وتنقل الحراك الأميركي بالمنطقة مـن مزيج الـقـوة الناعمة - الخشنة التي اعتمدها بـايـدن وبخاصة تـجـاه إيـــران، إلــى دبلوماسية أكـثـر تشدداً تــجــاه طــهــران وبـقـيـة الـــنـــزاعـــات، دون الـــقـــدرة عـلـى تــوقــع ما سيقدم عليه ترمب بشأن حربي غزة ولبنان ومستقبل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي والـعـاقـات العربية - الأميركية، وبخاصة دول الخليج العربي. مــهــمــا كـــانـــت وجـــهـــة الــــريــــاح، سـيـبـقـى لــبــنــان فـــي عي العاصفة: هجمة نحو السلم والأمن الإقليمي أو جنوح لمزيد من العنف ومراوحة للنزاع الإسرائيلي - الإيراني بالواسطة أو مباشرة بغطاء أميركي لم يتوفر إبان ولاية بايدن. يعيش لبنان أســـوأ مرحلة منذ تحوّله لساحة حـرب. خواء المؤسسات الدستورية، ضياع وغياب القيادات والقوى السياسية، حــرب على الجنوب والـبـقـاع قضت على البشر ودمـر الحجر مع تداعيات اجتماعية ونفسية مباشرة على أكثر من ثلث اللبنانيي وغير مباشرة على بقيتهم. لا المـــوت ولا الـدمـار ولا المخاطر الـوجـوديـة المحدقة بالكيان ولا إشهار «حزب الله» عن حقيقة دوره مستخدما اللبنانيي وقوداً، ولا الضحايا الأموات والأحياء وعددهم فوق المليون نازح، لم يحركوا المسؤولي أو القيادات، ولم يغيروا حرفا واحــداً من خطاب وأداء الحزب الــذي أظهر لا مـبـالاة بمصالح بيئته وبمصلحة لبنان واللبنانيي مهما كانت النتائج مروعة. إنه منفصل حتى عن بيئته الـحـاضـنـة، أخـذهـا رهينة ومـتـراسـا فـي حـروبـه العبثية والانتحارية. علمة الاستفهام الرئيسية تطال موقف الرئيس نبيه بـري، قطب الثنائي الشيعي ورئيس البرلمان، إزاء الأحـداث ومـا يواجه طائفته من مخاطر محدقة ومصير مئات آلاف النازحي من الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. المتوقع من بري، وهو قادر على الكثير، يبقى رهن ضميره. وإذا سلمنا جدلاً أنه عاجز إما جراء التهديد أو تماهيه مع سياسة الحزب وانتظاره إعادة تعويمه، ماذا بشأن القيادات اللبنانية الأخــــرى؟ هــل مـوقـف بـــري يعطل دوراً مــا لرئيس الـحـكـومـة نجيب مـيـقـاتـي؟ هــل مـوقـف بـــري وتــــردد ميقاتي يمنعان القيادات القيام بالحد الأدنى المطلوب، سواءً كانوا ممثلي الأمـة الغائبي أو رؤسـاء الأحــزاب والمعنيي بالشأن السياسي والوطني؟ هل ينتظرون موت لبنان دون محاولة إنقاذه؟ إذا كان سبب انكفائهم انتظار نتائج الحرب أو أدوار الخارج، فواشنطن ستنشغل لأشهر مقبلة بتسليم السلطة وتـعـيـن إدارة جـــديـــدة، وأقـــصـــى مـــا تـــريـــده راهـــنـــا انـتـخـاب رئيس للجمهورية لإدارة الأزمة، علما بأن الحفاظ على دور الجيش اللبناني يفوق عندها أهمية انتخابات الرئاسة، ولعلها محقة. فرنسا أعـجـز مـن فــرض تـسـويـات، وجـــلّ ما تستطيعه هو مبادرات كمؤتمر باريس. العرب ميالون لترك اللبنانيي يحلون مشاكلهم دون تدخل، في موقف يعبر عن الخيبة واليأس من أحواله: مسؤولون وسياسيون يدورون في حلقة مفرغة بانتظار الـخـارج، وتكاذب متبادل داخليا ومع الدول الصديقة بشأن تفسير القرارات الدولية وموقف ملتبس من سلح «حزب الله» ومستقبله. كـل المسالك مغلقة! فلماذا لا تسعى الـقـوى المناهضة لـــلـــحـــزب لإعـــــــادة فـــتـــح الـــطـــريـــق إلـــــى الـــعـــالـــم الـــعـــربـــي، بــــدءاً بالاعتراف بالخطأ بحق هذه الـدول وإعـان مراجعة كاملة لسياسة لبنان منذ الهيمنة السورية حتى الإيرانية، وعزمه التحرر من السلح غير الشرعي والميليشيات التي جعلته منصة لحملت ضد دول الخليج ومرتعا لتهريب المخدرات عسى أن يكون لقاء ثلثة من رؤساء الجمهورية والحكومة السابقي باكورة الحراك المطلوب؟ عـــودة لـبـنـان إلـــى الــعــرب قـبـل عـــودة الــعــرب إلـــى لبنان ومستقبل لبنان من مستقبل أشقائه الـعـرب، يذهبون إلى السلم يذهب معهم أو إلى الحرب فيكون بينهم. أما التستر وراء مخاطر حرب أهلية جـراء هذه المراجعة فلم يعد يقنع أحـــــداً. الـلـبـنـانـيـون بــحــاجــة لـلـعـيـش الــكــريــم والــــخــــروج من تسويات حروب تولد حروبا. المطلوب هجمة لبنانية على عرب الاعتدال حاملة رؤية واضحة عناوينها: - انتخاب رئـيـس للجمهورية يـحـوز نسبة كبيرة من التوافق الوطني وتكليف رئيس سياسي للحكومة. - يـكـون كلهما مـتـوازنـا غير فـاسـد ماليا وسياسيا، ويستطيعان قــــراءة الـواقـعـن الإقـلـيـمـي والــدولـــي ويــقــدّران مصلحة لبنان وفق ميزان دقيق. - يتعهد الرئيسان المباشرة بتطبيق القرارات الدولية بـبـنـودهـا الــتــي تـقـضـي عـلـى ازدواجــــيــــة الـسـلـطـة والــســاح الهجينة. عندها تعود الدولة، فتعيد لبنان إلى العرب والعرب إليه. بــمــجــرد ظـــهـــور نــتــائــج الانــتــخــابــات الأمـيـركـيـة وفـــوز دونــالــد تـرمـب واكتساح الجمهوريي لمجلسي الـشـيـوخ والـنـواب، اتــجــهــت الـتـحـلـيـات الـسـيـاسـيـة لمـحـاولـة قــــراءة وتــوقــع سـيـاسـة تـرمـب الـخـارجـيـة، وانعكاساتها على المـنـاطـق المختلفة من الـعـالـم. رغــم أن هـنـاك قـــدراً مـن الضبابية فـيـمـا سـيـفـعـلـه الـــرجـــل بــالــعــالــم، فــإنــه من المؤكد أن شعار «أميركا أولاً» الذي يرفعه سيدفعه لمراجعة موقف الولايات المتحدة وتـــعـــامـــاتـــهـــا مــــع الـــجـــمـــيـــع، بـــمـــا يـجـعـل الــحــلــفــاء والـــخـــصـــوم فـــي حــالــة مـــن الـقـلـق الشديد. كــــذلــــك يـــعـــتـــقـــد كـــثـــيـــر مـــــن المــــراقــــبــــن والمــــتــــابــــعــــن لـــلـــســـيـــاســـة الأمــــيــــركــــيــــة أنــــه سيسير فــي الـنـهـج الـجـمـهـوري المــعــروف نفسه، الــذي يركز على الـداخـل الأميركي، ويـقـلـل مــن تـــورط واشـنـطـن فــي الـنـزاعـات الـخـارجـيـة بـشـكـل مــبــاشــر، ويـــحـــاول دفـع الحلفاء في كل منطقة للعب دور أكبر في هذه النزاعات. كما أنـه، وكما هو متوقع، سيركز على أولوية المصالح الاقتصادية الأميركية في العلقات الخارجية أكثر من مــواقــف الــــدول والــحــكــومــات مــن شــعــارات الـــتـــحـــول الــــديــــمــــقــــراطــــي، ووضـــــــع حــقــوق الإنسان، والحريات العامة. تثير سـيـاسـة تـرمـب المـتـوقـعـة حيال الـقـضـايـا والــنــزاعــات المـتـعـددة فــي العالم قلق حلفائه الغربيي في حلف «الناتو»، بجانب حلفائه الآخـريـن. فمن المتوقع أن يمارس ضغوطا على حلفائه الأوروبيي ليلعبوا أدواراً أكبر في النزاعات العالمية، ويــزيــدوا مـن إنفاقهم العسكري ليرفعوا الضغوط عن ميزانية «الدفاع الأميركية». كـــمـــا أنـــــه ســيــجــعــل مـــصـــالـــح أمـــيـــركـــا فـي تـــحـــقـــيـــق نـــــــوع مــــــن الاســــــتــــــقــــــرار يـــســـاعـــد الاقــتــصــاد الأمــيــركــي عـلـى الـنـمـو، أولـويـة على كل التزاماتها الأخرى. لهذا يبدو أنه سيتجه لتحقيق ما وعـد به بالعمل على إنهاء الحروب والنزاعات، لكن وفقا للرؤية الأميركية. فهو غالبا سيتجه لإنهاء حرب أوكرانيا عبر صفقة مع الرئيس الروسي فلديمير بوتي، وسيضغط على رئيس الـــــــوزراء الإســـرائـــيـــلـــي بـنـيـامـن نـتـنـيـاهـو لإنـهـاء الـحـرب على غــزة ولـبـنـان، لكن من دون الاتــــجــــاه نــحــو حـــل الـــدولـــتـــن، الـــذي لا يـــبـــدو أنــــه مـتـحـمـس لــــه. ومـــعـــروف عن الجمهوريي أيضا أنهم لن يعولوا كثيراً عـــلـــى مــنــظــومــة الأمــــــم المـــتـــحـــدة ومـجـلــس الأمن، وسيفضلون تنفيذ ما يقررونه عبر إقـامـة تحالفات خــارج المنظومة الدولية، مثلما فعلوا في حرب الخليج. فيما يتعلق بالسودان، فهو بالتأكيد ليس على جـدول الأولـويـات في السياسة الخارجية في عهد ترمب، فهناك مناطق أكثر أهمية وأكثر التهابا وأكثر تأثيراً في الاقتصاد العالمي. لهذا لـن يكون الوضع الداخلي في السودان، والصراع العسكري - المـــدنـــي حـــول الــتــحــول الــديــمــقــراطــي، أو الأوضاع الإنسانية، هي المداخل للسياسة الأميركية تـجـاه الــســودان. ربـمـا ينظر له تــرمــب مــن خـــال ازديـــــاد الــنــفــوذ الــروســي فــــي المــنــطــقــة المـــمـــتـــدة مــــن الـــبـــحـــر الأحـــمـــر لــلــســاحــل الأفـــريـــقـــي، مـــقـــرونـــا بـمـحـاولـتـه الـضـغـط عـلـى إيـــــران، إلـــى جــانــب مـقـاومـة النفوذ الاقتصادي الصيني في أفريقيا. كذلك فــإن سياسته المتوقعة تحت شعار «مــحــاربــة الإرهـــــاب» قــد تــكــون واحــــدة من محددات سياسته تجاه السودان، بجانب تشجيع دول المنطقة لتطبيع علقاتها مع إسرائيل. لهذا، فإن موقف السياسة الأميركية مـــــن الأوضـــــــــــاع فـــــي الـــــــســـــــودان ســيــتــأخــر قـلـيـاً لـحـن الانــتــهــاء مــن رســـم السياسة الـــخــارجـــيـــة ومـــحـــدداتـــهـــا الأســـاســـيـــة، ولا يــتــوقــع أن يــكــون هــنــاك مــبــعــوث أمـيـركـي لـلـسـودان فـي عهد تـرمـب يخلف المبعوث الـحـالـي تـــوم بـيـريـلـلـو، وقـــد يـتـم الاكـتـفـاء بــــــوجــــــود ســـفـــيـــر أمــــيــــركــــي بـــصـــاحـــيـــات المـــبـــعـــوث. ومــــن المـــؤكـــد أيـــضـــا أن الاتـــجـــاه نــحــو تـحـجـيـم الـــــدور الأمـــيـــركـــي سيتبعه تقليص المساعدات الإنسانية للمتضررين مــــن الــــحــــرب فــــي الــــــســــــودان، والـــطـــلـــب مـن الـحـلـفـاء الـدولـيـن والإقـلـيـمـيـن لـعـب دور أكـــبـــر وزيـــــــــادة مـــســـاعـــداتـــهـــم الإنـــســـانـــيـــة. ومــن المتوقع أيضا محاولة الـعـودة لمنبر جـــدة مـــرة أخــــرى بـعـد مـمـارسـة الـضـغـوط على الطرفي، وإعـطـاء دور أكبر للمملكة العربية السعودية ومصر. وبـــحـــســـابـــات الــــقــــرب والـــبـــعـــد، فـــإن الـــطـــرفـــن المـــتـــحـــاربـــن فــــي الـــــســـــودان لا يــتــمــتــعــان فــــي الــــوقــــت الـــحـــالـــي بــعــاقــة جـيـدة مـع واشـنـطـن، فهناك تـوجـس من اتجاهات تحالف الجيش والمجموعات السياسية الإسـامـيـة مـن ناحية، وعـدم رغـبـة فـي تبني «قـــوات الـدعـم الـسـريـع»؛ بسبب عدم وضوح تحالفاتها، وسجلها الـــدمـــوي فــي الانــتــهــاكــات ضــد المـدنـيـن. لـكـن الــطــرف الـحـكـومـي يـمـلـك مــا يقدمه لـــواشـــنـــطـــن أكـــثـــر مـــمـــا يــمــكــن أن تـقـدمـه «قوات الدعم السريع»، لهذا فإن التغيرات فـي السياسة الأمـيـركـيـة تـجـاه الـسـودان قد تميل لصالح الحكومة الحالية، عبر تخفيف الضغوط عليها، التي فرضتها الإدارة الـــديـــمـــقـــراطـــيـــة عـــقـــب الانــــقــــاب أكـــتـــوبـــر 25 الـــعـــســـكـــري الـــــــذي وقـــــع فــــي . ولن يكون مطلوبا 2021 ) (تشرين الأول منها تنفيذ وعـود التحول الديمقراطي وتحسي أوضــاع حقوق الإنـسـان، بقدر الابتعاد عن النفوذ الروسي والإيراني، والقبول بالمضي فـي إجـــراءات التطبيع مـــــع إســـــرائـــــيـــــل الــــتــــي بـــــدأهـــــا الــــبــــرهــــان وعطلتها الحكومة المدنية، ثم الابتعاد بخطوات ما عن التحالف مع الإسلميي طمأنةً للحلفاء الإقليميي، إن استطاع الجنرال البرهان فعل ذلك. OPINION الرأي 12 Issue 16785 - العدد Monday - 2024/11/11 الاثنين عودة لبنان إلى العرب قبل عودتهم إليه الإغواء الأخير لترمب ماذا يتوقع السودانيون من ترمب؟ وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com
[email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني:
[email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني:
[email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email:
[email protected] srmg.com فيصل محمد صالح سام منسى خالد البري
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky