كان شعار حملة املرشحة الديمقراطية كاماال هاريس: «اقلبوا الصفحة» على ترمب. ليلة االنتخاب قلب الناخبون األميركيون الصفحة، ولكن على هاريس والحزب الديمقراطي، في انتخابات، أقل ما يقال فيها إنها تاريخية، يمكن أن تجري تحوال يغير أميركا والعالم كما نعرفهما، خصوصًا إذا فاز الجمهوريون بالسيطرة على الكونغرس بمجلسيه: الشيوخ، هـذا تــمَّ، ومجلس الـنـواب الــذي مـا زالــت نتائجه غير نهائية حتى كتابة هذه السطور. هناك أسباب كثيرة لهزيمة الديمقراطيني، وخصوصًا أن الـهـزيـمـة ال تعكسها االسـتـفـتـاءات الـتـي كـانـت تشير إلـى تقارب كبير بني املرشحني، مع توقعات في آخر أيـام الحملة أن تفوز هاريس. السبب األول هو شعار أطلقه الديمقراطيون أنفسهم منذ أكثر من ربـع قـرن عندما هزموا الرئيس جورج بـوش األب، يـقـول: «إنــه االقتصاد يـا غـبـي». مـع أن املـؤشـرات االقـــتـــصـــاديـــة كـــانـــت جـــيـــدة فــــي أســـــــواق املـــــــال، وعـــلـــى الـــــورق كـــان الــنــاخــب األمــيــركــي يـتـذمـر مــن غـــاء األســـعـــار، وأظــهــرت االستفتاءات أن االقتصاد كان القضية األولـى في اهتمامات الـنـاخـبـ . ومــع ذلــك أصـــرت حملة الديمقراطيني على جعل االنتخابات استفتاء على الرئيس ترمب وشخصه ووصفه بأقسى الوصف من ديكتاتور إلـى فاشي، كما قالت هاريس نفسها، والـتـركـيـز على خـطـره الــوجــودي على الديمقراطية األميركية، كما ركـــزوا على اإلجـهـاض وحــق املـــرأة فـي تقرير ما يخص جسدها. بالرغم من أهمية هاتني املسألتني أظهرت النتائج أنهما ليستا بأهمية لقمة العيش واألمان لألميركي العادي. وهذا أدَّى إلى اتهام الحزب الديمقراطي باللمباالة بالطبقة العاملة، وتحوله إلـى حـزب النخبة الــذي يعتقد أن هــولــيــوود ونـجـومـهـا يمكنهم أن يـقـنـعـوا األمــيــركــي الفقير بالتصويت لـهـم، بـــدال مــن سـيـاسـات تـمـس حـيـاتـه اليومية. الجمهوريون وترمب فهموا ذلـك، وركــزوا على هموم الناس من أسعار املواد الغذائية إلى األمن والخوف من تدفق الهجرة غير الشرعية، التي أدَّت إلـى حــدود مفتوحة في عهد بايدن وأدخــــلــــت مـــئـــات اآلالف مـــن املــهــاجــريــن غــيــر الــشــرعــيــ إلــى أمـيـركـا. الـغـريـب أن الـحـزب الجمهوري أصـبـح حـــزب الطبقة العاملة، وعكست نتائج االنتخابات هذا التحول. السيناتور بيرني ساندرز املستقل من والية فيرمونت وجّه انتقادًا الذعًا للحزب الديمقراطي بعد الهزيمة، وقـال: «يجب أال يتفاجأوا بالنتيجة، لـقـد أداروا ظـهـرهـم للطبقة الـعـامـلـة مــن الـسـود، والذين من أصول أميركية التينية». وقال إن الشعب األميركي غاضب ويريد التغيير، وهناك عـدم مـسـاواة في الـثـروة غير مسبوقة، بينما املستشارون ذوو األجور الباهظة واملصالح املــالــيــة الــكــبــرى يــســيــطــرون عــلــى الـــحـــزب الــديــمــقــراطــي، فهل يتعلمون درسًا من هذه الحملة الكارثية؟ الواقع أنه على حق. فاملرشحة هاريس ظهرت في مقابلة انتخابية ترتدي عقدًا من ألف دوالر، ما يشير 62 الذهب من محل تيفني الشهير، بقيمة إلى انفصالها عن واقع من تمثلهم وواقع أميركا. الـسـبـب الـثـانـي هــو مـوقـف الــحــزب مــن الــصــوت العربي فـــي االنـــتـــخـــابـــات، الـــــذي كـــانـــت هـــاريـــس تـحـتـاجـه لــكــي تـفـوز بــواليــة ميشيغان املـحـوريـة بــ الـــواليـــات املـتـأرجـحـة للفوز بـاالنـتـخـابـات. فـقـد رفـــض الــحــزب أن يعطي الـفـرصـة ملمثلي الجالية العربية من أعضاء الحزب خلل املؤتمر العام الذي عقده إللـقـاء كلمة، ألنهم ال يـريـدون التحدث عما يحدث في غزة. ولم تفتح هاريس بابها ملمثلي الجالية، كما فعل ترمب عندما زار مدينة ديــربــورن ذات األغلبية مـن أصـــول عربية، والتقى بهم. وظهرت إعلنات وضعتها حملة هاريس في وقت متأخر في الحملة تحمل بيانات لها، تقول إنها تدعم وقف إطـاق النار، وإنها ستفعل كل ما في وسعها لتحقيق ذلك، وتحدثت عـن حـق تقرير املصير للشعب الفلسطيني، ولكن في الوقت نفسه وضعت إعلنات موجهة للجالية اليهودية في والية بنسلفانيا تتحدث فيها فقط عن دعمها إلسرائيل، وعــن حقها فـي الــدفــاع عـن نفسها، مـا أعـطـى االنـطـبـاع أنها غير صادقة، وتقول ما قالته لكي تفوز باالنتخابات. كانت النتيجة أن غالبية الـجـالـيـة الـعـربـيـة واملـسـلـمـة صــوّتــت إمـا لـتـرمـب، أو للمرشحة جـيـل سـتـايـن عــن حـــزب الـخـضـر أو لم يصوتوا على اإلطــاق. لقد خسر الحزب الديمقراطي العرب األميركيني الذين قالوا إن الحزب تجاهل املهم وتخلى عنهم، مــع أن غالبيتهم كـانـت تـصـوت للديمقراطيني فــي الـسـابـق، وخسر االنتخابات في ميشيغان وخسر الرئاسة. السبب الثالث هو أن الحزب بعد تنحي الرئيس بايدن عــن الـتـرشـح، لــم يفتح املــجــال ملــن يـرغـب فــي الـتـرشـح، وعمد قـــادتـــه بـشـكـل غــيــر ديــمــقــراطــي إلــــى فــــرض هـــاريـــس مـرشـحـة وحــيــدة لـتـحـل مـكـانـه مــع أنـهـا لــم تـكـن مـعـروفـة جـــدًا للشعب األميركي. كبار قـادة الـحـزب، وبينهم الرئيس بــاراك أوباما، اعـتـقـدوا أن اللحظة التاريخية مـوجـودة النتخاب امـــرأة من أصول أفريقية - هندية رئيسة ألميركا. لكن عندما قال الشعب األميركي كلمته، يـوم الثلثاء، وجدنا أن النساء لم يخرجن باملليني للتصويت لوضع امـــرأة فـي البيت األبـيـض، وإنما في املائة، مثل 53 جاءت نسبة التصويت العادية لهن بحدود االنتخابات السابقة. السبب األخير واألهـم هو أن هناك توجهًا متزايدًا نحو اليمني السياسي في الواليات املتحدة، فَهِم الرئيس ترمب هذا التوجه ومكمنه لـدى املسيحيني املتدينني، فتوجه لهم وزار الــواليــات حيث معقلهم وأغـــدق عليهم الــوعــود االنتخابية. وهذه الشريحة من الناخبني آيديولوجية، وملتزمة، وتصوت بـإيـمـان مَـــن يعتقد أن حياته تعتمد على النتيجة. وحسب مـقـال فـي «نـيـويـورك تايمز» بعنوان «تـرمـب يعد بحقبة من القوة املسيحية»، يقول الكاتب إن وعد ترمب يمكن أن يُحدث تحوال في أميركا، ألنه يعد بدعم املسيحية التي ينادي بها مـــؤيـــدوه مـــن «املـسـيـحـيـ الــجــمــيــلــ »، كــمــا يـصـفـهـم حسب املــقــال، فــي الـحـيـاة األمـيـركـيـة والـحـكـومـة. ويـكـشـف أن ترمب وعد هؤالء بفتح خطوط لهم إلى البيت األبيض «مباشرة إلى املكتب البيضاوي ولي شخصيًا»، وأنه قال للكهنة في والية جورجيا: «يجب أن ننقذ الدين في أميركا». تــــرمــــب فـــهـــم الــــخــــوف لـــــدى األمـــيـــركـــيـــ مــــن ســـيـــاســـات الــديــمــقــراطــيــ الــلــيــبــرالــيــة، خــصــوصــ الــتــغــيــيــر الـجـنـسـي، وخــوف األهـالـي مـن تدخل الـدولـة فـي حياة أطفالهم، حسب سياسات اجتماعية أدخلها الديمقراطيون، بينما بدا الحزب الديمقراطي وكأنه فقد معرفة نبض الشارع األميركي. لحظة إعلن وزارة العدل األميركية، الجمعة املاضي، عــن تـفـاصـيـل مـــؤامـــرة إيــرانــيــة فـاشـلـة الغــتــيــال الـرئـيـس املنتخب دونالد ترمب قبل االنتخابات الرئاسية، كان رد فعلي األوّلي دون تفكير هو: «يا ساتر على التوقيت». نعم، تاريخ اإلعــان قاتل سياسيًا، وخصوصًا مع انتصار ترمب في االنتخابات الرئاسية بأرقام كاسحة، وتــحــت مـظـلـة مــوجــة حـــمـــراء، جـمـهـوريـة، كــسَــت خـارطـة الــــواليــــات املــتــحــدة االنــتــخــابــيــة، حــيــث حــظــي بتفويض تاريخي. وملعرفة ملــاذا التوقيت قاتل، يكفي تأمُّل ما نشرته صحيفة «النيويورك تايمز» باألمس عن موقف املديرين التنفيذيني فــي وادي الـسـيـلـيـكـون، شـمـال كاليفورنيا، وهــي مـركـز عـاملـي للتكنولوجيا العالية واالبــتــكــار، من إعادة انتخاب ترمب. عنونَت الصحيفة القصة بـ«احتج وادي السيليكون ، واآلن يريد العمل معه»، مضيفةً: 2016 على ترمب عام «أثـــار فــوز ترمب األول بالبيت األبـيـض غضب املديرين التنفيذيني واملوظفني بمجال التكنولوجيا... لكن هذا األسبوع كان قادة الصناعة أكثر ودًا» معه. وهــــؤالء الـــقـــادة هــم أصــحــاب الـتـأثـيـر عـلـى الـــرأي الــــعــــام مــــن نـــاحـــيـــة وســــائــــل الــــتــــواصــــل االجـــتـــمـــاعـــي، واإلنترنت عمومًا، واملؤثرين تكنولوجيًا واقتصاديًا، لكنهم الـيـوم يــراعــون مصالحهم، وال يــريــدون تكرار ؛ فترة ترمب األولى. 2016 أخطاء عام يحدث هذا من شركات أميركية مؤثرة، لكنها آثرت اآلن عدم الصدام مع الرئيس املنتخب، فما بالك بالدول الخارجية، وتـحـديـدًا إيـــران التي نفت مـا ورد عـن وزارة العدل األميركية، لكن القصة ليست في النفي، وإنما في التوقيت والرئيس ترمب. التوقيت قاتل؛ ألن ترمب، وحسبما نشرت صحيفة «وول ستريت جــورنــال»، الجمعة املــاضــي، يـنـوي، ومع دخـــولـــه الــبــيــت األبـــيـــض، تـفـعـيـل الــعــقــوبــات والــضــغــوط القصوى على إيران، وكما فعل بفترته الرئاسية األولى. وقــالــت الـصـحـيـفـة إن تــرمــب يـخـطّــط لــذلــك مــن أجـل تحقيق أمرين؛ األول: ضمان عدم تمكّنها ماليًا من إعادة ترميم «حزب الله»، و«حماس»، وباقي أذرعها باملنطقة، واألمــــر اآلخـــر مــن أجـــل دفـــع إيــــران إلـــى مـفـاوضـات جـــادّة للتخلّي عن مشروعها النووي. وعـــنـــدمـــا يُـــعـــلَـــن اآلن، وقـــبـــل دخــــــول تـــرمـــب املـكـتـب الـــبـــيـــضـــاوي، أن طــــهــــران كـــانـــت تـــخـــطّـــط الغـــتـــيـــالـــه قـبـل االنتخابات الرئاسية، فإن القصة تحوّلت إلى شخصية، ومع رئيس يجاهر بأهمية العلقات واملواقف الشخصية. والتوقيت هنا هو أساس كل شيء، فهل اإلعلن اآلن عـبـارة عـن تـوريـط إدارة بـايـدن لترمب بتصعيد مباشر مع إيــران قبل دخوله البيت األبيض؟ أعتقد ال، في هذه النقطة، وكل أفكار نظرية املؤامرة. أعـــتـــقـــد الـــتـــوقـــيـــت ســـبـــبـــه الـــــجـــــدول الـــزمـــنـــي لـخـطـة االغـتـيـال، التي تنفيها إيـــران، لكنها ليست املــرة األولـى الـــتـــي يــعــلــن فــيــهــا عـــن مــخــطــط إيــــرانــــي لــلــقــيــام بــأعــمــال اغتياالت بالواليات املتحدة، سـواء ضد ترمب، أو غيره من مسؤولني، أو معارضني إيرانيني. وعليه ال يمكن التقليل من خطورة التوقيت إطلقًا، سواء بسبب سوء تقدير مَن خطّط، أو مَن فكّر بهذا األمر؛ ألنــه يـحـدث مـع الـرئـيـس املنتخب تـرمـب بفترته الثانية التي حقّق فيها عودة واكتساحًا مذهلً. والـــســـبـــب اآلخـــــر هـــو أن إســـرائـــيـــل تـــخـــوض حــروبــ شـرسـة ضـد األذرع اإليـرانـيـة باملنطقة، وتسعى حثيثًا إلقـــحـــام الـــواليـــات املــتــحــدة بــهــا، وال يــوجــد هــديــة قيّمة أكثر من خطة االغتيال هذه لرئيس الــوزراء اإلسرائيلي بنيامني نتنياهو. فـــي الـخـطـبـة األخـــيـــرة الــتــي بُــثّــت للشيخ نعيم قـاسـم، أمــ عــام «حـزب الـــــلـــــه» الــــجــــديــــد، كـــمـــا فـــــي تــعــلــيــقــات املـــمـــانـــعـــ عـــلـــى الـــكـــارثـــة املـــتـــمـــاديـــة، هـنـاك شـعـور بـالـوحـدة يثير الشفقة، لكنّه يثير املــخــاوف أيـضـ. والـوحـدة املـقـصـودة ليست الـعـزلـة فـحـسـب، بل الــكــام الـــذي ال يعبأ بـشـيء آخـــر ممّا يجري حولنا، وفوقنا وتحتنا كذلك. فــهــنــاك فــحــســب رشـــقـــات صـــاروخـــيّـــة تُــقــصــف بــهــا إســـرائـــيـــل، واســـتـــهـــداف تــجــمّــع لــلــعــدو أو لـــدبّـــابـــة أو جـــرّافـــة، وهناك إنزال إسرائيليّني إلى امللجئ، وطبعًا هناك «املـيـدان» العجيب الذي هو «بيننا وبينهم» منذ تفوّه األمني الـعـام الـراحـل السيّد حسن نصر الله بــــذاك الـتـعـبـيـر. والـــكـــام هــــذا ال يـقـال لــنــفــي كـــــل فـــعّـــالـــيّـــة عــــن ذاك الــنــشــاط الـــعـــســـكـــريّ، بــــل بـــهـــدف قـــيـــاســـه عـلـى الــــتــــحــــدّيــــات الــــكــــبــــرى كـــمـــا تــطــرحــهــا الــتــرتــيــبــات األمـــنـــيّـــة الـــتـــي يـــرجّـــح أن تُـــــفـــــرض عــــلــــى لــــبــــنــــان بــــعــــدمــــا بـــاتـــت مـنـاطـقـه الـــحـــدوديّـــة أرضــــ مــحــروقــة. وألن الـــعـــبـــارات املــمــانِــعــة الـخـمـس أو الست ال تعبأ إال بنفسها، فيما يحول ميلها إلى التهليل واالحتفال بالذات دون املقارنات والقياسات، صار الذين يكترثون بها قلّة تتناقص عددًا يومًا بـعـد يــــوم، بـيـنـمـا يـعـالـجـهـا اآلخــــرون بالنعاس. ففي أحسن أحوالها غدت عبارات كهذه، وعلى نحو متعاظم، ال تغطّي ســـــوى حـــيّـــز ضــئــيــل جــــــدًّا مــــن وجــهــة الــــحــــرب الـــعـــامّـــة ومـــــن لــوحــتــهــا الــتــي يـتـحـكّــم بــهــا فــتــك إســرائــيــلــي ال يفيه وصـــــف الـــتـــوحّـــش حـــقّـــه. فـــإلـــى املـــوت والــــدمــــار الـكـثـيـفـ والــكــثــيــريــن، بما فيهما مــا نـــزل بـــ «حـــزب الــلــه» نفسه، غـــــــدت أســــــاســــــات الـــــوطـــــن الـــلـــبـــنـــانـــي ومـــــرتـــــكـــــزاتـــــه تـــــتـــــعـــــرّض هــــــي ذاتــــهــــا لـلـتـصـدّع وربّـــمـــا لــاقــتــاع. وال يسع اإلسرائيليّني مهما بلغ بهم الـشـر أن يحلموا بـإنـزال أذى يـفـوق هــذا األذى بمَن ينوون إيذاءهم. فــــإذا صــحّــت الـنـظـريّــة الـقـائـلـة إن بنيامني نتنياهو سوف يزداد ضراوة في الشهرين هذين اللذين يفصلننا عن تولّي دونالد ترمب سدّة الرئاسة األميركيّة، جـاز لنا أن نتوقّع فصوال أشد بشاعة من البشاعة الفائقة التي عشنا ونـعـيـش مـنـذ عـــام ونــيّــف، وأن نتوقّع أيضًا ظهور بعض الخلصات السياسيّة الكئيبة التي ستنجر عن ذلك. لـــكـــن الـــــوحـــــدة لـــهـــا أوجــــــه أخــــرى يـــــزيـــــدهـــــا اتّـــــضـــــاحـــــ دخـــــــــول عــنــصــر خـــــارجـــــي كـــاالنـــتـــخـــابـــات الـــرئـــاســـيّـــة األخـــيـــرة فـــي الـــواليـــات املـــتّـــحـــدة. ففي مقابل إجماع عاملي على تأثير ضخم ومؤكّد للحدث املـذكـور، بغض النظر عن الــرأي فيه، اعتبر الشيخ قاسم أن هـذا الحدث ليس حدثًا، وأنّــه تاليًا ال يؤثّر فيه بشيء. وهـذا علمًا بـأن أحد االحتماالت املطروحة للمرحلة املقبلة سيكون ممارسة أقصى الضغط على إيـــران كـي تنكفئ إلــى داخـــل حـدودهـا مـــنـــعـــ الســـتـــهـــدافـــهـــا فـــــي داخــــــــل تـلـك الحدود. ولهذا نلحظ كيف أن السادة اإليـــرانـــيّـــ ال يـمـلـكـون تــــرف الــوحــدة والـا قـرار لـدى تابعيهم. هكذا نراهم يقرنون لغتهم املـألـوفـة عـن «انتصار املقاومة املؤكّد» بتصريحات أضحت أشد تلوّنًا وتفاعل مع ما يجري، وآخر تلك العيّنات تصريح علي الريجاني، مـسـتـشـار املـــرشـــد عـلـي خـامـنـئـي، من أن »إسرائيل تسعى لنقل التوتّر إلى إيران»، وأنّه لهذا السبب ينبغي «عدم االنـــجـــرار إلـــى الــفــخ اإلســرائــيــلــيّ، وأن يكون ردطهران عقلني ًّا». والـــــحـــــال أن الـــــعـــــبـــــارات املـــمـــانِـــعـــة الفقيرة واملـتـكـرّرة التي تقل عـن خمس أو ســـت تـشـبـه الــجــثّــة، ال تـنـبـض فيها ســـــــــوى حـــــجـــــج مــــثــــقــــوبــــة يـــــــــــراد مـــنـــهـــا إقناعنا بــأن الجثّة حيّة تُـــرزق، وأنّــهـا، فــــوق هـــــذا، مـدجّــجـة بـمـنـطـق مـتـمـاسـك يــفــسّــر حــضــورهــا ودورهـــــــا. لــكــن ربّــمــا كــــــان افـــتـــقـــارهـــا الـــفـــعـــلـــي إلــــــى تـشـكـيـل مــــوقــــف وخــــطــــاب إيــــديــــولــــوجــــيّــــ ســـر املـــرور الـسـريـع عليها مـن دون التوقّف ملــســاجــلــتــهــا. ذاك أن املــــونــــولــــوغ، وإن مـهّــد ألنـــواع مـن املناكفة، فـإنّــه ال يمهّد لسجال. فـمـثـاً، مـا إن ذاعـــت الـحـجّــة التي تأخذ على الجيش عجزه عـن حماية الـــســـيـــادة تـبـعـ ملـــا حــصــل فـــي مـديـنـة البترون، حتّى طافت وسائل التواصل االجــــتــــمــــاعــــي بـــالـــســـخـــريـــة والـــتـــهـــكّـــم. فــــمــــردّدو هــــذا املـــأخـــذ لـــم يـسـتـوقـفـهـم انهيار السيادة على مدى الوطن كلّه بسبب قـــرارات «حــزب الـلـه» وسلوكه. أمّــا الحجّة األخــرى من أن إسرائيل ال تحتاج إلـى ذريعة كي تهاجم لبنان، فـــتـــتـــجـــاهـــل أن وجـــــــود «حـــــــزب الـــلـــه» نـفـسـه، بـسـاحـه وإعـــانـــه الــرغــبــة في إفناء إسرائيل، هو بذاته أم الذرائع؟ وهـــــذا عــلــمــ بـــــأن عــــدم تــقــديــم ذريــعــة فــي املــاضــي أعــفــى لـبـنـان مــن الــتــورّط ، فيما لـم تقم 1973 و 1967 فـي حربي سياسة أســـاف «حـــزب الـلـه» إال على توفير الـذرائـع: يصح هـذا في «اتّفاق الذي قضى عمليًّا 1969 القاهرة» عام ، ثــــــم فـــــي إســـقـــاط 1949 عـــلـــى هــــدنــــة ؟ ثم 1983 أيّـــار 17 «مــؤامــرة» معاهدة مـــاذا لــو طبّقنا هـــذه الـحـجّــة الـخـرقـاء على العراق وقلنا إن إسرائيل سوف تـــضـــربـــه بـــغـــض الـــنـــظـــر عــــن الــــذرائــــع، وهــــــــذا فـــيـــمـــا تـــــحـــــاول عـــبـــثـــ أطـــــــراف عــراقــيّــة وعــربــيّــة ودولـــيّـــة نـــزع ذريـعـة الـــصـــواريـــخ الــتــي تطلقها «الـفـصـائـل الـــــجـــــهـــــاديّـــــة»؟!والـــــحـــــق أن مـــــا نـــــراه ونسمعه اليوم، وما ذُكر أعله بعض عيّناته، هو من صنف الهلوسات التي قـد تتسبّب بها الـوحـدة، وبالهلوسة ال يُقاد بلد، أي بلد، وال يُقرَّر مصيره. OPINION الرأي 12 Issue 16784 - العدد Sunday - 2024/11/10 األحد إيران ــ ترمب... لماذا اآلن؟ أميركا... الصفحة قُلبت الممانعة اللبنانيّة في وحدتها وكيل التوزيع وكيل االشتراكات الوكيل اإلعالني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] املركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 املركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى اإلمارات: شركة االمارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 املدينة املنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب األولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية املوجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها املسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة ملحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي باملعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com حازم صاغيّة طارق الحميد آمال مدللي
RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==