بـشـكـل عـــــام، يـمـكـن الـــقـــول إن االنـــتـــخـــابـــات يحسمها االقـــتـــصـــاد ال الــســيــاســة الــخــارجــيــة، عــلــى األقــــل فـــي معظم األحيان. وهذا بالضبط ما حدث في االنتخابات األميركية وقلَب املوازين ملصلحة دونالد ترمب، وهذه ليست أول مرة يكون فيها االقتصاد عامال رئيسيًا في الهزيمة والفوز. أما السؤال الرئيسي الذي يدور في أذهان الناس فهو بالطبع: ماذا ستعني رئاسة ترمب الثانية ألميركا وللعالم؟ قبل الــدخــول فـي الـتـوقـعـات بـشـأن رئـاسـتـه، الـتـي أرى أنها ستكون مختلفة، يمكن تلخيص العوامل التي حققت له هذا الفوز املذهل، الذي جعله يعود من ركام رئاسته األولى ليصبح ثاني رئيس في تاريخ الـواليـات املتحدة يفلح في عناوين هي: 4 الفوز بالرئاسة لفترتني غير متتاليتني، في بـايـدن، واالقـتـصـاد، والهجرة، وكماال هـاريـس، لكن أهمها دون جدال هو «العامل االقتصادي». املفارقة أن أداء االقتصاد األميركي من حيث معدالت الـنـمـو والـتـوظـيـف لــم يـكـن سـيـئـ ، لـكـن «الـتـضـخـم وإحـبـاط الناس من الغالء» كان العامل الحاسم في النتيجة. ترمب بـحـسّــه الـشـعـبـوي لـعـب أوراقـــــه جــيــدًا، فـركـز عـلـى هـاجـسَــي التضخم والهجرة، واعـدًا الناخبني بأنه سيهزم التضخم، وسيواجه مشكلة الهجرة غير الشرعية بحزم، وسينفذ أكبر عملية لترحيل املهاجرين. هـذه الـوعـود وجــدت صـداهـا بـ الناخبني الغاضبني على إدارة بـايـدن، لكن مسؤولية الرئيس املـغـادر عن فشل الديمقراطيني انتخابيًا ال تتوقف عند هذا الحد... فتشبثه بـــالـــرئـــاســـة وتــــأخــــره فـــي ســحــب تـــرشـــحـــه، وســــط الــتــقــاريــر املـتـكـررة بـشـأن عـجـزه عـن االسـتـمـرار فـي الـحـكـم، وهفواته املـتـكـررة، وتلك اللحظات الحاسمة التي تجمد فيها وبـدا تائهًا ومنفصال عمّا يدور حوله... كل ذلك كان له دور كبير فـي خـسـارة حـزبـه. لقد أخــل بـايـدن بـوعـده أن يكون رئيسًا لـفـتـرة واحـــــدة، فــدفــع الـديـمـقـراطـيـون الــثــمــن. لـــو أنـــه الـتـزم بوعده، لكان املجال مفتوحًا في وقت مبكر أمام املتنافسني الديمقراطيني، ولربما أتاح لهم ذلك الفرصة الختيار مرشح أفـضـل. كـمـاال هـاريـس كـانـت فـاقـدة الشعبية، ومــجــردة من ميزة الشخصية االستقطابية. أضــف إلــى ذلــك أن الناخب كان يراها جزءًا من فشل اإلدارة في مجال االقتصاد. هناك بالطبع من يرى أنها خسرت ألن أميركا ليست مستعدة بعد النتخاب امرأة للرئاسة، لكن الحقيقة أن «النوع» أو «اللون» لم يكونا العاملني الحاسمني، على الرغم من أنـه قد يكون هناك قطاع من الناخبني حرّكته مشاعر التحيز هذه. تـرمـب بعد فـــوزه أمـامـه طـريـقـان: إمــا يختار أن يكون انتقاميًا ويــكــرس وقـتـه لتصفية الـحـسـابـات مــع خصومه ويــبــقــى مــثــيــرًا لــلــجــدل واالنـــقـــســـامـــات، وإمـــــا يـــكـــون رئـيـسـ مختلفًا عن نسخته السابقة ويفاجئ الـنـاس. تقديري أنه سيعمل جاهدًا لتغيير صورته، ومحاولة ترك إرث يمحو به شيئًا مما علق به من فضائح وأزمات وقضايا، وهو يملك الـفـرصـة لـذلـك بـعـد فـــوزه الـكـبـيـر، واســتــعــادة الجمهوريني السيطرة على مجلس الـشـيـوخ، واحـتـمـال سيطرتهم على مـجـلـس الـــنـــواب أيــضــ (إذا صــدقــت الــتــوقــعــات الــتــي كـانـت متوفرة لحظة كتابة هذا املقال)، مع وجود أغلبية محافظة أيضًا في املحكمة العليا. خـارجـيـ ، قـــال تـرمـب إنـــه لــن يـكـون مشعل حــــروب؛ بل سيعمل على إنهائها، وهــو مـا سيُسعد الرئيس الروسي فالديمير بوتني، ويقلق أوكرانيا التي خسرت حليفًا قويًا في بايدن، وتعلم أن الرئيس الجديد ونائبه لديهما رؤية وخطة مختلفتان إليجاد تسوية للحرب هناك. أوروبا أيضًا تشعر بالقلق؛ بسبب نظرة ترمب السلبية إلى «االتحاد األوروبــي»، وموقفه السابق من «حلف شمال األطلسي (الـنـاتـو)»، وكالمه عن أن أميركا لن تكون البقرة الحلوب، وأن الـذي يريد حمايتها فيجب أن يدفع نصيبه. أبعد من ذلك، يتخوف كثير من الدول األوروبية من أن فوزه قد يغذي اليمني املتطرف والشعبويني ويعزز فـرص مزيد من أحزابهم في الصعود إلى السلطة. فــي معسكر القلقني أيـضـ الــصــ ، الـتـي تـتـخـوف من تصعيد الحرب االقتصادية األميركية عليها مع ازدياد حدة التنافس على مـوقـع الــصــدارة اقـتـصـاديـ، وارتــفــاع وتيرة السباق العسكري. إيـــــران كــذلــك ضــمــن مـــن يــشــعــرون بـالـقـلـق بـالـنـظـر إلــى سـيـاسـات تـرمـب السابقة تجاهها، ومـوقـفـه املـتـشـدد بشأن ملفها الـــنـــووي، إضــافــة إلـــى الــتــزامــه الــقــوي بــأمــن إسـرائـيـل وعالقته القوية برئيس الوزراء اإلسرائيلي بنيامني نتنياهو. عـربـيـ ، سيحافظ الـرئـيـس الـعـائـد عـلـى عـ قـاتـه التي كوّنها سابقًا، وسيدفع بـشـدة مـشـروع «الصفقة الكبرى» التي لطاملا تحدث عنها. ليس واضحًا ما إذا كانت تحركاته ستحقق سـ مـ عـــادال يـرضـي الفلسطينيني، أم سيمضي فــي سـيـاسـات قــد تعطل مـشـروعـه، مـثـل نقله مـقـر الـسـفـارة األميركية إلى القدس واعترافه بها عاصمة إلسرائيل التي اعـــتـــرف لـهـا أيــضــ بـضـم الـــجـــوالن. أضـــف إلـــى ذلـــك حديثه الخطر خالل االنتخابات عن أن إسرائيل تبدو صغيرة جدًا على الخريطة وتحتاج إلى أن تكون أكبر. في كل األحـوال، يبقى املرجح أن يعمل على وقف الحرب في غزة ولبنان؛ ألنه يدرك أنه من دون ذلك، فلن يستطيع أن يخطو أي خطوة في «صفقته الكبرى». أخيرًا بالنسبة إلـى حـرب الـسـودان، فإنها قد ال تكون في أولويات ترمب، لكنها لن تبقى بعيدة أيضًا عن تفكيره ومـــشـــروعـــه املــــذكــــور، مـــع األخـــــذ فـــي الــحــســبــان أن الـكـثـيـر سيعتمد على التطورات من هنا وحتى تاريخ دخوله البيت األبيض. كان هدف الرئيس األميركي املنتخَب، دونالد ترمب، الرئيسي في فترة واليته األولـى أن يُعاد انتخابه ويحكم سنوات ويخرجون 4 سنوات. الرؤساء الذين يحكمون لـ 8 لـ مهزومني يتعرضون للتشكيك واإلذالل. ولـهـذا السبب، امتنع ترمب عـن االعــتــراف بالهزيمة، وقـــال إن االنـتـخـابـات مــــزورة، لكي يبعد عـن نفسه صـورة الرجل الخاسر املهزوم التي ستشوه صورة «برند» الرجل املنتصر الناجح باني ناطحات السحب، وعاقد الصفقات التي رسمها عن نفسه. وبسبب هـذا الهدف، شهدنا أكبر صـراع سياسي في العصر الحديث بينه وبني خصومه، وأصبحت تلك الفترة مرحلة مضطربة لم تعرف الهدوء. هو يلمع صورته وهم يلطخونها. يـعـدِّد إنـجـازاتـه ويُــذكِّــرون الـنـاس بإخفاقاته. يـمـسـك يـــد زوجـــتـــه ويـعـلـن حـبـه لـهـا ويــنــشــرون فضائحه وخياناته لها. وصفهم بالكاذبني واملـخـادعـ ، ووصفوه بالعنصري والفاشي. الحَقَهم بلسانه السليط والحقوه في املحاكم. ونجحوا في النهاية، بمساعدة من القدر، عندما » الـتـي اقتلعته مـن بيته 19 - هـبَّــت ريـــاح جائحة «كـوفـيـد األبيض. وبعد خروجه سخروا منه واعتبروه رئيسًا فاشال وكابوسًا انتهى من حياتهم. ولـكـن «الــكــابــوس» عــاد مـن جـديـد، وأقـــوى هــذه املــرة؛ فقد فاز بشكل حاسم باألصوات الشعبية وأصوات املجمع االنتخابي. أي أن فـوزه ال يمكن تلطيخه أو التشكيك فيه، كما حدث في املـرة األولــى. ولكن السؤال األهـم: هل تصبح مرحلة ترمب الثانية مثل األولى عاصفة ومضطربة؟ ال أحد يعرف. ولكن من غير املتوقع، ألن الـدافـع الــذي كـان يحرك ترمب؛ باالنتصار من جديد تحقق، وال يوجد شيء جديد 8 يثبته. لقد دخل التاريخ بكونه أول رئيس ال يحكم فقط لـ أعـــوام، ولكنه حقق عــودة تاريخية كانت شبه مستحيلة. إضافة إلى ذلك أن هذه الوالية األخيرة له. الدافع للصراع ليحكم مرة أخرى لن يكون موجودًا. لذة الحكم واالنتصار لن تجد ما يحفزها. ولكن ترمب سيعمل لتكون فترته ناجحة اقتصاديًا بالدرجة األولى ورجل سالم، ألنه سيكون هو صانع النجوم الجديد في الحزب الجمهوري. وهـو عمليًا صانع امللوك، ولــكــن نـجـاحـه فــي األربــــع ســنــوات املـقـبـلـة سـيـعـزز مكانته بشكل كبير، ويصبح أي مـرشـح جـديـد غير قـــادر على أن يجمع أصواتًا إال بعد أن يقبّل يد ترمب ويحظى بمباركته. ترمب أصبح اآلن أقوى شخص في الحزب الجمهوري، وهو الوحيد القادر على تحريك املاليني وإخراجهم للتصويت، وستمر سنوات طويلة حتى يخرج أحد قادر على منافسته أو مزاحمته على هـذه الزعامة. وربما نشهد أيضًا ظهور الساللة الترمبية، كما شهدنا سابقًا البوشية والكلنتونية. لـقـد سـخـر خـصـوم تـرمـب مـنـه كـثـيـرًا، واحـتـفـلـوا بعد أن أخــرجــوه مــن الـبـيـت األبــيــض، وعــــدّوه غلطة وفـلـتـة من فـلـتـات الــزمــن وفــصــ طُــــوِي لــأبــد، ولـكـن عـــاد مــن جـديـد، وليس رئيسًا هذه املرة فقط، ولكنه صانع ملوك ورؤساء، وسيخرج من عباءته في املستقبل ترمبيون جدد يكملون مسيرته ويواصلون إرثه. OPINION الرأي 12 Issue 16782 - العدد Friday - 2024/11/8 اجلمعة ترمب صانع النجوم كيف فاز ترمب... ولماذا ستكون رئاسته الثانية مختلفة؟ وكيل التوزيع وكيل االشتراكات الوكيل اإلعالني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] املركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 املركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى اإلمارات: شركة االمارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 املدينة املنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب األولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية املوجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها املسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة ملحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي باملعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com سيخرج من عباءة ترمب في المستقبل ترمبيون جدد يكملون مسيرته ويواصلون إرثه ممدوح المهيني عربيا سيحافظ ترمب على عالقاته التي كوّنها سابقا وسيدفع بشدة مشروع «الصفقة الكبرى» عثمان ميرغني الجديد الذي يمكن استكشافه! الـطـريـف أن يــصــدّق الــعــرب واملسلمون فـــي مـيـشـيـغـان الــرئــيــس األمــيــركــي املنتخب دونـالـد ترمب عندما يعدهم بوقف الحرب، فيميلون النتخابه، بينما ال يصدّقون كاماال هاريس التي وعدتهم بأمرين: وقف الحرب، وإقامة الدولة الفلسطينية! يـــعـــلّـــل املـــــراقـــــبـــــون هــــــذا اإلعـــــــــــراض عـن هاريس إن كان صحيحًا بأنها نائبة لبايدن، وقـد قضى قرابة العام يبشر بنهاية الحرب من دون أن تتوقف، بل ويُضاف إلى ذلك هذه األســاطــيــل الـبـحـريـة والــجــويــة الـهـائـلـة التي يـسـتـمـر بـــايـــدن فـــي إرســالــهــا بـحـجـة حماية إسـرائـيـل ومـسـاعـدتـهـا إذا هاجمتها إيـــران! وقد هاجمتها بالفعل مرتني من دون أن تؤثر كثيرًا عليها، بينما كانت هجمات إسرائيل على إيران دائمًا أهم وأخطر! ومن حق الفلسطينيني والعرب اآلخرين أن يــغــضــبــوا بـــالـــفـــعـــل؛ ألن إســـرائـــيـــل تــديــن لـلـواليـات املتحدة بنصف قوتها العسكرية وتفوقها املـالـي والصناعي والتكنولوجي. وقد سبق للواليات املتحدة لعقود أن كانت «الـــوســـيـــط» املـــنـــحـــاز بــالــطــبــع، واســتــطــاعــت إيـقـاف الــحــروب، بينما تستمر الـحـرب على غزة ولبنان ألكثر من عام من دون أن تحاول أميركا وقفها بجدية. ويقول الخبراء إن ذلك يـعـود إلــى االنـتـخـابـات الـرئـاسـيـة األميركية والــــصــــوت والـــنـــفـــوذ الـــيـــهـــودي فـــيـــهـــا، وكـــ الـــحـــزبـــ يــطــمــح إلـــــى أن يـــكـــون الـــيـــهـــود أو أكـثـريـتـهـم إلـــى جـانـبـه. لـكـن مــن جــهــة ثـانـيـة وثالثة، ملاذا يأمل العرب األميركيون بترمب أكثر من بايدن وهاريس، بينما املعروف أن تـرمـب كــان وال يـــزال صديقًا حميمًا لرئيس الـــوزراء اإلسرائيلي بنيامني نتنياهو، وفي ) ألـغـى 2020 - 2016( زمـــن رئــاســتــه األولـــــى االتفاق النووي مع إيـران إرضــاء لنتنياهو، ونـقـل الـسـفـارة األمـيـركـيـة لـلـقـدس، واعـتـرف بضم الجوالن السوري املحتل إلى إسرائيل، وســــعــــى إلقـــــنـــــاع عـــــــدد مـــــن الـــــــــدول الـــعـــربـــيـــة لـــ عـــتـــراف بـــإســـرائـــيـــل. فــلــمــاذا يــغــيّــر تـرمـب عــاداتــه وتـحـالـفـاتـه مــن أجـــل أصــــوات عربية بميشيغان؟! إن املـــــعـــــروف أن نـــتـــنـــيـــاهـــو هــــو الــــذي شـن هـذه الـحـرب الطويلة على غـزة ولبنان. وهـــو ال يـــزال مــصــرًّا عـلـى االســتــمــرار بحجة تحقيق أهـــداف لـم تتحقق بـعـد. وقــد أثبتت القوة اإلسرائيلية تفوقها الكبير ليس على «حــــمــــاس» و«حـــــــزب الــــلــــه» فـــقـــط؛ بــــل وعــلــى إيـــــــــران. واملــــعــــهــــود مـــنـــذ حـــلّـــت املــيــلــيــشــيــات العربية املوالية إليـــران محل الجيوش أنها تشن هجمات فترد إسرائيل بـحـرب شعواء ضــــد اإلنــــســــان والــــعــــمــــران. والــــهــــدف املـعـلـن تــأمــ الـــحـــدود مـــع غــــزة ومــــع لــبــنــان. وبـعـد أكــثــر مــن عـــام وقـــد ظـهـر الـتـفـوق رغـــم بعض الـخـسـائـر، تـرتـفـع أصــــوات مــن الـجـيـش ومـن املـــدنـــيـــ أهـــــل املــحـــتـــجـــزيـــن عـــنـــد «حـــمـــاس» مـــن أجـــل وقـــف الـــحـــرب، لــكــن نـتـنـيـاهـو يـظـل مـصـرًّا على شـن الـحـرب وتصعيدها بعكس املــرات السابقة حني كانت الـواليـات املتحدة تتدخل لـوقـف الـحـرب ألن األهـــداف تحققت، فـلـمـاذا مـا نجحت كـل الـوسـاطـات هــذه املـرة رغم استفظاع العالم كلّه للهوال التي نزلت وتنزل بالناس في غزة ولبنان؟ إن الطريف والغريب بالفعل أن الواليات املـتـحـدة الـتـي تـحـرص على وقــف الــحــرب، ال تــــزال تــرســل األســلــحــة املــتــفــوقــة، وتـــزيـــد من أسـاطـيـلـهـا فـــي مـنـطـقـة الـــشـــرق األوســـــط كل أسبوع أو أسبوعني، والحجة خـوف اإلدارة األمـــيـــركـــيـــة مـــن هـــجـــوم إيــــرانــــي جـــديـــد على إســـرائـــيـــل! إن هــــذا اإلصــــــرار األمـــيـــركـــي على التحشيد املستمر رغــم الـتـفـوق اإلسرائيلي دفع خبراء عسكريني واستراتيجيني للذهاب إلى أن للواليات املتحدة أهدافًا تتجاوز حتى طموحات نتنياهو أو أنها تمضي معه إلى أقــاصــي تـلـك الــطــمــوحــات، ومـنـهـا الـنـيـل من الـبـرنـامـج الـــنـــووي اإليـــرانـــي، ومـــن األسلحة االستراتيجية األخـــرى، وهـي عملية بدأتها إسـرائـيـل وتطمح الستكمالها. وإن لـم يكن األمــــر كــذلــك فــاملــقــصــود أن تــيــأس إيـــــران من االستمرار في هذا التحدي الذي يتجاوز كل قدراتها. هـنـاك تـحـول كبير فــي طـريـقـة التفكير اإلســـرائـــيـــلـــيـــة، وربــــمــــا فــــي طـــريـــقـــة الـتـفـكـيـر األمـيـركـيـة. فــبــدال مــن االسـتـيـعـاب فــي املــدى املتوسط، جرى جر إيران للمواجهة املباشرة لـتـتـبـ خـسـارتـهـا - فـــي حـــ حــرصــت على مــــدى عـــقـــود أن تــقــاتــل بــالــوكــالــة مـــن جـانـب ميليشياتها وأهمها «حزب الله»، ثم صعدت أسهم الحوثيني و«حماس» لديها. وقد تلقت جميعًا ضربات قوية فتدخلت إيـران ليتبني أنها هي أيضًا ال تستطيع استعادة التوازن فـي املـواجـهـة! تستطيع أميركا وقـف الحرب ولـن يستعصي نتنياهو عليها. لكن وسط الظروف املستجدة وإذا كان الهدف قد صار إيران فلن يفيد في وقف الحرب ال ترمب وال كاماال هاريس! تـــخـــســـر املـــيـــلـــيـــشـــيـــات الـــــحـــــرب دائــــمــــ . ويتدخل األميركيون عندما تحسب إسرائيل أن حـدودهـا صــارت آمنة. وفـي الـعـادة وبعد وقـف النار، ينصرف الفلسطينيون والعرب إلـــــى تــشــيــيــع ضـــحـــايـــاهـــم ودفـــنـــهـــم، والـــبـــدء بـــإعـــادة اإلعـــمـــار، بينما يـنـصـرف الـوسـطـاء األميركيون إلى استغالل املهادنة والسلم من أجل تحقيق مكاسب ما كسبوها في النزاع: فـهـل هـنـاك جــديــد يمكن اسـتـقـبـالـه؟ إذا كـان هناك جديد فبالتأكيد ليس في االنتخابات األميركية! رضوان السيد نتنياهو ال يزال مصرّا على االستمرار بالحرب بحجة أهداف لم تتحقق بعد
RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==