issue16780

الثقافة CULTURE 19 Issue 16780 - العدد Wednesday - 2024/11/6 الأربعاء ماريو فارغاسيوسا علىالمحك بورخيسبين السيدات كـان خـورخـي لويس بورخيس مشرفاً على قسم 1939 و 1936 بـن عامي الكتب والمؤلفي الأجانب في المجلة الأسبوعية «البيت» التي كانت تستهدف بـشـكـل خـــاص ربّـــــات الــبــيــوت والـــعـــائـــات. ومــنــذ ســـنــوات قـــام أمــيــر رودريــغــيــز وانـريـكـي ساسيريو بتجميع عــدد كبير مـن المـقـالات الـتـي وضعها بورخيس خلل تلك الفترة في كتاب صدر عن دار «توسكيتس» تحت عنوان «نصوص أسيرة... بحوث ومقالات قصيرة في (البيت)». لــم أكـــن عـلـى عـلـم بــوجــود هـــذا الــكــتــاب الــــذي وصـلـنـي مــؤخــراً مــن جـزيـرة مايوركا، إذ كانت بدايات بورخيس الأدبية بعد أن كان أنهى دراسته الثانوية في جنيف. وفي مايوركا وضع أشعاره الأولى، وارتبط بمجموعة من الشعراء والـكـتّـاب الشباب فـي الـجـزيـرة، وانـخـرط فـي نشاط فكري كثيف لـم يكن ينذر يومها بالمسار الــذي سلكته أعماله اللحقة. لست أدري ما الــذي حملني إلى الاعتقاد بأن تلك النصوص والمقالات التي نشرها في «البيت»، كمثل كتاباته الأولــى في الجزيرة، هي مجرد شهادات تاريخية ممهدة لما عقبها من أعمال عبقرية. لكن المفاجأة كانت كبيرةً، إذ تبيّ لي أنها أكثر من ذلك بكثير، ولا أعرف إذا كان اختيار النصوص، الذي يبدو أن ساسيريو هو الذي قام به لأن رودريغيز تُوفي قبل صدور الكتاب، قد استثنى تلك التي ليست على جانب من الأهمية والقيمة الأدبـيـة. تكشف هـذه النصوص عن كاتب يملك أسلوباً مميزاً، واسع الثقافة، وصاحب وجهة نظر تسمح له بإبداء آراء سديدة ومتمايزة في الشعر والـــروايـــة والفلسفة والــتــاريــخ والــديــن والأدب الكلسيكي والـحـديـث والكتب الـــصـــادرة بـلـغـات مختلفة، وأن يـتـنـاول كــل أســبــوع الأحـــــداث الأدبـــيـــة العالمية برصانة وأناقة وسعة اطلع، على غرار ما كانت تقوم به يومذاك أبرز المنشورات الفكرية في باريس ولندن ونيويورك. لا شك في أن صدور تلك النصوص على صـفـحـات مجلة أرجنتينية مخصصة لـــربّـــات الـبـيـوت هــو دلـيـل عـلـى أصـالـة بورخيس وعلى المستوى الثقافي الرفيع الذي كان سائداً يومها في الأرجنتي. مــن غــرائــب تـلـك الـنـصـوص أن بـورخـيـس كـــان قــد قـــرأ الأعــمــال الـتـي كتب عنها من ألفها إلى يائها، مثل الترجمة الطويلة التي وضعها السير ريتشارد بورتون لكتاب «ألـف ليلة وليلة»، والبحوث التي كتبها السير جيمس فريزر حول الميثولوجيا القديمة، أو أعمال فولكنر وهمنغواي وهاكسلي وفيرجينيا وولف، إذ كانت تعليقاته وتحليلته تعكس معرفة وافية وعميقة بتلك الأعمال. وعندما كان يصادف ظلمة في كتاب يعصى عليه اختراقها، كما حصل له مع » (يقظة فينيغان) لجيمس جويس، لا يتردد في الاعتراف Finnegans Wake« بــذلــك، ويــشــرح الأســبــاب المحتملة لـذلـك الإخـــفـــاق. ولـــم أقـــع عـلـى تعليق واحــد يوحي بأنه ثمرة الاستخفاف، أو عدم إعطاء الأهمية لعمل كان يعرف أنه عابر وسطحي ومحكوم بالنسيان. حتى الملحظات الصغيرة التي كانت ترد ضمن الحواشي، فيها الكثير من المتعة والفطنة والسخرية. خــال الفترة الـتـي كــان يتعاون مـع «الـبـيـت» صــدر لبورخيس كـتـاب مهم جداً «تاريخ العار العالمي»، لكن لم يكن قد وضع بعد أيّاً من رواياته وأشعاره وبـحـوثـه الـكـبـرى الـتـي حملته إلـــى الـشـهـرة الــواســعــة، رغـــم أنـــه كـــان بـــدأ يظهر موهبة استثنائية في إبـداء الـرأي في الأعمال التي قرأها، وفي رؤيته للعالم، وللثقافة، وكتابة القصص الخيالية. أبرز ما في تلك النصوصما تنضح به من فضول عالمي يوجه مطالعاته التي كانت تشمل قراءة بول فاليري بالفرنسية، وبينيديتّو كروتشي بالإيطالية، والـفـرد دوبـلـن بـالألمـانـيـة، وتــي إس إليوت بالإنجليزية. ثم ذلك الوضوح، وقوة الإقناع في أسلوبه الذي تكاد كل عبارة فيه تحمل فكرة، ودأبـه المتواصل على الاكتفاء بما هو ضـروري لما يريد أن يقوله. يحكى أن رايموندو ليدا كان يردد على طلبه في جامعة هارفارد «إن النعوت وجدت لغرض عدم استعمالها». بورخيس كان مشهوراً بنعوته لأنه لم يفرط أبــداً في استخدامها، بل كانت تنفجر فجأة في جمله وتظهر بشكل مدهش، تكمّل الفكرة، أو تفتح نافذة على الدعابة والسخرية، أو لتقلب رأساً على عقب مسار النص والوجهة المرتقبة. تعليقات وسير مختصرة مسكوبة في قالب من الدقة والإيجاز والاكتفاء الذاتي، هي في مستوى أفضل القصائد والروايات. تكفيه أحياناً جمل قليلة يوجز بها رأيه في كامل أعمال كاتب، مثل صامويل تايلور كولريدج: «حصاده الشعري يملأ أكثر من خمسمائة صفحة لا يدوم منها سوى قصيدة (البحار العجوز) التي تكاد تقارب المعجزة، وما تبقّى لا يستحق الـقـراءة. نفس الشيء يحصل مع أعماله النثرية: حطام من البديهيات الموفقة، والعبارات المبتذلة، والحكم الساذجة، والترهات والانتحال». رأى فيه الكثير من القسوة، وربـمـا بعض الأجـحـاف، لكن لا شـك فـي أن صاحبه يعرف مــاذا يقول، ولماذا. في بعض السير المختصرة نقع على روائع في التوصيف مثل ما جاء في رسـمـه لـلـمـؤرخ لايـتـون ستراتشي: «كـــان مـديـد الـقـامـة، بـا مـامـح، يـكـاد يكون مجرداً، نحيل الوجه يخفيه وراء نظارات تنسدل فوق لحية حاخامية محمرّة». أو في المديح الذي يشفعه بطعنة قاتلة كما جاء بعد إبداء إعجابه برواية «سويس اليهودي» للكاتب ليون فوخواغنير، حيث قال: «هي رواية تاريخية، لكن ليس فيها شيء من التدقيق أو التحقق من المصادر وصحة المعلومات المنقولة». ليس فـي هــذه المــقــالات الـتـي كتبها بـورخـيـس أي تـنـازل لـقـراء تلك المجلة الذين لم يكونوا متخصصي في الأدب، ولا على درجة من الثقافة تسمح لهم بتقدير الآراء التي كانت تزخر بها. كان يكتب كما لو أنه يتوجه إلى أرقى القراء في العالم، لكن من دون أن يقع في التباهي والغرور. نصوص قصيرة لم يكن بورخيس يتردد لحظة في أن يظهر من خللها كل ما يختلج في نفسه من ميول وهواجس، وإعجاب دام طوال حياته بمؤلفي واظب على مطالعة أعمالهم مثل شوبنهاور وتشيسترتون وكيبلنغ وإدغار آلان بو وألف ليلة وليلة. وغالباً ما يتناول في ملحظاته وتعليقاته المواضيع التي تكررت فيما بعد في قصصه وبحوثه وقصائده، مثل الزمن والخلود، فضلً عن انجذابه الدائم إلى الآداب الـشـرقـيـة، مثل كـتـاب «تــاريــخ ضفة المــــاء»، وهــو أنطولوجيا لقصص خيالية وفولكلورية صينية جمعها ولـفـرام ايـبـرهـارد، أو «حكاية جنجي» للياباني سيكيبو موراساكي. «نـــصـــوص أســــيــــرة» تـــرســـم لــنــا صـــــورة رائـــعـــة عـــن الـــحـــيـــاة الأدبــــيــــة خــال ثلثينات القرن الماضي في العالم الغربي عندما تفجّرت مواهب مثل إليوت وجـويـس وبـريـتـون وفولكنر ومـــان، ومــا رافـــق تلك الـفـتـرة مـن جــدل اجتماعي وسياسي وثقافي فاصل بـن حقبتي. ومـن المـدهـش أن أحــداً لـم يترك شهادة أعمق وأصـدق عن تلك الحقبة وما شهدته من نشاط فكري وإبــداع أدبـي، غير ذلك الكاتب المغمور (حتى ذلك الوقت) في أقاصي المعمورة، على صفحات مجلة ترفيهية مخصصة لكسر رتابة حياة ربّات البيوت. تتبنّى تقليداً فنياً شاع في شمال شرقي الجزيرة العربية أحصنة برونزية منشبه جزيرة عُمان يـــحـــوي مـــركـــز مــلــيــحــة لــــآثــــار فــــي إمـــــارة الشارقة مجموعة من اللقى البرونزية الصغيرة الحجم، تشكّل فـي الـواقـع جـــزءاً مـن أوانٍ أثرية جـنـائـزيـة خـرجـت مــن مـقـابـر أنـشـئـت بــن الـقـرن الثالث قبل الميلد والقرن الميلدي الأول. تتميّز بعض هذه القطع بطابعها التصويري، وتبدو أشبه بمنحوتات منمنمة، وأشهرها قطعة على شـكـل رأس حـــصـــان، تـتـبـنّـى تـقـلـيـداً فـنـيـ شـاع في مناطق متفرقة من شبه جزيرة عُـمـان، كما تـشـهـد مـجـمـوعـة مـــن الـقـطـع الـفـنـيـة تـمـاثـل في تكوينها هذا الحصان. كشفت أعمال المسح المستمرة منذ بضعة عـــقـــود عـــن مــجــمــوعــة مـــن المـــنـــاطـــق الأثــــريــــة في 50 إمارة الشارقة، منها مليحة التي تبعد نحو كيلومتراً شــرق مدينة الــشــرق. بــدأ استكشاف ، وتبيّ سريعاً أنها تمثّل 1986 هذه المنطقة في مـديـنـة احـتـلـت مــركــزاً تـجـاريـ مـهـمـ فــي شمال شـــرقـــي الـــجـــزيـــرة الــعــربــيــة، خــــال الــفــتــرة الـتـي سـبـقـت ظــهــور الإســــــام. تـحـتـضـن هـــذه المـديـنـة المندثرة عـدداً من المواقع الأثـريـة، منها سلسلة مــن المـــدافـــن خــرجــت مـنـهـا مـجـمـوعـات متنوّعة من اللقى، بينها مجموعة من القطع البرونزية تمثّل أوانـي متعدّدة، استعادت بريقها بعد أن خضعت لعملية ترميم دقيقة نقّتها من الأكسدة التي طغت عليها مع مرور الزمن. وصل بعض من هذه الأواني بشكل كامل، ووصــــل الـبـعـض الآخــــر بـشـكـل مـجـتـزأ. فــي هـذا الإطــــــار، تــبــرز قـطـعـة مـنـمـنـمـة عــلــى شــكــل رأس سـنـتـيـمـتـرات، تُـعـرض 4 حــصــان يـبـلـغ طـولـهـا الـــيـــوم فـــي مــركــز مـلـيـحـة لـــآثـــار الــــذي خُـصّـص للتعريف بميراث هذه المدينة المندثرة. بدت هذه القطعة عـنـد اكـتـشـافـهـا أشـبـه بقطعة حديدية غـــشـــاهـــا الـــــصـــــدأ، وتـــظـــهـــر الـــتـــقـــاريـــر الــخــاصــة بـتـرمـيـمـهـا كـيـف اســتــعــادت تـدريـجـيـ معالمها الأصلية، فظهرت أدق تفاصيلها، وتحوّلت إلى قطعة تشابه في بريقها القطع الفضية. تتميّز هـذه القطعة الصغيرة بطابع نحتي تصويري يعكس حرفة فنية عالية، وتجسّد رأس حصان، مـــع الـــجـــزء الأمـــامـــي مـــن بــدنــه المـتـمـثـل بالعنق الطويل والصدر والقائمتي الأماميتي. وتبرز في مقدمة الصدر البارز فوهة كبيرة على شكل رأس أنبوب. يــرفــع هــــذا الــحــصــان قـائـمـتـيـه إلــــى الأمــــام ويثنيهما، وتظهر في الكتلة المجسّمة مفاصل كل قائمة، وهي ساعد الساق، ومفصل الركبة، ثــــم مــفــصــل الــــرســــغ. وتــــبــــدو كــــل الـــقـــائـــمـــة عـلـى شــكــل مـســاحــة نــاتـئــة تـمـتـد فـــي وســــط الــصــدر، وتنثني عند حـدود الفوهة التي تخرق مقدّمة 3 هـذا الصدر. العنق طويل ومصقول، وتزينّه خطوط بيضاوية تستقرّ عند أعلى الحنجرة. في أسلوب مواز، تحضر الناصية، وهي الشعر الــذي يعلو الجبهة، وتشكل قمة الشريط الذي يحد حـافـة العنق العليا. وتعلو هــذا الشريط شبكة من الخطوط تمثّل خصل الشعر. الأذنان طـــويـــلـــتـــان ومـــنـــتـــصـــبـــتـــان. الـــــخـــــدان واســــعــــان ومــســتــديــران. الأنــــف طــويــل الـقـصـبـة، ومتصل بالجبهة، مع منخرين مستديرين حُـدّدا بنقش غـــائـــر بــســيــط. الـــفـــم بــــــارز، مـــع شـــدقـــن كـبـيـريـن يفصل بينهما شق عريض. يشكّل هذا الحصان في الواقع مصبّاً لإناء مــن الـحـجـم الـصـغـيـر، يحضر فــي نسخة أُعـيـد تـكـويـنـهـا بـشـكـل مـطـابـق لــ صــل. ويــمــثّــل هـذا الإنــــاء طــــرازاً عُـــرف كـمـا يـبـدو بشكل واســـع في نـواحٍ متفرّقة من شبه جزيرة عُمان، كما تؤكّد مجموعة من الشواهد الأثرية تمّ اكتشافها في الـعـقـود الأخـــيـــرة. عُـثـر عـلـى هـــذه الــشــواهــد في مقابر أثـريـة متفرّقة تـتـوزع الـيـوم على مواقع تـتـبـع مــنــاطــق مـخـتـلـفـة مـــن الإمـــــــارات الـعـربـيـة وسلطنة عُمان، ممّا يؤكّد أنها أوان جنائزية، شـكّـلـت جـــزءاً مــن الأثــــاث الــخــاص بـهـذه المقابر الـتـي أنـشـئـت فــي شـبـه جــزيــرة عُــمــان، واتبعت تقليداً جامعاً. على سبيل المثل، نقع على إناء من هذا الطراز مصدره قبر من موقع الدُور الذي يتبع اليوم إمـارة أم القيوين. وصل هذا الإناء بشكل كـامـل، وظـهـرت معالمه الأصـلـيـة بعد أن تــمّ ترميمه وتنقيته، ويـبـدو حصانه مشابهاً لحصان مليحة، مـع بــروز طابع التحوير فيه بشكل خــاص فـي تجسيم ملمحه العضوية، كما فـي شبكة الـخـطـوط الـزخـرفـيـة الـتـي تزين أعلى ساقه. فـــــي المـــــقـــــابـــــل، نــــقــــع عــــلــــى قــــطــــع مــشــابــهــة مــصــدرهــا مــقــابــر فـــي سـلـطـنـة عُـــمـــان، أشـهـرهـا قطعة خرجت من مقبرة تقع في سمد الشأن، في ولاية المضيبي التابعة لمحافظة شمال الشرقية، وقطعة أخرى خرجت من مقبرة في ولاية سمائل الــتــابــعــة لـلـمـحـافـظـة الـــداخـــلـــيـــة. تــشــكّــل هــاتــان القطعتان نموذجي من هذه النماذج التي تتبع قالباً واحــداً جامعاً، وتتشابه بشكل كبير، مع ،1919 اختلف في بعض التفاصيل. في شتاء أعلنت العالمة أليسندار أفزيني، رئيسة البعثة الإيطالية لجامعة بـيـزا، اكتشافات جـديـدة في متنزه حصن سلّوت الأثـري الذي يقع في سهل وادي سـيـفـم، بـالـقـرب مــن ملتقى وادي بـهـاء، ويـتـبـع محافظة الـداخـلـيـة. فــي هـــذا المــوقــع، تـمّ التنقيب فــي سلسلة مــن الـقـبـور الأثــريــة حـوت مجموعة مـن اللقى الأثــريــة «ارتـبـطـت بمظاهر الترف والبذخ كأواني الشرب البرونزية، أهمّها إنــــاء ذو مـصـب عـلـى شـكـل حـــصـــان». ظـهـر هـذا الإنــــــاء فـــي صــــور تـوثـيـقـيـة تــكــشــف عـــن حـالـتـه قـبـل الـتـرمـيـم وبـــعـــده، وبــــرزت مـعـالـم الـحـصـان الـذي يشكّل مصباً له بشكل جلي، وبـدا أن هذا الـحـصـان يتميّز بملمحه الـتـي يطغى عليها طابع الاختزال والتحوير الهندسي. تتواصل هذه الاكتشافات اليوم بالتزامن مـع اسـتـمـرار أعـمـال المـسـح والتنقيب فـي سائر نـــواحـــي شـــمـــال شـــرقـــي الـــجـــزيـــرة الــعــربــيــة. في ، أعلنت دائـــرة الثقافة والسياحة 2023 خـريـف في أبو ظبي اكتشاف مقبرة أثناء تطوير الطرق والبنية التحتية في شعبية الكويتات في وسط المدينة، شـرق متحف منطقة العي. حـوت هذه قـبـراً فـرديـ ، كشفت التنقيبات 20 المقبرة نحو فـيـهـا عـــن عــــدد مـــن الــقــطــع الــخــزفــيــة، والأوعـــيـــة البرونزية، والأواني الزجاجية والمرمرية. وسط هــذه الأوعــيــة الـبـرونـزيـة، يظهر إنـــاء ذو مصب على شكل حصان، يماثل في تكوينه إناء موقع الدُور في إمارة أم القيوين. مـثـل ســائــر الـقـطـع المـشـابـهـة الــتــي ظـهـرت من قبل، تأكسد إناء الكويتات مع مرور الزمن، وغـــشـــتـــه طــبــقــة مــــن الـــــصـــــدأ، ومـــــن المـــنـــتـــظـــر أن يستعيد ملمحه بعد أن يخضع لعملية ترميم دقـيـقـة تـزيـل عـنـه هـــذه الطبقة الـصـدئـة، وتُـبـرز معالم الحصان الرابض عند طرفه. أحصنة منسلطنة عُمان 3 حصان من الشارقة يقابله حصان من أم القيوين و محمود الزيباوي تتواصل الاكتشافات اليوم بالتزامن مع استمرار أعمال المسح والتنقيب فيشمال شرقي الجزيرة العربية رواية «سفرطاس» للقطري خالد الجابر صراع الهوية وتحولات الخليج صدرت أخيراً روايـة «سفرطاس»، للكاتب القطري د. خالد الجابر عن دار «النخبة» للنشر والـطـبـاعـة والــتــوزيــع فــي مــصــر، وهـــي تـقـع في صفحة من القطع المتوسط. وتطرح الرواية 212 أسئلة وجودية حول الهوية، والصراع الداخلي، والـقـدرة على التكيف مـع المتغيرات التي تطرأ على المجتمعات. يـسـتـعـيـر الـــجـــابـــر مــــن الــــتــــراث الـخـلـيـجـي مصطلح «السفرطاس»، وهي تسميته شعبية دارجــــــة مــنــذ عـــشـــرات الـــســـنـــن، وتــعــنــي «وعــــاء الطعام متعدد الطبقات الذي يحمل فيه العمال قـــــوت يـــومـــهـــم»، المــصــطــلــح هـــنـــا رمــــــزي ومـثـيـر للهتمام، يقول عنه الجابر في مقدمة روايته: «كالسّفَرْطاس المُكدّسِ بطبقاته المتنوّعة، يحمل فــي أعـمـاقـه شَــفــرة الــزمــن المــعــقّــدة، تحيا ذاكـــرة الإنـــســـان بــكــلّ مـــا فـيـهـا مـــن ذكـــريـــات ومــخــاوف ورغـــــبـــــات، خـــــال رحـــلـــة لا تــنــتــهــي عـــبـــر أبـــعـــاد الزمن الثلثة؛ الماضي، والحاضر، والمستقبل؛ في خِضم هـذا التنقل المستمرّ يتشكّل الصراع بي الداخل والـخـارج، ليَصوغَ هُويّته المتغيرة والمتجددة بل توقّف». تحولات كبرى تــمــتــد أحــــــداث الــــروايــــة عــبــر مـــســـار زمـنـي طــويــل، يـشـمـل تــحــولات اجـتـمـاعـيـة وسياسية واقـــتـــصـــاديـــة كـــبـــرى شــهــدتــهــا مـنـطـقـة الـخـلـيـج والعالم العربي على مدى قرن من الزمن؛ حيث يأخذ المؤلف القارئ في رحلة عميقة لاستكشاف العلقة المعقدة بي الـذات والآخــر، وبي الهوية الفردية والـتـراث والحداثة. هـذه الـروايـة ليست مـــجـــرد ســـــرد لــقــصــة حـــيـــاة شــخــصــيــة، بــــل هـي دراســـــة عـمـيـقـة لـجـدلـيـة الــهــويــة ومـــا يـنـتـج عن الــصــراعــات النفسية والمجتمعية الـتـي تـواجـه الفرد في العالم الحديث. عبر استخدامه الماهر للأسلوب الــروائــي، يتناول الجابر كيف أثـرت الــتــحــولات الـبـنـيـويـة فــي الــتــاريــخ والـجـغـرافـيـا على سلوك الإنسان، ويقدم رؤية نقدية لكيفية تــداخــل الـهـويـة الـفـرديـة والـجـمـاعـيـة مــع الـواقـع الاجتماعي والسياسي المحيط. تــســتــعــرض الـــــروايـــــة الـــتـــحـــولات الــكــبــيــرة التي شهدتها منطقة الخليج والعالم العربي، بـدءاً مما قبل اكتشاف النفط إلى حقبة ما بعد الاسـتـعـمـار، وصــــولاً إلـــى الــزمــن الـــراهـــن، مـــروراً بـــالـــنـــزاعـــات والـــــحـــــروب الـــتـــي مـــزقـــت المــنــطــقــة. ويعكس المـؤلـف هــذه الـتـحـولات عبر شخصية جـــابـــر، الــــذي يـمـثـل جــيــاً عـــاش تـلـك الـتـغـيـرات وعــــانــــى مــــن تـــأثـــيـــراتـــهـــا الــعــمــيــقــة. ومـــــن خـــال استرجاع جابر ذكرياته وتجارب حياته، ترسم الـــروايـــة صـــورة دقـيـقـة لكيفية تـأثـيـر التغيرات الاقتصادية والسياسية على البنية الاجتماعية والثقافية للمجتمع. فــــي الــــــروايــــــة، يـــتـــم الـــتـــركـــيـــز عـــلـــى بـعـض الأحداث المفصلية في تاريخ المنطقة، مثل نكسة ، الــتــي تــركــت جــرحــ عميقاً فــي الــوجــدان 1967 الـعـربـي، وحـــروب المنطقة المختلفة، مثل حرب ، والـــحـــرب الــعــراقــيــة الإيـــرانـــيـــة، واحــتــال 1973 الكويت، واجتياح العراق، والحرب على الإرهاب ومـرحـلـة مــا بـعـد الـربـيـع الـعـربـي، إلـــى الحديث حول المستقبل وموقع العرب فيه. هذه الأحداث لا تـشـكـل فـقـط الـسـيـاق الـسـيـاسـي لــلــروايــة، بل تؤثر بعمق على الشخصيات، وخاصة جابر، الــذي يجد نفسه عالقاً بـن المـاضـي والحاضر، بي ما كان يحلم به وما فرضته عليه الظروف. الذات والآخر مـن أبـــرز القضايا الـتـي تتناولها الـروايـة جدلية الـــذات والآخــــر. بطل الــروايــة رجــل مسن يــعــيــش فـــي دار رعــــايــــة، ويـــعـــانـــي مـــن الـــوحـــدة والاغــــــتــــــراب، يــشــعــر جـــابـــر بـــالـــعـــزلـــة الــداخــلــيــة العميقة؛ نتيجة للتجارب الحياتية التي عاشها والـذكـريـات التي يحملها. وتتشكل شخصيته من مجموعة من التناقضات؛ حيث يعيش في حالة من الصراع الدائم بي ماضيه وحاضره، بي آماله وخيباته، وبي ذاتـه والأشخاص من حوله. وهـــــــذا الـــــصـــــراع الــــداخــــلــــي الـــــــذي يـعـيـشـه ينعكس فـي علقاته مـع الآخـريـن، وخـاصـة مع أصدقائه في دار الرعاية. كما أن كل شخصية فــي الـــروايـــة تحمل قصتها الــخــاصــة، وتجسد تجربة مختلفة فـي الـحـيـاة. وعـبـر الــحــوار بي هذه الشخصيات، تتكشف أفكار مختلفة حول الـهـويـة والانـتـمـاء والـــذاكـــرة، وكـيـف أن الماضي يشكل الحاضر ويؤثر عليه بطرق مختلفة. إحدى القضايا الرئيسية التي يتم تناولها فــــي هــــــذه الــــــحــــــوارات هــــي قـــضـــيـــة الاســـتـــعـــمـــار والـــنـــضـــال الـــعـــربـــي. فــجــابــر وأصــــدقــــاؤه يـــرون أن الاسـتـعـمـار، رغــم انتهائه بشكل رسـمـي، قد استمر بطرق أخـرى، مثل الهيمنة الاقتصادية والثقافية التي فرضتها الشركات الأجنبية على ثروات البلد. يعكس هذا الصراع الداخلي بي الـفـرد ومجتمعه الأوســـع، الـــذي يعيش فـي ظل تبعية مستمرة رغم الاستقلل السياسي. من هنا فإن بطلها، الذي يمثل جيلً عاش تـــحـــولات كــبــيــرة فـــي مـنـطـقـة الــخــلــيــج والــعــالــم الــعــربــي، عـــاش طـفـولـتـه فــي قـريـة بسيطة على شاطئ الخليج تعتمد فيها الحياة على القليل من الموارد، مثل صيد الأسماك والعمل اليدوي. مـــع وفـــــاة والـــــده الـــــذي كــــان يــغــوص فـــي أعــمــاق البحر بحثاً عـن الـلـؤلـؤ، تتحول حـيـاة الأســرة بشكل جــذري، وتبدأ معاناة جابر وأسـرتـه في مواجهة الفقر. لكن حياة جابر تأخذ منعطفاً كبيراً عندما يـبـدأ العمل فـي شـركـة نفط أجنبية. العمل في الشركة يمثّل بالنسبة له الأمـل في الهروب من الفقر، لكنه سرعان ما يـدرك أنـه جـزء من نظام استغللي يستفيد من ثروات بلده. الدمام: «الشرق الأوسط»

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky