issue16779

بينما تشهد «بلاد الأرز» الحرب الأخطر في تاريخها، تعود في أنحاء عدة من جبل لبنان تلك العبارة التي طالما رددها الأهالي منذ بدأت الحروب والاجتياحات والفتن عام ، التي تقول: «لا تخافوا، لبنان وقف الله، ولا أحد يقوى 1975 عليه». ثمة مَـن ينسب هـذه العبارة إلـى أنطونيوس شينا، ناسك وادي قزحيا. وثمة مَن ينسبها إلى «الكتاب المقدس». ومــع أنــه ورد اســم «لـبـنـان» عـشـرات المـــرات فـي هــذا الكتاب، مصحوباً بأجمل المعاني، فهذه العبارة لم ترد فيه. ولا شك في أنها تأليف شعبي لمواجهة المخاوف الكبرى على المصير. رغم ذلك، حين نستعرض مسار الحركة اللبنانية على مـدى القرنين الأخـيـريـن، منذ سقوط الإمـــارة الشهابية عام إلى اليوم، نراها في كل مرة تنجو من الهلاك المحتم، 1842 حين يكون انتفى كل أمل لها في النجاة. أي سرّ هو سرها؟ لا بــد مــن الإشـــــارة أولاً إلـــى انـبـثـاق هـــذه الـحـركـة مــن أسـس جـغـرافـيـة وتـاريـخـيـة راســخــة، عـمـادهـا طبيعة جـبـل لبنان وموقعه الفريدان في المشرق، والجماعات اللاجئة تاريخياً إليه هرباً من الجور، وسعياً إلى بيئة منيعة تمارس فيها استقلاليتها وحـريـتـهـا. هـــذه الأســـس المـوضـوعـيـة الثابتة هـي التي حـــدّدت هوية الحركة اللبنانية ومضمونها على مــرّ الـزمـن، فـي الـتـوق إلــى التفلت الـدائـم مـن هيمنة المحيط الـسـلـطـويـة، نـحـو نـظـام حـيـاة مختلف ومـنـفـتـح. مـمـا حـدد الصراع الـذي يلازمها على الــدوام، والـذي يصل في كل مرّة إلـى منعطفات مأساوية: هي تتوق إلـى التحرّر من سطوة المحيط، والمحيط يسعى إلـى إعــادة دمجها في نظامه بكل الوسائل. ولما كانت حركة التاريخ بالغة التعقيد، لا يمكن التحكّم بها حـقـ ، ولمــا كــان الـتـحـوّل، كـل تــحــوّل، تلتقي فـي تحقيقه عوامل داخلية وعوامل خارجية جمّة، مرّت الحركة اللبنانية بـامـتـحـانـات مصيرية كـبـرى ثــ ثــة، نـجـت منها بـمـا يشبه ،2005 ، وعـام 1918 ، وعـام 1861 «الخلاص العجائبي»، عام بامتحانها المصيري الرابع. 2024 وهي تمرّ عام بعد رهان السلطنة العثمانية على الصراع الدموي بين الـــدروز والمــوارنــة وتشجيعها لـه لضرب الحركة اللبنانية، الطائفية في جبل لبنان، ومثيلاتها 1860 أمّنت لها مذابح فــي دمــشــق، الانـتـصـار الـعـسـكـري الـكـامـل. كـــان كــل شـــيء قد انتهى حقاً. لكن ما لم يكن في الحسبان هو الصدى العميق الذي تركته الأحداث الدامية في أرجاء أوروبا، التي توحّدت دولـهـا الكبرى للمرة الأولـــى حـول المسألة اللبنانية وأيّــدت الحملة عـلـى الــشــرق الـتـي قــررهــا نـابـلـيـون الـثـالـث. فانقلب الانـتـصـار الـعـسـكـري العثماني هـزيـمـة سـيـاسـيـة، أدّت عـام إلى قيام الحكم الذاتي المضمون دولياً في جبل لبنان، 1861 الذي عرف معه نصف قرن من الاستقرار والازدهار. لــكــن الـسـلـطـنـة الــعــثــمــانــيــة لـــم تـــنـــسَ المـــســـألـــة. أول ما فعلته بعد دخولها الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا ، كان تعليق نظام الحكم الذاتي ووضع 1915 والنمسا عام جبل لبنان تحت الحكم العسكري المباشر. أعلنت الآستانة الأحــكــام الـعـرفـيـة، وأقــامــت الـحـصـار الــغــذائــي، الـــذي رافقته مـوجـات الــجــراد والأوبــئــة، مـا أدّى خــ ل سـنـوات ثـــ ث، من ، إلى إبادة ثلث سكان جبل لبنان، في أفظع 1918 إلى 1915 مأساة عرفها هذا الجبل على مرّ تاريخه. كان كل شيء هذه المـــرّة أيـضـ قـد انتهى حـقـ . لكن انتصار الحلفاء على دول المحور أدى إلـى انهيار السلطنة العثمانية والإمبراطورية النمساوية - الهنغارية، وإلى قيامة «لبنان الكبير». ، مـن كــان يأمل فـي أن لبنان سيخرج 2005 ثـم فـي عــام من بوتقة الوجود العسكري السوري المطبق عليه منذ ثلاثة عقود، بمباركة أميركية وإقليمية؟ كـان كل شـيء هـذه المرة أيضاً قد انتهى حقاً، وإلى غير رجعة. لكن فجأة أدى اغتيال آذار» الشعبية 14« الـرئـيـس رفـيـق الــحــريــري وقــيــام حـركـة المليونية، بـ ليلة وضـحـاهـا، إلــى قلب الـوضـع رأســ على عـقـب، داخـلـيـ وخــارجــيــ ، وإلـــى جـــ ء الـجـيـش الــســوري عن لبنان. كـــان «حـــزب الــلــه»، قــد هيمن على 2024 والآن فــي عـــام دولــة «لبنان الكبير»، بعد أربـعـ عاماً مـن العمل الــدؤوب في الداخل والخارج، بمائة ألف مقاتل ومئات آلاف المسيرات والـــصـــواريـــخ، بـحـيـث بـــدا هـــذه المــــرة أيــضــ أن كـــل شـــيء قد انتهى حقاً. لكن «طوفان الأقصى» أطلق فجأة هذه الحرب الشاملة بـ إيـــران وأذرعـهـا اللبنانية والعراقية واليمنية والفلسطينية من جهة، والكيان الصهيوني وأميركا والغرب من جهة أخـرى. ترى إلى أين؟ وما مصير الحركة اللبنانية فيها؟ من عجائب الانتخابات الأميركية أنه قد يخسر الفائز صوتاً 270 بأصوات ملايين الشعب، ويكسب من يفوز فقط بـ من المجمع الانتخابي! Electoral( فالدستور يشترط تشكيل المجمع الانتخابي ) كلّ أربع سنوات لغرض وحيد هو انتخاب الرئيس College ونائبه، إذ تنص المــادة الثانية، القسم الأول، البند الثاني، عـلـى أن تُــعــّ كــل ولايــــة نـاخـبـ يُــخــتــارون بـالـطـريـقـة التي نـاخـبـ في 538 تـحـددهـا الهيئة الـتـشـريـعـيـة. يـوجـد حـالـيـ المجمع الانتخابي، والأغلبية المطلقة من الأصوات الانتخابية ، وهـذا هو الرقم السحري الـذي يمكّن الرئيس المنتخب 270 من الفوز حتى لو خسر أصوات الشعب، مما يؤكد أنّ الشعب الأمــيــركــي لـيـسصــاحــب الــحــق الأصــيــل فــي تـحـديـد مــن هو رئيس أميركا، بل إنّ تصويت الشعب مجرد عملية تفويضٍ للمجمع الانتخابي وأعضائه للانتخاب نيابة عنه. الـنـيـابـة عـــن الـشـعـب حـقـيـقـة قـــد لا يـعـرفـهـا الـكـثـيـر من المتابعين للانتخابات الأميركية، خصوصاً أنه خلال خمس مــــرات فــي تــاريــخ الانــتــخــابــات الأمـيـركـيـة لــم يـكـن الـفـائـز في الانتخابات الرئاسية هو الفائز بأصوات الشعب. بـل إن هناك ولايـــات لا تنتخب مـن الأصــل مثل جزيرة بورتوريكو، التي تعرضت للتنمر والإهـانـة عندما وصفها البعض بأنها «جزيرة قمامة» عائمة في المحيط، مما يؤكد أن الــشــعــب الأمـــيـــركـــي لا يـنـتـخـب كــلــه. وحــتــى أولـــئـــك الــذيــن يــنــتــخــبــون شــكــلــيــ ، هـــم فــقــط يـــصـــوتـــون لــتــفــويــض المـجـمـع الانـتـخـابـي بــالــقــرار نـيـابـة عـنـهـم، وهـــو الـجـانـب المـخـفـي في حقيقة الانـتـخـابـات الـتـي قــد يخسر فيها مــن يحصل على أغلبية أصـــوات الشعب الأميركي ولا يحوز أصـــوات المجمع الانتخابي، مما يؤكد أن المجمع الانتخابي هو من ينتخب الرئيس حقيقةً وليس الشعب. القذافي الذي كان يعارض النظام الانتخابي القائم على التصويت عبر صـنـاديـق الاقــتــراع كــان يصف هــذه العملية في الكتاب الأخضر بالقول ساخراً: «صفوف صامتة تتحرك كالمسبحة لتلقي بــــأوراق فــي صـنـاديـق الانـتـخـابـات بنفس الطريقة التي تُلقى بها أوراق أخرى في صناديق التدوير»، وهــي مـا يعكس حـالـة متطرفة ضـد آلـيـات الديمقراطية بل ضـد الديمقراطية نفسها مـن حاكم عُــرف بالدكتاتورية في ثوب «سلطة الشعب» لا يمكن القبول بها رغم لمسها جوهر الحقيقة. صــنــاديــق الانـــتـــخـــابـــات، بــاعــتــبــارهــا آلـــيـــة لـلـتـصـويـت، تـــعـــرضـــت لـــلـــوصـــف الــقــبــيــح بـــأنـــهـــا «صــــنــــاديــــق الــــتــــدويــــر»، وللتزوير، والتضليل، والاستخدام غير مقبول للنتائج، بل وضياعها وإتلافها، وهــذا حسب البيئة والمـوقـع الجغرافي وثقافة الشعوب التي تَستخدم فيها الديمقراطية بصورتها الــغــربــيــة نـسـخـ طــبــق الأصـــــل دون الــنــظــر لـلـبـيـئـة المـحـيـطـة وثـقـافـة الـشـعـوب ومـــدى صلاحيتها لـهـا. وكـمـا قيل سابقاً: «هــل الديمقراطية قابلة لـلـتـحـول؟». ففي أميركا لـم ينجح انتخاب أوباما ولا انتخاب ترمب في توحيد الأمة الأميركية المنقسمة لتاريخ طـويـل، فقد أظـهـرت الانتخابات الرئاسية ما كان يخفيه القش المتراكم لزمن فوق انقسامات سياسية ومجتمعية حــــادة تــعــود لــزمــن مــا قـبـل الاســتــقــ ل، ونـهـايـة الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، وغياب حالة الاتحاد عـــلـــى المـــســـتـــوى الـــوطـــنـــي، وكــــرســــت الانـــقـــســـامـــات انــقــســامــ مجتمعياً حــــاداً فــي الـــداخـــل الأمــيــركــي وصــــراع الليبراليين والمحافظين بسبب الحزبية المفرطة. الـــــدولـــــة الـــعـــمـــيـــقـــة والــــتــــخــــوف مـــــن ســـيـــطـــرة الـــحـــزبـــ الأمـيـركـيـ مـــؤشـــران مـهـمـان عـلـى أن أمـيـركـا أمـــة منقسمة، وليست موحدة حقيقة، ولعل خسارة دونالد ترمب الماضية دليل على أن هناك أمة منقسمة لم توحدها الديمقراطية ولا وصول رئيس من عرق مختلف مثل باراك حسين أوباما، ولم تنجح في ردم الفجوة بين الليبراليين والمحافظين والبيض والسود، فتكررت الاعـتـداءات على السود على مدى التاريخ الأمـيـركـي بمقتل الكثير منهم على يـد رجـــال الـشـرطـة، بدم بارد. ومــــا دام الانـــتـــخـــاب فـــي أمـــيـــركـــا انــتــخــابــ حـــزبـــيـــ ، إذن لمــاذا التخوف والقلق ما دام هـذا انتخاب مشروع سياسي؛ «حــزمــة» مــن الـتـفـاهـمـات؟ الحقيقة غـيـر ذلـــك فــي ظــل وجــود الــدولــة العميقة، فـكـ الـحـزبـ ينهج نهجاً واحــــداً أيـــ كـان الساكن للبيت البيضاوي، لا يهم، فالسياسة الخارجية تبقى واحدة في الكثير من السياسات الاستراتيجية، مما يؤكد أنّ منصبَ الرئيس فقط أنه موظف برتبة رئيس يحمل الحقيبة النووية من دون أن يمتلك مفاتيحها وأكوادها التي تبقى في وزارة الدفاع، مما يجعل منه مجرد حامل للحقيبة المقفلة. لقد أدلـــى المـ يـ بـأصـواتـهـم بالفعل، لكن الآلـيـة التي يعمل بموجبها النظام الانتخابي الأميركي سبب احتمال أن يــفــوز أحـــد المــرشــحــ بـأغـلـبـيـة الأصــــــوات عـلـى المـسـتـوى الـوطـنـي (الأمــيــركــي) ولـكـنّـه قــد يخسر الانـتـخـابـات مــع ذلـك لأنّ الأميركيين يصوتون على مستوى الولايات وليس على المستوى الوطني. أصحاب فكرة المجمع الانتخابي يبررون الفكرة بالقول بأنها حماية للولايات الأصغر عدداً من الإهمال، ومنع تفرد الولايات الكبرى من حيث السكان بقرار اختيار الرئيس، مما ولاية من 11 قد يعني أنّ الرئيس قد يفوز فقط بكسب أصوات ولاية أخرى، وحقيقةً هذا 29 دون أن ينتخبه أي شخص من خلل كبير في النظام الانتخابي الأميركي، الذي صادر عملياً حق الشعب في اختيار رئيسه، وجعله حكراً وقـــراراً أصيلاً صـــوتـــ ؛ الـــرقـــم الـسـحـري 270 للمجمع الانــتــخــابــي ونـــصـــاب لـلـفـوز. رغـــم أن «الـتـعـدديـة» الـحـزبـيـة مختزلة فــي الـحـزبـ ، لكنها لم تحقق التنوع المطلوب لتحقيق تعددية ديمقراطية، بـالـتـالـي لـــم تـمـنـح أمــيــركــا الـحـصـانـة مـــن انــقــســام الأمــــة بين حزبين عريقين، لم ينجح أي منهما في إعـادة حالة الاتحاد لـأمـة، كما تمناها الآبـــاء المؤسسون بـل كـرّسـا للاستقطاب والاصــطــفــاف مـمـا يــهــدد لـيـس فـقـط الــحــيــاة الـسـيـاسـيـة، بل استمرار حالة الاتحاد بين الولايات التي توحدت في ظروف صعبة جمعتها فيدرالية لم تتمكن من حماية حالة الاتحاد للمة الأميركية. قبل ألفين وأربعمائة عام كتب أفلاطون كـتـابـه «الـجـمـهـوريـة» الـــرائـــع شــارحــ لمــــاذا لا يحبذ النظام الديمقراطي، ولماذا اعتبره أسوأ الأنـظـمـة الـتـي حـددهـا بـثـ ثـة أنــــواع: النظام الأرستقراطي حيث الحاكمون يملكون المعرفة والأخـــــــ ق ولا يـهـمـهـم إلا مـصـلـحـة الـــدولـــة، والنظام الديمقراطي وفيه يسعى الحاكمون إلـــــى الـــفـــخـــر والمــــركــــز والمــــجــــد الـــعـــســـكـــري، ثـم الـنـظـام الأولــيــغــارشــي وفــيــه يـحـكـم أصـحـاب المـال الـدولـة. الأخير يهتم أصحابه بتكديس المـال مصدر كل الـرذائـل بكل أنواعها، ولذلك يـــتـــمـــرد الـــــنـــــاس عـــلـــيـــهـــم فـــيـــخـــشـــون الــــثــــورة ويــقــبــلــون مــضــطــريــن بــالــديــمــقــراطــيــة لـتـقـرر الأكـــثـــريـــة مـــن يـحـكـمـهـا. ويـــــرى أفــــ طــــون أن الــعــامــة مـــن الـــنـــاس لـيـسـت لــهــم حـكـمـة طبقة الأرستقراطية، ولا خبرة الديمقراطية، وعلى الأرجــــح هــم جـاهـلـون وأنــانــيــون، وحــاســدون وعــــنــــصــــريــــون ومـــتـــنـــافـــســـون مـــــع بــعــضــهــم؛ ولأنـــهـــم كـــذلـــك يُـــصـــدّقـــون مـــن يـــدلّـــس عليهم ويَــــعِــــدهــــم بــــالمــــنّ والــــســــلــــوى. ويـــجـــد المــتــابــع لـ نـتـخـابـات الأمــيــركــيــة شـيـئـ مـمـا تـنـبـأ به أفـــ طـــون حــيــث يـلـعـب المـــــال دوراً كــبــيــراً في تغيير قناعات الناس، وحيث المعرفة غائبة، والتعصب مهيمن، والتنافس على أشده بين شرائح العامة. أفـــــــ طـــــــون لــــيــــس كــــــل كـــــ مـــــه صــــائــــبــــ ، إنــــمــــا بـــعـــض تـــوقـــعـــاتـــه مـــــن تـــــراجـــــع رصـــيـــد الديمقراطية، وتخلخل مؤسساتها، واهتزاز صورتها، نراه رأي العين في أميركا. ورغم أن أميركا فريدة في نوعها في تاريخ البشرية، بـــالـــقـــوة الــعــســكــريــة والاقـــتـــصـــاديـــة والــحــريــة والهيمنة الثقافية، وتنوع الأعراق والأديان... فـــإن مـتـابـع انـتـخـابـاتـهـا يـجـد ظـهـور أعـــراض مرضية تحتاج للاستفاقة والمداواة قبل فوات الأوان. وأهــــم هـــذه الأعـــــراض نــظــام الــولايــات المـرجـحـة، وهــي ولايـــات قليلة الـعـدد سكانياً مـــقـــارنـــة بــمــجــمــوع ســـكـــان الــــولايــــات المـتـحـدة الإجمالي، لكنها تحظى بأفضلية بما يسمى ،)Electoral college( » نظام «المجمع الانتخابي وفـيـه يختار سـكـان الــولايــة المـرجـحـة المرشح الـــرئـــاســـي بــالــتــصــويــت الأكــــثــــري؛ بـمـعـنـى أن الرئيس الــذي ينال أكثرية ولـو بفارق صوت واحــــد؛ يـنـال أصــــوات كــل الممثلين فــي المجمع الانــتــخــابــي، ويــتــحــدد عـــددهـــم بــعــدد ممثلي الولاية في الكونغرسومجلس النواب. ونظام المجمع الانتخابي جاء نتيجة عقد صفقة بين الــولايــات الجنوبية والشمالية بُعيد انتهاء ) بـعـدمـا رفـــض سكان 1787( الــحــرب الأهـلـيـة الـــولايـــات الجنوبية الـتـي كـانـت تعتمد على العبيد فــي مــزارعــهــا، تــوزيــع الممثلين حسب عــدد الـسـكـان؛ لأن نسبة الـسـود فـي ولاياتهم عالية جــداً، ولا يحق للسود التصويت، مما يــعــنــي أن الــبــيــض فـــي الــــولايــــة سـيـحـصـلـون على عــدد ممثلين أقــل مـن الــولايــات الأخـــرى؛ لهذا عُوّضوا بعدد متعادل مع بقية الولايات قــــضــــت مــحــكــمــة 2019 الأخـــــــــــرى. وفـــــــي عـــــــام فيدرالية أميركية بأن ممثلي الولايات ليسوا مجبرين على التصويت لمن كسب الانتخابات بالولاية، بل يمكنهم أن يصوتوا لمن نال أكبر عدد من الأصـوات في كل الولايات الأميركية. لكن المحكمة الدستورية أبطلت القرار، ولم يرَ الـحـزبـان الجمهوري والـديـمـقـراطـي مصلحة لهما بتغيير هذا الاعوجاج الديمقراطي. هــــــذا الــــنــــظــــام «الـــــ ديـــــمـــــقـــــراطـــــي» دفـــع المرشحين للرئاسة للتركيز أكثر على كسب تــأيــيــد الــــولايــــات المـــرجـــحـــة بــــإغــــداق الـــوعـــود عليها والإغراءات خلال الانتخابات وبعدها؛ كما أعطى ذلك نتيجة مخالفة للديمقراطية؛ لأنـــــــه بـــكـــثـــيـــر مـــــن الــــــحــــــالات يـــــفـــــوز المــــرشــــح بالرئاسة بنظام المجمع الانتخابي، ويخسر عـلـى مـسـتـوى عـــدد الأصـــــوات الإجــمــالــي في نالت 2016 كـل أمـيـركـا؛ ففي انـتـخـابـات عــام هــيــ ري كلينتون عـــدد أصــــوات أكـثـر بنحو ثــــ ثــــة مــــ يــــ صـــــــوت مـــــن دونــــــالــــــد تـــرمـــب عــلــى مــســتــوى الاقــــتــــراع المـــبـــاشـــر، وخــســرت الانتخابات؛ لأن منافسها فاز بنظام المجمع 232 أصـوات في حين نالت 306 الانتخابي بــ صـوتـ . ومـن علل هـذا النظام أيضاً إعطاؤه وزناً أكبر للقليات في السياسة الخارجية، وعلى حساب مصلحة الأكثرية العددية؛ لأن أصــوات الأقليات بحكم أصولها تصوت لمن يدعم توجهاتها الخارجية. كمثال، فإن عدد الأمـيـركـيـ مــن أصــــول فـنـزويـلـيـة فــي ولايــة فـــلـــوريـــدا يــصــل تـقـريـبـ إلــــى نــصــف مـلـيـون، وبـالـتـالـي لـهـم تـأثـيـر كبير عـلـى مــن سيفوز بـــأصـــوات مـمـثـلـي الـــولايـــة الــبــالــغــ ثـ ثـ مـــمـــثـــ ً، وهـــــــؤلاء يـــصـــوتـــون عــــــادة لــتــرمــب؛ لأنــــه يــتــشــدد مـــع نـــظـــام فـــنـــزويـــ (مـــــــادورو) الاشتراكي الكارهين له، مقارنة بالرئيس جو بايدن الذي عقد صفقة مع الرئيس نيكولاس مـــادورو لعودة المعارضة وإجـــراء انتخابات بـــرلمـــانـــيـــة انـــتـــهـــت بـــكـــارثـــة. كـــمـــا أدى تـــزايـــد نفوذ الأقليات إلـى تذمر البيض، والشعور بأنهم مضطهدون، وبـدء المطالبة بالتراجع عـــن إصــــ حــــات مـنـحـت الأقـــلـــيـــات امـــتـــيـــازات كالتمييز الإيجابي في الداخل. هكذا أصبح الـبـيـض، وهـــم أكــثــريــة، يـطـالـبـون بحقوقهم المـــســـلـــوبـــة، وإذا مــــا تـــمـــت الاســـتـــجـــابـــة لـهـم فـسـيـؤدي ذلــك إلــى إضـعـاف صــوت الأقليات في الولايات المرجحة. في هـذا السياق المضطرب يلعب رجال المــــــال دوراً كـــبـــيـــراً فــــي الــــتــــرويــــج لمـرشـحـهـم لمـنـحـهـم امـــتـــيـــازات تــشــريــعــيــة واقــتــصــاديــة تــعــزز رصــيــدهــم المـــالـــي؛ فــالأغــنــيــاء ينفقون الملايين، وبلا سقف، ويسخّرون مؤسساتهم الإعـــ مـــيـــة، لإقـــنـــاع الــعــامــة بـمـرشـحـهـم؛ لأن فــــــوزه كـــســـب لـــهـــم وخــــســــارة لـــلـــعـــامـــة. هــكــذا تصبح الـعـامـة الــطــريــدة، فـتُـعـطـى المـحـفـزات والإغـراءات، وتُزرع فيها المخاوف من الآخر، فتصوت، كما قال أفلاطون، بمعيار الجهل، والأنانية، والحسد، والتعصب، وتثور غضباً عند سقوط مرشحها، وتلعن الديمقراطية، وتـــصـــرخ لـتـغـيـيـر قـــواعـــدهـــا، فــيــكــون حـالـهـا كحال من يطلق النار على رجله! OPINION الرأي 12 Issue 16779 - العدد Tuesday - 2024/11/5 الثلاثاء من ينتخب الرئيس... الشعب أم «المجمع الانتخابي»؟ عن «الخلاصالعجائبي» تأثير نظام الولايات الأميركية المرجحة ومرضالديمقراطية وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com أحمد محمود عجاج جبريل العبيدي أنطوان الدويهي

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky