يقول النجم الفرنسي مارسيل ديسايي: «أحب مشاهدة مباريات دوري الدرجة األولى (تشامبيونشيب) فـي إنـجـلـتـرا. فـي الــعــادة ال دقيقة كاملة إال إذا كنت أعمل على 90 أشاهد تـحـلـيـل مـــبـــاراة فـــي االســـتـــوديـــو، لـكـنـنـي أحـب دقيقة من مباريات دوري الدرجة 90 مشاهدة األولـــــى فـــي إنــجــلــتــرا، ألنــهــا مـــبـــاريـــات مـذهـلـة وقـويـة للغاية مـن الناحية البدنية، كما أنها رائعة أيضًا من الناحية الفنية». ربما لم يكن من املتوقع سماع مثل هذه التصريحات من النجم الفرنسي املتوج بدوري أبــطــال أوروبـــــا مــع مـرسـيـلـيـا ومـــيـــان، وكــأس الـــعـــالـــم وكـــــأس األمـــــم األوروبـــــيـــــة مـــع منتخب فــــرنــــســــا، واملــــــدافــــــع الــــفــــذ الـــــــذي قـــضـــى مـعـظـم مسيرته الكروية فـي أعلى مستويات اللعبة. لكن في كثير من النواحي كان ديسايي دائمًا شخصية غـريـبـة تـخـالـف الـتـوقـعـات واملنطق إلـى حد كبير، فقد رحـل عن الـــدوري اإليطالي املــمــتــاز عــنــدمــا كــــان أفـــضـــل دوري فـــي الـعـالـم وانتقل إلى تشيلسي، الذي لم يكن حتى أفضل نـاد في لندن في تلك الفترة. وانتقل إلـى قطر فـــي مـنـتـصـف الـعـقـد األول مـــن الـــقـــرن الــحــادي والـعـشـريـن، قبل وقــت طـويـل مـن تحولها إلى قوة كروية عاملية. وكــــان مــن املـفـتـرض أن تـسـاعـده خـبـراتـه الخططية والفنية الهائلة على أن يكون مديرًا فنيًا بـــارزًا، لكنه بـدال من ذلـك راض تمامًا عن القيام بالشيء الذي يحبه ويلهمه: القليل من األعمال التجارية، والقليل من العمل الخيري، والقليل مـن تحليل املـبـاريـات، واالشــتــراك في سلسلة وثائقية جديدة للتحاد الدولي لكرة القدم تُسمى «لحظة الحقيقة»، التي أصبحت مـــتـــاحـــة اآلن فـــي املــمــلــكــة املـــتـــحـــدة ألول مـــرة. يتحدث ديسايي اآلن من الدوحة، إذ كان يعمل على تغطية مباريات دوري أبطال أوروبا على قناة «بي إن سبورتس». وفــــي إطـــــار بــحــثــي عـــن املـــعـــلـــومـــات الـتـي تساعدني على إجـراء هذه املقابلة الصحافية مـع ديـسـايـي مـن جـهـة، وبحثي عـن املتعة من جهة أخـــرى، أعـــدت مشاهدة املــبــاراة النهائية بـــن مـيـان 1994 لـــــدوري أبـــطـــال أوروبــــــا عــــام وبـرشـلـونـة. ربـمـا ينسى الـــقـــارئ، كـمـا نسيت أنا أيضًا، أن ديسايي لعب تلك املباراة في خط الـــوســـط: قـــدم أداء اسـتـثـنـائـيـ وســجــل الـهـدف الرابع مليلن وتنمر على صانع ألعاب برشلونة النحيل املسمى جوسيب غـــوارديـــوال! ونظرًا لـلـطـريـقـة الــتــي تـــطـــورت بـهـا كـــرة الـــقـــدم خـال الثلثي عامًا املاضية، فإنني أشعر بالفضول وأتساءل عما لو كان بإمكان ديسايي أن يلعب في هذا املركز اليوم. يقول النجم الفرنسي ردًا إلى عام 1994 على ذلك: «خلل الفترة من عام ، كـنـت أفـضـل العـــب خــط وسـط 1997 أو 1996 مدافع في السوق. كنت أقـدم مستويات رائعة فـي تلك اللحظة الـتـي لـم تكن فيها كــرة القدم تعتمد كثيرًا على الـنـواحـي الخططية، وكـان بإمكاني االعتماد كثيرًا على قوتي البدنية. ثم ، أدركت أن كرة القدم تتغير حقًا، 1997 في عام حيث ظهر العديد من اللعبي الرائعي من الناحية الخططية، مثل باتريك فييرا، الذي جاء إلى ميلن. وكان هناك أيضًا إدغار ديفيدز». ويــــــضــــــيــــــف: «كـــــــانـــــــت هـــــذه هـــي بـــدايـــة هــــؤالء الــاعــبــن الـذيـن يمكنهم لعب الكرة من ملسة واحدة. وعــنــدمــا كـنـت تـضـغـط عـلـيـهـم، كانت لديهم القدرة على الـدوران ولعب الكرة. كانت نقطة قوتي تتمثل في التدخل بقوة وســـرعـــة عــلــى الـــاعـــب املـــنـــافـــس، وكـنـت أعلم آنذاك أنني سأنجح في استخلص الكرة. أما اآلن، فهناك العبون مثل كروس أو مودريتش، أو سيدورف أو بيرلو من بعدي، الـذيـن يمكنهم التغلب بسهولة على الضغط الذي يمارسه املنافس عليهم». ويـتـابـع: «لـقـد تغيرت الـجـوانـب البدنية كثيرًا. وبعيدًا عـن اللياقة البدنية والنواحي الخططية، أصـبـح بـإمـكـان جميع الـاعـبـن أن يـتـحـكـمـوا فـــي الـــكـــرة بـشـكـل جــيــد. كـنـا نـوقـف الكرة بجانب القدم، لكن اللعبي اآلن يضعون أقـدامـهـم فـــوق الــكــرة ويـحـركـونـهـا فــي االتـجـاه الـــــذي يـــريـــدونـــه. لــقــد دخـــلـــت فـــي مــنــاقــشــة مع فــــرانــــك المـــــبـــــارد ذات يـــــوم وســـألـــتـــه عـــمـــا إذا كـانـت كـــرة الــقــدم قــد أصـبـحـت بالفعل أســرع مما كـانـت عليه عندما كنت ألـعـب، فأجاب المبارد بأنها ليست أسرع، ولكن اللعبي أصــبــحــوا أكــثــر قـــــدرة عــلــى فــهــم الــنــواحــي الـخـطـطـيـة والـتـكـتـيـكـيـة. إذن، هـــل كــان بإمكاني أن ألعب اليوم مدافعًا؟ نعم. لكن ليس بإمكاني أن ألعب في خط الوسط اآلن». لقد شعرت بــــــــــــأن هــــــذه هــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي الــــلــــحــــظــــة املناسبة لسؤال ديسايي ملاذا لم يصبح مديرًا فنيًا، أجــاب النجم الفرنسي على هـذا السؤال قــــائــــاً: «لـــقـــد حــصــلــت عـــلـــى دورات الـــتـــدريـــب املطلوبة، لكن السبب الوحيد الـذي جعلني ال أسعى إلى ذلك هو أسلوب حياتي، فأنا ال أريد أن أكون مهووسًا بشيء واحد فقط في حياتي. ألنه عندما تكون مديرًا فنيًا، فإن هذا يتطلب 100 منك أن تكرس حياتك لهذه املهنة بنسبة فــي املــائــة. وبـالـتـالـي، سيتعي عليك أن تقتل عــامــ من 20 املــعــرفــة الــتــي بنيتها عـلـى مــــدار ممارسة كرة القدم العبًا، وأن تعيد خلق فلسفة مختلفة، وأن تكون قادرًا على وضعها موضع التنفيذ. ولم أكن مستعدًا ملواجهة أي إحباط». لكن ديسايي متشكك أيـضـ فـي فـكـرة أن السبيل إلـى إصـاح نظام اللعبة يتلخص في وضع املزيد من اللعبي السابقي في مناصب قــــيــــاديــــة، ويــــتــــســــاءل: «كـــــم مـــنـــا لــــديــــه دراســـــة جامعية أو على استعداد للجلوس في مكتب، بعيدًا عن رائحة عشب امللعب، وبدون التواصل مـع اللعبي والـدخـول فـي غرفة خلع امللبس وبدون بذل العرق داخل امللعب؟ في الحقيقة، ال يرغب كثيرون منا في دخول هذا املجال. علوة على ذلك، كان لدينا بلتيني، وقد رأينا جميعًا ما حدث له». ومع ذلـك، ال ينبغي لنا أن نسيء تفسير أي مــن هـــذا بـاعـتـبـاره نـوعـ مــن االنـسـحـاب أو الـــامـــبـــاالة، فـفـي حقيقة األمــــر يـهـتـم ديـسـايـي كـثـيـرًا باللعبة، وهـــو مستعد تـمـامـ للتحدث بكل صـراحـة عـن القضايا الـتـي تهمه. ويقول عن ذلـك: «من الجيد أن يبدي العبو كرة القدم آراءهــــــم ووجـــهـــات نـــظـــرهـــم». إنــــه يــتــحــدث من واقــــع خـبـرتـه فــي هـــذا املـــجـــال، فـبـوصـفـه العبًا بـــــارزًا فـــي صــفــوف املـنـتـخـب الـفـرنـسـي متعدد 1998 الثقافات الـذي فاز بكأس العالم في عام ووقف في وجه التهديدات املتزايدة من جانب اليمي املتطرف بعد أربـع سنوات، فقد ساعد في تمهيد الطريق للجيل الحالي، الذي تحدث الـــعـــديـــد مـنـهـم بـــقـــوة فـــي ظـــــروف مــمــاثــلــة هــذا الصيف. ، قــــال ديــســايــي ردًا على 2002 وفــــي عــــام التهديد الناشئ الذي تمثله «الجبهة الوطنية» بقيادة جـان مـاري لوبان: «إن العبي املنتخب الـفـرنـسـي، املـتـنـوعـن فــي أصـولـهـم، يُجمعون الــيــوم عـلـى إدانــــة املـفـاهـيـم املـتـجـددة لإلقصاء والعنصرية». واآلن، تجد كرة القدم نفسها مرة أخــرى فـي مواجهة العنصرية. فخلل بطولة ، تحدث العبون مثل 2024 كأس األمم األوروبية جول كوندي وكيليان مبابي وماركوس تورام ضد صعود حزب «التجمع الوطني» اليميني فـــي فــرنــســا. ومـــع عــــودة الـيـمـن املــتــطــرف إلـى الظهور على الساحة مـرة أخــرى، ومـع وصول ابـنـة لــوبــان، مــاريــن، إلــى أبـــواب السلطة، فمن املغري أن نسأل ديسايي عما إذا كان أي شيء قد تغير حقًا خلل عقدين من الزمان! لـكـن ديــســايــي مُــصــر عـلـى أن املـــعـــارك قد رُبِحَت بالفعل. ويذكرنا أنه قبل جيل من اآلن كـان هو وزمـــاؤه في منتخب فرنسا يقاتلون مـن أجــل الـحـق فـي أن يُنظَر إليهم باعتبارهم فــرنــســيــن! ويـــقـــول: «اآلن، نــحــن قـــادمـــون إلــى عصر جديد. هذا هو الجيل الثالث. لقد ولدوا في فرنسا. وعلى الرغم من وجود العنصرية، فــإن الساسة اآلن حـــذرون فيما يقولونه. لـذا، فإنك ال تلحق إال األشـخـاص غير الشرعيي، الذين ليس لديهم وثائق. وال تشير لوبان إال إلى هذا األمر فقط اآلن». وأعـــــــرب ديـــســـايـــي عــــن إعـــجـــابـــه الــشــديــد بـكـونـدي ومـبـابـي، الـلـذيـن اسـتـغـا مكانتهما ملـنـاهـضـة الـعـنـصـريـة، يــقــول الـنـجـم الفرنسي الـــســـابـــق: «بـــــدأ العـــبـــو كــــرة الــــقــــدم، بـــبـــطء، في الــتــعــبــيــر عــــن آرائـــــهـــــم. لــــم يـــعـــد األمــــــر يـتـعـلـق بالعنصرية، أو على األقــل لـم يعد األمــر بهذه الـبـسـاطـة. كـــان رأيــهــم هــو أن الـيـمـن املتطرف لــيــس جـــيـــدًا لــنــمــو الــــبــــاد، لــــذا حــــاولــــوا جــذب انتباه الشباب. وكـان ذلك أمـرًا جيدًا، ألنهم لم يتمكنوا من دخول النظام الحاكم». وكما هُزم حــزب «الجبهة الوطنية» فـي النهاية فـي عام ، فـقـد هُـــزم حـزب «الـتـجـمـع الـوطـنـي» في 2002 االنتخابات التشريعية األخيرة ليحتل املركز الثالث. ربما يتمثل الـــدرس هنا فـي أن ديسايي ينتقي مشاريعه بعناية، لكن عندما يفعل ذلك فإنه يلتزم بها بشكل كامل. فضل عن ذلك، فإنه يقاوم دائمًا فكرة أن يتم تعريفه بشيء واحد، فهو مدافع والعـب خط وسـط، وعامل وزعيم، وســـيـــاســـي ومـــحـــب ألعـــمـــال الـــخـــيـــر، وفــرنــســي وغاني، ومحلل ملباريات دوري أبطال أوروبـا وعاشق لدوري الدرجة األولى في إنجلترا. إنه رجل يجيد القيام بالعديد من األشياء، ويفعل كل منها بقدر كبير من الرضا. يـــخــتــتـــم ديــــســــايــــي حـــديـــثـــه قـــــائـــــاً: «أنـــــا مـحـظـوظ، فبفضل ثــروتــي تمكنت مــن إنـشـاء أكـــاديـــمـــيـــة لــلــنــاشــئــن والـــقـــيـــام بـــالـــعـــديـــد مـن األعمال الخيرية في غانا، ألرد قليل من الدين لهذا البلد. وفي الوقت نفسه، فإنني أظل قريبًا جــدًا مـن كــرة الـقـدم. أنــا منخرط فـي العمل في االتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، كما أعمل في االتحاد األوروبـي لكرة القدم. إنني أرى أن القيام بذلك أكثر فائدة بكثير من أن أكون مديرًا فنيًا، وأهتم بفريق واحد فقط. ال أعرف ما إذا كنت نجمًا أم ال، لكنني اآلن أسطورة، وأشعر أن القادم أفضل». * خدمة «الغارديان» عالم الرياضة SPORTS 20 Issue 16777 - العدد Sunday - 2024/11/3 األحد كان ديسايي وزمالؤه في منتخب فرنسا يقاتلون من أجل أن يُنظَر إليهم باعتبارهم فرنسيين النجم المتوج مع منتخب فرنسا بكأس العالم وضع بصمة قوية على لعبة كرة القدم مارسيل ديسايي: ال أدري ما إذا كنت نجما أم ال... لكن أعرف أني اآلن أسطورة بعد الفوز على برشلونة في النهائي (غيتي) 1994 قاد ديسايي ميالن للفوز بكأس دوري أبطال أوروبا عام *لندن: جوناثان ليو بعد تخطي البرازيل بالنهائي (غيتي) 1998 لعب ديسايي دورا بارزا في فوز فرنسا بكأس العالم عام استطاع ديسايي إيقاف خطورة روماريو مهاجم البرازيل في نهائي كأس العالم (غيتي) ديسايي كان دائما شخصية غريبة تخالف التوقعات (غيتي)
RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==