13 حــصــاد األســبـوع ANALYSIS Issue 16776 - العدد Saturday - 2024/11/2 السبت «الحلم الجورجي» يكسب الجولة ضد «الحلم األوروبي» فــــــــــاز «الــــــحــــــلــــــم الــــــــجــــــــورجــــــــي» فـــي االنـــتـــخـــابـــات الـــعـــامـــة بـــجـــورجـــيـــا، الـتـي أثـــيـــر حـــولـــهـــا كــثــيــر مــــن الـــشـــكـــوك، بـعـد اتهامات واسعة بوقوع عمليات تزوير وحـــــشـــــو صـــــنـــــاديـــــق، وتـــــأثـــــيـــــر دعــــائــــي وتـدخّــل مـالـي واســـع مـن جـانـب مؤسّس «الحلم» رجل األعمال امللياردير بيدزينا إيفانيشفيلي. وهو شخصية مقرّبة من الكرملني، ويطلق عليه الجورجيون لقب «سيد جورجيا» كونه يدير فعليًا - من وراء ســتــار الـتـمـويـل والـــدعـــم الـــواســـع - الحكومة الـتـي تـديـر شـــؤون الـبـاد منذ .2012 عام وفـــق نـتـائـج فـــرز األصــــــوات، حصل حـــزب «الـحـلـم الــجــورجــي» الـحـاكـم على فـي املـائـة مـن األصــــوات، مقابل 54 نحو فــــي املــــائــــة لـتـحـالـف 38 أقـــــل بــقــلــيــل مــــن املـــعـــارضـــة، الـــــذي يـحـظـى بـــدعـــم رئـيـسـة الــــبــــاد، ســـالـــومـــي زورابـــيـــشـــفـــيـــلـــي، فـي الجمهورية التي يقوم الحكم فيها على نظام شبه رئاسي. عــنــدهــا، ســـارعـــت املـــعـــارضـــة، الـتـي كـانـت تــوقّــعــات سـابـقـة رشّــحـتـهـا للفوز فـــي املـــائـــة مـــن األصـــــوات، 52 بــأكــثــر مـــن إلــــى رفــــض الـــنـــتـــائـــج، وأعـــلـــنـــت أنـــهـــا لن تـــشـــارك فـــي جــلــســات الـــبـــرملـــان املـنـتـخـب عـــلـــى أســـاســـهـــا. ومـــــع اشـــتـــعـــال مـظـاهـر االحـــتـــجـــاج فـــي الــــشــــارع، بــــدا أن مـعـركـة دســتــوريــة وقـانـونـيـة قــد انـطـلـقـت للتوّ، إذ رفضت «لجنة االنتخابات» التشكيك بـــنـــتـــائـــج عـــمـــلـــهـــا، واســــتــــنــــدت إلـــــى دعـــم واســع من جانب الحكومة، التي حرّكت بدورها النيابة العامة ملواجهة تحالف املـــعـــارضـــة. بـــل شـــكّـــل اســـتـــدعـــاء رئـيـسـة الــبــاد للمثول أمـــام الـنـيـابـة الـعـامـة من أجل تقديم أدلتها على اتهامات التزوير، تـطـورًا جـديـدًا والفـتـ قـد يمهد لإلطاحة بـــهـــا، وتـقـويـض ســلــطــات الـفـريـق الـــذي يدعم «الحلم األوروبي» نهائيًا. «تحدّي» األدلة الواضحة بــــــــاخــــــــتــــــــصــــــــار، إذا لـــــــــــم تــــنــــجــــح زورابـيـشـفـيـلـي فــي تـقـديـم أدلـــة واضـحـة ومـقـنـعـة عــلــى وقـــــوع انـــتـــهـــاكـــات، فـإنـهـا ســـتـــواجـــه اتـــهـــامـــات قــضــائــيــة بــالــخــداع وتضليل الجورجيني وإطـــاق اتهامات غير مُثبتة ضد أركــان الـدولـة، بما فيها الحكومة والجهاز االنتخابي. هنا يقول أنصار الرئيسة إن الهدف هو القضاء نهائيًا على هذا التيار. وفي املقابل، تحذّر الحكومة من أن «املهزومني فـي املعركة االنتخابية يـعـدون النقلب دســــــتــــــوري كـــــامـــــل مــــــن خـــــــال مـــقـــاطـــعـــة الـــبـــرملـــان وشـــــل حــكــومــة الـــبـــاد وتـعـيـ حكومة تصريف أعمال تقنية». وهـــــــكـــــــذا، اشــــتــــعــــلــــت اآلن املـــعـــركـــة الــــداخــــلــــيــــة، والـــــــشـــــــارع ال يــــكــــاد يــــهــــدأ، واملــــخــــاوف تـعـاظـمـت مـــن مـواجـهـات قد تسفر عــن صـــراع داخــلــي دام يعيد إلـى األذهان األوضاع املعقدة التي خاضتها جــورجــيــا خــــال الـــســـنـــوات الــتــي أعـقـبـت االستقلل. امتداد معركة أوكرانيا كان من الطبيعي أن تشكّل التطورات الـــســـاخـــنـــة فــــي جـــورجـــيـــا حــلــقــة مــتــجــددة في الـصـراع املحتدم بني روسيا والغرب. وطــــــــوال ســــنــــوات كــــــان يـــنـــظـــر لــجــورجــيــا ومولدوفا (مولدافيا) املجاورة على أنهما ستكونان «ساحتي» املواجهة املقبلة بعد «إنجاز» مهمة الكرملني في أوكرانيا. ومـع أن الحكومة الجورجية نجحت فـي الـنـأي بنفسها حتى اآلن عـن الصراع الــدامــي فـي أوكــرانــيــا، ورفـضـت االنـخـراط فــي تنفيذ رزم الـعـقـوبـات املـفـروضـة على مـــوســـكـــو الـــتـــزامـــ بــمــوقــفــهــا الــــداعــــي إلـــى الـتـقـارب مـع الـكـرمـلـ . وتحسبًا لوصول نيران الحرب إلى الداخل الجورجي، وصل االنــقــســام الـــحـــاد فـــي املـجـتـمـع الـجـورجـي إلـــى «لـحـظـة الـحـقـيـقـة»، كـمـا يـقـول ساسة جورجيون. ويبدو أن نتائج االنتخابات والتداعيات املنتظرة مع احتدام املواجهة الداخلية ستدفع أكثر إلى تعاظم التأثير الـخـارجـي على الــبــاد، مـن طـرفـي روسيا والغرب. لـــقـــد ظــــهــــرت أولـــــــى تـــلـــك الـــتـــداعـــيـــات مباشرة بعد ظهور النتائج، إذ تلحقت ردود الفعل الغربية الداعية إلى التحقيق فـــي «االنـــتـــهـــاكـــات» مـقـابـل تـــزايـــد الـشـعـور بــالــنــصــر فــــي روســــيــــا، الـــتـــي طـــغـــت فـيـهـا مقوالت تؤكد هزيمة التيار املوالي للغرب فــي جــورجــيــا، وأن الـجـورجـيـ اخــتــاروا «الطريق الروسي». وفـــي هـــذه الـــظـــروف، بــــرزت تـحـركـات رئيس وزراء املجر فيكتور أوربـــان، الـذي يـــوصـــف بـــأنـــه «رجـــــل بـــوتـــ فـــي االتـــحـــاد األوروبــــــــــــــــي»، لـــتـــظـــهـــر مــــســــتــــوى امــــتــــداد املـواجـهـة الـروسـيـة الغربية إلــى جورجيا حاليًا. فقد سارع أوربان إلى تهنئة الحزب الحاكم بـ«الفوز املقنع»، وتوجّه فورًا إلى تبليسي ليظهر دعـمـه الـكـامـل. وبعكسه، دخـــــل زيــلــيــنــســكــي عـــلـــى خــــط الـــتـــوقـــعـــات املتشائمة بعد االنتخابات، فوجّه رسالة تــحــذيــريــة لــلــغــرب بــــأن خـــســـارة جـورجـيـا تعني «الـهـزيـمـة أمـــام الـكـرمـلـ ». إذ كتب الرئيس األوكراني: «علينا أن نعترف بأن روسـيـا انتصرت الـيـوم فـي جـورجـيـا. في البداية، استولوا على جورجيا، ثم غيّروا سياستها، وغيّروا الحكومة. واآلن هناك حكومة مؤيدة لروسيا، وخيارها هو عدم الذهاب إلى االتحاد األوروبـي. لقد غيّروا موقفهم. لقد فــازت روسـيـا الـيـوم. سلبوا حرية جورجيا». مولدوفا... المحطة التالية في حال لم تكن جورجيا كافية للغرب، يحذّر زيلينسكي من أن مولدوفا ستكون االســــتــــحــــواذ الــــتــــالــــي لــــروســــيــــا، مــــحــــذرًا: «سترى أن روسيا تسير في االتجاه ذاته. إنــهــم يـــريـــدون أن يـفـعـلـوا الـــشـــيء نـفـسـه، وسيفعلونه إذا لم يوقفهم احد (...) الغرب يواصل التلويح بالخطوط الحمراء، لكنه ال يفعل شيئًا، وإذا استمر هـذا الخطاب، فسيخسر مولدوفا خلل سنة أو سنتني». ولـــكـــن، تـعـلـيـقـ عــلــى هــــذه الــكــلــمــات، كــتــب املــعــلّــق الــســيــاســي فـــي وكـــالـــة أنــبــاء «نـــوفـــوســـتـــي» أن «هــــــذا يــعــنــي أن كـيـيـف تـــخـــيـــف الـــــغـــــرب اآلن، لـــيـــس بـــالـــدبـــابـــات الــروســيــة فـقـط فــي وارســــو وبــوخــارســت، بـل بخسارة جورجيا ومـولـدوفـا أيـضـ». ويــــرى املـحـلـل أن «روســـيـــا لــم تنتصر في جـــورجـــيـــا، ولــــم تُــخـضـعـهـا، بـــل انـتـصـرت املـصـالـح الوطنية والـحـسـابـات الرصينة فـــي جـــورجـــيـــا. وبـطـبـيـعـة الــــحــــال، سـاعـد الضعف العام للتحاد األوروبــي والغرب كــلــه، فـــي الــــواليــــات املــتــحــدة وأوروبـــــــا، إذ كــــانــــوا يـــرغـــبـــون فــــي تــغــيــيــر الــســلــطــة فـي تبليسي». هـــذا الـسـجـال يـظـهـر واقــــع الــحــال في ســـاحـــة املـــواجـــهـــة الـــجـــديـــدة بــــ روســـيـــا والـــــــغـــــــرب، وســـــــط تـــــوقـــــعـــــات بـــــــأن تـــكـــون االنــتــخــابــات الـبـرملـانـيـة الـحـالـيـة حاسمة بالفعل ملستقبل جـورجـيـا املنقسمة بني مــعــارضــة مـــؤيـــدة ألوروبــــــا، وحــــزب حـاكـم مـــوال لـروسـيـا... ومتهم بـاالنـحـراف نحو الـسـلـطـويـة. هـــذا، بينما تــمــارس موسكو تأثيرًا على الناخبني والنتائج. رأي تقرير أميركي عـــلـــى صـــعـــيـــد مـــتـــصـــل، رأى تــقــريــر لـــ«مــعــهــد دراســـــة الـــحـــرب» فـــي واشــنــطــن، أن الــكــرمــلــ ركّـــــز جـــهـــوده لـلـتـأثـيـر على االنتخابات ملساعدة حزب «الحلم» الحاكم عـــلـــى الــــفــــوز، وبـــالـــتـــالـــي إعـــــــادة تـأسـيـس النفوذ الروسي على جورجيا بشكل كامل. ويشير التقرير، في هذا السياق، إلى مخاوف حقيقية من تحوّل مؤسس حزب «الحلم» ورئيسه بيدزينا إيفانيشفيلي، إلـى «لوكاشينكو جـديـد»، فـي إشـــارة إلى الــرئــيــس الـــبـــيـــاروســـي وحــلــيــف مـوسـكـو األوثق ألكسندر لوكاشينكو. ومن ثم، يلفت التقرير إلى أن موسكو اسـتـخـدمـت عـلـى مـــدى ســنــوات مجموعة من الوسائل للوصول على هذه النتيجة، أبـــــرزهـــــا الـــعـــمـــل الـــعـــســـكـــري املـــبـــاشـــر مـن خـال احـتـال أراضـــي أبخازيا وأوسيتيا . كذلك، يدعي 2008 الجورجيتني منذ عام الــتــقــريـــر أن الــكــرمـــلـــ اســـتـــخـــدم وســائـــل الـضـغـط االقـــتـــصـــادي كـــرســـوم االســتــيــراد املـــرتـــفـــعـــة والـــــجـــــمـــــارك حـــتـــى الـــعـــقـــوبـــات املباشرة على جيرانه الجورجيني لثنيهم عــــــن مـــســـاعـــيـــهـــم بــــاالنــــضــــمــــام لـــاتـــحـــاد األوروبي. إضافة إلى ما سبق ذكره، عمد الــكــرمــلــ - وفـــقـــ لـلـتـقـريـر - مــنــذ شـهـور إلــــــى إطـــــــاق حــــمــــات إعــــامــــيــــة مـــبـــاشـــرة فـــي جـــورجـــيـــا، تـــصـــوّر روســـيـــا عــلــى أنـهـا قــوة اسـتـقـرار، وتـــروّج لفكرة أن الحكومة الــجــورجــيــة املـــؤيـــدة لــروســيــا هـــي الـخـيـار األفضل ملستقبل جورجيا. األعالم الجورجية واألوروبية مرفوعة في مظاهرات العاصمة الجورجية تبليسي (رويترز) «لــقــد انـتـصـرت روســيــا الــيــوم فــي جـــورجـــيـــا... علينا أن نـعـتـرف بـــذلـــك»... بــهــذه الـكـلـمـات لــخّــص الـرئـيـس األوكـــرانـــي فولوديمير زيلينسكي، الــذي تخوض بــاده حربًا مفتوحة شـهـرًا، املشهد فـي جمهورية جورجيا 33 مـع روسـيـا منذ السوفياتية السابقة. وبالفعل، عكست عبارته البُعد األوسع للصراع االنتخابي في البلد القوقازي الصغير، الـذي تحدى مـنـذ ســنــوات قــيــود الـكـرمـلـن وانـفـتـح عـلـى تـوسـيـع عـاقـات تحالف مع أوروبا وحلف شمال األطلسي «ناتو»، فدفع أثمانًا بـاهـظـة. وال شـك أن االنـتـخـابـات النيابية األكـثـر سخونة في تـاريـخ جـورجـيـا، شكّلت عـامـة فـارقـة فـي مـسـار تـطـور هذا البلد، الـذي شهد كثيرًا من التقلبات وخـاض صراعات عدة، أسفرت في وقت سابق عن اقتطاع أجزاء منه. هذا الوضع أدّى إلى استفحال معركة سياسية داخلية حادة بي طرفي، يدين أحدهما بالوالء لـ«الحلم األوروبي» التي ظل على مدى سنوات هاجسًا لطموحات كثيرين رأوا أن تبليسي العاصمة يمكن أن تتحول إلى «باريس قوقازية» إذا نعمت باألمن واالستقرار، وفقًا ملقولة رئيسة البلد سالومي زورابيشفيلي. وفي املقابل، ثمة طرف آخر حظي بدعم كامل من جانب الكرملي، يؤكد على ضرورة املحافظة على علقات وثيقة مع روسيا، رافعًا شعار «الحلم الجورجي» بديل عن األحلم الطامحة لتحالفات مع أوروبا و«الناتو». انتخابات تقلب صفحة جديدة في المواجهة بين موسكو والغرب موسكو : رائد جبر جورجيا: استقالل مخضّب بالثورات والدماء جـورجـيـا كـانـت بجبالها الـشـاهـقـة وسـواحـلـهـا > عـلـى الـبـحـر األســــود تـعـد «لـــؤلـــؤة» الـدولـة السوفياتية في زمان مضى. وكانت منتجعاتها الساحرة تعد على مــر العصور محط األنــظــار، ومـقـرات الـراحـة والضيافة للقياصرة والـزعـمـاء، الـذيـن تعاقبوا على مقعد الحكم في الكرملني. نــجــحــت هـــــذه الـــجـــمـــهـــوريـــة بـــعـــد انـــهـــيـــار االتـــحـــاد الـــســـوفـــيـــاتـــي الــــســــابــــق فـــــي أن تـــخـــطـــو ســــريــــعــــ ، مـثـل جــمــهــوريــات حـــوض الـبـلـطـيـق، نـحـو بــنــاء حـكـم جـديـد قـضـى عـلـى الـفـسـاد املـسـتـشـري املـــزمـــن، وكــــرّس مـبـادئ تـــداول السلطة وبـنـاء دولـــة حديثة. إال أنـهـا، رغــم ذلـك، ظـلـت حبيسة أقــــدار الــتــاريــخ والـجـغـرافـيـا. ولـــم تصلح مظاهر السيادة والعلم والنشيد الوطني ومشاعر سكان الـجـبـال الــتــواقــة إلـــى االســتــقــال، فــي تــجــاوز حقيقة أن هذا البلد الصغير يشكل امتدادًا طبيعيًا ملنطقة النفوذ الروسي في جنوب القوقاز. الـــتـــطـــورات الــتــي شـهـدتـهـا جــورجــيــا خـــال تـاريـخ قـصـيـر مــن «االســـتـــقـــال» أظــهــرت صـعـوبـة تـخـلـص بلد صغير ومحدود املوارد من هيمنة «األخ األكبر». فالبلد الـذي أعلن انفصاله عن االتحاد السوفياتي قبل أشهر مـعـدودة من إعـان الـوفـاة الرسمية للدولة العظمى في الــســابــق، ســرعــان مــا خـــاض حــربــ أهـلـيـة دامـــيـــة، قــادت بعد سـنـوات إلــى انـفـصـال إقليمي أبـخـازيـا وأوسيتيا الجنوبية بدعم روســـي. وتـم تكريس أمـر واقــع جديد، عــــزّز وجــــود الـــقـــوات الــروســيــة فـــي اإلقــلــيــمــ . ولـــم تمر سنوات قليلة بعد ذلك حتى جاءت «ثورة الزهور» التي أطـاحـت الـرئـيـس الـجـورجـي األول، إوارد شـيـفـارنـادزه، ووضعت خططًا للتقارب مع الغرب. هذه األحداث، إلى جانب اتهامات بتورّط جورجيا فـــي «حــــرب الـشـيـشـان الــثــانــيــة»، أدت إلـــى تـــدهـــور حـاد فـي الـعـاقـات مـع روسـيـا. وغـــذّى هــذا الـنـزاع أيضًا دعم ومــســاعــدة روســيــا املـفـتـوحـة النـفـصــال اإلقـلـيـمـ . ولـم تنجح االتفاقات التي أبرمها الطرفان في ظروف معقدة للغاية فـي تخفيف حــدة الـتـوتـر، بـرغـم الــتــزام موسكو بتنفيذ بنود حـول سحب القواعد العسكرية الروسية (الــــتــــي يـــعـــود تـــاريـــخـــهـــا إلـــــى الـــعـــهـــد الـــســـوفـــيـــاتـــي) مـن محيط مدينتي باتومي وأخالكاالكي. إذ جاءت الحرب لتكرس اقتطاع 2008 الـروسـيـة الـجـورجـيـة صيف عــام أبــخــازيــا وأوسـيـتـيـا الـجـنـوبـيـة نـهـائـيـ بـعـدمـا وصلت 3 الدبابات الروسية إلى العاصمة تبليسي في غضون أيام من املعارك الضارية، التي أجبرت الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي على االستسلم بوساطة أوروبـيـة، قضت بالقبول باألمر الواقع الجديد من دون االعتراف رسميًا باستقلل اإلقليمني، اعترفت بهما روسيا وعدد محدود مـن حلفائها، فـي مقابل انسحاب الـقـوات الـروسـيـة من األراضي الجورجية. هـــذه الخلفية مــهّــدت لـلـمـواقـف الـجـورجـيـة الحـقـ ، لجهة دعم أوكرانيا في الحرب مع روسيا. لكن في الوقت ذاته، برز تيار واسع داخل جورجيا حظي بدعم الكرملني، وطالب باالنكفاء عن «الحلم األوروبي» وتعزيز الروابط مـع الــجــارة الـكـبـرى روســيــا. وردّد أصـحـاب هــذا التيار مقولة تعكس تنامي القلق من أن تلقي جورجيا مصيرًا مـمـاثـا ألوكــرانــيــا فــي حـــال واصــلــت عـنـادهـا وتحديها لواقع الجغرافيا ودروس التاريخ. طبيعة جورجيا الجميلة (غيتي) ASHARQ AL-AWSAT يبدو أن نتائج االنتخابات ستدفع أكثر نحو تعاظم التأثير الخارجي على جورجيا من روسيا والغرب الرئيسة زورابيشفيلي (تاس)
RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==