issue16775

عالم الرياضة SPORTS 20 Issue 16775 - العدد Friday - 2024/11/1 اجلمعة التصويت له يعيد األمور إلى نصابها ويخلق حالة من التوازن فوز رودري بـ«الكرة الذهبية» أنصف فئة من الالعبين ال تحظى بالتقدير الالزم عـــنـــدمـــا كـــــان رودريـــــغـــــو هِـــرنـــانـــديـــز طالبًا يعيش داخل سكن جامعي ويدرس األعــمــال الـتـجـاريـة فــي جـامـعـة بمقاطعة قــســـطــلــونــة اإلســــبــــانــــيــــة، كــــــان، عـــلـــى حـد تعبيره، «الشخص العاجز الذي ال يفعل أي شيء على اإلطــاق». ربما كان يذهب لـــتـــنـــاول الـــعـــشـــاء، وربـــمـــا يــتــوقــف لـفـتـرة وجــيــزة عـنـد الـحـانـة، لكنه لــم يـكـن يفعل أيـــــ مــــن األشــــيــــاء الـــتـــي يــفــعــلــهــا زمـــــاؤه بعد انتهاء ساعات الـدراسـة. لم يستطع معظم زمـائـه فهم ذلـــك، حتى رأوه وهو يلعب ملصلحة فياريال. كان في التاسعة عــشــرة مـــن عـــمـــره، ولـــم يـقـل أي شـــيء عن مـسـيـرتـه الـــكـــرويـــة، ولـــم يـكـن زمـــــاؤه في الـــــدراســـــة يـــعـــرفـــون حـــتـــى أنـــــه العـــــب كـــرة قـــــــدم. واآلن، حـــصـــل رودري، وهــــــو فـي الثامنة والعشرين من عمره، على جائزة «أفضل العب في العالم»، ليكون بذلك أول إسباني يفوز بالكرة الذهبية منذ الراحل عامًا. 64 لويس سواريز قبل وفـــــــي يـــــــوم درامـــــــــــي هـــيـــمـــنـــت عــلــيــه االنــــتــــقــــادات واالتــــهــــامــــات بـــالـــظـــلـــم، كـــان تـتـويـج رودري بــهــذه الــجــائــزة املـرمـوقـة بــمــثــابــة عــمــل مـــن أعـــمـــال الـــعـــدالـــة، لـيـس لــــــــــرودري فــــقــــط، ولــــكــــن لــــهــــذه الـــفـــئـــة مـن الـاعـبـن واألشـــخـــاص، ولـفـكـرة وملـفـهـوم مـعـن، ولـلـجـمـاعـيـة الـتـي يـجـسـدهـا فــرد، بـل وربـمـا حـتـى لـكـرة الـقـدم نفسها. كما أن األمر شكل من أشكال العدالة إلسبانيا نــفــســهــا، حـــتـــى لــــو لــــم يُـــنـــظـــر إلـــيـــه بــهــذه الصورة في نادي ريال مدريد اإلسباني، الذي رفض مسؤولوه السفر إلى باريس عندما علموا أن فينيسيوس جونيور لن يكون الفائز. وحتى في مسرح «شاتليه»، عندما فتح النجم الليبيري جورج واياه الظرف وبــدأ يـقـول: «الـفـائـز هــــو...»، كـانـت هناك صــيــحــات تــقــول «فــيــنــيــســيــوس!» وكــانــت هـنـاك بعض الـصـافـرات عندما أُعـلـن عن فــــوز رودري بـــالـــجـــائـــزة. لــقــد كــــان األمـــر برمته محزنًا بعض الشيء، وكأن رودري قد فعل شيئًا فظيعًا ولم يلعب كرة القدم بشكل جيد للغاية. وعـاوة على ذلـك، لم يلتفت النجم اإلسباني إلى كل ما حدث، وتـحـدث بكل وضـوح وتــواضــع، كما هي حــالــه داخــــل املــلــعــب. وعــلــى الــرغــم مــن أن فينيسيوس لديه كل املبررات التي تجعله يؤمن بأحقيته فـي الـفـوز بالجائزة، فإن فكرة عدم استحقاق رودري الجائزة أمر سخيف. فـــعـــنـــدمـــا يـــتـــعـــلـــق األمــــــــر بـــالـــتـــأثـــيـــر عــلــى الــطــريــقــة الـــتـــي يـلـعـب بــهــا الــفــريــق، والـــتـــكـــيـــف مــــع كــــل الـــــظـــــروف، فــــا يــوجــد أحـــد مـثـل رودري فـــي حـقـيـقـة األمـــــر. لقد أكـد النجم اإلسـبـانـي مـــرارًا على أن دوره يتمثل في «مساعدة فريقي على تحقيق النجاح»، وقـد لعب دورًا حاسمًا بالفعل فـي فــوز مانشستر سيتي بلقب الـــدوري اإلنـــجـــلـــيـــزي املــــمــــتــــاز، كـــمـــا قـــــــاده لــلــفــوز بدوري أبطال أوروبا العام املاضي. ومع مـنـتـخـب إســـبـــانـــيـــا، حــصــل رودري عـلـى ،»2024 بــطــولــة «كـــــأس األمـــــم األوروبــــيــــة وهـــــي الـــبـــطـــولـــة الـــتـــي رجـــحـــت كــفــتــه فـي الــحــصــول عـلـى الــجــائــزة هـــذه املــــرة. وقـد وصفه جوسيب غوارديوال، مديره الفني في مانشستر سيتي، بأنه «أفضل العب خط وسط في العالم دون منازع»، بينما وصـــفـــه املـــديـــر الــفــنــي ملـنـتـخـب إسـبـانـيـا، لويس دي ال فوينتي، بأنه «الكومبيوتر املـثـالـي»، الـــذي قــاد منتخب بـــاده للفوز ببطولة اليورو. وأكــــــد غـــــوارديـــــوال أن فـــــوز مــواطــنــه والعـــب فـريـقـه بـجـائـزة «الـــكـــرة الـذهـبـيـة» لــــــ«أفـــــضـــــل العـــــــب فـــــي الـــــعـــــالـــــم» بـــمـــثـــابـــة لــحــظــة فــخــر ملــانــشــســتــر ســيــتــي، وأيــضــ بـــرهـــان عــلــى مـــا يـفـتـقـده الــفــريــق فـــي ظل غياب اللعب حتى نهاية املوسم بداعي اإلصـــابـــة. وأضــــاف غـــوارديـــوال: «قــبــل كل شـــيء بـالـطـبـع، التهنئة لــه ولـكـل عائلته وأصدقائه. إنه نبأ مذهل له، وبالطبع لنا جميعًا، الجميع في سيتي وجماهيرنا. نـــحـــن فـــــخـــــورون لـــلـــغـــايـــة بـــــه. إنــــهــــا املــــرة األولـــى». وأوضـــح: «لـم نكن لنتخيل قبل أعوام أن أحد العبينا سينال هذه الشرف العظيم. سعداء أيضًا بأننا جزء من هذا، وأن نتشارك معه فيه. وأتمنى أن يمنحه هــــــذا اإلنـــــجـــــاز الـــطـــاقـــة لـــلـــتـــعـــافـــي بـشـكـل جـيـد مــن أجـــل املــوســم املـقـبــل، وأن يـكـون مـعـنـا مـــجـــددًا». وأصــبــح رودري عنصرًا محوريًا فـي صـفـوف سيتي منذ انتقاله ،2019 مـــن صـــفـــوف أتـلـتـيـكـو مـــدريـــد فـــي بــاملــائــة فقط 11 حـيـث خـسـر الــفــريــق فـــي مـــن املـــبـــاريـــات الــتــي شــــارك فـيـهـا الـاعـب 24 اإلســــبــــانــــي، مـــقـــارنـــة بـــالـــخـــســـارة فــــي باملائة من املباريات التي غاب عنها. لــقــد وافــــق عــــدد كــــاف مـــن املـصـوتـن شـخـص (حـقـيـقـة أن 100 الــبــالــغ عـــددهـــم هذه ديمقراطية، وإن كانت معيبة، تُنسى بـسـهـولـة) عـلـى مـنـحـه هـــذه الـجـائـزة. لقد نهض رودري، وتسلم عكازيه من روبن دياز، الذي شكره على مــرافــقــتــه إلــــى فـــرنـــســـا، وتــقــدم بــــبــــطء إلــــــى املـــــســـــرح، حــيــث ســــاعــــده ديـــديـــيـــه دروغــــبــــا فـــي الــــوصــــول إلــــى املــكــان املــــــحــــــدد لـــــــه. لــــقــــد أكــــد رودري مــــــــــرارًا عــــــلــــــى أنــــــــــــه لــــم يــــــــــكــــــــــن يـــــهـــــتـــــم بـالـحـصـول على هــــــــذه الـــــجـــــائـــــزة، لكن حتى لو كان هـــــــــــــذا صــــحــــيــــحــــ مـــن قــبــل، فــــإن األمـــر يختلف تـمـامـ عندما تـصـعـد املــســرح وتمسك الجائزة بيديك. لقد تنهد عــــنــــدمــــا نــــظــــر إلـــــــى الــــجــــائــــزة، وكـــانـــت مــشـــاعـــر الـــســـعـــادة واضـــحـــة تمامًا عليه، قال: «لم أكن أتخيل مطلقًا أن يحدث هذا يومًا ما». وقال رودري: «إنه ليس انتصارًا لي؛ بل لكرة القدم اإلسبانية»، مرددًا أكثر من مـــرة كـلـمـة «بـــلـــدي». وأشـــار إلـــــى العــبــن آخــــــــــريــــــــــن كـــــــان بــــإمــــكــــانــــهــــم، وربــــــمــــــا كــــان يــــــنــــــبــــــغــــــي لهم، الفوز بــــــــــــــهــــــــــــــذه الـــجـــائـــزة، وكــانــوا جميعهم من إسبانيا، حيث ذكـر أسماء تـشـافـي هِــرنـانـديـز، وآنــدريــس إنييستا، وإيكر كاسياس، وسيرجيو بوسكيتس. وأشـــار أيـضـ إلــى دانـــي كـارفـاخـال، الـذي تـــعـــرض لـــإصـــابـــة نــفــســهــا فــــي الـــركـــبـــة، والذي قال إنه كان يستحق أن يكون على املسرح. وكـــانـــت هـــذه الــرســالــة تشبه كــثــيــرًا مـــا قـــالـــه رودري خــال مشاركته مـع منتخب بـاده فــــي نـــهـــائـــيـــات كـــــأس األمــــم األوروبـــــــــيـــــــــة فــــــي أملــــانــــيــــا. فـــــي بــــعــــض األحــــــيــــــان كــــان مـــن املــمــكــن رؤيــــة رودري كــأنــه املــــدرب الفعلي لــــــــلــــــــمــــــــنــــــــتــــــــخــــــــب اإلسباني. وقال رودري: «إنني أعــــتــــقــــد دائــــمــــ أن دور العــب خــــط الـــوســـط مـــــهـــــم جـــــــدًا؛ مـــــــن حـــيـــث الـقـيـادة، ومــــــــــــــــــــــــــن حــــــيــــــث الـــنـــواحـــي الــخــطــطــيــة والــتــكــتــيــكــيــة، ومــا يـــحـــدث داخـــــل املـــلـــعـــب. أحــــب هــــذا الـــــدور، وهــــو الـــــدور الــــذي يــجــب أن يـلـعـبـه العــب خط الوسط إذا كان يريد أن يعمل الفريق بشكل جيد». فــي الـــواقـــع، كـــان رودري يــــؤدي هـذا الـــــدور الـــقـــيـــادي دائـــمـــ، وبــشــكــل طبيعي وتلقائي، على الرغم من أنه روى قصة في حـفـل يــوم االثـنـن عـن كـيـف كــان مستعدًا من عمره، 17 ذات يــوم، عندما كـان في الـــ لترك كرة القدم بأكملها. لقد كان يكرس حـيـاتـه لـكـرة الــقــدم، لكنه شـعـر بـأنـه غير قـادر على مواصلة اللعب، قبل أن يقنعه والــــده بـاالسـتـمــرار. وقــــال: «حـتـى عندما كنت طـفـاً، كنت أفهم املـبـاريـات وأقـرأهـا بشكل جيد. وعندما كـان الفريق ينجح، كـنـت أستطيع أن أرى الـسـبـب وراء ذلـك، وكــــيــــف كــــــان الــــفــــريــــق يـــخـــلـــق املـــســـاحـــات الــــــازمــــــة داخــــــــل املــــلــــعــــب. وكــــنــــت أتـــوقـــع تــحــركــات الـــاعـــبـــن». وعـــــاوة عـلـى ذلـــك، كـــان رودري يـسـتـمـع لـنـصـائـح الـاعـبـن األكـثـر خـبـرة. ويـتـذكـر إلـكـاي غـونـدوغـان كـيـف كـان رودري، فــي مـوسـمـه األول مع مانشستر سيتي، يبقى فـي الـنـادي بعد دقيقة 35 أو 30 انـتـهـاء الــتــدريــبــات ملـــدة كــل يــــوم، لـيـس ملــواصـلــة الــتــدريــب، ولـكـن للتحدث واالســتــمــاع. يـقـول غـونـدوغـان: «كــــــان دائــــمــــ يـــنـــاقـــش ويـــتـــعـــلـــم ويــســعــى إلتقان الطريقة التي يلعب بها». وقبل كل شيء، فإنه يساعد الجميع داخــــــل املـــلـــعـــب، حـــيـــث يـــؤمـــن بـــــأن األداء الـجـمـاعـي هــو وظـيـفـتـه. ويــقــول عــن ذلــك: «إذا اتخذت قرارات جيدة، فسيقوم الفريق بأشياء جيدة». قد ال يرى الجمهور دائمًا هـــذا الــــدور، ومـــن هـنـا يـأتـي الـتـنـاقـض... هناك لحظة تصبح فيها حقيقة «التقليل من شأنك» صفة يقيَّم اللعب من أجلها. ويــجــذب الــتــواضــع والـــهـــدوء والـتـلـقـائـيـة االنـــتـــبـــاه، ويــســاعــد الـعـمــل الـــجـــاد الـذكـي والــــجــــمــــاعــــي عـــلـــى وصـــــــول الـــــاعـــــب إلـــى املكانة التي يستحقها في نهاية املطاف. لقد أصبح التصويت له كأنه واجب إلعـادة األمـور إلـى نصابها ولخلق حالة مــن الـــتـــوازن. فــي الـحـقـيـقـة، ســـوف يــؤدي حصول رودري على «الكرة الذهبية» إلى حدوث تحول في عالم كرة القدم، وإعادة تـعـريـف األولــــويــــات، بـحـيـث ال تــركــز كـرة الــقــدم بـالـكـامـل عـلـى األهــــداف أو النجوم الــــذيــــن يـــســـعـــون لــخــطــف األضـــــــــواء؛ عـلـى الـــرغـــم مـــن أن األحــــــداث املــثــيــرة املـحـيـطـة بـعـدم فــوز فينيسيوس بـالـجـائـزة تشير إلــى أنــه لـم يُتغلب عـلـى هــذا األمـــر تمامًا حـــتـــى اآلن. إن مـــنـــح رودري الـــجـــائـــزة ال يــعــنــي فــقــط االعــــتــــراف بــمــا فــعــلــه هــذا اللعب، ولكن يعني إعطاء التقدير اللزم لـهـذا الـنـوع مـن الـاعـبـن وألهميتهم في الـــفـــرق الـــتـــي يــلــعــبــون لـــهـــا، ولـــهـــذه الـفـئـة من اللعبي الذين كان ينبغي لهم الفوز بهذه الجائزة من قبل، بل وللعدالة ولكرة الـــقـــدم نـفـسـهـا. وقــــال رودري: «وجــــودي هنا يعكس أهمية العبي خط الوسط: لم يحصلوا على التقدير الذي يستحقونه، لكنهم أصبحوا في دائرة الضوء اليوم». وقـبـل بـطـولـة كـــأس األمـــم األوروبــيــة فــي الـصـيـف املــاضــي، أكـــد ألــفــارو مـوراتـا حينئذ على أن رودري كان ليفوز بجائزة «الـكـرة الذهبية» بالفعل لـو روج لنفسه أكـثـر قـلـيـاً؛ فـالـطـالـب الـجـامـعـي الـــذي لم يـخـبـر الـجـمـيـع بــأنــه العـــب كـــرة قـــدم كـان بـحـاجـة إلـــى الــتــحــدث قــلــيــاً. وقــــال قـائـد منتخب إسبانيا: «كـان بإمكانه أن يفوز بالجائزة بسهولة العام املاضي؛ فكل ما ينقصه هــو الـتـسـويـق لـنـفـسـه، وأقــــول له ذلــك دائــمــ ». وقـــال رودري ردًا عـلـى ذلـك: «لكنني ال ألعب كـرة الـقـدم مـن أجـل هـذا. يخبرني فـي بعض األحــيــان بـأنـه يتعي علي فعل هذا الشيء أو ذاك، لكنني أفهم كرة القدم بشكل مختلف. وأنا أعرف كيف تسير األمور؛ لذلك ال أشعر باإلحباط. ال يزعجني هــذا األمـــر، لكن لـو أراد أحدهم ذات يـوم مكافأتي على العمل الـذي أقوم بـــــه، فـــهـــذا أمـــــر مـــرحـــب بــــــه». وفـــــي مــســاء االثني املاضي في باريس، كوفئ بالفعل هذا النجم الكبير على العمل الرائع الذي يقوم به. * خدمة «الغارديان» *لندن: سيد لوي »2024 قاد رودري المنتخب اإلسباني للفوز بـ«يورو رغم أن فينيسيوس لديه مبررات تجعله يؤمن بأحقيته بالجائزة... فإن فكرة عدم استحقاق رودري لها غير صحيحة رودري وعيتانا بونماتي العبة برشلونة توجا بالكرة الذهبية ألفضل العبين في العالم (رويترز) رودري وغارديوال (غيتي)

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==