موسم النزول إلى الوحل قـبـل أيـــام مــن االنـتـخـابـات الـرئـاسـيـة األمـيـركـيـة، يشتد القنص املتبادل بني املرشحني دونالد ترمب وكاماال هاريس. ســخــر تـــرمـــب مـــن فــرقــعــة ضــحــكــاتــهــا، وعــــدّهــــا غــيــر جــديــرة بمنصب ومناطحة شخصيات قوية مثل فالديمير بوتني وشي جينبينغ. هاريس لم تتردد في وصفه بالفاشي بعد حديث رئيس موظفي البيت األبيض السابق جون كيلي أن ترمب معجب بهتلر، ويروق له الوالء املطلق من جنراالته له، وقال إن الزعيم النازي فعل بعض األشياء الجيدة. مع األميال األخيرة ينزل الجميع في الوحل، ويستخدم الجميع كل الحيل الرخيصة للنيل من الخصم. «بورتوريكو عبارة عن جزيرة قمامة عائمة»، هكذا قال املعلق الكوميدي توني هنشكليف في تجمع انتخابي في نيويورك، وأحرج ترمب في وقت حساس. ولكن هذه الفرصة املناسبة لهاريس أضاعها عليها بايدن الذي وصف أنصار ترمب بـ«القمامة». ترمب لم يتردد في استخدام هذه الهفوة لرصيده، عندما قاد شاحنة جمع القمامة، وقال للصحافيني، وهو يرتدي سترة العاملني: «شاحنة القمامة تكريم لبايدن وهـاريـس». وقبل ذلــك اخـتـار تـرمـب أن يـتـحـوّل لبائع فـي مطعم مـاكـدونـالـدز ليحرج هاريس، التي يقول إنها ادّعت أنها عملت في صغرها في هذا املكان. هاريس وجّهت بندقيتها من جديد إلى ترمب، ووصفته باملجنون واملضطرب. وســـنـــشـــهـــد فـــــي األيـــــــــام املـــتـــبـــقـــيـــة مـــــزيـــــدًا مـــــن الـــهـــجـــوم الشخصي املقزز واالدعـاءات املسمومة في معركة ال تعترف بالقواعد. املفارقة أن كل هـذا الهجوم الوضيع من الطرفني يـأتـي بعد األحــاديــث الـتـي قالها الـبـعـض، وهــي أن محاولة اغتيال ترمب ستغير من املشهد وتجعله أكثر تهذيبًا ولياقة. ولـكـن الــواقــع أن العكس هـو الـــذي حـــدث. لـم تمر ســوى أيـام من الهدنة، ولكنها خرقت سريعًا وهـو أمـر متوقع. السبب أن طبيعة العملية السياسية تـغـيـرت بـعـد دخـــول عناصر كـثـيـرة، وال يمكن إعــــادة عــقــارب الـسـاعـة إلـــى الـــــوراء. مــع أن الخالفات قديمة بني الجمهوريني والديمقراطيني، املحافظني والـلـيـبـرالـيـ ، الـيـمـ والــيــســار، فـــإن الــتــحــوالت السياسية واإلعالمية والتقنية أجّجتها. 40 هل كان من املنتظر أن تصعد الظاهرة الترمبية قبل عامًا؟ على األرجح ال، ألن الحزب القوي الذي يحرك القواعد الشعبية ويـسـيـطـر عليها سيلجمه ويـمـنـعـه مــن الـتـرشـح. سابقًا كـان الـحـزب أقــوى مـن الـفـرد، ولكن مـع ظهور ظاهرة الـفـرد النجم، أصبح الـفـرد أقــوى مـن الـحـزب. الـحـزب أصبح 2015 بحاجة إليه، وليس العكس. ونعرف أنه في انتخابات أرغم ترمب الجمهوريني بعد أن هزمهم واحدًا تلو آخر على الوقوف في صفّه. واآلن بعد أن تالسن معهم بعد هزيمته في االنتخابات األخيرة، عـادوا اآلن لدعمه بشكل كامل، ألنه لم يعد لهم خيار سوى الركوب في قطار ترمب. لقد خلق ترمب للمرة األولــى ما يسمى بعبادة الشخصية وثقافة الطائفة املــهــووســة، ويـتـمـنـى بـعـض الـجـمـهـوريـ املــعــارضــ لــه أن يتعرض ترمب للهزيمة حتى يستعيد الحزب قوته ويفيق أنصاره من الغيبوبة. الــــتــــحــــوالت اإلعــــ مــــيــــة والـــتـــقـــنـــيـــة زادت مـــــن حـــالـــة االســتــقــطــاب واالنـــقـــســـام. ولـــهـــذا بــــدا غــريــبــ وخـــارجـــ عن املألوف (رغم أنه صحيح) موقف جيف بيزوس في الدفاع عــن تـوجـه صحيفته «واشــنــطــن بــوســت» مــن الـتـوقـف عن دعم أي مرشح. في العقد األخير، تحوّل اإلعـ م املشحون إلى منصات دعاية حزبية بني اليمني واليسار، وتعرضت املـهـنـيـة لـضـربـة قــاســيــة. ودخــــول مـنـصـات الــتــواصــل رفـع مستوى الغليان إلى درجات غير مسبوقة، حيث أصبحت في بحث ال يتوقف عن فضائح وأخطاء كل طرف، وإعادة نشرها وبثّها على أوسـع نطاق. لقد هاجم الجمهوريون بـقـسـوة بــايــدن بـعـد أن تـعـثـر عـلـى الـسـلـم وتـــحـــوّل املشهد املثير للشفقة إلى سخرية واسعة. والحقت السمعة السيئة ترمب بعد محاكمات بتهم التحرش واالغتصاب، حرّكها خــصــومــه مـــن الــديــمــقــراطــيــ . حـــوّلـــت مــنــصــات الــتــواصــل االنـتـخـابـات مـن مـوسـم يستمر لبضعة أشـهـر إلــى موسم سنوات من الفضائح 4 . سنوات 4 يستمر، ال يتوقف طيلة التي ال تنتهي، حتى بدخول الرئيس إلى البيت األبيض. عصافير عدّة بحجر واحد نالحظ تفاقم الظواهر االجتماعية وتشعبها على نحو ينتج مشاعر العجز واإلحــبــاط مـن كـثـرة تعقيد الظواهر االجتماعية وصعوبة معالجتها، في لحظة عاملية تنتصر للمادي والفرديّ، وتهمل األسر واملجتمعات. طبعًا الظواهر ذات الصلة بالعنف واالنحراف والتفكك وانهيار القيم والفقر والتسول واالتـجـار بالبشر والجهل تتضاعف تداعياتها وتنتشر في املجتمعات التي يتعثر انتقالها من طور املجتمع التقليدي إلى الحداثي. لذلك فإن املشكل يبدأ من صعوبات االنتقال باملجتمع الـذي يعاني التشظي واالنـفـصـام والــتــردد بـ نسقني ثقافيني، بشكل يقودنا إلى ما يمكن أن نطلق عليه «الضياع الثقافي». واملشكل األكـبـر ال يكمن فقط فـي املـوقـف مـن الحداثة الــتــي بــاتــت قــــدَرًا ال مــهــرب مــنــه، بــقــدر مــا هــو فــي املجتمع الرافض، والـذي أصبح من الظواهر االجتماعية املتراكمة، األمر الذي يُغرق املجتمع ويلقي به في حلقة مفرغة. وأمـــام حتمية اإلصـــ ح واملعالجة والعمل على وقف الــنــزيــف الــحــاصــل مـــن الــظــواهــر االجـتـمـاعـيـة املـقـلـقـة، فـإن املنهجية األسلم واألكثر نجاعة ليست حل كل مشكلة على حــدة، بـل فـي توخي استراتيجية االشتغال على مشكالت كبرى ذات مــردود إيجابي على مشكالت أخــرى؛ كمعالجة مـنـظـومـيـة تــصــب فـــي الـــوضـــع االقـــتـــصـــادي واالجــتــمــاعــي والثقافي، وتعمل على التخفيض مـن شـدة وحـــدّة ظواهر مزعجة ومكلفة بكل املعاني. مــن هـــذه املـشـكـ ت الـكـبـرى الـتـي لــو نـركـز عـلـى حلها ومــعــالــجــتــهــا بـــجـــديـــة، فـــإنـــهـــا ســـتـــســـاعـــدنـــا عـــلـــى تـحـقـيـق انــتــعــاشــة اقــتــصــاديــة واجــتــمــاعــيــة، وهــــي مــســألــة تشغيل الـنـسـاء. والــرهــان على تشغيلهن ليس مـن بــاب التشغيل فقط، وإنما من منطلقات عدة وبهدف إسقاط عصافير عدة بحجر واحد. لنطرح السؤال بكل بساطة: ماذا يمكن أن تربح الدولة عـنـدمـا تـضـع عـمـل املــــرأة ضـمـن أولـويـاتـهـا؟ مــن خـــ ل هـذا السؤال الواضح البسيط نصل إلى إجابات يمكن تقديرها ماديًا وتحديد مقدار الربح فيها. ففي الـبـدايـة، الــرّهــان على عمل املـــرأة ووضـع اآللـيـات الالزمة لدمجها في الدورة االقتصادية سيحسّنان آليًا من أداء عجلة التنمية وحـجـم الـثـروة فـي االقـتـصـاد الوطني. وباعتبار أن التوجه اليوم في كل االقـتـصـادات إنما يعزز املــبــادرات الـخـاصـة، فــإن النساء يمكنهن أن يمثلن أحسن تمثيل فــي تـعـزيـز ثـقـافـة املـــبـــادرات الـخـاصـة فــي املجتمع، وغرسها في عقلية األجيال الصاعدة. ولتأمني عمل النساء والفتيات والتقليص أكثر مـا يمكن مـن نسبة البطالة في صـفـوفـهـن، والـــتـــي تــقــدر عـلـى األقــــل بـضـعـف نـسـبـة بطالة الـرجـال فـي غالبية الـبـلـدان، فـإنـه ال بـد مـن خـطـوط تمويل ملــشــاريــع مـتـنـاهـيـة الــصــغــر ومـــشـــاريـــع صــغــرى ومــشــاريــع متوسطة واتــخــاذ إجـــــراءات جــاذبــة للمشاريع النسائية، وخلق مؤسسات تتولى تأهيلها ومرافقتها. وعندما تتوفر هذه اإلرادة فإن أول ما تجنيه الدولة هو اقتصاد ال مكان فيه للتمييز على أسـاس «الجندر»، وسيرتفع عـدد الناشطني فــــي االقــــتــــصــــاد، وســيــنــخــفــض عـــــدد الـــفـــقـــراء واملــحــتــاجــ والجائعني واملـتـسـولـ ... وأيـضـ مؤشر الـدولـة فـي مجال الــعــمــل سـيـتـحـسـن وتــتــضــاعــف الــنــتــائــج واألربـــــــاح عـنـدمـا تتحلى الـــدولـــة بـشـجـاعـة تـطـويـر الـتـشـريـعـات الـتـي تقوي املـقـاربـة الحقوقية ملـجـال العمل واألعــمــال وعـطـل األمـومـة واملساواة بني الجنسني. وكل تطوير في التشريعات يفتح آفاقًا رحبة للدولة للتمتع بدعم ومساعدات تمكّن الدولة من تغطية تكلفة هذه التشريعات التي تجرأت على وضعها. إن رهان الدول على عمل النساء، وتوفير مناخ أعمال جاذب لهن ويعترف بهن ويتعاطى معهن بوصفهن فاعالت رئيسيات في عملية خلق الـثـروة، ليس فقط طريقة جيدة لخفض نسبة البطالة في املجتمعات، بل أيضًا آلية فعالة للقضاء على الفقر والجوع بوصفهما الهدفني الكبيرين من أهداف التنمية املستدامة. بل إن الدول تضرب عصافير عدة بحجر واحد: أوال كل امرأة تنخرط في عالم العمل ستكون خارج دائرة الفقر والجوع. وثانيًا العائلة الفقيرة ستكون أفضل عندما تعمل األم، واألب سيكون أكثر قوة وصمودًا في دفع الفقر والجوع عن عائلته عندما تكون زوجته فاعلة وداعمة له في تسيير األسرة اقتصاديًا. من جهة ثانية، فإن عمل النساء يجعل ظواهر االنقطاع املبكر عن الدراسة تتراجع، وانحراف األطفال بسبب الفقر واإلهمال يقل؛ بمعنى آخر: العائلة التي تحصل على راتبني آخـر كـل الشهر، أو مدخولني اثـنـ ، هـي عائلة ذات هيكلة اقتصادية أكثر قدرة على الصمود من غيرها. باستطاعة كل دولـة أن تستفيد من قـدرات مواطنيها ومواطناتها من أجل تنمية مستدامة ومجتمع أكثر مناعة من ظواهر الفقر واالنحراف بسببه. OPINION الرأي 12 Issue 16775 - العدد Friday - 2024/11/1 اجلمعة وكيل التوزيع وكيل االشتراكات الوكيل اإلعالني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] املركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 املركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى اإلمارات: شركة االمارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 املدينة املنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب األولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية املوجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها املسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة ملحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي باملعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com حوّلت منصات التواصل االنتخابات من موسم يستمر لبضعة أشهر إلى موسم يستمر سنوات 4 طيلة ممدوح المهيني باستطاعة كل دولة أن تستفيد من قدرات مواطنيها ومواطناتها من أجل تنمية مستدامة آمال موسى بـعـد أكــثــر مــن سـنـة هــي عـمـر الـحـرب الــتــي شـنـتـهـا إســـرائـــيـــل عــلــى قــطــاع غـــزة، والـــتـــي اتـــخـــذت ســمــة اإلبـــــــادة والـتـطـهـيـر الـعـرقـي بـشـهـادة محكمة الـعــدل الـدولـيـة، نشأ بـمـبـادرة سـعـوديـة التحالف العاملي لحل الدولتني، إلقامة الدولة الفلسطينية، ومن خالل املشاركات الواسعة، في اللقاء الرسمي األول، تبلورت إجابة استراتيجية عـــن الـــســـؤال الــــذي انـشـغـل الــعــالــم بـــه منذ األيام األولى على حرب غزة... سؤال اليوم التالي وكيف يجب أن يكون؟ كـــان طـــرح الـــســـؤال لـيـس فـقـط سابقًا ألوانــه، بل عديم الجدوى في األســاس، ملا انــطــوى عليه مــن معالجة لـلـفـرع بتجنب مـعـالـجـة الـــجـــذر، وكــــأن الـــحـــرب عـلـى غـزة الـــتـــي تــــطــــورت إلـــــى ســـبـــع حــــــروب شـمـلـت جــغــرافــيــا الـــشـــرق األوســــــط كـــلـــه، وأنـــــذرت بتطورها لحرب إقليمية دولية، هي مجرد جــزئــيــة مـــن مـــكـــونـــات االشـــتـــعـــال الــشــامــل فــي املـنـطـقـة، أو أنـهـا تجسيد للمصطلح األميركي البائس الــذي يعد كل ما تفعله إســرائــيــل مــن قـتـل وتـدمـيـر واحـــتـــ ل حقًا مشروعًا في الدفاع عن أمنها ووجودها. بـــفـــعـــل اســــتــــمــــرار الـــــحـــــرب، وفــــداحــــة خـسـائـرهـا عـلـى كـــل الــجــبــهــات، تــجــاوزت الترتيبات املقترحة لليوم الـتـالـي كيفية إدارة غـــزة بـعـد الـــحـــرب، مـــا أظــهــر حـاجـة ملحة للذهاب إلى الجذر، بحيث أصبحنا أمـام استحقاقات يـوم ثـان مختلف، ليس مـن أجــل ترتيب الـوضـع اإلداري فـي غـزة، وال لتطبيق القرارات الدولية بشأن الحرب فـــي جــنــوب لــبــنــان، وال حــتــى ملـعـالـجـة أو احتواء مساجالت الرد والرد على الرد بني إيــران وإسرائيل، وإنما من أجـل التوصل إلى ترتيبات وتسويات تخرج املنطقة من دوامـــة حــروب ال تتوقف، جـذرهـا القضية الــفــلــســطــيــنــيــة الــــتــــي إن لــــم تـــكـــن الــســبــب الرئيسي في معظم الحروب، فهي الذريعة الستخدامها في كل الحروب. والدة الـــتـــحـــالـــف الــــعــــاملــــي مـنـطـقـيـة وضــــروريــــة بـفـعـل اإلجــــمــــاع الــــدولــــي على أدبـيـاتـه وأهـــدافـــه، وانـسـجـامـه املـطـلـق مع الشرعية الـدولـيـة ومواثيقها وقـراراتـهـا، وكــــذلــــك بــفــعــل الـــحـــاجـــة الـــدولـــيـــة لـــهـــدوء واســــتــــقــــرار، فـــي واحــــــدة مـــن أهــــم مـنـاطـق الــــعــــالــــم... ذلـــــك فــــي الـــســـيـــاق الــــعــــام. غـيـر أن بُــــعــــدًا جــــديــــدًا تـــبـــلـــور قـــبـــل حـــــرب غـــزة وامتداداتها، ومرشح لالستئناف بعدها، وهـــــو اســـتـــكـــمـــال الــتــطــبــيــع الـــرســـمـــي بـ الدول العربية وإسرائيل، الذي توقف أمام الجدار السعودي، وها هو يعود الحديث عنه والعمل من أجله. لم تضع اململكة شرطًا تعجيزيًا لقاء دخولها مسار التطبيع املقترح أميركيًا، بل طرحت تنفيذ ما أجمع العالم عليه قبل مسيرة التطبيع وبعدها، ذلك بنقل مسألة الـــدولـــة الـفـلـسـطـيـنـيـة مـــن دائـــــرة الـحـديـث اإلعــــ مــــي عـــن حـــل الـــدولـــتـــ ، إلــــى مـسـار فـعـل حقيقي بعد أن أوشـــك مصطلح حل الدولتني أن يتحول إلى مصطلح فلكلوري يقال في املناسبات فقط. التحالف العاملي لـن تسير فعالياته التنفيذية على طرق ممهدة، ولن تتحقق أهدافه بسهولة صياغة أدبياته والتوافق عـــلـــيـــهـــا، بــــل ال بــــد مــــن مــــقــــومّــــات تـضـمـن نـجـاحـه وتـجـنـبـه مـصـيـر املــــبــــادرات الـتـي سبقته، وهـذا يحتاج إلـى وجـود رافعتني أساسيتني، أوالهما: الرافعة الفلسطينية التي لن تكون فعّالة في املسارات املأمولة للتحالف الـعـاملـي، إذا بقيت عـلـى حالها من انقسام وتشتت وتناقض في البرامج وتنازع على النفوذ، خصوصًا أن األعباء اإلضافية التي أنتجتها الحرب على غزة، هـــي مـــن الـثـقـل بـحـيـث تـعـجـز الــجــبــال عن حملها. وثـــانـــيـــتـــهـــا: الـــرافـــعـــة الـــعـــربـــيـــة الــتــي يـنـبـغـي أال يــتــوقــف دورهـــــا عــنــد املــبــاركــة والتأييد، وهــذا ما تعمل السعودية على معالجته بـالـدعـوة لقمة عربية إسالمية للمتابعة. أمّـــا الـرافـعـة الفلسطينية الـتـي أعيت الـــعـــالـــم فــــي مــــحــــاوالت إنــــهــــاء انــقــسـامــهــا وتشتت قـواهـا وتـنـاقـض بـرامـجـهـا، فهي بـــحـــاجـــة إلــــــى مـــعـــالـــجـــة عـــاجـــلـــة مــــن دون إبطاء، ومـن الصيغ املقترحة لذلك، دعوة املجلس الوطني، وبمشاركة الجميع في دورة استثنائية توحيدية تعقد في مقر جامعة الــدول العربية في القاهرة لينتج عنها إعالن الوحدة وتبني برنامج وطني واحـــــد، وهــــذا مــا يــوفــر لـلـتـحـالـف الـرافـعـة املهمة فيه. إن مرحلة جديدة تحمل عنوان الدولة الفلسطينية تبدأ بالفعل، وينبغي أن تبدأ معها صيانة وتقوية الرافعات. التحالف العالمي لحل الدولتين إلقامة «الفلسطينية» نبيل عمرو مرحلة جديدة تحمل عنوان الدولة الفلسطينية تبدأ بالفعل... وينبغي البدء معها بتقوية الرافعات العربية والفلسطينية
RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==