issue16773
بات التساؤل المطروح بقوة ونحن على عتبات موعد الانتخابات الرئاسية في أميركا في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: هل انتخابات الــرئــاســة الأمــيــركــيــة المـقـبـلـة هـــي الأهــــم فـــي تـاريـخ البلاد؟ المؤكد أنه ليست أعين الأميركيين فحسب التي تتطلع للجواب عن هذا التساؤل، بل بقية أطياف وأطـــــراف الــعــالــم، لا سيما فــي ظــل حـالـة الفوضى الأممية السائدة، وانعدام اليقين لجهة مآلات الغد الاقتصادية والعسكرية على حد سواء. تــــبــــدو الـــحـــقـــيـــقـــة أن كــــل نـــتـــائـــج انـــتـــخـــابـــات، والحكومات التي تفرزها، ليست سـوى مؤشرات تُظهر المشاعر والتوجهات العامة السائدة، كما أن الإدارات الـولـيـدة، جمهورية كانت أم ديمقراطية، لا تـفـعـل أكـــثـــر مـــن إرســــــاء الــنــظــام الـــعـــام، وبـــلـــورة توجهات تبنّاها الشعب الأميركي عاطفياً وفكرياً. ثـ ثــة مـشـاهـد لا تُـنـسـى فــي تــاريــخ الــولايــات المتحدة الأميركية تؤكد ما نقوله، وتلقي بظلالها على الانتخابات المقبلة. بــدايــة مــن عـنـد الـرئـيـس الـثـانـي لـلـبـ د، جـون آدامز، ذاك الذي عبّر بطلاقة عن العلاقة بين المشاعر والـفـعـل، عندما أشــار إلــى أنــه قبل وقــت طويل من إطـــ ق الـرصـاصـة الأولـــى فـي ليكسينغتون، التي أشعلت حـرب الاستقلال ضـد البريطانيين، كانت «الثورة قد اندلعت في عقول الناس». ثانياً، حين جرى إطلاق الرصاص في معركة ، كـــانـــت الـــبـــ د منقسمة 1861 فـــــورت سـمـتـر عــــام بالفعل، ومهيأة لأربع سنوات من الحرب الأهلية. ، كان الأميركيون قد حسموا 1964 ثالثاً عام أمرهم بشأن الحقوق المدنية وإنصاف الأميركيين من أصل أفريقي، قبل وقت طويل من اغتيال جون كـيـنـدي، الـــذي ضـمـن فعلياً إقــــرار قــانــون الحقوق المدنية. أي إدارة ينتظرها الأميركيون؟ المـــقـــدمـــات تــقــود إلــــى الــنــتــائــج، والــــصــــراع في الداخل الأميركي اليوم ينتقل من مستوى النسبي إلـــى المــطــلــق، والـديـالـكـتـيـك الــديــنــي الــــذي أشعلته كـامـالا هـاريـس قبل أيــام فـي جامعة ويسكونسن، كفيل بإطلاق شرارة الصراعات العقدية الدوغمائية في عقول وقلوب التيار الديني اليميني، ما يرجح من كفة المرشح الجمهوري ويختصم من حظوظها. دارت عــجــلــة الانـــتـــخـــابـــات المـــبـــكـــرة بــالــفــعــل، ومــعــهــا بـــــدأت مــشــاعــر «الـــتـــخـــويـــن والـــتـــخـــويـــف»، الأولى من جراء إرث الانتخابات الرئاسية الماضية ، والـثـانـيـة نتيجة لـ تـهـامـات المتبادلة 2020 عـــام وســوط العقاب الــذي ينتظر المـزوريـن والمتلاعبين بالأصوات، سواء كان هذا العقاب رسمياً من خلال دوائــر إنفاذ القانون الدستورية، أو شعبوياً عبر انفلات يتجاوز النظام العام، وربما يعرّض حالة الاتحاد الفيدرالي لخطر داهم. أهمية الانتخابات المقبلة تتأتى من التساؤل عن الـرؤيـة الخاصة بالسياسات الخارجية، ربما قبل الداخلية، وهنا تبدو كتلة ترمب هي الوازنة وبـــجـــدارة فـــي مــواجــهــة هـــاريـــس الــتــي أخـفـقـت في مـكـانـهـا عـبـر أربــــع ســنــوات فــي تحقيق أي نتائج خلاقة مع بايدن، ولا تمتلك أي مؤشرات لسياسات واضحة للتعامل مع العالم وراء المحيطات. مفصلية بالنسبة إلى 2024 تبدو انتخابات روسيا، حيث سيرث الرئيس القادم جرحاً مفتوحاً فـي أوكـرانـيـا، ومـن بعده تـسـاؤل ربما هـو الأخطر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية: ماذا سيكون من شـأن علاقة بوتين بــ«الـنـاتـو»، حتى بعد أن تضع حرب أوكرانيا أوزارها؟ إنها انتخابات مصيرية غالباً بالنسبة إلى الـصـ ، حيث المـــنـــاورات العسكرية الأخــيــرة حول جــزيــرة تـــايـــوان، تـجـعـل مــن «فـــخ ثـيـوسـيـديـديـس» أقرب الآن من أي وقت مضى. ومــــــا بـــــ بـــكـــ ومــــوســــكــــو، بــــالإضــــافــــة إلـــى نيودلهي وعـــدد مـن الـــدول الـصـاعـدة عالمياً، يولد «الـــبـــريـــكـــس»، ومــــن ثـــم «الــبــريــكــس بـــلـــس»، بـهـدف لا يـغـيـب عـــن الأعـــــ ، وهـــو مــواجــهــة فــكــرة أمـيـركـا المــنــفــردة بــمــقــدرات الـقـطـبـيـة الـــدولـــيـــة، ورغـــبـــة في إحــــداث تغيير فــي المـــوازيـــن المختلة والمـعـتـلـة منذ سقوط الاتحاد السوفياتي. وبـــــالـــــوصـــــول إلــــــى أوروبـــــــــــا، الـــــجـــــار الأقــــــرب والـصـديـق الأكـبـر لأمـيـركـا، يكفينا الاسـتـمـاع إلى تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل مـاكـرون، عن أميركا التي لا تهتم كثيراً بعلاقاتها مع الاتحاد الأوروبــــــــي بـــل بـــالـــصـــ ، ولـــهـــذا تـمـيـل تــوازنــاتــهــا إلــــى دعــــم أســتــرالــيــا لـتـضـحـى الـــقـــاعـــدة والمـنـطـلـق فـي مواجهة الـصـ ، ســواء عبر الحصار البحري والاقـتـصـادي من جانب، أو العسكري حـال وقعت الواقعة من جانب آخر. الاخــتــبــار لا يتعلق بـمـقـام الــرئــاســة فحسب، بــــل يــمــتــد إلـــــى الـــتـــجـــديـــد الـــنـــصـــفـــي لــلــكــونــغــرس، وهــــل ســيــرشــح عــنــه كــونــغــرس مـسـيـطَـر عـلـيـه من حـــزب مـنـافـس لـهـويـة الـرئـيـس الـحـزبـيـة، أم متفق معها، وربما كونغرس منقسم بــدوره بين النواب والشيوخ، ما يعزز من حالة الاستقطاب السياسي التي تمثل الكارثة لا الحادثة في الداخل الأميركي اليوم. هل روح الأمة الأميركية في خطر؟ قــــد يــــكــــون ذلـــــك صـــحـــيـــحـــ ، فـــالـــفـــائـــز يـمـكـنـه ضــمــان بــقــاء أمــيــركــا ديـمـقـراطـيـة، أو يـمـضـي بها نـحـو حـكـم اســـتـــبـــدادي. أي إمـــا رئــيــس يـتـرفـع عن الـضـغـائـن والــصــغــائــر، ويـسـتـهـل إدارتـــــه بتسامح وتـصـالـح داخـلـيـ وعـالمـيـ ، أو يـرسـخ حـالـة أفولها الإمبراطوري. من هنا تبدو بالفعل أنها واحدة من أهم، إن لم تكن أهم انتخابات أميركية معاصرة. Issue 16773 - العدد Wednesday - 2024/10/30 الأربعاء أعلن وزيــر الخارجية السعودي في نهاية الشهر المــاضــي مــن نـيـويـورك إطـــ ق الـتـحـالـف الــدولــي لإقـامـة الـدولـة الفلسطينية، وذكــر أن هـذا التحالف هو «نتاج جهد أوروبــي وعربي مشترك» واعتبر أن «قيام الدولة الـفـلـسـطـيـنـيـة المـسـتـقـلـة حـــق أصـــيـــل وأســــــاس لـلـسـ م، وليس نتيجة نهائية يتم التفاوض عليها ضمن عملية سياسية بعيدة المنال». وتأتي هذه المبادرة في ظل فشل مسارات التسوية الـسـلـمـيــة الـــتـــي ســعــت لـــلـــوصـــول لــحــل الـــدولـــتـــ ، وأن السياق الحالي هـو سياق المـواجـهـات المسلحة والقتل والدماء وليس السلام، كما أن جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل خلقت حالة من المرارة والغضب المكتوم فـي نـفـوس الفلسطينيين والــعــرب، وهــو وضع سيضاعف من عمليات العنف و«الدهس» وتعميق حالة «الخلايا النائمة» كما جرى مؤخراً في القدس، وسبق أن اكتوت بنارها عشرات المدن الغربية، ويحركها الثأر والانتقام. والــحــقــيــقــة أن الـــســـيـــاق الـــحـــالـــي الــــــذي سـتـنـطـلـق فـي إطـــاره مـبـادرة إقـامـة الـدولــة الفلسطينية سيواجه بـــوضـــعـــيـــة «إســــرائــــيــــل الاســـتـــثـــنـــائـــيـــة» مــــقــــارنــــة حـتـى بـــأوضـــاعـــهـــا الـــســـابـــقـــة، فـــهـــي لــــم تـــعـــد دولــــــة الــصــقــور والحمائم والمتشددين والمعتدلين، إنما أصبحت «دولة كل الصقور» الذين يمارسون التطهير العرقي والإبادة الجماعية وتعمّد قتل المدنيين بأريحية كبيرة. وهنا سيصبح السؤال: هل إذا صمد «حـزب الله» فــي معركته مــع الــقــوات الإسـرائـيـلـيـة ونـجـح فــي إيـقـاع خــســائــر كــبــيــرة (نــســبــيــ ) فـــي صــفــوفــهــا، هـــل سـيـكـون عــنــصــراً مـــســـاعـــداً فـــي ردع إســـرائـــيـــل ودفـــعـــهـــا لـتـقـديـم تــنــازلات لصالح لبنان وفلسطين والمــســار السياسي؟ وهــل انتصار إسـرائـيـل الكامل سيجعلها فـي وضــع لا تفكر في أي تسوية؟ والحقيقة أن التباين الذي جرى في مراحل سابقة بين من أيّدوا المسار السياسي والسلمي وبين من رفعوا رايات الكفاح المسلّح، لم يكن فقط على مستوى الخطاب الـسـيـاسـي والإعــــ مــــي، إنــمــا كـــان بـــ مــشــاريــع عملية جــرت فـي الــواقــع، فرغم السجال الـحـاد الــذي جــرى بين الرئيس الـسـادات وكثير مـن زعـمـاء «الممانعة» العرب، وأيضاً في مواجهة خطاب الثورة الإيرانية الـذي ظهر ) نفسه، 1979( فــي عـــام الـتـوقـيـع عـلـى مـعـاهـدة الــســ م وحـمـل شــعــارات وتـوجـهـات عكسية، قـامـت على رفض مـسـار التسوية السلمية ومـواجـهـة إسـرائـيـل وأميركا (الشيطان الأكبر)، فإن ذلك لم يَحُل دون وجـود «بناء» على الأرض اسمه معاهدة السلام التي أعــادت سيناء للسيادة المصرية، ولم يكن مجرد سجال في الهواء بين مشروعي التسوية السلمية والمقاومة المسلحة. وقد تكرر الأمر نفسه في سياق مختلف مع اتفاق «أوســلــو»، فالتحولات التي شهدتها منظمة التحرير كانت نتاج جدل وخلاف وصل إلى حد الصراع الداخلي بـــ فـصـائـلـهـا حـــول الاتـــفـــاق، وانــتــهــى بـــأن قـــاد يـاسـر عرفات مسار التسوية السلمية وتم التوقيع على اتفاق ، الذي فتح الباب «نظرياً» لتحويل 1993 «أوسلو» عام مــنــاطــق الــحــكــم الـــذاتـــي إلــــى دولـــــة فـلـسـطـيـنـيـة قــبــل أن تجهضها الحكومات الإسرائيلية بشكل ممنهج بنشر المستوطنات في الضفة الغربية. وقد يكون مفارقة أن حركة «حماس» التي رفضت اتفاق «أوسلو» استفادت منه، وعادت إلى مناطق الحكم الذاتي وضاعفت من قوتها السياسية والعسكرية حتى ، ثم دخلت بعد 2007 سيطرت بالقوة على قطاع غزة في ذلك في مواجهتها المسلحة ضد إسرائيل حتى عملية أكتوبر. 7 والــواضــح أن مـن ذهـبـوا إلــى مـسـار «أوســلــو» كما كـامــب ديـفـيـد واخـــتـــاروا الاعـــتـــدال والـتـسـويـة السلمية قــــدمــــوا «شــيــئـــ مــلــمـــوســـ » عــلـــى الأرض لــــم يـــكـــن مـحـل اتفاق داخـل مصر وخارجها أو داخـل منظمة التحرير وخـــارجـــهـــا، ولـكـنـهـم فـعـلـوا وقـــالـــوا هـــذا مـــا استطعنا أن نــحــصــل عــلــيــه وســــنــــرى مــــــاذا ســيــفــعــل الـــرافـــضـــون والممانعون. إن حــل الــدولــتــ هــو الــحــل الــــذي أيّـــدتـــه الشرعية الدولية ودعمه العرب والفلسطينيون، ومـن عارضوه قالوا إنهم يقبلونه بشكل مرحلي كما فعلت «حماس» وفصائل أخــرى، حتى لو تمسكوا باستعادة فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر أو ببناء دولـة علمانية واحدة يعيش عليها الجميع. من هنا فإن مبادرة التحالف الدولي لإقامة الدولة الفلسطينية تأتي فـي وقـت لا يوجد فيه على الساحة «بــديــل سـلـمـي» ولا حـتـى أفـــق لـلـتـسـويـة، وإن الـبـدائـل تـــتـــراوح بـــ اســتــمــرار الــقــتــال ووقــــف إطــــ ق الـــنـــار في انتظار جولة جديدة من الحروب. إذا نجحت هذه المبادرة في تأسيس تحالف دولي واسع يضم العالم كله من أوروبا إلى أميركا الجنوبية ومـن جنوب أفريقيا إلـى الـــدول العربية، فإنها ستملأ الفراغ الحالي في ساحة التسوية السلمية، وقد تكون فرصة لمواجهة ضعف الأداء العربي وترهل وهشاشة المؤسسات الدولية، وتقديم مسار سلمي متكامل وعادل يواجه ليس فقط الاحتلال، إنما أيضاً كل جوانب الخلل التي ظهرت في المنظومة الدولية. لـــم تــكــن عـــ قـــة الإنـــســـان الــقــديــم بـــالآلـــة إلا حـــيـــويـــةً ومــهــيــمــنــ عـلـيـهـا ومــــا تـــمـــردت عـلـيـه. الأدوات الـــطـــبـــيـــعـــيـــة فـــــي الــــكــــســــر، والــــطــــحــــن، والـــنـــجـــارة، والـــحـــرث، هــي أدوات بـسـيـطـة، ولـم تـشـكّـل تـحـديـ لـــه، بــل مـسـخـرة لـــه، وفـــي الــقــرآن بـسـورة الحديد «وألــنّــا لـه الـحـديـد»، بمعنى أن الآلة هي الموضوع وهي متاحة له. بــعــد الــــثــــورات الــعــلــمــيــة، بـــخـــاصـــةٍ الـــثـــورة الصناعية، بات الإنسان في أزمةٍ مع العلم؛ ثمة تقنيات جديدة توشك أن تخترق وجـــوده، كما استطردتُ في المقال الماضيحول قول الفيلسوف الألمـانـي مـارتـن هيدغر عـن التقنية، إذ وصفها بــ«مـيـتـافـيـزيـقـا الــعــصــر»، وهـــو الــــذي لــم يشهد كــل هـــذا الــهــول مــن الـتـجـدد الـتـقـنـي والـتـصـاعـد العلمي، فضلاً عن الروبوت الذي يقوم بعمليات جراحية دقيقة، وحــلّ محلّ الإنـسـان فـي بعض الـــصـــيـــدلـــيـــات، حــيــث يـسـتـطـيـع صــــرف الــــــدواء، وربـمـا يـأخـذ الـعـديـد مـن المـهـن مـن يـد الإنـسـان، ولــذلــك قـــال هـيـدغـر إن الإنــســان سـيـكـون رهينة الآلـة بـدلاً من كـون الآلـة عبر التاريخ رهينة له، وهو تحوّل موضع درس وبحث، والآن موضوع الذكاء الاصطناعي هو بوصلة أساسية بحثية لدى دول عديدة بالعالم. أرى أن لا داعي للخوف من هذا التطوّر، لأن الإنـسـان بطبيعته جُـبِـل على التأقلم وتكوينه مـــتـــمـــاهٍ مـــع المـــســـتـــجـــدات، بـــل عــلــى الــعــكــس فــإن تحديات التقنية عبر الـتـاريـخ جعلت الإنـسـان يطوّر من وجــوده بسبب التحديات المستجدة. طـــوال الـتـاريـخ كـــان الإنــســان جــديــراً بالتحدي، وهـو الـقـادر على فهم الجديد ودرســـه، ومـن ثم التأقلم معه، ومن بعد ذلك تجاوزه حتى يأتي تحدٍ آخر. بالتأكيد سينعكس موضوع التطوّر التكنولوجي عليه، ولكن لا بد من التأقلم العام مـعـه، وذلـــك على ضـربـ اثـنـ ، أولـهـمـا: مثلما أثّرت الثورة الصناعية على نوعيات العمل التي يــقــوم بـهـا الإنـــســـان؛ فـــرص عـمـل عــديــدة فقدها بـسـبـب اخـــتـــراع الــعــديــد مــن الآلات، فـــإن الــذكــاء الاصطناعي سيغلق العديد مـن التخصصات العلمية وعلينا درس هذا الموضوع والاستعداد لـــــه، ثـــانـــيـــهـــمـــا: أن الــــذكــــاء الاصـــطـــنـــاعـــي مـفـيـد برأيي لأنه يفتح تحدياً كبيراً وجديداً طال أمد انـتـظـاره، وخـ صـتـه: هـل يستطيع الإنـسـان أن يقوم بأمر لا تقوم به الآلة؟! قــبــل أيـــــام كــتــب الـــزمـــيـــل الأســــتــــاذ مــمــدوح المـهـيـنـي بــهــذه الـصـحـيـفـة مــقــالـةً بــعــنــوان: «هـل يهزم الـذكـاء الاصطناعي الصحافيين؟». وهو ســـؤال مهم أقتبس مـن إجـابـتـه عليه: «يتعامل الــبــعــض بــاســتــخــفــاف مـــع الــصــحــافــيــ وكــأنــه يمكن الاستغناء عنهم بمجرد أن تحدث ثورة تقنية أو تهب موضة جـديـدة. مـؤخـراً قـالـوا إن الذكاء الاصطناعي قادر على تبديل الصحافيين ووضــــعــــهــــم عـــلـــى الـــــــرف كــتــحــفــة قـــديـــمـــة تـــذكّـــر بــالمــاضــي، أو كــحــوض أســـمـــاك زيـــنـــة. لــكــن، في الــواقــع هـــذه مـبـالـغـات مـتـكـررة، ويــعــود السبب فـي ذلــك إلــى مهنة الصحافة نفسها. فهي نـادٍ مفتوح وبإمكان الجميع أن يشترك فيه ويأخذ عضويته؛ الأمر الذي يجعل البعض يعتقد أنها مهنة يسيرة. لكن الأمر أعقد من ذلك، الصحافة مهمة إبداعية مثل الكتابة وكرة القدم والتجارة تحتاج إلى أن تملك الغريزة والمهارة والدأب». وهـــــذا صــحــيــح. مـــن المـسـتـحـيـل أن يـذهـب الــــروبــــوت لــلــســاحــل الأفـــريـــقـــي لـتـغـطـيـة أعــمــال تـنـظـيـم «الـــقـــاعـــدة»، أو أن يـبـتـكـر نــظــريّــة حـول النسبية، أو أن يفجّر مقولة فلسفية، بالنهاية يمكنه أن يقوم بمهماتٍ كبيرة وتأخذ حيّزاً من عـمـل الإنــســان الأداتــــي هـــذا مـفـهـوم، ولـكـن فيما يتعلق بالعمل المركّب ذي الجهد العقلي المعطى للإنسان فـإن هـذا ضـرب مـن الجنون، إن أخطر مـــا فـــي الإنـــســـان هـــو عـقـلـه ودمــــاغــــه، ولا يمكن تعويضه بالآلة، ستظلّ الآلة والتقنية موضوعاً مسانداً ومساعداً، ولكن لن تستطيعا أخذ دوره الــحــيــوي بـالمـعـنـى الـــوجـــودي والـــدنـــيـــوي، إنـهـا علاقة تغالب بين الإنسان والآلة. الخلاصة أن الذكاء الاصطناعي يمثّل ذروة التقدم العلمي الحديث؛ نتعامل معه وندرسه مــــن دون وجـــــــلٍ ولا خـــــــوف، فـــهـــو تــــقــــدم مـفـيـد والـتـعـامـل مـعـه يـجـب أن يــكــون مـؤسـسـيـ ، لكن الذعر منه، أو الارتياب، لن يفيدا، والإنسان عبر التاريخ بقي صديقاً للآلة وليس عدواً لها، إنه ينتفع بها ويروّضها - إن استطاع - ويتعايش معها. الإنسان عبر التاريخ بقيصديقاً للآلة وليسعدواً لها... إنه ينتفع بها ويروّضها ويتعايشمعها حل الدولتين هو الحل الذي أيدته الشرعية الدولية ودعمه العرب والفلسطينيون عمرو الشوبكي فهد سليمان الشقيران إميل أمين OPINION الرأي 14 سياسات الآلة وعلاقات الإنسان تحالف إقامة الدولة الفلسطينية ... هل هي الأهم في تاريخ أميركا؟ 2024 انتخابات الفائز يمكنه ضمان بقاء أميركا ديمقراطية أو يمضي بها نحو حكم استبدادي
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky