issue16773
كـــان الـرئـيـس الـفـرنـسـي الـجـنـرال شـــارل ديــغــول هــو الــذي اعتاد حينما يأتيه ضيف عارضاً قضية أن يطلب من معاونيه إحــضــار الــخــرائــط. هــو مـثـل آخــريــن مــن عــصــره كــانــت الــرؤيــة الجيوسياسية تنطق بالكثير مـن أبـعـاد عـاقـات الــــدول. ولا يحتاج أمر العلقات المصرية - السعودية الحميمة وما نجم عنها مـن إنـشـاء «مجلس التنسيق الـسـعـودي - المــصــري» إلا إلى نظرة على الخريطة التي تضعهما معاً على حافة البحر الأحمر الذي يفلق العلقة بين قارتي آسيا وأفريقيا حاملً هم في المائة من حجم التجارة 15 علقاتهما بأوروبا مضافاً إليها العالمية بـ الـشـرق والــغــرب. الـخـرائـط هنا لا تنطق وحدها على القرب الذي يجعل اليابسة بين مصر والسعودية تلتحم عند مضيق تيران، حيث كانت السفن تربط ما بين المصريين والسعوديين ذهاباً وإياباً ليس فقط إلى الحج وإنما أكثر من ذلـك للتبادل الإنساني والاقـتـصـادي. خليج العقبة ظل طوال الـتـاريـخ رابـطـ ؛ وفــي أزمـنـة سابقة كانت سكة حديد الحجاز تربط ما بين المشرق العربي ومغربه. اليوم، وفي ظلل الحديث عن العلقات المصرية - السعودية، استأنفت مصر خط سكك حديد بين الفردان على قناة السويس والعريش تمهيداً لعدد من مشروعات السكك الحديدية ذات الخطوط السريعة، أولها الـذي يجري إنشاؤه بين «طابا» على رأس الخليج والعريش أيضاً. السعودية من جانبها تخطط لهذا الربط بين شرقها وغـــربـــهـــا، وبــــ الــعــاصــمــة الــــريــــاض والـــحـــواضـــر الــســعــوديــة فــي شـرقـهـا وغــربــهــا. مــا يـبـدو لافـتـ مشهد عـمـلـيـات التنمية السعودية فـي محافظة الـعـا فـي شـمـال غـربـي المملكة وكيف تلتقي بأكبر مشروع تنموي مصري حالياً وهو تعمير شبه جزيرة سيناء في الشمال الشرقي لمصر. مــــا حـــــدث خـــــال الـــســـنـــوات الـــعـــشـــر المـــاضـــيـــة فــــي كــــل مـن السعودية ومصر صنع تاريخاً يترجم الجغرافيا السياسية إلـــى آفـــاق تـحـتـاج إلـــى درجــــات عـالـيـة مــن التنسيق المؤسسي 2030 الــذي يأخذ رؤيـتـ للقاهرة والـريـاض تـدخـان فـي عـام إلــــى اكــتــمــال تــغــيــيــرات جــوهــريــة فـــي جــغــرافــيــا كـــا الـبـلـديـن. 7 فــي مــصــر، فــضــاً عــن مـضـاعـفـة حـجـم المـعـمـور المــصــري مــن فـي المـائـة الآن، فــإن المصريين 15 إلــى 2010 فـي المـائـة فـي عــام للمرة الأولــى في تاريخهم ينتقلون من الازدحـــام حـول النيل إلـى سواحل البحرين المصريين، الأبيض والأحـمـر، وخليجي بحيرة مصرية. في السعودية 14 العقبة والسويس، وسواحل تم اختراق إقليم مساحته مليونا كيلومتر مربع ما بين الخليج العربي والبحر الأحـمـر، حيث تنشأ المــدن وترتبط الشواطئ بـالـبـر الـفـسـيـح. هــذه الـتـغـيـرات طــــوّرت الـعـاقـات بــ البلدين وجعلت نتائجها كثيفة تعكس غناها، لكنها أيضاً تتطلب الكثير من الحماية ضد البيروقراطية، ومخاطر الدس الإقليمي والدولي. التنسيق المؤسسي هنا يؤكد على سلسة العلقات وغناها، وما تحتاج إليه من قرب سياسي على مستوى القمة يضمن الفاعلية الاقتصادية والاستراتيجية. مساحة المقال لا تسمح بسرد أنواع العلقات والتفاعلت كافة بين البلدين، لكنها شاملة أبعاداً كثيرة تقرّب الشواطئ وتدفع في اتجاه السعي نحو الاستقرار التنموي، ومواجهة أوضــــاع غـيـر مستقرة فــي إقـلـيـم لــم تـهـدأ زلازلــــه مـنـذ «الـربـيـع العربي» المزعوم الذي ترك وراءه كماً من الحروب الأهلية؛ وكماً أكثر صعوبة من الخروج عن الدولة الوطنية العربية، ومؤخراً الانــفــجــار الـكـبـيـر الــــذي جـــرى للقضية الفلسطينية. والمــؤكــد هو أن العالم العربي في مشرقه ومغربه ينظر إلـى العلقات المصرية - السعودية في تعاملها الناضج مع واجـب الحفاظ عـلـى الـــدولـــة مــن المــغــامــرة والمــقــامــرة بـمـصـائـر شــعــوب ودول، ويضع عليها عبء التفكير والتدبير للخروج من الأزمة والمأزق الراهن. المبادرة السعودية بإنشاء التحالف الدولي لوضع حل الدولتين موضع التطبيق مكوناً من الدول العربية الأعضاء في جامعة الـدول العربية، والـدول الإسلمية الأعضاء في مؤتمر الــدول الإسلمية، مضافاً إليهما الاتـحـاد الأوروبـــي ما يشكّل الــخــطــوات الأولــــى نـحـو جـبـهـة عـالمـيـة لمـسـانـدة الــحــل الـوحـيـد للقضية الفلسطينية والمسألة الإسرائيلية في آن واحد، حيث تتعايش الدولة الفلسطينية المستقلة جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيل كترجمة مباشرة للمبادرة العربية للسلم. مجلس التنسيق المصري - السعودي سوف يقابله نوعان مـن التحديات: أولهما ممكن وهـو تعميق العلقات المصرية - الـسـعـوديـة وحـمـايـتـهـا مــن الأخـــطـــار الــتــي عــــادة مــا تـفـرزهـا الحماقة للتفريق ما بين البلدين. والآخر أن الإقليم الذي تولدت فيه مبادرة مجلس التنسيق يحمل أخطاراً بالغة، حيث النيران مـتـقـدة، وهــنــاك مــا يكفي مــن الـغـضـب لـكـي يستمر الاشـتـعـال قائماً. لكن التاريخ يشهد أنه من الممكن تجاوز ذلك كما حدث في مراحل سابقة. مجلسالتنسيق السعودي ــ المصري؟! مليون أميركي سيقفونَ في طوابيرِ الانتخابِ بعد 180 نحو أيــــام. معظمُهم سيميلُ لـدونـالـد تـرمـب أو كــامــالا هــاريــس وفــقَ 6 مـوضـوعـاتٍ مثل الإجــهــاضِ أو الـضـرائـبِ أو المـهـاجـريـن، بـالـدرجـةِ الأولى الشؤونُ الداخليةُ هي الحاسمة. وبدرجةٍ ثانيةٍ على مواقفِهم من القضايا الخارجيةِ مثل غزةَ أو الصين أو أوكرانيا. علَى ماذا يصوّتُ الأميركيون؟ اهـتـمـامُ المرشحين معظمُه على شـجـونٍ داخـلـيـةٍ مثل الهجرةِ والضرائب. النّاخبون بالطّبع يكرهونَ زيــادةَ الضرائب. الديمقراطيون، بقيادِة هاريس، تاريخياً مع نظامٍ ضريبي تصاعدي، لكنّها تنفِي نـيـتَـهـا فــرضَــهــا. فـهـي تـحـدثـت عــن زيـــــادةِ الــضــرائــبِ عـلـى الأثـــريـــاءِ والـشـركـات بـحـجّـةِ تقليصِ الــفــوارق فـي الــدّخــل، وتـمـويـلِ الـبـرامـجِ الاجتماعية. وقـد هاجمت منافسَها الملياردير ترمب بأنّه يتهرّبُ من دفـعِ ضرائب على أرباحِه الكبيرة. ترمب يغري الناخبينَ بأنّه سيقلّص الضرائب، الأمــر المستبعد، نظراً لحجمِ الـدّيـن الحكومي المتزايد. في الرعايةِ الاجتماعية، تَعدُ هاريس بزيادة الإنفاق الحكومي على الرعايةِ الصحية والتعليم، وتطويرِ البنية التحتية، والبيئة وزيــادة تعويضات البطالة برفع الحد الأدنـى للأجور للعامل إلى دولاراً في السّاعة. ويردّ عليها الجمهوريون محذرينَ الناخبين 15 بأنّ مثلَ هذه الزيادات والإنفاق الحكومي سيأتي من جيب المواطن، وعلى حساب عرقِ جبينِه، حيث سترفع هاريس الضرائبَ لزيادة الإنفاق. مسألة المهاجرين غير الشرعيين، ترمب حولّها إلى أهم قضية وجعل أمـنَ الحدود وعـدَه الأول. وهو يعدُ بزيادة شرطةِ الحدود، والإنفاذ الصارم لترحيل مليين المهاجرين غيرِ الشرعيين «حمايةً للسيادة الأميركية». أمّــا هـاريـس فتدعو إلــى إصـــاحِ نظام الهجرة وتسهيل منح الجنسية للمهاجرين غير الشرعيين، وتعتبرهم مهمين للقتصاد الأميركي. برنامج الجمهوريين يدعو «للتّحول نحو نظامِ الهجرة القائم عـلـى الـــجـــدارة؛ بحيث يـتـم قــبــولُ المـهـاجـريـن عـلـى أســـاس المــهــارات والمساهمات الاقتصادية، بدلاً من الروابط الأسرية أو الاحتياجات الإنسانية». الـــديـــن والــســيــاســة: الـــجـــدلُ قــديــم حـــول حـــقّ الـــصـــاةِ ودراســـــةِ الإنجيل في المـدارس. ترمب مع «الحريات الدينية للطلب». وهذه مسألة تهمّ الناخبين المحافظين، غالباً في ولايات الوسط والأرياف. النظامُ الأميركي يقول المدارس الحكومية لا يحقّ لها تدريسُ الدّين أو التّعبد الجماعي والمنظم. يسمح لهم بالصلةِ الفردية وليس داخل الفصول، مع أنّ الصّلوات المسيحية هي أدعية. مــاذا عـن المسلمين؟ حالياً، يحصل طــابُ المـــدارسِ الحكومية الذين يحتاجون إلى استثناء، في معظم المدارس، على إذن بالصّلة مستقبلين الكعبة المشرفة في مكة المكرمة. وكذلك للطلب اليهود مـــــراتٍ فـــي الـــيـــوم نــحــو الـــقـــدس، والـــبـــوذيـــون 3 ُ المــتــديّــنــ الـــصـــاة والهندوس وغيرهم، قد يُمنحون استراحة قصيرة للتعبد خارج الفصل، أو يُعدّل الجدول ليسمح لهم بوقتٍ للصلة. النظامُ يمنع وجـــودَ أئـمّـةٍ أو قساوسة أو تنظيم جماعي. ترمب يعد الناخبين بـالـسـمـاح لـلـمـدارس بتنظيم الــصــلــواتِ وتــدريــس الـكـتـب المـقـدسـة، بـخـاف هـاريـس والديمقراطيين الـذيـن يعتبرون الــدولــةَ علمانية والدينَ مسألة شخصية. الـــزواجُ والمثلية: يؤمن الجمهوريون بقدسية الـــزّواج، الرّجل من المرأة. هاريس مع المثلية لكن بخلفِ الانتخابات الماضية تقلّل الحديثَ عنها نظراً للمعارضة الواسعة. في موضوع التفسير البيولوجي للجنس يعد ترمب: «سنُبقي الـــرجـــال بـعـيـداً عــن الــريــاضــات الـنـسـائـيـة، ونـحـظـر تـمـويـلَ دافـعـي الــضــرائــب لــجــراحــات تغيير الــجــنــس». وهــنــاك قـضـايـا المتحولين جنسياً، مثل الذكور البيولوجيين الذين يتنافسون ضد الإناثِ في الرياضة، تتحاشى هاريس الخوضَ فيها. الإجهاض من أهم القضايا التي قد تتسبّب في هزيمة ترمب. الـــحـــزب الــجــمــهــوري يــدفــع بـــأجـــنـــدةِ تــحــريــم الإجـــهـــاض الــــذي أقـــام المجتمع النسائي ضده، وقد نجح ترمب في تقليصِ الخلف بحيث قال إنّ لكل ولاية أن تقرر ما تراه مناسباً ممّا قلّص هامشَ مكاسب هاريس. الـــنـــفـــط والـــبـــيـــئـــة: هــــاريــــس أيـــضـــ قــلــقــة مــــن أنّ تـــرمـــب أخــــاف الناخبين، بأنّ قوانينها البيئية ستتسبّب في رفع أسعار المنتجات النفطية والتضخم. إنّـمـا موقفُها الحقيقي يدعم برنامج حماية المناخ والاستثمار في الطاقة النظيفة والتضييق على استثمارات النفط. تـرمـب فـي المقابل تعهّد بفتح المـجـال للمستثمرين وشـركـات الـبـتـرول للتنقيب عـن المـزيـد مـن النفط والــغــاز الـصـخـري، وإنـتـاج كـمـيـاتٍ هـائـلـة لتحسين الاقــتــصــاد الأمــيــركــي والـتـحـكـم فــي النفط عالمياً. وهنا تبدو هاريس أفضل خيارٍ لمن يريد أن يرى تحسّنَ أسعارِ البترول مثل دول الخليج. أمّا ترمب بسياساته البيئية والبترولية فسيكون فـوزه خبراً سعيداً للمستهلكين هناك، ودول مثل الصين والهند. فقد وعد بتمكين إنتاج النفط الصخري الأميركي ليضيف مليين برميل أخرى. 3 في السياسة الخارجية يتبنّى ترمب «أميركا أولاً»؛ حيث يقدّم السيادةَ الوطنيةَ والقوةَ الأميركية على الالتزامات الجماعية. نعرف أنّه ليس متحمساً لمثل حلف الناتو، هذا توجه يختلف عن حزبه. غالباً مـا يعطي الجمهوريون الأولــويــةَ للتفوق العسكري عالمياً، وزيادة الإنفاق الدفاعي، ويؤمنون باستخدام القوة العسكرية عند الضرورة لحماية المصالح القومية. وعــلــى الـنـقـيـض مـــن ذلـــك نـجـد هـــاريـــس، تـلـمـيـذة أوبـــامـــا، مع المساعي الدبلوماسيةِ لحلّ النزاعات وقد تعيد المصالحةَ مع إيران. انتخابات أميركا: الاقتصاد والدين والنفط OPINION الرأي 13 Issue 16773 - العدد Wednesday - 2024/10/30 الأربعاء العلاقات والتفاعلات بين البلدين ستكونشاملة وتقرّب الشواطئ وتدفع للسعي نحو الاستقرار التنموي عبد المنعمسعيد ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ا ر ن و ر ا ا روس ز د ا Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ أ ١٩78 ª« ¬ أ ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ا ر ن و ر ا ا روس ز د ا Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ أ ١٩78 ª« ¬ أ ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ا ر ن و ر ا ا روس ز د ا Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١ ٨٧ ª« ¬ أ ١٩78 ª« ¬ أ ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ا ر ن و ر ا ا روس ز د ا Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ أ ١٩78 ª« ¬ أ ا ن أ ا م و Ghas an Charbel ا ر ن و ر ا ا روس ز د ا Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidro s Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ أ ١٩78 ª« ¬ أ ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ا ر ن و ر ا ا روس ز د ا Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zai Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ أ ١٩78 ª« ¬ أ ا ن أ ا م و Gha san Charbel ا ر ن و ر ا ا روس ز د ا Editor-in-Chief A istants Editor-in-Chief Aidr os Abdula iz Zaid Bin Kami S ud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ أ ١٩78 ª« ¬ أ الرئيس التنفيذي جماناراشد الراشد CEO Jomana Rashid Alrashid نائبا رئيس التحرير زيد بن كمي ssistant Editor-in-Chief Deputy Editor-in-Chief Zaid Bin Kami مساعدا ئي التحرير محمد هاني Mohamed H ni غالباً ما يعطي الجمهوريون الأولويةَ للتفوق العسكري عالمياً وزيادة الإنفاق الدفاعي عبد الرحمن الراشد
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky