issue16772
لمسات LAMASAT 21 Issue 16772 - العدد Tuesday - 2024/10/29 الثلاثاء افتتان العالم بها صوتاً وصورةً يتردد بنغمات عالية في عروض الخريف والشتاء ماريا كالاسوالموضة... حبّ منطرفواحد يتحول عشقاً عابراً للأجيال عـقـود مــرت على وفـاتـهـا، ولــم تُسدل الستارة بعد عن السوبرانو ماريا كالاس. لا يـــــزال صــوتــهــا يـــصـــدح فــيُــثــيــر مـشـاعـر تثير المواجع حيناً والسعادة حيناً آخرا. قصة حياتها أيضاً لا تقل إلهاماً. تحاكي فــــي الـــكـــثـــيـــر مــــن تــفــاصــيــلــهــا تـــراجـــيـــديـــة الشخصيات التي تقمصتها. كل هذا يؤجج فتيل الافتتان العالمي بها، سـواء في السينما أو الموضة بدليل عدد الأفـام التي تناولت جوانب عدة من حــيــاتــهــا. تــقــول الـنـجـمـة أنـجـلـيـنـا جـولـي التي تـؤدي شخصيتها في فيلم «ماريا» الـــــصـــــادر حــــديــــثــــ ، إنــــــه يــــتــــنــــاول المـــرحـــلـــة الأخيرة من حياتها. مرحلة جد معقدة من حياتها عـاشـت فيها وحــيــدة فــي شقتها بـــبـــاريـــس، تــجــتــر ذكــــريــــات المــــاضــــي، بـن الأمراض وانحسار الأضواء والحب، الذي لـــم تـنـطـفـئ جـــذوتـــه حـتـى بـعـد زواج حب عمرها، الملياردير أرسطوطل أوناسيس مـن غريمة لـم تكن فـي الحسبان، جاكلي كـيـنـيـدي. تـوفـيـت مــاريــا شــابــة بالمعايير ، ومع ذلك 53 الحالية عن عمر لا يتعدى الـ خلّفت لنا أرشيفاً ضخماً، صوتاً وصورة. وإذا كان الصوت لا نقاش عليه، فإن الـــصـــور تـــؤكـــد مــــدى تـــطـــور أســلــوبــهــا من مـجـرد عاشقة للموضة إلــى أيقونة تلهم المصممي على مدار السنوات. بداية علاقتها بالموضة بـــــــــدأت عـــــاقـــــة الـــــحـــــب بـــيـــنـــهـــا وبــــن المـــوضـــة فــــاتــــرة، إلــــى حـــد الـــقـــول إنــــه كــان حــبــ مـــن طــــرف واحــــــد. فــقــد ظــلــت تـعـانـي مـــن الـــــوزن الـــزائـــد طــــوال ســـنـــوات الـصـبـا. فقط في الخمسينات، نجحت في إنقاص كيلوغراماً لتفتح صفحة 30 وزنها بنحو جـــــديـــــدة مـــــع المــــــوضــــــة. فـــــي هــــــذه الـــفـــتـــرة تــســابــق مـصـمـمـون شـــبـــاب مـــن عـصـرهـا، مثل كريستيان ديــور والـراحـل إيـف سان لوران لكسب ودها ورضاها. إيف تحديداً ربـطـتـهـا بــه عــاقــة صـــداقـــة، إلـــى حــد أنها قـــدمـــت لـــه دعـــــوة شـخـصـيـة لــحــضــور أول . من 1958 حفل لها في أوبرا غارنييه عام جانبه كـان مبهوراً بها. وصفها في أحد تـصـريـحـاتـه بـــ«ديــفــا كـــل الـــديـــفـــات». كـان قــصــده إيـجـابـيـ ولــيــس سـلـبـيـ ، لمــا كانت تـتـمـتـع بـــه مـــن أســـلـــوب درامـــــي لـكـن يشي بحس فني أنيق. هـــــــذا الأســــــلــــــوب الـــتـــقـــطـــه كـــثـــيـــر مــن المصممي عبر التاريخ، بدءاً من فالنتينو و«دولـتـشـي أنـد غابانا» وجــون غاليانو، ومؤخراً «إيرديم» وستيفان رولان، وحتى 2024 دار «شانيل» في تشكيلتهم لخريف .2025 وشتاء إيـرديـم، مثلً قـدم تشكيلته بعنوان «تـعـيـش الـديـفـا» (فـيـفـا لاديـــفـــا). قـــال إنـه تخيّل فيها مـاريـا، فـي حياتها الخاصة والعامة، وهو ما جسده في مجموعة من الفساتي ومعاطف على شكل «كـاب» بــــأحــــجــــام هـــنـــدســـيـــة كــــبــــيــــرة تـــعـــانـــق الــجــســم. الـفـرنـسـي سـتـيـفـان رولان هو الآخـــر أحـيـا ذكــراهــا فـي مـوسـم الــ«هـوت كـــــوتـــــور»، بــشــكــل أكـــثـــر وضــــوحــــ ، فـيـمـا اكتفت «شـانـيـل» مثل إيــرديــم بـإيـحـاءات صــــريــــحــــة. كـــــل واحــــــــد مـــــن هــــــــؤلاء رآهـــــا بإحساس وعـيـون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بجانبها الدرامي، وتحديداً بذلك الــتــجــاذب بـــن «الـشـخـصـيـة والـشـخـص» حسب قول المصمم إيرديم. المــتــعــارف عـلـيـه أن مـــاريـــا كــــالاس لم تــكــن رشــيــقــة فـــي صـــبـــاهـــا. عـــانـــت طــويــاً مـــن الـسـمـنـة إلــــى حـــد أنـــهـــا عــنــدمــا لـجـأت إلـى المصممة الإيطالية إلفيرا ليوناردي بــــويــــور، المـــعـــروفـــة بـــمـــدام بــيــكــي فـــي عــام ، نصحتها أن تعود إليها فقط بعد 1951 إنـــقـــاص وزنـــهـــا الــــزائــــد. لـــم تــكــن العملية سـهـلـة. اسـتـغـرقـت منها وقـتـ لا يستهان به لتحقيق النتيجة المطلوبة (نحو عامي أو ثـاثـة)، لكن الانتظار كـان مُجزياً. فقد تمخَض تعاونها مع مدام بيكي عن خزانة مــتــكــامــلــة لا تــــــزال تــلــهــم صــــورهــــا صــنــاع 24 المـــوضـــة، لاسـيـمـا وأنـــهـــا شـمـلـت نـحـو 150 ، فستان 200 ، تايوراً 40 ، معطف فـرو قبعة، وعــدد لا 300 حـــذاءً، ومـا لا يقل عن يحصى من القفازات التي كانت تتخلص منها بعد ارتـدائـهـا مــرة واحـــدة لكثرتها. بيد أن مـدام بيكي لم تحتكرها. بالعكس فتحت شهيتها على المـزيـد. فقد تعاونت فيما بعد مع مصممي باريسيي شباب فــي زمـنـهـم مــثــل؛ كـريـسـتـيـان ديــــور وإيــف ســــان لــــــوران، وإيــطــالــيــن مــثــل فالنتينو وغيره. ستيفان رولان... يستنسخصورتها وفــــي مـوسـم 2024 لــخــريــف وشـــتـــاء «الــهــوت كــوتــور» بـبـاريـس، رســم ستيفان رولان صورة اقشعرت لها أبدان الحضور بأناقتها ودراميتها. شعروا كما لو أنها آتية مـن زمنها تحوم فـي مسرح العرض خـصـوصـا مــع تـــردد صـوتـهـا، الـــذي يبلغ أوكتافات بي جوانبه وردهاته. 6.7 وضـــــوح صـــورتـــهـــا يـــعـــود أيـــضـــ إلــى المـــكـــيـــاج وأبــــهــــة المــــكــــان: قـــصـــر غــارنــيــيــه، بــمــعـمـاره الـــبـــاروكـــي وزخــــارفــــه الـذهـبـيـة، الذي أحيت فيه ثلث حفلت مهمة، كانت ، وآخـر مرة في عام 1958 أول مرة في عام . أمـــا كُــحــل عينيها الـــدرامـــي فظهر 1964 فــي مـعـظـم الإطـــــالات مـنـذ بــدايــة الـعـرض إلى نهايته، كذلك القفازات الطويلة، مما لا يترك أدنــى شك أن المصمم كـان مفتوناً بها كما هي، ولم يرَ داعياً لتغيير أي شيء فيها. فمرة تظهر لنا في شخصية نورما، ومــــــــرة فـــــي شـــخـــصـــيـــة كــــــارمــــــن، أو مـــــدام بــــاتــــرفــــاي، أو مــــيــــديــــا... وهـــلـــم جـــــراً مـن الشخصيات التي جسدتها عبر مسيرتها الغنية. اقـتـصـار التشكيلة على الأبيض والأسود، وفستاني وحيدين بالأحمر، له أسبابه حسب تصريح المصمم. فهو يشير إلـــى بـدايـاتـهـا فــي زمـــن الأســــود والأبـيـض قـبـل أن تـتـلـون الـــصـــورة، وأيــضــ حـتـى لا تــتــضــارب فـنـيـة الـتـصـامـيـم مـــع زخـــرفـــات أعمدة القصر وأسقفه الذهبية الغنية. «شانيل»... تلميحات وإيحاءات فـــي قــصــر «غـــارنـــيـــيـــه» أيـــضـــ قـدمـت دار «شانيل» تشكيلتها لخريف وشتاء . كــانــت هـــذه أول مـــرة تـخـتـار فيها 2024 الــــــدار هــــذا المـــكـــان لــعــرضــهــا، الأمـــــر الـــذي لـــــم يــــتــــرك شـــكـــ أن «الأوبــــــــــــــرا» ســتــكــون النغمة التي ستعزف عليها. ما أكـد هذا الإحـــســـاس أن الــضــيــوف تــلــقــوا بـطـاقـات الـدعـوة فـي علب مغلفة بالمخمل الأحمر مرفوقة بنظارات أوبرا. عـــلـــى الـــعـــكـــس مــــن ســـتـــيـــفـــان رولان، جعلت الــدار ماريا كــالاس، بطلة صامتة. لــــــم يـــــصـــــدح صــــوتــــهــــا فــــــي الــــقــــصــــر، ولــــم تــســتــنــســخ صــــورتــــهــــا بــــأســــلــــوب حـــرفـــي. خفَفت مـن المكياج والتفاصيل الـدرامـيـة، وكـــأن فريقها الإبــداعــي المــســؤول عـن هذه الــتــصــامــيــم، تــعــمّــد أن يُــــقــــدّم لــنــا صـــورة مــــاريــــا مـــعـــاصـــرة تـــعـــيـــش بــيــنــنــا الــــيــــوم، وبـالـتـالـي تميل إلــى أنـاقـة فخمة وهـادئـة في الوقت ذاته. ومع ذلك، لم تكن لتتخلى عــــن «الــــــكــــــاب» والـــفـــســـاتـــن الــــفــــاخــــرة ولا الجاكيتات التي تُظهر نحول خصرها أو التنورات الأنثوية. فقط كانت ستختارها مفعمة بالرومانسية تعكس إيقاع العصر المتسارع. إيرديم... عاشت الديفا استهل إيـرديـم موراليوغلو، عرضه بمعطف أوبـــرا باللون الأخـضـر بتصميم مــســتــديــر ويـــاقـــة عـــالـــيـــة. كــــان هــــذا كـــل ما يـــحـــتـــاج إلــــيــــه لـــخـــلـــق الــــــدرامــــــا المـــطـــلـــوبـــة والإعلن عن مُلهمته. أنهى العرض أيضاً بإطللة مماثلة من الساتان المبطن مطرزا بـالـورود، وصـوت السوبرانو البريطانية نادين بنيامي يصدح في القاعة. اهتمام المصمم بماريا بدأ بتشكيلة ســـابـــقـــة مــــن خــــط الــــــ«بـــــري فـــــــول»، غـــاص فيها فـي كـل مناحي حياتها الشخصية والـعـامـة، أي أنــه ركَـــز على المـابـس التي كانت تظهر بها فـي المـسـرح، مـن دون أن يتجاهل أزياءها في مناسباتها الخاصة بخصرها الضيق وتنوراتها المستديرة والمــعــاطــف الــواســعــة بأقمشتها الغنية. كانت صورتها في شخصية ميديا التي النقطة التي انطلق 1953 أدَتـهـا فـي عــام منها. ترجمها في فستان بتنورة طويلة بـالـلـون الأحــمــر يُـشـبـه ذلـــك الــــذي ارتــدتــه كـــــــالاس فــــي هــــــذه الأوبـــــــــــرا، إضــــافــــة إلـــى معاطف أوبرا مزينة بريش المرابو. يقول إيــرديــم: «كـنـت مــشــدوداً إلــى تلك العلقة المــــثــــيــــرة بــــن الـــشـــخـــص والـــشـــخـــصـــيـــة»، مشيرا إلـى التداخل والـتـجـاذب العجيب بينهما. حـــتـــى الإكـــــســـــســـــوارات لــــم تـــســـلـــم مـن تـأثـيـر كــــالاس عـلـيـهـا. ظــهــرت بمجموعة مـن الأحـذيـة رافـقـت الكثير مـن الإطـــالات، وتميِزت بــورود تم تشكيلها من الساتان تزينها فتلمس الأرض بحجمها الكبير، قــال إنـهـا استُلهمت مـن الـــورود الـتـي كان الجمهور يُلقيها عند أقدامها على خشبة المسرح بعد كل أداء. لندن: جميلة حلفيشي كان «الكاب» في تشكيلة «شانيل» الخيط الذيربطها بالسوبرانو (شانيل) هكذا ظهرت ماريا بكُحل عينيها وبكل دراميتها في عرض ستيفان رولان (ستيفان رولان) معاطفمستديرة بياقات مبتكرة وورود رومانسية (إيرديم) احتضنت كالاسموضة الخمسينات، كما صادقت مصممي تلك الفترة (غيتي) كل إطلالة في عرضستيفان رولان تستحضر شخصية من الشخصيات التي أدتها (ستيفان رولان) حتى الأحذية استلهمها إيرديم من الورود التي كان الجمهور يُلقيها عند أقدامها (إيرديم) كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه في تشكيلة اقتصرت على الأسود والأبيضوفستانين وحيدين بالأحمر (ستيفان رولان) كل مصممرآها بإحساسه وعيونه لكن أغلبهم افتُتنوا بجانبها الدرامي وتحديداً بذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص»
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky