issue16772
يلعب المــعــدن الأصــفــر دوراً أسـاسـيـا فــي أيــام الـــســـلـــم، ويُــــعــــدّ مـــن الــــثــــروات الـــتـــي تـعـتـمـد عليها الدول والأفـراد، ويشكّل أهمية كبرى في الاقتصاد العالمي. كما يُعدّ أحد الأصول الآمنة بسبب قيمته الــجــوهــريــة، ومــحــدوديــة عــرضــه، وتـقـبّـلـه مــن قِبل العالم أجمع. ويلعب الـذهـب دوراً مهما وأسـاسـيـا بوصفه أحد الأصول الآمنة في أوقات الصراعات والحروب، حـيـث يـأخـذ ديناميكيته الـفـعّـالـة خـــال الـتـوتـرات الجيوسياسية والمواجهات العسكرية التي ينعكس تأثيرها على سعر الذهب، كما يبدو جليا على مرّ الــتــاريــخ. إذا عـدنـا إلـــى الـعـصـور الـقـديـمـة فسنجد أن الذهب كـان مـاذاً موثوقا به في أوقــات الأزمـات والصراعات، وذلك في أثناء تعثّر العملت وتداعي الأســــــــواق الـــعـــالمـــيـــة، حـــيـــث إن المــســتــثــمــريــن كـــانـــوا يلجأون إلــى الأصـــول الآمـنـة (الــذهــب) حفاظا على ثرواتهم، وتحوّطا من ويلت ومصائب الحرب. الــعــاقــة الــوثــيــقــة بـــن الـــحـــروب والـــصـــراعـــات المسلحة من جهة، وأسعار الذهب من جهة أخرى، تــجــعــلــنــا نــــــدرك مـــــدى الـــتـــأثـــيـــر المـــبـــاشـــر لـــأزمـــات والــــصــــراعــــات عــلــى «أســـــــواق الــــذهــــب». أضــــف إلــى ذلـــك الــعــوامــل الـنـفـسـيـة والاقــتــصــاديــة الــتــي تـؤثـر سـلـبـا عـلـى ســلــوك المـسـتـثـمـريـن، كـمـا حـــدث خـال الـحـربـن العالميتي: الأولـــى والـثـانـيـة، اللتي كان تأثيرهما مزلزلاً على أسواق الذهب العالمية، حيث ارتفع سعر الذهب إلى أرقـام قياسية، بعد أن لجأ المستثمرون إليه ملذاً آمنا خوفا من الاضطرابات الجيوسياسية وارتفاع سعر الذهب. إن زيادة الطلب على الذهب تؤدي تلقائيا إلى ارتفاع الأسعار في السوق العالمية بشكل مباشر، وفــــي مـخـتـلـف الــقــطــاعــات الاقــتــصــاديــة والـــشـــؤون المالية الحكومية. إن الحكومات التي تعتمد على عــــائــــدات الـــذهـــب قـــد تــجــد صـــعـــوبـــات فـــي تحقيق الــتــوازن بميزانياتها، بسبب التقلب فيها، نظراً لارتفاع أو انخفاض أسعار الذهب، في حال كانت تفتقر إلى احتياطات مالية كافية لمواجهة التقلبات فـي أسـعـار السلع الأسـاسـيـة، وإذا لـم تقم بتنويع اقتصاداتها. إن الـتـوتـرات الجيوسياسية والــنــزاع المسلّح المستمر بي روسيا وأوكرانيا، والآن حرب إسرائيل عــلــى «حـــمـــاس» و«حـــــزب الـــلـــه»، كـــل ذلــــك أدّى إلــى ارتفاع أسعار الذهب بشكل جنوني. وإذا استمرت الحرب لفترة طويلة فقد يؤدي ذلك إلى بقاء أسعار الذهب في مسارٍ صعودي. الذهب والـــدولار الأميركي يرتفعان على وقع طــبــول الــحــرب بــن إيــــران وإســـرائـــيـــل، والـتـوقـعـات محتملة بإمكانية وصول سعر الذهب إلى مستوى آلاف دولار أميركي للونصة (الأوقـيـة)، بحلول 3 ، وفقا لتقرير «غولدمان ساكس» 2025 أوائــل عـام للبحاث. ولكن ما علقة الذهب بالدولار الأميركي؟ كـــان الــذهــب أســـاس الـرأسـمـالـيـة الاقـتـصـاديـة لمئات السني، وعندما أُلـغـي المعيار الذهبي أدّى ذلـــك إلـــى تــوســع نــظــام الـعـمـلـة الــتــي لا تـمـلـك فيها النقود أيّ دعم ضمني بأيّ شكل مادي من أشكال الاستثمار. كما أن الاتحاد الأفريقي الذي هو رمز الــذهــب كـــان المـعـيـار المـشـتـرك لـقـيـاس قيمة الـذهـب فــي جـمـيـع أنــحــاء الــعــالــم، وســعــر الــذهــب مقتبس بالدولار الأميركي الذي تبي مؤخراً أنه غير مدعوم بالذهب، بحيث يمكن مقايضة الأونصة الواحدة .1971 دولاراً أميركيا قبل عام 35 من الذهب بمبلغ وكان بإمكان أيّ بنك مركزي في العالم أن يطلب من ،1971 أميركا تسوية ديونها بالذهب... وفي عام عندما فصل الرئيس ريتشارد نيكسون الذهب عن الــدولار الأميركي، لم يعد بإمكان البنوك المركزية تسوية الديون إلا بـالـدولار الأميركي، ما أدّى إلى تعويم الدولار بناء على «اتفاقية سميثسونيان»، وكان سببا في انهيار اقتصادات العالم. أخـــذت البنوك المـركـزيـة بجميع أنـحـاء العالم فـــي تـكـديـس الـــــــدولارات الأمــيــركــيــة الــتــي أصبحت العملة الاحتياطية، لتتراكم الــــدولارات على مدى سنوات، وتصبح جزءاً من احتياط البنوك المركزية. وبـهـذا أصبحت الــــدولارات الأميركية المـكـدّسـة في الحسابات المصرفية الأجنبية أكثر بكثير مما هو مـوجـود فـي أمـيـركـا. والآن، تـــزداد المــخــاوف بشأن عـــدم اسـتـقـرار الــــدولار بسبب الــحــيــازات الضخمة الـتـي يمتلكها كـل بنك مــركــزي، مـا يجعل العلقة عكسية بي الذهب والدولار الأميركي، ويؤثر سلبا على الدولار بوصفه عملة احتياطية عالمية. لهذا تجري مناقشات على أن العالم يحاول الابتعاد عن اعتماده على الــدولار الأميركي (كما يــحــدث الآن مــع مـجـمـوعـة «بـــريـــكـــس»)، فـفـي حـال حـصـل ذلـــك، فـسـوف تـتـوقـف الـبـنـوك المـركـزيـة عن شــراء عـوائـد سـنـدات الـخـزانـة الأميركية والـــدولار الأميركي لاحتياطاتها، ما قد يتسبب بانخفاض سعر الـــدولار الأمـيـركـي. أمـا بالنسبة للنفط، فإن العلقة بي الذهب والنفط علقة متينة، وارتفاع أسعار النفط يحدث زيادة في أسعار الذهب. يتم شراء الذهب سلعة ويستخدم في صناعة المـجـوهـرات والـصـنـاعـات الإلكترونية والطبية... لكن جاذبيته لـدى المستثمرين تكمن في اعتباره سلعة استراتيجية، ومن أهم الأصـول التي تلعب أدواراً أساسية في أي محفظة استثمارية. ويُخزّن احـتـيـاطـي الــذهــب عـلـى شـكـل سـبـائـك فــي الـبـنـوك 24 والمــــصــــارف المـــركـــزيـــة، ويـــكـــون عــيــار الـسـبـيـكـة في المائة، 100 قيراطا، وهو ذهب خالص وأتـــت الـسـعـوديـة فــي صــــدارة الــــدول العربية الـــتـــي يـــوجـــد فـيـهـا ذهــــب مـــع احـــتـــيـــاطـــات وصـلـت مليار دولار 21.588 طنا، بلغت قيمتها 323 إلـى أميركي، تلها لبنان الذي يملك احتياطات ذهبية مليار دولار أميركي. 17.25 طنا، بقيمة 286 بلغت بينما تصدرت الولايات المتحدة قائمة دول العالم طــن، 8133.46 مـــن احــتــيــاطــات الـــذهـــب بــإجــمــالــي تلتها ألمـانـيـا، وإيـطـالـيـا... وفـقـا لبيانات مجلس الذهب العالمي. Issue 16772 - العدد Tuesday - 2024/10/29 الثلاثاء فــي الــعــيــادة الأمـيـركـيـة ينشغل أطــبــاء السياسة بكتابة الــدواء البديل، يعرفون الــداء، لكنهم يفضّلون الابــتــعــاد عــن الــوصــفــات الـنـاجـعـة، لا يـــريـــدون الـشـفـاء الكامل للمريض الـشـرق أوسـطـي، فقط يـنـحـازون إلى المناورة بالمسكنات. مــنــذ حــــرب الـــســـابـــع مـــن أكـــتـــوبـــر (تـــشـــريـــن الأول) ، أطـلّـت علينا الــولايــات المـتـحـدة الأميركية، 2023 عــام بـقـامـوس التهدئة والــوعــود والمـطـالـبـات، والمـنـاشـدات لوقف الحرب، لكنّ الظاهر أن واشنطن في هذه الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، تتحرك وفق مصالحها وأولويات حليفتها إسرائيل. ثـمـة جــــولات ومـبـاحـثـات واتـــصـــالات ومـبـعـوثـون إلــى الـشـرق الأوســــط، يحملون جـــدول أعـمـال لـإعـام، ولمغازلة الرأي العام، بينما في الحقيقة كشفت لنا كل هذه التحركات الأميركية، وفي مقدمتها جولات وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الإحدى عشرة، عن أن هناك استراتيجية وفلسفة أميركية، بعنوان: «شراء الوقت»، من أجـل الدعم الكامل لحليفتها إسرائيل، وإعطائها الوقت الكافي لتحقيق أهدافها، بمزيد من إراقة الدماء، والتوسع في الاستيطان، وبناء منطقة عازلة في قطاع غـــزة، ومــزيــد مــن الاغــتــيــالات، فـضـاً عــن دعـــم الجناح المـتـطـرف بـقـيـادة رئـيـس الــــوزراء الإسـرائـيـلـي بنيامي نتنياهو. فليس خافيا على أحــد أن الـدولـة الوحيدة فـي العالم الــقــادرة على إقـنـاع إسـرائـيـل بوقف الحرب هي الولايات المتحدة، ورغم ذلك لا تفعل ذلك، بل تفعل عكس ذلك تماما. نجد أميركا منذ اليوم الأول للحرب تقدم مساعدات مــلــيــار دولار، فـضـاً 27 عـسـكـريـة ومــالــيــة تــصــل إلــــى عـن إرسـالـهـا ثــاث حـامـات طــائــرات إلــى مـيـاه الشرق الأوســــط ومـنـظـومـة الــدفــاع الـصـاروخـيـة «ثــــاد»، وهـي أغلى وأحــدث منظومة دفاعية في العالم، لم تمنحها لأوكرانيا في مواجهة روسيا، رغم إلحاح كييف على ضرورة الحصول عليها، فضلً عن استخدام واشنطن حـــق الـنـقـض (الــفــيــتــو)، فـــي مـجـلـس الأمــــن أربــــع مـــرات لصالح إسـرائـيـل، وحمايتها مـن الإدانـــة، وقمع الـرأي العام المناهض لإسرائيل داخـل الجامعات الأميركية، رغم أن ذلك يضرّ بالصورة النمطية لأميركا بوصفها دولـــة تـزعـم أنـهـا راعــيــة لـحـقـوق الإنــســان والـحـريـة في العالم. أمـــــا المــــفــــارقــــة الـــتـــاريـــخـــيـــة فـــهـــي أنـــــه مـــنـــذ جــــورج واشنطن، الرئيس الأول للولايات المتحدة، لم يذهب أي رئيس أميركي لحضور مجالس الحرب لدولة أخرى، ســوى الـرئـيـس الــســادس والأربــعــن، جـو بــايـدن، الـذي ذهب إلى إسرائيل بعد أيام من اندلاع الحرب، وحضر اجتماع مجلس الـــوزراء والـحـرب الإسرائيلي، وتبنى سردية تل أبيب، بل ظل يدافع عنها مروّجا لمفهوم حق الدفاع عن النفس. هـــــذه هــــي قـــنـــاعـــات واشـــنـــطـــن الــحــقــيــقــيــة، لـكـنـهـا تـــحـــاول إخــفــاءهــا عـبــر شــــراء الـــوقـــت تــــــارةً، وتضييع الفرصة تارةً أخرى، فلو تأملنا تصريحات بلينكن في كل جولاته نجدها مكرّرة وباهتة وبالمضمون نفسه، بل أحيانا يستخدم المفردات نفسها، فعلى سبيل المثال ،2023 كــان حديثه فـي الجولة الأولـــى فـي أكتوبر عــام يتناول اليوم التالي لوقف الـحـرب، بينما مضى الآن مــا يـزيـد عـلـى عـــام مــن دون أن تـقـف الــحــرب، بــل زادت وتيرتها، وتوسعت أهـدافـهـا، وتضخمت خسائرها، وزادت تعقيدات المشهد الإقليمي والعالمي. وهـــا هــي تـصـريـحـات بلينكن الآن لــم تتغير؛ في مضمونها وأهدافها انحياز وثيق إلى إسرائيل، وفي شـكـلـهـا مــــنــــاورات وألاعـــيـــب هــدفــهــا اســتــقــطــاع الــوقــت وإضاعة أي فرص لوقف الحرب. في السياق نفسه، نجد الفلسفة الأميركية لشراء الوقت باتت مكررة في التعامل مع الحرب الإسرائيلية - اللبنانية، فنجد زيـارات المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستاين، إلى لبنان تأتي في الوقت الضائع، بــعــد أن تـــمـــددت الـــحـــرب واتــســعــت عــلــى كـــل الأراضـــــي الـلـبـنـانـيـة، وكـــــان فـــي مـعـظـم زيــــاراتــــه يــكــرر أنــــه يـريـد ، وأنه يأمل في إيقاف الحرب، بينما 1701 تطبيق القرار الواقع أن أميركا سمحت لإسرائيل باستخدام كل شيء يحقق أهداف تل أبيب في لبنان، بل أمدّتها بكل أنواع الـذخـائـر الدقيقة والمـعـلـومـات الاستخباراتية الـتـي لا تُمنح لأحد واستُخدمت في الاغتيالات المتعاقبة. وهنا وقفة، إذ يبدو أن أطباء السياسة في العيادة الأميركية مهرة في وصف الدواء غير الصالح للعلج، يشخّصون المـرض ويكتبون الوصفات التي تزيد من أوجــاع المريض الشرق أوسـطـي؛ فل أميركا تريد حلً نهائيا، ولا تريد كسر إرادة حليفتها إسـرائـيـل، ومن غير الوارد الاستغناء عن نفوذها في الشرق الأوسط، ولـذا فإنها تتخذ من استراتيجية شـراء الوقت مساراً في العصر الراهن لأهـداف يقول عنها جو بايدن إنها من أجل الاستثمار الذكي للحروب. نعم أميركا تجيد لعبة شـراء الوقت، لكنها لعبة محفوفة بالمخاطر، فقد تنجرّ أميركا إلى حرب موسعة لم تكن تخطط لها، وساعتها لن تشفع سياسة شراء أو بيع الوقت. أنـــســـنـــة الــــحــــرب وإنــــقــــاذ ضـــحـــايـــا الأزمــــــات هما السبيل الوحيد لبناء موقف موحد تجاه هـــذه الهمجية الإسـرائـيـلـيـة. أي تــعــالٍ عـلـى ذلـك ومــحــاولــة تحشيد مــوقــف مــوحــد تــجــاه مــا كـان ممزقا ومنقسما قبل السابع من أكتوبر (تشرين لــن يــقــدم أي شــــيء، فـالـغـالـبـيـة من 2023 ) الأول الأجـيـال الـجـديـدة غير المسيسة الـذيـن يشكلون غالبية سكان البلدان العربية والإسلمية وحتى المهاجرين في الدول الأوروبية والولايات المتحدة باتت لديها عدمية لا تخطئها العي، وتعززها أرقـام الاستطلعات بسبب تدفق الميديا المروعة عن ضحايا الحرب في فلسطي ولبنان، كما أنهم في غالبيتهم معزولون عن السياقات المفاهيمية والجيوسياسية المعقدة للزمات في المنطقة. هناك قلق كبير على تحول أجزاء كبيرة من الأجـــيـــال الــجــديــدة صـــوب الـتـطـرف بسبب حالة الـعـدمـيـة، بسبب فـشـل دول الـعـالـم والمـؤسـسـات الـــدولـــيـــة والمــنــظــمــات المـعـنـيـة بــحــقــوق الإنـــســـان عـن إيـقـاف الوحشية الإسـرائـيـلـيـة وكـبـح جماح رئــيــس الــــــوزراء الإســرائــيــلــي بـنـيـامـن نتنياهو ومن معه من اليمي المتطرف من إيقاف المجازر ومشروع الانتقام الوحشي، رغم أن كثراً من تلك الأجيال لديهم اتفاق على المفاهيم الأساسية ضد اســتــهــداف المـدنـيـن والأبـــريـــاء تـحـت أي ذريـعـة، لكنهم بالطبع لا يمكن الـيـوم إلا أن يـتـجـاوزوا مرحلة السابع من أكتوبر بعد مرور سنة بسبب مـتـابـعـة الـيـومـي والآنــــي مــن نــزيــف الــــدم والآلام التي يعيشها الأبرياء في غزة والتي استحالت بـحـسـب وصــــف حــتــى الــصــحــافــة الــغــربــيــة أكـبـر مقبرة للطفال. وبــجــانــب غــــزة، فـتـجـدد تـصـعـيـد إسـرائـيـل فــي لـبـنـان، سيخلق الـشـعـور ذاتــــه مــع خـروجـه عـــن اســتــهــداف بـنـيـة المـيـلـيـشـيـات إلـــى الـتـدمـيـر الممنهج للمدن والـقـرى والـبـلـدات والأحــيــاء في الــبــقــاع والــجــنــوب وضــاحــيــة بـــيـــروت، ومـــا تبع ذلــك مـن تـحـولات ديـمـوغـرافـيـة وإعــــادة تحشيد للبنانيي، خصوصا من الطائفة الشيعية التي باتت تعيش حالة التذرر والتيه، ولا يعني ذلك تحقيق انفصالها عن البيئة الحاضنة لـ«حزب الله» حتى مع تهشمه. نـحـن الــيــوم فــي حـاجـة إلـــى تعميم خطاب «أنــــســــنــــة الــــــحــــــرب»، وهــــــو يـــعـــنـــي بــــالــــضــــرورة الاعتراف بالاختلفات الكبيرة والبون الشاسع بــن المـــواقـــف فــي الــداخــلَــن الـعـربـي والإســامــي تــــجــــاه مــــا حـــــدث مــــن المــــوقــــف مــــن المــيــلــيــشــيــات ومــشــروع إيــــران وأذرعـــهـــا وصــــولاً إلـــى خـيـارات إعلن الحرب والمواجهة، وحتى اليأس من كثير مــن الــبــدائــل الـسـيـاسـيـة، لـكـن كــل ذلـــك لا يخفي إجــمــاعــا عــلــى الانـــتـــصـــار لــإنــســان ولـلـضـحـايـا والأبــــريــــاء ولــأطــفــال الـــذيـــن هـــم وقــــود الــحــرب، وضد هذه الهمجية الانتقامية التي لا يمكن أن تقود إلى شيء. أنسنة الـحـرب تعني أولاً فضح ازدواجـيـة المعايير للعالم الغربي وعدم قبول استراتيجية الانتقام بل توقف من قِبل نتنياهو وأنصاره، مــع الإصــــرار عـلـى ضــــرورة وقـــف الــحــرب خـطـوةً أولـــــى وضـــــــرورة الــــعــــودة إلــــى الـــحـــد الأدنــــــى من الاتـفـاقـيـات الـدولـيـة والمـواثـيـق ومنطق الـدولـة، وأنـسـنـة الــحــرب تـعـنـي الـتـمـوضـع حـــول حقوق الـضـحـايـا مـــن دون تـمـيـيـز، خـصـوصـا أنــهــم لم يتخذوا قـرار الحرب أو الانسياق حول خيارات المــــشــــروعــــات المــســتــنــبــتــة فــــي أرضــــهــــم مــــن قِــبــل ميليشيا ومشروعات متجاوزة للدولة القُطرية وحــــدودهــــا، وكــــان جــــزءاً مـنـهـا هـــو الـــقـــدرة على اســتــبــدال أدوار الـــدولـــة والـتـلـبـس بـقـنـاعـهـا في مسألة الـسـيـادة والأمــــن، والإخــفــاق فـي تحسي أوضـــــــاع الــــنــــاس حـــتـــى لــلــمــنــتــمــن إلـــــى الـبـيـئـة والآيـــديـــولـــوجـــيـــة كـلـيـهـمـا، نــاهــيــك عـــن ارتـــكـــاب كوارث لا يمكن التبرير لها ساهمت في تجريف الـعـقـد الاجـتـمـاعـي والـــدخـــول فــي حـــروب خــارج الحدود. ثمة قلق حقيقي اليوم يتبدى للعقلء ليس على الآني ومصير الأحداث بقدر التأثيرات على مستقبل المنطقة متجسداً فـي الأجــيــال الشابة وقدرتها على استيعاب هذه الكوارث من حالة الـتـدمـيـر الــهــائــل والــصــمــت الـــدولـــي المـطـبـق مع موجات التصعيد لخطابات الطائفية والانقسام السياسي على حساب العمل على إنقاذ الأبرياء والضحايا والضغط تجاه إيقاف الحرب. وربما كان صوت دول الاعتدال الأعلى وفي مـقـدمـتـهـا الــســعــوديــة بـــإصـــرارهـــا عـلـى ضـــرورة خـفـض الـتـصـعـيـد ووقــــف الـــحـــرب والــعــمــل على تكريس منطق الــدولــة مـع تـجـاوز كـل خطابات الاستهدافلموقفها المبدئي من قبل تجار الأزمات ودهـاقـنـة الــشــعــارات الآيـديـولـوجـيـة الـتـي تدفع باتجاه مفاقمة الوضع السيئ باتجاه المجهول، وهو ما يجب أن يؤسس لخطاب عقلني جديد ضـد كـل الـسـرديـات، ينتصر لـأبـريـاء ويؤنسن حالة الحرب بإنقاذ الضحايا في ظل هذا الفشل الكبير لدول العالم ومؤسساته. ثمة قلقحقيقي اليوم متجسد في الأجيال الشابة وقدرتها على استيعاب الكوارث الحاصلة قد تنجرّ أميركا إلىحرب موسعة لم تكن تخطط لها وساعتها لن تشفع سياسة شراء أو بيع الوقت جمال الكشكي يوسف الديني سعاد كريم OPINION الرأي 14 أنسنة الحرب ومستقبل المنطقة جولاتشراء الوقت المعدن الأصفر في واجهة الحروب جاذبية المعدن لدى المستثمرين تكمن في اعتباره سلعة استراتيجية
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky